رواية حب تحت الرمال
¤ قلب مُتْرَع بالندم ¤
————————–
أجل يحيى حديثه مع فاتن بخصوص ليلى ، حين زُفت اليه الانباء الساره بطلب لؤي يد ديما ، و ها هو الآن يستعد لحضور عقد قرانهما ، فلقد أصر لؤي وبشده أن تكون الخطوبه و كتب الكتاب معا …
مما اضطر يحيى إلى تأجيل اي شيء يتعلق بليلى الآن ، خاصه لانكار فاتن معرفة اي معلومه عن كِنان ، مما يدعو الى التريث قليلا ، و البحث عن طريقة ما لاقناعها بالبوح بما تعلمه عن اخته…
دلف يحيى الى غرفة اخيه قائلا : محتاج مساعده يا عريس ؟
لؤي : عريس …من بؤك لباب السما ، تفتكر ينفع نخليها دخله بالمره
يحيى بضحك : ايوه لو حابب ديما تلبسك طرحه بدالها الليلادي
لؤي : تؤتؤتؤ ليه بس ، انت شايفني قُليل ، ده انا هادبحلها القطه من دلوقتي
يحيى : انت بتتكلم عن ديما ، متأكد …؟
لؤي بتنهيده : اه جيت عالجرح …هي مستفزه و فيها كل العبر بس اعمل ايه ، القلب و ما يريد بقى !
يحيى بابتسامه : ربنا يتمملكم على خير
لؤي بحرج : معلش بقى يا يحيى ، يعني انت تفسخ وانا اخطب ..
يحيىى : متشلش فبالك ، انا اصلا كنت حاسس اني اتسرعت فالخطوبه من سلوى ، بس اللي حصل بقى
لؤي بمزاح : تصدق ربنا نجاك من الوليه امها ، على راي الحاجه عايزه 6 شهور خطوبه بتاع ايه ده
ابتسم يحيى قائلا: صحيح ، مش عارف ليه ماما مكنتش طايقاها بالشكل ده
لؤي : طب تعال والنبي ساعدني اعمل الفيونكه دي
يحيى مقتربا منه : ثوان ..
نظر لؤي في المرآه بعد قيام يحيى بمساعدته في ربط الببيون ، ليقول : دي عووجه كده
اعاد يحيى النظر ثم قال : ما كنت البس كرافت عاديه ، حبكت دي
لؤي بامتعاض : ديما اصرت عليها ، ال هتكون لايقه مع فستانها اكتر
يحيى بتهكم : لا واضح جدا انك دبحلتها القطه
لؤي بغيظ: اهو ده اللي باخده منك ، بقولك ايه اعمل حاجه مفيده فليلتك دي و ابعتلي ديما تزبطهالي
يحيى : بقى ديما هتسيب الهيصه اللي عندها و تيجي تساعدك
لؤي: بس انت روح قولها ، دي مش بترفضي طلب ابدا حتى لو ايه..
يحيى باستسلام : اما نشوف..
توجه يحيى الى غرفة ديما و التي تقوم فيها بالتحضيرات الخاصه بها لهذه الليله ، طرق الباب ، لتفتح له خالته راويه و التي سألت : لسه ديما مخلصتش ادامها ساعه كده
تنحنح يحيى : معلش ، بس ممكن اقولها كلمه كده..
راويه : حاضر يا بني
بعد دقيقه كانت ديما بالباب مرتديه ماسك ذو لون وردي على وجهها ، قائله بضيق : خير يا يحيى ، ارجوك تقولي انه خير، اصلي لسه مش مطمنه للواد اخوك ده
ابتسم يحيى قائلا : اهو الواد اخويا ده مزنوق ، و عايز منك مساعده ضروري
ديما مستفسره : عاوز ايه السعادي .؟
يحيى و قد ادرك انها لن تذهب لمساعدة لؤي ان عرفت بالحقيقه : بصى انا معرفش تحديدا ، بس هو باين انه محتاجلك جدا ..
ديما بتأفف : يا ربي ، هاعمل ايه دلوقت ، الماسك لسه فاضله ربع ساعه عبا ل ما اشيله
يحيى : طيب هي المساله مش هتحتاج اكتر من خمس دقايق ، و ترجعي و تشيلي الماسك براحتك
ديما : فكره برده ، هو انهي اوضه ؟
يحيى: انا هاوصلك
تبعت ديما ابن خالتها ، ليصلا الى الغرفه المنشوده في الفندق و الذي سيقام فيه حفل الخطوبه ، ليقول يحيى : انا هستنا بره
لم تطرق ديما الباب ، بل فتحته بعنف ، قائله : عايز ايه السعادي ؟
ادار لؤي راسه ليقول بخضه : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ديما بغضب : عايز ايه ، انجز !
لؤي بضحك محاولا العبث في الماسك خاصتها : وده المفروض يعمل ايه ، يحولك لفامبير مثلا
ابتعدت ديما عنه قائله : يوووووووه انا الحق عليا اللي جتلك اصلا
هرع لؤي للامساك بمرفقها قائلا : بموت فيكي و انتي نرفوزه كده
ديما بتأفف : اوصره ، عايز ايه ؟؟
لؤي : ممكن تربطيلي البتاعه دي
ديما بغيظ : بس كده !
لؤي بابتسامه : ايوه يا حببتي ..
ديما بغضب : بقى مخليني اجي على ملا وشي عشان ببيونه
لؤي بامتعاض : خلاص بلاها ببيون و هانزل سبور كده
ديما باعتراض : استنى هازبطهالك و امري لله
لؤي محاولا اغاظتها : و مالك مدايقه كده ، ده في الاستديو البنات هتبقى هتموت و تساعديني… اشي هات اسرحلك شعرك ، اشي حواجبك ، اشي…
صرخ لؤي ، فلقد امسكت ديما بحاجبيه بشده و قالت : عارف لو بس شميت ريحه خبر ان في جنس انثى لمستك ، مش هايحصل طيب لحواجبك الشقر اللي فارحنلي بيهم دول
تمتم لؤي بعد ان افلتت حواجبه : انا اللي جبته لنفسي
ديما : بتقول حاجه !!!!!!!!
لؤي : تراني مره احبك
ضحكت ديما : حلو اوي الغزل الخليجي ده ، تراني تاثرت مره ابكي من جماله
لؤي : اتريئي اتريئي
ديما : اهو زبطهتالك ، اي خدعه تاني
لؤي : ما تجيبي قطمه
ديما بعدم فهم : قطمه ايه
لؤي : من الفراوله اللي مغرقة وشك دي
اقترب منها قائلا : خصوصا اللي فوق الشفايف ، هنا
مد اصبعه ، لتبعده : هاقول ايه بس انا اللي جبته لنفسي
وخرجت مسرعه من الغرفه ، ليتمتم لؤي : هو انا بحبها ليه البت دي !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت فاتن مرتابه قليلا من العيش بمفردها ، بعد سفر الداده رقيه لابنتها سحر ، و مما زاد قلقها هو رنين جرس الباب مرات متتاليه قبل قليل ، آثرت فاتن عدم الفتح لهذا القادم ، فلقد تجاوزت الساعه العاشره مساء…و لكن الرنين لم يتوقف…
تمنت ان للباب عينا سحريه لترى مَن الطارق و لكن تصميم الشقه على الطراز القديم ، جذبت المكنسه بيدها احتياطا ، ثم و بايد ترتجف فتحت الباب نص فتحه ، لتهتف احداهن : فاتن ..افتحي انا ليلى…
لم تصدق فاتن اذنيها ، فلقد اخبرها كِنان بان ليلى لن تصل مصر الا بعد يومين على الاقل ، فتحت الباب على مصراعيه و صاحت غير مصدقه : ليلى ليلى مش معقول…
ابتسمت ليلى بضعف : ازيك يا فاتن ، و حشاني اوي اوي …
احتضنتها فاتن بشده : يااااه يا ليلى يااااه ، انا مش مصدقه اني شفتك تاني ، متتصوريش وحشتوني اد ايه انتي و كِنان
ليلي ببكاء : و انتي اكتر يا فاتن ، انا الدنيا هنا وحشتني اوي اوي
فاتن و قد لاحظت الارهاق الشديد على محيا ليلى ، و التي تحمل بين ذراعيها ابنها يامن : حمد الله عالسلامه يا احلى مراة اخ فالدنيا…هاتي يامن عنك…
سلمت ليلى ابنها لفاتن قائله : معلش هنتقل عليكي…
التقطت يامن و تراجعت الى الخلف ، قائله بعتاب : كده هتزعليني منك ، انا ما صدقت اشوفك تاني ، و اشوف العفريت الصغير ده..
ربتت على شعره قائله : يا حبيبي ده فسابع نومه
دلفت ليلى الى الداخل و جلست على اول مقعد في طريقها و قالت : معلش يا فاتن هاتعبك ، لو ممكن كوباية مايه ، و هاتي يامن جنبي هنا…
وضعت يامن حيث اشارت ليلى ثم سالت بقلق : انتي كويسه ؟
ليلى : ايوه ، بس تعب السفر و كده ..
ابتعلت فاتن ريقها ، ثم تحسست جبهة ليلى ، لتقول : طب احتياطا انا هاجبلك مسكن ..
قاطعتها ليلي : مش هاقدر اخد ادويه انا حامل
هتفت فاتن : اه ده انا نسيت الف مبروك يا حببتي
ابتسمت ليلي : حاف كده ، ما تجيب بوسه يا جميل …
احتضنتها فاتن بحب و قالت : معلش انا معرفتش اسلم عليكي كويس ، اصلي اتفاجأت بيكي
ابتعدت عنها و قالت : الحمام على اليمين اهو ، خشي خودي شاور و حالا الاكل هيكون جاهز..
ليلى : طب هاخش انيم يامن الاول ..
فاتن : هاتيه عنك و فوتي انتي الحمام ، انا هازبط حبيب عمتو ده..
ابتسمت ليلى و اتجهت الى الحمام ، اما فاتن فوضعت الصغير النائم في الفراش ثم انطلقت لتحضير العشاء..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد تناولهن العشاء ، سالت فاتن : كِنان مقليش انكو هتيجو انهارده
ليلى : موعد السفر اتقدم ، و مجتش فرصه نكلمك ، كنا بنحضر نفسنا ولما كلمتك تليفونك كان مغلق
فاتن بقلق : طيب كِنان هيرجع امتى ؟
ليلى : وعدني قريب ، بس مش عارفه ليه قلبي مش مطمن
فاتن بقلق : ليه بس بتقولي كده ؟
ليلى بتنهيده : الوضع هناك خطر جدا ، وانا عارفه كِنان متمسك بمبادئه اوي ، و مستعد يغامر بحياته عشان يوصل الحقيقه
فاتن محاولة طمأنتها : خلينا نفكر بطريقة ايجابيه و بلاش نقدر البلا قبل وقوعه ..
ابتسمت ليلى : معاكي حق ..
لاحظت فاتن القلق الشديد الذي يزين ملامح ليلى و لم يكن سببه فقط الخوف على كِنان ، لذا سألت بتوتر : طب هتكلمي حد من اهلك..؟
ليلى : كِنان محرج عليا جدا ، و مش عايزه ازعله ، هاستني اما يجي و نشوف هنعمل ايه
فاتن: ربنا يستر ، بس زي ما اتفقتي مع كِنان يا ريت بلاش خروج لغاية اما يجي
ليلى بابتسامه : يا خراشي ده انتي شاربه من اخوكي بقى
فاتن : معلش يا ليلى ، استحملي لحد اما يجي كِنان..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس لؤي بجوار ديما في الكوشه و قال : الف مبروك يا مراتي يا حببتي
ديما بجديه : خطيبتك ، مراتك دي بعد ما اخلص دراسه
لؤي : يا بنتي متفصلنيش عايز اكمل البؤين الرومانسي اللي حفظتهوملك
ديما : بؤين و رومانسي فجمله واحده …طب ازاي ؟
لؤي بغيظ : طب و النعمه لا انا قايم من جنبك
ديما بدلال : طب اعملها كده وريني …
لؤي : بس لولا الحاج داخل علينا يبارك كنت قمت و لا همني
تقدم والدهما بالتهنئه و المباركه لهما ، اما يحيى فلقد ارتاى ان يجلس في اخر القاعه ، فمزاجه لا يسمح له بالانخراط في كل هذا الهرج الدائر فالحفل..
سالت ديما : يحيى مش باين يعني !
لؤي : اه صحيح ، فينه مش شفتهوش خالص بعد ما الماذون مشي…
قالت ديما بقلق : انت مش هترجع فكلامك ، صح ؟
لؤي بضيق : ديما ، انا وعدتك و ان شاء الله اول حاجه هاعملها بكره هاكلمه فالموضوع ، و ربنا يستر
ديما بتنهيده : ربنا يستر
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد انتهاء الحفل قام يحيى بقيادة السياره لايصال ديما و برفقتها لؤي الى المنزل..بعد ان اصرا على ان يتجولا في السياره احتفالا بخطبتهما
ترجل لؤي من السياره بعد ان توقفت امام البنايه التي تقطن بها ديما ، وقال ليحيى : ثوان و راجعلك
ترجلت ديما هي الاخرى بمساعدة لؤي ، الذي امسك بمرفقها ليساعدها على صعود الدرجات ..
ركبا المصعد سويا ، ليقول لؤي : مش هاين عليا اسيبك الليلادي خالص..
ديما بدلع : و لا انا …
لؤي بلهفه : بجد ؟
ديما : لا طبعا ، ورايا ميت حاجه بكره ، مش عارفه هاصحى ازاي اصلا..
لؤي بمزاح : كده برده ، و انا اللي فاكر مشاعرنا متبادله ، اخص عليكي
ضحكت ديما و قالت : انت زعلت ..؟
وصل المصعد ليقول لؤي : اتفضلي حضرتك..
ديما بزعل : مش هتوصلني لباب الشقه..؟
لؤي مدعيا الضيق : امري لله..
و على باب الشقه ، امسك يدها مقبلا اياها برقه : هتوحشيني من هنا لبكره اووي
ديما بخجل : هو احنا هنشوف بعض بكره ؟
لؤي بتنهيده : بكره و بعد بكره واللي بعده..
ابتسمت ديما : يعني مش هتزهق مني..
لؤي : عمري ..و اقترب منها ليصبح جبينه ملاصقا لجبينها و همس : بحبك
ديما بحرج : ميرسيه
ابتسم لؤي و قال : لا ميرسي على واجب حضرتك …
ابتسمت ديما و قالت : طب تصبح على خير بقى
لثم لؤي جبينها و قال : الاول مش هتديني حتة بونبونايه تصبيره كده ..
فُتح باب الشقه ، ليطل منه والد ديما قائلا بضيق : انت لسه هنا ؟
ابتعد لؤي عن ديما مسرعا و قال بتلعثم : انا كنت بوصيها تتغطي كويس ، اصلها بردت ..آآآآآ. .. تصبحوا على خير، و ديما تغطي كويس ..ها…..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استلقى يحيى في فراشه ، بعد ان اخذ حماما منعشا عله يقضي على الكآبه التي تجثم على صدره ، فغدا سيضطر الى مقابلتها ، لن يستطيع تأجيل المواجهه اكثر من هذا …
لقد تيقن بان لديها معلومات عن اخته و زوجها ..و تنمى بشده ان تثق به و تخبره بكل ما تعرفه ، و لكن من اين ستأتي الثقه ، لقد اتهمها مرات عده بما ليس فيها ، خاصه بالنسبه لتلك الصور ، لقد فحصها جيدا في الايام الماضيه لتنجلي له الحقيقه بانها صور بالتاكيد معدله عن طريق الفوتوشوب ، و الادهى ان جسم الفتاه في الصور لا يطابق جسم فاتن…
فلن ينسى يوم ان حادثته عبر السكايب مرتديه ذلك القميص الفاضح بالخطأ كما قالت ، حينها لم يستطع يحيى ان يشيح بنظره عنها ، لتنحفر صورتها في ذاكرته و بالاخص المفاتن التي ابرزها لباسها ، و بالمقارنه مع الصور التي احضرها مالك فان الموجوده فيها تفوق فاتن حجما ..
و لكن حرفنة أنس في رسم وجه مطابقا لوجهها جعلت من الصعب عليه التمييز انذاك خاصه بعد مشاهدته لها تبُث كلمات الحب لاخيه …
حسنا لقد تبرأت من احدى التهم ، و لكن ماذا عن علاقتها بأخيه ، هل سيضعف غدا و ينسى خيانتها …
فتح يحيى درج الكوميدينو بجانبه و اخرج هاتفه القديم ، شغل الفيديو و انصت لحديثها الموجع لقلبه ..و لكن ربما عليه ان يشاهده هذه المره ، حتى تكون حصانته ضدها قويه غدا …فمن الصعب عليه ان ينظر لعينيها التي تشع براءه و يبقى قلبه متحجرا من ناحيتها ، عليه الان النظر الى عينيها الخائنه و استحضارهما حينما يقابلها غدا…
تنهد يحيى بحرقه ، مفكرا ، لقد أخطأ و تسرع بالنسبه للصور ، هل أخطأ ايضا و تسرع بالنسبه للفيديو مع أخيه ، و لكن والده لن يكذب عليه ..
تنافرت الأفكار في رأسه ، فلمحبوبته شخصيتين على النقيض تماما من بعضهما ، و تذكر صديقه مالك و كيف لم يصدق عنها الصور مطلقا ، لِمَ تصرف بعقلانيه…
توقف يحيى عند تلك الفكره ، فلقد تصرف مالك تبعا لعقله و ليس قلبه ، لذا استطاع أن يصل الى الحقيقه بشأن صورها ، ربما عليه الاقتداء بصديقه و التفكير بعقله الان
شغل الفيديو من البدايه ، ليشاهده مره تلو الاخرى ، ليزيد الالم الكامن في قلبه ، و لكنه شاهده بتمعن و دقه هذه المره ، كما فعل في الصور ، و في منتصف الفيديو لاحظ ما لم يلحظه عندما شاهد الفيديو سابقا ، لقد كانت هناك ورقة على الطرف الاخر من السرير ..
اعاد الفيديو من جديد ، ليلاحظ انها في البدايه كانت تختلس النظر الى تلك الورقه و التي كانت موضوعه بجوارها ، ليقوم لؤي على الفور بازاحتها الى الطرف الاخر من السرير …
لقد شغلته تعبيرات الحب و اللهفه التي تزين وجهيهما عن النظر الى ما يدور حولهما …
و تذكر كلماتها : ” ده كان تمثيل …تمثيل …”
ايعقل ، نهض بسرعه الى غرفة مكتبه و الملاصقه لغرفة النوم الخاصه به ، فتح الباب المشترك بين الغرفتين و امسك جهاز الحاسوب الخاص به ، و في غضون ثوان قام بنقل الفيديو من الهاتف الى الحاسوب ، ليقوم بمشاهدته باحد البرامج المتطوره على جهازه…الذي اتاح له تكبير الصور ليرى بوضوح بعض الكلمات المكتوبه على الورقه و التي تطابق بعض ما قالته فاتن في الفيديو…
تمتم غير مصدق : مش معقول … طب ليه يا لؤي ..ليه !
تملك منه الغضب ، توجه الى غرفة لؤي ، فتح الباب بعنف ليرتد محدثا صوتا افاق لؤي من مضجعه ، ليقول الاخير : خير اللهم اجعله خير..
اضاء يحيى النور ، و اغلق الباب مجددا و صاح بغضب : قوم فز و كلمني ..
لؤي باستغراب : مالك يا بني ؟
تقدم يحيى و اجتذب لؤي من مؤخرة عنقه قائلا : عملت كده ليه فهمني ..؟
لؤي بوجع : اااه سيب رقبتي ، انت اتجننت باين ، عملت ايه ..؟
افلت يحيى عنقه و قال باقتضاب يحمل الكثير من الغضب : فاتن …
ابتلع لؤي ريقه و قال بتلعثم : تقصد ايه..؟
يحيى بعصبيه : انت عارف اقصد ايه..
لؤي بدفاع : انا اخر مره كلمتك فالموضوع قولتلي انك معدتش حابب نتكلم عنها نهائي ، انا كنت ناوي اقولك ، و الله كان اول حاجه هاعملها بكره
صاح يحيى بغضب جم : تقولي ايه بالظبط ؟؟
ولم يتسطع يحيى أن يتمالك اعصابه ، هتف مكررا : تقولي ايه.. تقولي ايه …ثم شرع في تسديد اللكمات لاخيه الاصغر
حاول لؤي تفادي تلك اللكمات ، مترجيا : اسمعني يا يحيى … ارجوك اسمعني
توقف يحيى عن ضربه ، ثم قال بخيبه : اسمع ايه ، حرام عليك ، تعيشني فعذاب كل السنين دي ، عشان ايه
لؤي مطاطا راسه : انا اسف بس ، ….
يحيى بغضب : انت هتنقطني ، و لا مكسوف من عملتك ، انا بس نفسي افهم ليه يا لؤي ، ليه ؟
لؤي بانكسار : عشان حاجات كتير اوي يا يحيى ، بس لازم تعرف ان دي حاجات كانت فالماضي و معدش ليها وجود دلوقتي ..ارجوك تصدقني
يحيى باستنكار : اصدقك ، بعد ما ضيعت روحي مني بدون ما يرفلك جفن ..عايزني ارجع و اصدقك ، بعد ما ضيعت احلى حاجه حصلتلي فحياتي ، بعد ما دفنت قلبي فقبر مليان قماءه و خسه ، بعد ما خلتني اظلمها و اتخلى عنها ، فوقت ما هي كانت محتاجاني جنبها ، دي ما كانتش لسه فاقت من صدمتها في امها و قسوتها وانانيتها ، خلتني اقتلها بسكينه مليانه ظلم و دناءه …
ثم امسك لؤي من بيجامته ليهزه بعنف مكملا : ليه يا لؤي ، ليه ، دي كانت طفله ، مصحيش ضميرك و لو لحظه ، ها ، مصحيش و انت شايف عينيها للي مليانه براءه ، مليانه ثقه فيك ، مكنتش مخوناك ، بس للاسف طلعت اكبر خاين ..
هز لؤي راسه و الدموع تملأ عينيه و قال : مكنتش انا يا يحيى ، كنت وصلت لمرحله اني خلاص معدتش قادر استحمل ضغط ابويا ، معدتش قادر استحمل اني الفاشل فالعيله ، مطقتش المقارنات المستمره معاك و اللي انت دايما بتكسبها و على طول كفتك هي الراحجه عند ابويا ، طهقت يا يحيى ، طهقت و كرهت نفسي و فشلي اللي بشوفه فعيون ابويا كل يوم ، و شويه بشويه كرهتك انت كمان يا يحيى ، كرهت حبهم ليك ، و دفاعهم عنك ، يا اخي حتى بعد ما جبت فاتن البيت برده بابا هاودك رغم كرهه الشديد لبيئتها و امها و اسلوبهم في الحياه ، التمسلك العذر و خادك بالهواده عشان يراعي مشاعرك ، كنت وصلت لنقطة الانفجار بعد ما ديما بعتتلك الصوره كنت فاكراها بتحبك هي كمان ، معرفش سيطرت عليا فكرة الانتقام و عملت الفيديو و فاتن بسهوله صدقتني ووثقت فيا..
يحيى بتهكم مملوء بالمراره : اه ما انا كنت موصيك عليها جامد ، كنت فاكراك هتصونها و تحميها ، بس طلعت اكبر مغفل فالدنيا ، انا بايدي دمرت اللي بينا
ثم ضحك بسخريه : كان كلامي ليها اوامر ، متلبسيش ده ، حاضر ، متروحيش لوحدك حاضر …تقدري تعتمدي على لؤي فغيابي ..اكيد ..اكيد صدقتني و صدقتك ، خلتها تثق فيك ، خلتها تصدق شيطان مش بني ادم ….
قاطعه لؤي بمراره : ايوه كنت شيطان وقتها ، حقدي عماني اني افهم انك ملكش ذنب في اللي بيعمله ابويا ، بس صدقني بابا شجعني اني اكمل فاللعبه دي ، قالي انه متاكد ان مشيها بطال ….
صمت ثم اضاف : بس بعد هرب ليلى و نفسيتك اللي بقت زيرو و ليلك نهارك قافل على نفسك الاوضه ، فاتحت بابا فالموضوع و صارحته ان انا اللي فبركت الفيديو و خدعت فاتن و نفسي اقولك و اريح ضميري
وقتها بابا اعد و حكالي حاجات كتير اوي عنه و عن والدتي و ازاي كان هيضيع عيلته و نفسه بسبب الهانم انجي الشريف…
يحيى بفضول : مش فاهم ايه علاقة ابويا بانجي الشريف …؟
لؤي : هاقولك بابا حكالي ايه
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
Flash Back
عبدالرحمن : اياك يا لؤي ، اياك ، احنا ما صدقنا نخلص منها
لؤي : ولو … يا بابا انا لازم اريح ضميري و هو حر بقى ..
عبدالرحمن : يعني عايز ترجع التعبانه دي لبيتنا تاني ، حرام عليك امك طيب ، كفايه اللي شافته من امها
لؤي : تقصد ايه يا بابا ؟
عبدالرحمن : قبل سنين فاتت ، عملت حاجه لحد دلوقتي بندم ندم عمري عليها ، اول ما جينا القاهره ، كان يحيى لسه صغير و مامتك كانت حامل فيك فالشهور الاولى ،وقتها كانت ساكنه جنبنا الست انجي الشريف و خالتها و الله اعلم كانت خالتها و لا مين …
المهم مش عارف ازاي لعبت بيا و بدات تشاغلني و للاسف ضعفت و انخدعت بيها ، بنت حلوه و كمان وقتها كانت بتمثل و شفتلها كذا مسلسل ، فانبهرت ازاي البنت دي اللي بتطلع فالتلفزيون بصتلي انا ، الفلاح اللي موظف بسيط فالحكومه ، و ابتدت علاقتنا ، كان وقتها ابويا تاركلي ورث كبير منه اشتريت الشقه اللي ساكنين فيها دي ، و باقي ورثي كان ارض فالبلد ، و من غير تفاصيل كتير بيعتني اللي ورايا و اللي ادامي ، حتى الشقه الي احنا ساكنين فيها اضطريت ابيع نصها لعمك عشان ارضيها و اجبلها الهدوم الماركه لافلامها و المجوهرات لزوم تظبط ادوار بنت الطبقه الراقيه ….
امك كانت شايفه و ساكته و صابره لحد ما عرفت اني بعت نص الشقه لاخويا عز، وقتها اشتكتله و حكتله القديم و الجديد ، قام اخويا عشان يفوقني شاغلها هو الاخر و طمعها فالفلوس اللي عنده و طمعت و ادتني استمارتي …
انا كنت هاخسر اخويا عشانها ، كنت ناوي اقتله و اقتلها اول ما عرفت علاقته بيها ، قالتلي انه ضحك عليها و اغواها ، كانت واخدانا تسليه ، و يوم ولادتك ، كنا متفق مع امك هتسميك محمد على اسم ابوها ، يوميها كنت رجعت تاني للتعبانه دي و خدعتني تاني و صممت اسميك زي ما هي عايزه …
كانت بتقولي هنعيش سوا و انك هتكون زي ابنها تمام ، و كل ده عشان تنيمني و يفضل اخويا يشاغلها و تستفيد منه لانها كانت فهمت الفوله و انه بيشاغلها عشان يكشف حقيقتها ليا ، المهم والدتك حتى فدي مرضتيش تكسفني و سمناك لؤي …
خدتك من حضنها و هي لسه مربعنتش و سبتلها يحيى و خلاص هاروح اتجوز البومه دي و هنبقى عيله تانيه …
صمت و الدموع تملأ عينيه : انا عمري ما هاقدر انسى منظر يحيى و هو ماسك فرجلي و عاوزني اخده معانا ، يوميها زقيته …و خرجت بيك عشان اروحلها …
مسح عينيه ثم أكمل : قالتلي محتاجه اسبوع تزبط امورها ، و خليتك عندها لحد ما نكتب الكتاب ، ده كان اتفاقنا ، و جه معاد الجواز لقتها بتردحلي و بان وشها الحقيقي ، مقدرتش تستحمل تربيتك و خلاص اخويا لما شاف ممنيش فايده بطل مشاغلته ليها …و انا كنت عالحديده ، فخلاص معدتش انفع ، سابتني و ابتدت تدور على صيده جديده
و لما عرفت حقيقتها و رجعت ندمان امك سامحتني على طول و بدون ما تعاتب ، امك اتحملت اوي عشان يحيى و عشانك ، عشان متهدش البيت ، منجيش دلوقتي احنا و نرجعلها كل الماضي بوساخته من تاني ، ده موضوع و انتهى بلاش تفتحه تاني يا بني ، بلاش توجع قلب امك …انت متخيل لو يحيى رجع علاقته بيها هيجرى ايه لامك ، حرام يا بني ، اهي غارت بخيرها و شرها ، و بعدين انت ترضاها لاخوك يرتبط ببنت امها كده ، ده انت نجدته و قدمتله خدمة العمر ..
انت عايزه يعيش اللي عشته مع امها ، يحيى ميستاهلش كده ، انا مش راضي اقسى عليه ، لاني و لغاية دلوقتي بحس بالذنب اوي ، انا كنت هبيعه هو و امك عشان واحده رخيصه …
ولو انت حكتله الحقيقه ديه هيرجع لها يا لؤي ، هيرجعلها و انا مش هاقدر اعمل حاجه ، قلبي مش هيطاوعني اكسره تاني زي ما كسرت نفسه و هو طفل ، و امك اللي هتدفع التمن …
لو بتحبه بحق ، يبقى خليك راجل ، و خود القرار عنه ، انت متخيل الصراع اللي هيكون فيه ، ما بين امه و قلبه ….. و صدقني اللي بيمشي ورا قلبه بيخسر كتير
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
يحيى بمراره : يعني خادوها بذنب امها و ابويا..
لؤي : انا اسف يا يحيى ، انا من فتره حبيت اصارحك بس انت سكرت الباب فوشي و قولتلي انك شفت عليها حاجات ….
قاطعه يحيى : مش صحيح ، كنت اعمي و مش عايز اشوف الحقيقه اللي كان فوقها شوية رمال ، يمكن خفت اني اشيل الرمله و مقدرش على المشاكل الجايه..
لؤي : انا ما صدقت يا يحيى نرجع زي زمان ، ما صدقت اتخلص من عقد ابويا
ثم أضاف : و صدقني طول السنين اللي فاتت انا كنت مفكر اني كده بريحك من حمل تقيل ، انك تتحط في مكان هتضطر تختار فيه ما بين امك و ما بينها ، انا مش عايزك تكرهني يا يحيى
يحيى ببرود : مقدرش اكرهك يا لؤي ، و لا احملك الذنب كله ، انا اللي اخترت اني اصدقكو فالنهايه من غير ما اتاكد … من غير ما اقطع الشك باليقين..
لؤي : و ناوي على ايه..؟
يحيى : ناوي اصلح غلطتي …
لؤي : و انا مستعد اجي و اعتذر لفاتن و احاول اخليها تتفهم موقفك
يحيى :مش وقته يا لؤي ، مش وقته…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تواجد كِنان و معه طاقم القناه الخاص بالتصوير في احد البيوت المحاذيه للحدود بين قطاع غزه و بين الجانب الاسرائيلي ، لرصد الهجوم الاسرائيلي على الفلسطيينين العُزل ..
قال كِنان للمصور هاني : عايزك تصور كل البيوت الي حوالينا دي ..
هاني : طب انا راح اطلع على سطح البيت مِشان الصوره تكون شامله..
كِنان : و هو كذلك..
اخرج كِنان هاتفه ، مسجلا ملاحظاته على المنطقه التي فر السكان منها بعد تهديد الاسرائيلين بقصف البيوت على قاطنيها بحجة وجود عناصر من المقاومه الفلسطينيه تختبا في ضواحي هذا الحي..
بعد ان انهي التسجيل ، حاول طلب رقم ليلى عدة مرات و كذلك فاتن ليطمئن على سير احوالهن ، و لكن لا توجد اي شبكه في هذه المنطقه…
قال هاني الواقف خلفه : شكلهم قصفوا الخطوط بهاد الحي ، كِنان ، خلينا نرجع مع باقي الطاقم ، لان سمعنا اخبار راح تخش القوات البريه الصهيونيه هون وتتمركز بالحي …
كِنان بقلق بالغ : انا لازم اطمن على عيلتي ضروري
هاني : يلا كِنان ، في المكتب الاتصالات شغاله..
اومأ كِنان تابعا هاني…
كانا في طريقهما لركوب السياره ، عندما هز المنطقه انفجار عنيف ، تبعته عدة انفجارات مهوله …
انبطح كِنان و هاني ارضا ، احتماء من الشظايا المتطايره في كل مكان ، ليقول كِنان متسائلا بقلق : بس مش سامع صوت الطيارات …
هاني بريبه : هاي الانفجارات من قصف الدبابات كِنان ..
كِنان : يعني ايه..؟
هاني : يعني دخلوا بري ولاد الكلب ..احنا لازم نركب السياره و نمشي من هالمنطقه بسرعه..
دوى صوت انفجار اخر ، ليقول هاني : يلا كِنان ما في وقت..
كِنان : طب فين باقي الطاقم ، سعيد و اسيل …
هاني بذعر : ما بعرف مفروض هلاء نتجمع هون …
كِنان : يبقى خلينا نستنى وصولهم ، مش معقول هنسيبهم هنا فالخطر ده…
هاني : طب انا راح شغل السياره عبال ما ييجوا
نهض هاني ، و كذلك فعل كِنان ….و حين إقدامهم على ركوب السياره ، سقطت احدى الصواريخ على البيت المقابل ، لتتناثر الشظايا على كل ما يحيط بذلك البيت..
صاح هاني بانفاس متقطعه : كِنان … كِنان … بسرعه اركب السياره …
قام هاني بتشغيل السياره ، و ما ان فعل حتى سقطت مجموعه من الصواريخ على السياره مسببه انفجارها السريع …
صاح كِنان الذي بُطِح ارضا من شدة الانفجار : هاني ..
ثم لم يعد يشعر بما حوله …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يذق يحيى طعم النوم ، و في الصباح هيىء نفسه لمقابلتها ، نظر في الساعه ليجد أنها لم تتخط السابعه ، و لكنه لن يستطيع الانتظار أكثر من هذا ، لقد اضاع خمس سنوات من عمرهما ، و خمس سنوات ايضا من عمر ليلى ، لو انه فقط نحى كرامته جانبا لربما كانت بجوارهم الآن ..
هبط الدرجات بسرعه كبيره ، ليجد أن البيت يغمره السكون التام ، فالليله الماضيه سهر الجميع احتفالا بخطبة لؤي و ديما ….
ركب سيارته و انطلق الى عنوانها …و قلبه مملوء بالندم الشديد ، ندم على ما اضاعه من عمريهما ، ندم على تخليه عنها ، ندم على كل تلك السنوات التي تركها تعافر في الدنيا وحيده ، بدون سند و حمايه ، ندم لانه فَطر قلبها مرارا و تكرارا ، ندم لانه لم يعطيها فرصة الدفاع عن نفسها ، ندم لتسرعه في الحكم عليها ..
لقد خذلها و بشده …
اوقف سيارته امام البنايه التي تقطن بها ، دلف الى الداخل … ليستقل المصعد متوجها لمقابلتها بقلب مُتْرَع بشتى أنواع الندم
يتبع