رواية حب تحت الرمال
¤ حان وقت المواجهه ¤
————————–
بعد أن جلست فاتن على السرير مقابله للؤي ، بدأ الأخير في القاء الحوار الخاص به ….
لؤي : فاتن ، انتي لازم تقوليله الحقيقه ، لازم يعرف اننا بنحب بعض ، احنا لو استمرينا كده هنكون بنخونه، و عمره ما هيسامحنا …
فاتن: انا بحبك اوي يا لؤي ، بس مش هاقدر اعترفله بحاجه ، مش هاقدر ، كده هابقى بثبت نظرته ليا.. اني متسيبه و معنديش مبادىء و مش بيهمني حد …
لؤي : بس انا مش قادر تكوني جنبي و مش من حقي ، مش قادر لحظات الحب اللي بينا تكون فالسر ، انا مش هاقدر ارجع للوضع ده بعد ما يجي من السفر ، مش بعد ما بقيتي ملكي هارجع تاني اعمل زي الحراميه و اسرق لحظات الحب منك…
للحظات أفاق ضمير لؤي ، فما ذنب فاتن ليشوه صورتها في نظر أخيها و في نظر يحيى ، لقد صُعق من برائتها ، فالحوار الذي كتبه ينطبق تماما على كِنان و يحيى ، فكلاهما مسافر و كلاهما سيُصدم من مضمون هذا السيناريو… و ما هو مقدم عليه بعد قليل….
فاتن مكمله المشهد : احنا مقابلتنا هنا غلط ، انت ناسي اخر مره كان هيحصل ايه لولا مامتك ندهت علينا…
لؤي : متقلقيش هما كلهم فسابع نومه دلوقتي ، و نقدر ناخد راحتنا ، انا بحبك اوي.. بحبك اوي يا فاتن
فاتن : و انا كمان بحبك اوي
لؤي : انتي جميله اوي
همس بذلك ، ثم اقترب منها و دون تردد ، طبع قبله على فمها ، نهضت فاتن على اثرها بسرعه قائله : ايه اللي عملته ده ، انت اتجننت…
لؤي : انا اسف .. انا عارف اني وعدتك مش هاعمل كده تاني ، بس غصب عني انا مقدرتش اقاوم رقتك وجمالك…
فاتن بغضب : انا بتكلم جد مش تمثيل…
هتف لؤي باضطراب : ماما
استدارت فاتن لتصرخ مفزوعه من الالم ، فلقد جذبتها خديجه من شعرها ، قائله بعنف : يا واطيه ، بقى يسافر واحد تشتغلي التاني …
حاولت فاتن التخلص من قبضة خديجه على شعرها و لكن دون جدوى ، ليقول لؤي : سيبيها يا ماما ارجوكي
دلف عبدالرحمن الى الغرفه : فيه ايه ..خديجه سيبي البت ، سيبيها
و تقدم مخلصا فاتن ، لتقول فاتن مغالبة دموعها : انا مش اعدالكو فيها دقيقه تاني…
خرجت مسرعه من الغرفه لتصطدم بليلى التي سألتها مفزوعه : ايه اللي حصل ..؟
لم تجب فاتن ، و هرعت الى غرفة ليلى ، لتتبعها الاخيره قائله : يا بنتي ما تردي عليا…
فاتن : انا هامشي من هنا ، و لما يجي يحيى يا ريت تفهميه موقفي..
ليلى : موقف ايه ، مش افهم انا الاول..
دلفت خديجه الى الغرفه قائله : تعال يا بت يا ليلى ، متعديش في حتة واحده مع الاشكال دي
هتفت ليلى : ماما ..ايه الكلام اللي بتقوليه ده !
خديجه بعنف : بقولك اسمعي الكلام..
فاتن و هي تلملم حاجياتها : متزعليش مامتك يا ليلى ، و انا اهو كلها دقايق الم حاجتي و مش هازعجكو بعد كده نهائي..
خديجه بسخريه : المركب اللي تودي ما تجيب يا بعيده
ليلى : ماما ، هتروح فين كده فالوقت المتاخر ده !
خديجه : في ستين داهيه
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد أن جمعت فاتن حاجياتها ، هاتفت نوف مستنجده بها ، لتحضر الاخيره مع زوجها تركي في غضون نصف ساعه ، لتغادر فاتن البيت وسط احتجاج ليلى و توبيخ خديجه لها ، اما لؤي و عبدالرحمن فلقد اختفيا تماما عن المشهد..
ما إن وصلت فاتن الى الجناح المخصص لنوف و تركي ، حتى انسابت دموعها معلنه انهيارها التام بعد يوم طويل مملوء بالاحداث العصيبه ..
بقيت نوف بجوارها محاولة التخفيف عنها ، اما تركي غادر الجناح ليحجز غرفة في الفندق ليبيت ليلته..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس عبدالرحمن مع لؤي قائلا : الكلام اللي قالته والدتك ده صحيح ، البت دي بتشتغلك انت كمان
ابتلع لؤي ريقه و قال بتردد : بابا .. انا مش عايز..
قال عبدالرحمن : اسمع يا لؤي ، البنت دي هدمر مستقبل يحيى تماما ، فلو كلام والدتك مزبوط ،ياريت اعرف الحكايه من اولها …
قال لؤي : يعني حضرتك متأكد انها مش تمام..
عبدالرحمن : ايوه يا بني ، ايوه ، بس احنا محتاجين حاجه نقنع بيها يحيى ، لانه شايفها ملاك و مش شايف البلاوي اللي بتعملها من وراه ، و انا املي فيك كبير يا لؤي ، انت متعرفش معزتك هتزيد في قلبي ازاي..
قال لؤي محاولا تخليص نفسه من المأزق : انا غلطت يا بابا و مش عارف ازاي قدرت تخدعني و تخليني اخون اخويا ، و شويه بشويه علقتني بيها ..
قال عبدالرحمن بحماس : المهم يعني تقدر تقول الكلام ده ادام يحيى ؟
قال لؤي محاولا الظفر بالرضا و اخيرا من والده : انا مش بس هاقوله ، انا كمان هاوريه
عبدالرحمن :ازاي يعني ؟
لؤي : اصلها يا بابا انهارده قالتلي انها هتيجي اوضتي بالليل ، و انا بالصدفه كنت مشغل الكاميرا عشان اسجل الفيديو بتاع اليوميات لمجلتي عالنت ، فدخلت و الكاميرا شغاله و كلامنا كله اتسجل..
هتف عبدالرحمن : ينصر دينك يا شيخه ، اهو ده الكلام ، اخيرا يا بني قدرت تفش غلي اخيرا
ابتسم لؤي سعيدا بالفخر في لهجة والده و قال : بجد يا بابا ، يعني حضرتك مش مدايق مني ؟
عبدالرحمن : لا ابدا ، انا عارف النوعيه دي تفضل تتمسكن وتتدحلب و تقدر تورط امام المسجد مش شاب لسه صغير و معندوش تجارب زيك، بس اطمن انا هادافع عنك ادام يحيى و هافهمه انك كنت بتجاريها عشان تقدر تكشف حقيقتها له ، لغاية اما جتك الفرصه ..
لؤي : اه يا بابا ، ارجوك انا مش عايز يحيى يدايق مني و يحصل بينا قطيعه بسببها..
عبدالرحمن مطمئنا : متقلقش يا لؤي ، انا لا يمكن اسمح بده ابدا ، كفايه انك انقذت البيت من الانهيار ، انت عليت فنظري اوي يا بني..
ابتسم لؤي ، سعيدا بالنتيجه غير المتوقعه لخطته في الانتقام من كِنان و تلقين يحيى درسا ..
تمتم قائلا : و من غير تأنيب ضمير ، اهو بابا متأكد أنها مش كويسه ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يصدق يحيى تصرفات والدته فسأل : طب ايه اللي خلاها تقلب عليها كده ؟
ليلى : معرفش ، و محدش هنا بيقولي حاجه ما انت عارف وضعي ، و حاولت اتصل بيها تليفونها مغلق
يحيى : طب انا هحاول اكلمها دلوقت ، و ارجع اطمنك
انهي يحيى مكالمته مع ليلى ، و حاول مرات عدة مهاتفة فاتن و لكن دون اي رد..
تملكه القلق بشكل بالغ، و دون ان يفكر كثيرا هاتف المطار ليحجز على اول رحله متجهه الى القاهره ، فلقد وعد فاتن ان يقف بجوارها مهما كلفه اﻻمر…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استيقظت فاتن بعد ليله شاقه مليئه بالالم و الدموع ، تطلعت في انحاء الغرفه خجلى من نفسها لتطفلها على شهر العسل الخاص بنوف و تركي و تكديرهم بحضورها منهاره الليله الماضيه…
و لكن لم يكن لديها بديل اخر ، عليها الان التصرف و بسرعه لايجاد مئوى لها في الايام القادمه ، امسكت هاتفها ، لتجد رساله من انس …
فتحتها و قرات : فينك … متخلنيش اتهور .. ضروري تكلميني انهارده..
اما عن الرسائل الاخرى فمعظمها من يحيى ، قراتها واحده تلو الاخرى لتفاجأ برسالته الاخيره يخبرها بعزمه على العوده الى القاهره في اقرب فرصه…
عادت لتتكدر و بشده ، بسببها سيعطل يحيى عمله و احلامه ، عدا عن المشاكل الجمه التي سيقابلها من اهله..لتغلق الهاتف مره اخرى
قالت نوف الواقفه بباب الغرفه : صباح الخير يا فتوون
ابتسمت فاتن بارتباك : صباح النور عليكي ، و انا بجد اسفه ازعجتكو جدا امبارح..
قاطعتها نوف : ازعاج ايه يا عبيطه ، اصلا تركي كان مدايق جدا مني عشان رحت و قابلت الزفت انس من دون ما ابلغه و اخد ازنه…
قالت فاتن: صحيح هو ايه الي عرفه اننا هناك
نوف : ال يا ستي كان قلقان علينا ، فخد عربيته و قال يراقبنا من بعيد عشان يكون مطمن محدش هيدايقنا والباقي عندك..
صمتت فاتن و لم تشأ اخبارها بما فعله انس بعد ذلك ..
قالت فاتن : طب انا هاكلم الداده رقيه ، و اروح اعد معاها لحد ما الاقي طريقه و اكلم كِنان
نوف : الداده رقيه ، دي اللي حكتيلي ان انجي هانم طردتها لما كانت بتحاول تقنعك بالحجاب و الصلاه..
فاتن : بالظبط … هي اعده لوحدها بعد ما جوزت بناتها و كانت بتعتبرني زيهم تمام ، بس هاقول ايه ربنا يسامحها ماما ، لعبت بعقلي و خلتني اقطع كل صله بيها
نوف : مش محتاجه تحكيلي ، دي امي انا برده ، امي اللي اتخلت عني و مش عايزه تعرف حتى اخباري ، و كل ده ليه عشان ابويا رفض استغلالها ليه …
فاتن بحسره : على الاقل انتي عندك اب تعتمدي عليه و يكونلك سند و ضهر
نوف : اخص عليكي يا فاتن ، انا ميت مره قلتلك بابا تقدري تعتبريه فمقام والدك و انا و هو سند و ضهر ليكي و لا احنا مش عاجبين ..
ابتسمت فاتن : لا ازاي ، انت تعجب الباشا يا باشا..
ضحكت نوف ثم قالت : يبقى خلاص تفضلي معايا هنا لغاية اما نكلم كِنان..
حاولت فاتن أن تضفي المرح على حديثهما حتى لا تقلق نوف و تكدرها في شهر العسل …
فقاطعتها قائله : ايه يا بت انتي ، ناويه تطلقي و لا حاجه ، ده انتو عرسان جداد ، و انا مستحيل ابقى عزول و بعدين انا بجد نفسي ازور الداده رقيه و اطمن عليها ، و دي فرصه اعد وياها يومين و الله وحشتني جدا..
نوف : بس كده انتي بتصغريني و حاسه انك مش معتبرانا واحد
فاتن : يا حببتي و الله انا كنت لما يحيى يرجع هاروح اعد عندها ، مش عارفه حاسه اني محتاجاها اوي ، و بعدين انتي تعالي كل يوم و زورينا ، و لا مستر تركي مش هيسمحلك
نوف بثقه : هو يقدر ، يا عيني ده واقع فاختك لشوشته…
ضحكت الفتاتان ، لتقول فاتن : طب يلا ، خلينا نفطر سوا و توصلوني للداده رقيه و بعدين تتابعوا مهمتكم القوميه في شهر العسل..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خرج يحيى من المطار مهرولا ، ليركب اول سيارة اجره متاحه ، و في الطريق اعاد الاتصال بفاتن ، و لكن للاسف وجد هاتفها مغلق كالبارحه …ليطلب ليلى و التي اخبرته بانها لم تتلق منها خبرا بعد…
وصل يحيى الى البيت ، ليستقبله والديه بغضب جم …
قال عبدالرحمن : هي كلمتك و خلتك تسيب شغلك و حالك ..؟
يحيى مدافعا : مش مزبوط ، و مش وقت الكلام ده ، انا نازل ادور عليها ، انا مش عارف ازاي قلبكم طاوعكم تسيبوها تخرج و انتو متاكدين ان ملهاش مكان تروحه..
كان يحيى عازما على الذهاب و البحث في الفنادق الفخمه في القاهره ، فحتما لجأت لاختها نوف و التي اخبرته بانها تقيم هنا لقضاء شهر العسل مع زوجها تركي..
استوقفته خديجه قائله : تدور عليها فين بالظبط ، انا اعرف ان الكباريهات مش بتفتح بدري كده !
يحيى بغضب : انا نازل ، لاني مش حابب ازعل حد فيكو ، و كفايه كده..
امسكه عبدالرحمن من معصمه قائلا : يا بني كلامنا ده لمصلحتك و لو مش مصدقنا يبقى تعال اعد و شوف بعينك… احنا مش ظالمينها يا بني ، بس احنا قدرنا نشوف معدنها الحقيقي ، اما انت فالحب عامل غشاوه على عنيك و مش شايف غير انها ملاك…
يحيى : لو سمحت يا بابا ، انا قلت مش حابب ازعلكم… متخلنيش اقول كلام يدايق حد فيكم ..
عبدالرحمن بغضب : لؤي ، مالك مخروس كده ليه ، ما تقول لاخوك كانت بتعمل ايه فغيابه..
صوب يحيى نظرته باتجاه لؤي : انت كمان يا لؤي ..!
لؤي مقاطعا اياه : انا اسف يا يحيى ، بس انا مقدرش اشوفك مخدوع فيها واقف ساكت..
عبدالرحمن : خليه يشوف بعينه يا لؤي ، لانه مش مصدق اهله اللي كل همهم فالدنيا مصلحته..
يحيى : اشوف ايه انتو هتجننوني ، الله اعلم هي فين ولا على انهي رصيف ..
قاطعه عبدالرحمن : شوف الاول و بعدين براحتك اعمل اللي انت شايفه صح
احضر لؤي هاتفه و المحتوي على الفيديو الخاص بحواره مع فاتن بعد أن قام بقطع باقي المشاهد التي تحتوي على غضب فاتن و كذلك مجيء والدته للغرفه
لؤي : اتفضل موبايلي هتلاقي عليه فيديو اسمه يوميات المجله ، افتحه و انت تشوف بنفسك…
امسك يحيى الهاتف بتردد ، و فتح الفيديو ، ليشاهد بأعين غير مصدقه تلك الكلمات التي تبثها محبوبته إلى أخيه الأصغر ، شلته الصدمه عن النطق ، هز رأسه منكرا ما رأته عيناه ، أعاد الفيديو مره أخرى ، عله يجد تفسيرا منطقيا لما تصوره الشاشه أمامه ، كانت تجلس قرابة أخيه و الابتسامه تزين ثغرها لتنطلق منه كلمات الحب و اللوعه ، تلك الكلمات التي لم تنطقها يوما له ، ارتجفت يده ليسقط الهاتف أرضا…
قال عبدالرحمن : تعال تعال يا بني نعد فالاوضه جوه ، انا عارف ان الصدمه شديده عليك ، بس لؤي ملهوش ذنب ..
استفاق يحيى من حالة الصدمه ، لينظر لوالده بأعين تائهه تبحث عن مخرج ما ، عن اعجوبه تخبره بأن تلك مجرد مزحه او اي تفسير اخر عدا ما هو واضح للعيان..
شده عبدالرحمن من ذراعه ، ليتبعه يحيى مستسلما ، جلسا في الغرفه ، و اغلق عبدالرحمن الباب…
قال عبدالرحمن : لؤي حكالي على كل حاجه كانت بتعملها من وراك ، و هو لما لاقها مهتمه بيه ، حاول يجاريها عشان يبينلك حقيقتها و اخلاقها عامله ازاي…
يحيى : ازاي يعني … دول ما يعرفوش بعض الا من ساعة ما جت هنا
عبدالرحمن : لؤي ربنا يهديه ، اتاريه كان مخبي علينا ان الوليه امها عرضت عليه يمثل و هو راح و اشترك معاهم فمسلسل و هناك ابتدته تتقربله و ابتدى يلاحظ تصرفاتها المش مزبوطه ، لغاية ما ربنا قدره و قدر يكشفهالك على حقيقتها …
ثم اضاف : و غير ده كله ، انا و امك شفناها بتركب عربيه واحد خليجي ، و لما رجعت متأخره ، امك شكت فيها لان شنطتها كانت منفوخه اوي ، و لما امك فتحتها لقيتها مليانه فلوس ، فلوس كتير يا يحيى ، فلوس تمن الخروجه مع الزبون الخليجي..
يحيى : ده جوز اختها..
عبدالرحمن بتهكم : هي قالتلك كده ، طب و الفلوس ، و سيبك من ده كله ، انت بعد الفيديو اللي شفته لسه بدافع عنها ، فوق يا يحيى فوق …
ابتلع يحيى ريقه ، وقال : لا يا بابا مش بدافع عنها … عن اذنك…
نهض ، ليقول عبدالرحمن : على فين يا بني ، ريح بالي الله يريح بالك
يحيى : متقلقش يا والدي ، خلاص معدتش تقلق من ناحية الموضوع ده ، بس انا لازم اعرف هي فين ، انا وعدتها اني اساعدها لغاية اما نكلم اخوها و لما بوعد.. لازم اوفي..
عبدالرحمن : يا بني الوعد مش للناس اللي بالشكل ده ، و صدقني اللي زيها مش هيغلب زمانها اعده ففندق خمس نجوم مع راجلها الخليجي ده او غيره..
يحيى بضيق : عن اذنك…
توجه يحيى حيث يجلس لؤي، قائلا : انا عايزك تبعتلي الفيديو ده حالا..
لؤي: انت مش مصدقني يا يحيى
يحيى : ارجوك ..من غير كتر كلام
اطاعه لؤي ، لينطلق يحيى باحثا عن من فطرت قلبه و خانته مع اقرب الناس اليه..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
طرقت فاتن باب شقة الداده رقيه ، بعد أن ودعت نوف و تركي الذي قام بايصالها وسط انزعاجه من اصرارها على الرحيل من جناح الفندق خاصتهم…
بعد ثوان فُتح الباب ، لتطل منه الداده رقيه بوجهها البشوش و الذي تحولت قسماته إلى الدهشه المطلقه حين رؤيتها …لتبتسم فاتن قائله : ازيك يا داده ، وحشاني اوي اوي
لجمت الدهشه لسان رقيه ، لتقول فاتن : ايه مش هتقوليلي اتفضلي..
قالت رقيه مستدركه : تتفضلي بس، ده انتي تآنسي و تنوري…
احتضنتها بحب ، مربته على راسها ، ثم افلتتها لتنظر مليا في وجهها ، و تقول : الحجاب زايدك نور و جمال ، بسم الله ما شاء الله ، طول عمرك قمر ، بس دلوقتي بقيتي بدر مصور زي ما الكتاب بيقول…
ابتسمت فاتن ، و عادت لتحتضن رقيه ، قائله : ياااه وحشني كلامك اللي طالع مالقلب ده يا داده …
قالت رقيه : احنا هانفضل كده عالباب ، فوتي يا بنتي جوه …
تنحنحت فاتن قائله : متشكره يا داده …انا ناويه اعد معاكي كام يوم لو معندكيش مانع
قالت رقيه بعد أن لاحظت الحقيبه الموضوعه على يمين فاتن : مانع ايه ، انتي هتملي عليا البيت الفاضي ده، وبدال ما اكلم الحيطان ، الاقي حد يونسني..
دلفت فاتن البيت ، واضعه حقيبتها عند المدخل ، لتقول رقيه : الاول فوتي الحمام و استريحي شويه و بعدين نعد وتحكيلي اخبارك ايه يا بنت قلبي…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يشعر لؤي بالراحه أو اي مشاعر تدفء قلبه بعد أن نفذ خطته للانتقام ، لقد راعه مرأى يحيى مكسورا ، و لكن ذلك للافضل برأي والده ، و تردد كثيرا في تنفيذ خطوته القادمه ، فالانتقام ليس له طعم مستساغ كما اعتقد سابقا ، بل العكس …
كِنان ، و إن أخطأ في حقه ، الا انه اليوم مفقود ،و لا توجد اي بادره للاتصال به و الاطمئنان على حاله ، يكفي ما صنع بيحيى ، لن يتسبب بمشاكل أخرى لأهله ، و قريبا ستتزوج ليلى و سينتهي أمر علاقتها بكِنان ، فقد لاحظ انها لا تقوم بالرد على رسائله مما يعني أنها أخرجته من حياتها ، اما إن عاد للظهور فسيكون هناك تصرف اخر و لكن ليس الان …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حرب شعواء تُشن على الصغير قبل الكبير ، على الشجر و الحجر ، على السليم و السقيم ، فقبل ثوان قامت احدى طائرات الF16 التابعه لسلاح الطيران الاسرائيلي بقصف مدخل احدى المستشفيات الخاصه بقطاع غزه و التي توجه اليها كِنان برفقة طاقم قناة الحقيقه لينقل حالة المصابين و المتضررين من الحرب..
هرول كِنان و معه زملائه مختبيئن في المشفى خوفا من أن تصيبهم شظايا الصواريخ المستمره بالهطول بالقرب من المشفى بحجه وجود مبنى تابع للشرطه الفلسطينيه بالجوار….
قال أحد زملائه لاهثا : ما حد يتحرك الا اما تبعد الطياره ، لانه لو لاحظو حركه بيقصفوا على طول..
كِنان : ربنا يستر ، بس احنا لازم نكمل و نصور المصابين ، لازم صوتنا يوصل للعالم
قال كِنان ذلك راجيا ، أن يصل صوته أيضا إلى ليلى ، و التي طال البعد عنها بسبب تعطل خطوط هواتف الاتصالات ، و دعا ربه أن تنتهي تلك الحرب سريعا ليعود إلى ليلى قبل أن يتم زفافها على ابن عمها…
ابتلع الغصه الموجوده في حلقه ، حين رؤيته لأحد الفلسطينين مهرولا إلى مبنى المستشفى المقصوف حاملا بين ذراعيه فتاه مصابه تبدو في العشرينات من عمرها ، و غير عابىء بكم الصواريخ و النيران التي تنفثها الطائرات فوق رؤوس مَن بالمنطقه…
على الفور تقدم المسعفون ، ليقول الشاب : اختي اختي ، مِشان الله ساعدوها ….
امتلأت عينا كِنان بالدموع ، و لم يعرف لِمَ تضاعفت تلك الغصه في نفسه ، متذكرا أخته فاتن ، لِمَ لم يصر و يحارب من اجل أن يُريها الطريق الصحيح..
خجل من نفسه حين رؤيته لذلك الشاب و الذي خاطر بحياته من أجل انقاذ شقيقته ….
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
سقطت ديما أرضا محدثه جلبه كبيره أثناء تجولها في احد المولات الموجوده بالعاصمه الاردنيه عمان ، ليتقدم منها طفل يبدو عليه في السادسه من عمره قائلا : انسه .. انتي منيحه و لا اناديلك ماما تساعدك..
ابتسمت ديما ، ونهضت قائله : لا يا حبيبي انا كويسه اهو ، و ميرسي اوي على ذوقك..
ابتسم الصبي بخجل ، لتسأل ديما : امال فين ماما عنك ..؟
التفت الصبي باحثا عن والدته ، ليقول بانكسار : كانت هون قبل شوي ، وين راحت…!
ديما : انت متأكد ..؟
الصبي : ايوه ..
ديما : يمكن دخلت محل الهدوم اللي هناك ، خلينا نروح ندور عليها..
أومأ الصبي ، وانطلق سابقا ديما الى المحل ، دلف بسرعه و تبعته ديما ، جال بنظره في المحل ، ليقول بخيبه : كمان مش هون ، وين بدها تكون راحت..؟
ديما : بسيطه يا كابتن ، اديني رقمها وانا هاكلمها حالا و هنلاقيها كده اسرع…
فرك الصبي رقبته قائلا بخيبه : هي على طول بتحفظني الرقم ، بس الصراحه نسيته …
ديما باستسلام : طب اسمع احنا هندور عليها فالمحلات الموجوده هنا ، واكيد هنعتر فيها متقلقش
انطلقا ليبحثا عن والدته ، و لكن لم يلق لها الصبي أثرا…
نظرت ديما الى ساعتها ، واعيه الى تأخرها بشكل كبير عن العوده للبيت كما وعدت والدتها والتي سمحت لها بالخروج بمفردها نظرا لقرب المول من المنزل المقيمان فيه..
قالت ديما : طب خلينا نرجع لنقطه اللي وقعت فيها ، يمكن مامتك مستنياك هناك
عادا مسرعين ، لتهتف احدى السيدات : لؤي لؤي ..حبيبي لؤي
هرول الصبي مرتميا في حضنها ، لتشعر ديما بغصه كبيره من المشهد المؤثر و لكن ما أثار عواطفها فعلا هو تشابه اسم الصبي مع مَن كسر بخاطرها…
ابتسمت ديما مقتربه منهم ، ليقول الصبي : ماما بدي اتصور معها
استفسرت السيده عن مقصده ، ليقص عليها كيف ساعدته ديما وانتظرت معه
قالت السيده : طب مش الاول تستأذن منها
قالت ديما : انا معنديش مانع ، وكمان عايزه صوره للذكرى معاكو لو مفيش مانع
التقطا الصور التذكاريه ثم غادرت ديما بعد أن شكرتها السيده الاردنيه بحراره بالغه ، لترتسم البسمه على محيا ديما طوال طريق العوده ، و لتتخذ قرارا جديدا متسامحا ، متخيله لو أن مكروها أصاب لؤي و هما متخاصمين فسوف تندم اشد الندم .
بعد تناولها العشاء مع والديها ، فتحت ديما صفحة الفيس الخاصه بها ، و التي لم تدخلها منذ رحيلها من مصر
و بأنامل مضطربه فتحت قائمة الاقارب الموجوده لديها ، لتشاهد اسمه مضاء على الشاشه..
أرادت أن توجه له رساله ، و لكن عنّت لها فكره أخرى ..
بحثت عن الصوره مع لؤي الصبي ، و أنزلتها على صفحتها على الفيس مرفقه اياها بما حدث قبل قليل في المول…و انتظرت أن تلفت نظره بتلك القصه خاصه مع تشابه الاسماء بينه و بين الصبي …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تطلع لؤي الى الصور المعروضه حديثا على صفحة ديما ، و تملكه الغضب الشديد ، فالقشه التي قصمت ظهر البعير و جعلته يشحذ الهمه لتلقين أخاه الأكبر درسا ، ها هي هانئة البال ، تتمختر بين المحال التجاريه ملتقطه الصور التذكاريه ، و كأن جرحها له غير ذي أهميه ، في الوقت الذي يأن فيه من شدة الندم ، تذهب للتسوق و التنزه و التعرف على ناس جدد …
أحس بخيبة شديده ،وكأن طعنه جديده سُددت الى قلبه المكسور ، لقد اقنعته ليلى بأنها مجرد طفله ، ولكن تصرفاتها لا توحي بذلك البته ، كيف و تأثيرها عليه هز كيانه و تسبب في شرخا كبيرا بينه و بين أخيه..
لقد ظن حينما لفق حب فاتن له بأنه سينتصر على يحيى في مجال الحب و اعجاب الفتيات به ، و لكن ما الجدوي عندما لا تبالي به تلك التي سكنت قلبه …
هيهات أن يقف متفرجا ، غارقا في الألم وحده ، من الجيد أن تعرف نقطة ضعف أحدهم …
كتب معلقا على الصوره : ” جميل الموقف جدا زي الحكايات ، بس الأجمل لو كانت البنت اللي انقذت الولد الصغير زي ما الاميرات فالقصص بتكون رشيقه وجميله ، لكن للاسف الصوره شوهت القصه جدا و الحدق يفهم…! ”
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
انهالت على ديما اشارات الاعجاب والتعليقات ، تنقلت مندهشه من كم الردود من الاقارب و الاصدقاء و مددى تأثرهم بالموقف و اعجابهم بالصور…
و لكن عيناها كانت تتنقل لاهثه من تعليق لاخر باحثه عنه ، عن تعليق مَن كسر بخاطرها مرارا و تكرارا ، ودت بعرضها للموقف أن تبُث له برساله خفيه ، لتقول له سأقف بجوارك في احلك الظروف كما فعلت مع الصبي لؤي ، أرادت أن تبدأ صفحه جديده…
وقعت عيناها على اسمه ، ليقفز قلبها فرحا و قلقا …
قرأت التعليق مبتسمه ، لتتحول ابتسامتها الى جرحا كبيرا حين قرائتها السطر الاخير من تعليقه…
لقد أخطأت في تقديرها ، من الصعب احيانا أن نعود لفتح صفحه جديده ، حينما يستمر الطرف الاخر في أسلوبه و كأن هناك قوه تحركه و بكل سهوله لايلامك…
حسنا ، لقد اكتفت ، من الان فصاعدا ستغلق ابواب قلبها بقفل حديدي ، و لن تعطي المفتاح الا لمن يُثبت جدارته و ينجح في عبور جدران عقلها اولا … و بامتياز
حذفت اسم لؤي من صفحتها ، و من قلبها و الى الابد …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست فاتن مع الداده رقيه لتخبرها عما حل بها في الفتره الماضيه ، ليرن هاتفها معلنا وصول رساله جديده من يحيى..
سألت رقيه : منه يا بنتي..؟
فاتن بابتسامه : ايوه يا داده …
رقيه : طب ما تردي عليه و تريحي باله يا بنتي ، ده زمانه قلقان عليكي ، و من كلامك بينله جدع وابن حلال حتى لو اهلو غلطو فيكي ، لازم تفتكري جميله بردك يا حببتي
فاتن : انا بس مش عايزه اسببله مشاكل تاني…
رقيه : بس كده بتكسري بقلبه على الاقل تطمنيه انك بخير ..
أومأت فاتن ، فيحيى لا يستحق منها ذلك ، على الاقل ستودعه مخبره اياه باسبابها…
أرادت فاتن بمجيئها هنا ، أن تعود لتلك الطمأنينه والسكون الذي حظيت به في طفولتها في كنف رعاية الداده رقيه ، ولكن يبدو أن العالم يأبى أن يستحضر ذكريات الماضي الجميله ، فهي ستبقى ذكريات تشد أزرنا وقت الخيبه والانكسارات ، و لكن لن تنوء عنا من المواجهه ، مواجهه والدتها و أنس و الان مواجهة الحقيقه بأن علاقتها بحيى لن يُكتب لها النجاح في ظل رفض أهله القاطع لوجودها بقربه دون سبب واضح…
تنهدت فاتن ، فلقد حان وقت المواجهه و قطع صلتها به نهائيا و ذلك من أجل مصلحته ، لن تقبل أبدا أن تُسبب له أي مشاكل مع أهله ، فيحيى بالرغم من رجولته الواضحه و اعتماده على نفسه بشكل كبير ما زال شابا في مُقتبل العمر ، ما زال بحاجه للدعم و السند من اهله ، لن تكون ابدا سببا في حدوث قطيعه بينهم …
قامت بطلب رقمه ، ليأتيها صوته الغاضب : فاتن ، انتي فين…؟
فاتن : يحيى ، انا اسفه مكنت..
يحيى مقاطعا : ردي ، انتي فين ؟؟
فاتن : انا عند الداده بتاعتي ، و بخير و الحمد لله…
يحيى : العنوان بسرعه …
فاتن : مفيش داعي تيجي و تتعب نفسك ، انا كويسه و الداده هي اللي تقريبا مربياني..
يحيى بعنف : لا في داع ، اخلصي العنوان ايه..؟
فاتن : لو مصر نتقابل ، يبقى انا كمان ساعه هاكون فكافيه ميدنايت ..
يحيى : ساعه … ازود مش هيحصل طيب
أغلق الهاتف ، لتقول رقيه : انتي هتخرجي يا فاتن ..؟
فاتن : ايوه يا داده في كلام كتير لازم اوضحه ليحيى ، و هو كمان مُصر يقابلني
رقيه : تحبي آجي معاكي
فاتن : لا مفيش داعي ، انا مش هاطول..
يتبع