رواية حب تحت الرمال
¤ و العينُ تزني ¤
————————–
نظرت فاتن له باضطراب و قالت بتلعثم : اااصل
يحيى بغضب : اصل ايه ….
فاتن بهدوء : يا ريت بس تبطل زعيق …انت فاهم غلط
يحيى : ازاي يعني ، فاهم غلط ، مش ابوكي مسيحي ؟؟؟
فاتن : اعتقد ..
قاطعها يحيى : يعني ايه تعتقدي ؟
فاتن : طب اديني فرصه اتكلم ، كل حاجه هتقفش عليها كده ، وبعدين انا مسلمه زيك متقلقش و سبني افهمك
تنهد يحيى و قال : اتفضلي
فاتن : بص انا قولتلك قبل كده انا تقريبا مفيش علاقه مع بابا ..
يحيى بفضول : طيب ليه ..؟
فاتن : عشان هو مش عايز ..
يحيى : برده مش فاهم .
فاتن : انا هاقولك حكايته مع ماما و يمكن تفهم ، بابا اصلا مش مصري
يحيى مقاطعا : امال ايه…؟
فاتن : تاني اديني فرصه اشرحلك
يحيى : اسف ، كملي
فاتن : بابا ايطالي ، هو و ماما اتعرفوا على بعض في مهرجان فينسيا للافلام ، كانت ماما مشاركه بفيلم ليها هناك ، يعني اول ما بدأت تاخد ادوار كويسه و كده ، و هناك قابلت بابا برده كان لسه فبدايته و بيشتغل مخرج ، و حبو بعض و اتجوزوا …و بعدين مع اختلافهم فشل الجواز فشل ذريع واطلقوا
يحيى : و ازاي مامتك تتجوز مسيحي !
فاتن : ما هو اسلم علشانها ، و بعدين اطلقوا و هي حامل ، و ساعتها رجع تاني لديانته ، و ماما قالتلي انه كان رافض الحمل و عشان كده اطلقوا …و ادبست هي معايا
يحيى بضيق : يعني ايه ادبست ..انتي بنتها
ثم اضاف : و باباكي دلوقتي مفيش بينكو اي اتصال ؟
فاتن بحزن : يعني يمكن شفته مرتين تلاته ، لما كان بينزل هنا لشغل ، و اكن جاي يقابل واحد صاحبه يعد يحكيلي حكايات عنه و عن ماما… و دلوقتي مش بنتكلم خالص
صعق يحيى من حديث فاتن عن والدها و مما صعب عليه الامر لمجرد حتى التفكير و مصارحة والديه بنيته للارتباط بها ، و لكن ما افجعه حقا هو نبرة الحزن التي تتملك منها كلما تحدثت عن والدتها..مما أكد شكوكه بشأنها….
قال يحيى محاولا التخفيف عنها : انا برده اول ما شفتك قولت البنت دي شكلها طلياني فرنساوي… حاجه كده شغل بره…
ضحكت فاتن برقه ، ليقول يحيى : طب خلينا نشوف هنعمل ايه في طلب النقل بتاعك …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أنهى يحيى معظم الاجراءات الضروريه لانتقال فاتن إلى كلية الألسن ، و حاول تشجيعها بعد أن صارحته بتخوفها من معارضة والدتها للفكره ، قال بعد أن اتخذا طاولة في كافتيريا الجامعه : هي أكيد لما تلاقيكي مبسوطه و بتجيبي تقديرات كويسه ، أكيد هتعرف إنك خدتي الخطوة الصح ، بس الحكايه محتاجه وقت و انتي شدي حيلك و عوضي المحاضرات اللي فاتتك .
ابتسمت فاتن : متقلقش أنا من الناس الدحيحه و إن شاء الله هاقدر أعوض اللي فاتني ، بس الأول ادعيلي إن طلبي يتقبل .
ابتسم يحيى بدوره : لا متقلقيش انتي ، طلبك إن شاء الله هايتقبل ، و بعدين في أسوء الحالات لو متقبلش دلوقتي ، الترم الجاي أكيد هيقبلوكي ده شيء مفروغ منه .
فاتن بامتنان : ميرسي جدا إنك ساعدتني و آسفه عطلتك عن شغلك .
ثم أضافت بارتباك : تقدر دلوقتي تتفضل تروح شغلك ..
قاطعها يحيى : ايه زهقتي مني ، و بعدين أنا قلتلك الشغل ده مش مهم بالنسبالي ..
فاتن : شركتك هي المهمه ، صح كده ..
أومأ يحيى : بالظبط ، بعدين احنا لسه مكملناش كلامنا ، مش هتقوليلي ايه اللي مش بيعجبك فيا ؟
فاتن بتلعثم : يعني مش عارفه ..
شعرت فاتن بالاحراج الشديد لعدم قدرتها على الاتيان بشيء يعيبه ، نظرا لانبهارها بشخصه و شكله ، و حتى الآن لم تستوعب بعد بأن شخص بنضوجه و عقله أُعجب بها ..
يحيى : امممم لو مقلتيش حاجه هتخليني اتغر ، أو أسوء ، هافكر إني مش فارق عندك ..
فاتن على الفور : لا ازاي ..
ابتسم يحيى لردها الصريح ، و ابتسم أكثر عندما لاحظ احمرار وجنتيها خجلا مما قالته .
يحيى بعد تفكير : طب بلاش عيوب ، قوليلي انتي شايفاني ازاي ؟
فاتن بعفويه : أنا شايفاك حد كبير و بتعرف كل حاجه و بحسك بتفهم جدا ، عندك مبادىء و طموح و حاجات كتيييير ، و مش عارفه ازاي انت اصلا بتفكر ترتبط بيا ، حاسه إني حاجه هبله كده جنبك .
لم يتوقع يحيى أن تكون إجابتها بتلك الصراحه أو العفويه التي لامست قلبه ، فإن كانت لديه مخاوف بشأن تسرعه في الحكم على مشاعره تجاهها ، فكلامها الآن بدد كل تلك المخاوف .
خانته الكلمات ، بقى محدقا فيها ، لتقول بحرج : ايه كلامي دايقك !
أجابها يحيى : بالعكس ..
سألته : طب قولي انت ليه مش بتحب طريقة لبسي ..
يحيى بعد تفكير : بصي أنا شايف نأجل كلامنا دلوقتي عن لبسك ..
فاتن مداعبه : كلامنا عن لبسي ، الظاهر إن لبسي ده موضوع حساس جدا و خطير .
يحيى مبتسما : ما هو دلوقتي مش هينفع أطلب منك تغيريه الا لما نرتبط رسمي ..
فاتن مستفهمه : لا عادي ، و بعدين أنا تقريبا دلوقت فهمت ، انت تقصد يعني اتحجب ، صح !
يحيى بتردد : طب هو انتي مفكرتيش فالحجاب قبل كده .
رفعت فاتن كتفيها و أجابت : بصراحه لا ، بس لو انت مصر ، ممكن أجربه ..
يحيى بضيق : أولا انتي لو هتتحجبي لازم يكون عشان انتي مقتنعه بالحجاب ، مش تلبسيه يومين و لو معجبكيش تقلعيه ..
فاتن مبتسمه : امممم شكل الموضوع ده مهم اوي بالنسبالك ، طب خليك جدع و اقنعني بيه ..
يحيى بجديه : أرجوكي متهزريش فالموضوع ده ..
أومأت فاتن : آسفه ، بس أوعدك إني هافكر جديا فالموضوع ، ايه رأيك بقى .
ثم أضافت : يلا مش هتفك التكشيره دي بقى ..
ابتسم يحيى : و أنا هاساعدك و إن شاء الله هتلبسيه باقتناع .
ضحكت فاتن : عارف حتى لو اقتنعت ، هاعمل ساعتها ايه فماما ، دي طردت اعز داده عندي عشان مره نصحتني وكلمتني عن الحجاب و كانت عايزاني ادخل فجروب لتحفيظ القران..
أحس يحيى بالضيق الشديد ، لأنه و عن قصد أراد أن يتناسى حقيقة والدتها ، و لكنها ستبقى موجوده على الدوام شاء أم أبى .
يحيى محاولا تحفيزها : المهم انتي تقتنعي و لو اقتنعتي هيبقى سهل عليكي تقنعي والدتك باذن الله .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أشرفت نوف على إعداد مائدة العشاء لضيوف والدها ، سالم عبدالعزيز و ابنه تركي ، أما زوجته جيداء ففضلت المكوث في بيت أهلها ، و احتارت نوف هل تجلس و تشاركهم العشاء ، أم الأفضل أن تمكث في غرفتها ، لم تطل حيرتها كثيرا فلقد أصر والدها على حضورها العشاء ..
التزمت نوف الصمت ، مفضله الاستماع إلى حديث والدها مع صديقه ، ليقول تركي : ايش فيك نوف ، ليش ما تحكين …
رفعت نوف كتفيها بلامبالاه : ابدا ، حابه اسمع و ما عندي شي قوله ..
تركي مبتسما : معقول في بنت ما عندها شي تقوله ، انا اخواتي ما يبطلون كلام ، يا ريت جبتهم معي يتعلمون منك شوي …
ضحكت نوف برقه : الله يخليهم الك …
تركي : طيب انتي شنو تدرسين ..
نوف : بيزنس ..
تركي باعجاب : و انا كمان درست بيزنس ، يعني حتى الحين بينا شغلتين مشتركتين .
نوف باستغراب : ما فهمت شنو الشغله الثانيه ..
تدخل والد تركي مداعبا : انكو الاتنين ما تحبون الكلام و الرغي الكتير ..
ابتسمت نوف ناظرة لتركي الذي بادلها الابتسامه ، ثم أشاح بوجهه بعيدا بطريقه أثارت استغرابها ..
لينتهي العشاء و هو على حاله تلك ، و كأن شيئا أقلقه أو عكر مزاجه ، انتقل والدها مع ضيوفه إلى الشرفه لتناول القهوه التي أعدتها خصيصا بناء على رغبة والدها ، كانت في المطبخ عندما دق أحدهم الباب مستئذنا ..
التفتت لتجد تركي يقف على الباب واضعا يديه في جيبي بنطاله و ناظرا للأرض بشكل ملفت للانتباه..
سألت نوف بحرج : خير ، تبغي شي أحضرهولك ..؟
تركي و مازال ينظر للأرض : عم طلال ، تعرفينه صديق والدك ، جه الحين ، و والدك بعثني مشان اخبرك تعملي حسابه فالقهوه معنا ..
أومأت نوف ، ثم استدركت أنه لن يرى حركتها تلك بسبب نظره المصوب للأرض ، فقالت : تكرم ، دقايق و القهوه تكون جاهزه ..
تركي : طب انا هاستنى فالصاله مشان اخد القهوه ، اول ما تخلصي نادي علي ..
نوف : لالا ما تعذب حالك ، أنا راح جيبها لعندكم ..
حينها رفع عينيه عن الأرض لتلتقي نظرته الحرجه بنظرتها المتسائله ، ليقول : احم، ما اعرف كيف اقولك ، بس يا ريت تعدلين حجابك ..
فغرت نوف فاهها ، ثم قالت مدافعه بعد أن تحسست حجابها : حجابي زين و فمكانه ..
عقد تركي حاجبيه ، قائلا بضيق : من ورا ، شعرك كله نازل على ظهرك و من احنا نتغدى ، و من ثم خرج مسرعا.
بعد خروجه ، قامت نوف بتعديل حجابها بعد أن أعادت تجميع شعرها في شنيون بسيط كالذي صففته هذا الصباح و لكن باحكام هذه المره حتى لا يعود و ينسدل من جديد دون أن تشعر به ، فعلى ما يبدو أن ضيف والدها شديد الملاحظه و أيضا الضيق من رؤيته لانفلات شعرها دون قصد منها .
أعدت القهوه ، و اتجهت إلى الشرفه حيث يجلس والدها برفقة ضيوفه ، حيتهم و وضعت القهوه منصرفه بسرعه بعد أن وصلتها رساله من أنس يطلب منها أن تحادثه فورا …
و في غرفتها ، أضاءت حاسوبها و الكاميرا لتحادث أنس الذي بدا عليه الضيق ..
أنس باقتضاب : ازيك ..
نوف بقلق : الحمد لله ، انت اللي ازيك ، شكل في حاجه مدايقاك ..
أنس : أصل الناس عايزه فلوسها و زي ما انتي عارفه الحرامي خاد كل اللي حيلتي ..
شهقت نوف : يااه ده انا نسيت اطلب من بابا ، بس و لا يهمك الليله ان شاء الله هاطلب يحولي فلوس عحسابي فالبنك ، و بالكتير يومين و يكونوا عندك ..
ابتسم أنس : ربنا ما يحرمني منك يا أحلى و أجدع نوف فالدنيا ، أنا من غيرك مسواش حاجه ..
ابتسمت نوف ، ليقول أنس : ايه بقى مش هتشيلي البتاع ده عن شعرك ، عايز امتع نفسي بجمالك ..
لثوان تذكرت نوف انزعاج تركي من رؤيته لجزء من شعرها ، و لكنها سرعان ما نحت تلك الحادثه من رأسها ، و قالت : معلش أصل عندنا ضيوف ..
أنس : طب عظيم ، كده باباكي مشغول و انا و انت يا جميل نقدر ناخد راحتنا ..
نوف بضيق : بالعكس ، انا مضطره انهي الاتصال لان بابا هيحتجاني ، يعني عشان اشوف طلبات ضيوفه ، اصل الست حصه راحت عند اهلها و مش بتسمح للخدامه تعد هنا الا للمغرب طالما هي مش موجوده فالبيت
أنس متأففا : طب اول ما تفضي كلميني ، ضروري ..
أومأت نوف منهية الاتصال بعد أن سمعت نداء والدها .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دقات قلوب تعشق للمره الأولى ، ، تتقلب ما بين الغبطه و الخوف ، خوف من أن يتحكم العجز من عدم المقدره على تغيير الواقع ، و تغيير أفكار متأصله في قلوب أخرى تدق بالحب لنا و لكن حب من نوع آخر ، ربما في أحيان كثيره يتجاهل حقنا في الاختيار ….
ابتسمت ديما الجالسه بجوار ليلى تتبع ما تكتبه الأخيره على صفحة الفيس بوك ، ثم قالت بحزن : كلام جميل اوي يا ليلى ، بس ليه حاسه انك فقدتي الأمل ….
تنهدت ليلى بأسى : ما انتي شفتي بابا حبسني هنا ازاي ، ومصمم اتجوز الزفت اللي اسمه تميم..
أطرقت ديما مفكره : طب تحبي اكلم ماما و بابا يكلموا عمو عبدالرحمن…
قاطعتها ليلى : لا يا قمر متشغليش بالك انتي لسه صغيره عالهم ده ، و بعدين تعالي هنا انتي مش كنتي عايزه تسجلي رقم يحيى و لؤي عندك ، اجري هاتي الموب بتاعك عشان تسجليهم..
ابتسمت ديما و اسرعت لاحضار هاتفها لتسجيل الأرقام ، أو بالأحرى رقم لؤي ، فلقد أحرجت أن تطلب رقمه وحده لذا اضطرت أن تطلب رقمي ابني خالتها حتى لا تثير الاستغراب لدى ليلى .
أنهت ديما حفظ الأرقام في هاتفها ثم عادت للانخراط في الحديث مع ليلى و محاولة التخفيف عنها ، ليقطع استرسالهما صوت جرس الباب .
ليلى بذعر : بس ميكنش تميم يارب مش هتحمل اشوفه دلوقت.
ديما باندفاع : أنا هشوفلك مين و اجي اطمنك .
و بعد ثوان عادت ديما و الابتسامه تزين ثغرها ..
سألت ليلى بقلق : مين ؟
صفقت ديما بمرح و أجابت : كِيييييينااااااان .
ليلى بانزعاج : ايه ده وطي صوتك ، زمانه دخل اوضة لؤي هيقول علينا ايه ..
ديما بعفويه : طب انا هاروح الصاله عشان معاد المسلسل جه ، ما تيجي تفكي عن نفسك شويه .
ليلى : لا انا ورايا مذاكره كتير ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كِنان باستغراب : مين البنت اللي كانت واقفه بتبص علينا.
لؤي مستفهما : بت مين ؟!!!!
كِنان : لما فتحت الباب كان في بنوته كيوت بتبص من ورا باب الصاله .
لؤي بانزعاج : دي ديما بنت خالتي جايه تعد معانا شويه عشان باباها فالمستشفى .
صرح لؤي بذلك ثم نهض من مقعده قائلا : معلش خمسه و راجعلك ها..
أومأ كِنان و ما إن خرج لؤي و على ما يبدو في اتجاه الصاله ، استغل كِنان الفرصه و انطلق في الممر المؤدي إلى غرفة ليلى .
وجد الباب مغلقا ، لم يكلف نفسه عناء القرع ، دخل مباشره لتشهق ليلى : انت مجنون رسمي و بعدين ازاي تدخل كده من غير ما تخبط ..
كِنان بعصبيه : مفيش وقت ، هاتي الورق اللي طلبته منك ..
ليلى : بس..
كِنان هامسا بفروغ صبر : الورق يا ليلى …هاتيه ..
ليلى : حاضر ثانيه بس ..
عبثت ليلى بمحتويات الدرج العلوي لمكتبها ثم اخرجت مغلف بني اللون و قالت : اهو اتفضل ..
كِنان : انتي موبايلك مغلق على طول ليه ؟
ليلى : بابا منعني من الموبايل ..
نظر كِنان إلى مكتبها : طب ما عندك نت اهو ..
أومأت ليلى ، ليقول كِنان : خلاص نتكلم عشره بليل فيس.. اوك.
ليلى باضطراب : اوك بس اخرج ابوس ايدك ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نهضت ديما من مقعدها على الأريكه مفزوعه : سيب ودني سيب ودني ..
قال لؤي بغضب : مش هسيب ودانك الا اما اعرف انتي مهتمه بكِنان كده ليه ..!!!!!
أدارت ديما رأسها لتطبق بأسنانها على كف لؤي..
و كانت النتيجه مرضيه ، فلقد أفلت أذنها قائلا : يا بت ال…
قاطعته ديما ملوحه بسبابتها في وجهه : بت اما تبتك ، احترم نفسك و بطل شغل العيال ده ..
نفث لؤي : انا بعمل شغل عيال ، طب يا محترمه يا كبيره يصح تبصي على راجل غريب عنك من ورا البيبان ، ده بقى شغل عيال و لا قلة ادب و لا ايه بالظبط…!
ديما مدافعه : انا مكنتش ببص على سي بتاع صاحبك ده ، انا كنت بشوف مين عالباب عشان خاطر ليلى كانت عايزه تعرف تميم و لا مش تميم ..
لؤي بانزعاج : طب بصيتي و شفتي مين ، ليه بقى تعدي تبحلقى لغاية اما يشوفك و تخلي منظري وحش ادامه …
همت ديما بالمدافعه عن نفسها مره أخرى و لكن منعها دخول زوج خالتها عبدالرحمن الذي قال : ايه صوتوكو عالي كده ليه …
أخبرته ديما عن توبيخ لؤي لها ، ليقول عبدالرحمن بسخريه : سيبك منه ده واد فاشل..
صاح لؤي مستنكرا : بابا ..
ضحك عبدالرحمن قائلا : ايه هتتكسف من بنت خالتك ما كل العيله عارفه انك ساقط ثانويه مرتين و داخل كلية الارجوزات ربنا يهديك يا بني ، و انتي يا ديما انتي ست البنات و البيت بيتك اعملي اللي يريحك تبصي مورا الباب ..الشباك و لو اخينا ده دايقك تاني قولولي و انا هملصله ودانه ..
ضحكت ديما مشاركه زوج خالتها دعابته ، غير مدركه حجم الألم الذي تسببته تلك الكلمات في نفس لؤي .
غادر لؤي الصاله متجها إلى حجرته حيث ينتظره كِنان .
كِنان : ايه يا بني مال وشك قالب كده ليه ..
جلس لؤي على طرف سريره محاولا كبح غضبه و قال و هو ينفث : بابا مصر دايما يحرجني و دلوقتي كمان اودام المفعوصه ديما …
جلس كِنان على طرف السرير المقابل و قال : معلش يا لؤي ، باباك و لازم تلتسمه العذر ، انا بتمنى بابا يكون موجود معايا و لو حتى يتريق كل دقيقه بس احس ان ليا ضهر ..
هز لؤي رأسه و قال بحسره : باباك الله يرحمه كان غير يا كِنان ،كان غير..
حاول كِنان تغيير مزاج صديقه فقال ممازحا : اممم اقطع دراعي ياض ان ما كنت عايز تظبط مع بت خالتك و جه بباك خرب الرسم اللي كنت هترسمه عليها ..
صاح لؤي : كِنان .. لو سمحت انا مقبلش تتكلم على قريبتي بالطريقه دي و ..
قاطعه كِنان : اسف اسف انا كنت بس بحاول اطلعك من مود الكآبه مش قصدي حاجه و انت عارف اخلاقي كويس .
صمت لؤي ، ليقول كِنان : ياض فكها بقى ..
ابتسم لؤي ، ليُسدد طعنه أخرى إلى ضمير كِنان و محدثا نفسه : ال عارف أخلاقي ، ده اتنرفز لما جبت سيره قريبته بهزار ، امال لو عرف اني…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عادت فاتن إلى البيت و قد حققت انجازا صغيرا اليوم ، و تمنت أن يتكلل طلب التحاقها بكلية الألسن بالقبول ، خلعت حذائها الرياضي ، و من ثم بنطالها الجينز الذي أثار الضيق في نفس يحيى ، ارتدت بيجامتها و أمسكت بالبنطال لتقلى به في سلة المهملات ، محدثه نفسها و الابتسامه تزين ثغرها : كله عشان ننول الرضا يا بشمهندس يحيى .
التفتت لتلقى نظره على نفسها فالمرآه علها تفهم سبب اعجاب يحيى الواضح بها ، بقيت تحدق فالمرآه لدقائق ، لتدرك أنها ارتدت بيجامتها المفضله و لم تفعل كما أوصتها والدتها بارتداء ملابس النوم النسائيه .
تأففت فاتن ، و قامت باحضار الأكياس التي ابتاعتها لها والدتها ، أخرجت جميع محتوياتها لتنتقى شيئا مقبولا ترتديه الليله لتتجنب انزعاج الأخيره .
اختارت قميصا زهري اللون بحمالات رفيعه و فتحة أماميه تعطي تفصيلا دقيقا عن مفاتنها ، و بالكاد يصل إلى ركبتيها ، لم يعجبها تصميمه الجرىء و لكنه كان الأقل جرأه من بين الموجود كما أن لونه راقها كثيرا .
ارتدت القميص و بقيت دقائق تعبث في غرفتها ، حين سمعت باب الشقه يفتح و صوت والدتها يملأ المكان : هلوووووووو
كانت تلك تحية والدتها المعتاده حينما تعود محمله بالاخبار الساره ، ثوان و كانت في غرفة فاتن تهتف بمرح: هلووو هلوو هلووو عندي ليكي خبر بمليوووون جنيه.
ابتسمت فاتن : اكيد حاجه فالمسلسل بتاعك صح ؟
انجي : اها برافو عليكي …المسلسل بتاعي طالبين فيه وجوه جديده ، عايزين بنت قمرايه وواد مُز ..
صفقت انجي من شدة انفعالها…
لتقول فاتن باستغراب : اها كملي ايه بقى الخبر الحلو !
انجي بخيبه : ايه الخبر الحلو … ده سؤال … الخبر الحلو انك هتكوني معايا فالمسلسل ..
فاتن بانفعال : قلتلك يا ماما ميت مره انا مش بحب التمثيل و مش هانجح فيه زي حضرتك.
ألقت انجي حقيبتها على السرير بعنف و قالت : اسمعي يا حببتي انتي اللي ادك فالدول الاجنبيه يعني الناس اللي بتفهم عندهم بيسيبوا بيت اهاليهم و هما من نفسهم بيصرفوا على روحهم ، و انا مش قايلالك روحي و استقلي و شيلي مسئولية نفسك ، كل اللي طلباه منك مساعده ، انتي مش شايفه الشقه الحقيره اللي احنا عايشين فيها ، مش شايفه بهدلتنا فالمواصلات ، مش شايفه وشي بقى عامل ازاي …ها وشي ده اللي كان سبب العز اللي تربيتي فيه طول عمرك ، دلوقت جه دورك تردي الجميل و تساعدي امك ، فيها ايه لما تروحي تعملي دور فمسلسل ايه هيختل ميزان الكون ….
صمتت انجي لتجفف دموعها الزائفه ثم أضافت : حرام عليكي عايزاني اتبهدل يعد كل اللي عملته عشانك ، على الاقل مثلي لغاية اما نجمع فلوس و نشتري شقه عدله .
ربتت فاتن على يد والدتها قائله : خلاص يا مااما متزعليش نفسك ، انا هاروح معاكي بكره و لو اتقبلت هامثل ان شاء الله بس بطلي عياط عشان خاطري …
تنهدت انجي : اهو كده يا روح قلب ماما و دلوقت تعالي نتعشى و بعدين هاحفظك المشاهد بتاعة بكره..
فاتن : الله مش الاول المخرج لازم يشوفني و بعدين يقرر ..
قاطعتها انجي : هو مين اللي هيقرر ، انا كلمت المخرج و انتي معانا من بكره بس كان فاضل موافقتك يا جميل .
ابتسمت فاتن بدون حماسه و قالت : اوك يا ماا ما اوك ..
قالت انجي مستدركه : الا قوليلي الواد جارنا ده لؤي ، معاكي نمرته ؟
فاتن : و انا هتكون نمرته معاايا ليه !
انجي : امممم طب تقدري تجبيهالي ، اصل برده شايفه فيه وجه جديد هينفع معانا فالمسلسل ..
فاتن بتردد : بس دول يعني عيلتهم مختلفين عننا اوي ..
ابتسمت انجي بسخريه : مختلفين!
ثم أضافت : متشغليش بالك انتي بس هاتي نمرته من سي يحيى بتاعك و انا هاكلمه ..
فركت فاتن كفيها ثم أومأت : حاضر هجبهالك بكره ..
شهقت انجي : يا نهار اسوح بكره ليه ، اوعي اوعي تقوليلي انك مخدتيش رقم يحيى بتاعك ده ..
فاتن بانزعاج : ماما …
تأففت انجي : معاكي رقمه و لا لا ..
أومأت فاتن ، لتقول انجي : خلاص كلميه الليله و ضروري تاخدي رقم اخوه ، مفهوم….
فاتن : حاااااضر
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
صعد يحيى الدرج المؤدي للشقه حيث مقر شركته المتواضعه ، و كالعاده وجد الباب مفتوحا على مصراعيه ، و لكن هذه المره فوجىء بسماع ضحكات و أصوات نسائيه ، قبض كفيه من شدة الغضب ظانا أن أنس عاد لفعلته و أحضر فتيات للشقه .
دلف و الغضب يتملكه ، و ما هي الا ثوان حتى تبخر الغضب لتحل مكانه المفاجأه.
بادرت شيرين الجالسه على مقعد بجوار مكتب مالك : مش ترد السلام يا حضرة البشمهندس …
صمت يحيى و قد أخرسته المفاجأه فخلال يومين متتاليين يعود ليلتقي بزميلتيه او بالاخص زميلته سلوى منصور ..
قالت سلوى بحرج : الظاهر وجودنا مش مرحب بيه ..
قاطعها مالك على الفور : ايه الكلام اللي بتقوليه ده ..يحيى بس مكنش..
ليقاطعه يحيى بدوره : لا ازاي انتو تشرفوا فاي وقت ، انا بس مكنتش متوقع حد ، بس انتو عرفتوا العنوان ازاي..
قال مالك بارتباك : انت مالك يا يحيى ، بقيت تنسى بسرعه كده …
ثم نهض من مقعده مكملا حديثه و مقتربا من يحيى : احنا مش قلنا هنشوف حد يتطوع و يساعدنا و سلوى و شيرين كتر خيرهم وافقوا و هييجوا ساعه او ساعتين كل يوم حسب ظروفهم ..
نظر يحيى لصديقه باستغراب ، ليربت مالك على كتفه هامسا : بعدين هافهمك ..و دلوقتي خليني اكمل شرح تفاصيل شغلنا للمهندسات
بقيت الفتاتان لبضع دقائق أخرى يتبادلن الحديث مع مالك ، ثم انصرفتا ، و فور خروجهما صاح يحيى بمالك : من امتى بقى بتاخد قرارات من غير ما ترجعلي …
مالك مدافعا : ما انت بقالك يومين غاطس و محدش بيشوفك و بعدين احنا فعلا محتاجين موظفين معانا ..و دول هيجوا تطوع يعني شغل بدون مقابل ، شوف انت هيفدنا ده ازاي
يحيى : بس كده احنا بنستغلهم و هما زيهم زينا لسه فبداية الطريق…
قاطعه مالك : نستغل مين ، انت ناسي دول اهلهم من اصحاب الملايين ، يعني هيجوا تسليه و تضييع وقت و بعدين سيبك من ده كله ، عندي ليك خبر بمليوووووون جنيه ..
يحيى و قد تذكر : الشركه الكوريه اختارونا …..صح ؟
ابتسم مالك : فعلا ختارتنا من ضمن شركات كتير عشان نكون تحت رعايتها و عجبتهم اوي فكرة الابليكشن بتاع الشرق الاوسط و حضر نفسك بقى للسفريه …
اضطرب يحيى و تدافعت بداخله مشاعر كثيره ، الفخر بان مساعيه تحققت لتنمو شركته بمقاييس عالميه ، و الخيبه لانه حتما لن يستطيع السفر الان و تكملة مسيرته بسبب تعنت والده و اصراره على الانقاص من اهمية طموحه ، و كعادته نفض عنه مشاعر الاحباط و نظر للجانب المشرق فلقد تكللت مساعيه بالنجاح و باستطاعة مالك ان يحل مكانه على الاقل في هذه السفريه التعريفيه ، و ربما مع الوقت سيستطيع اقناع والده و السفر شخصيا ..و حتما سيفعل المره القادمه و لكن الان ليدع والده يرى بأم عينه النتائج الملموسه و من ثم سيقتنع دون الحوجه للدخول في صدام معه و اغضابه ، فلقد نشأ يحيى على ان بر الوالدين يأتي دوما فالمقام الاول ، فرضا الله من رضا الوالدين ..
رن هاتفه ليخرجه من استغراقه فالتفكير ، نظر للشاشه و تبدد تكدره الناتج عن قراره بعدم السفر ، عندما راي اسمها يزين هاتفه ..و على الفور استاذن من صديقه و دلف إلى مكتبه و أجاب : فاتن ..
ووعلى الطرف الاخر ، اجابته بتلعثم : امم مساء الخير ،ازيك يا يحيى …
– الحمد لله ، ازيك انتي ؟
– كويسه بس ..بس ..
– بس ايه ، قولي من فضلك ..
– احم كنت عايزه يعني لو سمحت رقم اخوك لؤي
– اخويا لؤي ، و انتي تعرفيه منين و هتعوزيه فايه ان شاء الله !
– مش عشاني ، ماما كانت عايزه تديه للمخرج بتاع المسلسل عشان شايفه ان ممكن ينفع يمثل معانا .
– معاكو مييييين ؟
– اصل … انا جاني دور فمسلسل و قررت اجرب امثل …
– بزعيق : تمثلي … انا مش فاهم حاجه ، من امتى عايزه تمثلى
– اصل…معلش انا هابقى افهمك بعدين ، بس بليز تديني الرقم دلوقت
– مفيش حاجه هتحصل بعدين ، هو ايه الي هتمثلي و بعدين لؤي انسي بابا مش هيسمحله ..
– بس انت اديني نمرته
قاطعها بعنف : اسمعي انا لازم اشوفك و دلوقت حالا ..
– بس دلوقت متأخر اوي هنتقابل فين …
تأفف يحيى : طب كلميني اسكايب ما هو مش هينفع نتكلم فون بعد القنابل اللي عمّاله تقوليهالي ..
فاتن : اوك ، مليني ايميك و اضيفك عندي
و بعد دقائق ارسلت فاتن طلب محادثه ليحيى و الذي قبله على الفور ..
يحيى بغضب : ايه بقى حوار التمثيل ده …
أراد أن يكمل حديثه و لكنه توقف حين رؤيته فاتن ، بقى ثوان يحدق في الشاشه غير مصدق جرأتها لارتدائها تلك الملابس دون خجل أمامه ، صحح نفسه أي ملابس ، فما ترتديه بالكاد أن نطلق عليه قطعه قماش صغيره تغطي القليل و تكشف الكثير .
لم يكن يحيى ليطيل التحديق فيها و لكنه في النهايه رجل …
فاتن ببراءه : انت بتبصلي كده ليه ؟؟ اسمع انا مش قصدي ادايقك بس ماما محتاجه فعلا رقم..
حين سماع صوتها ارتد إليه عقله و غض بصره فالحال و قاطعها قائلا بعصبيه : روحي البسي اسدال او اي حاجه و غطي نفسك…
فاتن بدهشه : اغطي نفسي ، ثم سمع شهقتها عبر السماعات ..
بعد دقيقتين عاد صوتها: و الله انا نسيت اني لابسه كده ، اصل اول مره البسه …
تطلع يحيى إلى الشاشه و قاطعها بغضب : نسيتي .. في واحده تنسى انها لابسه .. توقف و ضحك باستهزاء قائلا : لابسه ايه اصلا .. في واحده تنسى انها قاعده عريانه اودام الكاميرا و لا ده بروفه لزوم الدور الجديد.
ردت فاتن بحرج : لاااا على فكره الدور محترم جدا …و بعدين ..
يحيى مقاطعا : محترم و لا غيره .. انتي حره انا مالي .. انا بجد غلطت غلطه كبيره ..
قال ذلك و أنهى المحادثه ، و في داخله أيضا عزم على إنهاء مشاعره تجاهها ، فليست هي بالفتاه التي ستصون بيته و لا التي ستساعده على المزيد من الالتزام ، ألم يقم للتو بالسماح لنظره بالتحديق بأريحيه في مفاتنها ، أليس ذلك يندرج تحت قول النبي و العين تزني .
نعم العين تزني ، فبدلا من أن يشكر الله على توفيقه مع الشركه الكوريه و تحقيقه أول سلمه في طريق النمو بشركته ، قام باقتراف كبيره من الكبائر ..
أراح رأسه على مكتبه علّ تلك الراحه تصل إلى قلبه الخائن ، الذي سمح له أن يتعلق بفتاه بعيده كل البعد عن مبادئه و قيمه و الأهم عن ما يحبه الله و يرضاه رسوله …
يتبع