رواية حب تحت الرمال
¤ كيفَ السبيل إلى نسيانِك ¤
————————–
الزواج مؤسسه قائمه على اختيارنا بالعقل ، ومن ثم تأتي الموده و الرحمه ، هذا ما فكره يحيى في طريقه الى مكتب سلوى لطلب الزواج منها ، لقد فكر جيدا ، سلوى فتاه ذات اخلاق عاليه ، و من أسره طيبه ، متعلمه ، طموحه ، جميله ، يعرفها منذ سنوات خلت ، و طوال تلك السنوات لم يلمس بها صفه سيئه ، ربما أزعجه من وقت للآخر حبها الشديد لتولي دوما دفة القياده و لكن هذا على الصعيد العملي ، ربما في حياتها الشخصيه ستترك مساحه للرجل بتولي مهمته الفطريه….
ثم تذكر اعترافها بمشاعرها ناحيته حينما كانا زميلين في الكليه……و هذه نقطه اخرى ستُسهل مهمته ..
ثم تمتم : مع انه مش اكيد انها لسه عندها نفس المشاعر ، هيكون افضل برده ، جواز العقل ينجح اكتر مالحب
طرق الباب متنهدا ، ليأتيه صوتها الجاد : اتفضل..
فتح الباب و دلف الى الداخل، تاركا الباب مفتوحا ، و مترددا بعض الشيء ، و لكنه سرعان ما نحى التردد جانبا ، فاختيار العقل لا يخطىء ابدا ، لِمَ يورط قلبه في الموضوع ، لقد ذاق مرار الحب مره واحده وكفى ، و هنا حتى و إن لم يكلل زواجهما بالنجاح ” لا سمح الله ” …لن يُعاني الامرين كما عاني في حبه ، فمن السهل ترويض العقل و تعويده على حذف الاشخاص الغير مرغوبين من حياتك …
أما عن القلب ، فهيهات …!
سلوى بابتسامه : خير يا بشمهندس ..؟
يحيى : كل خير ان شاء الله ، اتفضلي اعدي..
جلست وجلس بدوره ، ليقول مبادرا : من غير مقدمات كتير ، انتي انسانه جميله بروحك قبل شكلك ، خلوقه و متميزه مش بس فشغلك كمان في نشاطاتك بره الشغل ، ملتزمه ، شغوفه مش عارف اقول ايه تاني ، فيكي حاجات جميله كتير ، و انا يسعدني جدا لو قبلتي طلبي انك تكوني زوجتي على سنة الله و رسوله…
ظهرت المفاجأه على محيا سلوى ، ليقول يحيى : انا مش عايز رد دلوقتي ، خودي وقتك و فكري ، و ان شاء الله لو حصل قبول من ناحيتك هاجي بيتكم مع اهلي و نطلبك رسمي…
لم تصدق سلوى ما سمعته أذناها ، هل نطق بتلك الكلمات حقا ، هل طلبها للزواج ، حب العمر ، بل حلم العمر كله تحقق ، و بعد ماذا ، لقد يئست تماما و لم يتبق لها أي أمل ، ليفاجئها بطلبه ، وبدون اي مقدمات كما ذكر لتوه ، حاولت السيطره على فرحة قلبها الذي اخذ يدق طربا و احتفالا بتحقيق النصرو اخيرا ، حصلت عليه ، حصلت على يحيى ….
تمتمت في نفسها : يااااااااه ، ده انا عايزه الدنيا كلها تعرف…
سلوى دون تردد : مش محتاجه وقت افكر..
يحيى بابتسامه : و دي حاجه كويسه و لا ازوء عجلي انا بقى …؟
ابتسمت سلوى : انا موافقه و جدا كمان…
يحيى و قد أقلقه ردها السريع : انتي متأكده..؟
سلوى بحرج بعد أن ادركت بأنها بدت ملهوفه للغايه : اقصد يعني…
يحيى رافعا عنها الحرج : فاهم قصدك ، و انا مبسوط جدا انك ريحتي دماغي مالتفكير ، و خلاص خير البر عاجله ، اديني رقم بابا ، عشان اكلمه و نحدد معاد ان شاء الله
تكدرت سلوى من جملته الاخيره ،هل اختارها بعقله فقط !
نحت عنها الافكار المحبطه و قالت : اوك ، اديني الفون بتاعك اسجلك رقم بابا…
يحيى مخرجا هاتفه : اتفضلي..
قال مالك الواقف بالباب : معاد ايه ده بقى ؟
نهضت سلوى من مقعدها ، قائله دون تفكير: باركلنا يا مالك ، كلامك طلع مزبوط ، و هتسمع اخبار حلوه جدا…و لا انت يمكن عرفت ..؟
نظرت باتجاه يحيى : ده انت اكيد قولتله اول واحد….
مالك بريبه : يقولي ايه ، انتو هتنقطوني ..، ما تقولوا اللي عندكو.!
سلوى بفرح : يحيى طلب ايدي للجواز…
ابتسم يحيى ناظرا لصديقه مالك : و الحمد لله وافقت ، و عشان كده المعاد ، مع والدها عشان اطلب ايدها رسمي …
صمت مالك ، ليقول يحيى الذي لم يدرك يوما حقيقة مشاعر صديقه تجاه سلوى : ايه مش هتباركلنا ؟
امتقع وجه سلوى ليصبح مطابقا لوجه مالك ، فلقد ادركت انها ارتكبت خطأ جسيما بحقه ، فالبارحه فقط كانت تلمح له بموافقتها على ارتباطهما ، و لكن فرحتها بتحقيق حلم العمر أنستها مالك و كل ما يخصه ، لتطلق فمها مثرثره و معبره عن سعادتها المفرطه..
مالك باقتضاب : الف مبروك ، ده فعلا احلى خبر سمعته من فتره…
نهض يحيى مقتربا من صديقه ، ليصافحه مربتا على كتفه : نحن السابقون ، شد حيلك بقى ، عايزين عيالنا يلعبوا مع بعض و يخشوا المدارس سوا …
مالك و قد صوب لسلوى نظره قاتله : قريب .. قريب جدا ، انا كنت فعلا بفكر فالموضوع ده من فتره ..
يحيى وقد رن هاتفه : طب تمام ، انا مضطر امشي عشان المكالمه دي …
ثم استدار قائلا لسلوى : باذن الله هاكلم باباكي بعد ما اخلص شغل ..
سلوى باضطراب : اوك
غادر يحيى ، لتقول سلوى : مالك انا …
مالك بمراره : هاتبقى زوجه اعز صديق عندي ، انا بجد فرحتي متتوصفش !
سلوى : مالك ..ارجوك…
مالك رافعا يده ليوقفها عن الحديث : انتي مش محتاجه تبرريلي حاجه ، والف مبروك ليكم …
غادر بعد أن أطبق الباب بعنف لا داع له ، لتجلس سلوى على مكتبها مرتبكه و بشده …
لم تقو على الانتظار ، طلبت رقم شيرين لتخبرها الانباء السعيده ، و لتنفث قليلا من ارتباكها الذي لا مبرر له
على الهاتف و بعد ان تلقت الخبر ، هتفت شيرين : مش معقول ، كده بدون أي تلميحات..؟
سلوى : زي ما بقولك يا بنتي ، انا نفسي لغاية دلوقت مش مصدقه
شيرين : يبقالك عندي حق عرب ، انا طلعت غلطانه بقى ..
سلوى بتردد : و مالك كمان عرف وباركلنا…
شيرين موبخه : يااا قلبك … قولتيله كده بسرعه..!
سلوى بحسره : جت صدفه والله ما قصدي اذي مشاعره
شيرين : تاذي مشاعره ، اسمعي لهجتك دي مش عجباني..
سلوى : تقصدي ايه ..؟
شيرين : مقصدش ، بس خلاص طلعي مالك من حساباتك لا تفكري فيه و لا مشاعره ..فهماني؟
سلوى : ده بس صعبان عليا مش اكتر ، لو شفتي وشه كان عامل ازاي..
قاطعتها شيرين : سلوى قولنا ملناش دعوه بيه … لا بوشه و لا قفاه …ها يا حببتي
تأفتت سلوى من اسلوب صديقتها ، فكل ما أرادته أن تزيح قليلا من تأنيب ضميرها تجاه مالك عن كاهلها ، ليس أكثر ، أغلقت الخط ، ثم هاتفت والدتها لتزف اليها الخبر السعيد..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عاد مالك إلى مكتبه مكلوما في قلبه ، لقد تلاعبت به حقا ، تصاعد الغضب في نفسه ثائرا لكرامته ، وقرر” أنا مش لازم ابين كسرتي زي ما عملت قبل شويه ، لازم تعرف اني شلتها خالص من حساباتي ، ايوه ، تروح هي ، يجي بدالها الف ، و كله على سنة الله و رسوله ، زي ما باعت لازم ابيع و افوق لنفسي ، ده انا عندي 27 سنه ،هاستنى ايه ، لو كنت اقدر احب غيرها كنت عملتها من زمان و خلاص مش لازم جواز بالحب ، المهم تعرف اني نسيتها و اشوف حالي انا بقى و افرح اهلي ”
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نزل تميم من شقة الاستاذ منير غاضبا من تعنت الرجل في السعر المطلوب و الذي قيّمه هو شخصيا كثمن للشقه ، اراد مهاتفة يحيى و اخباره بالتفاصيل كما وعد عمه عبدالرحمن و لكن وجد هاتفه مغلق…
بحث في جيبه عن علبة السجائر ، فبعد الجدال الطويل مع منير ، احتاج ان ينفث عن ضيقه ، و لكنه وجدها فارغه.
تمتم : مش وقته ، اما اشوفلي كشك قريب
جالت عيناه في المكان ، و لكنه لم يجد اي كشك بالجوار ، سار عدة خطوات ليلمح عن بعد احد السوبرماركتات الكبيره ، استقل سيارته و بعد دقيقتين كان امام المبنى
دلف الى الداخل ، ليفاجىء بمساحة السوبرماركت الكبيره ، و تأفف : لسه هادور السجاير فين …
توجه عند الكاشير ، ثم قال للفتاه التي تقوم بمحاسبة احد الزبائن : هاتيلي علبة سجاير اوام …
قالت الفتاه غير عابئه بالنظر اليه : حضرتك السجاير ، اخر سطر عاليمين…
انزعج تميم من تجاهلها طلبه ، فقال بحده : ايه قلة الذوق دي ، خدامين و بتتكبروا عن شغلكم..
رفعت فاتن عينيها اخيرا باتجاه الزبون الغاضب بعد ان اتمت محاسبة الزبون الاخر ، لتقول : احترم نفسك يا حضرة
تميم و قد راقت له ، لذا اراد ان يطيل الجدال معها : طب اسمعي الكلام و روحي هاتي البتاع اللي طلبته..
عقدت فاتن ذراعيها امام صدرها : مش شغلي اخدم احضرتك ، وظيفتي هنا احاسب و بس!
تميم و قد ذكره تحديها بعروسه الهاربه : طب انا داخل اشتكي للمدير يا حضرة المش خدامه
فاتن : ايه الارف ده…!
الفتاه بجوارها : يا بنتي كنتي جبتي العلبه ، دلوقت المدير هيهزأك ادامه ..
فاتن : ليه لن شاء الله ، انا مغلطتش ..!
الفتاه : مسمعتيش عن سياسة الزبون دائما على حق ..
بعد دقائق استدعاها المدير رؤوف الى مكتبه : انسه فاتن ..
رمقت تميم بنظرة ازدراء ثم قالت : افندم استاذ رؤوف
رؤوف : يا ريت حضرتك و حالا تجيبي طلب الاستاذ ..
فاتن : بس حض..
قاطعها رؤوف : بدون كتر كلام ، اتفضلي بسرعه …
تجمدت فاتن للحظات ، شاعره بالقهر الشديد ، ثم غادرت مرغمه خوفا من ان تفقد وظيفتها ، خاصه بعد اخبار كِنان لها البارحه بنقله الى فلسطين و ايضا بانتظارهم لطفل جديد ، مما يعني مصاريف اكثر ، لذا ترجته أمس ان يتوقف عن ارسال المال لها ، فلقد امنّت وظيفه جيده ، صحيح ان كِنان رفض ذلك ، و لكن لا يعني انها ستقبل بالاثقال عليه اكثر من هذا …و هي الداريه بضيق الحال ، فبعد اصرار الداده رقيه على مكوثها في شقتها ، قام كِنان بتوكيلها بتاجير شقته ، لتدر عليه دخلا اضافيا خاصه مع اقامته في احد الدول الاوروبيه ذات مستوى المعيشه المرتفع ، و الان ايضا الحال الاقتصادي بفلسطين ليس جيدا كما تسمع دوما في الاخبار …
احضرت علبة السجائر ثم دلفت حيث المدير بانتظارها ، و قالت من بين اسنان مطبقه : اتفضل …
تناول تميم منها العلبه قائلا : ما كان مالاول
ثم اخرج من جيبه بضع من الجنيهات و قال : خلي الباقي عشانك …
رؤوف : شرفتنا يا استاذ تميم …
خرجت فاتن ، ليقول تميم : احم متشكر ، ممكن حضرتك تديني معلومات عن البنت دي ،و متفهمنيش غلط انا قصدي شريف
رؤوف مناورا : و الله دي اتوظفت جديد، و اسمها فاتن ..ده اللي اعرفه
تميم : طب متشكرين يا استاذ رؤوف
خرج تميم و مازالت صورة و اسلوب تلك الفتاه مؤثرا فيه و بشده ، فجمالها آخاذ ، كما ان تعاليها عليه قبل قليل جعله ينجذب لها بصوره كبيره
و تمتم : مطلتش اربي ليلى ، لكن دي سهل اربيها ، شكلها بنت ناس على اد حالهم ، بس نشوف سكتها ايه تقضيه و لا هتقولي حلال و حرام ووجع النافوخ ده…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس يحيى برفقه والديه ، في فيلا منصور ، حيث استقبلهم والد سلوى ، السيد محمد منصور ، و زوجته هويده واخويها رائد و عادل …
بعد ان ابدى والد سلوى مباركته على خطبة ابنته ليحيى ، قالت والدتها هويده : بس احنا مش عايزين الفرح كده على طول ، عايزين وقت نتعرف على بعض …
سلوى متدخله : بس يا ماما ، انا ويحيى نعرف بعض من زمان …
قاطعتها هويده : اقصد كعيلتين ، الزواج مش بس واحد وواحده ، ده اسرتين هيتعاملوا مع بعض كتير ، فالاعياد و المناسبات و المشاكل اليوميه …لازم ناخد وقت كفايه عشان نقدر هل هيحصل توفيق او..
محمد : ان شاء الله كل خير ، و انت يا بشمهندس مفيش داعي للاستعجال ، انا بقول فتره 6 شهور كفايه للخطوبه ، و لا انت ايه رايك يا حاج عبدالرحمن …؟
خديجه بضيق : 6 شهور ده ايه ، هتتعرفوا عليه و لا هتعملوله …
عبدالرحمن مقاطعا : و الله الراي راي يحيى
يحيى : اللي تشوفوه مناسب ، انا معنديش مانع …
تم الاتفاق على كافة التفاصيل المتعلقه بالخطبه ، ليخرج يحيى مع والديه موصلا اياهم الى المنزل..
قالت خديجه بعد وصلوهم الى الفيلا خاصتهم : ياااباي عالوليه امها…دي ..
ضحك يحيى و سأل : مالها مدام هويده بس يا ست الكل ؟
خديجه : يعني مناخيرها كده فالسما ، ال ايه محتاجين نتعرف على بعض …
يحيى : معلش يا ماما ، بنتها الوحيده و خايفه عليها و عايزه تضمن انها هتعيش مرتاحه
خديجه بامتعاض : ده انت جاهز من مجاميعو وزياده ، يعني هتعيش مرتاحه و ست الستات
يحيى : انا مقصدش الماده ، اقصد العيشه نفسها الناس اللي حواليها ، الحاجات دي مهمه جدا لنجاح الزواج مش بس الماديات…
خديجه : طيب يا بني ، الف مبروك ، ومتنساش تكلم لؤي عشان ينزل و يحضر خطوبتك …مش كفايه ليل..
تلعثمت خديجه ، ثم انصرفت متعلله بالتعب
يحيى متمتما : مش كفايه ليلى غايبه ، ما تقوليها يا امي ، مش عارف منين جتك القسوه دي كلها..
أضاء هاتفه برساله ، قرأها ليتضح أنها من مالك يطمئن به على المقابله
يحيى برساله على مالك :” الحمد لله ، تمت الموافقه …و حددنا معاد حفلة الخطوبه كمان ”
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
صعدت خديجه مسرعه الى غرفتها ، اقفلت الباب باحكام ثم سمحت لدموعها بالانسياب ، اتجهت الى الخزانه حيث خبأت الحقيبه التي احضرها يحيى من الشقه القديمه
اخرجتها ووضعتها على الارض ثم جثت بجانبها ، فتحتها و طالعت محتوياتها ، محتضنة اياهن قطعه تلو الاخرى….
تنهدت ببكاء : يا ترى انتي فين يا ليلى …كلهم فاكرين ان قلبي قسي عليكي ، بس قلب الام عمره ما يقسى ، بس اعمل ايه ، بعادك اهون من انك ترجعي طول اما ابوكي ….
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أغلق مالك هاتفه بعد أن بارك ليحيى خطبته ، مباركه خاليه من النوايا الحسنه ، فلقد تمنى قبل قليل أن يحدث شيء او اعجوبه و يرفض والديها طلب يحيى ، و لكن الان عليه أن يكون مخلصا في نواياه تجاه صديقه المقرب ، فلا ذنب له في مشاعره …
دلفت والدته الغرفه قائله : انا شفت النور والع قولت اجي اطمن عليك ، ها ايه اخبار العروسه ؟
مالك بتلعثم : عروسه ايه دي يا ست الكل ؟
اسماء : انت مش قولت هتخطب قريب و لئيت بنت الحلال …
مالك : لا يا امي ، انا نويت اخطب فعلا ، بس لسه بدور على بنت الحلال..
اسماء بلهفه : عندي يا حبيبي ، عندي..
مالك مبتسما : مين يا ست الكل …؟
اسماء : بنت خالك ، مروه ، قمر و مؤدبه و ست بيت درجه اولى ، و من توبنا
مالك معترضا : قرايب لا يا ماما…مش بحب جواز القرايب ده
اسماء : ليه بس يا بني ؟
مالك : يعني مشفتيش كم المشاكل اللي حصلت في جوازة اختي من قُريب ، و من مين ابن عمنا ، لالا.. ده بتحصل تدخلات كتير اوي و الكل عشمان و حكاوي انا مش بستريحلها..
اسماء : يا بني اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش ، و انت بسم الله ما شاء الله ربنا فتحها عليك ، و هتلاقي اللي طمعانين فيك كتير، يبقى ناخد حاجه مضمونه ..
مالك : هي جوازه و لا صفقه يا حاجه ، بس معاكي حق انا مش عايزه واحده كل اللي يهمهما العريس الجاهز اللي معاه شقه و يقدر يجيب شبكه حلوه و الكلا م ده عايز واحده تعيشها معايا عالمره قبل الحلوه…
اسماء بالحاح : طيب مروه يا بني فيها كل ده..
مالك بتصميم : قولتلك يا امي كله الا جواز القرايب ارجوكي…
اسماء بعد تفكير : طب ايه رايك في فاتن ، قريبه الست رقيه ، برده جميله و مؤدبه ، و عينها مليانه ..
مالك مقاطعا : فعلا عنيها مليانه ، دي رفضت اتوسطلها عندنا فالشركه و باصرار غريب
اسماء : اه ، بنت كده عندها كرامه ، بس الحلو ميكملش…
مالك : ليه يا امي …؟
اسماء : يعني مش عارفينلها اصل من فصل ..
مالك متذكرا : انتي عارفه.. سيبك من فاتن ، انا جه في بالي حد مناسب اكتر بكتييييير
اسماء : مين يا بني …؟
مالك مفكرا : اما اجس النبض الاول و بعدين هاتعرف كل حاجه يا جميل..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ديما باستعجال : ياماما يلا بينا ، بابا بيستنانا فالعربيه بقاله ساعه ..
راويه و هي تعدل حجابها : ساعه يا مفتريه ، اه بس تيجي عند الهيافه و تتصدري…
ديما باستنكار: هيافه ايه بس اللي بتقولي عليها دي !
راويه بحرقه : ضيعتي الواد من ايدك ، اما دلوقتي فالحه تتسربعي عشان و لا بلاش…
ديما : اضيع مين بس يا امي ، يحيى عمره ما كان هيتقدملي ، علاقتنا طول الوقت اخ كبير باخته الصغيره ، و بعد اللي حصل مع ليلى ، بحسه فعلا شايفني اخته تمام ، كأنه يا عيني بيعوض غيابها بيا ، انتي بس و خالتو فسرتوا اهتمامه و حبه ليا بطريقه غلط ، متنسيش هو كان قريب جدا من ليلى و غيابها كسرو جامد..
راويه بحزن : اه يا حبيبي ، ده معدش زي الاول ، دايما في كسره في نظرته كده
ديما محاوله تلطيف الجو: طيب يا ست امينه رزق ، سي يوسف وهبي مستنينا تحت ، يلا اوام زبطي نفسك
راويه بمعنى : اه وماله ، خلينا نلحق نسلم على سي مهند بتاعك …
ديما بغيظ : انتي ليه ماخده منه موقف كده ، مش فاهماكي ؟
راويه : انا اللي مش فاهماكي ، و هو بعيد تبقى ملهوفه عليه ، لسانك يشتغل بربنط لو حد قال نص كلمه عنه ، اما و انتو مع بعض هاتك يا نقار أكنكو على روس بعض ، فهميني بقى ده اسمه ايه ..؟
ديما : اسمه اختلاف في وجهات النظر ، عادي يعني..
زمت راويه شفتيها قائله : اه ..طيب و ماله …
بعد حوالي ربع ساعه ، وصلت ديما مع والديها الى بيت خالتها ، لتفتح لهم الباب الخادمه ام عيشه و التي رحبت بهم ليدخلا للجلوس في الصاله حيث توجد خديجه وزوجها عبدالرحمن
سلمت ديما على خالتها و زوجها وكذلك فعل والديها ، ليقول مؤيد : امال فين لؤي ، احنا جايين نسلم عليه
عبدالرحمن بامتعاض : انا عارف ، قال هيخرج مع صحابه ..
ديما باعتراض : ده لسه واصل انهارده ، لحق يخطط خروجات..!
خديجه : اه اصل صحابه اصروا عليه ، عزمينه خروجه في مطعم و لا نادي مش عارفه
عبدالرحمن : طيب يا ابو ديما ، خلينا نعد فالبكونه احسن مالكتمه دي
تبعه مؤيد ، لتقول راويه : و ايه بقى ناوي يستقر هنا ، و لا يكمل فالقناه العربيه؟
ضحكت خديجه : هو احنا لحئنا نشوفه عشان نتكلم معاه فالمواضيع دي ، ده يدوب سلم علينا و خدش دش و تنه خارج يشوف صحابه ، ده انا اشك انه سلم على يحيى حتى !
ديما بتردد : هو انتي مش قولتيله اننا هنجي نسلم عليه ، كلنا يعني !
خديجه : اه يا بنتي عنده خبر ….ثم أردفت : انا هاروح اشوف ام عيشه حضرت العشا و لا لسه ؟
قالت ديما: خليكي انتي يا خالتو ، أنا هاشوف أم عيشه خلصت و لا محتاجه مساعده.
خديجه ممتنه : تسلميلي يا حبيبتي….
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أسرع لؤي باتجاه المطبخ بعد أن سلم على خالته و زوجها ، بعد أن اخبرته والدته بأن ديما تساعد أم عيشه في تحضير العشاء ..
وقف على باب المطبخ يراقبها مفكرا ” زي النسمه بس اول ما تفتحي بؤك ياااا ساتر”
ابتسم وتمتم ” بس ميمنعش برده ليكي وحشه ”
تنحنح لؤي على باب المطبخ و قال : تحبوا أساعدكو في حاجه….؟
شهقت ديما مخضوضه ، ثم و بسرعه سيطرت على انفعالها حتى لا تحقق له مراده باستفزازها كعادته..و مما زاد الطين بله هو عدم بقائه في البيت و خروجه مع اصدقائه غير عابىء بحضورها ، بالرغم من معرفته المسبقه بذلك…
تمتمت : يعني مش هامه يشوفني بعد الغيبه دي كلها
لذا قالت ساخره: معقوله المذيع اللامع هيوسخ ايديه فشغل المطبخ !
قال لؤي غير منتبه لنبرة السخريه التي رافقت كلماتها : لامع ايه بس ، أخجلتم تواضعنا .
عضت ديما على شفتها السفلى و عاودت تقطيع الخضار الخاصه بالسلطه.
قال لؤي : و ايه أخبار الشغل عند يحيى ؟
ردت ديما باقتضاب : تمام ، كويس.
قال لؤي مازحاً : لو دايقك في حاجه قوليلي و أنا هاملصلك ودانه.
قالت ديما بتهكم : بقى انت اللي هتملصله ودانه .
تنهد لؤي وقال : معاكي حق ، واحد فاشل زيي هو اللي تتملص ودانه مش العكس !
و استدار مغادراً المطبخ .
لتجُز ديما بقوه على السكينه و كأنها في معركه مع تلك الخضار….
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اجتمعت اسرة عبدالرحمن مع اسرة مؤيد على مائدة العشاء ، ليسأل مؤيد بصراحته المعهوده : مفيش اخبار عن ليلى ؟
تشردقت ديما بالطعام ، شاعره بالذنب الشديد ، فوحدها من بين الموجودين من يعرف تماما كل اخبارها ، و لكن تحت ضغط كِنان الشديد لم تبح لاي احد بما عرفته ، خوفا على حياة ليلى ، فكما اقنعها كِنان علينا ان نتخذ الحيطه الشديده ، حتى يبرق بصيص من الامل …
ردت خديجه بصرامه : لو تقصد بنتي ، فبنتي ماتت من خمس سنين ..
راويه يعد ان رمقت زوجها بنظره عتاب : قولنا يا لؤي ، هتقبل عرض القناه المصريه هنا ؟
لؤي : احتمال …
راويه : طيب خلي بالك احنا عايزين برنامج هادف و له قيمه ، مش اي كلام ..
لؤي : اكيد يا خالتي ، بعدين القناه دي كبيره و برامجها مسمعه كويسه ، و هما لولا انهم مؤمنين بقدراتي مكنوش عرضوا عليا اشتغل عندهم
عبدالرحمن بسخريه : قدراتك …و لا شعرك الاصفر و عيونك الزرق..
خديجه محاولة كسر حدة كلام زوجها : و يعني هو جابهم منين ، مش منك يا حاج ههههههه
احس مؤيد بالتوتر يلف الاجواء ، فقام بفتح حديث بأحد المواضيع السياسيه …
لاحظت ديما تكدر لؤي فقالت بهمس : مش صحيح ، ما هو الواد اللي معاك في البرنامج مُز برده ، اشمعنى اختاروك انت …
لؤي بحنق : موووز ! اشطه.. و الله و كبرنا و بقينا نبصبص اهو…
ديما و قد انزعجت من سوء نواياه : احترم نفسك
راويه لابنتها : ديما ، اغرفيلي شوية رز
دلف يحيى مفاجئا الجميع : الله ، ايه اللمه الحلوه دي…
نهض لؤي من مقعده مسرعا باتجاه اخيه : يحيى ..
يحيى : ياااا ندل ، تيجي و متسلمش عليا ..
لؤي محتضنا اخيه : ملحوقه ، انا اعدلك فيها و تشبع احضان يا عم
ريت يحيى على ظهر اخيه ، ليقول الاخير : طب عن اذنكو ، انا هاخد يحيى و طالعين فوق….
خديجه باعتراض : طب خليه ياكل لقمه الاول..
يحيى : انا كلت بره يا ست الكل..
صعدا الى الطابق العلوي بعد ان سلم يحيى على الضيوف..
اما ديما فقد ازداد غيظها من اهمال لؤي لوجودها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ارتمى يحيى بجسده على السرير قائلا : اخيرااااااا
ضحك لؤي : ايه من دلوقت الخطوبه هاتهد حيلك !
ضحك يحيى بدوره و قال : الظاهر كده …
جلس لؤي على حافة السرير مواجهاً ليحيى و قال بتوتر و بدون مقدمات : هو انت شايفني ازاي يا يحيى…؟
نظر يحيى للحظات يتفرس في وجه أخيه ، ثم قال و هو يغالب ابتسامته : زي القمر يا طعمه انتي …
تأفف لؤي : على فكره أنا بتكلم جد ، يعني انت شايفني بني ادم كويس ؟
سأل يحيى بدهشه : و ايه اللي يخليني أفكر إنك مش كويس…؟
قال لؤي : أبدا… مش عارف .. كده ساعات بحس إني بني ادم مش كويس.
قال يحيى باستغراب : الله ايه الحكايه ، انت قلقتني اوي ، لتكون واقع فمصيبه ، ما أنا عارفك..
قاطعه لؤي : اديك قولتها ، ما أنا عارفك ، عارف عني ايه بقى ، إني بتاع مصايب و مشاكل ، مش ده قصدك…؟
قال يحيى بجديه : لا مش كده …
قاطعه لؤي : معلش أصلي متوتر عشان البرنامج الجديد و كده ..
لؤي: سيبك مني ، مش هتقولي بقى قصة الحب الكبيره ورا الخطوبه المفاجئه دي
يحيى : و لا حب و لا حاجه ، انا اخترت بعقلي و الحب و الموده هتيجي فالجواز باذن الله
لؤي : عارف انا جه فبالي مين دلوقت على سيرة الحب دي
يحيى : مين يا نجم..؟
لؤي: فاتن ، فاكرها..اللي كنت..
يحيى مقاطعا : اه فاكرها ..و على فكره انا عمري ما شكرتك على اللي انت عملته معايا
لؤي : ما هو ده اللي نفسي اكلمك فيه..
يحيى : لا ارجوك بلاش نفتح فالقديم ، بس بجد شكرا انا مراية الحب كانت عمياني عن تصرفاتها ، تصدق انه حصل موقفين بعديها بيثبتوا كلامك انت و بابا عنها ، بس يمكن وقتها و من غير مساعدتك كنت حاولت ابررلها ، لكن كل اما افتكر …. صمت ثم أضاف : متشكر بجد ، زماني لحد دلوقتي مخدوع فيها
لؤي : موقفين ايه..؟
يحيى متذكرا الصور و ذهابها الى تلك الشقه : يعني بدون تفاصيل حاجات حصلت كان ممكن التمسلها العذر فيهم او تبررهم بطريقتها وا فضل مخدوع طول عمري
ثم أضاف: لؤي بلاش نجيب سيرتها تاني ، لا بالكويس و لا الوحش
أومأ لؤي ، وقد ازيح عن كاهله عبء ذلك الذنب ، و لن يضطر الى مصارحة اخيه بتلك التمثيليه التي قام بها قبل سنوات مضت، على ما يبدو ان حدس والده ووالدته كانا صحيحين بشأنها فلا داعي لتبرأتها من ذلك الذنب و اعادة الفتور لعلاقته مع أخيه..
ليقول لؤي : لسه فاضل سؤال واحد عنها .
يحيى بتافف : ايه كمان…؟
لؤي : انت كلمتها فموضوع ليلى ، يعني معقول جدا تكون عارفه هما فين ..
يحيى : تصدق انا عمر ما خطر فبالي اني اسالها عن ليلى ، مش عارف ليه !
كان يعلم جيدا السبب ، فقد حاول ان يخرجها تماما من حياته ، و لم يرد أن يتقبل وجود اي رابط بينهما ، حتى و ان كان ذاك الرابط سيوصله الى ليلى ..
ثم قال بعد تفكير : بس مظنش اللي زيها هدور على اخ و لا اب .. دي مقضياها و اكيد مبسوطه انه مفيش عليها لا رقيب و لا حسيب..
ثم تمتم : استغفر الله العظيم ، اهو خلتني اجيب سيرتها تاني ، و اكسب ذنوب
لؤي : طب خلاص خلاص يا عم ، معرفش ان عندك عفريت اسمه فاتن
يحيى و قد تكدر مزاجه : طب قوم يله .. عايز انام
لؤي بابتسامه : تنام و لا تكلم المُزه ؟
يحيى : استغفر الله العظيم
لؤي : بيعجبني ايمانك يا ..
لم يكمل لؤي جملته ، فلقد أزاحه يحيى عن السرير ليقع ارضا ..
لؤي : طيب متزوءش
بعد مغادرة لؤي الى غرفته ، قام يحيى بفتح الدرج المجاور لسريره ، والمحتوي على هاتفه القديم ، ذلك الذي يضم فيديو محبوبته و اخيه … أشعل الهاتف بعد أن وضع شاحنه في مقبس الكهرباء..
شغل الفيديو ، و استمع لكلماتها ، غير قادر كعادته الى النظر الى الفيديو مره اخرى و رؤية مشاعرها الجياشه تجاه اخيه ، و الذي و مع مرور السنوات عاد كما عهده سابقا ذلك الاخ المحب ، و لكن اليوم لا تكمن المشكله باخيه ، بل عنده هو شخصيا ، فمنذ رؤيته لذلك الفيديو بات ناقما من وقت لاخر على اخيه ، فلولاه لربما ما زالت فاتن ….نفض عنه تلك الافكار الشيطانيه فلا ذنب لاخيه بفعلتها تلك …
و ان لم يكن لؤي لكان غيره ، اولم توضح له سلوى بانها كانت على علاقه بأنس و صورها خير دليل…
تنهد مكملا الفيديو حتى نهايته ، ليتذكر وجهها البشع عله هذه الليله يحصل على احلاما خاليه منها …
لقد استطاع ان يطردها من حياته ، و الآن عليه أن ينفيها أيضا من أحلامه ، فقريبا سوف تشاركه الفراش امراة اخرى و اسمها ليس بفاتن ، و لن يكون مبهجا لها أن تنصت لزوجها غارقا حتى الثماله في حب فتاه أخرى….
و بعد سويعات من النوم المتقلب ، نهض يحيى من فراشه بعد أن فشل للمره المليون في طردها من احلامه ، بل على العكس استفاق محملا بذنوب جديده …
لم يفهم لِمَ يَستَحل عقله الباطن تلك التخيلات التي تراوده بشأنها ….
اتجه الى الحمام الداخلي لغرفته ، اغتسل و توضأ ، ليصلي طالبا من الله أن يغفر ذنوبه و ان يلهمه نعمة النسيان ….
بعد أن انهى صلاته هدأ عقله قليلا
اما قلبه فكان ينبض بقوه… و كأنه يهتف مستنجدا : ” كيف السبيل الى نسيانِك ” …….
يتبع