رواية حب تحت الرمال

الفصل الخامس و العشرون

¤ و عُقِّدَ اللسان ُ عن الكلام ¤

————————–————————–—–

أكملت خبيرة التزيين صفا وضع الرتوش النهائيه على وجه فاتن ، لاكمال طلتها الليله ، حيث خطبتها على مالك ، و تمنت فاتن لو أن والدتها كانت بجوارها الآن ، و لكن الاخيره بعثت بصفا معتذره عن الحضور..

تنهدت موبخه نفسها ، كان عليها أن تتوقع تصرف والدتها ، فمنذ متى تعبأ لامرها ، و لكنها اليوم و على غير العاده قامت ببادره لطيفه ، حين اصرت أن تقوم صفا بتزيينها … حسنا ربما هذه طريقتها للاعتذار..

صفا : ايه رايك يا عروسه…؟

فاتن : تسلم ايدك و ذوقك ، انا مش انا …

قالت صديقتا فاتن والتي تعرفت عليهما اثناء الدراسه في الكليه ، رؤى و نادين : انا مش انا ، معرفتنيش ، انا توهت مني..

رقيه بضحك : انتو هتبتدوا الغنا من دلوقت ، استنوا و طلعوا مواهبكم فالحفله..

فاتن : لالالا ، مالك مش عايز هيصه و زيطه ، دي بس تلبيس دبل و الشبكه و شكرا على كده

رؤى : و ليه كده ، ده احنا كنا عايزين نظبطك الليلادي

فاتن : معلش بقى ، في الفرح ان شاء الله…

قالت ذلك و شعرت بالقشعريره تجتاح جسدها كله ، هل حقا ستتزوج بمالك ، كيف تسارعت الاحداث في حياتها بهذه الصوره ..و الأدهى أنها لم تخبر كِنان ..أما نوف فلم تستطع القدوم بسبب قرب ولادتها …

تمتمت لتطمئن نفسها : محدش هيجبرني على حاجه ، لو مرتحتش مش هاكمل فالخطوبه ..

رقيه : بتقولي حاجه يا فاتن ..؟

فاتن : ابدا ، بقول مالك زمانه على وصول..

و بالفعل ، حضر مالك بعد دقائق ، لايصال عروسه و مرافقاتها الى الشقه حيث سيقام حفل الخطوبه الصغير…

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

حضّرت ديما حقيبتها ، واستعدت للذهاب الى الصاله الرياضيه

دلفت راويه الى الغرفه و قالت : لسه مصممه تروحي البتاع ده ؟

ديما : ايوه يا ماما ، انتي مش شايفه شكلي عامل ازاي ، جسمي محتاج تظبيط من كل النواحي

راويه : و الله ما محتاجه حاجه ، انتي زي القمر اهو وعودك ملفوف ..

قاطعتها ديما : ملفوف ايه بس ، مش شايفه البلاوي اللي عندي ..

قالت ذلك مشيره على منحنيات جسدها امام المراه..

راويه بمزاح : و الله انتي عبيطه ، دي الحاجات اللي هتجبلك العرسان ، اسأليني انا ..ده الرجاله بتموت فالبلاوي اللي مش عجباكي دي

ديما بضحك : الله الله ، انت ليك فالشقاوه و انا معرفش ، رجاله ايه بقى و ازاي عرفتي بيحبوا ايه ، ها.. قول يا جميل سرك فبير…

راويه : يقطعك و يقطع دماغك السَّو دي

ضحكت ديما و قالت : طب عن اذنك بقى زمان الكابتن هيبتدي التمارين

شهقت راويه : انتي يا بنت مش قولتي هتجيلكم واحده تمرنك انتي و صحابك

ديما : ها .. اه فعلا مدربه .. يلا انا اتاخرت اوي

راويه : استني يا بت انتي..

ضربت راويه كفا بكف ، فلقد انطلقت ديما غير عابئه بتحذير والدتها

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

كان في الاستقبال والدي مالك واخواته و بضع من الضيوف ، ربما بعض المقربين لمالك ، بعد أن سلم الجميع على فاتن ، امسكت بيدها اسماء مع مالك ليجلسا في الكوشه البسيطه المعده في منتصف الصاله..

قالت نور الاخت الصغيره لمالك : و النبي يا فاتن ، خليه يسمحلنا نرقص شويه ، كده مش حفله ، ده جو عزا

قاطعتها اسماء : ياباي على فالك ، عزا ، قومي يا بت من هنا ..

انصرفت نور ، لتقول اسماء : دلوقتي يجي رامي و نلبّس الشبكه…

همست فاتن لمالك : مين رامي ده ..؟؟

مالك : ده ابن عمي ، محترف تصوير ، وهو هياخدلنا صور الخطوبه..

فاتن : اه .. و قد ادركت انها ستُخطب لشخص لا تعرف عنه سوى القليل من التفاصيل..

كان جو الحفله هادئا ، و شيئا فشيئا زاد الصخب مع حضور المزيد من الضيوف ، و قيام اخوات مالك و على خلاف رغبته بتشغيل الموسيقى و ما تبعها من رقص ومرح …

و بعد دقائق قام مالك بمراقصه فاتن بعد أن أذعن لطلب اخواته ، لتقول فاتن : انا مكنتش اعرف انك جد اوي كده ، بس باقي اهلك فرفوشين خالص

مالك و قد شعر بتأنيب الضمير : مش جد و لا حاجه ، بس اخواتي و انا عارفهم لو فضلت اطاوعهم مش هنخلص من ام الحفله دي…

تراجعت فاتن بعيدا عنه ، ثم قالت بخيبه : طيب خلينا نعد بقى و تلبسني الشبكه..

مالك بعد أن جلس بجوارها في الكوشه : اسف … مش قصدي.. انا بس مصدع حبتين..

فاتن بابتسامه : متقلقش ، احنا اتفقنا ان الحفله تكون بسيطه ..

أحضرت اسماء علبة الشبكه ليقوم مالك بتلبيسها لفاتن وسط زغاريد السيدات الحاضرات…

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

يُقال أن جسم الانسان عندما يتعرض لصدمه شديده، يدخل في حاله من اللاوعي ، مخدرا حواسه عن الشعور بما يتبع تلك الصدمه من ألم و وجع ،و هذا ما حدث ليحيى الناظر لصديقه المقرب يلبس خاتم خطوبته لحبه الاول ..فاتن…

قالت سلوى الواقفه بجواره : مش معقول ، دي ..دي..

لم يتنبه يحيى لحديثها ، فلقد شلته الصدمه عن الاحساس بالمحيطين به …

تعالت الزغاريد و الموسيقى ، ليتعالي صوت سلوى : يحيى ، انت كنت عارف ؟

شاهدها تُلبِسَه الخاتم بدورها ، و تتأني قليلا ، حتى يقوم المصور بالتقاط بضعا من الصور ، صوره تلو الاخرى ، حتى تم تلبيس الشبكه بكاملها …

حينها قامت بتعديل التاج المزين لحجابها ، لتتشابك نظراتهما في لقاء مفاجىء، تملكت الصدمه من عينيها …

لترمش مرارا و كأنها لا تصدق ما بَصُرته الآن ، ثم فغرت فاهها بعد أن تيقنت بأنه هو بعينه ، من احتل جدران قلبها طوال السنوات الماضيه ….
بقيت تحدق فيه لثوان او دقائق ، لا يعرف تحديدا ، لتعود بنظرها الى الجالس بجوارها ، وكأنها سألت عنه ..

نظر مالك باتجاهه ، و الابتسامه تعلو ثغره ، ثم عاد ليهمس شيئا في اذنها ..

لم يعرف كيف تملتكه تلك الرغبة القويه في تسديد اللكمات لصديق عمره ، ليُزيح تلك الابتسامه عن قسمات وجهه ، أراد أن يتقدم منهما ، و ينتزعها من جواره ، معيدا اياها الى مكانها الطبيعي بجانبه ، و تعالت ضربات قلبه مؤيده تلك الفكره و بشده ، و لكن تدارك عقله الحقيقه مرسلا اشارات التحذير ليُخمد صرخات قلبه…

حينها أفاق يحيى من شروده ، ليجد سلوى تقول بغضب : انا بكلمك ، مش ترد عليا ، كنت عارف و سبته يخطبها…!

يحيى بغضب مماثل : انت اتجننتي ، ما قولتلك مقليش اي تفاصيل ..

سلوى بعصبيه : و هنعمل ايه دلوقتي ؟

يحيى و الذي لم يفق بعد من الصدمه : زي الناس هنروح نسلم عليهم..

سلوى باستنكار : انت بتهزر ، مالك لازم يعرف حقيقتها ، زمانه مخدوع هو الاخر..

يحيى و قد جذبها من مرفقها ، بعيدا عن اعين مالك ليقول بغضب جم : مش وقته الكلام ده ، انتي هتعملي فضيحه للراجل ، اهدي شويه ، ده خطبها مش خلاص هيتجوزوا..

سلوى بامتعاض : اوعى تقولي لسه ناوي تعزمهم بعد الحفله..

يحيى بامتعاض :هو انا ناقص ، اسكتي

سلوى : اسكت ازاي….

يحيى بعنف : قولتلك مش ناقص ، اقفلى بؤك انتي فاهمه !

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

همس مالك في اذنها : ده يحيى و خطيبته ، اعز صديق عندي من ايام الدراسه ، ودلوقتي يبقى مدير الشركه اللي بشتغل فيها …

فاتن بذهول : انت بتتكلم جد ؟

مالك : ايه يعني الغريب في كده !

فاتن باضطراب : ها و لا حاجه ، بس ..

توقفت فاتن عن اكمال جملتها ، فلقد شاهدت يحيى يقترب باتجاههما و برفقته خطيبته..أرادت الهرب و الان ، متوجسه من ردة فعل يحيى ، و الذي بدت عليه الصدمه قبل قليل…

وقف مالك ليسلم على صديقه بحراره

مالك : ما لسه بدري، انتو اتاخرتوا كده ليه..!

يحيى بهدوء لا يعكس النار المشتعله في صدره : معلش الطريق كان زحمه ، و الف مبروك

لكز سلوى ، لتقول بجفاء : مبروك يا مالك ، مش هتعرفنا على خطيبتك..

مالك بابتسامه : طبعا.. فاتن ، دول اعز اصدقاء عندي يحيى و سلوى …

فاتن :………..

يحيى مصوبا نظره حانقه تجاهها : مبروك يا انسه فاتن..

فاتن بحرج : متشكره

حضرت اسماء ، قائله : يلا يا مالك قوم و ارقص مع خطيبتك ، الناس كلت وشنا من جو النكد اللي عامله ده

مالك و قد لاحظ نظرة سلوى المتفاجئه : نكد ايه ، انا بس مخلي الفرفرشه للاخر..يلا يا فاتن ..

نهضت فاتن تابعه مالك حيث كونت اخواته حلقه في منتصف الصاله ، ليقوما بالرقص وسطها..

بعد دقائق ترك مالك خطيبته بعد اصرار اخواته على اكمالها الرقص برفقتهن ، لينفرد به يحيى..

سأل يحيى : انت مش قولتيلي انك هتخطب جارتكم ؟

مالك : اه ، ما هي فاتن جارتنا

يحيى : هي نقلت عندكو جديد ؟

مالك : لا ده من يجي خمس سنين ، جت و قعدت مع قريبتها الست رقيه جارتنا ..

يحيى بحنق : يعني بئالك خمس سنين على علاقه بيها ..؟

قاطعه مالك : لا مش كده ، لو تقصد اني كنت بحبها و الكلام ده مش مزبوط ، يعني عادي كنا جيران ، وماما رشحتهالي من فتره اني اخطبها و قلبت الموضوع فدماغي و زي ما انت شايف خطبتها

يحيى بانفعال : يعني ايه قلبت الموضوع فدماغك !

مالك : يعني بصراحه كده …صمت و نظر باتجاه فاتن و التي ترقص برفقة اخواته …

ليقول : يعني حسبتها بعقلي ، و لئيتها مناسبه ليا من نواحي كتير ..

يحيى بأمل : بالعقل يعني ؟

مالك : بالظبط كده ، و ربنا يسهل و الحب و الموده تيجي ان شاء الله في الجواز

فرك يحيى عنقه ، مترددا ، فلا الزمان و لا المكان يسمحان باخبار الحقيقه لصديقه ، و لكن عن اي حقيقه سيخبره ، هل سيخبره بأنها الفتاه الوحيده التي ملكت قلبه ، هل سيخبره بأنه اقترن بحب عمر صديقه المقرب، أم يخبره بحقيقة أخلاقها ، و لكن اي حقيقه ، فلربما تابت توبه صحيحه ، هل سيقوم بفضح ما ستره الله…تنافرت الافكار في راسه …

مالك مخرجا يحيى من شروده : طب احنا هنخرج فين بعد الحفله ، يار يت يكون مكان عليه القيمه ، اصل انا حاسس اني غلطت فعمل الخطوبه عالضيق ، فاتن شكلها مدايقه اوي

يحيى : ها … اه اكيد مكان تحفه ، عيب اصلا تسأل السؤال ده..

انضمت سلوى لهم ، ليقول مالك : طب عن اذنكو ، هاحاول اخلص مالزيطه دي ، عشان نخرج سوا ، احسن الوقت اتاخر جدا

سلوى بحنق بعد انصراف مالك : احنا لسه هنخرج مع البتاعه دي ؟

يحيى بتأفف : سلوى بجد انا مش ناقص ، خلي الليلادي تعدي و بعدين هاشوف اتصرف ازاي..

سلوى بخيبه : لسه هتشوف ، ماشي ، بس خليك فاكر ده صاحب عمرك ، اللي فحياته ما قصر معاك ، و اللي مارتضهوش لنفسك ، يبقى مترضهوش له ..

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

قاد يحيى سيارته باتجاه المطعم الفاخر و الذي حجز به خصيصا ليحتفل الليله بخطوبه اعز اصدقائه ، و اي احتفال كان …

جلست بجواره سلوى ، اما مالك فجلس في المقعد الخلفي بجوار فاتن ، تطلع في المرآه الاماميه ناظرا الى فاتن ، والتي تنبأ ملامحها بصراع داخلي مرير .

سأل مالك بفضول : ها حجزتلنا فين .؟

قال يحيى : انا حجزت فريستورانت دونكيشوت

مالك : ده تحفه فعلا

سلوى بامتعاض : فعلا ، بس بيتهيألي فاتن مرحتش هناك قبل كده…

فاتن و قد اخرجها كلام سلوى من شرودها : اه فعلا ، مرحتش قبل كده

مالك : ان شاء الله هيعجبك..الاكل هناك خرافي…و الجو رومانسي جدا

ابتسمت فاتن .. وعادت لشرودها السابق ، و تمنت لو أن مالك انصت لاعتراضها على السهر برفقتهم و اراحها من عبئ تحمل رفقة يحيى و تلك السلوى ، فلم تنس يوما أن الاخيره كانت عاملا في فراقها عن يحيى و تشويه صورتها امامه ، و لكن كيف ارتبط بها ، أكان يكن لها المشاعر كما اعتقدت هي يوما…

تنهدت محتاره ، و غير قادره على توقع ما سيفعله يحيى ، هل سيخبر مالك …؟

قال مالك قاطعها افكارها : فاتن ، وصلنا خلاص ..هيه…..

فاتن بتلعثم : ايوه .. اها ..

مالك بضحك : لا ده انتي فدنيا تانيه …

ثم اضاف بعد ترجل يحيى و سلوى من السياره : متقلقيش .. دول هيحبوكي جدا

فاتن في نفسها : انتي هتقولي ، دول بيحبوني حب …

تبعت مالك و ترجلت من السياره ، ثم سارا جنبا الى جنب ، ليدلفا المطعم سويه ..

قالت سلوى بعد أن جلس الجميع على المائده : ها يا فاتن .. احكيلنا بقى ايه اللي شدك في مالك وخلاكي توافقي عليه ، انا فهمت ان خطوبتكم صالونات ، يعني مفيش حب…

مالك معترضا : فيه احترام و قبول و توافق من كل النواحي ، يبىقى الحب اكيد هيجي بعدين ..

سلوى : طب لو مجاش ، ساعتها الواحد يعمل ايه ، يقضي بقية عمره مع حد مش طايئه ..

هم مالك بالرد عليها ، ليحضر النادل مع قوائم الطعام ، ليقول يحيى بتنهيده : ها تحبو تاكلو ايه..؟

مالك : انا بقترح طبق الشيف السبيشل الليله ..

وافق الجميع على مقترح مالك ، لتعود سلوى بالقول : مالك مجاوبش على سؤالي ، جاوبيني انتي يا فاتن

فاتن و التي كانت متوتره من الموقف باسره : ها.. ..

سلوى بمعنى : لا ده انتي مش معانا خالص ، سرحانه بقى و لا قلقانه من حاجه ؟

مالك بمرح و ناظر لفاتن بحنان : يعني اكيد سرحانه فيا هههههه

فاتن و قد احمرت وجنتاها من تعليقه و نظراته : انا بس محتاجه اروح التواليت ، عن اذنكو..

مالك : طب انا هاجي اوريكي فين ..

فاتن : مفيش داعي ، انا هاعرف السكه لوحدي..

انصرفت فاتن مسرعه ، ليستغل يحيى الفرصه قائلا : طب معلش ثواني ، انا مضطر اعمل مكالمه مهمه .

سلوى بضيق : كمان الشغل ورانا هنا ..

يحيى : عن اذنكو ..

مالك بحنق : ايه انتي بتغيري عليه مالشغل كمان

سلوى بضيق : مش الفكره

ثم قالت بتلعثم : الحقيقه خطوبتك كانت مفاجأه كبيره لينا .. جت بسرعه كده.. و عمري ما تخيلت انك انت بالذات هتتجوز بطريقة الصالونات دي

مالك مبتسما : ما لها طريقة الصالونات ، على الاقل لو الموضوع اتفركش ميكنش الواحد علق قلبه عالفاضي ، وبالعشره الحب اكيد هيجي طالما الطرفين بيراعوا مشاعر بعض…

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

جلس تميم في صالون الفيلا مع عمه عبدالرحمن ، الذي سأل : ها هتمشي الليله يا تميم..؟

تميم : و الله كنت مخطط كده ، بس جد جديد و يمكن اعد كمان يومين

عبدالرحمن : خير ، حصل ايه

تميم مبتسما : ابدا ، اصلي ناوي اكمل نص ديني ..

ضحك عبدالرحمن و قال : على اساس انك مش كملته المرتين اللي فاتوا

تميم : و ماله ، الشرع بيقول مثني و ثلاث و رباع ..

عبدالرحمن : ومين سعيدة الحظ ، المرادي مالبلد برده ؟

تميم : ما هو ده اللي جبني هنا

عبدالرحمن : مش فاهم

تميم : اللي عايز اخطبها ، تبقى جارتكم في الشقه القديمه

عبدالرحمن مفكرا : مين يا بني .؟

قال تميم : بالصدفه شافها يحيى و قال انها كانت جيرانكم و اسمها فاتن ، عرفتها ياعمي ؟

عبدالرحمن بغضب : قُطعت سيرتها ، هي و امها

تميم بدهشه : ليه يا عمي ، فهمني الله لا يسيئك

عبدالرحمن : دي بنت مشيها اعوذو بالله .. ابعد عنها يا بن اخوي ، ابعد عنها

تميم بابتسامه : طب كويس

عبدالرحمن : هو ايه اللي كويس ، يعني ان شاء الله صرفت نظر

تميم بتلعثم : اكيد يا عمي اكيد

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

أغلقت خديجه الهاتف مع راويه ، والقلق يُزين ملامحها ، ليقول لؤي الجالس بجوارها : ايه خير يا ماما ؟

خديجه : راويه قلقانه اوي على ديما..

لؤي بلهفه : مالها ديما؟

خديجه : اصلها بتقولي انها سجلت جديد فالجيم ، و قالت ساعه و هترجع البيت و دلوقت بقالها يجي ساعتين لا رجعت و لا حتى بترد على تليفونها

لؤي : معقول ، دي الساعه قربت على عشره ، جيم ايه اللي فالوقت ده ؟

خديجه : انا عارفه يا بني

لؤي : طب معرفتيش العنوان و لا اسمه ايه ؟

خديجه : لا ، ليه ؟

لؤي باستعجال : طب كلمي خالتي و اعرفي منها ، و انا هاحضر العربيه و اروح اشوف ايه الحكايه

خديجه : طيب طيب ، هاكلمها حالا…

في غضون نصف ساعه ، وصل لؤي حيث يتواجد الجيم الذي اشتركت به ديما ، صعد الى الطابق الثاني ، ليدلف مباشره الى الصاله الرياضيه ..

جال بنظره بين الحضور الملىء بالشباب والفتيات اللاتي يعتلين أجهزه العدو الكهربائيه ، ليقع نظره على ديما في منتصف الخط ، تقدم منها مسرعا ، ليفاجأ بيد أحدهم على كتفه توقفه عن التقدم : على فين يا حضرة..

استدار لؤي قائلا : و انت مال اهلك..؟

الرجل بهدوء : لو حابب تشترك هنا ، يبقى تملا طلب الاول ، و بالنسبه لمال اهلي ، فهو فعلا مال اهلي ، لان الجيم ده بتاعي…

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

فوجئت ديما بحضور لؤي ، استغرقها الامر عدة ثوان لتتخلص من صدمتها ، و التوجه حيث يقف مجادلا للمدرب وائل..

هتفت ديما : لؤي ، انت ايه اللي جابك هنا..؟

لؤي بسخريته المعتاده : خالتي !

ديما : انا بتكلم جد ، انت بتعمل ايه هنا ؟

لؤي : ما قولتلك خالتي ، كانت قلقانه عليكي ، اصلك اتاخرتي و كمان مش بتردي على تليفونك

تدخل وائل قائلا : مزبوط ، اصل انا مانع حد يرد على مكالمات اثناء التمرين..

لؤي : بعد اذنك بكلم مع بنت خالتي ..ها

وائل : يبقى تتفضلوا على جنب ، عشان اعرف اركز مع باقي المشتركين

ديما : اديك اطمنت ، يلا بقى عايزه اكمل التمرين ، خود جنب

لؤي : تكملي ايه … اتفضلي دلوقت حالا اروحك..

ديما بتافف : قولتلك لسه التمرين مخلصش..هاكمله و نروح ، استبينا يا نجم ؟

لؤي : لا طبعا ، و الجيم ده مش هتدخليه تاني مفهوم..

ديما بتهكم : لا و الله ، و اصله ايه ده ؟

لؤي بحنق : عشان ميصحش يا انسه يا متربيه

ديما : هو ايه اللي ميصحش .؟

لؤي بغيظ : كلامنا مش هنا ؟ اتفضلي اودامي

نظرت ديما له باستخفاف ، ثم اتجهت الى اله السير خاصتها ، و عادت للتمرين ..

لم يتحمل لؤي المنظر ، حيث التصقت الملابس الرياضيه بجسد ديما ، هذا عدا حركتها..

لؤي متمتما : و حاجات طالعه و حاجات نازله كمان ، و اللي ما يشتري يتفرج…

تقدم ممسكا بمرفقها و جارا لها خارج الصاله وسط اعتراضها و ابتسامات الحاضرين و فضولهم الشديد ، عدا وائل الذي خرج قائلا : انسه ديما ، تحبي اندهله السيكوريتي ؟

ديما بحرج : مفيش داعي..

عاد وائل في الداخل تاركا الباب الزجاجي مفتوحا قليلا و ذلك خوفا من حدوث مشكله من القادم المتهور

لتقول ديما : هو انت كل شويه تنطلي زي العفريت فكل حاجه ، مش كفايه طيرتلي العريس المره اللي فاتت..

لؤي : طيرته ، و لا بينته على حقيقته ، ده كان عايز اي عروسه و السلام

ديما : بالعكس بقى انا حسيته عايزني لشخصي بدليل انه فاتحني فالموضوع قبل يحيى

لؤي بتهكم : عيزك لشخصك … مزبوط فعلا ، بدليل انه خطوبته الليله

ديما : انت بتتكلم جد ؟

لؤي : ايوه ، عامل خطوبه عالضيق و العروسه باين جارتهم حاجه كده

ثم اضاف بعد ان لاحظ الاحمرار يغزو وجنتي ديما : ال عايزني لشخصي ، يا كسفتك يا حازم يا حازم !

ابتسمت ديما لدعابته وقالت : مبسوط اوي حضرتك..

لؤي بتنهيده : طبعا ، اصل لو الواد ده بيحبك كانت هتبقى مشكلة المشاكل يعني بحكم انه صاحب يحيى و انا لازم بقى اتصرف معاه بشكل كويس و كده

ديما : يا سلام ، وايه اللي يمنع تتصرف معاه كويس لو اتخطبنا ؟

لؤي : هتعمليلي عبيطه بقى ، خلاص يا ديما ، احنا كبرنا عالعند ده !

ديما : انت بتتكلم عن ايه ، مش فاهمه ، ابسلوتلي مش فاهمه

لؤي : مش فاهمه اني بحبك ،و بقالي كتير مستني ترجعي ديما اللي على طول بتصدقني و بتؤمن فيا ، اللي لو كل الناس قالت لؤي مش ممكن يعمل ..مش ممكن ينجح ، ترد عليهم و تقول ده هو الوحيد اللي يقدر..

ديما بحسره : اه و ديما دي خدت منك ايه الا التريئه و قلة القيمه، اسمع ده كان لعب عيال بتاع زمان ده

لؤي : فعلا ، كان لازم وقتها افهم انك لسه طفله ، وماخدش رد فعل عنيف زي اللي عملته ، بس انتي متعرفيش كنتي بالنسبالي ايه ، كنتي الوحيده فيهم اللي واقفه فصفي ، ومش هامك رايهم فيا ، ولا شايفاني بنظرتهم ، كنت شايفه لؤي الناجح الطموح مش اللي هما شايفينه ، كنتي فنظري كبيره اوي ، وفاهمه اوي ، متخيلتش ان ده بس جزء منك ، و مكنتش شايف غيره كنت بشوف ديما الناضجه و نسيت انها لسه عيله ، و لو كان جزء جواها كبر و نضج فمش معني ده ان باقي تصرفاتها هتكون بالعقل وا لنضوج نفسه ..

ابتسم لؤي و تابع : بس دلوقتي فهمت ، انتي كبرتي الجزء ده جواكي و اشتغلت عليه عشاني ، عشان احس ان ليا ضهر و في حد مؤمن بيا ، سبقتي سنك عشان تديني امل وثقه يا ديما..انا لولاكي مكنتش بقيت فالمطرح اللي انا فيه انهارده…

ديما بتأثر : طب بس بس ، انا شويه و اعيط

لؤي بابتسامه : بس ايه ، ده لسه التقيل جاي

تنحنح ثم قال : بما انك كنتي هتفكري فالواد مالك ، و يعني مش رافضه مبدا الجواز اثناء الدراسه وكلام البنات الفكسان ده ، يبقى انا اولى مالغريب ، تقبلي تتجوزيني يا ديما ؟؟

ديما بدهشه : ها ..

جثا لؤي على ركبتيه امامها و قال مؤكدا : بحبك و عايز اتجوزك..

ديما : انت بتهرج ، صح !

كان قلب ديما يرقص فرحا … عندما تغيرت ملامح لؤي ليقول بصدمه : يا نهار اسود…..!

ديما باستنكار : نهار اسود انك طلبتني للجواز، فعلا.. انا كنت حاسه بردو انها حركه ناقصه من بتوعك

لؤي : وافقي الله يكرمك و متكسفيش العبد لله ، ده امه لا اله الا الله على يمينك بتصور بموبايلاتها و فضحتي هتملا المواقع الاجتماعيه …

نظرت ديما بسرعه الى يمينها ، لتجد رواد الجيم مصطفين خلف الباب الزجاجي ، تعلو ثغرهم الابتسامات ، و تزين ايديهم هواتفهم النقاله بكاميراتها المضاءه

ديما و هي تنتقل بنظرها بين لؤي و المشاهدين من خلف الباب الزجاجي قائله بهذيان : يا نهار ابيض ، كده فضحتنا ادام الناس..

لؤي : حرام عليكي ، وافقي الاول ونبقى نتخانق فالبيت

ديما بتردد : مش عارفه ، انا محتاجه افكر الاول..

لؤي : طب يرضيكي اتفضح كده ، انتي معندكيش اخوات صبيان

ديما مدعيه الجديه : لا معنديش فعلا ……….

ابتلع لؤي ريقه مفكرا في كلماته القادمه ليُحثها على الموافقه

لتتعالي صيحات رواد الجيم : وافقي..وافقي. ….وافقي…

ابتسم لؤي ، ناظرا لها بأمل ، لتقول ديما بهمس : هوافق بس عشان خاطر الجمهور ..ها

لؤي: ها… قولتي ايه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ديما بابتسامه : امري لله ، موافقه

صفق رواد الجيم بحراره ، ليقول لؤي : متشكرين يا جماعه ، نُردهالكم فالافراح بقى

ديما : انت لسه هتعد ترغي ، يلا بينا نروح ، انا عمري رجلي ما هاتعبت الجيم ده تاني

لؤي بابتسامه : ما قولنا مالاول … ناس مش بتيجي الا….

ديما محذره : نعم !

لؤي : نعم يا روحي نعم ..

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

أمسكت فاتن بمقبض باب الحمام ، ثم أسندت رأسها عليه ، محاولة استجماع شجاعتها في هذا الموقف الذي لم تتوقع حدوثه قط ..
و تمتمت : لولا داده رقيه ، مكنتش وافقت عالخطوبه دي اصلا ، ومكنتش عرضت نفسي للناس دي من تاني ، بس هاعمل ايه دلوقت…؟

عزمت فاتن على الخروج و محاولة التصرف بطبيعتها ، فعلى ما يبدو أن يحيى و تلك السلوى اختارا ان يمثلا على مالك عدم معرفتهما بها ، ربما على الاقل لهذه الليله ..

حركت المقبض و فتحت الباب ، لتضطرب متراجعه الى الخلف..

قال يحيى المتكأ على الحائط المقابل : ايه شفتي عفريت .!

فاتن : لو سمحت ، انا اعصابي تعبانه ومش حمل تريقه..

قاطعها يحيى قائلا بقسوه : اسمعي ، عشان مالك زمانه هيستعوقنا ، مالاخر كده خطوبتك دي لازم تتفسخ ، معاكي لبكره ، اتحججي باي حاجه ، انتي فاهمه !

تنهدت فاتن و قالت بسخريه : و ده من ايه حضرتك ، هو مالك لحق يشتيكلك مني ، مظنش !

يحيى بمعنى : فاتن ، بلاش اللهجه دي معايا ، بس انتي و مالك ..مينفعش ، وصلت المعلومه…؟

فاتن بحنق : بالعكس ينفع و ينفع جدا كمان …

يحيى بعصبيه : بلاش تعندي يا فاتن ، لو مش عشان اللي عارفه عنك ، يبقى عشان انا مش عايز اخون صاحبي

ثم اضاف بتصميم : انا مش هاديكي الفرصه دي..

فاتن بهدوء : لو على الكلام القديم ، لنفرض لنفرض انه صحيح ، مش معقول جدا اني اتغيرت و تُبت ، ها ..هتفضح اللي ربنا ستره يا يحيى ، ده ربنا غفور رحيم ، هيبقى ضميرك مرتاح ساعتها ، مظنش ان يحيى اللي اعرفه ممكن يكون بالدناءه دي …

يحيى بسخريه : برافووو، اثرتي فيا جامد ، بس على جثتي لو الخطوبه دي كملت كمان يومين ..

فاتن بغضب : لا هتكمل ، ووريني هتقول لصاحبك ازاي ، مش يمكن ميصدقكش ، انت ليه واثق اوي كده

قاطعها يحيى بغضب : انا قلتلك مش هاسمحلك تخليني اخون صاحبي ، انا مش هاقف اتفرج عليه و هو بيتجوز البنت اللي كنت ماشي معاها ..

فاتن و قد المها وصفه لعلاقتهم ، لذا قالت ببرود : انت محسسني بجد اني كنت عامله بلاوي سوده معاك ، ده معرفتنا كلها متعدتش كام شهر…

يحيى ببرود مماثل : و طب و دلوقتي ، انتي عارفه علاقتنا عامله ازاي ؟

فاتن : علاقة ايه ، ده فاللي خمس سنين اللي فاتوا مشفتكش غير مرتين تخاطيف..

قاطعها يحيى بنبره تهكم : ده في الواقع… طب و الاحلام ..ها قوليلي بقى ازاي اخرجك منها..؟

فاتن بحده : اسمع ، انا مش مضطره اقف و اقولك اي حاجه…

قاطعها مجددا : انتي عارفه حلمت بايه الليله … حلمتك بيكي نايمه فحضني…

شهقت فاتن … ليقول يحيى : ها مش كده ببقى بخونه باحلامي ، تحبي اكملك باقي الحلم ، كنا انا و انتي ب…

لم يكمل يحيى جملته ، فلقد صفعته فاتن و بشده …

زمجر يحيى ساخطا ، اراد ان ينفث عن غضبه منها ومن كل ما يُحيط بهما ، اراد ان يرد لها الصفعه ، و لكنه تراجع ، فليس من شيمه ضرب النساء ، لم يع بنفسه سوى ممسكا بيدها و جاذبا خاتم الخطوبه من اصبعها..

و في خضم صدمتها من تصرفه ، ألقى بالخاتم ارضا ثم قال بعنف : قولتلك بلاش عِند يا فاتن…

وقفت فاتن مُثْقَله بكل أحداث الليله ، تنظر له بأعين مصدومه ، هزت راسها محاولة السيطره على مشاعرها ، و لكن لم تستطع فاجهشت ببكاء مرير ، و تعالت شهقاتها…

” يحيى ….فاتن بتعيط ليه ؟؟؟؟ ”

كان ذلك صوت مالك المتسنكر بشده للمشهد امامه …

نظر يحيى لوجه صديقه الغاضب ، و عُقِّدَ لسانه عن الكلام….

يتبع

error: