شعاع نور للقيصر محمد محسن حافظ
#شعاع نور#الجزء السادس
– انت اتجننت يا فهد مين دي اللي تتجوزها انت ناسي بتشتغل اية وفين وعيلتك طول عمرها بتلعب سياسه في البلد
لم يفكر فهد طويلا قبل ان يرد على كلام والده الباشا المستفز نهض من مكانه بكل هدوء وهو يقول
– انا اسف مش هتجوز غير نور يا بابا مش مهم انها فقيره بس بحبها
هز الباشا رأسه وقفز من مكانه ووقف أمام فهد ومسك كلتا ذراعيه ثم ابتسم بمكر في وجهه قائلا
– شوف يا فهد انا تعبت علشان أوصل لكل اللي انا فيه ووصلتك معايا البلد دي يا بني في ناس بتحكمها مش بينين زي العفاريت بس مفيش حاجه عندهم اسمها غلطه وتعدي انت في مركزك ده بسببي
وضع فهد وجهه أرضا وقال غاضبا
– بقيت في شغلي بسببك وهتجوز اللي انت عاوزها وهعمل اللي انت عاوزه
ثم صرخ
– يبقي انا هعيش ليه
أشعل معالي الباشا سيجارا في عصبية بعد ان ابتعد عن فهد ثم وجه نظره إليه من جديد قائلا
– المشكله مش انها فقيره دي اخوها في الأحداث ومرات ابوها سمعتها زي الزفت
ثم صمت قليلا واكمل وهو يقترب من فهد
– ايه رائيك في سالي بنت داغر فكري بنت حلوه وسبور لو انت عاوز تتجوز من العيله دي
ابتسم فهد وقال في خباثة واضحة
– يعني يا معالي الباشا انت متعرفش ان بنت داغر ملهاش في الرجاله…..
**********^^^^^*^*********
المشفي
-ازيك دلوقتي يا نور
قالها د/سليم بعد ان فتح باب غرفتها ابتسمت له نور ووضعت كلتا يديها أمام وجهها وتنظر إلى السماء فهم سليم وقتها انها تحمد الله كان طبيبا ماهرا رغم صغر سنه مثقف يهوي القراءة يبحث عن حلمه نوع خاص وفتاة تشاركه أحلامه كان من أسرة متوسطة له اخ واحد يصغره بقليل اسمه فادي يقضي معظم وقته في المعتقلات لا ينتمي لأي حزب ولكن سيطر عليه حب الوطن بشدة ورغم ذلك كانت تربطه علاقة قوية مع أخيه سليم أحيانا تنظر الرجال إلى امرأة واحدة لا يروا غيرها يجدون فيها أحلامهم ..المرأة تجدب الرجل من نظرة او كلمة او بخجلها يَرَوْن شيئا ما بداخلها قبل مظهرها الخارجي هناك امرأة يحبها رجل واحد وأخرى يحبها جميع الرجال أصحاب القلوب تعلق سليم هو الأخر مثل غيره بنور ولكنه ذكي لا يريد صدام مع فهد فهو لا يقوي على ذلك فقد رأى حب نور في عينيه وهي كذلك فكتم مشاعره داخل قلبه وعاش معها بخياله بل طمع قليلا حين طلب منها صداقته ووافقت على الفور فهي تحتاج شخصا مثل كريم بجوارها كان جميع من في المشفي اذا أرادوا سليم يذهبون مباشرة إلى غرفة نور فلا تمر ساعة حتى يأتي كي يطمئن عليها كان يتعمد ان يقيس لها النبض حتى يلمس يديها وكانت نور تسأله لماذا يغلق عينيه حين يقوم بذلك فيبتسم ويقول
– انا مش بقيس النبض بالساعه بقيسه بنبضات قلبي
**********
ظلت سالي حبيسة غرفتها لأيام طويلة عرفت ما حدث من أبيها وان نور في احدي المستشفيات أرادت زيارتها ولكنها خافت من رد فعلها خصوصا وأنها السبب الرئيسي لما حدث ازدادت عصبيه ولَم تذهب إلى الجامعة حتى متعتها في تصفح ‘الفيس بوك’ تركتها ولَم تعد تهتم تذكرت أيام طفولتها وخوفها من النوم وحدها فكانت مشيره تأخذها بجوارها وهذه غلطه كبرى ففي بعض الأحيان كانت تسمع أصوات ابيها وامها وكانوا معتقدون انها نائمة فكرهت الرجال ظل تفكيرها كذلك كانت تعتقد ان ابيها يعذب امها وحين كبرت وعرفت الحقيقة لم تغير وجهه نظرها واستمرت كذلك حتى تعرفت علي مجموعه مثلها تماما في الجامعة وزاد الأمر سوءا وأصبحت هذه متعتها الوحيدة لم يلاحظ احد من أبويها ذلك دخلت مشيره علي سالي تحاول ان تخفف عنها ولكنها صدمت حين سمعت سالي تسأل عن نور وهي تبكي تغير وجه مشيره فجأة ونظرت إلى سالي قائله
– مش عاوزه اسمع سيرتها تاني يارب تموت ونرتاح منها
حاولت سالي ان توقف لسان أمها أرادت ان تقول الحقيقة وفِي النهاية صرخت قائله
– متقوليش عليها كده هي معملتش حاجه ان السبب في اللي حصل انا السبب
رفعت مشيره حاجبها فقد شعرت ان هناك امر تخفيه سالي عنها يتعلق بنور ولكنها لم تضغط عليها حتى تعرف الحقيقه وتركت الامر للأيام تظهره وحدها
************************
زاد تفكير داغر عندما عرف قصه فهد ونور كان هادئا فالعصبية لن تفيده ولكن ما أشعل رأسه كيفيه التخلص من فهد فلن يسمح له بلمس نور فهو يعتقد انها ملكه واحده لا يري غيرها يستطيع داغر فعل اي شيء قتل تعذيب تهديد ولكن كل هذه الامور لن تفلح مع فهد فهو ليس بشخص عادي ولكن مهما كان لن يتركه يفوز بنور انهي عمله الذي أهمله كثيرا في الفترة الأخيرة واتجه مباشرة كعادته اليومية لزيارة نور لكن هذا يوم مختلف فسوف تخرج اليوم اشتري داغر منزل جديد أعده لها بمكان بعيد كان يحلم ان يجمعه معها دخل داغر المشفي فوجد فهد هناك شعر بالضيق يملأ صدره حين رأي نظراتهم المتبادلة ابتسم بمنتهي البرود وشكر فهد علي زيارته قائلا
– مكنش فيه تتعب نفسك يا فهد انت عملت اللي عليك
وضع فهد يده في جيبه بوجهه المبتسم قائلا
– مفيش تعب ولا حاجه اوعدك هتشوفني كتير بعد كده
وضع داغر يده علي كتف فهد وهو يضحك قائلا
– معتقدش انه هيحصل تاني
تكلم داغر بهذه النبرة لأنه يعلم جيدا ان والد فهد لن يرضي بهذه العلاقة لذلك عرض عليه ارتباط سالي بفهد ورحب بذلك الامر توترت نور بشدة من هذا الحوار بين داغر وفهد وشعرت ان هناك كارثة قادمة لا محالة قام فهد باستفزاز داغر وهو يمسك بيد نور يساعدها في النهوض ثم مد يده وابعد خصلة شعر سقطت علي عينيها اقترب داغر مسك بيدها الاخري وهو ينظر إلى فهد الذي لم يفهم ما بداخل صدر داغر صارت نور بين فهد وداغر تشعر بعدم الاتزان كانوا يسيرون في ممر طويل ظهر امامها من بعيد سليم وأخذ يقترب وكان وجهه متغير هذه المرة حاول ان يداري دموعه فأخذ نفسا طويلا وهو يقف امامها ونظر اليها قائلا
– خلاص هتمشي يا نور
ابتسمت له وسحبت يدها اليمني من فهد وصافحته ثم شكرته وهي تلقي عليه التحية وكأنه احد الظباط حين قربت يدها من رأسها ابتسم سليم اخيرا وقال
– بلاش تشكريني انا اللي المفروض اشكرك ومنتسيش تيجي الاسبوع اللي جاي علشان اغيرلك علي الجرح واطمن عليكي
لف سليم وجهه وترك عينيه تنهمر في البكاء ودخل غرفته وأغلقها عليه يجلس وحيدا في الظلام بدون … نور
**************************
كان طلب نور الأول من داغر زيارة كريم فورا فجهز لها مقابلة ألقت نور نفسها في صدر كريم حين رأته امام عينيها في غرفه خلت من الجميع حتى داغر تركها وذهب كي يشرب القهوة في مكتب مديًر دار الأحداث ظلت نور تبكي للدقائق وهي تري كريم في هذا الموقف شعرت بالذنب اتجاهه فكل ما حدث لها كان بسببها اراد كريم الاطمئنان علي أخته فحكت له كل ما حدث بالتفصيل وكان كريم يركز علي حركات يدها جيدا بدأ وجهه يتغير كلما عرف شيئا جديدا شعر وقتها انه لم يفعل شيئا نرجس ما زالت علي قيد الحياة وان مات راشد فهناك عشرات منه ولكنهم أكثر أناقة خارجيا ولكنهم ملوثين من الداخل حتى عندما سمع عن فهد لم يشعر بالارتياح كريم صغير السن ولكنه ذكي صدم نور بطلبه منها وهو يمسك يدها قائلا
– نور ارجعي وعيشي في الاوضه اللي تحت السلم هتلاقيها انضف كتير زاكري يا نور وخدي شهادتك وخليكي قويه متخفيش من حاجه وابعدي عن سكة الناس دي داغر وخالتك وسالي وفهد دول مش شبهنا خالص والسكه دي انا مش مرتاحلها هترمي نفسك في شبكه مش هتعرفي تخرجي منها علشان خطري اسمعي الكلام نار نرجس ولا جنه الناس دي
امتلأت عيون نور بالدموع ووافقت علي طلب أخيها ووعدته ان تنفذ كل رغباته فهو هنا بسببها وتعلم انه يخاف عليها ضمته إلى صدرها في قوة وهو كذلك وانصرفت بسرعة تشعر بالاختناق من كل شيء حتى الهواء أخبرت داغر بذهابها إلى غرفتها القديمة عند نرجس رفض داغر بشدة ما قالت ولكنه لم يستطيع ان يقنعها وفِي النهاية استسلم لرغبتها وذهب معها ووعدها انه لن يتخلي عنها وسوف يلبي جميع احتياجاتها وبالفعل دخل معها ووقف امام نرجس وقال في نبرة مليئة بالتحذير
– شوفي يا نرجس واسمعي كويس اللي هقولك عليه نور هترجع تعيش في الاوضه اللي تحت متحوليش تديقيها اعتبري انها مش موجوده خالص واياكي اعرف انك لمستيها مش مديني ايدك عليها علشان لو حصل مش هقولك هعمل فيكي ايه علشان انتي عارفه كويس وفِي المقابل ليكي مني خمس الاف جنيه كل شهر ليكي انتي وولادك قولتي ايه
فكرت نرجس قليلا ثم وافقت علي الفور فهي تحب المال وان كانت تحب أيضا تعذيب نور ولكنها تعلم جيدا ان داغر يستطيع محوها من علي الأرض نزلت نور إلى غرفتها ومعها داغر الذي اقترب منها بشده قائلا
– مفيش حد هيقربلك طول ما انا عايش متخفيش
شعرت نور ببعض الارتياح من ما قاله داغر لها وكذلك تهديده لنرجس كي تبتعد عنها انصرف داغر وعند خروجه إلى الشارع نظر أمامه فوجد بيومي العتر ينظر له من شرفة مكتبه وضع داغر يده في جيبه وبعد عينيه عنه ولكنه فوجئ ببيومي يرفع صوته قائلا
– داغر تعالي اطلع عاوزك في حاجه مهمه
حاول داغر التملص ولكن الح عليه بيومي في طلبه صعد داغر وكان بيومي ينتظره عند الباب دخل داغر وأخذ نفسا عميقا وهو ينظر إلى المكتب المتهالك الذي قضي بداخله سنوات يتمرن تحت يد بيومي أستاذه يتذكر أيامه التي مرت وهو يبتسم وقف بجوار بيومي وهو يعد له القهوة علي ‘سبيرتايه’ صغيرة نظر له بيومي وهو يضع البن داخل ‘الكنكه’ النحاسية قائلا
– قهوتك علي الريحه صح
ابتسم داغر وقال
– لسه فاكر يا استاذنا
أشعل بيومي ‘السبرتايه’ وهو يقول
– ودي حاجه تتنسي هي عيشره يوم ولا اتنين يا داغر
ضحك داغر وحاول ان يغير الموضوع وهو يحمل فنجان القهوة ويشعل سيجار ونظر إلى بيومي قائلا
– ايه بقي الحاجه إلي عاوزني فيها
جلس بيومي امام داغر وهو يلهث من السمنة المفرطة التقط بعض الأنفاس ثم قال
– واحد صحبي يا سيدي بيحب واحده اد بنته وعاوز يتجوزها ايه رأيك في الموضوع ده خصوصا انه غني ومشهور وهي بنت فقيره وغلبانه
قبض داغر علي يده بعد ان سقطت القهوة علي ملابسه فقد علم ان بيومي يتحدث عنه لا محالة
*تـــــابعونــــي*
**************************