رواية مودة ورحمة تأليف شيماء عبد العزيز

(مودة ورحمة)الحلقة9

قابلت في الممر حمزة وكان للتو قد وصل الڤيلا فمنذ ليلة أمس وهو يسير بغير هوادة وكان يبدو عليه التعب والإرهاق غير مهندم الملابس
حمزة وهو ينظر لأسفل وبصوت ضعيف:حلا أنا آسف أنا….
حلا وهي تحمل حقيبتها وتتجه للخارج:بعد إذنك
حمزة وقد لاحظ الحقيبة:حلا انتِ رايحة فين …أرجوكِ متسبيش الڤيلا ولو انتِ ماشيه بسببي أنا اللي هسيب الڤيلا بس أرجوكِ بلاش تمشي
الجد بصوت عالي:حمزة ملكش دعوه بحلا من هنا ورايح وكمان هي الفترة دي مش هتروح الشركة
الجد:حلا حبيبتي ابقي اتصلي طمنيني عليكي ومتنسيش زي ما قولتلك
حلا:حاضر يا جدو وسلمت عليه وخرجت
الجد:وانتَ يا أستاذ تعالى على مكتبي
حمزة ونظره معلق بالأرض حاضر يا جدي

أما في المستشفى
ملك:ها عاملة ايه يا بسبس
بسنت:الحمد لله
ملك بابتسامة:ها هنكمل النهارده ؟
بسنت:ماشي احنا وقفنا لحد فين
ملك:لما وافقتي تتجوزيه
بسنت:اه اه افتكرت…ودي كانت أكبر غلطة عملتها..المهم خلاني مضيت على ورقة وقالي انتِ كده مراتي أدام ربنا وطبعا سالي كانت معايا وحسستني ان ده شئ عادي ومفيش حاجه غلط وأقنعتني أو خلينا نقول أنا اللي كنت عايزه أصدقها علشان أبرر لنفسي وكان بيطلب مني نروح شقة هو مأجرها ..في الأول كنت برفض لكن مع إصراره وزعله مني واتهامي إني مش بحبه في النهاية وافقت ولما عمل اللي هو عايزه قالي كده خلاص جيم أوڤر أنا خدت اللي أنا عايزه..انهرت ومصدقتش إنه ممكن حازم يعمل معايا كده وقولتله بس أنا مراتك …بس سمعني رد صادم…
تستعيد الذاكرة
– انتِ فاكرة إني ممكن اتجوز واحده مشيت معاها أو خليتني أمسك إديها طب قوليلي انتِ أثق فيها ازاي ولا أأمنها على بيتي وعيالي ازاي
-بس انا وثقت فيك
-محدش ضربك على إيدك يا قطة كله كان بمزاجك ويلا بقى اتفضلي من غير مطرود عشان متتأخريش على البيت يا حلوة
-نظرت إليه بدموع: حازم انتَ بتهزر صح أكيد انتَ مش هتعمل معايا كده
-رد عليها ببرود: بقولك بلاش دور البراءة ده انتِ اللي رخصتي نفسك أنا مضربتكيش على إيدك ويلا بره
-استدارت لترحل بانكسار وهي لا ترى أمامها من كثرة الدموع التي ذرفتها
-حازم:استني
-التفتت إليه سريعًا وقد لاحت نظرة الأمل في عينيها وهي تفكر في أن ذلك لم يكن سوى مزحة سخيفة من مزحات حازم الثقيلة
حازم باستعلاء: خدي دول ومشوفش وشك تاني ( وألقى إليها بعض المال)
-نظرت إلى تلك الأوراق الملقاة على الأرض بدموع وانكسار وتركتهم وتوجهت نحو الباب
بسنت لملك:
حاولت استنجد بسالى عرفت إن دي كانت خطة بينها وبينه علشان تثبتلي إني مش أحسن منها
وفضلت فترة في البيت ما بخرجش ومابروحش الجامعة لحد ما اكتشفت المصيبة…إني حامل
روحت لحازم واترجيته إنه يكتب عليا ويتجوزني وبعد كده يطلقني…مرضاش وقالي أنا مش هشيل المسئولية روحي نزليه اتصرفي أنا مليش دخل بالموضوع ده
خوفت من أهلي ومن الفضيحة وكنت ناوية أروح انزله روحت البيت وأجلت الموضوع لليوم اللي بعده ولما وصلت البيت لقيت والدي بيرمي صور في وشي(وببكاء شديد) صور ليا ولحازم واحنا في الشقة وقعد يضربني وطردني
من البيت وقالي لو رجعتي هقتلك
تستعيد ذاكرتها:
-خرجت بسنت من البيت منهارة تجري في الشارع أوقفت تاكسي وذهبت إلى منزل حازم
بسنت بانهيار وجثت على ركبتيها: حازم أرجوك ساعدني بابا وصله صور لينا وضربني وطردني وقالي لو رجعت البيت تاني هيقتلني وانا مليش مكان اروح فيه
ساعدها على النهوض: أكيد سالي اللي عملت كده ادخلي وانا هتصرف
دخلت بسنت وجلست بإنهاك على الأريكة
هاتف حازم سالي في غرفة أخرى حتى لا تسمعه بسنت: انتِ ايه اللي عملتيه ده ده مكنش اتفاقنا ..وبعد دقائق من الاستماع لها..انتِ عايزه توديني في داهية بقولك ايه الاتفاق بينا إني أذلها وبس افردي ابوها بلغ عني دلوقتي قوليلي هتصرف ازاي..وبعد دقائق أخرى.. بقولك ايه اقفلي دلوقتي وانا شويه وجايلك نعرف هنتصرف ازاي في المصيبة دي وتبقى مصيبه أكبر لو لسه حامل
في ذلك الوقت كانت بسنت تستمع إلى تلك المكالمة خلف الباب وحينما أنهى الاتصال عادت إلى مكانها تشعر بالصدمة والخوف: ألهذا الحد كانت مخدوعة في تلك التي كانت تدعوها صديقتها وذلك المدعو حبيبها… ألهذا الحد كانت ساذجة…ولم تشعر إلا وهي تضع يدها على بطنها وتشعر بألم شديد
خرج حازم ورآها بذلك المنظر فقال بتساؤل: هو انتِ لسه منزلتهوش
بسنت بذعر:ها.. لا لا نزلته أول اما نزلت من عندك الصبح
حازم بخبث: طب كويس… بقولك أنا نازل دلوقتي وانتِ خليكي هنا لما اشوف حل في المصيبة دي
بسنت لملك: معرفش ليه مقولتلهوش إني لسه حامل يمكن خوفت منه أو يمكن خوفت على ابني كل اللي اعرفه ساعتها إني قررت احتفظ بالبيبي
وتلتفت لملك وبهذيان وبكاء: هو الحاجة الوحيده اللي كانت فضلالي هو اللي كان معايا لما الكل اتخلى عني بس هما أخدوه مني هما اللي حرموني منه أنا مستحيل اسيبهم( وبصوت أعلى وبكاء مرير) أنا هدمرهم زي ما دمروني ..هقتلهم زي ما قتلوني
وحاولت القيام والهرب من الغرفة
ملك تحاول أن تمنعها:اهدي يا بسنت اهدي واضطرت أن تعطيها إبرة مهدئة وبعد أن ذهبت في سباتٍ عميق وما زالت دموعها على وجنتيها خرجت ملك من الغرفة حزينة على تلك الفتاة التي يبدو أنها قاست الكثير

في مكتب الجد
الجد:انتَ ازاي تكلم حفيدتي كده انتَ غلطت فيها وانا مش هسكت …وانا اللي كنت فاكرك راجل عاقل بتعرف تفكر
حمزة بحزن:جدي أنا بحب حلا
صدم الجد: انتَ بتقول ايه
حمزة:حبيتها وقبل ما عادل وعيلته يرجعوا كنت جاي أطلبها منك….لكن لما شوفت تعاملها مع باسل غيرت عليها ومبقتش قادر اتحكم في أعصابي وخصوصا إني مكنتش اعرف إنه أخوها… أعذرني يا جدي حبي ليها عماني ومخلنيش اعرف افكر بعقلي غيرتي عميتني واتسببت إنها تضيع مني
(وبدموع محبوسة في عينه) أكيد دلوقتي هي مش هتسامحني
وبدأ يسعل بشدة
الجد بقلق:انتَ كنت فين امبارح لما خرجت بالليل..الدنيا كانت بتمطر
حمزة:كنت على النيل
الجد:أكيد أخدت برد روح ريح في أوضتك دلوقتي ونبقى نكمل كلامنا بعدين شكلك تعبان
حمزة وقد خارت قواه واتضح عليه المرض:حاضر يا جدي بس أرجوك خلي حلا ترجع الڤيلا وساعدني أخليها تسامحني
الجد:ماشي يا حمزة بس روح انتَ دلوقتي

في المستشفى
ملك تطرق الباب على غرفة سيف
سيف:اتفضل
دلفت ملك داخل الغرفة وجدتها مظلمة ..الشبابيك مغلقة وتنسدل عليها الستائر …اتجهت ناحيتها وأزاحت الستائر وفتحت الشبابيك
سيف:انتِ بتعملي ايه
ملك:أظن كده أحسن بكتير.. فيه حد يقعد في الضلمة ويسيب نور ربنا اللي بيدينا أمل وبينورلنا حياتنا
سيف:وانتِ مالك أنا عاجباني الضلمة
ملك ببرود وهي تسحب كرسي وتجلس عليه: ها أنا جاية النهارده عشان اسمع حكايتك
سيف: أظن اني قولتلك امبارح إني مش هحكي
ملك:لازم تحكي يمكن أقدر أساعدك
سيف بعصبية: مفيش حد هيقدر يساعدني ويرجعلي اللي راح
ملك بهدوء: مفيش مشكلة ملهاش حل..احنا بس اللي بنكبر المواضيع ونديها أكبر من حجمها مع إن مفيش حاجة تستاهل كل ده
سيف:مفيش حاجة تستاهل كل ده! انتِ غلطانة يا دكتورة
ملك:تعرف مره قرأت كلام وأثر فيا أوي في كتاب اسمه ( لا تحزن وابتسم للحياة) للشيخ محمود المصري كان بيقول: إن الدنيا ساعة وسوف تمر بحلوها ومرها.. والأحزان كلها إلى زوال إما أن ترحل عنك برفع البلاء وإما أن ترحل أنت عنها بالموت.وهناك..وما أدراك ما هناك؟هناك جنة عرضها السماوات والأرض أعدها الله عز وجل لأهل الإيمان..فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت ،ولا خطر على قلب بشر
-يعني الأحزان مش دايمة عيش حياتك ومتخليش الأحزان تتحكم فيك وتوقفلك حياتك
سيف بنصف ابتسامة: كلام جميل بس التنفيذ صعب
ملك :تعتقد إن فيه حاجة تستاهل ان احنا نوقف عمرنا علشانها
سيف بانفعال:أيوه طبعا فيه حاجات تستاهل وتستاهل أكتر من كده كمان
ملك بفرح داخلها أنها استطاعت استدراجه للحديث عن مشكلته:مظنش إن فيه حاجه مهما كانت تخلينا كده..إحنا حياتنا قصيرة جدا والدنيا فترة اختبار لينا ليه بقى نعيشها في حزن ..واكتئاب
سيف بانفعال أشد:حتى لو إني……..
…………………………………
ونكمل الحلقة القادمة إن شاء الله ?

error: