رواية حب تحت الرمال
¤ وصية أخ ¤
————————–
وقف يحيى على باب الشقة التي ورثتها فاتن من أخيها كِنان ، و انتقلت للعيش فيها مع يامن ، انتظر ريثما تفتح له الباب ، حيث سيصطحب يامن لزيارة اهله
بعد ثوان فتحت فاتن الباب معتذره : معلش يا يحيى ، يامن مش عايز يزورهم انهارده
يحيى برجاء : طب هنفضل كده لحد امتى يا فاتن..؟
فاتن : مش فاهمه ، الولد لسه محتاج يعدي صدمة موت مامته و باباه ، ده يدوب مفتش اربع شهور ، و الدكتوره قالت لازم نراعي مشاعره و منضغطش عليه فحاجه
يحيى بضيق : ما هو بيسكت و يبقى كويس طول ما انتي موجوده ، مفيهاش حاجه لو جيتي معانا …
همت فاتن برفض اقتراحه ، حينما سمعت صوت يامن مناديا بفرح : خالو…
التفتت فاتن ليتقدم يامن قائلا : خالو تعال العب معايا باللعب اللي جبتهالي
ابتسم يحيى ثم قال : الاول ناخد اذن عمتو
يامن برجاء : عشان خاطري خليه يخش جوه يا عمتو
لم تشأ فاتن أن تعكر مزاج يامن فلقد لاحظت سعادته لرؤية خاله ، لذا قالت بابتسامه : طبعا يا حبيبي ، اتفضل يا يحيى ….
دلف يحيى رافعا يامن عاليا ثم قذفه في الهواء ، ليقوم بالتقاطه سريعا …
ضحك يامن قائلا : كمان مره يا خالو
لتقول فاتن بضيق : بلاش احسن تقع تتعور
يامن : لا خالو مش بيوقع ، خالو شاطر اوي…
عاد يحيى لقذفه عده مرات ، و من بعدها اقتاده يامن لمشاركته اللعب في العابة الجديده
قال يحيى : انت ليه مش رضيت تيجي عند تيته و خالو لؤي انهارده ؟
يامن بتردد : عشان خايف اروح معاك ، يجي الراجل الوحش يعور عمتو فاتن ، و بعدين ارجع مش الاقيها زي ما ماما و بابا مش رجعوا تاني
فُطر قلب يحيى لاجابة الصغير ، فقال محاولا طمأنته : بس الراجل الوحش ده خلاص البوليس خده و اتحبس ، ومش هيخرج مالسجن طول عمره ، و احتمال كبير يموت كمان
فلقد تم البدء في محاكمة تميم ، و هناك احتمال كبير بصدور حكم الاعدام بحقه …
نظر يامن له مبتسما ، ثم قال : بس برده انا مش هاسيب عمتو احسن تخاف
ليقول يحيى : يعني لو عمتو فاتن جت معاك ، كنت هترضي تيجي تزورهم
أومأ يامن ، ثم قال : خلينا بقى نركب عربيه جديده يا خالو
أومأ يحيى ، لينشغل مع يامن في العابه الطفوليه ، و بعد حوالي نصف ساعه حضرت فاتن لتقول : مش كفايه يا يامن ، كده هتعطل خالو
يامن معترضا : اااا خليه كمان شويه ، خليك يا خالو
يحيى : حاضر يا حبيبي ، انت العب شويه و انا هاقعد اتكلم مع عمتو ، اتفقنا ؟
اوما يامن : بس مش تمشي
يحيى : حاضر مش هامشي….
جلس يحيى بجوار فاتن المراقبه للصغير ، ثم قال : انا عارف ان يمكن مش وقته الكلام ده ، بس انا نفسي تسمعيني ، نفسي تفهمي اني ندمان جدا على اللي فات ، نفسي تديني فرصه تانيه ، تدينا فرصه تانيه ..
همت فاتن بالرد ، ليمنعها يحيى قائلا : اسمعيني الاول ، انا غلطت زمان ، غلطه كلفتني خمس سنين واكتر من عمري و انا بعيد عنك ، اوعي تفتكري اني نسيتك لحظه السنين اللي فاتت ، بالعكس انا كنت بتعذب في بُعدي عنك ، و دلوقتي بتعذب اكتر بسبب غبائي ، بندم فاليوم الف مره اني اتسرعت فحكمي عليكي ، بس لازم تفهمي اني وقتها كنت صغير ، كنت مؤمن اوي بنزاهة و اخلاق والدي و اهلي ، مكنتش متصور ان ابويا الحاج اللي مربيني على الحلال و الحرام ممكن يغلط ، زمان غلط و دفعني معاه تمن غلطته ، انا مش بحاول ابرر لنفسي بس بحاول افهمك انا ليه اتصرفت كده وقتها ، لو انتي مكاني كنتي هتختاري ايه ، تصدقي اهلك اللي بالنسباله فوق كل الشبهات و لا تصدقي حد معرفتك بيه متتعداش كام شهر…
صمت لحظه ثم اضاف : انا اتربيت في بيت مفيش في مجال للنقاش او ان حد يخرج فيه عن المألوف ، و جيتي انتي كنتي بره كل المألوف اللي عرفته ، يمكن كنت خايف او مش واثق فحبك ، يمكن مكنتش مصدق انك ممكن تحبي حد مش شبهك فحاجه كده ، يمكن توقعت الاسوء و ربنا جزاني لسوء ظني…
تنهد مضيفا : بس اوعدك اني اتغيرت اوي و مش هيجي يوم و اشكك فيكي تاني ..انا لسه بحبك يمكن زي الاول و اكتر بكتيير و نفسي تسامحي و نبدا من جديد
قالت فاتن بحسره : للاسف يا يحيى ، انا مقدرش ابدا معاك اي حاجه ، انا مسمحاك جدا ، بس دي صفحه طويتها من حياتي و مش مستعده ارجع ليها تاني
قال يحيى بخيبه و متعلقا باخر امل : طب ولو قولتلك عشان خاطر يامن ، عشان خاطر كِنان وليلى ، اكيد مش هيفرحهم انه يتربي كده مشتت ، ليه ميكنش في بيت يجمعنا كلنا
حينها تذكرت فاتن وصية ليلى لها بمسامحة يحيى و البدء من جديد على الاقل من اجل يامن ..
Flash back
ليلى في سرير العنايه المركزه : انا حاسه اني خلاص …
قاطعتها فاتن ببكاء : بعد الشر عليكي
ليلى بهذيان : ارجوكي اسمعيني ، انا قلبي مقبوض اوي على كِنان ، انا شايفه دم دم كتير ، و كِنان عمّاله بينادي عليا …
فاتن مقاطعه : ايه الكلام اللي بتقوليه ده ، ان شاء الله كِنان بخير و انتي هتقومي بالسلامه
ليلى : بس انا شايفاه …و هما حاملينه ، يا حبيبي نزف جامد اوي، و هناك مش عندهم امكانيات ، المصابين كتير اوي ، السراير جنبه مليانه و في ناس على الارض مش لاقيه حتى سرير …
انخرطت فاتن في البكاء محتضنه يامن الغافي في حضنها ، و غير قادره حتى على مواساه ليلى من اثر كلماتها الموجعه
ابتسمت ليلى : متعيطيش يا فاتن ، انتي لازم تكوني قويه ، اوعديني تكوني قويه
اومأت فاتن ، لتقول ليلى : لو جرالنا حاجه ارجوكي تاخدي بالك من يامن و سامحي يحيى ،سامحيه يا فاتن ، انا مش عايزه يامن يتيتم ، خليكوا انتو فمقام مامته وباباه ، عايزاه يتربى فاسره طبيبعه بين ناس تحبه و تفهمه مش زي ما حصل معايا و مع كِنان ، كِنان اتحرم من امه و هي عايشه ، و انا اتربيت مع اب قاسي ، شايفه يا فاتن حتى مش راضي يجي يشوفني ، حاسه اني هموت و هو لسه غضبان عليا ، مش عايز يسامح …
لهثت ليلي لتقول فاتن : ارجوكي متتعبيش نفسك …
ليلى : يبقى توعديني ، اوعديني تسامحي يحيى و لو عشان خاطر يامن
حينها قامت فاتن بوعد ليلى و لكن الواقع شيء اخر ، نفضت عنها تلك الافكار الموجعه ، فلن تعود لسابق عهدها ، تتخذ القرارت المصيريه في حياتها من اجل احبائها دون اقتناعها هي شخصيا
فاتن : ارجوك يا يحيى متضغطش عليا بيامن ، انا حابه ابدا من جديد ، اعمل ريفرش لحياتي ، و الفتره الي عرفنا فيها بعض كانت مليانه مواقف صعبه ، و ذكرياتها بتتعبني اوي ، انا مليش خُلق ارجع للوضع ده تاني …
يحيى مقاطعا : الوضع كله اتغير …
فاتن مقاطعه : انت مش فاهمني و انا مش عايزه اجرحك ، فارجوك تنسى اني ممكن اوافق على طلبك ، و بالنسبه ليامن ، شويه شويه هيرجع لطبيعته ، بس الحكاية محتاجه وقت و صبر ، و زي ما انت شايف تقدر تيجي و تاخده يقعد مع جدته وقت ما تحب
يحيى بضيق : انا بردو مش هيأس يا فاتن ..
فاتن بتنهيده : طيب يا ريت تتفضل لانه بجد ميصحش قُعادك هنا..
يحيى : انتي فايدك تخليه يصح …
قاطعته فاتن : ارجوك يا يحيى ، كفايه….
قال يحيى بتردد : طب انا هاسيبلك فلوس …
همت فاتن بالاعتراض ، ليقول يحيى : دي ليامن ، مش من حقك تمنعي عنه خير اهله يا فاتن
فاتن : بس هو مش محتاج و عمامه بيبعتوله فلوس تكفي و زياده
يحيى : برده مش من حقك ترفضي ، و يا ستي اعمليله حساب فالبنك و حوشيهمله
فاتن بضيق : يبقى تعمله انت ، انا مش هاتصرف ففلوس تخصك
يحيى بحنق : اشمعنى بتقبلي من اعمامه ؟
فاتن : كِنان كان موصيني انا و ليلى ، نعتبرهم فمقامه ، كان عارف ان شغله خطر و فاي وقت جايز يحصله حاجه ، كان موصيني نعتمد عليهم في اي حاجه تخص يامن …
تنهد يحيى و قال : براحتك يا فاتن ، انا مش هاضغط عليكي و مقدر الظروف و الحزن اللي انتي فيه و اللي احنا فيه كلنا …
نهضت فاتن منهيه الحديث ، ليقول يحيى : طيب مع السلامه دلوقتي يا بطل
يامن : طب هتيجي بكره
نظر يحيى لفاتن التي طأطأت راسها رافضه للفكره ، ليقول يحيى : هاجي اخدك عند تيته..
قاطعه يامن : لا مش عايز ..مش عايز ….
يحيى موجها نظره عتاب لفاتن : طب خلاص يا بطل متزعلش نفسك ، انا هاجي بكره و نخرج انا و انت اي مكان تحبه..
يامن : بس على شرط
يحيى : ايه يا بطل
يامن : كمان عمتو فاتن تيجي معانا
تنهدت فاتن ، ليقول يحيى : ده بقى دورك انك تقنع عمتو ، هتبقى ادها و لا …
يامن بفرح : ادها ..متقلقش يا خالو انا شاطر اوي و هاقنعها
ابتسم يحيى مودعا يامن ، و موجها نظرة رجاء لفاتن …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دخلت خديجه حيث يجلس يحيى في الشرفه و سالت : طمني يا بني ، وافقت ؟
يحيى بضيق : لا يا امي ، منشفه دماغها و مش قابله حتى مجرد نقاش فالموضوع
خديجه : طب لو تخليني اكلمها ، جايز لسه شايله فقلبها مني ..
يحيى : لا يا ماما ، فاتن مش كده ، و لما سامحتك كان بجد من قلبها مش عشان كانت متاثره بموت ليلى و كِنان
خديجه : و انت يا بني ، مسامحني و لا لسه شايل في قلبك من ناحيتي انا و ابوك ؟
امسك يحيى بيدها مقبلا اياها و قال : انا عمري ما اقدر ازعل منك يا ست الكل ، و لما عرفت انت اتحملتي اد ايه عشانا اتكسفت من نفسي ازاي وقتها مكنتش حاسس بيكي ..
خديجه مقاطعه: انا غلطت لما خدتها بذنب امها ، بس كان غصب عني و ربنا اخد مني نور عيني بنتي حببتي ، و دلوقتي كمان حتى اللي فاضل منها مش بيحب يجي و لا يشوفني ، ربنا مش بيقبل الظلم و انا ظلمتها اوي ، احنا كلنا ظلمناها …
احتضن يحي والدته : متقسيش على نفسك يا امي ، و لا انتي السبب فمصير ليلى ، كله مقدر و مين عارف ايه الحكمه في كده ، و يامن بيحبكو جدا بس لسه ده طفل و مش فاهم ليه اهله راحوا و فاتن دلوقتي كل دنيته ، بالصبر يا امي كل شيء هيهون…و ان شاء الله كلها مساله وقت و يبقى يامن فحضنك
دلف لؤي قائلا : يا جماعه ، وحدوا الله ، مش كل اما اغيب عنكم شويه الاقيكم بالحاله دي
خديجه : هو اللي حصلنا قليل ، ليلى راحت مني في غمضة عين ، كنت ما صدقت انها رجعتلي ، بس رجعت عشان قلبي يتوجع عليها من تاني ، و ابوكو اللي مبقاش قادر حتى ينطق بحرف و لا يقدر يروح و لا يجي …
و تذكرت خديجه كيف صدم زوجها بوفاة اخيه و ابنته في نفس اليوم ، ليفقد النطق و الحركه في قدميه اثر حدوث جلطه فيهما
توقفت خديجه عن الكلام محاولة السيطره على دموعها ، ليقول لؤي : طب عشان خاطر يامن متيعطيش ..
خديجه : و هو فين يامن ، ده مش بيحب يجي عندنا خالص…
سال لؤي : انت مفاتحتش فاتن فموضوع جوازكم ؟
يحيى بحسره : مش موافقه يا لؤي ، و مش عارف ازاي هاقنعها …
لؤي بندم : انا اسف يا يحيى ، انا السبب فاللي انتو فيه ، انا مستعد اعتذرلها تاني و لو حتى توصل اني اوطي على رجلها ابوسها ، بس تسامحك و ارتاح مالذنب اللي بيخنقني كل يوم ده
يحيى : هي سامحتكم كلكم من قلبها بجد ، بس للاسف مش قادره تسامحني و مش عايزه…
نهض يحيى مغادرا ، لتتحسر خديجه : ربنا يسامحنا علي عملناه فيه
ليقول لؤي : انا خايف خايف اوي يا امي ، خايف ربنا يعاقبني عقاب كبير على عملته فيحيى
خديجه : انت كنت صغير و للاسف ابوك كان السبب فاللي انت وصلتله ..
لؤي : بس كده مش عدل ، انا بقيت ناجح و هاتجوز الانسانه اللي بحبها ويحيى هيتحرم من الانسانه الوحيده اللي حبها في حياته
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
طرق مالك بانامله على مقود السياره بعد أن أوقفها أمام البنايه التي تقطن بها فاتن …
قالت سلوى الجالسه بجواره : تفتكر هترفض تقابلنا …
شيرين و الجالسه بجوار ابنتها في المقعد الخلفي : انا بقول مالك يكلمها الاول ، و يديها خبر ، بلاش نحرجها ، مهما كان هي اكيد نفسيتها لسه تعبانه من اللي حصل لاخوها ومراته ..
مالك : اوك ، انا هاكلمها دلوقتي …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دُق جرس الباب ، لتتنهد فاتن و تسير بخطي متثاقله نحوه ، فلقد اخبرها مالك قبل قليل باصرار سلوى و شيرين على الاعتذار لها عما بدر منهما في حقها ….
فتحت الباب ، ليقول مالك : انا متشكر اوي انك قبلتي ..
قاطعته فاتن : مفيش داعي تشكرني ، انا قلتلك قبل كده ، اني كسبتك كاخ و مش معقول يبقى اخويا عنده ضيوف وانا مقبلش استقبلهم في بيتي …
ابتسم مالك بامتنان ثم قال : طب انا هاستنى تحت فالعربيه …
غادر مالك لتتقدم سلوى و شيرين بحرج ، لتقول فاتن باقتضاب : اتفضلوا…
دلفت شيرين و برففتها ابنتها تالا ، و بجوارها سلوى الى الداخل ..
حين جلس الجميع ، بادرت سلوى قائله : انا مش عارفه ابدا ازاي ، بس قبل ما اطلب منك تسامحيني ،
عايزاكي تعرفي اني قبل ما اغلط فحقك ، غلطت فحق نفسي جامد ، لما خليت انانيتي و حبي لنفسي يسيطروا على دماغي بالشكل البشع ده ، حللت و بررت تصرفاتي بحجة اني بعمل الصح ، و طالما هدفي خير يبقى مش مهم الطريقه اللي اعمل الخير بيها ، انا اتبليت عليكي و ندمانه اوي و نفسي انك تصفي من ناحيتي و تسامحيني ، انا اعترفت بغلطتي ادام يحيى و مالك و لو تحبي ادام الدنيا كلها ، مستعده اعمل اللي يرضيكي ….
صمتت سلوى ، لتتابع شيرين : احنا جايين و كل املنا انك تسامحينا من قلبك ، مش عشان خاطر مالك او اي حد تاني ، لانها لو مطلعتش من قلبك مش هيبقى ليها معني…
فركت فاتن يديها ، ثم قالت : و انا مسامحه ، الدنيا دي قليله اوي و محدش يستاهل اننا نشيل فقلبنا منه ، انا موت كِنان و ليلى خلاني اغير نظرتي في حاجات كتير ، و طالما انتو حسيتو بغلطكم يبقى المسامح كريم ، بس يا ريت بجد تكونوا فاهمين انتو غلطتو فحقي ازاي ، و ميكنش مجيكم هنا عشان خاطر خايفين على زعل حد..
قالت سلوى بابتسامه باهته : معاكي حق تقولي الكلام ده ، انا مش عارفه مالك قالك ايه ، بس انا مش بعمل كده عشان اغير نظرته ليا و احسن صورتي اللي اتشوهت ادامه ، انا بعمل كده لاني مقتنعه فعلا اني غلطت فحقك جامد و انا مش حمل اني اتسال يوم القيامه عن الغلط البشع ده …
نظرت فاتن لعيني سلوى و اللتان تبدوان صادقتان للغايه ، و قررت ان تصدقها ، بالرغم مما عرفته من مالك ، بانها تكن له المشاعر و كذلك هو ، و لكن ما يعقد ارتباطهما حاليا هو تردده ناحيتها بعد معرفته بما اقترفت من كذب و افتراء بحق فاتن …
فاتن : طب انا هاقوم اجبلكم حاجه تشربوها ..
قاطعتها شيرين : احنا مش حابين نتقل عليكي ، خليها مره جايه ، انا متاكده اما النفوس تصفى اننا هنبقى صحاب جدا ، على الاقل دي امنيتنا يا فاتن ، و دلوقتي عن اذنك احنا مضطرين نمشي…
ابتسمت فاتن مودعه الفتاتين و تمنت لو ان باستطاعتها ان تودع صفحة يحيى من حياتها و نهائيا ، فلقد عرضها حبها له للكثير من الالام …
و التي بمجرد تذكرها يعتمل الالم في قلبها مجددا ، و لكن ذلك لم يمنعها من مسامحه والدته و اخيه حين قدما لهما الاعتذار مترجيين أن تسامحهما على ما بدر منهم تجاهها ، ففقدان كِنان و ليلى ، علمها بأن الحياه لا تستحق أن نثقل قلبنا بالبغضاء تجاه احدهم ، خاصه بعد اعترافهم و رجائهم لها بالصفح ، فيكفيهم موت ليلى المفاجىء و صدمتهم الكبيره بفقدانها ….
تنهدت متمنيه أن يأتي يوما و يختفي كل ذلك الالم و تبقى فقط الذكرى التي تشعرنا بالشجن ليس الا…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست فاتن محاولة تطبيق نصائح الطبيبه و حث يامن على الموافقه للذهاب و زيارة جدته و اخواله ، لذا قالت برفق : ايه يا حبيبي ، احنا مش اتفقنا انك هتروح كل اسبوع زياره عند تيته ، دي بتحبك اوي ، و خالو يحيى و لؤي حابين يلعبوا معاك ….
على الفور اختفت ابتسامة يامن ليقول : انا بخاف اروح ازورهم ، ارجع مش الاقيكي زي ما حصل مع بابا وماما ، انا مش عايزاك تسبيني انتي كمان …مش هتسيبني انتي كمان يا عمتو
فاتن بتأثر : عمري يا حبيبي ، عمري ما هاسيبك …
ارادت فاتن المحاولة مره اخرى لاقناعه ، و لكن رن هاتفها ، معلنا مكالمه جديده من خالد ، الاخ الاكبر لكِنان و الذي اخبرها البارحه بأنه قَدِم الى مصر …
اجابت محاولة اخفاء حزنها من كلمات الصغير قبل قليل : ازيك يا ابيه خالد ؟
خالد : ازيك انتي يا فاتن و ازاي يامن ، طمنيني عليه …
فاتن : بخير و الحمد لله ، بس انت مش ناوي تيجي تشوفه…
خالد بنبره جديه : ما هو ده اللي مكلمك عشانه … يامن …احنا محتاجين نتقابل عشان مش هينفع كلام فالتليفون
فاتن : انت قلقتني اوي ، خير ؟
خالد : مش هينفع تليفون ، و الكلام ده كمان هيكون لاهل ليلى ، انا هاكلم البشمهندس يحيى عشان هما كان يكون عندهم علم بالموضوع
فاتن بقلق بالغ : ارجوك تفهمني في ايه ، ماله يامن …؟
اغلقت فاتن الخط و القلق يتاكلها ، بعد رفض خالد الافصاح عما يريد الحديث بخصوصه ، و لكنها تيقنت ان الامر مصيري ، تُرى هل يتعلق ذلك بوصية كِنان و التي اخبرها خالد بأنه كتبها بعد فترة من انتقاله الاخير الى فلسطين ، و لكنها ظنت انه اخبرها بكل محتوياتها ، فبعد استشهاد كِنان ، حضر خالد و اخيه الى مصر ، و اخبرا فاتن بأن كِنان اوصى بأن تترك الشقه التي كان يمتلكها لليلى و يامن و لها ، و لكن بعد وفاة ليلى اصبحت ملكيتها تعود لها و للصغير يامن ، و بقيت امور اخرى قال حينها خالد بأنه يرى أن يؤجلها ريثما تستقر حالتهم النفسيه و الخروج من صدمة وفاته المفاجئه…
و لكن ما علاقة أهل ليلى بالوصيه ، و لِمَ أصر أن تتم المقابله بحضور يحيى ….
ظلت الافكار تعصف برأسها ، حينما دقت الساعه الواحده هيأت نفسها للخروج ومقابلة خالد …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فوجىء يحيى بمكالمة خالد ، الاخ الاكبر للراحل كِنان ، خاصه مع اصراره الشديد على مقابلته اليوم ..
اوقف يحيى سيارته امام المقهي الذي اتفقا على الحضور اليه ، ترجل من سيارته و دلف الى المقهي
في الداخل وجده ينتظر و برفقته فاتن و يامن ، و ما ان لمحه الصغير حتى هرول مسرعا في اتجاهه : خالو انا كنت مستنيك
التقطه يحيى قائلا : ازيك يا بطل ..؟
يامن : كويس اوي ..
تقدم يحيى حاملا يامن ، الى الطاوله التي يجلس عليها خالد ، و مد يده مصافحا خالد : حمدالله عالسلامه يا استاذ خالد
خالد : الله يسلمك
جلس يحيى على المقعد ، واضعا يامن على ركبتيه ، ثم سأل : ازيك يا فاتن ..
فاتن باقتضاب : الحمد لله
تنهد خالد ثم قال : انا مش عارف اقولكم ايه ،اهو فات اربع شهور على وفاتهم ، و مش هاقدر استنى اكتر من كده ، انا عارف انكم متعلقين اوي بيامن بس برده لازم تفكروا فمصلحته
فاتن مقاطعه : انا مش فاهمه حاجه ، ما احنا متابعين مع دكتوره هنا و حالته النفسيه ان شاء الله هتتحسن
خالد : طب معلش ممكن الكلام ميكنش ادام الولد
قال يحيى مقترحا : ايه رايك يا بطل تعد عالتربيزه اللي جنبنا و كل اللي نفسك فيه هخلي الجرسون يجبهولك
صفق يامن فرحا : اممممم موافق جدا
انطلق يامن ليجلس في الطاوله المجاوره
ليقول خالد : انا اقصد وصية كِنان ليا ، هو كان مقدر خطورة الوظيفه اللي اختارها لنفسه و كان موصيني لو حصله اي حاجه اني اخد بالي من يامن و من ليلى ، و مع موقف اهل ليلى منها كان خايف اوي ليحصلها حاجه ، و للاسف حصل اللي حصل ، فدلوقتي يامن مكانه الطبيعي انه يتربى في بيت عمه ..
يحيى : انت بتقول ايه ، هو احنا قصرنا فحاجه …
قاطعه خالد : بشمهندس يحيى ، ارجوك تقدر موقفي ، ده ابن اخويا ، اللي موصيني عليه قبل وفاته ، و كان شايف ان المكان الطبيعي له يكون في بيت عمه الكبير..
فاتن بضيق : يعني ايه الكلام ده ، مش احنا اتفقنا ان يامن هيفضل هنا معايا
خالد : انا مرضتش اتدخل مراعاة للحالة النفسيه اللي كنتو فيها ،و خصوصا ان يامن مش بيثق الا فيكي ، لكن دلوقتي مقدرش اخليكي تشيلي الحمل ..
قاطعته فاتن بانفعال : هو انت شفتني اشتكيت…
ليتدخل يحيى بانفعال هو الاخر : حضانة الولد قانونا تكون مع جدته ، والدة امه..
ليقاطعه خالد بعتاب : قانونا يا بشمهندس الوصيه تُنفذ ، بس هو حضرتك هتوصل الموضوع للمحاكم ؟
يحيى بحرج : مش قصدي ابدا و لكن اللي بتطلبه ده مستحيل ، انت مش عارف ان يامن هو اللي مصبرنا كلنا على فراقهم ، لولاه انا مش عارف والدتي كان هيحصلها ايه
خالد : بعد الشر على والدتك ، و لكن خلينا ننحي العواطف على جنب ، و نفكر بعقلانيه شويه ، دلوقتي لو يامن فضل مع فاتن مش هيجي يوم و تتجوز ، قولي انا اضمن منين ان زوجها مش هيتقل من وجوده
فاتن بانفعال : و مين قالك اني عايزه اتجوز دلوقتي اصلا .
قاطعها خالد بهدوء : قولنا نفكر بعقلانيه يا فاتن …و انا قدامي اسبوع هنا فمصر ، ارجوكم تسهلوا عليا الموقف ..
يحيى بهدوء : ده انت مش جاي تتناقش و تشوف مصلحة الولد فين ، انت جاي و مقرر و خلاص
خالد : انا مقدر موقفكم كلكم ، ومش هازعل من اي انفعال ، بس انتو كمان ، انت يا بشمهندس حط نفسك مكاني ، دي وصية اخويا و اللي اخت حضرتك الله يرحمها كانت موافقه عليها ، من اول ما دخلوا فلسطين ، كِنان كلم المحامي ، لان كان مقدر خطورة شغله و ليلى كانت مقدره برده موقف اهلها و الاتنين وقعوا على ان لو حصل حاجه ليهم يبقى الولد في رعايتي …
يحيى بأسى : ده كان قبل ما ليلى تيجي و تعرف موقفنا ، كانت خايفه من رد فعل بابا ، و الا مكنتش وافقت اننا نتحرم منه
خالد : مين قال هتتحرموا منه ، و لكن الافضل انه يبقى في بيت مستقر ، و انا و زوجتي هنحاول نوفرله الموضوع ده …
فاتن بحده : و انا لا يمكن اسمحلك تاخده مني ، ده حتى مش بيطيق يروح يزور بيت جده ، انت عايز يجراله حاجه…
خالد : انا اسف اوي يا فاتن ، بس مقدرش اخالف وصية كِنان ، هو كان شايف ده عشان مصلحة يامن ، متنسيش ان كِنان اتربي بعيد عن امه ، و كان نفسه يامن يعيش في بيت مستقر ….
قال يحيى على حين غره : عموما حضرتك اتسرعت اوي، يامن كان هيتربي في بيت مستقر ، و لكن عشان الظروف متسمحش انا و فاتن كنا مأجلين نكلم حضرتك في الموضوع
ارتسمت ملامح الدهشه على وجه فاتن ، ليسأل خالد : موضوع ايه ؟؟؟
يحيى بثقه : موضوع جوازي انا و فاتن ، يعني يامن هيتربي في بيت مستقر ، بين عمته و خاله ، و اظن لو حضرتك اصريت على تنفيذ الوصيه تبقى بتيتمه مره تانيه …
فغر خالد فاهه ، قائلا : الكلام ده حقيقي يا فاتن ..؟
ابتلع يحيى ريقه وقال : قوليله يا فاتن ، احسن ما ينفذ كلامه و ياخد يامن معاه …
فاتن بتردد : اصل…
يحيى : الحاجات دي مفيهاش كسوف….
فاتن : ايوه ايوه صحيح ، بس احنا مأجلين الموضوع عشان الظروف
خالد بتنهيده : طب الحمد لله ، كده فعلا هاسافر و انا مطمن على يامن …
ثم أضاف : ها و ناويين امتى ان شاء الله ، ارجوكم خلال الاسبوع ده قبل ما اسافر عشان اطمن على يامن
فاتن بحده : الاسبوع ده ايه ، احنا لسه ما اتفقناش على حاجات كتير
خالد بقلق : يبقى لما تتفقوا ان شاء الله ، و اشوف بعيني ، انا مش مستعد اتنازل عن وصية كِنان الا و انا مطمن بقلبي و عقلي
فاتن : يعني ايه ؟
خالد بضيق : يعني هاضطر اخد يامن معايا ، لغاية اما يتم الجواز فعليا ، لاني خايف حد فيكم يغير رايه ، او تحصل ما بينكم خلافات ، انا واعي جدا لموقف اهل يحيى من والدتك ..
قاطعه يحيى : متقلقش يا استاذ خالد ، احنا هنتجوز خلال الاسبوع ده ، و تقدر تسافر و انت مطمن …
شهقت فاتن : انت بتقول ايه ؟
يحيى : بقول المفروض يتعمل ، صحيح الظروف متسمحش لكن احنا هنسرع فالجواز عشان مصلحة يامن ، مصلحته ان يتربى في بيت مستقر ، كلام الاستاذ خالد مظبوط جدا
قال خالد مباغتا : ممكن يا بشمهندس حضرتك تسمحلي بكلمه على انفراد مع فاتن ؟
نظر يحيى لفاتن بأمل ، ثم قال : انا هاروح اعد مع يامن ، خدوا راحتكم
قال خالد بعد انصراف يحيى : اسمعي انا اتفاجأت جدا بموضوع جوازكم ده ، و عندي احساس انك انتي كمان اتفاجئتي زيك زيي…
صمتت فاتن ، ليقول خالد : بس اللي انا متأكد منه ان يحيى بيحبك ، هتقوليلي ازاي عرفت ، هقولك اني شايف اللي انتي يمكن مش قادره تشوفيه ، شفته دلوقتي اول ما دخل و جت عينه عليكي ، شفته و احنا فالعزا ، اد ايه كان خايف عليكي و بيحاول يخفف عنك ، بس اللي مش متأكد منه هو موقفك ايه تجاه مشاعره ديه ، انا مش عايزك تتسرعي و توافقي ترتبطي بيه عشان مصلحه يامن ، صدقيني يامن مش هيكون ناقصه حاجه و هو معايا ، خودي وقتك و فكري كويس …
فاتن بأمل : يعني مش هتاخد يامن مننا
خالد باسف : مش هقدر ، انا لازم انفذ وصية اخويا ، مش هيرتاحلي بال و يامن مشتت كده …
فاتن : ومين قال انه هيكون مشتت ..
قاطعها خالد : فاتن انتي زي اختي و معزتك فغلاوتك كِنان الله يرحمه ، بس انا مقدرش اخل بوصيته الا لو كان البديل حاجه افضل ، و انا ملاحظ ان يامن متعلق بيكي جدا ، لكن انتي لوحدك مينفعش ، ده ولد و مسيره يكبر و مش هتقدري عليه ، محتاج راجل يوجهه و يشد عليه وقت اللزوم ، و انا زي ما قلت مضمنش لو اتجوزتي ، جوزك هيعامله ازاي ، لكن لو يحيى فهو خاله و الخال والد زي ما بيقولوا ، في الحاله دي ممكن اوي اني ارجح كفة انه يتربى هنا و اني منفذش الوصيه بحذافيرها
نظرت فاتن ليحيى الجالس برفقة يامن على الطاوله المجاوره ، لتجده منسجما و بشده مع خاله ، على عكس قلقه الواضح منذ قليل تجاه عمه خالد ، بالرغم من معرفتها بأن كِنان و ليلى كانا دائمين التواصل معه عبر النت ، و كذلك يامن ، و لكن هل ستتزوج يحيى فقط من أجل أن تضمن سعاده ابن اخيها الراحل ، هل ستكون تضحيتها في محلها ، هل ستعود مره اخرى الى ذلك المكان المليء بالوجع و الألم و عدم الامان …
ابتسمت ليامن عن بُعد محتاره …….
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
امضت فاتن الساعتين المنصرمتين في التفكير بيامن و مستقبله ، هل سيكون حاله أفضل مع عمه ، او برفقتها ، هي بالتأكيد لن تستطيع التخلي عنه ، فلقد تعلق قلبها به بصوره كبيره ، و لكن هل بامكانها أن تعود …
قطع عليها تفكيرها رنين جرس الباب ، تقدمت ناظره في العين السحريه ، لتفاجأ بخديجه والدة يحيى..
تمتمت : اكيد وحشها يامن
فتحت الباب بابتسامه باهته ، لتقول خديجه فور رؤيتها : انا اسفه جايه من غير معاد
فاتن متراجعه للخلف : بالعكس حضرتك تيجي فاي وقت ، البيت بيتك و من حقك تشوفي حفيدك الوقت اللي تحبيه ، اتفضلي..
دلفت خديجه ، لتقتادها فاتن للجلوس قائله : يامن نايم ، ثوان اصحيه ..
قاطعتها خديجه : ارجوك سيبيه نايم ، انا مش جايه له ، انا جايلك انتي مخصوص..
جلست فاتن في المقعد المقابل قائله : خير حضرتك …
خديجه بهدوء : شوفي يا بنتي ، انا جيت قبل كده هنا و اعتذرتلك و انتي لان اصلك طيب سامحتيني فوقتها و مش كسفتي ست اد امك ، و امك دي هي السبب فقسوتي عليكي ، و دلوقتي جايه هنا عشان اكمل اعتذاري ، و اتمنى انك تسامحيني من قلبك ، انا فهمت انتي سامحتيني ليه ، عشان صعبت عليكي بعد موت ليلى ، لكن دلوقتي انا عايزاها تكون من قلبك
همت فاتن بالرد ، لتقول خديجه : ارجوكي اسمعيني الاول
صمتت فاتن لتقول خديجه : انا اسفه فاللي هقوله ، بس ده لاني عايزاكي تفهمي موقفي تجاهك كان نابع من ايه ، مش ببرر لنفسي ، بس حابه اقول اللي ليا و اللي عليا…
تابعت : انا شفت كتير اوي من امك يا بنتي ، الاول جوزي بقى على علاقه بيها ، صرف اللي وراه و اللي ادامه عشان يرضيها ، و استحملت و سكت ، لغاية لما مبقتش قادره استحمل ..دخلت اخوه فالموضوع ، قام قالي اني لازم اهاوده لغاية اما يكشفها له على حقيقتها …
فاتن بامتعاض : ارجوكي ، انا مش حابه نتكلم فحاجات قديمه ، وراعي انك بتتكلمي عن امي
خديجه بحزن : ارجوكي انتي تسمعيني ، عشان تقدري تفهمي …
هزت فاتن راسها استنكارا، لتقول خديجه : اسمعيني و دي اخر مره هادوشك بيها
صمتت فاتن ، لتكمل خديجه : قام اخوه مشاغلها ، و لما اكتشف كان هيرتكب فيهم جريمه ، بس هي قدرت تقنعه معرفش ازاي ان اخوه خدعها و هددها و كلام كتير خلاه يسامحها و يرجع علاقته بيها …
طبعا جوزي لسه فيه شويه نزاهه يمكن و كان عايز يتجوزها ، عايز علاقتهم تكون فالنور ، و هي وقتها كانت فهمت انه خلاص صرف كل اللي حيلته عليها ، وفهمت كمان انه اخوه كان بس بيحاول يكشف حقيقتها له …يعني طول ما هي على علاقه بيه هيفضل اخوه وراها و تقدر تستغله ، تعرفي انها خدت من اخوه فلوس كتير عشان تبعد عنه و كل مره ترجع علاقتها بجوزي ، عشان اخوه يرجع يدفعلها تاني و تالت
فاستمرت تلاعبه و تديه وعود و انها عايزه تعمل معاه عيله و عايزه تربي ابنه ، لؤي اللي لسه فاللفه ، و ال ايه هتسبلي يحيى ، عشان يا عيني صعبت عليها انها تاخد كل ولادي ، و جوزي كان مصدقها و باصملها بالعشره ..
و جه فعلا و انا لسه والده.. خاد لؤي من حضني و ودهولها ، وقتها كلمت اخوه ، قالي اصبري حبه ، خلاص هي عمرها ما هتستحمل تربي ابنك ، و انا فهمتها كويس و خلاص معدتش هادفعلها حاجه ، و فعلا سمعت كلامه و جاب نتيجه ، مفيش كام يوم لقيت جوزي راجع و معاه لؤي و ندمان و عايزني اسامح بعد ما كشفت حقيقتها ادامه …
صمتت تسمح دموعها ثم اكملت : انتي فاهمه هي عملت فيا ايه ، فاهمه يعني ايه تخليني اسيب ابني اللي لسه فاللفه ، فاهمه حرقة قلبي وقتها ، بس صبرت و اتحملت عشان اكشفها ، عشان مهدش بيتي ، كان صعب اوي اني اتعامل معاكي عادي ، كان صعب اني اتحمل تبقى مراة ابني ، لما عرفت رجعت النار تاني تقيد جوه قلبي ، و خادتك بذنبها ، و دي الحاجه اللي ندمانه عليها ، انا ظلمتك و ربنا خاد نور عيني مني ، خاد ليلى ، الاول بهروبها و لما رجعت ، رجعت عشان تروح مني تاني ، و دلوقتي بترجاكي تسامحي تسامحي من قلبك …مش هقولك عشاني او عشان يحيى ، عشان يامن ، عشان يفضل عايش وسط اهله ، مطرح ما ليلى كانت حابه يفضل، انا متاكده انها مكنتش هاتحب انه يتربى بعيد عنك و عن يحيى
فاتن باقتضاب : انا مصلحة يامن عندي بالدرجه الاولى ، و هافكر بعقلي عشانه
خديجه : انا عارفه ان المفروض جوزي يجي و يعتذرلك ، بس هو كده ، دايما متعصب لرأيه حتى لو غلط ، ظلمنا كلنا ، كان قاسي على ليلى و لؤي اوي ، و ليلى اديها راحت منه و اتشل لا بقى قادر ينطق و لا يمشي ، و لسه بيكابر و مش مستعد يعترف بغلطه ، فحتى لو رجع تاني ينطق مظنش يجي و يستسمحك ، في ناس كده مش بتتعظ ابدا ..و انا متشكره اوي انك سمعتيني ، و اتمنى يجي يوم و تسامحيني من قلبك
نهضت خديجه من مقعدها لتقول : انا ازعجتك جدا ، بس حاجه اخيره ، انا بجد هاتشرف بيكي تكون مرات ابني الكبير ، و الحقيقه انا ذُهلت من مدى قوتك و حكمتك ، كنت متخيله انك هتنهاري بعد وفاة اخوكي و اللي حصل كله ،لكن طلعتي اد المسئوليه وقدرتي تشيلي مسئولية يامن فوقت كلنا مكناش قادرين حتى ناخد نفس، كنا فحالة صدمه ، لكن انتي اتخطيتي الصدمه بسرعه عشان الطفل الصغير ده ، كتمتي حزنك و اتغلبتي على صدمتك عشانه ، انا بجد فخوره بيكي يا بنتي ..
ابتسمت فاتن ببرود مودعه جدة يامن ، لتعود غير قادره على التفكير الصحيح فيما هو الافضل لمستقبله ..
هل فعلا أراد كِنان أن يتربي يامن بين أعمامه في كندا ، و هو الذي رفض على حد علمها السفرو الهجره معهم ، نظرا لحبه الشديد لوطنه و عروبته ، هل أراد حقا أن ينشأ يامن في بلد اجنبي ..
تنهدت فاتن ، فبالتأكيد لم يكن له خيار اخر ، مع موقف اهل ليلى من زواجهم ، ربما كانا خائفين من ردة فعلهما ..
بالتأكيد سيحظي يامن بحياه كريمه جدا مع عمه خالد ، فلقد خبرت من كِنان الكثير الكثير عن اخوته وبالرغم من البعد في المسافات الا انهما كانا يقفان بجواره دوما ، و لكن كِنان بنفسه العزيزه كان يرفض مساعدتهما الماليه كما اخبرتها ليلى على الدوام
و حين حل الصباح ، في ليله لم تذق فيها للنوم طعما ، جلست تُعد الافطار ، وجلس يامن في المطبخ مراقبا لها كعادته …
قالت فاتن : ايه رايك نلعب لعبه الاسئله …
يامن : ايه اللعبه دي يا عمتو
فاتن بابتسامه : يعني اسالك سؤال و تجاوب عليه و مش تكدب ابدا و تقول اللي نفسك فيه
اوما يامن : حلو ، اسالي يلا
فاتن : بتحب مين اكتر ، التفاحه و لا الشيوكولاته
يامن : شيكولاته طبعا
فاتن : طيب بتحب مين اكتر ، انا و لا الشيكولاته
يامن بعد تفكير : انتي طبعا
ابتسمت فاتن و استمرت في لعبتها ، لتسأل : طيب مين بتحب اكتر عمو خالد و لا خالو يحيى
يامن دون تردد : خالو يحيى طبعا
اقتربت فاتن منه لتجلس بجواره : طيب لو قولتلك ان عمو خالد بيحبك اوي و نفسه تيجي تعيش معاه و هيجبلك كل اللي نفسك فيه ..
قاطعها يامن : و انتي هتكوني معانا
فاتن : لا يا حبيبي ، انا هافضل هنا
يامن : يبقى مش اروح عنده انا
صمت ثم اضاف : انتي مش هتوديني عنده ، اتفقنا ؟
فاتن : اتفقنا يا حبيبي
لم تنجح لعبتها مع يامن في مساعدتها على اتخاذ قرارها ، صحيح انه متعلق بها و بخاله يحيى اكثر من عمه ، و لكنه في النهايه طفل لا يعرف اين تكمن مصلحته
سيكون من المستحيل عليها أن تتخلى عنه ، و لكن ما البديل أن تعود للبيت الذي طُردت منه ، و ان اختلف مكانه و هيئته ، فما زال الالم غائرا في صدرها من ظلمهم لها ، هل ستشعر يوما بالامان في كنفهم ، و لكن هل سيكون لحياتها معنى دون وجود يامن بها ، هل تستطيع النظر في عينيه و الصمود امام توسلاته بعدم تركها له ، هل تستطيع ان تنام هانئة البال بعد ان تُخلف وعدها للراحله ليلى ..
تنافرت في راسها الافكار … و قرارا … لم تستطع أن تتخذ حتى الان ….
ليرن هاتفها مخرجا اياها من افكارها ، لتعود اليها مجددا فور رؤيتها اسم يحيى يزين الشاشه ، و بالتأكيد يريد ان يسمع قرارها و الذي لم تتخذه بعد ….
يتبع