رواية حب تحت الرمال

الفصل الرابع و العشرون

¤ هل خُطَّ حقا سَطْرُ النهايه ؟ ¤

————————–————————–———————

يقولون ان اصعب لحظات الحياه هي الوداع ، و لكن عند مالك فوداع حب عمره يفوق كل انواع الوداع وجعا ، ليس لانها تجلس حاليا بجوار اعز اصدقائه واضعا خاتمه حول اناملها الرقيقه ، ليس ذلك فحسب ، و لكن لان الوداع لم يأخذ حقه ، فمحبوبته لم تأتي اليه معتذره ، لم تبرر له تصرفها ، لم تنطق شفتيها كلمة الوداع ، فلا شيء قِيل و لا اسباب فُسرت ، لن يلومها الان ، كان حَرِي به ان يمتلك الجرأه الكافيه لمصارحتها ، ربما حينها كان باستطاعته معاتبتها ، كان باستطاعته ان ينفث عن غضبه منها ، ان يجهر بكلمة وداعا حتى يبدا بالشفاء الفعلي من حبها ، فلا حال اسوء من قلب معلق بحب غير متبادل و قصه حب من طرف واحد لم يُخَطُّ فيها سطر ” تمت… النهايه ”

و لكن عليه الان المضي قُدما ، و كما يُقال داوِها بالتي كانت هي الدَاءُ…

كان مراقبا لها طوال الامسيه ، تتنقل بين الضيوف ناثرة ابتسامتها الرقيقه على كل ما تقع عليه عيناها ، اعجبه تفانيها الظاهر في انجاح حفل الخطبه الخاص بابن خالتها ، كما انها فتاه جميله و لبقه و من اسره طيبه و هذا ما خبره من خلال تعامله معها في الشركه ، فلقد اوصاه يحيى بمساعدتها و تدريبها لاتقان العمل معهم …

اقترب منها قائلا : انسه ديما ، ممكن دقيقه من وقتك…؟

ديما مازحه : اوعي تقولي بوظتي الكود البرمجي بتاع الجوافه بتاعتكو دي ..

ضحك مالك و قال : اسمها لغة الجافا مش الجوافه…

ثم اضاف : و اكيد مش هاتكلم فالشغل دلوقت …

ديما بابتسامه : خير …؟

مالك : طب ممكن نقعد بعيد عن الدوشه دي …

جالت ديما بنظرها باحثه عن لؤي ، لتجده منخرطا في حديث مع فتاتين لبسهما ملفت للانظار …

قالت ديما : اوك ، خلينا نعد فالبلكونه هناك..

سارا جنب الى جنب حتى وصلا لمقصدهما ، ليقول مالك بعد ان جلسا : بصي ، انا لولا ان الموقف بينا هيكون محرج ، كنت فاتحت يحيى بالموضوع الاول …

صمت قليلا ثم اضاف : عشان كده كنت لازم اعرف رايك الاول و بعد كده هاقول ليحيى و يبقى الموضوع رسمي

ديما مستفسره : موضوع ايه ، انا مش فاهمه..؟

مالك بتردد : انا الحقيقه عايز اتقدم رسمي و اطلب ايدك …

ديما بتلعثم : ليه …قصدي يعني بجد .. يعني قصدي … مش معقول …

مالك بدهشه : هو ايه اللي مش معقول ؟

ديما بصدق : يعني انت و انا … بص كده مش لايقين على بعض خالص..

مالك : ازاي يعني ، مش فاهم …و لا اعتبر ده رفض منك لحتى مجرد الفكره ؟

دون ان تقصد اظهرت قلة ثقتها بنفسها و خاصه بشكلها الخارجي ، لذا قالت مناوره : اقصد انك فاجئتني بطلبك ده…

مالك : طبعا خودي وقتك و فكري زي ما تحبي ، و اتمنى ردك يكون بالقبول و هيشرفني جدا انك تكوني زوجتي و شريكه حياتي

ديما مع نفسها : امال ليه شكلك كأنك عاصر على نفسك شوال لمون ، ييي ليكون يحيى هو اللي زءك عليا

“يا بشمهندس مالك ، البيوت ليهىا حرمه و لولا انك صاحب يحيى كان هايبقى ليا تصرف تاني ”

قفزت ديما من مقعدها اثر سماعها صوته ، استدارت قائله : لؤي

لؤي بتهكم : لا بنت خالتك …

مالك بتلعثم : انا اسف يا لؤي ، بس يعني في موضوع خاص كان لازم اقوله فيس تو فيس لديما..

قاطعه لؤي بحنق : اسمها الانسه ديما ، و موضوع ايه ده انشاء الله ؟

مالك بجديه : انا طالب ايد الانسه ديما للجواز ، و كنت حابب اعرف رايها الاول عشان ميكونش في اي حرج ، انت فاهم يعني عشان يحيى

لؤي بثقه : مش هينفع طبعا ، احنا مش بنجوز بناتنا الا لحد من العيله

مالك بحرج : الله ، انا مكنتش اعرف و انا متأسف جدا ..
ثم غادر مسرعا من الشرفه…

ليقول لؤي بحنق : انتي اي حد يقولك عايز فكلمتين تجري وراه ، ايه فتحاها عالبحري حضرتك..

ديما بحنق : احترم نفسك ، و بعدين انت مالك بيا ..

لؤي : ازاي يعني انا مالي ، مش انتي الحته بتاعتي …اااا اقصد بنت خالتي

ثم أضاف محاولا اغاظتها : بعدين انتي المفروض تشكريني ، شفتي و انا ابينهولك على حقيقته ، ده تلاقي يحيى اللي زءقه

تألمت ديما من كلماته ، أفي نظره شاب مثل مالك لن يُدخلها ابدا في حساباته ، قالت بغيظ : بالعكس ده كان هيموت واوافق و شاري جدا ، انت اللي بوظت الموضوع بطريقتك المهببه دي

لؤي ساخرا : شاري ، ده ما صدق يلاقي حِجه و يُكت..

ثم اضاف : و بعدين انتي لسه مكملتيش دراستك ، متسربعه عالجواز كده ليه !

ديما : لتاني مره انت مالك ، اتسربع و لا متسربعش دي حاجه متخصكش ، مش كفايه ضيعت عليا فرصه

لؤي بانفعال : هو انتي بجد كنتي هتفكري تتخطبي له ؟

ديما : ليه لا ، مالك ميتعيبش فحاجه ، شاب طموح ووسيم و ناجح و يحيى يعرفه كويس…

لؤي بتردد : احم ..يعني طالما انتي مش ممانعه ترتبطي و انتي بتدرسي ، انا كنت يعني …

ديما بأمل : كنت ايه …؟

لؤي : انا كنت يعني ،.. نفسي اسألك سؤال من زمان؟

ديما بترقب : سؤال ايه..؟

لؤي : الصوره اللي بعتيها ليحيى ، كنتي قاصده ، يعني وقتها كنتي صغيره و يجوز كنتي بتحبيه حب مراهقه و كده

ديما بصدمه : هو انت لسه فاكر الصوره اياها !

لؤي بابتسامه : و دي حاجه تتنسي ، دي محفوره فذاكرتي لغاية دلوقتي

قاطعته ديما بغيظ : على فكره انتي غبي جدا

لؤي بضيق : الله انتي هطولي لسانك ..

ديما بغل : و لا اطول و لا اقصر….و غادرت الشرفه مسرعه

لؤي بحنق : استني انا لسه مخلصتش كلامي..

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

انسحبت سلوى من جوار يحيى و المهنئين بهدوء بعد رؤيتها لمالك يتجه الى البوابه للمغادره ، اسرعت بخطاها ، لتلحق به ، مناديه : مالك ..مالك .استنى…

استدار مالك فور سماعه صوتها ، ليقف مسمرا في مكانه بانتظارها ، لتقول : ايه ماشي كده بسرعه ..!

مالك : احم .. اصل هاوصل اخواتي لمشوار كده …

سلوى : اها ، طيب

وقفا ينظران لبعضهما في صمت ، ليقول مالك بتردد : ياه ده انا نسيت…

سلوى : نسيت ايه؟

مالك بحرج : الهديه ، هديه خطوبتك انتي و يحيى

سلوى بتاثر : مفيش داعي ، كفايه مجيتك..

اخرج من جيبه صندوقا مخمليا صغيرا ، و قال : اتفضلي دي حاجه بسيطه …

امسكت سلوى بالصندوق بانامل مرتجفه لتفتحه قائله : الله ، ده جميل اوي …

مالك : طب عن أذنك بقى ، انا مضطر امشي..

سلوى : طيب سوق على مهلك.

اومأ مالك منصرفا ….

لتقول شيرين المراقبه للمشهد عن قرب : سوق على مهلك سوق … اكني شايفه مشهد من فيلم ابيض و اسود

شهقت سلوى مخضوضه : ايه يا بنتي مش تكحي و لا حاجه ، خضتيني

شيرين :اعمل ايه ، ما انتي محتاجه حد يفوقك من جو الاطلال اللي انتي عايشه فيه ده

سلوى : انا بس صعبان عليه ، مشفتيش عينيه كانت عامله ازاي و هو بيباركلنا ..

ضربت شيرين كفا بكف ثم قالت : مشكلته مش مشكلتك ، انتي دلوقتي مرتبطه براجل تفكري فعينيه هو وبس

سلوى : انا مش كده يا شيرين و انتي عارفاني كويس فمفيش داعي للكلام ده كل شويه

شيرين : انا بس بنبهك ، انتي مشفتيش شكلك عامل ازاي لما مالك كان بيكلم قريبة يحيى ..

سلوى : يووه ، مفيش فايده فيكي

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

أنهت فاتن دوامها المسائي لهذا اليوم في السوبرماركت و انتظرت على الطريق لتركب مواصله …

وقفت احدى السيارات الملاكي امامها ، ليقول سائقها بصوت مرتفع : اتفضلي يا انسه فاتن ، اوصلك مطرح ما تحبي…

تفحصت فاتن السائق ، ليتضح لها انه ذاك الزبون ..لتقول : متشكره ، اتفضل حضرتك…

ترجل تميم من سيارته ، و لف ليقف بجوار فاتن ، قائلا : انا بعتذر عن الموقف اللي حصل ، كنت متعصب و طلعته عليكي ، و ياريت تقبلي اوصلك عشان اعتذرلك بجد..

فاتن باسنان مطبقه : و لا يهمك ، حصل خير ، و اتفضل معطلكش..

تميم : اه ، فهمت …

و استدار ليركب سيارته…

تمتمت فاتن : طب كويس ، طلع بيفهم اهو ….

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

يحيى : انتي غطستي فين ؟

سلوى : كنت بسلم على مالك ، و اداني ده هدية خطوبتنا …

نظر يحيى للخاتم في اصبعها : بس ده شكله غالي اوي ، و الراجل على وش جواز ، كان يوفره لعروسته..

سلوى : هو كان بيتكلم جد ، هيخطب قريب..؟

يحيى : ايوه ، امبارح قال ان فباله حد معين بس عايز يجس النبض الاول ..

سلوى : مين ؟

يحيى : و الله حاولت اقرره بس مدنيش عقاد نافع ، فمش هاتطفل اكتر من كده ، جايز خايف للموضوع ميتمش و يبقى فيه احراج له..
سلوى متأمله الخاتم الذهبي بفصه الازرق ، و الذي يتلائم جدا مع هديه عيد ميلادها : فعلا غالي اوي

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

عاد مالك الى البيت يجر اذيال الخيبه ، فخطته للارتباط بديما فشلت و بشده ، لقد اراد بخطبتها ان يضرب عصفورين بحجر واحد ، اولا مواصفاتها ممتازه كزوجه ، ثانيا سيرد بخطوبته السريعه كرامته التي بعثرت على يد سلوى ، و الادهى انها شهدت الليله انكساره للمره الثانيه ، بعد فشل موضوع ديما …

تمتم : مكنش لازم ابين اني مدايق ، بس كان غصب عني…

بحث عن والدته و قد استراح الى فكرة ما : ياه يا ست الكل ، مش تشدي حيلك معايا كده

اسماء : عنيا يا بني ، بس فايه ؟

مالك : العروسه يا ماما …

اسماء : مروه يا بن..

قاطعها مالك : تاني مروه..

اسماء : بس انت مش قولت في حد فبالك

ماكب : لا ما انا غيرت رايي ، اسمعي ايه رايك نتوكل على الله و نطلب ايد فاتن

اسماء بتفكير : طب خليني ادورلك يمكن نلاقي حد مناسب اكتر..

مالك : انا معنديش وقت اضيعه ، و انا مرتاح جدا لفاتن ..على الاقل عارفين اخلاقها كويس

اسماء : مزبوط مزبوط ، بس برده دي مقطوعه من شجره و…

مالك مقاطعا : و ده يعيبها فايه ، اسمعي يا امي ، انا خلاص لازم اخطب و بسرعه

ضحكت اسماء : الله انت متسربع كده ليه يا واد ؟

مالك محاولا اقناع والدته : واد ايه يا ماما .. انا راجل و بشوف البنات بتعمل فنفسها بلاوي سوده كل يوم و خلاص ربنا فتحها عليا ، و لازم اكمل بقى نص ديني ، فاهماني يا ست الكل !

اسماء : طيب طيب ، بكره هاكلم الست رقيه و افاتحها فالموضوع..

ثم تمتمت : هو انا كان لازم اتسحب من لساني و اقول فاتن ، ما كان دلوقت اقنعته بمروه ، يلا بس البت طيبه برده ، و مش هتتكبر علينا و لا تطمع فينا

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

بعد شكوى الاستاذ منير ليحيى من تعنت تميم في السعر المطلوب ، اضطر الاخير الى حضور المقابله الثانيه للاتفاق على السعر النهائي ، بشكل يُرضي جميع الاطراف…

و بعد مدوالات عديده مع تميم ، تم الاتفاق على سعر مناسب ، ليقول تميم متاففا : و الله كان فايدنا نزود شويه ، بس انت راعيته كتير هو كان من باقي عيلتنا..

يحيى و هو يشغل السياره : يا تميم ، السعر حلو جدا ، و شقة جيرانا باعوهاله بسعر اقل مننا كمان…

تميم : نهايته ، انا هابقى امر على عمي و اديه الفلوس…

يحيى : تحب اوصلك فين بالظبط..؟

تميم : مطرح ما ركنت عربيتي ، ادام مكتب المحامي ..

يحيى : اوك….و انطلق بسيارته …ليوقفه تميم بعد دقائق : وقف وقف ده انا كنت هانسى…

يحيى : خير ، تحب استناك لما تخلص..

تميم : لا مفيش داعي ، اتكل على الله…

ترجل تميم من السياره ، اما يحيى فقد اضطر الى الانتظار ريثما تضيء اشارة المرور …

على ناصية الطريق ، كانت فاتن تنتظر مواصله ، لتفاجىء بظهور تميم امامها ..

تميم : ازيك يا انسه فاتن..

فاتن : و بعدين بقى ، مش كنا خلصنا ..

تميم : انا قصدي شريف ، ثم عبث بجيبه و اخرج علبة مخمليه و قال : اتفضلي…

فاتن بريبه : ايه ده ..من فضلك انا مش باخد هدايا من حد معرفوش و اتفضل حضرتك

تميم : دي مش هديه ، ده خاتم ، خاتم شبكتنا ، انا قلت اجيبه و اثبت حسن نيتي ، اصل عارفكم انتو يا بنات البندر لازم تشوفوا الفلوس بعنيكم عشان تصدقوا ان قصدنا شريف

فاتن بانفعال : حضرتك …اولا ده اسلوب غير محترم انك تطلب ايد واحده ، ثانيا مين قالك اني اصلا ممكن اوافق عليك عشان تتعب نفسك و تكلفها التكاليف دي

تميم بسخريه : و متوافقيش ليه ان شاء الله ؟

فاتن : لاسباب كتير ، بس اهمها ، جوز الدبل اللي فايدك الشمال دول..!

ارتبك تميم و لعن منير مره اخرى ، فلقد اعماه غضبه عن تذكر قلع الدبل الخاصه بزوجاته الاثنتين ..

فبعد هروب ليلى ، اراد ان يثأر لكرامته بأي طريقه ، ليقرر بعد اختفائها باسبوع ان يخطب فتاتين من افضل عائلات بلدته في ونفس الاسبوع و كذلك تمت زفته عليهن سويا ،عله يخرس الشامتين و الحاقدين …

تميم مراوغا : دول مجرد ذكرى ، اصل محسوبك ملوش حظ فالحب ، …

فغر تميم فاهه ، فلقد تركته و قطعت الشارع الى الناصيه الاخرى ، ليستشيط غضبا منها : ما عاشت اللي تطنشني يا حلوه..

هرول خلفها ، ممسكا اياها من مرفقها ، لتصرخ فاتن : شيل ايدك يا حيوان !

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

لم يصدق يحيى عينيه و هي تعبر الشارع من امامه ، فبعد حديثه مع لؤي ، اراد ان يسألها عن ليلى و كِنان ، ربما هي الوحيده مَن تعرف لهم طريقا ، بسرعه ترجل من سيارته ، ليفاجأ بتميم جاذبا لها من مرفقها و الغضب يكسو ملامحه..

يحيى مهرولا : ليكون خاد خبر انها اخت كِنان…بس ازاي ؟

يحيى بعد ان اصبح خلفهم تماما : تميم ميصحش اللي بتعمله ده..

استدار الاثنان في نفس الوقت ، لتهتف فاتن : يحيى …

يحيى مبعدا قبضة تميم عنها : انا مقدر اللي كنت فيه ، بس خلاص ده موضوع انتهى بالنسبالك

تميم : موضوع ايه ، الراجل يقدر يتجوز مش بس اتنين لا كمان تلاته و اربعه طالما مقتدر ايه المانع

يحيى بدهشه : ها …انت عايز تتجوز فاتن …؟

فاتن متنقله بنظرها بين الاثنين محاوله فهم ما الصله ، لتستوعب اخيرا متمتمه : تميم …الي كان خطيب ليلى

فاتن بحنق : هو ده ابن عمك !

نظر يحيى لها بشك ، لتقول فاتن : ياريت تقوله يسبني فحالي …ثم نظرت باتجاه تميم و بعد ان استوعبت هويته قالت : انت لو اخر راجل فالدنيا لا يمكن افكر اتجوزك ..فاهم ..!

يحيى امرا : استني …

فاتن بسخريه : متاسفه مش هاقدر..

يحيى بتهديد : لا هتقدري و انتي عارفه كويس ليه …

لم تفهم فاتن تهديده ..فوقفت صامته …تقلب الموضوع في تفكيرها

تبادلا النظرات …ليقول تميم : انتو تعرفوا بعض ازاي ؟

يحيى : جيران ، فالشقه القديمه ، و عن اذنك انا محتاج فاتن في حاجه ضروري عن سعر الشقه بتاعتهم

تميم بشك : و الله..

يحيى : ايوه ، و خود ادي مفتاح العرييه ، وصل نفسك و اركنها مطرح عربيتك ادام مكتب المحامي..

تميم : بس اا

يحيى مقاطعا : اتكل على الله …ربت على كتفه و اداره بغضب باتجاه السياره …

تميم بحنق : حلال له و حرام على غيره…

بعد انصراف تميم ، قالت فاتن : احنا مفيش بينا كلام..

يحيى : لا في ، ليلى فين يا فاتن ؟

فاتن بتصميم : معرفش ..

يحيى : متخليش اللي بينا يعمي عنيكي ، انتي متعرفيش ليلى دي غاليه عندي اد ايه وانا لا يمكن اعمل حاجه تاذيها … ارجوكي تقولي ليلى فين ، او على الاقل تليفونها..

كانت تراقب حديثه و حركة يده المتوتره التي اخذت تعبث بخصلات شعره ، لتلحظ فاتن ما لم تلحظه قبل ايام ، هناك خاتم في يده اليمنى
فاتن بعفويه : انت خطبت؟

ارتبك يحيى لسؤالها العفوي ، متذكرا بانها الخصله التي يفتقدها فيها و بشده ، فلطالما استطاع قرائتها بوضوح نظرا لعدم مقدرتها على المناوره والتلاعب …او هكذا ظن قبل ان تتضح له حقيقتها..

و لكن ما اربكه حقا ، هو احساسه بالذنب تجاه نظرة عينيها المصدومه ، لقد شعر فعليا بأنه قام بخيانتها ..و انه اغلق خط الرجعه امام قلبيهما …و هل هذا كلام منطقي اصلا..

تعلقت نظراته المذنبه ، بعينيها المفجوعه و التي تساءلت في صمت : ” هل خُطَّ حقا سَطرُ النهايه ؟ ”

أجاب يحيى على سؤالها بتردد : ايوه …خطبت

ثم سأل مستدركا : بس انتي ازاي تعرفتي على تميم ؟

فاتن بسخريه : اتعرفت عليه …. لا يا بشمهندس ده مش تهمه جديده هتلزقهالي ، ابن عمك مجرد زبون جه السوبرماركت و الظاهر دخلت دماغه ، وبقاله يومين قارفني فعيشتي كل اما اروح مالشغل يئطرني زي ما حصل انهارده ، ياريت لو تقدر تقوله يحل عن سمايا يبقى كتر خيرك..ها

يحيى بعدم تصديق : يعني انتي عايزاني اصدق ان بنت انجي الشريف بتشتغل فسوبرماركت …

فاتن : تصدق و لا عنك ما صدقت…

يحيى : حاسبي على كلامك ، عموما دي حاجه متخصنيش ، انا اللي يخصني ليلى ، عايز اعرف ليلى فين؟

فاتن مغتاظه و محاوله اقناعه بانها لا تعرف مكان ليلى حقا : هو انت فاكرني بكلم كِنان ، و لا حتى اعرف طريقه فين اساسا ..عشان اعرفلك طريق اختك ، صحيح لما هربوا كلمني و كان عايز مساعده ماديه بس اعتزرلته و كانت دي النهايه ، اصلا ماما محرجه عليا اكلمه ، ده بتاع مبادىء و شعارات و كلام فارغ ، و شوف وصلته لفين ، يعني الدنيا كانت خلصت من البنات عشان …

يحيى بغضب : كفايه ، انا غلطت اساسا اني افتكرت ولو لثانيه ان اللي زيك يفرق معاها اخ و لا صلة رحم اساسا

شاهدته يغادر مستقلا اول مواصله اتيحت له ، لتكمل طريقها هي ايضا الي البيت …

كانت في حاله نفسيه سيئه للغايه عندما اخبرتها الداده رقيه بتقدم جارهم مالك لخطبتها …

فاتن بانفعال : داده ، انا مش عايزه اتجوز ، من فضلك تعتذريلهم جامد ، بس انا دلوقت مش بفكر فجواز و لا بفكر فاي حاجه اساسا…

انهارت فاتن ببكاء ، لتقول رقيه : طيب طيب يا بنتي ، هدي نفسك ، و هاعتذرلهم بس متعيطيش ، هو انتي فاكراني هاغصبك على حاجه ، انتي حرة رايك يا بنتي

حاولت فاتن السيطره على بكائها فقالت : انا اسفه يا داده بس انهارده حصلت حاجات فالشغل دايقتني ..و خليتني متعصبه ، سامحيني اني اتعصبت عليكي

رقيه مستغله الفرصه : طب خلاص يبقى احنا نهدى و نروق و الدنيا مطرتش ، مش ضروري ترفضيه انهارده..بكره و بعدو لسه موجودين فكري و انتي اعصابك هاديه و ساعتها نبقى نرفض براحتنا ها يا حببتي

فاتن لم تشا ان تكسف رقيه : حاضر يا داده …حاضر …

رقيه : طب يا حببتي ، ممكن تفتحتي السكايب ده عشان سحر زمانها مستنيه اكلمها

فاتن : عنيا يا داده ، انا قايمه اهو..

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

سحر :ايه يا ماما مش هتقدري تيجي ، ده عماد خلاص خلص الورق بتاعك ، انت متعرفيش اتعذب اد ايه عشان يلحق يخلصه قبل معاد الولاده…

رقيه : طب هاعمل ايه ، مقدرش اسيب فاتن لوحدها كده …

سحر : الله انتي مش قولتي ان جارتنا الست ام مالك طلبتها لابنها ، يبقى خلاص هيبقالها راجل تعتمد عليه و مش هتخافي عليها ، دي ام مالك و بناتها لوحدهم عزوه

رقيه بحسره : بس شكلها هترفض ، احساسي بيقولي كده

سحر : ده يبقى دلع بنات مرىء ، ال ترفض ال ، هو مالك يتعيب فحاجه ..

ثم اقتربت من الشاشه هامسه : ده انا كنت هموت و يتقدملي ، في حد يرفض مالك

ابتسمت رقيه و قالت : عندك حق ، بس انا مقدرش اضغط عليها لتفتكر اني عايزه اتخلص منها و لا حاجه دي حساسه جدا

سحر : بس انتي فمقام امها و دي مسئوليتك ، و بعدين ده يبقى حرام عليها ، انا محتاجاكي جنبي اوي يا ماما ، كفايه اخر ولاده كنت لوحدي عشان خاطر كان عندها امتحانات و مرضتيش تسيبها وحدها ، ماما احنا كمان بناتك ، و من حقنا نفرح بوجودك حوالينا زينا زيها و اكتر كمان

كانت فاتن في حاله نفسيه سيئه مما جعلها فاقده للتركيز ، و قبل خروجها من الغرفه ، نسيت ان تخفض صوت المحادثه بين رقيه و ابنتها ، لتجلس في الصاله و يصل الى مسامعها تفاصيل الحوار باكمله..

مما زاد نفسيتها سوءا ، فان رفضت مالك ، سترفض رقيه حتما الذهاب الي ابنتها و معاونتها في ولادتها ..

لكن ما البديل ، ان توافق بالاقتران بجارهم مالك ، ترددت فاتن ، محتاره ، فهي قط لم تفكر جديا فالزواج من قبل ، و مالك شخصيه ممتازه و كما يقولون عريس لقطه ، فلم لا تعطيه فرصه على الاقل من اجل ان توافق رقيه على السفر ، و الخطوبه مرحله لدراسة الطرف الاخر، ان لم ينتج قبول تستطيع ان تعيد النظر في خيارها …

من اجل الداده رقيه عليها ان تتناسى اوهام حبها الاول ، فلقد رات لتوها بانه قد مضى قدما في حياته ، فلم توقف حياتها من اجله ، و الاهم حاليا هو اتاحة الفرصه لرقيه ان تتخلص من عبء مسئوليتها لتكون بجوار بناتها من لحمها و دمها…

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

حدث كل شيء بسرعه كبيره ، بمجرد ابدائها الموافقه على مالك تطورت الامور لتصل حيث هي الان تجلس مع مالك للتحدث في التفاصيل..
قال مالك : طب اخوكي و علاقتكم مش تمام ، امال مين هيكون وكيلك..؟

لم تستطع فاتن البوح بظروف اخيها ، و شعرت بالذنب لكذبها على مالك ، و لكنها ايضا لم تستطع اخبار كِنان بقرب خطبتها ، فهي تعرفه جيدا سيقوم حتما بارسال المزيد من المال لها من اجل تجهيز نفسها للخطبه و الزواج ، مما جعله تخفي عليه ايضا …على الاقل حتى تقتنع هي شخصيا بمالك و بانها سوف تكمل معه و ايضا حينما تستقر الامور مع كِنان في فلسطين ..كذبه تجر اخرى و لكن ما باليد حيله ان لم توافق سترفض رقيه السفر …

فاتن : لسه بدري على كتب الكتاب ، عموما انا هاكلمه و احاول اصلح علاقتنا من تاني ..

مالك : انتو عيله غريبه بجد!

فاتن بحرج : ربنا يسامحها ماما بقى …

مالك : على فكره انا مقلتش للبنات انها والدتك ، مش عايزهم يعملولك زيطه و يصروا تعزميها …

فاتن : انا قولتلك هاعزمها بس مش مؤكد انها تيجي …

مالك : طيب دلوقت ايه رايك الفرح يكون كمان شهرين ، حلو تكوني جهزتي نفسك و اكون انا جهزت الشقه….

فاتن بصدمه : طبعا لا ، انا لازم اجهز نفسي كويس ..

مالك : مش هتلحئي تجهزي فشهرين ، ده كلام ، لو عايزنا نتعرف على بعض فتره اطول انا معنديش مانع، لكن لو السبب الفلوس فلازم تعرفي اني مش هاسمحلك تدفعي مليم واحد لا فالشقه و لا فالفرح و لا فجهازك الشخصي كل دي حاجات انا هاتكفل بيها

فاتن بضيق : لو انت فاكر اني مش هاقدر اجهز نفسي ماديا تبقى غلطان ، انا اقدر و باذن الله…

قاطعها مالك : مش كده ، بس انا ماشي على مبدا دينا بيقول ايه ، الراجل هو المتكفل بالمصاريف كلها و انا و الحمد لله مقتدر ، مساعدة العروسه بتكون حسب العرف لتيسير الجواز على الشباب اللي مش قادر ، لكن مش فحالتي

اعجبت فاتن بمبداه و قالت : عموما لسه بدري عالتفاصيل دي ، بس انا محتاجه اكتر من شهرين عشان ندرس بعض، الحقيقه كل حاجه حصلت بسرعه جدا ..

مالك : و هو كذلك ..

فاتن : انت هتعزم حد عالخطوبه ؟

مالك : يعني بس صحابي المقربين جدا ، زي ما اتفقنا انا مش عايز هيصه كتير ،وبس لو حابه حفله كبيره انا معنديش مانع..اللي يريحك

فاتن : لا لا .. انا عايزه الحفله تكون محندقه ، عشان نحضر بسرعه ،اصل داده رقيه هتسافر قريب لبنتها …

مالك : يبقى اتفقنا و دلوقت حضري نفسك عشان نخرج ونشتري الشبكه

فاتن : بسرعه كده ؟

مالك : سرعه ايه ، انا خلاص هارتب الامور انها تكون كمان اسبوع ، حلو كده تكوني جهزتي

فاتن : كويس ، لانه كمان عشر تيام داده رقيه هتسافر عند سحر …

مالك : طب يلا بينا ، و نقي الي يعجبك الحاجات دي مفيهاش كسوف

ابتسمت فاتن سعيده بكرمه الواضح جدا ، ربما فكرة الخطبه منه ليس بالسوء الذي ظنته، فمن الواضح انه يتحلى بالرجوله بكل ما للكلمه من معنى

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

استطاع مالك ان يجهز لحفل الخطبه الصغير و الذي سيقام في شقة اهله الجديده و التي جهزها لهم مؤخرا ، بقي عليه محادثة بعض الاقارب و الاصدقاء المقربين لحضور حفله الصغير…

و بالطبع هاتف يحيى ليخبره بامر الخطبه ..

يحيى بمزاح : بئالك اسبوع مش باين ، ايه يا بني متدلئش عليها كده من اولها ، خليك تقيل

ابتسم مالك : خلاص يا سيدي كلها يومين و راجع الشغل ، المهم تشرفني بكره انت و سلوى على حفل الخطوبه ، انا عامل حاجه كده عالضيق في الشقه بس طبعا ضروري تحضروا معايا اليوم ده ..

يحيى : و ليه عالضيق ، كنت اعمل هيصه و فرح اخواتك ، البنات بتموت فالحاجات دي

مالك في نفسه : “ومين له نفس للهيصه”

قال مالك : اصل خطيبتي عندها ظروف و مضطرين نعمل حفله عالسريع

يحيى : طب ممكن اعرف بقى مين العروسه و لا لسه متكتم عالاخبار ؟

مالك : لا ابدا …. دي جارتنا ..

يحيى :اه ، انا فاكر كنت قولتلي مره حاجه عن بنت الجيران و كانت بتكتبلك جوابات ….

مالك مقاطعا بضحك : تقصد سحر ، هههههه ، لا دي اتجوزت من زمان …

يحيى : طب اسمع ، انا مضطر اقفل ، ابعتلي فمسج عنوانكو الجديد ، و معاد الحفله ، و بما انها عالضيق انا عازمك انت و خطيبتك بعد الحفله نخرج فمكان و نكمل السهره، اهو مش حارمك من حاجه يا عم ..

ثم أضاف : و بالمره نتعرف على خطيبتك …

مالك : اوك ، و انا كمان مضطر اقفل ، سلام

يحيى : سلام

يتبع

error: