رواية حب تحت الرمال
¤ حكايتُنا كروايه و لكن تَفْتَقِدُ النهايه ¤
————————–
استفاقت فاتن على رنين جرس الباب ، اسرعت بازاحة الاغطيه عنها ، لتفتح قبل أن تستفيق ليلى و صغيرها يامن ، فلقد امضيا يوما مرهقا جدا في السفر البارحه..
لبست الاسدال و اسرعت لتفتح الباب بأعين نصف مفتوحه ، تثائبت بشده ثم ادارت القفل و فتحت …
لتعقد المفاجأه لسانها …
قال يحيى الواقف امامها : انا اسف اني جيت فوقت بدري كده ، بس اللي عايز اقوله ميتأجلش ..
فاتن بضيق : انت معرفتش اخر الاخبار ، يعني مالك مقلكش ، احنا خلاص فركشنا الخطوبه
تنحنح يحيى قائلا : مش ده اللي جاي اكلمك بخصوصه..
فاتن بامتعاض : امال ايه ، انا مفيش بيني و بينك اي كلام من اصله ..
يحيى : لا في كلام كتير ، كتير اوي يا فاتن ….انا اسف اوي يا فاتن ، اسف اني صدقت كل الحاجات اللي تقالت عنك ، انا عارف اني غلطت فحقك جامد، و بتمنى تقدري تسامحيني يا فاتن ونبدا من جديد …
فاتن مقاطعه : احنا اللي بينا انتهى من زمان يا يحيى و ارجوك تتفضل…
يحيى برجاء : انا بس عايزك تسمعيني دلوقتي مش اكتر من كده ، صدقيني انا ندمان جدا على كل لحظه ظلمتك فيها …
فاتن مقاطعه اياه : صدقني يا يحيى ، الكلام ده متأخر اوي … اوي ، متاخر خمس سنين يا يحيى ، و خلاص معدش ينفع ، احنا معدناش ننفع لبعض ، ارجوك متحرجنيش اكتر من كده
قال يحيى بتصميم و غير مكترث لما قالته قبل قليل : اسمعي احنا مش هينفع نكمل كلامنا كده عالباب ، ممكن ادخل و نتكلم
امتعضت فاتن من طلبه : تدخل ازاي يعني ، انت فاكرني ايه حضرتك …!
استدرك يحيى قائلا : هي الداده سافرت ؟
أومأت فاتن ، ليقول يحيى : يبقى ارجوكي تجهزي نفسك بسرعه ، وتنزلي معايا فالكافيه تحت عشان نقدر نتكلم ..
فاتن بحده : متأسفه مش هاقدر ، و قولتلك مفيش بينا كلام يتقال اصلا….
لفت انتباه يحيى حركه ما خلف فاتن ، حيث قام احدهم بفتح باب الغرفه المواجهه لباب الشقه ثم اغلقه بسرعه ، ليقول يحيى : انتي لوحدك ؟
فاتن بتأفف : ما قولتلك داده رقيه سافرت…
يحيى بحنق : فاتن ، متكدبيش عليا ، مين عندك جوه…؟
ارتبكت فاتن و اجابت بتلعثم : ااااا …مفيش حد..
يحيى بغضب : فاتن ، انا شفت حد فتح باب الاوضه اللي وراكي و رجع قفله تاني …
امسكت فاتن بمقبض الباب لتغلقه قائله : عن اذنك وقفتنا كده متصحش
منعها يحيى من اغلاق الباب و قال بخيبه : ده انا ما صدقت يا فاتن … هتخليني ارجع للشك تاني ليه ؟
فاتن بغضب : شيل ايدك عن الباب لو سمحت …
يحيى بحده : مش هاشيل ايدي الا ما اعرف مين اللي عندك جوه …!
ارتجفت يد فاتن ، وارتخت قبضتها عن الباب عندما دفعه يحيى بمرفقه ، لترقرق الدموع في عينيها ، خوفا على ليلى ، لقد عرفت الجانب المظلم في شخصية يحيى ، عندما يسيء الظن بأحدهم فإنه لا يعطي فرصه ثانيه و لا مساحه للتبرير ، بل ينفي ذاك الشخص من حياته نهائيا ، و هذا ما حدث معها ، و الآن دور ليلى ، تملك الرعب من كل ثنايا جسدها ، و لم تستطع توقع ردة فعله إن رأى اخته الهاربه منذ خمس سنوات ..خمس سنوات بدون حتى اي كلمة اعتذار ….
ابتلعت فاتن ريقها و قالت بصوت خفيض : ارجوك يا يحيى ، تمشي من هنا ..ارجوك..
تملك يحيى الغضب الشديد ، هل يوجد ما تخفيه عنه خلف ذلك الباب الموصد ، حلت الكآبه على قلبه مره اخرى ، أكان مخطئا في لوم نفسه البارحه ، و لكن الدلائل كلها اثبتت براءتها ..
زمجر يحيى بغضب : ابعدي عن طريقي يا فاتن ، انا لازم اعرف مين اللي عندك فالاوضه
فتح الباب على مصراعيه ، و دلف الى الداخل ، أما فاتن بقيت مسمره على باب الشقه ، غير قادره على تحريك قدميها و تحذير ليلى…
و على باب الغرفه حيث ترقد ليلى مع صغيرها ، امسك يحيى بمقبض الباب ، ثم عاود النظر اليها ، لتتطلع إليه بأعين راجيه..
بقى يحيى لثوان ينظر الى عينيها المترجيه ، تترجاه ان لا يفتح ذلك الباب الموصد ، لتغرز برجائها هذا سكينه موجعه في قلبه ، ليبعث بدوره رجاء مماثل وهمس ” ارجوكي متخيبيش ظني فيكي تاني “..
ادار وجهه ، ثم اسند رأسه على الباب ، و كأنه يخشى ما ينتظره بالداخل ، لا ، لن يحتمل ان تشوه صورتها امامه مره اخرى ، ربما عليه الرحيل الان و ابقاء ذكراها نقيه في عينيه ، و العوده حين يلملم شتات نفسه ليستطيع الحديث معها بخصوص ليلى …
ابتعد يحيى عن الباب ، ليقترب منها قائلا : انا اسف مكنش لازم…
” عمتو عمتو …. انا عايز الحمام … وماما نايمه ”
تجمد يحيى في مكانه ، باترا جملته ، و محدقا في فاتن بذهول ، ليرى الرعب يملأ عينيها ، استدار يحيى و اخفض بصره تجاه صاحب الصوت قصير القامه ..
لتحدق فيه زوج من العيون الفضوليه ، ليقول الصغير : انا يامن ، و انت مين….؟
صمت يحيى ، ليسأل الصغير مره اخرى : مين ده يا عمتو …. صاحبك…؟
ابتسم يحيى وأجاب : انا يحيى …
يامن : طب سلام يا يحيى ، عمتو انتي مش هتساعديني..!
افاقت فاتن من صدمتها لتقول : اه طبعا ، تعال يا حبيبي…
امسكت فاتن بيد الصغير ، ثم قالت ليحيى : انا راجعه حالا..
و بعد ثوان عادت تفرك يديها من التوتر ، ليقول يحيى : مين ده يا فاتن ؟
فاتن بتلعثم : ده يامن…
يحيى : ايوه يعني ابن مين ، و انتي عمته فعلا …؟
شبكت فاتن كفيها ، و قالت بتلعثم : ايوه ..اصل…
يحيى بصدمه : اصل ايه … ابن مين ده يا فاتن ..؟
شهقت فاتن حين رؤيتها لليلى واقفه بباب الغرفه و الدموع تتدفق من عينيها ، ليستدير يحيى و يهتف غير مصدق لما يراه : ليلى ..
صمت لحظه ثم هتف ثانيه : ليلى ….
اسندت ليلى راسها على الباب ، لتهرع فاتن إليها متسائله : ليلى انتي كويسه …؟
أومأت ليلى ، ليقول يحيى بصوت اجش : انا مش مصدق عنيا ، ليلى ……….
ليلى ببكاء : يحيى ، انا اسفه ، اسفه اوووي ..
يحيى محاولا السيطره على انفعاله : من امتى و انتي هنا ؟.
تبرعت فاتن بالبرد : امبارح بس ..
هز يحيى راسه باستنكار: خمس سنين يا ليلى ، نهون عليكي ، و كأن مكنش ليكي اهل ، طب بابا و ممكن افهم ، بس احنا ذنبنا ايه … ذنبنا ايه نعيش خمس سنين قلقانين عليكي ، خمس سنين يا ليلى ، خمس سنين و لا حتى مكالمه تليفون ..
ليلى بضعف : انا اسفه ، بس كنت خايفه اوي ، خايفه اوي يا يحيى …
يحيى بغضب : تخافي مني يا ليلى !
اندفع يامن قائلا : ماما انتي صحيتي .. ليقطع عليهم استرسالهم في الحديث
نظرت ليلى لابنها المتشبث بساقها ، ثم عادت بنظرها في اتجاه يحيى و قالت : ده ابني ، يامن…
ثم عبثت بشعر الصغير و قالت : عارف مين ده يا حبيبي…؟
يامن : ده يحيى..
ليلى مصححه : ده خالو يحيى..
يامن بعد تفكير : يعني ده اخو عمتو فاتن…
ليلى بابتسامه ضعيفه : لا يا حبيبي ، ده اخويا انا…
قالت فاتن : طب تعال معايا ، هاحضرلك الفطار يا بطل..
يامن : انا عايز بيضه … بيضه مسلوقه
فاتن بابتسامه : حالا ، هات ايدك عشان تساعدني
اتجهت فاتن و برفقتها يامن الى المطبخ ، لتفسح المجال ليحيى و ليلى ان يتحدثا على انفراد…
وقفا صامتين لثوان ، ليقول يحيى بمراره : خمس سنين ، ليه كده يا ليلى ، خمس سنين و كنتي موصايها متقولش حاجه ، متقولش انك هنا مش كده ، كنت محرجه على فاتن متجبش سيره ، ليه يا ليلى ، فاكراني هاعمل ايه ، ها..
صمتت ليلى و الدموع تنهمر من عينيها ، ليهتف يحيى بغضب : كنتي فاكراني هاعمل ايه ، هاموتك ، و لا اضربك و لا ايه ، ايه…..
بقيت ليلى صامته ، ليهتف يحيى ثانيه بغضب : قوليلي كنتي خايفه مني ليه ، ها يا ليلى ، البعد خلاكي قاسيه اوي كده ليه ، علمك الجفا ، علمك تسيء الظن بيا ، ليه ، انا مش جتلك قبل الفرح و ترجيتك تقوليلى الحقيقه ، تعرفيني انتي مبسوطه و لا تعيسه ، كنت مستعد اقف قصاد الدنيا دي كلها عشانك ومكنش هيهمني حاجه ، ليه مصارحتنيش ، ليه اخترتي تدبحينا كلنا بسكينه الذنب ، ليه سبتينا خمس سنين قلوبنا مليانه ندم و احساس صعب اوي بالذنب ، محدش فينا عارف كان المفروض يعمل ايه و لا يتصرف ازاي ..ليه تحرقي قلوبنا كل السنين دي …ليه مصارحتنيش يا ليلى ليه !
ليلى ببكاء : عشان مكنتش عايزه اعملك مشاكل ، كفايه اللي كنت فيه ، انت مش عارف انا تعبت السنين اللي فاتت ببعدي عنكم اد ايه ، اوعى تفتكر اني كنت مبسوطه اوي ، اوعى تفتكر اني قدرت افرح بحاجه زي الناس، على طول الخوف والذنب كانوا مكبلني ، بس وقت ما قررت اهرب مكنش ادامي اي بصيص امل ، و مكنتش اقدر احملك مشاكلي ، مكنتش هاستحمل اشيل ذنبك ، مكنتش هاستحمل اكون سبب القطيعه ما بينك و بين بابا ، مكنتش اضمن انك مش هتتهور لو تميم اتصرف بغباوته ، مكنتش اضمن هايعمل ايه ، و لا يقوم ابويا عليك ازاي ، و لا جايز عقله يصورله ان انت السبب ، مكنتش متأكده من اي حاجه …
تنهدت بحرقه محاوله السيطره على دموعها و تابعت : لو كلهم مش فهموا هروبي ، انت الوحيد اللي المفروض تفهم ، انت اللي كنت شايف طريقة بابا معانا كانت عامله ازاي ، كان لاغي رايي تماما وكأني مليش كيان وكأني مش انسانه ليا الحق اختار شريك حياتي ، انت اكتر واحد كنت بتفهمني يا يحيى ، ارجوك تفهمني دلوقتي ، ارجوك تسامحني ، ارجوك متشلش فقلبك مني ، انا عارفه اني غلطت فحقكم اوي ، بس غصب عني …
يحيى بحرقه : غضب عنك خمس سنين بدون حتى ما ترفعي تليفون لاهلك
ليلى بمراره : ايوة ، لاني اخترت اني اكمل مع كِنان ، اخترت امشي في الطريق اللي هو شايفه صح ، و كِنان كان خايف من اللي هيحصلي لو ابويا او تميم عرفوا مكاني ، قالي نستنى ، نستنى لغاية اما ربنا يفرجها وابوكي يغير رايه ، و استنيت ..استنيت يا يحيى ، خمس سنين ، مستنيه اللحظه دي ، اني ارجع و املي عنيا منكم ، اننا نتكلم و نتعاتب ، بس مش كده ، كنت فاكره انك هتاخدي فحضنك وطبطب عليا …
صمتت لتنخرط في بكاء شديد ، ليتقدم يحيى منها قائلا : انتي لسه هتوجعيلي قلبي تاني ، كفايه دموع الله يخليكي…
ليلى من بين شهقاتها : قولي انك مسامحيني يا يحيى ، قولي انك…
احتضنتها يحيى بشده ، قائلا : مسامحك يا ليلى ، انا سامحتك حتى من قبل ما تطلبيها ، بس قلبي كان موجوع اوي ، منك او من الظروف ، من كل حاجه ، من كل حاجه
ارخت ليلى راسها على صدره ، مطمئنه ، ليقول يحيى : وحشتيني اوي اوي يا ليلى ، و حشتيني اوي
ليلي بصوت متحشرج : انت اكتر يا يحيى ، وحشني صوتك و كلامك و حنيتك عليا
ظلا على هذا الوضع لبضع دقائق ، يحيى محتضنا اياها يود لو يدخلها بين جدران قلبه ، فلقد طال البعد عن اخته الغاليه ، اما ليلى شيئا فشيئا هدأت ، لتقول بمرح : طب بس بقى ، احسن فاتن تدخل علينا و بعدين تغير و لا حاجه ..
ابعدها عنه برفق ، مبتسما : بقى فاتن هاتغير عليا ، ده احتمال صعب اوي اوي دلوقتي يا ليلى
ثم أضاف مقبلا جبينها : وحشتيني اوي ووحشني هزارك الماسخ ده
ضحكت ليلى : بقى انا هزاري ماسخ
يحيى : لا مش ماسخ ، بس دمه تقيل
ليلى : بقى كده !
تنهد يحيى ثم قال بضيق : امال فين الاستاذ كِنان ؟؟؟؟؟؟
ليلى باحراج : طب تعال نعد الاول …
قالت ليلى بعد ان جلسا : ارجوك يا يحيى متاخدش موقف منه ، هو كان خايف عليا مش قصده يبعدني عنكم
يحيى : مش وقته الكلام ده ، المهم انتي كويسه ، و فين كِنان اصلا..؟
قصت ليلى على يحيى ظروف كِنان و اضطراره للبقاء في فلسطين ، ليقول يحيى : بس القيامه قايمه هناك
ليلى بتوتر : ربنا يستر و يرجعلي بالسلامه..
يحيى : و فاتن كانت على اتصال بيكي ؟
ليلى بتوتر : ايوه ، و ياريت متاخدش منها موقف ، احنا اللي اكدنا عليه متقولش اي اخبار عننا
يحيى : انا لازم اقولهم يا ليلى ، لازم اطمنهم عليكي
ليلى : بلاش دلوقتي يا يحيى انا وعدت كِنان اما يجي هنقرر هنعمل ايه
يحيى : برده خايفه يا ليلى ؟
ليلى : و بابا غير رايه ؟
صمت يحيى ، لتقول ليلى : يبقى خلينا نستنى اما اطمن على كِنان الاول..
يحيى مقترحا : انا مش هاقول لبابا ، بس ماما و لؤي … و هما اكيد هيتفهموا موقفك
ليلى بحيره : مش عارفه ، انا خايفه من ردة فعلهم …
يحيى : تاني هتخافي يا ليلى ، ارجوكي تطمني ، انا عارف ماما و لؤي لا يمكن يعملوا حاجه تضرك
أومأت ليلى و الدموع تملأ عينيها : دول وحشوني اوي يا يحيى
يحيى : طيب انا هاروح اديهم خبر ، و بالمره اوضب مكان عشان تعدي فيه انتي و فاتن لغاية اما نقول لبابا و نقدر نتفادي ردة فعله ..
ابتسمت ليلى و قالت : انتو خلاص حليتو مشاكلكم و هترجعوا لبعض يا يحيى
يحيى بتردد : مش عارف ، انا لسه محتاج اتكلم مع فاتن و اقنعها
ليلى : طب مستني ايه ، روح كلمها دلوقتي..
يحيى : دلوقتي لازم اروح و افرحهم بيكي يا ليلى ، اما فاتن فشكل الطريق طويل اوي ادامنا
دلفت فاتن و برفقتها يامن ليقطع الحديث الدائر بينهما متسائلا : ماما ..احنا مش هنكلم بابا بقى…؟
ليلى بحب : مش دلوقتي يا حبيبي ، تعال اعد مع خالو الاول
اطاع يامن والدته ، و تقدم ليجلس بالقرب منها…
ليقول يحيى : معلش انا مضطر امشي دلوقتي ، مش قادر استنى … لازم افرح ماما و لؤي
ليلى بابتسامه قلقه : طيب خلي بالك من نفسك
يحيى مبتسما : متقلقيش كل حاجه هتتحل باذن الله
ليلى : و نعم بالله ….
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دخلت طواقم الاسعاف ، لنقل الجرحى و المصابين من الحي بعد أن دكته القوات الصهيونيه بوابل من صواريخ الطائرات و قنابل الدبابات ، اراد المسعفون انهاء عملهم في غضون ساعتي الهدنه ، و التي ابرمتها الامم المتحده مع الجانب الاسرائيلي حتى يتسنى للاسعاف الدخول بشكل آمن الى الحي…
قال المسئول : بسرعه شباب ، فتشوا عن اللي فيهم روح قبل ما اليهود يخرقوا التهدئه ، احنا متعودين هيك منهم ، والشهيد غطوه بقماشه و الله معكم ، ما في وقت كاف ننقل الجثث ، هلاء المهم الجرحى ، و لو ضل معنا وقت بنرجع للي استشهدوا رحمة الله عليهم….
استمع كِنان لصفارة سياره الاسعاف تقترب من المنطقه ، حيث يستلقي على الارض نازفا و بشده ، اراد النهوض طلبا للمساعده ، لتخور قواه و يفقد الوعي مره أخرى …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد خروج يحيى حاولت ليلى ان تفهم موقف فاتن تجاهه
ليلى بابتسامه : يا سلام ، يعني هتخبي عليا ؟
فاتن : اخبي ايه !
ليلى : يعني انتي و يحيى …
فاتن : انا و يحيى ايه … مفيش حاجه اسمها انا و يحيى..
لكزتها ليلى في كتفها قائله : يعني مش هتديه فرصه تانيه ..
فاتن بحسره : خلاص يا ليلى ، حكايتنا خلصت ، و للاسف ملهاش نهايه زي الروايات ، لان البطله هنا مش هتقدر تسامح ، ده من شويه افتكر في راجل عندي مخبياه فالاوضه ، يعني لسه فكرته عني زي ما هي ، و انا خلاص عايزه ابدا حياه جديده من غير ما يكون فيها وجع و حزن ، انا تعبت اوي و عايزه حد يفرحني ، يُقف جنبي مش كل شويه يجي عليا
ليلى : بس انتي كده بتكدبي على نفسك ، انتي لسه بتحبيه ، انا شفتها في عينيكي دلوقتي ….
همت فاتن بالرد عليها ، ليدق جرس الباب، استغلت فاتن الفرصه لتتهرب من الحديث عن يحيى ، و اسرعت لتفتح الباب ..
هتفت بعد ان فتحت الباب : انت ..و على الفور حاولت اغلاق الباب بسرعه ، ليضع تميم يده حاجزا بينها و بين الباب ، ويقول : مش كده يا قطه
دفعها للداخل ، لتصرخ فاتن : اطلع بره يا حقير..
لم تكمل صريخها ، فلقد كمم فمها بيده ، لتركله فاتن بشده في قدمه محاوله الافلات من قبضته… و لكنه لم يتأثر بضربتها الضعيفه ، و بقى مطبقا على جسدها و مكمما لفمها ..
خرجت ليلى من المطبخ اثر سماعها صوت دربكه في الخارج ، لتشهق بفزع : تميم…
لم يصدق تميم عينيه ، لقد انتظر هذه اللحظه اعواما طويله ، خمس سنوات ، خمس سنوات من العار و نظرات الشفقه من بعض العيون في بلدتهم ، خمس سنوات و قلبه يتحرق شوقا للانتقام…
شاهدها تتراجع الى الغرفه التي خرجت منها ، لتصرخ فاتن بعد أن ازاح يده عن فمها ، لم يتردد ثانيه ، امسك براس فاتن و خبطه عده مرات في الحائط لتفقد وعيها ، اما هو فاندفع هائجا خلف ليلى التي كانت تضع الهاتف على اذنها ربما تستنجد باحدهم ..
تقدم نازعا الهاتف منها بعنف : يااااااه انا استنيت اللحظه دي من زمان زمان اوي ، خمس سنين
ليلى بذعر : تميم ، اوعي تتهور، خلينا نتفاهم..
قاطعها بغضب : نتفاهم …ايوه ايوه هنتفاهم
ليلى بامل : و كل اللي عايزه هيحصل
تميم : انا عايز حاجه واحده ، اغسل العار اللي مهما قاوحت و مهما عملت برده لسه الناس بتنهش فسيرتي
حاولت ليلى الفرار من امامه ، ليقبض على مرفقها ، لم تجد ليلى بدا سوا الصراخ …
اسرع تميم ليطبق على فمها قائلا : انتي دلوقتي تنجري من سكات و تطلعي معايا
اومأت ليلى موافقه اياه في الظاهر فقط ، و فور ان ارخى قبضته عن فمها ، قامت بالصراخ مره اخرى ، ليقوم تميم و على الفور بتكميم فمها ثانيه ، قائلا : اه يا واطيه … انا هاخد بتاري منك دلوقت
دفعته ليلى بمرفقها ، ليدلف يامن الى المطبخ ، صارخا بهلع : ماما ماما
ارتبك تميم فور رؤيته الصغير ، لتستغل ليلى الفرصه و تهرب من قبضته ، لكنه على الفور اجتذبها من شعرها ، ليدفعها داخل المطبخ ثانيه ، و ترتطم بالحوض …
تألمت ليلى و لكنها و بسرعه امسكت بالسكين الموجود على حافة الحوض و لكن يد تميم اطبقت على كفها ، قائلا بغضب : بقى كده يا بنت عمي …
عادت ليلى للصراخ ، ليعود تميم و يكمم فمها مره اخرى ، ليصاب بالذعر حين تعالت صرخات الصغير ، أراد الانتقام و في نفس الوقت عدم توريط نفسه
لتلاحظ ليلى ارتباكه ، استغلت ضعفه و اطبقت باسنانها على كفه المكممه لفمها ، ليصرخ تميم من الالم ، و يفلت قبضته عن فهما و عن السكين ، لتلتقطها ليلى و تستدير و لكن تميم كان اسرع منها ، فقد اعاد توجيه السكين لتستقر في صدرها …
شعر تميم بالهلع الشديد فور رؤيته الدم ينفر من صدر ليلى ، لذا و بسرعه خرج من المطبخ ، ليفاجأ بدخول رجلين و برفقتهما فتاه الى الشقه…
صرخ احد الرجلين : اوعى تسيبه يهرب…
حاول تميم الفرار ولكن الرجلين احكما قبضتهما عليه ..
اما الفتاه فكانت ترقد بجانب فاتن ، المستلقيه على الارض تنزف من راسها بغزاره …
احد الرجلين : اطلبي الاسعاف بسرعه …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
مالك : يحيى انت فين ؟
يحيى : معلش مشغول اوي يا مالك ، اقفل و لما افضى هاكلمك
مالك : استنى دي حاجه ضروري جدا ..
يحيى بقلق: حاجه ايه ..؟
مالك : انت فين الاول..؟
يحيى : انا بره المكتب ..هاروح الفيلا
مالك : لو سايق وقف
يحيى بنرفزه : فيه ايه ، ما تنطق ؟
مالك : مش عارف اقولك ايه بس اختك ليلى و معاها فاتن دلوقتي فالمستشفى
يحيى بصدمه : انت بتقول ايه ، ايه اللي حصل و مستشفى ايه ؟
رفض مالك اخباره بالتفاصيل على الهاتف ، و اكتفى باعطائه عنوان المشفى ، ليهرع يحيى باقصي سرعه ليصل بعد عشردقائق
في الاستقبال وجد مالك ، جالسا على احد المقاعد و برفقته احد الفتيات ، و على ما يتذكر يحيى انها اخته الصغيره نور..
مالك مسرعا في اتجاهه : يحيى
يحيى : طمني هما فين ، كويسين … ارجوك قولي انهم بخير ، و ايه اللي حصل ؟
مالك : طب اقعد الاول ..
يحيى : اعد ايه ، انا عايز اشوفهم و اطمن عليهم
مالك : مش هينفع ، فاتن لسه الدكتور بيعملها فحوصات و ليلى …
يحيى بذهول : ليلى مالها و فحوصات ايه دي اللي فاتن بتعملها ، ما تنطق !
مالك بهدوء : اقعد يا يحيى خليني افهمك ، اصلا دلوقتي مش هتقدر تدخلهم …
جلس يحيى مذعنا ، ليقول مالك : كنت انا و نور راجعين الشقه بتاعتنا عشان نجيب شوية حاجات نسيوها البنات ، لفت انتباهي صوت ولد صغير بيعيط جامد من شقة الست رقيه ، الحقيقه قلقت جدا على فاتن ، و بالصدفه جارنا كان نازل برده بيقولي سمع اصوات صريخ مالشقه و بابها كان مش مقفول كويس ، ساعتها اتكهربت دخلنا الشقه و لقيت فاتن غرقانه بدمها على الارض وواحد خارج بيجري مالمطبخ …
يحيى بصدمه : ايه اللي بتقوله ده …؟؟
مالك مكملا بغضب : الكلب ابن عمك تميم ، اتهجم عليهم
كان يحيى يستمع غير مصدق ، ليكمل مالك : فاتن ان شاء الله هتبقى كويسه ، بس ليلى
يحيى بهلع : ليلى ايه …؟
مالك بحسره : ليلى اصابتها شديده ، و لحد دلوقتي في غرفة العمليات ..
نهض يحيى بغضب من مقعده : و تميم الكلب ده فين …؟
مالك : احنا قدرنا وا لحمد لله نسلمه للشرطه
يحيى : الكلب الحقير …ثم سأل بهلع : و يامن فينه …؟
مالك : مع فاتن مرضيش يقعد معانا ، كان بيعيط جامد و الدكتور سمحله يستنى معاها ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استغل تميم المكالمه المسموحه له في قسم الشرطه ليطلب رقم عمه عبدالرحمن..
عبدالرحمن مجيبا : خير يا تميم يا بني …؟
تميم : لقتها يا عمي لقتها
عبدالرحمن : هي مين ؟؟
تميم : ليلى ، ليلى بنتك اللي فضحتنا و خلت سيرتنا على كل لسان
عبدالرحمن : ليلى ، هي فين و عملت فيها ايه ؟
تميم بحسره : ملحئتش اعمل ياعمي ، انا دلوقتي فالقسم ، بس البركه فيك
عبدالرحمن : انطق هي فين..؟
تميم : دلوقتي فالمستشفى …
عبدالرحمن : انت متأكد و مستشفى ايه
اخبر تميم عمه باسم المشفى بعد ان قراه على سيارة الاسعاف حين اقتادته الشرطه للقسم
سألت خديجه الجالسه بجوار عبدالرحمن : انت قولت ليلى ، لقيتوا ليلى ؟؟
اسقط عبدالرحمن الهاتف من يده و قال: ايوه يا خديجه ، ايوه
صرخت خديجه بعنف : هي فين … فين ..؟
عبدالرحمن ببكاء : يا ريته ما قالي
خديجه بصدمه : ليه يا حاج ، ليه ..انت لسه مصمم عاللي فدماغك
عبدالرحمن بضعف : ده شرفنا يا خديجه ، شرف عيلتنا كله
لطمت خديجه على وجهها: حرام يا حاج ، حرام ، ربنا مقلش كده
عبدالرحمن : اسكتي يا خديجه ومتزوديش همي
أتى لؤي على صوت صريخ والدته ليسأل : مالك يا ماما ، فيه ايه ؟؟
خديجه تولول : ليلى ، ليلى تميم عتر فيها
لؤي بذعر : بتقولوا ايه ، و عمل فيها ايه الحيوان ده ؟
عبدالرحمن بحرقه : معملش حاجه ، ده اتمسك و دلوقتي فالقسم، بس انا اللي هاعمل
لؤي : بابا استهدي بالله كده ، وقولي ليلى فين دلوقتي ..؟
عبدالرحمن : بيقول تميم ، نقولها مستشفى الفؤاد ..
لؤي بلهفه : انا هاروحلها حالا، و انت يا امي خليكي هنا جنب بابا ، اوعي تخليه يخرج
عبدالرحمن مستندا على عكازه : انا هاجي معاك ..
لؤي: بلاش يا بابا…
عبدالرحمن : بيك من غيرك هاروح
خديجه ببكاء : و انا كمان يا لؤي خدني ليها ارجوك
لؤي باستسلام : حاضر يا امي حاضر…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في صمت مطبق انتظر يحيى مع والديه و أخيه ريثما تخرج ليلى من غرفة العمليات…
ليقول لؤي بحسره : احنا السبب ، احنا السبب
عبدالرحمن ناهرا : اسكت الله يكسفك
لؤي بحده : لا مش هاسكت ، اسلوبك ده هو السبب ، كان يجرى ايه لو سمعتها ….
يحيى مقاطعا بحزن : مش وقت معاتبه يا لؤي ، ادعيلها تقوم بالسلامه ….
عبدالرحمن بغضب : ان شاء الله عنها ما قامت
خديجه بغضب مماثل : حرام عليك ، حرام عليك ، مش كفايه بعدها عننا خمس سنين
خرج الطبيب مع طاقمه لينهض يحيى و لؤي مسرعين باتجاهه ..
يحيى : طمنا يا دكتور ، هتبقى كويسه ان شاء الله
الطبيب بجديه : احنا قدرنا نوقف النزيف …
لؤي مقاطعا : هي اصابتها فين بالظبط ؟
الطبيب على عجاله : هي جت هنا مصابه بجرح عميق في الصدر ، ادى الى نزيف داخلي و تلف الرئه اليسرى ، احنا قدرنا نوقف النزيف ، لكن المريضه حاليا حالتها حرجه جدا ، ده غير اننا و للاسف اضطرينا نعمل اجهاض للجنين..
شهقت خديجه مفزوعه : يا ضنايا ..هي كانت حامل ؟
أومأ الطبيب : ايوه ، و للاسف اضطرينا نعمل كده حفاظا على حياتها …
خديجه بلهفه : طب ممكن ندخل نشوفها يا دكتور …
الطبيب بانفعال : طبعا لا ، احنا هننقلها العنايه المركزه لغاية حالتها ما تستقر ، و بعد كده ممكن نسمح بالزياره السريعه..
خديجه بتوسل : ارجوك يا دكتور ، انا مشفتهاش بقالي خمس سنين و خايفه يجرالها حاجه و هي فاكره اني مش مسمحاها، ارجوك ارجوك يا بني
احتضن يحيى والدته التي انهارت ببكاء ، ليقول للطبيب : ارجوك و لو خمس دقايق …
اومأ الطبيب قائلا : بس توعدوني محدش يرهق المريضه
يحيى و لؤي : اكيد يا دكتور اكيد
الطبيب : اوك احنا هننقلها لغرفة العنايه و هابعت الممرضه تبقى تسمحلكم بزياره مقتضبه
بعد ان غادر الطبيب ، قال يحيى لاخيه : طب اول ما يسمحولنا اديني خبر على طول
لؤي : ليه هتروح فين ؟؟
يحيى : هاروح اطمن على فاتن …
قال عبدالرحمن المستمع لحديثهما : انا قايم عند اخويا ، احسن ما اتنقط اكتر من كده
فلقد اودع اخيه عزالدين قبل أيام في نفس المشفى
انصرف عبدالرحمن لتقول خديجه : طب ممكن اجي معاك يا يحيى ، عايز اشوف يامن
يحيى : مش وقته يا ماما ، و بعدين الولد في حالة صدمه و جايز يخاف من اللمه والناس الجديده
خديجه بحسره : ماشي يا بني
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وقف يحيى على باب الغرفه التي وضعت فيها فاتن ريثما يطمئن الاطباء من عدم حدوث اي مضاعفات او نزيف داخلي اثر الضربه التي تلقتها في راسها
اسند راسه على الباب مثقلا بقلقه الشديد على ليلى ، تنهد و من ثم طرق الباب ..
بعد ثوان ، فتحت فاتن الباب ، لتنظر اليه بأعين مَلْئى بالدموع …
قال يحيى محاولا التخفيف عنها : مالك قالي انهم مسكوا الكلب ده و ان شاء الله هياخد جزاءه
أومأت فاتن براسها ثم سألت بضعف : و ليلى ، طمني عليها ارجوك
يحيى باسى : لسه حالتها حرجه
تمتمت فاتن : يارب تقوم بالسلامه
يحيى متسائلا : يامن كويس ؟
فاتن : ايوه ، نايم جوه …
قال يحيى : طيب لو احتجتي حاجه ، كلميني على طول
فاتن باقتضاب : متشكره
استاذن يحيى منها ، عائدا حيث وضعت ليلى في غرفة العنايه المركزه ..
و في الطرقه وجد والدته و أخيه ينتظران ريثما يسمح لهما بالدخول …
وقف بجوارهما ، لتأتي الممرضه قائله : لو سمحتوا يا جماعه بس خمس دقايق و ياريت محدش يرهق المريضه او يعرضها لضغط نفسي…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلف الجميع الى الغرفه حيث ترقد ليلى و جسدها موصول بعدد من الاجهزه الطبيه ، لتشهق خديجه بحزن : يا حببتي يا بنتي
يحيى : ماما ارجوكي …تسيطري على اعصابك ، انتي ناسيه الدكتور وصانا بايه
اومأت خديجه لتتقدم مع ابنيها حيث سرير ليلى …و التي احست بوجودهم فورا ، لتترسم على شفتيها ابتسامه بوهن ، لتهمس بضعف : ماما …
اقتربت خديجه ممسكه بيدها : ايوه يا حببتي وحشتيني اوي اوي يا قلب امك
ليلى : انتي اكتر … و انت يا لؤي مش عايز اشوف دموعك دي
قال لؤي الذي لم يستطع ان يسيطر على مشاعره : انا اسف اوي يا ليلى ، كنت غبي جدا ، كنت غبي ومفكرتش الا فنفسي …
ليلى بضعف : هششش انا اللي اسفه
يحيى بتأثر : ليلى ارجوكي تريحي نفسك و مفيش داعي تتكلمي
خديجه : اه يا بنتي
ليلى مقاطعه بضعف : انا عايزاكم تسامحوني كلكم ، و بابا فين بابا ..انا عايزاه يسامحني
يحيى : انتي اللي تسامحينا يا ليلي ، و ارجوكي كفايه كلام عشان متتعبيش نفسك
ادارت ليلى راسها الناحيه الاخرى ثم عادت تنظر باتجاههم و طلبت : يحيي ، طمني على فاتن ، هي كويسه…
ثم سألت مستدركه بفزع : و يامن ، يامن، فين يامن …؟
قاطعها يحيى : كلهم كويسين و يامن مع فاتن وكويس اوي متقلقيش
ابتسمت ليلى ثم قالت : طب انا عايزه اشوفه هو وفاتن
خديجه : حاضر يا بنتي ، بس تشدي حيلك شويه
ليلى بانفعال : ارجوكم ، دلوقتي
لؤي مطمئنا : حالا ، انا هانده فاتن و معاها يامن متقلقيش
دلفت الممرضه امره : يلا ياجماعه كفايه كده
خديجه : طب خلينا كمان شويه
الممرضه : مش هينفع حضرتك
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خرجت فاتن باكيه بعد مكوثها دقائق قليله في غرفة ليلى و برفقتها صغيرها يامن ، الذي تشبث بعنقها معطلا اياها عن السير بصوره صحيحه ، نظرا لثقل وزنه بالمقارنه مع بنية فاتن الجسميه الصغيره
فور خروجهم ، هرع يحيى و خديجه لالتقاط الصغير منها ، و الذي ما ان امسكته خديجه حتى شرع في البكاء صارخا و بشده
لتتناوله فاتن مره اخرى محاوله تهدئته ، و نحت مشاعرها تجاههم جانبا الان ، فالموقف صعب للغايه ، لذا قالت : اصله مش متعود عليكم ، انا كنت بكلمهم كتير و بيشوفني عالكاميرا عشان كده واخد عليا جدا
استطاعت فاتن أن تُهدأ من روعه ، لتقول خديجه بحرج : انا مش عارفه اقولك ايه يا بنتي …
ليقطع حديثها خروج الممرضه من غرفة العنايه و على محياها علامات الجديه ، ليرتاب الجميع و بشده .
ليسأل يحيى بقلق جم : حصل ايه ارجوكي طمنينا
الممرضه باضطراب : انا استدعيت الدكتور ، و ربنا معاها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تلقى ابو فراس الاتصال من المشفى بصدمه كبيره : شو يعني محتاجين اهلهم مِشان يتعرفوا على الجثث ..
جلس على المقعد ، فقدماه لم تستطعا حمل ثقل هذا الخبر ، ليسأل زميله : شو يا ابو فراس ، طمنا الله يخليك
ابوفراس بحزن عميق : استشهدوا … الطاقم كله ، استُشهد و هو بيدافع عن الحق و بيحاول يظهر ظلم و غطرسة الصهاينه .. مع انهم واضح جدا صحفيين و لكن هدول الكلاب ما بيفرق مَعهم حَدا
الزميل : انا لله و انا اليه راجعون ..
ابوفراس : بترجاك تكلم اهلهم و بسرعه ، وانا راح حاول اتواصل مع اهل كِنان …
اومأ زميله مسرعا ، اما ابوفراس فسارع للاتصال بالشخص الوحيد الذي كلفه كِنان باللجوء اليه إن حدث أي مكروه له أو لزوجته ليلى …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لقد عرفت ليلى بحدسها منذ فتره ليست بالبعيده ، بأنها لن تكون أميره كما في الاساطير ، و لقد علمت و بيقين بأن أميرها لن يكون كأبطال الروايات ، بل هو بطل حقيقي ، و البطل الحقيقي لن يدافع عن الحق و يعبر البحار المَسْجوره محاولا اظهار الحقيقه و يخرج منها سالما دون أي عواقب….
في الحياه هناك دوما عواقب … للرأي و القرارات ، اختار كِنان أن يخاطر بحياته من أجل ايصال صوت الحقيقه ، من أجل أن يجد المعدومين في الارض منصه للتعبير عن مآسيهم أي كانت بُقعتهم الجغرافيه ، لقد آمن بمبادئه و سعى حثيثا لتطبيقها على أرض الواقع
ابتسمت ليلى ، متذكره كلماته : ” لما ربنا يريد مش هاكون ندمان لاني عشت حياتي بالطريقه اللي انا مؤمن بيها ، صحيح هيكون في اخطاء بس الواحد بيعيش يجرب و يتعلم بس اهم حاجه انه في النهايه حاول …”
زادت ابتسامتها، صحيح ان حكايتهم لم تكن كالروايات … لا بل هي كالروايات روعه لكن تفتقد لنهايه مبهجه كنهاية الروايات عادةً ، و مع ذلك ستفارق الحياه غير نادمه على ارتباطها بزوجها البطل ، و تنهدت مغمضة عينيها الى رحلتها القادمه بجوار زوجها الشهيد
قال الطبيب الواقف بجوار سريرها بأسى بالغ : انا لله و انا اليه راجعون، جسمها مقدرش يتحمل الصدمات ، اجهاض + تلف الرئه اليمني ، و اللي انهك جسمها فعلا هو الالتهاب الناتج عن جرح السكينه و الحمى اللي مسكت فجسمها كانوا كفيلين بتعطيل وظايف الجسم للاسف
الممرضه : ربنا يصبر اهلها ، دي لسه صغيره
يتبع