رواية حب تحت الرمال

الفصل الثالث

¤ تحت الاختبار ¤

————————–————————–———–

استقل لؤي المصعد برفقة جارتهم الفنانه إنجي الشريف و على ما يبدو ابنتها ، حاول لؤي عدم التحديق فيهما و إزعاجهما و لكنه لاحظ نظرات جارته المصوبه نحوه ، ابتسم و قال : ازيك يا مدام انجي !

ثم أضاف عندما بقيت محدقه فيه : أنا لؤي، ساكن فالشقه اللي جنبكو على طول .

قالت إنجي بعد لحظات من التحديق المستمر في وجهه : واو انت وشك فوتوجينك خالص .

ازدادت ابتسامة لؤي و قال : شكرا لمجاملتك الرقيقه دي .

ضحكت انجي بدلال و قالت : لا بجد ، انت أمور اوي .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

نظرت فاتن إلى الشاب الذي يتشاركهم في المصعد ، و بالفعل والدتها معها حق ، فبعيونه الزرقاء و شعره الأشقر الداكن باستطاعته أن يكون نجم السينما القادم ، و لكن ليس مظهره ما لفت انتباهها ، بل كلامه .

سألت فاتن : هو انت تقرب ليحيى ؟

قال لؤي باستغراب : أيوه ، يحيى أخويا ، هو انتي تعرفتي عليه ؟

قالت فاتن : أيوه ، ساعدني مره و ركبلي الأنبوبه .

ابتسم لؤي : هو كده يحيى ، خدوم جدا .

سألت فاتن : هو أخوك الكبير مش كده ؟

أجاب لؤي : فعلا .

توقف المصعد ، قال لؤي : السيدات اولا ، اتفضلوا .

ابتسمت فاتن و قالت : ميرسي يا أستاذ لؤي ، و خرجت من المصعد برفقة والدتها ، التي لكزتها و قالت : لو حابه تكلميه شويه ، خليكي ، ثم غادرتها مسرعه .

قال لؤي : أستاذ ايه ، قوليلي لؤي كده من غير ألقاب .

قالت فاتن : غريبه ….!

سأل لؤي : هو ايه اللي غريب ؟؟؟

قالت فاتن : أصل أخوك زعل أما ندهته باسمه كده من غير ألقاب .

قال لؤي مستنكرا : لا ملوش حق ، بس هو أصله محبكها زياده عن اللزوم .

قالت فاتن : طب عن اذنك بقى .

أومأ لؤي و قال : تصبحي على خير .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

قالت فاتن لوالدتها معاتبه : انتي أحرجتيني اوي يا ماما .

قالت انجي : ازاي يعني ، مش فاهمه ….!

قالت فاتن مقلده والدتها : لو حابه تكلميه ، خليكي …. ده سمعك و ابتسامته كانت من الودن للودن .

ضحكت انجي و قالت : و ماله ما يسمع ، و بعدين سيبك ايه رأيك فيه ، مش واد مُز برده .

قالت فاتن بانزعاج : مُز لنفسه ، أنا مالي بيه ، و كنتي عايزني أكلمه ليه أصلا .

تنهدت انجي بضيق من ابنتها ، ثم قالت : يعني عشان تتعرفي على ناس جداد و يبقالك صحاب هنا .

قالت فاتن : بس أنا مبحبش أصاحب ولاد ، كلهم زي بعض ، أول ما تقولي لواحد فيهم صباح الخير يفتكرك معجبه و هات بقى تسبيل و حركات رخمه من بتاعتهم .

لوت انجي شفتيها ، فالطريق أمامها طويل و شاق لتعديل سلوك ابنتها ، و تعليمها طرق و مكائد النساء لجذب الرجال ، أرادت اليوم أن تضع حجر الأساس بحثِها على محادثة جارهم الوسيم ، حتى و إن كانت إمكانياته الماديه متواضعه ، الا أنه سيكون خطوه في طريق ابنتها لفهم الرجال و كيفية التعامل معهم ، فإن بقيت على حالها تلك منغلقه على نفسها لن تكتسب الخبره المطلوبه لايقاع الرجال في شباكها و الظفر بحياه ناعمه مرفهه .

قالت انجي بخبث : طب و أخوه ده اللي ساعدك فالانبوبه، امور كده زيه ؟

قالت فاتن بارتباك : لا مش شبهه .

لاحظت انجي على الفور ارتباك ابنتها ، فقالت : اها مش شبهه ، يعني شكله وحش .

قالت فاتن على الفور : لا بالعكس .

ابتسمت انجي و قالت : بالعكس ازاي يعني ، مش بتقولي مش شبهه .

قالت فاتن بحرج : يعني أقصد إنه …

قالت انجي : اها فهمت هو مش اشقر زي اخوه ، بس مينمعش هو امور كمان .

قالت فاتن بضيق : ممكن بقى نبطل كلام عنهم .

ابتسمت انجي ، فذاك الشاب على ما يبدو قد حاز على إعجاب ابنتها ، الآن عليها أن تقنعها بالمضي قدما و إبداء اهتمامها به ، و البدء في مشوار اصطيادها للرجال .

رن هاتفها ، نظرت إلى الرقم و تأففت ، فالمتصل هو خميس النونو ، صحيح أنه يمتلك الملايين و معجب بابنتها ، و لكن بسذاجة ابنتها الحاليه لن تستطيع الحصول على فلس واحد من تلك الملايين ، عليها أولا أن تفهم كيفية التعامل معهم ، لذا لا بد الآن من إعطاء هذا الرجل اللحوح بعض المسكنات كي ينتج لها مسلسلها القادم .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

حيا لؤي والديه الجالسين في الصاله ، ثم سأل : يحيى فاوضته ؟

قال عبدالرحمن : أيوه ، بس كنت بتتكلم مع مين عالباب .

قال لؤي مبتسما : مع جارتنا الفنانه و بنتها .

قال عبدالرحمن بتهكم : فنانه ! ، ثم أضاف : و بعدين أنا مش محرج عليكم من يوم ما جُم ملكوش دعوه بيهم .

قال لؤي : هو أنا عيل صغير حضرتك هتقولي أكلم مين و مكلمش مين !

شهقت خديجه و قالت : لؤي ، عيب كده ، أتأسف لوالدك حالا .

قال لؤي بامتعاض : حقك عليا يا بابا ، أنا بس أقصد إنه مفيش داعي حضرتك تقلق .

قال عبدالرحمن : أنا عارف مطلعتش زي أخوك يحيى ليه .

قالت خديجه بعد أن رأت الألم على وجه ابنها : الاتنين بسم الله ماشاء الله ربنا يخليهوملك يشرفوا بلد بحالها .

ثم نهضت و ربتت على يد لؤي و قالت : هو بس بيقول كده عشان مدايق منك .

قال لؤي باقتضاب : طب تصبحو على خير ، أنا هاخش أنام تعبان و مجهد .

و في غرفتهم ، وجد يحيى كعادته منكبا على كتابة أكواده البرمجيه .

قال يحيى : ايه بابا كان بيزعئلك ليه ؟

قال لؤي بخبث : أبدا ادايق عشان كلمت البت جارتنا .

استدار يحيى لمواجهة أخيه و سأل : تقصد مين ؟

قال لؤي متصنعا اللامبالاه : بنت الفنانه ، اسمها ايه يا ربي ..

قال يحيى بضيق : تقصد فاتن !

قال لؤي مبتسما : فاتن ايه ، اعتقد اسمها انجي ، انجي الشريف .

قال يحيى : أنا قصدي بنتها اسمها فاتن .

قال لؤي : اه هي اسمها فاتن بقى ، بس البت شكلها بتعزك اوي .

سأل يحيى باهتمام : بجد ؟

قال لؤي ساخرا : جد ايه يا أهطل ، دي بتقول عنك رخم و قفل و كلك غلاسه .

قال يحيى بضيق : هي قالتلك كده !

قال لؤي : لا طبعا ، بس أنا فهمت كده من سياق الكلام .

ثم أضاف : و مالك مهتم اوي بيها .

قال يحيى : و لا مهتم و لا حاجه ، بسأل عادي يعني .

ضحك لؤي و قال : على أخوك الكلام ده ، فضفضلي و متتكسفش .

قال يحيى بجديه : و الله انت فايق و رايق .

لم يشأ لؤي ترك الموضوع فقال : عموما شكله كده هيبقى حب من طرف واحد ، بجد البت مش طايقاك انت عملتلها ايه يا كابتن ؟

دلفت ليلى إلى الغرفه و سألت باهتمام : حب ايه ده اللي من طرف واحد …؟

قال لؤي مدعيا الجديه : انتي يا بت مش مفروض تخبطي قبل ما تدخلي .

قالت ليلى : الباب مفتوح يا فكيك .

ثم أضافت : بابا عاوز يكلمك يا يحيى .

قالت ليلى بعد أن خرج يحيى : حب ايه ده اللي كنتو بتتكلموا عليه ..؟

قال لؤي بامتعاض : بطلي تحشري نفسك فكل حاجه كده ، و عيب تسألي على الحاجات دي أصلا.

ضربته ليلى بالوساده و غادرت الغرفه محدثه نفسها : امال لو عرفت إني بكلم صاحبك هتقول عليا ايه .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

صباح جديد ، و لكنه مختلف بالنسبه لديما ، فاليوم ستودع صديقاتها مؤقتا بسبب سفرها مع والديها إلى مصر ، من أجل إجراء جراحه في قدم والدها و التي اصيبت اثناء تأديته لعمله في مقر الامم المتحده لاغاثه اللاجئين الفلسطينين في قطاع غزه ، فوالدها تمت ترقيته للعمل كمدير لاغاثة اللاجئين و تم ابتعاثه الى فلسطين ، نظرا لتفانيه الواضح و اخلاصه الشديد في مساعدة المحتاجين .

و منذ خمس سنوات انتقلت حياتهم بشكل جذري هنا في فلسطين ، مما اضطرها ايضا الى التسجيل باحدى المدارس الخاصه ذات التكلفه العاليه جدا ، و لكن نظرا لانها الابنه الوحيده لوالديها لم يكن يمثل لهم ذلك اي عبء البته ، و لكن يبقى الاشتياق الشديد لمصر و اقاربهم و خاصه خالتها واولاد خالتها خديجه…

قالت ديما لصديقتها إيمان : مش هوصيكي ، ضروري تكتبيلي الحاجات المهمه في الكراسه دي .

قالت إيمان : هما كلهم كام يوم اللي هتغيبيهم ، ما تقلقي ما راح يفوتك شي .

ثم أضافت : و شو هالصوره اللي ماسكتيها ، مين هدول…؟

أجابتها ديما مرتبكه : دول قرايبنا .

ضحكت إيمان و قالت : ام ممم مش عارفه حاستك معجبه بقرايبك دول .

قالت ديما بحرج : دول زي اخواتي .

سألت إيمان : طب شو اسمه ؟…. و أشارت باصبعها على الصوره .

قالت ديما : ده لؤي و التاني يحيى ، و البنوته ليلى ، ولاد خالتي .

قالت إيمان : كتير امور لؤي ، بتعرفي شبه ليوناردو دي كابريو .

ضحكت ديما و قالت : اكمنه أشقر يعني ، ده هو وجه الشبه الوحيد.

قالت إيمان متنهده : و عيونه الزرق كمان ، يا بختك .

قالت ديما : طب اتعدلي بقى كمان شويه الميس هتيجي .

وضعت ديما الصوره في حقيبتها ، و ابتسامه عريضه تزين ثغرها ، فغدا ستراه ثانية .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

خرجت انجي من الشقه مرتديه فستانا يصل إلى ركبتيها ، و يبرز مفاتنها بشكل صارخ ، وقفت تنتظر المصعد ، و بعد ثوان فُتح و خرج منه عبدالرحمن الذي قال باستياء : استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم.

ضحكت انجي و قالت : زي ما انت يا عبدو متغيرتش فتفوته .

قال عبدالرحمن بسخريه : كفايه علينا تغييرات حضرتك ، و يا ريت مطوليش في القعده هنا .

قالت انجي بتهكم : متقلقش ، أول ما ربنا يعدلها همشي و ابقى اكسر ورايا قله .

قال عبدالرحمن : طب اتاخدي شويه عايز اعدي .

أفسحت انجي الطريق له ، ثم قالت : امبارح قابلت لؤي ، ده طالع شبهك الخالق الناطق .

تسمر عبدالرحمن في مكانه و قال : ولادي ملكيش دعوه بيهم ، و حسك عينك تحتكي بحد منهم .

أومأت انجي و قالت : يبقى ابنك بجد ، أنا لما شفته شبهت عليه ، حتى لما قال أنه ساكن جنبنا برده كدبت احساسي ، افتكرته ساكن في الشقه التانيه ، و رغم إن أنا اللي اخترت اسمه ، برده مكنتش عايزه أصدق .

قال عبدالرحمن بفروغ صبر : انتي عايزه ايه دلوقت …؟

قالت انجي بحسره : و لا حاجه ، بس لما شفتك حسيت بشوية شجن ، ادي كل الحكايه ، متقلقش محدش فيهم هيعرف حاجه ، و كلها كام يوم و باذن الله همشي من هنا ، ادعيلي بس انت ظروفي تتحسن .

قال عبدالرحمن : ربنا يهديكي .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

لبس يحيى بذلته و التي أشتراها والده ليرتديها خصيصا في وظيفته الجديده ، نظر في المرآه و واسى نفسه ، فإطاعة الوالدين و برهما من أولويات أخلاق المسلم الصحيح ، و لكنه في نفس الوقت تمنى لو أن باستطاعته أن يوصل وجهة نظره و أهدافه لوالده بطريقه تُرضي كلاهما ، تنهد و أمسك بالفرشاه ليهذب شعره قليلا ، ثم وضعها و خرج من غرفته.

على مائدة الافطار ، قال عبدالرحمن : ايه يا يحيى ، مش عوايدك تفوتك صلاة الفجر في المسجد .

يحيى : معلش راحت عليا نومه ، بس الحمدلله صليته فوقته .

قالت خديجه مبتسمه : الحمد لله ، و متنساش انهارده تميم عازم ليلى عالعشا بره ، ضروري الساعه سبعه تكون هنا ، عشان تروح معاهم .

قال يحيى : حاضر يا أمي .

قالت ليلى : لو مشغول ، بلاش نأجلها ليوم تاني .

قال يحيى : لا أبدا ، متقلقيش.

عضت ليلى على شفتيها ، خائبه من فشلها في التهرب من لقاء تميم .

ثم قالت : مش خالتو هتوصل انهارده ، ميصحش أخرج و مسلمش عليها .

قالت خديجه : ما جوزها عنده حجز في المستشفى و هيوصلوا و يروحوا هناك على طول ، وهروح أنا و لؤي ونجيب ديما تبات معانا انهارده .

قالت ليلى : طب هاروح معاكو عشان ميصحش لازم اسلم عليهم .

قال عبدالرحمن بعصبيه: و خطيبك ده اللي جاي مخصوص مالبلد عشانك ، يصح تكسفيه .

صممت ليلى مستاءه …. ثم قالت بشجاعه : بابا لو سمحت بعد ما نخلص اكل ، انا حابه اكلمك فموضوع خاص شويه…

قال عبدالرحمن : خلصت اهو ..تعالي ورايا البلكونه…

نهضت ليلى من مقعدها ، ليهمس يحيى : موضوع ايه ده يا ليلى …؟

فكرت ليلى قليلا ، ثم آثرت عدم اخبار يحيى بنيتها فسخ الخطوبه ، حتى لا تسبب له مشكله إن رفض والدها ، فيحيى سوف يقف في صفها بكل تأكيد، و لكنه لا تريد أن تثقل عليه بمشاكلها هي الاخرى….

لذا اجابت بمرح : ابدا عايزه زياده فالمصروف يا هندسه

ابتسم يحيى ثم اخرج من جيبه بعضا من النقود : طب خودي دول..

ابتسمت ليلى ثم اخذت النقود قائله بمرح : بس لو مكنتش تحلف !

ضحك يحيى لتقول ليلى : عن اذنك بقى ، بابا زمانه بيتسناني

جلست ليلى على المقعد المقابل لولداها في الشرفه و قالت على استحياء : بابا انا بعد اذنك مقدرش اكمل فخطوبتي مع تميم ..

عبدالرحمن بلامبالاه : ايه هو زعلك فحاجه ، قوليلى و انا املصله ودانه العبيط ده..

ليلى : اهو قولتها انت يا بابا ، عبيط ، مش حكايه مزعلني فحاجه ، بس احنا مختلفين جدا ، و مفيش بينا اي روابط مشتركه ، هو فوادي وا نا فوادي..

عبدالرحمن بعصبيه : ايه الكلام اللي بتقوليه ده ، و عايزاني اقول لاخويا ايه ، بنتي مش عايزه ابنك عشان مختلفين ، و ما طبيعي تختلفوا هو راجل وانتي ست ..

ليلى : يا بابا انا مش مرتاحه…

قاطعها عبدالرحمن : بلاش دلع البنات المرىء ده ، انا اديت كلمه لاخويا ، و تميم مش مقصر فحاجه ، اعمل كذا جيب سوي مش بيتأخر عننا ، و اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش ، و انا ادرى بمصلحتك وكلام فالموضوع ده مش عايز، هتعملي زي ماكنتي بتزني تدخلي اعلام ، و اديك ماشيه زي الفل فكليتك…

ليلى باعتراض : بس ده جواز و دي حياتي كلها..!

عبدالرحمن : و انا ادرى بمصلحتك …و كلام فالموضوع ده مش عايز نهائي….انتي فاهمه..

ليلى باستسلام : ايوه يا بابا …فاهمه…

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

ارتدت فاتن بنطال جينز و تيشيرت ، ثم انتعلت حذائها الرياضي و حملت معها حقيبتها و خرجت للذهاب إلى كليتها.

و في موقف الركوب ، أحست باقتراب أحدهم منها .

قال يحيى بارتباك : صباح الخير .

التفتت فاتن لتجد جارها الشاب يحيى ، أخفت دهشتها و حاولت التصرف بلامبالاه ، فهي بالتأكيد لا تريده أن يعلم كيف أزعجها المره الماضيه بكلماته .

ردت بهدوء : صباح الخير يا أستاذ يحيى .

قال يحيى مبتسما : شكل طريقنا واحد .

أومأت فاتن ، ثم قالت : هو انت لسه بتدرس ؟

ثم ندمت فورا على سؤالها ، و تذكرت ضيقه الشديد من تقربها منه .

ضحك يحيى و قال : لا ، بس شغلي قريب من الجامعه.

ثم سأل : هو انتي سنه كام ؟

أجابت فاتن : سنه أولى .

توقفت إحدى الباصات ، لتدلف إليه فاتن وتجلس بجوار احدى النوافذ..

لحق بها يحيى ، ليجلس بجوارها ثم قال : هو انتي بتدرسي ايه .

قالت فاتن بامتعاض : مفيش داعي .. صممت ثم قالت مشيره بيدها بينهما : مفيش داعي لده .

سأل يحيى بضيق : تقصدي ايه ..؟

أجابت فاتن : يعني أقصد إنه واضح جدا ..صمتت لتبتلع ريقها ثم أضافت : مفيش داعي للحوار ده كله .

قال يحيى بعدم فهم : حوار ايه ..

قالت فاتن بتلعثم : يعني أقصد أنك تسلم عليا و تكلمني يعني عشان احنا جيران ، مفيش داعي للمجاملات دي.

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

أحس يحيى بالاحراج الشديد ، فجارته الصغيره معها حق فلا مبرر لحديثه معها الآن ، و لكنه بمجرد رؤيتها تملكه حافز شديد للتقرب منها و الحديث معها ، ربما أراد فقط أن يطيب خاطرها ، بسبب إحساسه بحرجها من انتقاده لتصرفاتها…

قال يحيى بتفهم : معاكي حق ، و آسف لو أزعجتك بكلامي ، ثم أشاح بوجهه للأمام شاعرا بالضيق من نفسه .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

نظرت فاتن لجارها العابس شاعرة بتأنيب الضمير ، و لكنه أحرجها بشده المره الماضيه ، فماذا توقع !

تذكرت نصائح والدتها : شدي و أرخي .

خبطت جبينها بيدها ، محاولة طرد أفكار والدتها عن عقلها ، فتلك النصائح في حال أرادت الايقاع بأحدهم و الارتباط به ، و هي بالتأكيد لا ترغب بالارتباط بجارها الشاب أو أي شاب آخر حاليا ، و حتى إن أرادت الارتباط لن تطبق نصائح والدتها نهائيا ، فتلك النصائح تحتاج شابه جريئه و قوية الشخصيه كوالدتها .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

استرعى انتباه يحيى حركة جارته الطفوليه ، نظر لها بطرف عينه لثوان ، ثم قال : شكلك نسيتي حاجه ؟

أجابته بسرعه : لا أبدا ، أنا بس كنت بهش دبانه معديه كده .

ابتسم يحيى و قال : اها .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

ابتسمت فاتن بدورها ، محاوله تطبيق نظرية والدتها : شدي و ارخي ، أما نشوف يا ست ماما .

قالت فاتن : ممكن أسألك سؤال …؟

ازدادت ابتسامة يحيى و قال : عن الاسدال برده.

نظرت فاتن لجارها مندهشه من تبدل مزاجه ، هل والدتها معها حق ، فتلك المره الأولى التي يبتسم لها بغبطه شديده …

قالت فاتن مبتسمه : لا ، بس أنا مكنتش بهزر المره اللي فاتت .

قال يحيى : يعني بجد انتي مفكره الاسدال بس بيلبسوه في الحج .

أومأت فاتن ، ليقول يحيى : انتي بتخلصي محاضرات امتى ؟

سألت فاتن : و ده علاقته ايه بالاسدال .

قال يحيى بغبطه : لو بتخلصي الساعه احدعشر ، هاخدك محاضره هتفهمك الاسدال بيلبسوه امتى .

ابتسمت فاتن : محاضره بحالها عشان الاسدال ده .

قال يحيى بجديه : طبعا ، انتي شكلك محتاجه تعرفي حاجات كتير.

قالت فاتن بحماس : و انت بقى اللي هتعرفني الحاجات دي .

أجاب يحيى : لو مكنش عندك مانع ، أنا مستعد أساعدك .

قالت فاتن بخيبه : بس أنا بخلص الساعه واحده .

ثم استدركت نفسها و تذكرت انتقاده لها البارحه ، فقالت : عموما كده كده مقدرش أروح معاك ، أنا معرفكش كفايه .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

ذهل يحيى من نفسه ، و عرضه على جارته ، أين الحدود التي وضعها لنفسه في التعامل مع الفتيات ، حتى و إن كانت نيته خيرا …هل أراد بعرضه هذا وضعها تحت الاختبار و التيقن من حدسه عنها ، فما يراه امامه ينبؤه بانها فتاه متحرره للغايه ، اما احساسه فيخبره بملايين الاشياء المتناقضه

قالت فاتن مخرجه إياه من ضيقه : بس أنا ممكن أزوغ ، لو المحاضره اللي بتقول عليها جامده يعني ..

شعر يحيى بخيبه كبيره منها ، فا هي عادت لتوافق على الذهاب معه و بكل سهوله .

قال يحيى بعصبيه : هو انتي مش قولتي قبل شويه انك متعرفنيش كفايه ، ايه اللي غير رأيك !

قالت فاتن باستغراب : و انت متعصب كده ليه ، مش انت اللي طلبت اروح معاك المحاضره .

تنهد يحيى و قال : معاكي حق ، بس انا اصلي مش عايزك تزوغي من المحاضرات .

ابتسمت فاتن و قالت : متقلقش ، أصلا أنا نفسي أسقط و أترفد من أم الكليه دي .

شعر يحيى بالانزعاج الشديد ، فيبدو أن جارته الصغيره متسيبه من كل النواحي .

قال يحيى بضيق : طب مش لما تترفدي تبقى بتخيبي أمل أهلك فيكي .

ضحكت فاتن و قالت : لا ده انت تحفه .

ثم أضافت : ايه رأيك تزوغ انت كمان مالشغل ، و اعزمك عالفطار !

ارتبك يحيى من عرضها هذا ، أراد الموافقه و تمضية المزيد من الوقت برفقتها ، و لكن ….

قالت فاتن تستحثه على الموافقه : بس ساعه واحده يا كابتن ، و هترجع للشغل صاغ سليم ، ها قلت ايه !

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

بقيت لثوان تنظر إليه منتظره قراره ، لم تدرِ فاتن ما الذي دفعها لتصرفها ذاك ، ربما طريقته في الحديث معها ، تاره برفق ، و تاره أخرى بضيق و تعال ، أرادت أن تتيقن هل هو كباقي الرجال ، يسهل التلاعب بهم و تغيير مبادئهم كما أخبرتها والدتها ….أرادت أن تضعه تحت الاختبار
قال يحيى بتردد : معلش مش هاقدر …

قالت فاتن على الفور و بدلع زائد : طب عشان خاطري .

ثانيتين هي المده التي انتظرتها فاتن لتعرف مدى صحة نصيحة والدتها و التي طبقتها للتو ، قليل من الدلال و تحصلي على ما تريدين منه.

ابتلع يحيى ريقه ، ثم قال : بس بشرط .

ابتسمت فاتن ، ثم قالت بمرح : و كمان هتتشرط ، ما علينا ، شرط ايه ده…؟

قال يحيى : أنا اللي عازمك .

صفقت فاتن بخفه و قالت بحماس : اوكي.

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

“ليلى …”
استدارت ليلى لدى سماعها صوته ، و قالت : انت ايه اللي مشيك ورايا ، مش وعدتني مش هنتقابل .

قال كِنان : مش قادر يا ليلى ، حاسس اني هاموت لو مشفتكيش كل يوم .

قالت ليلى برجاء : كِنان احنا في الشارع ، حد يشوفنا ، أنا مش ناقصه مشاكل الله يخليك .

قال كِنان : طب تعالي نعد فالكافيه اللي هناك ده ، أرجوكي أحنا لازم نتفق هنعمل ايه .

قالت ليلى : مفيش حاجه اسمها نعمل ، خلاص بابا مصر على رأيه

error: