رواية حب تحت الرمال

الفصل الخامس و الثلاثون
و الاخير

¤ حب فوق الرمال ¤

الجزء الثاني

————————–————————

يقولون ان الزمن يشفي الجراح ، و لكن جرحها ليحيى لم يبرأ بعد ، فلقد مضت ثمانية اسابيع منذ وفاة انجي ، و منذ تلك الليله المشئومه حينما سمحت لنفسها بالانهيار و ترك العنان للبركان الغاضب بداخلها أن ينفجر ، نعم لقد استراحت ، و لكن في المقابل آذت مشاعره ، لقد جرحته بكل معنى الكلمه …

خرج يحيى من غرفة الملابس ، و توجه ناحية المرآه ليعقد ربطة عنقه ..

نهضت فاتن من على الفراش : استنى انا هاعملها

ابتسم يحيى مداعبا : تااااني

فلقد حاولت فاتن مرات عده ان تتقن عقد ربطة العنق و لكنها تفشل كل مره

مطت فاتن شفتيها و قالت : ما انت مش بتعلمني صح

يحيى بعد تفكير : طب اقولك ، انا هالبسهالك و بصى فالمرايه و احفظي الطريقه

اومأت فاتن ، ليقوم يحيى بوضع الكرافت حول عنقها ، ثم قال : الاول بتخلي حته اطول مالتانيه زي كده

ثم تابع : و بعدين بناخد الاطول و بنلفها و بنطلعها من الدايره هنا

ابتسم يحيى ، عندما راى نظرات فاتن الشديده التركيز في المراه ، ليتابع : و بعدين يا ستي بندخلها في العقده هنا ….

ثم قال بجديه : بعدين مش مفروض يحصل كده

فاتن باهتمام : يحصل ايه ؟

يحيى مقبلا وجنتها بخفه : ان خدودي تحمر كده ، ده انا هابقى فرولايه اما اوصل المكتب

ابتسمت فاتن بخجل ثم تلاقت نظراتهما في المرآه ليكمل : و بعدين بنسحبها لتحت جامد…

سحب يحيى الربطه ، ثم ترك يده لثوان على صدرها قائلا : و كمان قلبنا مش مفروض يدق بسرعه كده

ابتسمت فاتن بارتباك ، ليسأل يحيى بشجن : بيدق عشان خايف…؟

وضعت يدها فوق كفه قائله بحرج : بيدق عشان بيحب

” مين بيدق.. انا مش سمعت جرس ”

استدار الاثنان ليجدا يامن خلفهما و علامات الاستفهام تملأ عينيه الفضوليتين

تمتم يحيى : فصيل اوي الواد ده

ضحكت فاتن و قالت : يلا يا بطل عشان ناخد حمام و ننزل نفطر مع تيته

سبقها يامن الى الحمام ، لتقول متذكره : يحيى متتاخرش انهارده نوف جايه مع تركي و الولاد عشان هيتغدوا معانا

فلقد حضرت نوف الى مصر لتقضيه اجازه قصيره برفقة زوجها و ابنائهم الصغار

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

دخل لؤي الى المطبخ و هو يصفر : الله … ايه الريحه التحفه دي ؟

ديما : كبسه

لؤي : اوبا .. انا من زمان كان نفسي ادوقها

ديما : اه ، خالتو قالتلي اعمل اكله خليجي عشان العزومه بتاع اخت فاتن و جوزها ، دورت عالنت و لقيت الكبسه طريقتها سهله اوي

لؤي: طيب هناكلها ازاي دي ؟؟؟

ديما : يا سلام صعبه اوي دي …

اغترفت ديما قليلا في الملعقه ، ثم وضعتها في فمها : كدهون ..مش افتكاسه يعني

لؤي بخبث : تؤتؤ ، كده غلط

ديما بعدم فهم : هو ايه اللي غلط !

لؤي بابتسامه عريضه :مش بتتاكل كده

رفعت ديما حاجبيها و قالت : امال ازاي يا حيلتها

لؤي :اغرفيلي و انا هاعلمك بتتاكل ازاي يا اوزتي ….

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

اندمج يامن باللعب مع اميره الابنه الكبرى لنوف ، و التي تقاربه في العمر ، اما ابنها الاصغر ، فوضعته نائما في غرفة فاتن ، لتجلسا سويا على حافة السرير …

قالت نوف : ها طمنيني عليكي ، ان شاء الله كل حاجه تمام دلوقتي ما بينكم..

اومات فاتن : الحمد لله ، بس حاسه ان يحيى لسه واخد على خاطره مني …

نوف : ازاي يعني …

تنهدت فاتن و فركت يديها بحرج ، لتقول نوف : الله ده الموضوع كبير بقى…

فاتن : مش عارفه ، هو احنا كويسين و مفيش مشاكل ، بس اصل يعني احنا زي ما احنا..

ابتسمت نوف : ايه احنا زي ما احنا دي ..اغنيه جديده…

فاتن بتكشيره : انتي هتتريقي

نوف بعد تفكير : ليكون قصدك … يادي النيله..

صمتت فاتن ، لتقول نوف : يعني انتو لسه برذر اند سيستر ..

اومات فاتن ، لتقول نوف مداعبه : ايييه الله يرحمك يا انجي يا بنت ام انجي ، فينك تشوفي بنتك البيور دي

فاتن : يوووه بطلي تريقه

نوف : زمانتها بتتقلب فتربتها على وكستها فيكي ، بس خلينا نتكلم جد ، بصي انا عايزاكي تبحثي عن شقك الضائع …

فاتن بامتعاض : شق ايه يا ختي …!

نوف مداعبه : شقك اللي اكيد ورثتيه من الله يرحمها ، اقصد طريقتها مع الرجاله و ازاي كانت تقدر تضحك على دقن التخين فيهم ، و ده جوزك حلالك يبقى نشغل الشق الضائع ده بما يرضي الله…

نهضت فاتن : يووه الحق عليا اللي حكتلك اصلا..

امسكتها نوف من ذراعها قائله : اقعدي يا عبيطه ، ده انتي شكلك محتاجه اعاده برمجه …

و بعد حديث طويل مع نوف ..قالت فاتن بحرج : بس انا مقدرش اعمل كده …

نوف : طب خليكي هبله ، لغاية اما تلف عليه واحده من اياهم ..

فاتن : يحيى مش مالنوع ده و ملوش فقلة الادب

نوف : يا بنتي كلهم بيموتوا فقلة الادب و بعدين انتي جرحتيه فنقطه صعبه اوي و الظاهر انك مش قادره توصليله انك مكنتيش تقصدي ، عشان كده كرامته مش سمحاله انه يقرب منك زي اي زوجين ..اسمعي كلامي و ان شاء الله خير …

اومات فاتن : هاحاول …

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

انهمك الجميع في تناول الطعام و تبادل الاحاديث العامه ، ليقول تركي هامسا لنوف : شوفي ابن خوك وش يسوي …كل شوي يبوس البنت ..

نظرت نوف الى الطرف الاقصى من المائده حيث يجلس يامن بجوار ابنتها اميره : الله ، عسل اوي

تركي بحنق : شنو اللي عسل ، البنت مفروض تعرف ان ما لازم حد يبوسها …

نوف بتافف : طب شنو اعمل ، يعني اقوم اضربه …

لاحظ يحيى نظرات تركي الغاضبه تجاه يامن و ابنته اميره ، ليقول يحيى : يامن ، كفايه لعب و كول كويس …

يامن : انا باكل كويس ..كويس اوي

سالت فاتن : ماله يامن …؟

همس لها يحيى : تركي مدايق عشان كل شويه بيبوس بنته

ضحكت فاتن و قالت بعد ان رات يامن مستمرا في تقبيل اميره : احنا مش قولنا وقت الاكل ..نحترم الموجودين و و مش نلعب و ناكل بطريقه كويسه

يامن بصوت لفت انتباه الجميع : دي الطريقه الكويسه…كويسه خالص

ليصوب الجميع نظراته تجاه يامن و اميره التي اطعمها يامن لتوه ملعقه من الرز ثم قام بتقبيلها ليعود و يكرر الامر مرات عده

تركي غاضبا : اميره ، تعالي هنا حدي و بعدي عنه هاي طريقه زفت ، ال كويسه ال

صاح يامن ببكاء : مش تاخد صاحبتي

لتقول نوف : كده خليته يعيط ، بتحط عقلك بعقل ولد صغير..

توقف الجميع عن تناول الطعام ، اما يامن فاسرع للجلوس بجانب فاتن مدافعا : دي طريقه كويسه ، خالو لؤي كان بيعمل كده مع ابله ديما فالمطبخ

تشردقت ديما في طعامها ، اما لؤي فصوب نظره حانقه ليامن متمتما : انت مبتسترش ابدا

اما باقي الجالسين فحاولوا كتم ضحكاتهم ، عدا والد ديما .. مؤيد.. الذي قال بغيظ : انا موافق على طلبك يا لؤي..

لؤي بريبه : انا وا لله ما طالب غير رضاك عني يا عمي ..

مؤيد كاتما غيظه : طلبك اننا نقدم معاد الفرح …

هتف لؤي : ايوه بقى …اقصد انا متشكر اوي يا عمي ، متشكر اوي

همست راويه لزوجها : بس يعني لسه مفتش سنه على ليلى و ..

قاطعها مؤيد : انتي عايزاني استنى لغاية العزومه الجايه و الاقي يامن بيقولنا شافهم مبلبصين مع بعض…

شهقت راويه بضحك : يقطعك ضحكتني ..

مؤيد : بتضحكي يا ختي و سايباني اغلي …يا عم ما هو ابن اختك!

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

بعد انتهائهم من تناول الطعام جلس الجميع لتبادل اطراف الحديث في جلسه مرتبه في حديقة الفيلا …

همس يامن لاميره : تحبي اخوفك …

اميره : ما بخاف انا

ضحك يامن ، لتقول اميره بغيظ : ليش تضحك

يامن : عشان بتتكلمي مش زينا، بس حلو كلام حلو..

اميره بفضول : طب شلون تخوفني ؟

يامن : تعالي تعالي مش هنا

تبعته اميره ليدلفا الى الفيلا ، ثم الى احدى الغرف و التي تتميز بشرفه كبيره …

كان الباب مفتوحا ، ليقول يامن : صاحي …

اميره : مين ؟

يامن : جدو

دلفا سويه ، ليجداه جالسا في الشرفه ، لتهمس اميره : ايي يخوف جدو

استدار عبدالرحمن بكرسيه المتحرك ، ليدلف سريعا داخل الغرفه و يرتعب كلا من يامن و اميره

يامن لاميره : اجري اجري…

عبدالرحمن هامسا : استنوا يا ولاد..

تسمر يامن و اميره في مكانهما مرعوبين ، ليحرك عبدالرحمن كرسيه في اتجاه المكتب مخرجا من الدرج العلوي بعض الحلوي قائلا : خودوا دول عشانكم

نظر يامن لاميره ، ثم قام باخذ الحلوى من جده ، معطيا اميره حصتها …

قالت خديجه من على الباب : انتي هنا يا اميره ، ده اهلك هيمشوا ..

خرجت اميره تعدو من الغرفه ، لتقول خديجه : و انت يا يامن يلا عشان متزعجش جدو ..

يامن : انت عايزني امشي يا جدو ..

خديجه : يا حبيبي جدو مش بيتكلم

رفع يامن كتفيه و قال : اتكلم قبل شويه .. ثم خرج ليودع صديقته الجديده

سالت خديجه بتردد : كلامه صح يا حاج ، انت بتتكلم ؟

نظر لها نظره طويله ثم قال : ايوه ايوه يا خديجه

شهقت خديجه ثم قالت بعتاب : كده يا حاج ، و ساكت كل المده دي

عبدالرحمن : ايوه ساكت و هفضل ساكت ، عشان اللي زيي ميستحقش انه حتى يتكلم ،و كفايه اللي جرالكم من كلامي ، كفايه و ياريت متجبيش سيره لحد لاني مش هاتكلم مش هاتكلم

ترقرقت الدموع في عيني خديجه حزينه على حال زوجها ، فهو من اوصل نفسه لهذا الوضع عازلا نفسه عن الجميع ، ربما لتيقنه من انه لو تحدث ستفتح عليه جبهه من اللوم الموجه من ابنائه ….

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

بعد أن رقد يامن في فراشه ، حاولت فاتن ان تطبق بضع من نصائح نوف ، و ان تتحلى ببعض الجراه …
و عندما توجه يحيى الى غرفة الملابس تبعته و في الداخل ..قال يحيى : طب انا هاستنى فالاوضه ، خودي راحتك…

قالت فاتن بسرعه : انا مش عارفه مالي …

يحيى بقلق : مالك ، عيانه ، في حاجه بتوجعك !

فاتن : لالا ، اقصد مش عارفه مالي زهقت من الهدوم اللي عندي و مش عارفه انقي البس ايه…

يحيى بضيق : هو انتي ناويه تخرجي السعادي …

مطت فاتن شفتيها ، فيبدو ان اسلوبها فعلا بحاجه لاعاده برمجه كما قالت نوف ، فا هو لم يفهم تلميحها بل اثارت حنقه منها …

فاتن بتردد : لا اخرج ايه …انا اقصد …

يحيى :تقصدي ايه ، لو حابه من بكره نخرج و اشتريلك هدوم جديده و كل اللي نفسك فيه ..

فاتن بابتسامه :انا نفسي فحاجه واحده بس …

يحيى مشجعا : من بكره تكون عندك ، بس قوليلي ايه هي .؟

فاتن مداعبه : يعني مينفعش الليله تكون عندي …

ضحك يحيى : مالليله تكون عندك ، بس اعرف الاول نفسك فايه …

اقتربت فاتن منه : نفسي تصدقني …

يحيى مازحا : اصدقك ، يا بنتي انا خلاص حرمت اكدبك فاي حاجه ، كفاية اخر مره كدبتك فيها عشت فعذاب خمس سنين بحالهم…

فاتن بعتاب : امال ليه مش مصدق انك الراجل الوحيد اللي ممكن احس معاه بالامان ..

قاطعها يحيى : فاتن ارجوكي ، انا مقدر الحاله النفسيه اللي انتي فيها ، اللي مريتي بيه كتير اوي ، و مش عايز استغلك و استغل الحاله الهشه اللي انتي فيها و افرض نفسي عليكي ،لازم تكوني متاكده ، لاني مقبلش ابدا اظلمك و تكملي معايا و انتي مش مقتنعه مليون فالميه فيا كراجل يقدر على الاقل يكون امانك و سندك
فاتن : طب اعمل ايه بس عشان تقتنع..

يحيى مداعبا : اممم هافكر و ابقى اقولك … و يلا عالسرير عشان تنامي زي البنات الحلوين

ازعجتها لامبالاته ، فقالت بعناد : لا مش هنام و هتقولي دلوقت حالا

عبث يحيى بشعره مفكرا كيف يتهرب من هذه المواجهه ، لعلمه بانها ما زالت في حالة من الصدمه بعد ما اقترفته والدتها بحقها ، حتى و ان مر بعض الوقت ، ما فعلته انجي ليس بالهين ، كما انه يعلم انها بحاجه للمواساه ، بحاجه لاخ ..صديق ..شخص تعتمد عليه و لربما كان هو خيارها الوحيد ، اذن حتى الان هي معه بدافع الحاجه و ليس لانها تراه الرجل المناسب في نظرها …

و اكثر ما يخشاه يحيى الان …ان يتسرع مره اخرى و يزيد الطين بله …و لربما لن يصمد حبهما امام العاصفه القادمه ، عليه ان يعيد بناء الثقه في قلبها من جديد ، و ان يحصن قلبيهما بسد منيع ..حتى لا يطمر الحب مره اخرى و يندثر تحت الرمال …و لهذا يحتاج وقتا اكبر ..

لذا قال يحيى بخبث محاولا جعلها تتراجع : طيب ، انتي يعني بجد بجد ممكن تعملي اي حاجه عشان اقتنع

فاتن بلهفه : ايوه طبعا …

يحيى : امممم طب ثوان بس

سار يحيى ليقف امام القسم المخصص لملابسها ..ليعبث به و كانه يحاول انتقاء شيئا ما …

شاهدته فاتن يسحب بيبي دول ذو لون احمر داكن …و يقول : هو ده …

ثم امسك به بكلتا يديه ، عارضا اياه امامها : ممكن تلبسيه الليله …عشاني

تمتمت فاتن : البس ايه ، هو في حاجه تتلبس اصلا …

فتصميم البيبي دول يمتاز بالشفافيه و مخصص لان يظهر مفاتن الجسم بشكل صارخ

ابتسم يحيى حين رؤيته التفكير العميق و الخجل الشديد على قسمات وجهها الملائكي ، ليقول متصنعا الخيبه : خلاص معلش ، انا قلت برده انك لسه محتاجه وقت عشان تتاكدي اني الراجل…

قاطعته فاتن : اخرج بره ..

يحيى : نعم ؟

فاتن و هي تفرك يديها بحرج ، و متذكره نصائح نوف : هالبسه اهو ، بس اخرج الاول …

خرج يحيى مفكرا : مش هتلبسه …ده اكيد…

ليصفر مذهولا بعد دقائق ، فلقد راى من خلال المراه بانها فعلا قامت بارتدائه ..شاهدها متردده تتقدم خطوه و تتراجع خطوات ، و يبدو انها لم تلحظ مراقبته لها …

تركها تتصارع مع خجلها لعدة ثوان اخرى ، ثم لم يستطع ان يكبح نفسه ، نهض من على السرير ، لتتراجع هي فورا الى غرفة الملابس ، ابتسم فيبدو انه خطته اتت بالنتيجه التي كان يتوقعها و لكن ما لم يتوقعه هو عدم قدرته الان على الالتزام بها … فليذهب التأني الى الجحيم ..او اي مكان آخر … لا يهم … المهم الان هو ان يخمد بركان المشاعر الذي اشتعل في جسده بفعل محبوبته ، لقد الجم تلك المشاعر و حجمها طوال سنوات خلت ..و لكن ليس بعد ..الان سيطلق لها العنان

تبعها الى غرفة الملابس ، و قد قطع على نفسه عهدا ، بان لا يخذلها في المستقبل مهما كلفه الامر ، لن يعيد اخطاء الماضي ، لقد تعلم الدرس جيدا ، و كم كان درسا قاسيا …

كانت تعبر الغرفه حينما جذبها من مرفقها قائلا : انتي غيرتي رايك ..

شهقت فاتن بخضه : اااا … لا بس …اخرج بره..

يحيى مبتسما : ليه ، انتي هتعملي ايه جوه ؟

فاتن مطاطاه راسها بحرج : مش هاعمل حاجه ، خمسه و جايه ..

قال يحيى بخبث : انا قلت انك لسه محتاجه وقت عشان تتاكدي…

قاطعته فاتن : لااااا ارجوك

يحيى : طب اثبتي ..

فاتن بامتعاض : ما انا لبست البتاع ده اهو …

يحيى : مش عارف ، حاسس انك متردده ..

فاتن : لا و ربنا …انا متاكده …

يحيى : طب خودي لفه وريني شكله ايه البتاع ده ..

كشرت فاتن ، ليقول يحيى : خلاص انا قلت…

اسرعت فاتن لتنفيذ ما طلبه ، ليستغل الوضع قائلا : طب عشان اصدق بجد، ممكن تنزلي الحماله اليمين دي لت…

قاطعته فاتن بحنق شديد : عنك ما صدقت …ثم اسرعت تبحث عن شيء ترتديه فوق البيبي دول …

ليسرع يحيى و ينحني واضعا ذراعه حول خصرها ، ليحملها قائلا و هو يكتم ضحكاته : خلاص صدقت و بصمت بالعشره ..

اخفت فاتن وجهها في عنقه ، ليقول يحيى مداعبا : شكلي هاتعض علي اللي عملته

ضحكت فاتن برقه : تستاهل ، بس لو مكنش شكلي هيبقى وحش بكره كنت عملتها ….

ضحك يحيى و سار بها ، حتى وضعها على السرير ، ثم قال : الدنيا بقت حر اوي …

و بيد واحده خلع التيشرت ، و القى به على الارض ، لتسرع فاتن بالتقاطه مدخله اياه في راسها بسرعه ، و من ثم في ذراعيها ..فلم تعد تحتمل نظراته التي اخجلتها …

ليقول يحيى بابتسامه :بقى كده ، بعد ما صدقتك و غرغرتي بيا …

ضحكت فاتن خجلى ، ليقول يحيى : عموما انتي ظنك فيا وحش ، لسه بدري شويه على فبالك …

فاتن بغيظ : مفيش حاجه فبالي ..

يحيى و قد سار باتجاه غرفة الملابس : طيب طيب متزوءيش …

عاد بعد دقيقه حاملا بيده علبه مخمليه كبيره ، ليجلس بجوارها على السرير قائلا : دول عشانك ..

امسكت فاتن بالعلبه و فتحتها ، لتشهق قائله : ايه كل الدبل دي…

يحيى : اعمل ايه ما انتي مش رضيتي تختاري دبلتك ، قولت اشتري المجموعه كلها و انتي تبقى تنقي براحتك …

تطلع فاتن له بحب و قالت بعفويه : انا بحبك اوي اوي يا يحيى

، ثم عادت تتطلع الى مجموعه الدبل و قالت بعد ان التقطت واحده : انا هالبس دي ..

يحيى : طب هاتي انا هالبسهالك..

فاتن : بس في مشكله ..

يحيى : ايه ..

قبلت فاتن وجنته خجلى ثم قالت برقه: مش عليها اسمك ..

تناول يحيى العلبه منها واضعا اياها جانبا : انتي خليتي فيها اسامي …

وقربها منه مقبلا اياها بكل شغف السنوات التي مضت و السنوات التي لم تاتي بعد …

و في الصباح الباكر جدا جدا استفاقت فاتن على صوت خفيف و اضاءه بسيطه ، فتحت عينيها ببطء لتجد يحيى ممسكا بهاتفه يلتقط لها صوره تلو الاخرى …

وضعت فاتن كفيها تلقائيا على وجهها و بحرج سالت : انت بتعمل ايه ..

يحيى : بصورك ..لاني اكتشتف ان معنديش اي صوره ليكي ، انا عايز اعمل البوم كامل ، انا تعبت من كل الصور الوحشه اللي كانوا بيحاولوا يقنعوني بيها عنك ، عايز اصورك كتير كتير ، عشان لو جت الرمله و دفنت صوره ، هلاقي بدالها الف بتقولي انت ايه و مين …و اقدر بسهوله ازيحها و انا مطمن…

ازاحت فاتن خجلها مما حدث بينهما الليله الماضيه و اعتدلت في جلستها ، لتسال بحزن : انت لسه مش متاكد ان حبنا مش هيدفن تاني تحت الرمله..

جلس يحيى على السرير مقابلا لها و بابتسامه جانبيه قال : انا مش بس متاكد ، انا متيقن ..خلاص يا فاتن احنا حبنا بقى فوق فوق الرمال و الجبال و الوديان …

قاطعته فاتن بضحك : يا سلام بتتريق حضرتك … امال ايه اللي بصورك عشان لو جت الرمله و الكلام اللي يقطع القلب ..ده شويه و كنت هاعيط…

يحيى : كانت مومنت و راحت لحالها …و بعدين يلا خليني اكمل تصوير …

نهضت فاتن من الفراش : يبقى خليني اصورك انا كمان معنديش ليك و لا صوره ..

يحيى : طب هتصور كده …و اشار بيده الى صدره العاري و اكمل بخبث : هاتي التيشرت بتاعي …

فلقد عاودت فاتن ارتدائه مره اخرى ، قالت معترضه : عندك مليون واحد غيره …

يحيى بتصميم : لا ده احلى فالصور .. ..

فاتن : يباي ، خلاص هاديهولك ..و اتجهت لتبدله في غرفة الملابس

ليجذبها يحيى اليه قائلا : طب هاخليهولك بس بشرط

فاتن بزعل: تؤ مش عايزاه خلاص…

يحيى : انتي زعلتي ، امري لله هاصالحك بقى

و اخفض راسه مقبلا اياها بشغف …لتتجاوب معه بعد قليل مقابله شغفه بشغف مماثل …

“و انا لما ابوس يقولوا عيب “…

ابتعدت فاتن مخضوضه حين سمعت صوت يامن ، اما يحيى فانفجر ضاحكا ، لتقول فاتن بغيظ: بتضحك ..

يحيى هامسا : مفروض كنا قفلنا الباب …

يامن : انت بتقولوا ايه ..

يحيى : بنقول يلا حضن جماعي …

اندفع يامن ليلتقطه يحيى ..محتضنا اياه و زوجته …سعيدا و مطمئنا لان حبهما سيبقى دوما و ابدا … حب فوق الرمال …

حب وقف صادما و قويا امام كل المطبات و العواصف ..مع انها لم تكن كثيره طوال السنوات التي خلفت هذه الليله .. بل كانت كلها مطبات سعيده اثمرت عن انضمام فردين جديدين لعائلتهما الصغيره عبدالرحمن و ليلى …. و اللذان سميا على اسم جدهما و عمتهما … اما اسم كِنان فلقد اطلقه لؤي و ديما على ابنهما الاكبر ، اما ابنته الصغرى فسماها خديجه …..

و بعد مرور العديد العديد من السنوات و في حفل زفاف يامن و اميره ..همس يحيى لزوجته : انا متأكد ان حبهم هيكون شبه حبنا تمام

فاتن مداعبه : حب تحت الرمال

ابتسم يحيى محتضنا زوجته بحب و مصححا : حب فوق الرمال

تمت بحمد الله

error: