رواية حب تحت الرمال
¤ و عُقِّدَ اللسان ُ عن الكلام ¤
————————–
أكملت خبيرة التزيين صفا وضع الرتوش النهائيه على وجه فاتن ، لاكمال طلتها الليله ، حيث خطبتها على مالك ، و تمنت فاتن لو أن والدتها كانت بجوارها الآن ، و لكن الاخيره بعثت بصفا معتذره عن الحضور..
تنهدت موبخه نفسها ، كان عليها أن تتوقع تصرف والدتها ، فمنذ متى تعبأ لامرها ، و لكنها اليوم و على غير العاده قامت ببادره لطيفه ، حين اصرت أن تقوم صفا بتزيينها … حسنا ربما هذه طريقتها للاعتذار..
صفا : ايه رايك يا عروسه…؟
فاتن : تسلم ايدك و ذوقك ، انا مش انا …
قالت صديقتا فاتن والتي تعرفت عليهما اثناء الدراسه في الكليه ، رؤى و نادين : انا مش انا ، معرفتنيش ، انا توهت مني..
رقيه بضحك : انتو هتبتدوا الغنا من دلوقت ، استنوا و طلعوا مواهبكم فالحفله..
فاتن : لالالا ، مالك مش عايز هيصه و زيطه ، دي بس تلبيس دبل و الشبكه و شكرا على كده
رؤى : و ليه كده ، ده احنا كنا عايزين نظبطك الليلادي
فاتن : معلش بقى ، في الفرح ان شاء الله…
قالت ذلك و شعرت بالقشعريره تجتاح جسدها كله ، هل حقا ستتزوج بمالك ، كيف تسارعت الاحداث في حياتها بهذه الصوره ..و الأدهى أنها لم تخبر كِنان ..أما نوف فلم تستطع القدوم بسبب قرب ولادتها …
تمتمت لتطمئن نفسها : محدش هيجبرني على حاجه ، لو مرتحتش مش هاكمل فالخطوبه ..
رقيه : بتقولي حاجه يا فاتن ..؟
فاتن : ابدا ، بقول مالك زمانه على وصول..
و بالفعل ، حضر مالك بعد دقائق ، لايصال عروسه و مرافقاتها الى الشقه حيث سيقام حفل الخطوبه الصغير…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حضّرت ديما حقيبتها ، واستعدت للذهاب الى الصاله الرياضيه
دلفت راويه الى الغرفه و قالت : لسه مصممه تروحي البتاع ده ؟
ديما : ايوه يا ماما ، انتي مش شايفه شكلي عامل ازاي ، جسمي محتاج تظبيط من كل النواحي
راويه : و الله ما محتاجه حاجه ، انتي زي القمر اهو وعودك ملفوف ..
قاطعتها ديما : ملفوف ايه بس ، مش شايفه البلاوي اللي عندي ..
قالت ذلك مشيره على منحنيات جسدها امام المراه..
راويه بمزاح : و الله انتي عبيطه ، دي الحاجات اللي هتجبلك العرسان ، اسأليني انا ..ده الرجاله بتموت فالبلاوي اللي مش عجباكي دي
ديما بضحك : الله الله ، انت ليك فالشقاوه و انا معرفش ، رجاله ايه بقى و ازاي عرفتي بيحبوا ايه ، ها.. قول يا جميل سرك فبير…
راويه : يقطعك و يقطع دماغك السَّو دي
ضحكت ديما و قالت : طب عن اذنك بقى زمان الكابتن هيبتدي التمارين
شهقت راويه : انتي يا بنت مش قولتي هتجيلكم واحده تمرنك انتي و صحابك
ديما : ها .. اه فعلا مدربه .. يلا انا اتاخرت اوي
راويه : استني يا بت انتي..
ضربت راويه كفا بكف ، فلقد انطلقت ديما غير عابئه بتحذير والدتها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كان في الاستقبال والدي مالك واخواته و بضع من الضيوف ، ربما بعض المقربين لمالك ، بعد أن سلم الجميع على فاتن ، امسكت بيدها اسماء مع مالك ليجلسا في الكوشه البسيطه المعده في منتصف الصاله..
قالت نور الاخت الصغيره لمالك : و النبي يا فاتن ، خليه يسمحلنا نرقص شويه ، كده مش حفله ، ده جو عزا
قاطعتها اسماء : ياباي على فالك ، عزا ، قومي يا بت من هنا ..
انصرفت نور ، لتقول اسماء : دلوقتي يجي رامي و نلبّس الشبكه…
همست فاتن لمالك : مين رامي ده ..؟؟
مالك : ده ابن عمي ، محترف تصوير ، وهو هياخدلنا صور الخطوبه..
فاتن : اه .. و قد ادركت انها ستُخطب لشخص لا تعرف عنه سوى القليل من التفاصيل..
كان جو الحفله هادئا ، و شيئا فشيئا زاد الصخب مع حضور المزيد من الضيوف ، و قيام اخوات مالك و على خلاف رغبته بتشغيل الموسيقى و ما تبعها من رقص ومرح …
و بعد دقائق قام مالك بمراقصه فاتن بعد أن أذعن لطلب اخواته ، لتقول فاتن : انا مكنتش اعرف انك جد اوي كده ، بس باقي اهلك فرفوشين خالص
مالك و قد شعر بتأنيب الضمير : مش جد و لا حاجه ، بس اخواتي و انا عارفهم لو فضلت اطاوعهم مش هنخلص من ام الحفله دي…
تراجعت فاتن بعيدا عنه ، ثم قالت بخيبه : طيب خلينا نعد بقى و تلبسني الشبكه..
مالك بعد أن جلس بجوارها في الكوشه : اسف … مش قصدي.. انا بس مصدع حبتين..
فاتن بابتسامه : متقلقش ، احنا اتفقنا ان الحفله تكون بسيطه ..
أحضرت اسماء علبة الشبكه ليقوم مالك بتلبيسها لفاتن وسط زغاريد السيدات الحاضرات…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
يُقال أن جسم الانسان عندما يتعرض لصدمه شديده، يدخل في حاله من اللاوعي ، مخدرا حواسه عن الشعور بما يتبع تلك الصدمه من ألم و وجع ،و هذا ما حدث ليحيى الناظر لصديقه المقرب يلبس خاتم خطوبته لحبه الاول ..فاتن…
قالت سلوى الواقفه بجواره : مش معقول ، دي ..دي..
لم يتنبه يحيى لحديثها ، فلقد شلته الصدمه عن الاحساس بالمحيطين به …
تعالت الزغاريد و الموسيقى ، ليتعالي صوت سلوى : يحيى ، انت كنت عارف ؟
شاهدها تُلبِسَه الخاتم بدورها ، و تتأني قليلا ، حتى يقوم المصور بالتقاط بضعا من الصور ، صوره تلو الاخرى ، حتى تم تلبيس الشبكه بكاملها …
حينها قامت بتعديل التاج المزين لحجابها ، لتتشابك نظراتهما في لقاء مفاجىء، تملكت الصدمه من عينيها …
لترمش مرارا و كأنها لا تصدق ما بَصُرته الآن ، ثم فغرت فاهها بعد أن تيقنت بأنه هو بعينه ، من احتل جدران قلبها طوال السنوات الماضيه ….
بقيت تحدق فيه لثوان او دقائق ، لا يعرف تحديدا ، لتعود بنظرها الى الجالس بجوارها ، وكأنها سألت عنه ..
نظر مالك باتجاهه ، و الابتسامه تعلو ثغره ، ثم عاد ليهمس شيئا في اذنها ..
لم يعرف كيف تملتكه تلك الرغبة القويه في تسديد اللكمات لصديق عمره ، ليُزيح تلك الابتسامه عن قسمات وجهه ، أراد أن يتقدم منهما ، و ينتزعها من جواره ، معيدا اياها الى مكانها الطبيعي بجانبه ، و تعالت ضربات قلبه مؤيده تلك الفكره و بشده ، و لكن تدارك عقله الحقيقه مرسلا اشارات التحذير ليُخمد صرخات قلبه…
حينها أفاق يحيى من شروده ، ليجد سلوى تقول بغضب : انا بكلمك ، مش ترد عليا ، كنت عارف و سبته يخطبها…!
يحيى بغضب مماثل : انت اتجننتي ، ما قولتلك مقليش اي تفاصيل ..
سلوى بعصبيه : و هنعمل ايه دلوقتي ؟
يحيى و الذي لم يفق بعد من الصدمه : زي الناس هنروح نسلم عليهم..
سلوى باستنكار : انت بتهزر ، مالك لازم يعرف حقيقتها ، زمانه مخدوع هو الاخر..
يحيى و قد جذبها من مرفقها ، بعيدا عن اعين مالك ليقول بغضب جم : مش وقته الكلام ده ، انتي هتعملي فضيحه للراجل ، اهدي شويه ، ده خطبها مش خلاص هيتجوزوا..
سلوى بامتعاض : اوعى تقولي لسه ناوي تعزمهم بعد الحفله..
يحيى بامتعاض :هو انا ناقص ، اسكتي
سلوى : اسكت ازاي….
يحيى بعنف : قولتلك مش ناقص ، اقفلى بؤك انتي فاهمه !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
همس مالك في اذنها : ده يحيى و خطيبته ، اعز صديق عندي من ايام الدراسه ، ودلوقتي يبقى مدير الشركه اللي بشتغل فيها …
فاتن بذهول : انت بتتكلم جد ؟
مالك : ايه يعني الغريب في كده !
فاتن باضطراب : ها و لا حاجه ، بس ..
توقفت فاتن عن اكمال جملتها ، فلقد شاهدت يحيى يقترب باتجاههما و برفقته خطيبته..أرادت الهرب و الان ، متوجسه من ردة فعل يحيى ، و الذي بدت عليه الصدمه قبل قليل…
وقف مالك ليسلم على صديقه بحراره
مالك : ما لسه بدري، انتو اتاخرتوا كده ليه..!
يحيى بهدوء لا يعكس النار المشتعله في صدره : معلش الطريق كان زحمه ، و الف مبروك
لكز سلوى ، لتقول بجفاء : مبروك يا مالك ، مش هتعرفنا على خطيبتك..
مالك بابتسامه : طبعا.. فاتن ، دول اعز اصدقاء عندي يحيى و سلوى …
فاتن :………..
يحيى مصوبا نظره حانقه تجاهها : مبروك يا انسه فاتن..
فاتن بحرج : متشكره
حضرت اسماء ، قائله : يلا يا مالك قوم و ارقص مع خطيبتك ، الناس كلت وشنا من جو النكد اللي عامله ده
مالك و قد لاحظ نظرة سلوى المتفاجئه : نكد ايه ، انا بس مخلي الفرفرشه للاخر..يلا يا فاتن ..
نهضت فاتن تابعه مالك حيث كونت اخواته حلقه في منتصف الصاله ، ليقوما بالرقص وسطها..
بعد دقائق ترك مالك خطيبته بعد اصرار اخواته على اكمالها الرقص برفقتهن ، لينفرد به يحيى..
سأل يحيى : انت مش قولتيلي انك هتخطب جارتكم ؟
مالك : اه ، ما هي فاتن جارتنا
يحيى : هي نقلت عندكو جديد ؟
مالك : لا ده من يجي خمس سنين ، جت و قعدت مع قريبتها الست رقيه جارتنا ..
يحيى بحنق : يعني بئالك خمس سنين على علاقه بيها ..؟
قاطعه مالك : لا مش كده ، لو تقصد اني كنت بحبها و الكلام ده مش مزبوط ، يعني عادي كنا جيران ، وماما رشحتهالي من فتره اني اخطبها و قلبت الموضوع فدماغي و زي ما انت شايف خطبتها
يحيى بانفعال : يعني ايه قلبت الموضوع فدماغك !
مالك : يعني بصراحه كده …صمت و نظر باتجاه فاتن و التي ترقص برفقة اخواته …
ليقول : يعني حسبتها بعقلي ، و لئيتها مناسبه ليا من نواحي كتير ..
يحيى بأمل : بالعقل يعني ؟
مالك : بالظبط كده ، و ربنا يسهل و الحب و الموده تيجي ان شاء الله في الجواز
فرك يحيى عنقه ، مترددا ، فلا الزمان و لا المكان يسمحان باخبار الحقيقه لصديقه ، و لكن عن اي حقيقه سيخبره ، هل سيخبره بأنها الفتاه الوحيده التي ملكت قلبه ، هل سيخبره بأنه اقترن بحب عمر صديقه المقرب، أم يخبره بحقيقة أخلاقها ، و لكن اي حقيقه ، فلربما تابت توبه صحيحه ، هل سيقوم بفضح ما ستره الله…تنافرت الافكار في راسه …
مالك مخرجا يحيى من شروده : طب احنا هنخرج فين بعد الحفله ، يار يت يكون مكان عليه القيمه ، اصل انا حاسس اني غلطت فعمل الخطوبه عالضيق ، فاتن شكلها مدايقه اوي
يحيى : ها … اه اكيد مكان تحفه ، عيب اصلا تسأل السؤال ده..
انضمت سلوى لهم ، ليقول مالك : طب عن اذنكو ، هاحاول اخلص مالزيطه دي ، عشان نخرج سوا ، احسن الوقت اتاخر جدا
سلوى بحنق بعد انصراف مالك : احنا لسه هنخرج مع البتاعه دي ؟
يحيى بتأفف : سلوى بجد انا مش ناقص ، خلي الليلادي تعدي و بعدين هاشوف اتصرف ازاي..
سلوى بخيبه : لسه هتشوف ، ماشي ، بس خليك فاكر ده صاحب عمرك ، اللي فحياته ما قصر معاك ، و اللي مارتضهوش لنفسك ، يبقى مترضهوش له ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قاد يحيى سيارته باتجاه المطعم الفاخر و الذي حجز به خصيصا ليحتفل الليله بخطوبه اعز اصدقائه ، و اي احتفال كان …
جلست بجواره سلوى ، اما مالك فجلس في المقعد الخلفي بجوار فاتن ، تطلع في المرآه الاماميه ناظرا الى فاتن ، والتي تنبأ ملامحها بصراع داخلي مرير .
سأل مالك بفضول : ها حجزتلنا فين .؟
قال يحيى : انا حجزت فريستورانت دونكيشوت
مالك : ده تحفه فعلا
سلوى بامتعاض : فعلا ، بس بيتهيألي فاتن مرحتش هناك قبل كده…
فاتن و قد اخرجها كلام سلوى من شرودها : اه فعلا ، مرحتش قبل كده
مالك : ان شاء الله هيعجبك..الاكل هناك خرافي…و الجو رومانسي جدا
ابتسمت فاتن .. وعادت لشرودها السابق ، و تمنت لو أن مالك انصت لاعتراضها على السهر برفقتهم و اراحها من عبئ تحمل رفقة يحيى و تلك السلوى ، فلم تنس يوما أن الاخيره كانت عاملا في فراقها عن يحيى و تشويه صورتها امامه ، و لكن كيف ارتبط بها ، أكان يكن لها المشاعر كما اعتقدت هي يوما…
تنهدت محتاره ، و غير قادره على توقع ما سيفعله يحيى ، هل سيخبر مالك …؟
قال مالك قاطعها افكارها : فاتن ، وصلنا خلاص ..هيه…..
فاتن بتلعثم : ايوه .. اها ..
مالك بضحك : لا ده انتي فدنيا تانيه …
ثم اضاف بعد ترجل يحيى و سلوى من السياره : متقلقيش .. دول هيحبوكي جدا
فاتن في نفسها : انتي هتقولي ، دول بيحبوني حب …
تبعت مالك و ترجلت من السياره ، ثم سارا جنبا الى جنب ، ليدلفا المطعم سويه ..
قالت سلوى بعد أن جلس الجميع على المائده : ها يا فاتن .. احكيلنا بقى ايه اللي شدك في مالك وخلاكي توافقي عليه ، انا فهمت ان خطوبتكم صالونات ، يعني مفيش حب…
مالك معترضا : فيه احترام و قبول و توافق من كل النواحي ، يبىقى الحب اكيد هيجي بعدين ..
سلوى : طب لو مجاش ، ساعتها الواحد يعمل ايه ، يقضي بقية عمره مع حد مش طايئه ..
هم مالك بالرد عليها ، ليحضر النادل مع قوائم الطعام ، ليقول يحيى بتنهيده : ها تحبو تاكلو ايه..؟
مالك : انا بقترح طبق الشيف السبيشل الليله ..
وافق الجميع على مقترح مالك ، لتعود سلوى بالقول : مالك مجاوبش على سؤالي ، جاوبيني انتي يا فاتن
فاتن و التي كانت متوتره من الموقف باسره : ها.. ..
سلوى بمعنى : لا ده انتي مش معانا خالص ، سرحانه بقى و لا قلقانه من حاجه ؟
مالك بمرح و ناظر لفاتن بحنان : يعني اكيد سرحانه فيا هههههه
فاتن و قد احمرت وجنتاها من تعليقه و نظراته : انا بس محتاجه اروح التواليت ، عن اذنكو..
مالك : طب انا هاجي اوريكي فين ..
فاتن : مفيش داعي ، انا هاعرف السكه لوحدي..
انصرفت فاتن مسرعه ، ليستغل يحيى الفرصه قائلا : طب معلش ثواني ، انا مضطر اعمل مكالمه مهمه .
سلوى بضيق : كمان الشغل ورانا هنا ..
يحيى : عن اذنكو ..
مالك بحنق : ايه انتي بتغيري عليه مالشغل كمان
سلوى بضيق : مش الفكره
ثم قالت بتلعثم : الحقيقه خطوبتك كانت مفاجأه كبيره لينا .. جت بسرعه كده.. و عمري ما تخيلت انك انت بالذات هتتجوز بطريقة الصالونات دي
مالك مبتسما : ما لها طريقة الصالونات ، على الاقل لو الموضوع اتفركش ميكنش الواحد علق قلبه عالفاضي ، وبالعشره الحب اكيد هيجي طالما الطرفين بيراعوا مشاعر بعض…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس تميم في صالون الفيلا مع عمه عبدالرحمن ، الذي سأل : ها هتمشي الليله يا تميم..؟
تميم : و الله كنت مخطط كده ، بس جد جديد و يمكن اعد كمان يومين
عبدالرحمن : خير ، حصل ايه
تميم مبتسما : ابدا ، اصلي ناوي اكمل نص ديني ..
ضحك عبدالرحمن و قال : على اساس انك مش كملته المرتين اللي فاتوا
تميم : و ماله ، الشرع بيقول مثني و ثلاث و رباع ..
عبدالرحمن : ومين سعيدة الحظ ، المرادي مالبلد برده ؟
تميم : ما هو ده اللي جبني هنا
عبدالرحمن : مش فاهم
تميم : اللي عايز اخطبها ، تبقى جارتكم في الشقه القديمه
عبدالرحمن مفكرا : مين يا بني .؟
قال تميم : بالصدفه شافها يحيى و قال انها كانت جيرانكم و اسمها فاتن ، عرفتها ياعمي ؟
عبدالرحمن بغضب : قُطعت سيرتها ، هي و امها
تميم بدهشه : ليه يا عمي ، فهمني الله لا يسيئك
عبدالرحمن : دي بنت مشيها اعوذو بالله .. ابعد عنها يا بن اخوي ، ابعد عنها
تميم بابتسامه : طب كويس
عبدالرحمن : هو ايه اللي كويس ، يعني ان شاء الله صرفت نظر
تميم بتلعثم : اكيد يا عمي اكيد
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أغلقت خديجه الهاتف مع راويه ، والقلق يُزين ملامحها ، ليقول لؤي الجالس بجوارها : ايه خير يا ماما ؟
خديجه : راويه قلقانه اوي على ديما..
لؤي بلهفه : مالها ديما؟
خديجه : اصلها بتقولي انها سجلت جديد فالجيم ، و قالت ساعه و هترجع البيت و دلوقت بقالها يجي ساعتين لا رجعت و لا حتى بترد على تليفونها
لؤي : معقول ، دي الساعه قربت على عشره ، جيم ايه اللي فالوقت ده ؟
خديجه : انا عارفه يا بني
لؤي : طب معرفتيش العنوان و لا اسمه ايه ؟
خديجه : لا ، ليه ؟
لؤي باستعجال : طب كلمي خالتي و اعرفي منها ، و انا هاحضر العربيه و اروح اشوف ايه الحكايه
خديجه : طيب طيب ، هاكلمها حالا…
في غضون نصف ساعه ، وصل لؤي حيث يتواجد الجيم الذي اشتركت به ديما ، صعد الى الطابق الثاني ، ليدلف مباشره الى الصاله الرياضيه ..
جال بنظره بين الحضور الملىء بالشباب والفتيات اللاتي يعتلين أجهزه العدو الكهربائيه ، ليقع نظره على ديما في منتصف الخط ، تقدم منها مسرعا ، ليفاجأ بيد أحدهم على كتفه توقفه عن التقدم : على فين يا حضرة..
استدار لؤي قائلا : و انت مال اهلك..؟
الرجل بهدوء : لو حابب تشترك هنا ، يبقى تملا طلب الاول ، و بالنسبه لمال اهلي ، فهو فعلا مال اهلي ، لان الجيم ده بتاعي…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فوجئت ديما بحضور لؤي ، استغرقها الامر عدة ثوان لتتخلص من صدمتها ، و التوجه حيث يقف مجادلا للمدرب وائل..
هتفت ديما : لؤي ، انت ايه اللي جابك هنا..؟
لؤي بسخريته المعتاده : خالتي !
ديما : انا بتكلم جد ، انت بتعمل ايه هنا ؟
لؤي : ما قولتلك خالتي ، كانت قلقانه عليكي ، اصلك اتاخرتي و كمان مش بتردي على تليفونك
تدخل وائل قائلا : مزبوط ، اصل انا مانع حد يرد على مكالمات اثناء التمرين..
لؤي : بعد اذنك بكلم مع بنت خالتي ..ها
وائل : يبقى تتفضلوا على جنب ، عشان اعرف اركز مع باقي المشتركين
ديما : اديك اطمنت ، يلا بقى عايزه اكمل التمرين ، خود جنب
لؤي : تكملي ايه … اتفضلي دلوقت حالا اروحك..
ديما بتافف : قولتلك لسه التمرين مخلصش..هاكمله و نروح ، استبينا يا نجم ؟
لؤي : لا طبعا ، و الجيم ده مش هتدخليه تاني مفهوم..
ديما بتهكم : لا و الله ، و اصله ايه ده ؟
لؤي بحنق : عشان ميصحش يا انسه يا متربيه
ديما : هو ايه اللي ميصحش .؟
لؤي بغيظ : كلامنا مش هنا ؟ اتفضلي اودامي
نظرت ديما له باستخفاف ، ثم اتجهت الى اله السير خاصتها ، و عادت للتمرين ..
لم يتحمل لؤي المنظر ، حيث التصقت الملابس الرياضيه بجسد ديما ، هذا عدا حركتها..
لؤي متمتما : و حاجات طالعه و حاجات نازله كمان ، و اللي ما يشتري يتفرج…
تقدم ممسكا بمرفقها و جارا لها خارج الصاله وسط اعتراضها و ابتسامات الحاضرين و فضولهم الشديد ، عدا وائل الذي خرج قائلا : انسه ديما ، تحبي اندهله السيكوريتي ؟
ديما بحرج : مفيش داعي..
عاد وائل في الداخل تاركا الباب الزجاجي مفتوحا قليلا و ذلك خوفا من حدوث مشكله من القادم المتهور
لتقول ديما : هو انت كل شويه تنطلي زي العفريت فكل حاجه ، مش كفايه طيرتلي العريس المره اللي فاتت..
لؤي : طيرته ، و لا بينته على حقيقته ، ده كان عايز اي عروسه و السلام
ديما : بالعكس بقى انا حسيته عايزني لشخصي بدليل انه فاتحني فالموضوع قبل يحيى
لؤي بتهكم : عيزك لشخصك … مزبوط فعلا ، بدليل انه خطوبته الليله
ديما : انت بتتكلم جد ؟
لؤي : ايوه ، عامل خطوبه عالضيق و العروسه باين جارتهم حاجه كده
ثم اضاف بعد ان لاحظ الاحمرار يغزو وجنتي ديما : ال عايزني لشخصي ، يا كسفتك يا حازم يا حازم !
ابتسمت ديما لدعابته وقالت : مبسوط اوي حضرتك..
لؤي بتنهيده : طبعا ، اصل لو الواد ده بيحبك كانت هتبقى مشكلة المشاكل يعني بحكم انه صاحب يحيى و انا لازم بقى اتصرف معاه بشكل كويس و كده
ديما : يا سلام ، وايه اللي يمنع تتصرف معاه كويس لو اتخطبنا ؟
لؤي : هتعمليلي عبيطه بقى ، خلاص يا ديما ، احنا كبرنا عالعند ده !
ديما : انت بتتكلم عن ايه ، مش فاهمه ، ابسلوتلي مش فاهمه
لؤي : مش فاهمه اني بحبك ،و بقالي كتير مستني ترجعي ديما اللي على طول بتصدقني و بتؤمن فيا ، اللي لو كل الناس قالت لؤي مش ممكن يعمل ..مش ممكن ينجح ، ترد عليهم و تقول ده هو الوحيد اللي يقدر..
ديما بحسره : اه و ديما دي خدت منك ايه الا التريئه و قلة القيمه، اسمع ده كان لعب عيال بتاع زمان ده
لؤي : فعلا ، كان لازم وقتها افهم انك لسه طفله ، وماخدش رد فعل عنيف زي اللي عملته ، بس انتي متعرفيش كنتي بالنسبالي ايه ، كنتي الوحيده فيهم اللي واقفه فصفي ، ومش هامك رايهم فيا ، ولا شايفاني بنظرتهم ، كنت شايفه لؤي الناجح الطموح مش اللي هما شايفينه ، كنتي فنظري كبيره اوي ، وفاهمه اوي ، متخيلتش ان ده بس جزء منك ، و مكنتش شايف غيره كنت بشوف ديما الناضجه و نسيت انها لسه عيله ، و لو كان جزء جواها كبر و نضج فمش معني ده ان باقي تصرفاتها هتكون بالعقل وا لنضوج نفسه ..
ابتسم لؤي و تابع : بس دلوقتي فهمت ، انتي كبرتي الجزء ده جواكي و اشتغلت عليه عشاني ، عشان احس ان ليا ضهر و في حد مؤمن بيا ، سبقتي سنك عشان تديني امل وثقه يا ديما..انا لولاكي مكنتش بقيت فالمطرح اللي انا فيه انهارده…
ديما بتأثر : طب بس بس ، انا شويه و اعيط
لؤي بابتسامه : بس ايه ، ده لسه التقيل جاي
تنحنح ثم قال : بما انك كنتي هتفكري فالواد مالك ، و يعني مش رافضه مبدا الجواز اثناء الدراسه وكلام البنات الفكسان ده ، يبقى انا اولى مالغريب ، تقبلي تتجوزيني يا ديما ؟؟
ديما بدهشه : ها ..
جثا لؤي على ركبتيه امامها و قال مؤكدا : بحبك و عايز اتجوزك..
ديما : انت بتهرج ، صح !
كان قلب ديما يرقص فرحا … عندما تغيرت ملامح لؤي ليقول بصدمه : يا نهار اسود…..!
ديما باستنكار : نهار اسود انك طلبتني للجواز، فعلا.. انا كنت حاسه بردو انها حركه ناقصه من بتوعك
لؤي : وافقي الله يكرمك و متكسفيش العبد لله ، ده امه لا اله الا الله على يمينك بتصور بموبايلاتها و فضحتي هتملا المواقع الاجتماعيه …
نظرت ديما بسرعه الى يمينها ، لتجد رواد الجيم مصطفين خلف الباب الزجاجي ، تعلو ثغرهم الابتسامات ، و تزين ايديهم هواتفهم النقاله بكاميراتها المضاءه
ديما و هي تنتقل بنظرها بين لؤي و المشاهدين من خلف الباب الزجاجي قائله بهذيان : يا نهار ابيض ، كده فضحتنا ادام الناس..
لؤي : حرام عليكي ، وافقي الاول ونبقى نتخانق فالبيت
ديما بتردد : مش عارفه ، انا محتاجه افكر الاول..
لؤي : طب يرضيكي اتفضح كده ، انتي معندكيش اخوات صبيان
ديما مدعيه الجديه : لا معنديش فعلا ……….
ابتلع لؤي ريقه مفكرا في كلماته القادمه ليُحثها على الموافقه
لتتعالي صيحات رواد الجيم : وافقي..وافقي. ….وافقي…
ابتسم لؤي ، ناظرا لها بأمل ، لتقول ديما بهمس : هوافق بس عشان خاطر الجمهور ..ها
لؤي: ها… قولتي ايه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ديما بابتسامه : امري لله ، موافقه
صفق رواد الجيم بحراره ، ليقول لؤي : متشكرين يا جماعه ، نُردهالكم فالافراح بقى
ديما : انت لسه هتعد ترغي ، يلا بينا نروح ، انا عمري رجلي ما هاتعبت الجيم ده تاني
لؤي بابتسامه : ما قولنا مالاول … ناس مش بتيجي الا….
ديما محذره : نعم !
لؤي : نعم يا روحي نعم ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أمسكت فاتن بمقبض باب الحمام ، ثم أسندت رأسها عليه ، محاولة استجماع شجاعتها في هذا الموقف الذي لم تتوقع حدوثه قط ..
و تمتمت : لولا داده رقيه ، مكنتش وافقت عالخطوبه دي اصلا ، ومكنتش عرضت نفسي للناس دي من تاني ، بس هاعمل ايه دلوقت…؟
عزمت فاتن على الخروج و محاولة التصرف بطبيعتها ، فعلى ما يبدو أن يحيى و تلك السلوى اختارا ان يمثلا على مالك عدم معرفتهما بها ، ربما على الاقل لهذه الليله ..
حركت المقبض و فتحت الباب ، لتضطرب متراجعه الى الخلف..
قال يحيى المتكأ على الحائط المقابل : ايه شفتي عفريت .!
فاتن : لو سمحت ، انا اعصابي تعبانه ومش حمل تريقه..
قاطعها يحيى قائلا بقسوه : اسمعي ، عشان مالك زمانه هيستعوقنا ، مالاخر كده خطوبتك دي لازم تتفسخ ، معاكي لبكره ، اتحججي باي حاجه ، انتي فاهمه !
تنهدت فاتن و قالت بسخريه : و ده من ايه حضرتك ، هو مالك لحق يشتيكلك مني ، مظنش !
يحيى بمعنى : فاتن ، بلاش اللهجه دي معايا ، بس انتي و مالك ..مينفعش ، وصلت المعلومه…؟
فاتن بحنق : بالعكس ينفع و ينفع جدا كمان …
يحيى بعصبيه : بلاش تعندي يا فاتن ، لو مش عشان اللي عارفه عنك ، يبقى عشان انا مش عايز اخون صاحبي
ثم اضاف بتصميم : انا مش هاديكي الفرصه دي..
فاتن بهدوء : لو على الكلام القديم ، لنفرض لنفرض انه صحيح ، مش معقول جدا اني اتغيرت و تُبت ، ها ..هتفضح اللي ربنا ستره يا يحيى ، ده ربنا غفور رحيم ، هيبقى ضميرك مرتاح ساعتها ، مظنش ان يحيى اللي اعرفه ممكن يكون بالدناءه دي …
يحيى بسخريه : برافووو، اثرتي فيا جامد ، بس على جثتي لو الخطوبه دي كملت كمان يومين ..
فاتن بغضب : لا هتكمل ، ووريني هتقول لصاحبك ازاي ، مش يمكن ميصدقكش ، انت ليه واثق اوي كده
قاطعها يحيى بغضب : انا قلتلك مش هاسمحلك تخليني اخون صاحبي ، انا مش هاقف اتفرج عليه و هو بيتجوز البنت اللي كنت ماشي معاها ..
فاتن و قد المها وصفه لعلاقتهم ، لذا قالت ببرود : انت محسسني بجد اني كنت عامله بلاوي سوده معاك ، ده معرفتنا كلها متعدتش كام شهر…
يحيى ببرود مماثل : و طب و دلوقتي ، انتي عارفه علاقتنا عامله ازاي ؟
فاتن : علاقة ايه ، ده فاللي خمس سنين اللي فاتوا مشفتكش غير مرتين تخاطيف..
قاطعها يحيى بنبره تهكم : ده في الواقع… طب و الاحلام ..ها قوليلي بقى ازاي اخرجك منها..؟
فاتن بحده : اسمع ، انا مش مضطره اقف و اقولك اي حاجه…
قاطعها مجددا : انتي عارفه حلمت بايه الليله … حلمتك بيكي نايمه فحضني…
شهقت فاتن … ليقول يحيى : ها مش كده ببقى بخونه باحلامي ، تحبي اكملك باقي الحلم ، كنا انا و انتي ب…
لم يكمل يحيى جملته ، فلقد صفعته فاتن و بشده …
زمجر يحيى ساخطا ، اراد ان ينفث عن غضبه منها ومن كل ما يُحيط بهما ، اراد ان يرد لها الصفعه ، و لكنه تراجع ، فليس من شيمه ضرب النساء ، لم يع بنفسه سوى ممسكا بيدها و جاذبا خاتم الخطوبه من اصبعها..
و في خضم صدمتها من تصرفه ، ألقى بالخاتم ارضا ثم قال بعنف : قولتلك بلاش عِند يا فاتن…
وقفت فاتن مُثْقَله بكل أحداث الليله ، تنظر له بأعين مصدومه ، هزت راسها محاولة السيطره على مشاعرها ، و لكن لم تستطع فاجهشت ببكاء مرير ، و تعالت شهقاتها…
” يحيى ….فاتن بتعيط ليه ؟؟؟؟ ”
كان ذلك صوت مالك المتسنكر بشده للمشهد امامه …
نظر يحيى لوجه صديقه الغاضب ، و عُقِّدَ لسانه عن الكلام….
يتبع