رواية (المحترم البربري)

الفصل السابع
،،،،،،،،،،،،،،
استعادت عافيتها خلال الأيام التالية مما منحها الفرصة لشراء ما ينقصها، وكذلك لجمع المزيد من المعلومات عن ذلك الخصم الشرس الذي احتل مقدمة قائمتها السوداء، حدقت “آسيا” في الطريق من شرفتها مرددة اسمه بين شفتيها:
-“معتصم”!
تضمنت نبرتها كراهية مضاعفة له، رغبة شيطانية في إهلاكه بعد إذاقته المعاناة، بالنسبة لها هو من استحوذ على كل شيء في الوقت الذي حُرمت هي فيه من أقل الحقوق، انتصبت في وقفتها وهي تدس يديها في جيبي سروالها القصير متابعة حديث نفسها:
-مش هاخليك ترتاح ليوم
أخرجت ورقة مطوية من جيبها لتقرأ فيه عنوان مكتبه، قست نظراتها أكثر وهي تكمل بعدائية غامضة:
-هاتشوف اللي عمرك ما شوفته معايا
أخرجها من تفكيرها الانتقامي رنين هاتفها، استدارت بجسدها ببطء لتحدق فيه، ثم سارت بخطوات متأنية نحو الطاولة لتلتقطه بيدها، زادت ملامحها عبوسًا مع قراءتها لاسم أبيها مضيئًا على شاشته، سحبت نفسًا عميقًا لفظته دفعة واحدة قبل أن تجيب على اتصاله قائلة ببرود:
-أيوه يا بابا
رد بحماسٍ كبير:
-حبيبة قلبي، وحشاني يا “آسيا” جدًا
بدت غير مقتنعة باشتياقه الزائف لها، تطلعت إلى طلاء أظافرها وهي ترد بفتور:
-وإنت كمان
تابع قائلاً بنفس النبرة المليئة بالحيوية:
-ميرسي يا حبيبتي على اللي عملتيه معايا، إنتي بنت أبوكي بصحيح، أنا مش عارف من غيرك كنت اتصرفت في الفلوس ازاي لوحدي وفي الوقت القليل ده كمان!
لم تفهم المقصد من جملته التي كانت إلى حد ما غامضة، لذا سألته مستفهمة:
-عملت إيه؟
أجابها قائلاً:
-مش إنتي دفعتي الديون عني للراجل إياه، هو بعت المندوبين بتوعه ليكي
أصغت إليه بتركيز محاولة ربط أطراف الخيوط ببعضها البعض، سألها بجدية:
-نسيتي ولا إيه يا “آسيا”؟
تنبهت حواسها بالكامل لما أفصح عنه، على ما تذكر لم يقم أحد بزيارتها مؤخرًا إلا غريمها “معتصم”، لكنها لم تلتقِ بمعارف والدها، سألته من جديد لتتحقق من شكوكها التي بدأت تساورها:
-الكلام ده حصل إمتى؟
رد مازحًا:
-بقيتي بتنسي كتير، اللي واخد عقلك
لم تكن في حالة مزاجية تسمح بتقبل مزاحه فصاحت بنفاذ صبر:
-من فضلك يا بابا، قولي جوم امتى رجالته؟
أجابها بهدوء:
-من كام يوم، وهو بنفسه اتصل يشكرني على صدق وعدي معاه، إنتي طولتي رقبتي، بس اللي مستغربه إنه بيقول كان في راجل موجود معاكي وهو اللي ….
قاطعته قائلة باندهاش وقد تأكد حدسها:
-راجل
رد عليها:
-ايوه، مش إنتي بعتي الفلوس مع حد؟
-حد
-أه، راجل تبعك وهو اللي خلص كل حاجة
اتضحت الصورة واكتملت في رأسها بعد أن ربطت الأحداث معًا، فـ “معتصم” كان متواجدًا في منزلها في نفس الفترة التي تم تسديد الدين بها، إذًا فهو حتمًا على صلة بالأمر، حاولت أن تبدو نبرتها ثابتة وهي تجيبه:
-أها.. افتكرت .. ده واحد بيخلصلي شوية مصالح قولتله يتعامل معاهم
ثم زادت نبرتها جدية وهي تحذره:
-بس بليز يا بابا الأشكال دي ماتخليهاش تيجي عندي تاني!
صمتت “آسيا” للحظة قبل أن تضيف باستياء:
-ويا ريت يا “شرف” بيه تبطل الداء ده
أتاها صوته ممتعضًا من لهجتها الرسمية معه وهو يقول:
-هاحاول، إنتي عارفة إنه مش بإيدي، أمك هي السبب في اللي أنا وصلتله، لو كانت وقفت جمبي زمان مكانش ده بقى حالي ولا كنت حطيتك في موقف زي ده، بس هي اللي باعتك وخانتني علشان الأغنى مني!
نفس الأحاديث والجمل المتحاملة والتي تزيدها غضبًا عندما يلقيها على مسامعها ليتأكد من اشتعال جذوة حنقها نحو والدتها، ملت من كثرة تكراره للأمر فصاحت بحدة:
-كفاية مش عاوزة أسمع
رد بخشونةٍ:
-قبل ما تحطي اللوم كله عليا، حاسبيها هي الأول، أنا عملت اللي أقدر عليه معاكي
كورت “آسيا” قبضة يدها ضاغطة على أصابعها بقوة كوسيلة لكظم غضبها قبل أن يثور، ردت بعصبية وقد احتدت نظراتها:
-حافظة ده كويس، وعارفة أنا هاعمل إيه بالظبط
-طيب بأقولك ……
كان والدها على وشك إضافة المزيد حينما قاطعته:
-بابا معلش أنا تعبانة شوية، ممكن نتكلم بعدين
رد بهدوء:
-أوكي يا روحي، هاطلبك وقت تاني
-باي
قالتها وهي تنهي المكالمة سريعًا لتلج بعدها إلى الشرفة، وقفت مستندة بكفيها على حافتها محدثة نفسها:
-أكيد هو اللي ورا الموضوع ده
تذكرت كلماته بكونه قد فعل معها معروفًا ما، فبات دينًا واجب السداد، احتقنت بشرتها بحمرة مغتاظة رافضة أن تكون مدينة له أو لغيره بأي شيء.
……………………..………………
لم يعرف بماذا يُجيب على إلحاح والدته بشأن رؤية ابنتها، تلك التي إن رأتها حتمًا ستلعن الأمومة بسببها، تعذر “معتصم” بالكثير من الحجج والأعذار آملاً أن تتراجع عن طلبها وتخبو رغبتها في الالتقاء بها، لكن كل يوم كانت تزداد إصرارًا على رؤيتها، فبات في أزمة حقيقية أمام طلبها الذي وضعه في موقف لا يُحسد عليه، لاحظ “نبيل” شروده المستمر فتفرس في وجهه متسائلاً باهتمام:
-إنت مش معايا خالص
انتبه له “معتصم” قائلاً بحرجٍ:
-سوري
ادعى انشغاله بمطالعة الأوراق الموضوعة أمامه لكن لم يقتنع الأخير بذلك، سأله من جديد بفضول أكبر وقد بدا أكثر جدية عن ذي قبل:
-ماتقولي على الشاغل بالك جايز أقدر أساعدك
تنهد “معتصم” قائلاً بإحباط:
-المشكلة دي صعب
-ليه؟ هي حاجة تخص الشغل؟
أجابه بامتعاض يعكس جزءًا مما يخفيه:
-يا ريت، كنت على الأقل هاقدر ألاقيها حل أو صِرفة، لكن المصيبة دي أعوذو بالله، معرقبة ومتعقدة
رفع “نبيل” حاجبه للأعلى مرددًا باستغراب:
-للدرجادي؟!
أعاد “معتصم” ظهره للخلف قائلاً بتعب:
-ادعيلي بس أعرف أشوفلها حل
رد عليه “نبيل” مبتسمًا ومحفزًا إياه:
-ربنا معاك، إنت بتعرف تتصرف في الأمور دي
سأله “معتصم” محاولاً تغيير طبيعة الحوار:
-ها جهزت للاجتماع بتاع المقاولة الجديدة؟
-طبعًا، كله حصل، ساعة ويكون المندوبين عندنا
-تمام
تنحنح بخشونة ليكمل عمله نافضًا ما يخص “آسيا” عن عقله مؤقتًا ليتمكن من التفكير بذهن صافٍ فيما هو مطروح أمامه، على عكس “نبيل” الذي كان الفضول يحثه لسبر أغوار عقل ابن عمه لمعرفة ما الذي يفكر فيه ويعوقه عن التصرف بصورة طبيعية.
……………………..……………………..
في نفس الأثناء كانت “آسيا” في طريقها إلى مكتب المقاولات والإنشاءات الذي يديره خصمها، توقفت بسيارتها التي اشترتها مؤخرًا عند العنوان المنشود، اصطفت في موقف الانتظار المقابل للمبنى الحديث متأملة بأعينها اللافتة التي تعتلي أحد أدواره الأولى لتتأكد من بلوغها وجهتها، التوى على ثغرها ابتسامة مراوغة، فاليوم ستضع لمستها الساحرة لتفسد الأجواء هناك وتنهي دينها العالق، التفتت برأسها حينما سمعت صوت أحدهم يصيح عاليًا:
-يا أستاذة ممنوع الوقوف هنا
عبست تعبيراتها وهي تسأله باقتضاب:
-ليه؟
أجابها موضحًا وهو يدنو من نافذة سيارتها:
-ده انتظار خاص بالموظفين؟
نظرت له “آسيا” بتعالٍ مدققة النظر في ثيابه الرسمية التي يرتديها ونازعة بإصبعيها نظارتها عن أعينها لتقول بعدها:
-أنا جاية في شغل، أكيد مش هالعب هنا
رغم انزعاجه من نظراتها الدونية نحوه إلا أنه رد بهدوء معتاد مع تلك النوعية من الأشخاص المتكبرين:
-يا هانم أنا مسئول عن انتظار السيارات هنا!
تعمد الضغط على كلماته التالية ليؤكد على جدية الأمر وطبيعة الصلاحيات الممنوحة له حينما أضاف:
-و”معتصم” بيه منبه إن محدش يقف في المكان ده علشان تبع مكتبه
مجرد ذكر اسمه كفيل بتغير مزاجها الهانئ، صاحت مستنكرة وقد احتقنت نظراتها:
-هو اشترى المكان؟
هز رأسه نافيًا وهو يرد:
-لأ يا فندم، بس مأجره
ابتسمت قائلة بتهكم:
-أها، يعني العربيات اللي تبعه تقف بس هنا؟
أومأ برأسه قائلاً:
-موظفين المكان بس، أما أي حد تاني فبيركنوا هناك، في الانتظار ده
حركت رأسها بإيماءة واضحة وهي تقول باقتضاب:
-أوكي
أدارت محرك السيارة وانطلقت بها حيث أشار لها، ثم ترجلت منها لتظهر أنوثة طاغية تخطف العقول، لم يتوقع الموظف أن يقابل في حياته مثلها رغم رؤيته لعشرات النساء ممن يترددن على المبنى، لكن واحدة مثلها تحديدًا فلم يحدث، فللوهلة الأولى ستظن أنها ربما أتت لمقابلة عمل لكن بعد أن ترى هيئتها كاملة ستغير رأيك، بالطبع فما ارتدته من ثياب شبه فاضحة كان كفيلاً بإثارة الأفكار الجامحة في نفوس الرجال خاصة حينما يمتزج ذلك مع دلالها وأرستقراطيتها المتعالية، تعمدت أن تسير بغنج لتتأكد من متابعة من يقع عينيه عليها، خاصة ساقيها اللاتين كانتا تلمعان في ضوء الشمس، وعينيها اللاتين تضيئان بوميض مربك للنفوس، جذبت طرف تنورتها الخضراء القصيرة للأسفل وهي تصعد على الدرج قاصدة التباطؤ في سيرها، استطاعت “آسيا” أن تميز تلك الهمهمات الجانبية التي تدور حولها شاعرة بالانتشاء لكونها قد أحدثت البلبلة في نفوس المتواجدين بالمكان، وصلت إلى مدخل مكتب “المصري للمقاولات والإنشاءات الهندسية” فشددت من كتفيها وسارت باستعلاء وهي تخطو نحو الداخل، هبت السكرتيرة واقفة من مكانها حينما رأت تلك المقبلة عليها بكنزتها البيضاء وتنورتها الملفتة للأنظار لتسألها بتوتر:
-أيوه يا فندم، حضرتك عاوزة مين؟
أشارت لها “آسيا” بإصبعيها وهي ترد عليها بتساؤل:
-مش ده مكتب اللي مشغلك؟
أجابتها الأخيرة تلقائيًا:
-“معتصم” بيه
تجهمت تعبيرات وجهها وهي ترد:
-ايوه، هو موجود؟ أنا عاوزاه!
انزعجت السكرتيرة من طريقتها الفظة في الحوار معها، وعلى قدر المستطاع حاولت أن تتعامل معها بمهنية احترافية، ابتسمت قائلة بلباقة:
-حضرتك في ميعاد سابق علشان أقدر أبلغه بوجودك، ولو مكانش في يبقى ….
قاطعتها قائلة بجمود:
-الكلام ده يتقال لأي حد إلا أنا
ثم بدأت في التحرك نحو باب مكتبه الذي قرأت عليه لافتة “المدير”، اعترضت السكرتيرة طريقها متسائلة بتخوفٍ:
-يا أستاذة رايحة فين؟
نظرت لها شزرًا وهي تدفعها من كتفها للجانب لتتمكن من المرور، استاءت السكرتيرة كثيرًا من أسلوبها الغير لبق معها مرددة بضيق:
-من فضلك
ردت عليها بقسوةٍ:
-حاسبي
وبالفعل أمسك بالمقبض فاتحة باب الغرفة ومقتحمة إياها دون استئذان ليتفاجأ بوجودها “معتصم”، اعترت الدهشة الصادمة ملامحه وهو يقول بعدم تصديق:
-“آسيا”
بتصرفها المتجاوز وضعت السكرتيرة في موقف حرج للغاية سيعرضها بالتأكيد للتوبيخ، بدا على وجهها التوتر وهي تردد بارتباك:
-أنا أسفة يا فندم، معرفتش أمنعها خالص
تحركت أعين “معتصم” نحوها كاتمًا ضيقه ومتحكمًا في انفعالاته التي تهدد بالانفجار في أي لحظة، فلا ذنب لتلك المسكينة لكي يعنفها، هو أدرى الأشخاص بطبائع “آسيا”، عاود التحديق في وجهها القاسي حينما نطقت ساخرة:
-هما كلمتين يا … ابن المصري ومش هاعطلك
اعتدل “معتصم” في جلسته رامقًا إياها بنظرات احتقارية ومحافظًا في نفس الوقت على جموده المقلق، تابعت قائلة بهدوء وهي تسير بدلال نحو مكتبه:
-أنا ماحبش أكون مديونة لحد!
انزوى ما بين حاجبيه متسائلاً في صمت عما تقصده، بقي لثانيتين أسيرًا لتلك العدسات اللاصقة التي تخفي خلفها اللون الفيروزي لحدقتيها، اشتعلت نظراته غضبًا واشتدت تعابيره على الأخير عندما أكملت بإهانة واضحة:
-وخصوصًا لو كان واحد زيك!
فقد قدرته على ضبط أعصابه فنهض من مكانه دافعًا مقعده بعصبية للخلف محذرًا إياها بشراسةٍ:
-احترمي نفسك!
تناسى “معتصم” كليًا وجود ابن عمه معه في الغرفة، تنحنح الأخير بحرج وهو يتحرك مبتعدًا ليقول بهدوء:
-أظن وجودي مالوش لازمة
رفع “معتصم” يده معترضًا على انصرافه ومركزًا عينيه المحتدتين على وجه “آسيا”:
-استنى يا “نبيل”!
ردت عليه باستخفاف متعمدة التدلل في وقفتها:
-مش محتاجة جو الأفلام القديمة ده امشي لأ استنى، هما كلمتين وبس!
أخرجت من حقيبة يدها الصغيرة ورقة مطوية ثم ألقت بها في وجه “معتصم” لتزداد بعدها تعبيراته شراسة، ابتسم قائلة بغرور مستفز:
-خد فلوسك، حسابي أنا أعرف أخلصه بنفسي، مش مستنية واحد زيك يعمل معايا معروف
تحرج “نبيل” كثيرًا من وجوده في ذلك الموقف المخجل والذي ينم عن معرفة ومشادات سابقة بين الاثنين، أشار بعينيه للسكرتيرة مفضلاً الانسحاب من الغرفة فورًا دون انتظار رأيه:
-هاروح أشوف الاجتماع، تعالي معايا
فقد “معتصم” قدرته على التحكم في نفسه أمام بركان استفزازها المحنك، اندفع نحوها قابضًا على ذراعيها بقبضتيه وضاغطًا عليهما بكل قوة متعمدًا غرز أظافره في لحمها لتشعر بالألم، صاح بها باهتياج:
-إنتي اتجننتي، فاكرة نفسك مين علشان تكلميني بالشكل ده؟
ورغم ذلك الألم الذي ألهب بشرتها وأشعرها بوخزات قاتلة إلا أنها تماسكت أمامه، شحذت قواها لتبعده قبضتيه عنها وهي ترد:
-الظاهر إنك نسيت أنا هاعمل فيك إيه
لم تنجح في الإفلات منه، وشدد هو من اعتصار عضديها قائلاً بتحدٍ مخيف:
-مش هاسمحلك
حدقت “آسيا” في أعينه الملتهبة بألسنة الغضب ببرود يضاعف من ثورة أي شخص طبيعي، اتسعت ابتسامتها قائلة بثقة مغترة:
-مش هاتقدر
لم يرغب “معتصم” في منحها المزيد من الفرص لتستلذ بإيصاله لحافة الجنون معها، دفعها للخلف بعد أن أرخى قبضتيه عنها، نظر لها باشمئزاز وهو يقول بتأفف:
-وايه المنظر القذر اللي جاية بيه هنا؟ احنا مكان محترم مش كباريه يا مدام
أطلقت ضحكة مائعة وهي تنظر له بإعجاب لنجاحها في الوصول إلى مسعاها بوضعه في موقف حرج يجعله مادة للأقاويل في مقر عمله، وضعت يدها على منتصف خصرها قائلة بتفاخرٍ:
-ليك الشرف إني أجيبك بنفسي لحد هنا
أشار لها بسبابته صارخًا في وجهها:
-برا بدل ما أرميكي بنفسي زي المرة اللي فاتت
رفعت كفها أمام وجهه قائلة ببرود وكأن إهانته لها تعد مدحًا:
-أنا طالعة لوحدي، ومن غير مشاكل ولا حتى فضايح، وده بس علشان الخدمة اللي مفكر إنك عملتهالي!
أولته ظهرها لتستفزه أكثر بتنورتها الضيقة التي لا تليق أبدًا إلا بالعاهرات الساعيات لاقتياد أشباه الرجال وجرهم إلى ليالٍ ماجنة، أبعد أعينه مضطرًا ولاعنًا نفسه على تطلعه نحوها وتفكيره فيها بتلك الطريقة المخجلة، شعر بدمائه تفور في عروقه من جديد حينما أضافت متعمدة ازدرائه:
-وبالمناسبة أنا حطلتلك بقشيش أجرة تعبك معايا!
لم يعرف ما الذي يجب أن يفعله مع واحدة مثلها تحاول بشتى الطرق اختبار عصبيته وإخراجه عن طور الوقار والاحترام، أطلق سبة نابية قاصدًا إهانتها:
-إنتي …………. !
ورغم قسوة كلمته المقتضبة التي تضمنت معانٍ تسيء إليها وتشعرها بأنها سلعة رخيصة إلا أنها ردت مبتسمة بهدوء:
-ميرسي، وبكرة تشوف الـ …….. دي هاتعمل ايه فيك!
صرخ بها بقوة:
-بـــرا!
اكتفت بالابتسام قبل أن تخرج من الغرفة لتتركه في حالة هياج واضحة للجميع، استطاعت أن تسمع صوت قذف محتويات مكتبه وتحطم بعض الأشياء مصحوبًا بكلمات غضب مسيئة، زادت ابتسامتها اتساعًا مستمتعة بتأجيج العداوة بينهما، خطت برشاقة وتباهٍ وهي تعاود وضع نظارتها على عينيها مكملة سيرها نحو الخارج ومتأكدة من تركها لفضيحة ستؤرق مضطجعه لأيــــام ……………………..………….. !!
……………………..…………………..

error: