رواية حب تحت الرمال
¤ هل خُطَّ حقا سَطْرُ النهايه ؟ ¤
————————–
يقولون ان اصعب لحظات الحياه هي الوداع ، و لكن عند مالك فوداع حب عمره يفوق كل انواع الوداع وجعا ، ليس لانها تجلس حاليا بجوار اعز اصدقائه واضعا خاتمه حول اناملها الرقيقه ، ليس ذلك فحسب ، و لكن لان الوداع لم يأخذ حقه ، فمحبوبته لم تأتي اليه معتذره ، لم تبرر له تصرفها ، لم تنطق شفتيها كلمة الوداع ، فلا شيء قِيل و لا اسباب فُسرت ، لن يلومها الان ، كان حَرِي به ان يمتلك الجرأه الكافيه لمصارحتها ، ربما حينها كان باستطاعته معاتبتها ، كان باستطاعته ان ينفث عن غضبه منها ، ان يجهر بكلمة وداعا حتى يبدا بالشفاء الفعلي من حبها ، فلا حال اسوء من قلب معلق بحب غير متبادل و قصه حب من طرف واحد لم يُخَطُّ فيها سطر ” تمت… النهايه ”
و لكن عليه الان المضي قُدما ، و كما يُقال داوِها بالتي كانت هي الدَاءُ…
كان مراقبا لها طوال الامسيه ، تتنقل بين الضيوف ناثرة ابتسامتها الرقيقه على كل ما تقع عليه عيناها ، اعجبه تفانيها الظاهر في انجاح حفل الخطبه الخاص بابن خالتها ، كما انها فتاه جميله و لبقه و من اسره طيبه و هذا ما خبره من خلال تعامله معها في الشركه ، فلقد اوصاه يحيى بمساعدتها و تدريبها لاتقان العمل معهم …
اقترب منها قائلا : انسه ديما ، ممكن دقيقه من وقتك…؟
ديما مازحه : اوعي تقولي بوظتي الكود البرمجي بتاع الجوافه بتاعتكو دي ..
ضحك مالك و قال : اسمها لغة الجافا مش الجوافه…
ثم اضاف : و اكيد مش هاتكلم فالشغل دلوقت …
ديما بابتسامه : خير …؟
مالك : طب ممكن نقعد بعيد عن الدوشه دي …
جالت ديما بنظرها باحثه عن لؤي ، لتجده منخرطا في حديث مع فتاتين لبسهما ملفت للانظار …
قالت ديما : اوك ، خلينا نعد فالبلكونه هناك..
سارا جنب الى جنب حتى وصلا لمقصدهما ، ليقول مالك بعد ان جلسا : بصي ، انا لولا ان الموقف بينا هيكون محرج ، كنت فاتحت يحيى بالموضوع الاول …
صمت قليلا ثم اضاف : عشان كده كنت لازم اعرف رايك الاول و بعد كده هاقول ليحيى و يبقى الموضوع رسمي
ديما مستفسره : موضوع ايه ، انا مش فاهمه..؟
مالك بتردد : انا الحقيقه عايز اتقدم رسمي و اطلب ايدك …
ديما بتلعثم : ليه …قصدي يعني بجد .. يعني قصدي … مش معقول …
مالك بدهشه : هو ايه اللي مش معقول ؟
ديما بصدق : يعني انت و انا … بص كده مش لايقين على بعض خالص..
مالك : ازاي يعني ، مش فاهم …و لا اعتبر ده رفض منك لحتى مجرد الفكره ؟
دون ان تقصد اظهرت قلة ثقتها بنفسها و خاصه بشكلها الخارجي ، لذا قالت مناوره : اقصد انك فاجئتني بطلبك ده…
مالك : طبعا خودي وقتك و فكري زي ما تحبي ، و اتمنى ردك يكون بالقبول و هيشرفني جدا انك تكوني زوجتي و شريكه حياتي
ديما مع نفسها : امال ليه شكلك كأنك عاصر على نفسك شوال لمون ، ييي ليكون يحيى هو اللي زءك عليا
“يا بشمهندس مالك ، البيوت ليهىا حرمه و لولا انك صاحب يحيى كان هايبقى ليا تصرف تاني ”
قفزت ديما من مقعدها اثر سماعها صوته ، استدارت قائله : لؤي
لؤي بتهكم : لا بنت خالتك …
مالك بتلعثم : انا اسف يا لؤي ، بس يعني في موضوع خاص كان لازم اقوله فيس تو فيس لديما..
قاطعه لؤي بحنق : اسمها الانسه ديما ، و موضوع ايه ده انشاء الله ؟
مالك بجديه : انا طالب ايد الانسه ديما للجواز ، و كنت حابب اعرف رايها الاول عشان ميكونش في اي حرج ، انت فاهم يعني عشان يحيى
لؤي بثقه : مش هينفع طبعا ، احنا مش بنجوز بناتنا الا لحد من العيله
مالك بحرج : الله ، انا مكنتش اعرف و انا متأسف جدا ..
ثم غادر مسرعا من الشرفه…
ليقول لؤي بحنق : انتي اي حد يقولك عايز فكلمتين تجري وراه ، ايه فتحاها عالبحري حضرتك..
ديما بحنق : احترم نفسك ، و بعدين انت مالك بيا ..
لؤي : ازاي يعني انا مالي ، مش انتي الحته بتاعتي …اااا اقصد بنت خالتي
ثم أضاف محاولا اغاظتها : بعدين انتي المفروض تشكريني ، شفتي و انا ابينهولك على حقيقته ، ده تلاقي يحيى اللي زءقه
تألمت ديما من كلماته ، أفي نظره شاب مثل مالك لن يُدخلها ابدا في حساباته ، قالت بغيظ : بالعكس ده كان هيموت واوافق و شاري جدا ، انت اللي بوظت الموضوع بطريقتك المهببه دي
لؤي ساخرا : شاري ، ده ما صدق يلاقي حِجه و يُكت..
ثم اضاف : و بعدين انتي لسه مكملتيش دراستك ، متسربعه عالجواز كده ليه !
ديما : لتاني مره انت مالك ، اتسربع و لا متسربعش دي حاجه متخصكش ، مش كفايه ضيعت عليا فرصه
لؤي بانفعال : هو انتي بجد كنتي هتفكري تتخطبي له ؟
ديما : ليه لا ، مالك ميتعيبش فحاجه ، شاب طموح ووسيم و ناجح و يحيى يعرفه كويس…
لؤي بتردد : احم ..يعني طالما انتي مش ممانعه ترتبطي و انتي بتدرسي ، انا كنت يعني …
ديما بأمل : كنت ايه …؟
لؤي : انا كنت يعني ،.. نفسي اسألك سؤال من زمان؟
ديما بترقب : سؤال ايه..؟
لؤي : الصوره اللي بعتيها ليحيى ، كنتي قاصده ، يعني وقتها كنتي صغيره و يجوز كنتي بتحبيه حب مراهقه و كده
ديما بصدمه : هو انت لسه فاكر الصوره اياها !
لؤي بابتسامه : و دي حاجه تتنسي ، دي محفوره فذاكرتي لغاية دلوقتي
قاطعته ديما بغيظ : على فكره انتي غبي جدا
لؤي بضيق : الله انتي هطولي لسانك ..
ديما بغل : و لا اطول و لا اقصر….و غادرت الشرفه مسرعه
لؤي بحنق : استني انا لسه مخلصتش كلامي..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
انسحبت سلوى من جوار يحيى و المهنئين بهدوء بعد رؤيتها لمالك يتجه الى البوابه للمغادره ، اسرعت بخطاها ، لتلحق به ، مناديه : مالك ..مالك .استنى…
استدار مالك فور سماعه صوتها ، ليقف مسمرا في مكانه بانتظارها ، لتقول : ايه ماشي كده بسرعه ..!
مالك : احم .. اصل هاوصل اخواتي لمشوار كده …
سلوى : اها ، طيب
وقفا ينظران لبعضهما في صمت ، ليقول مالك بتردد : ياه ده انا نسيت…
سلوى : نسيت ايه؟
مالك بحرج : الهديه ، هديه خطوبتك انتي و يحيى
سلوى بتاثر : مفيش داعي ، كفايه مجيتك..
اخرج من جيبه صندوقا مخمليا صغيرا ، و قال : اتفضلي دي حاجه بسيطه …
امسكت سلوى بالصندوق بانامل مرتجفه لتفتحه قائله : الله ، ده جميل اوي …
مالك : طب عن أذنك بقى ، انا مضطر امشي..
سلوى : طيب سوق على مهلك.
اومأ مالك منصرفا ….
لتقول شيرين المراقبه للمشهد عن قرب : سوق على مهلك سوق … اكني شايفه مشهد من فيلم ابيض و اسود
شهقت سلوى مخضوضه : ايه يا بنتي مش تكحي و لا حاجه ، خضتيني
شيرين :اعمل ايه ، ما انتي محتاجه حد يفوقك من جو الاطلال اللي انتي عايشه فيه ده
سلوى : انا بس صعبان عليه ، مشفتيش عينيه كانت عامله ازاي و هو بيباركلنا ..
ضربت شيرين كفا بكف ثم قالت : مشكلته مش مشكلتك ، انتي دلوقتي مرتبطه براجل تفكري فعينيه هو وبس
سلوى : انا مش كده يا شيرين و انتي عارفاني كويس فمفيش داعي للكلام ده كل شويه
شيرين : انا بس بنبهك ، انتي مشفتيش شكلك عامل ازاي لما مالك كان بيكلم قريبة يحيى ..
سلوى : يووه ، مفيش فايده فيكي
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أنهت فاتن دوامها المسائي لهذا اليوم في السوبرماركت و انتظرت على الطريق لتركب مواصله …
وقفت احدى السيارات الملاكي امامها ، ليقول سائقها بصوت مرتفع : اتفضلي يا انسه فاتن ، اوصلك مطرح ما تحبي…
تفحصت فاتن السائق ، ليتضح لها انه ذاك الزبون ..لتقول : متشكره ، اتفضل حضرتك…
ترجل تميم من سيارته ، و لف ليقف بجوار فاتن ، قائلا : انا بعتذر عن الموقف اللي حصل ، كنت متعصب و طلعته عليكي ، و ياريت تقبلي اوصلك عشان اعتذرلك بجد..
فاتن باسنان مطبقه : و لا يهمك ، حصل خير ، و اتفضل معطلكش..
تميم : اه ، فهمت …
و استدار ليركب سيارته…
تمتمت فاتن : طب كويس ، طلع بيفهم اهو ….
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
يحيى : انتي غطستي فين ؟
سلوى : كنت بسلم على مالك ، و اداني ده هدية خطوبتنا …
نظر يحيى للخاتم في اصبعها : بس ده شكله غالي اوي ، و الراجل على وش جواز ، كان يوفره لعروسته..
سلوى : هو كان بيتكلم جد ، هيخطب قريب..؟
يحيى : ايوه ، امبارح قال ان فباله حد معين بس عايز يجس النبض الاول ..
سلوى : مين ؟
يحيى : و الله حاولت اقرره بس مدنيش عقاد نافع ، فمش هاتطفل اكتر من كده ، جايز خايف للموضوع ميتمش و يبقى فيه احراج له..
سلوى متأمله الخاتم الذهبي بفصه الازرق ، و الذي يتلائم جدا مع هديه عيد ميلادها : فعلا غالي اوي
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عاد مالك الى البيت يجر اذيال الخيبه ، فخطته للارتباط بديما فشلت و بشده ، لقد اراد بخطبتها ان يضرب عصفورين بحجر واحد ، اولا مواصفاتها ممتازه كزوجه ، ثانيا سيرد بخطوبته السريعه كرامته التي بعثرت على يد سلوى ، و الادهى انها شهدت الليله انكساره للمره الثانيه ، بعد فشل موضوع ديما …
تمتم : مكنش لازم ابين اني مدايق ، بس كان غصب عني…
بحث عن والدته و قد استراح الى فكرة ما : ياه يا ست الكل ، مش تشدي حيلك معايا كده
اسماء : عنيا يا بني ، بس فايه ؟
مالك : العروسه يا ماما …
اسماء : مروه يا بن..
قاطعها مالك : تاني مروه..
اسماء : بس انت مش قولت في حد فبالك
ماكب : لا ما انا غيرت رايي ، اسمعي ايه رايك نتوكل على الله و نطلب ايد فاتن
اسماء بتفكير : طب خليني ادورلك يمكن نلاقي حد مناسب اكتر..
مالك : انا معنديش وقت اضيعه ، و انا مرتاح جدا لفاتن ..على الاقل عارفين اخلاقها كويس
اسماء : مزبوط مزبوط ، بس برده دي مقطوعه من شجره و…
مالك مقاطعا : و ده يعيبها فايه ، اسمعي يا امي ، انا خلاص لازم اخطب و بسرعه
ضحكت اسماء : الله انت متسربع كده ليه يا واد ؟
مالك محاولا اقناع والدته : واد ايه يا ماما .. انا راجل و بشوف البنات بتعمل فنفسها بلاوي سوده كل يوم و خلاص ربنا فتحها عليا ، و لازم اكمل بقى نص ديني ، فاهماني يا ست الكل !
اسماء : طيب طيب ، بكره هاكلم الست رقيه و افاتحها فالموضوع..
ثم تمتمت : هو انا كان لازم اتسحب من لساني و اقول فاتن ، ما كان دلوقت اقنعته بمروه ، يلا بس البت طيبه برده ، و مش هتتكبر علينا و لا تطمع فينا
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد شكوى الاستاذ منير ليحيى من تعنت تميم في السعر المطلوب ، اضطر الاخير الى حضور المقابله الثانيه للاتفاق على السعر النهائي ، بشكل يُرضي جميع الاطراف…
و بعد مدوالات عديده مع تميم ، تم الاتفاق على سعر مناسب ، ليقول تميم متاففا : و الله كان فايدنا نزود شويه ، بس انت راعيته كتير هو كان من باقي عيلتنا..
يحيى و هو يشغل السياره : يا تميم ، السعر حلو جدا ، و شقة جيرانا باعوهاله بسعر اقل مننا كمان…
تميم : نهايته ، انا هابقى امر على عمي و اديه الفلوس…
يحيى : تحب اوصلك فين بالظبط..؟
تميم : مطرح ما ركنت عربيتي ، ادام مكتب المحامي ..
يحيى : اوك….و انطلق بسيارته …ليوقفه تميم بعد دقائق : وقف وقف ده انا كنت هانسى…
يحيى : خير ، تحب استناك لما تخلص..
تميم : لا مفيش داعي ، اتكل على الله…
ترجل تميم من السياره ، اما يحيى فقد اضطر الى الانتظار ريثما تضيء اشارة المرور …
على ناصية الطريق ، كانت فاتن تنتظر مواصله ، لتفاجىء بظهور تميم امامها ..
تميم : ازيك يا انسه فاتن..
فاتن : و بعدين بقى ، مش كنا خلصنا ..
تميم : انا قصدي شريف ، ثم عبث بجيبه و اخرج علبة مخمليه و قال : اتفضلي…
فاتن بريبه : ايه ده ..من فضلك انا مش باخد هدايا من حد معرفوش و اتفضل حضرتك
تميم : دي مش هديه ، ده خاتم ، خاتم شبكتنا ، انا قلت اجيبه و اثبت حسن نيتي ، اصل عارفكم انتو يا بنات البندر لازم تشوفوا الفلوس بعنيكم عشان تصدقوا ان قصدنا شريف
فاتن بانفعال : حضرتك …اولا ده اسلوب غير محترم انك تطلب ايد واحده ، ثانيا مين قالك اني اصلا ممكن اوافق عليك عشان تتعب نفسك و تكلفها التكاليف دي
تميم بسخريه : و متوافقيش ليه ان شاء الله ؟
فاتن : لاسباب كتير ، بس اهمها ، جوز الدبل اللي فايدك الشمال دول..!
ارتبك تميم و لعن منير مره اخرى ، فلقد اعماه غضبه عن تذكر قلع الدبل الخاصه بزوجاته الاثنتين ..
فبعد هروب ليلى ، اراد ان يثأر لكرامته بأي طريقه ، ليقرر بعد اختفائها باسبوع ان يخطب فتاتين من افضل عائلات بلدته في ونفس الاسبوع و كذلك تمت زفته عليهن سويا ،عله يخرس الشامتين و الحاقدين …
تميم مراوغا : دول مجرد ذكرى ، اصل محسوبك ملوش حظ فالحب ، …
فغر تميم فاهه ، فلقد تركته و قطعت الشارع الى الناصيه الاخرى ، ليستشيط غضبا منها : ما عاشت اللي تطنشني يا حلوه..
هرول خلفها ، ممسكا اياها من مرفقها ، لتصرخ فاتن : شيل ايدك يا حيوان !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يصدق يحيى عينيه و هي تعبر الشارع من امامه ، فبعد حديثه مع لؤي ، اراد ان يسألها عن ليلى و كِنان ، ربما هي الوحيده مَن تعرف لهم طريقا ، بسرعه ترجل من سيارته ، ليفاجأ بتميم جاذبا لها من مرفقها و الغضب يكسو ملامحه..
يحيى مهرولا : ليكون خاد خبر انها اخت كِنان…بس ازاي ؟
يحيى بعد ان اصبح خلفهم تماما : تميم ميصحش اللي بتعمله ده..
استدار الاثنان في نفس الوقت ، لتهتف فاتن : يحيى …
يحيى مبعدا قبضة تميم عنها : انا مقدر اللي كنت فيه ، بس خلاص ده موضوع انتهى بالنسبالك
تميم : موضوع ايه ، الراجل يقدر يتجوز مش بس اتنين لا كمان تلاته و اربعه طالما مقتدر ايه المانع
يحيى بدهشه : ها …انت عايز تتجوز فاتن …؟
فاتن متنقله بنظرها بين الاثنين محاوله فهم ما الصله ، لتستوعب اخيرا متمتمه : تميم …الي كان خطيب ليلى
فاتن بحنق : هو ده ابن عمك !
نظر يحيى لها بشك ، لتقول فاتن : ياريت تقوله يسبني فحالي …ثم نظرت باتجاه تميم و بعد ان استوعبت هويته قالت : انت لو اخر راجل فالدنيا لا يمكن افكر اتجوزك ..فاهم ..!
يحيى امرا : استني …
فاتن بسخريه : متاسفه مش هاقدر..
يحيى بتهديد : لا هتقدري و انتي عارفه كويس ليه …
لم تفهم فاتن تهديده ..فوقفت صامته …تقلب الموضوع في تفكيرها
تبادلا النظرات …ليقول تميم : انتو تعرفوا بعض ازاي ؟
يحيى : جيران ، فالشقه القديمه ، و عن اذنك انا محتاج فاتن في حاجه ضروري عن سعر الشقه بتاعتهم
تميم بشك : و الله..
يحيى : ايوه ، و خود ادي مفتاح العرييه ، وصل نفسك و اركنها مطرح عربيتك ادام مكتب المحامي..
تميم : بس اا
يحيى مقاطعا : اتكل على الله …ربت على كتفه و اداره بغضب باتجاه السياره …
تميم بحنق : حلال له و حرام على غيره…
بعد انصراف تميم ، قالت فاتن : احنا مفيش بينا كلام..
يحيى : لا في ، ليلى فين يا فاتن ؟
فاتن بتصميم : معرفش ..
يحيى : متخليش اللي بينا يعمي عنيكي ، انتي متعرفيش ليلى دي غاليه عندي اد ايه وانا لا يمكن اعمل حاجه تاذيها … ارجوكي تقولي ليلى فين ، او على الاقل تليفونها..
كانت تراقب حديثه و حركة يده المتوتره التي اخذت تعبث بخصلات شعره ، لتلحظ فاتن ما لم تلحظه قبل ايام ، هناك خاتم في يده اليمنى
فاتن بعفويه : انت خطبت؟
ارتبك يحيى لسؤالها العفوي ، متذكرا بانها الخصله التي يفتقدها فيها و بشده ، فلطالما استطاع قرائتها بوضوح نظرا لعدم مقدرتها على المناوره والتلاعب …او هكذا ظن قبل ان تتضح له حقيقتها..
و لكن ما اربكه حقا ، هو احساسه بالذنب تجاه نظرة عينيها المصدومه ، لقد شعر فعليا بأنه قام بخيانتها ..و انه اغلق خط الرجعه امام قلبيهما …و هل هذا كلام منطقي اصلا..
تعلقت نظراته المذنبه ، بعينيها المفجوعه و التي تساءلت في صمت : ” هل خُطَّ حقا سَطرُ النهايه ؟ ”
أجاب يحيى على سؤالها بتردد : ايوه …خطبت
ثم سأل مستدركا : بس انتي ازاي تعرفتي على تميم ؟
فاتن بسخريه : اتعرفت عليه …. لا يا بشمهندس ده مش تهمه جديده هتلزقهالي ، ابن عمك مجرد زبون جه السوبرماركت و الظاهر دخلت دماغه ، وبقاله يومين قارفني فعيشتي كل اما اروح مالشغل يئطرني زي ما حصل انهارده ، ياريت لو تقدر تقوله يحل عن سمايا يبقى كتر خيرك..ها
يحيى بعدم تصديق : يعني انتي عايزاني اصدق ان بنت انجي الشريف بتشتغل فسوبرماركت …
فاتن : تصدق و لا عنك ما صدقت…
يحيى : حاسبي على كلامك ، عموما دي حاجه متخصنيش ، انا اللي يخصني ليلى ، عايز اعرف ليلى فين؟
فاتن مغتاظه و محاوله اقناعه بانها لا تعرف مكان ليلى حقا : هو انت فاكرني بكلم كِنان ، و لا حتى اعرف طريقه فين اساسا ..عشان اعرفلك طريق اختك ، صحيح لما هربوا كلمني و كان عايز مساعده ماديه بس اعتزرلته و كانت دي النهايه ، اصلا ماما محرجه عليا اكلمه ، ده بتاع مبادىء و شعارات و كلام فارغ ، و شوف وصلته لفين ، يعني الدنيا كانت خلصت من البنات عشان …
يحيى بغضب : كفايه ، انا غلطت اساسا اني افتكرت ولو لثانيه ان اللي زيك يفرق معاها اخ و لا صلة رحم اساسا
شاهدته يغادر مستقلا اول مواصله اتيحت له ، لتكمل طريقها هي ايضا الي البيت …
كانت في حاله نفسيه سيئه للغايه عندما اخبرتها الداده رقيه بتقدم جارهم مالك لخطبتها …
فاتن بانفعال : داده ، انا مش عايزه اتجوز ، من فضلك تعتذريلهم جامد ، بس انا دلوقت مش بفكر فجواز و لا بفكر فاي حاجه اساسا…
انهارت فاتن ببكاء ، لتقول رقيه : طيب طيب يا بنتي ، هدي نفسك ، و هاعتذرلهم بس متعيطيش ، هو انتي فاكراني هاغصبك على حاجه ، انتي حرة رايك يا بنتي
حاولت فاتن السيطره على بكائها فقالت : انا اسفه يا داده بس انهارده حصلت حاجات فالشغل دايقتني ..و خليتني متعصبه ، سامحيني اني اتعصبت عليكي
رقيه مستغله الفرصه : طب خلاص يبقى احنا نهدى و نروق و الدنيا مطرتش ، مش ضروري ترفضيه انهارده..بكره و بعدو لسه موجودين فكري و انتي اعصابك هاديه و ساعتها نبقى نرفض براحتنا ها يا حببتي
فاتن لم تشا ان تكسف رقيه : حاضر يا داده …حاضر …
رقيه : طب يا حببتي ، ممكن تفتحتي السكايب ده عشان سحر زمانها مستنيه اكلمها
فاتن : عنيا يا داده ، انا قايمه اهو..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
سحر :ايه يا ماما مش هتقدري تيجي ، ده عماد خلاص خلص الورق بتاعك ، انت متعرفيش اتعذب اد ايه عشان يلحق يخلصه قبل معاد الولاده…
رقيه : طب هاعمل ايه ، مقدرش اسيب فاتن لوحدها كده …
سحر : الله انتي مش قولتي ان جارتنا الست ام مالك طلبتها لابنها ، يبقى خلاص هيبقالها راجل تعتمد عليه و مش هتخافي عليها ، دي ام مالك و بناتها لوحدهم عزوه
رقيه بحسره : بس شكلها هترفض ، احساسي بيقولي كده
سحر : ده يبقى دلع بنات مرىء ، ال ترفض ال ، هو مالك يتعيب فحاجه ..
ثم اقتربت من الشاشه هامسه : ده انا كنت هموت و يتقدملي ، في حد يرفض مالك
ابتسمت رقيه و قالت : عندك حق ، بس انا مقدرش اضغط عليها لتفتكر اني عايزه اتخلص منها و لا حاجه دي حساسه جدا
سحر : بس انتي فمقام امها و دي مسئوليتك ، و بعدين ده يبقى حرام عليها ، انا محتاجاكي جنبي اوي يا ماما ، كفايه اخر ولاده كنت لوحدي عشان خاطر كان عندها امتحانات و مرضتيش تسيبها وحدها ، ماما احنا كمان بناتك ، و من حقنا نفرح بوجودك حوالينا زينا زيها و اكتر كمان
كانت فاتن في حاله نفسيه سيئه مما جعلها فاقده للتركيز ، و قبل خروجها من الغرفه ، نسيت ان تخفض صوت المحادثه بين رقيه و ابنتها ، لتجلس في الصاله و يصل الى مسامعها تفاصيل الحوار باكمله..
مما زاد نفسيتها سوءا ، فان رفضت مالك ، سترفض رقيه حتما الذهاب الي ابنتها و معاونتها في ولادتها ..
لكن ما البديل ، ان توافق بالاقتران بجارهم مالك ، ترددت فاتن ، محتاره ، فهي قط لم تفكر جديا فالزواج من قبل ، و مالك شخصيه ممتازه و كما يقولون عريس لقطه ، فلم لا تعطيه فرصه على الاقل من اجل ان توافق رقيه على السفر ، و الخطوبه مرحله لدراسة الطرف الاخر، ان لم ينتج قبول تستطيع ان تعيد النظر في خيارها …
من اجل الداده رقيه عليها ان تتناسى اوهام حبها الاول ، فلقد رات لتوها بانه قد مضى قدما في حياته ، فلم توقف حياتها من اجله ، و الاهم حاليا هو اتاحة الفرصه لرقيه ان تتخلص من عبء مسئوليتها لتكون بجوار بناتها من لحمها و دمها…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حدث كل شيء بسرعه كبيره ، بمجرد ابدائها الموافقه على مالك تطورت الامور لتصل حيث هي الان تجلس مع مالك للتحدث في التفاصيل..
قال مالك : طب اخوكي و علاقتكم مش تمام ، امال مين هيكون وكيلك..؟
لم تستطع فاتن البوح بظروف اخيها ، و شعرت بالذنب لكذبها على مالك ، و لكنها ايضا لم تستطع اخبار كِنان بقرب خطبتها ، فهي تعرفه جيدا سيقوم حتما بارسال المزيد من المال لها من اجل تجهيز نفسها للخطبه و الزواج ، مما جعله تخفي عليه ايضا …على الاقل حتى تقتنع هي شخصيا بمالك و بانها سوف تكمل معه و ايضا حينما تستقر الامور مع كِنان في فلسطين ..كذبه تجر اخرى و لكن ما باليد حيله ان لم توافق سترفض رقيه السفر …
فاتن : لسه بدري على كتب الكتاب ، عموما انا هاكلمه و احاول اصلح علاقتنا من تاني ..
مالك : انتو عيله غريبه بجد!
فاتن بحرج : ربنا يسامحها ماما بقى …
مالك : على فكره انا مقلتش للبنات انها والدتك ، مش عايزهم يعملولك زيطه و يصروا تعزميها …
فاتن : انا قولتلك هاعزمها بس مش مؤكد انها تيجي …
مالك : طيب دلوقت ايه رايك الفرح يكون كمان شهرين ، حلو تكوني جهزتي نفسك و اكون انا جهزت الشقه….
فاتن بصدمه : طبعا لا ، انا لازم اجهز نفسي كويس ..
مالك : مش هتلحئي تجهزي فشهرين ، ده كلام ، لو عايزنا نتعرف على بعض فتره اطول انا معنديش مانع، لكن لو السبب الفلوس فلازم تعرفي اني مش هاسمحلك تدفعي مليم واحد لا فالشقه و لا فالفرح و لا فجهازك الشخصي كل دي حاجات انا هاتكفل بيها
فاتن بضيق : لو انت فاكر اني مش هاقدر اجهز نفسي ماديا تبقى غلطان ، انا اقدر و باذن الله…
قاطعها مالك : مش كده ، بس انا ماشي على مبدا دينا بيقول ايه ، الراجل هو المتكفل بالمصاريف كلها و انا و الحمد لله مقتدر ، مساعدة العروسه بتكون حسب العرف لتيسير الجواز على الشباب اللي مش قادر ، لكن مش فحالتي
اعجبت فاتن بمبداه و قالت : عموما لسه بدري عالتفاصيل دي ، بس انا محتاجه اكتر من شهرين عشان ندرس بعض، الحقيقه كل حاجه حصلت بسرعه جدا ..
مالك : و هو كذلك ..
فاتن : انت هتعزم حد عالخطوبه ؟
مالك : يعني بس صحابي المقربين جدا ، زي ما اتفقنا انا مش عايز هيصه كتير ،وبس لو حابه حفله كبيره انا معنديش مانع..اللي يريحك
فاتن : لا لا .. انا عايزه الحفله تكون محندقه ، عشان نحضر بسرعه ،اصل داده رقيه هتسافر قريب لبنتها …
مالك : يبقى اتفقنا و دلوقت حضري نفسك عشان نخرج ونشتري الشبكه
فاتن : بسرعه كده ؟
مالك : سرعه ايه ، انا خلاص هارتب الامور انها تكون كمان اسبوع ، حلو كده تكوني جهزتي
فاتن : كويس ، لانه كمان عشر تيام داده رقيه هتسافر عند سحر …
مالك : طب يلا بينا ، و نقي الي يعجبك الحاجات دي مفيهاش كسوف
ابتسمت فاتن سعيده بكرمه الواضح جدا ، ربما فكرة الخطبه منه ليس بالسوء الذي ظنته، فمن الواضح انه يتحلى بالرجوله بكل ما للكلمه من معنى
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استطاع مالك ان يجهز لحفل الخطبه الصغير و الذي سيقام في شقة اهله الجديده و التي جهزها لهم مؤخرا ، بقي عليه محادثة بعض الاقارب و الاصدقاء المقربين لحضور حفله الصغير…
و بالطبع هاتف يحيى ليخبره بامر الخطبه ..
يحيى بمزاح : بئالك اسبوع مش باين ، ايه يا بني متدلئش عليها كده من اولها ، خليك تقيل
ابتسم مالك : خلاص يا سيدي كلها يومين و راجع الشغل ، المهم تشرفني بكره انت و سلوى على حفل الخطوبه ، انا عامل حاجه كده عالضيق في الشقه بس طبعا ضروري تحضروا معايا اليوم ده ..
يحيى : و ليه عالضيق ، كنت اعمل هيصه و فرح اخواتك ، البنات بتموت فالحاجات دي
مالك في نفسه : “ومين له نفس للهيصه”
قال مالك : اصل خطيبتي عندها ظروف و مضطرين نعمل حفله عالسريع
يحيى : طب ممكن اعرف بقى مين العروسه و لا لسه متكتم عالاخبار ؟
مالك : لا ابدا …. دي جارتنا ..
يحيى :اه ، انا فاكر كنت قولتلي مره حاجه عن بنت الجيران و كانت بتكتبلك جوابات ….
مالك مقاطعا بضحك : تقصد سحر ، هههههه ، لا دي اتجوزت من زمان …
يحيى : طب اسمع ، انا مضطر اقفل ، ابعتلي فمسج عنوانكو الجديد ، و معاد الحفله ، و بما انها عالضيق انا عازمك انت و خطيبتك بعد الحفله نخرج فمكان و نكمل السهره، اهو مش حارمك من حاجه يا عم ..
ثم أضاف : و بالمره نتعرف على خطيبتك …
مالك : اوك ، و انا كمان مضطر اقفل ، سلام
يحيى : سلام
يتبع