رواية روضت الذئب بقلم اسراء على/كاملة
رواية روضت الذئب بقلم اسراء على الفصل الرابع عشر
لأني متعب مثلك
دعي اسمي وعنواني وماذا كنت
سنين العمر تخنقها دروب الصمت
وجئت إليك لا أدري لماذا جئت
فخلف الباب أمطار تطاردني
شتاء قاتم الأنفاس يخنقني
وأقدام بلون الليل تسحقني
وليس لدي أحباب
ولا بيت ليؤويني من الطوفان
وجئت إليك تحملنيرياح الشك.. للإيمان
إنتفض جسدها بـ لهفة وحماسة وهي تستمع لما قاله..نهضت سريعًا وقد نست القميص الذي يستر عريها ليحيد بـ نظره عنها ثم إتجهت إليه وقالت بـ تحشرج
-قولي إنك مش بتكدب عليا!
-رد عليها بـ نبرته الرجولية:وهكدب ليه!..أنا هنا فعلًا عشان أخرجك…
حمحم بـ إحراج ثم همس وهو يبتعد عنها
-ممكن تلبسي القميص!…
شهقت وهي تضع يدها على صدرها فـ قد أنستها السعادة عريها لتركض إلى الفراش وتلتقط القميص واضعةً إياه على جسدها..ثم عادت إليه وهمهمت بـ خجل
-خلاص…
نظر إليها من طرف عينه ليجدها أحكمت غلقه حول جسدها..ليزفر قائلًا بـ جدية
-بس هحتاج مُساعدتك
-تشدقت بسرعة:معاك فـ أي حاجة
-تمام..إقعدي عشان الكلام دا مش هيتعاد تاني…
جلست على الأريكة أمام الفراش وهو إتخذ المقعد أمامها..أخرج من جيبه ذلك الجهاز الصغير و وضعه أمامها وأردف بـ جدية
-الجهاز دا ميفارقيش أبدًا..عاوزه أربعة وعشرين ساعة معاكِ
-إلتقطته وقالت:تمام
-أكمل حديثه وهو ينظر إليها:بصي يا ستي..عاوز أصغر معلومة تسمعيها تفضلي حفظاها لحد أما أجي..أي حاجة تشوفيها حتى لو صغيرة برضو أكون على علم بيها…
أومأت بـ رأسها..ليُخرج هاتفه ثم وضعه أمامها وقال
-دلوقتي قدامك حبة صور..شوفي تعرفي مين فيهم…
أمسكت الهاتف وحدقت بـ أول صورة التي كان صاحبها “جهاد” فورًا تقلصت ملامح وجهها..لاحظ رائف ذلك التغيير الذي طرأ عليها ما أن رأت أول صورة ليقول بـ شك
-تعرفي صاحب الصورة!
-أومأت ثم أردفت وهى تبتلع غصة بـ حلقها:أه أعرفه
-حلو تعرفي عنه إيه؟
-رفعت منكبيها وقالت:معرفش عنه كتير..بس يُعتبر هو اللي بيدير المكان دا
-حك رائف ذقنه وتساءل:يعني مفيش حد غيره…
رفعت منكبيها بـ معنى “لا أعلم”..ليتنهد بـ خفوت ثم أردف
-طب شوفي اللي بعده…
لمست بـ أصابعها النحيلة الشاشة لتأتي صورة رحيم..فورًا إنتابتها رجفة جعلت الهاتف يسقط منها فـ تداركها رائف وأمسك الهاتف..ومن حالتها عَلِم أنها تعرفه..بل وأيقن الآن أنه حي
لم يتحدث رائف..وإنتظرها حتى تهدأ وبـ الفعل رفعت رأسها وهي تضم جسدها فـ تقلصت معالمه بـ غضب وهمس بـ صوتٍ مكتوم
-قرب منك!…
هزت رأسها نافية ولكن غضبه لم يهدأ لتزدرد ريقها بـ صعوبة هامسة بـ نبرةٍ مهزوزة
-هو مقربليش..بس مجرد إني شوفت صورته فكرني لما دخل أوضتي
-تحفزت حواس رائف ليقول بـ إهتمام:كملي وبعدين!
-أكملت وكأنها ترى ما حدث ذلك اليوم:شكله مُريب..تخاف من مجرد صوته العادي..حركاته،كلامه..كله على بعضه مُريب…
أومأ رائف بـ رأسه ثم قال
-خلاص مش هضغط عليكِ أكتر من كدا..أنا طلعت بـ معلومة حلوة أوي..عشان كدا المرة الجاية إعملي حسابك في كلام كتير…
نهض رائف من مجلسه لتنهض هي رادفة بـ خوف
-رايح فين!
-إستدار إليها وقال:مش رايح متخافيش..أنا هفضل هنا شوية عشان ميحسوش بـ حاجة
-قربت يدها من صدرها وتساءلت:طب..طب هخرج من هنا أمتى؟
-دا بيعتمد عليكِ..كل أما عرفتي معلومات أكتر..كل ما خروجك من هنا كان أسرع…
إتجه إلى الشُرفة ثم قال قبل أن يقف بها
-روحي نامي وإطمني أنا هفضل فـ البلكونة…
ذهبت إلى الفراش وجلست عليه..ضمت ساقيها إلى صدرها وظلت تُحدق بـ ظهر رائف..كان كـ البطل بـ الحكايات التي كان تقصها عليها والدتها..ظهر فجأةً ليُنقذها..حمدت الله أنها ستخرج قريبًا من ذلك المكان المثير للغيان
أما رائف كان قد بعث إلى ذلك الضابط سمير أن زوج والدة جهاد لا يزال على قيد الحياة وهو هُنا يُدير المكان بـ معاونة جهاد
ثم وضع الهاتف بـ جيبه وإتكئ عليه ينظر بـ شرود إلى البعيد..حيث تقبع تلك الحاضرة بـقلبه والغائبة عن عالمه..لا يزال بـ صدمة أنها لا زالت على قيد الحياة..إبتسم وذلك الأمل بـ داخله يشع من جديد..الحياة تضحك له من جديد..لم ينقطع حبل نجاته وإنما سيعود.وسيحبه إلى الطريق الصحيح
**************************
عند الساعة الخامسة صباحًا كان رائف قد ترك ذلك المكان وإتجه إلى حيث زوجته..هذه المرة إنتهج طريقةً مُختلفة..صعد إلى سيارته وإتجه إلى مُجمع تُجاري ليخرج من أحد مخارج الطوارئ ثم صعد سيارةً أُخرى كان قد تركها أحمد من أجله
وصل إلى الفيوم ثم إتجه إلى البناية التي تقطن بها تلك السيدة..طرق الباب بـ نفس الطريقة لتفتح هي الباب و تتركه يدلف
كـ العادة تساءل عن أحوال زهرة وإن كانت تحسنت أم لا ثم دلف إليها بعد ذلك
أدى صلاة الضُحى حيث الساعة قد تخطت السابعة والنصف بـ قليل و جلس بـجوارها يتلو عليها ورده الذي جاهد من أجل المُداومة عليه كما كانا يفعلا بـ غلاسكو وبعد أن إنتهى وضع المُصحف على الطاولة وأمسك يدها ثم حدثها قائلًا
-النهاردة رجعت المكان دا تاني..مش عشان يعني أرجع زي ما كنت..بس عشان أساعد البنت اللي طلبتي مني أساعدها…
إنحنى يُقبل جبينها ثم أردف وهو يتلاعب بـ خُصلاتها
-شبهك فـ الملامح شوية..يُعتبر نفس الشكل..وهو دا اللي زود تصميمي إني أساعدها…
وضع أنفه بـ عُنقها وأكمل حديثه بـ همهمة خفيضة
-والدتك لسه فـ غيبوبة..هي كويسة أحمد بيطمني كل يوم عليها..مش ناوية تحني على قلبي المسكين دا وتقومي!..أنا تعبان من غيرك يا زهرة..تعبان ومش قادر أواجه كل الموج دا لوحدي…
طبع قُبلة خفيفة ثم أكمل بـ صوتٍ مبحوح
-فرحي قلبي و فوقي..كفاية كل دا نوم…
إبتعد عنها يُحدق بـ ملامحها ثم أردف وهو يُملس على وجنتها بـ حنو
-أنا لازم أمشي دلوقتي..مينفعش أفضل أكتر من كدا..بس هجيلك تاني وساعتها مش هسامحك لو لاقيتك لسه نايمة…
نهض ثم إنحنى يُقبل جبينها بـ حب وعاد بـ جزعه..خرج من الغُرفة لتتجه هذه السيدة إلى الغُرفة..تفحصت مؤشرات زهرة الحيوية و قامت بـ تبديل المحاليل الطبية ولكنها أستمعت فجأة إلى همهمة
-رائف…
كاد رائف أن يرحل ولكنه تجمد مكانه عندما سمع صوت باب الغُرفة يُفتح و تردف السيدة بـ صدمة
-مراتك فاقت…
**************************
إندفع إلى غُرفتها كـ المجنون وكأنه يُصارع وحوش خفية..لتنتفض هي بـ فزع ناظرة إليه بـ خوفٍ أحرق خلايا جسدها
إندفع إليها يُمسكها من ذراعيها ثم هدر وعيناه تُطالع جسدها بـ تهور يتأكد من سلامته
-سبتيه يلمسك صح!
-أردفت بـ فزع:سبت مين!…
شدد قبضته على ذراعيها فـ تأوهت بـ شدة ولكنه لم يأبه فـ عقله مُشبع بـ فكرة أن رائف إستباح جسدها..ليهدر بـ غضب
-أنتِ هتستعبطي!
-صرخت به بـ حدة:إبعد إيدك عني يا حيوان..إبعد بقولك…
صفعها ثم رمى بها إلى الفراش وقبل أن تستوعب ما حدث..كان هو يُشرف على جسدها بـ جسده..يده تُحاوط وجهها وإحدى رُكبتيه موضوعة بين ساقيها
إنحنى أكثر إليها لُتغمض عينيها بـ نفور..فـ تشدق من بين أسنانه التي تُصدر صرير
-ردي عليا أحسنلك يا نجلاء..أنا مش فـ وعيي دلوقتي…
خرج لُهاثًا حاد من بين شفتيها وهى تصرخ به بـ حدة
-وهو أنت كنت باعتني له ليه!..مش أنا هنا عشان كدا؟..عشان أسيب أي قذر ، حيوان مبيجريش غير ورا شهواته ينهش فيا !..مش دا الغرض اللي جبتوني هنا عشانه ولا أنا غلطانة!
-إعتصر فكها بين قبضته وهدر:دا قبل كلامي إمبارح..لكن من دلوقتي أنتِ تُخصني..وإوعي تفكري إن بستهون فـ حاجة تُخصني
-ضربت صدره بـ قبضتيها وقالت بـ نشيج:أنت واحد مريض ، سادي ، مُتخلف..يستحيل تكون بني آدم…
كبّل يديها بـ يد ثم صرخ بـ وجهها بـ صوتٍ جهوري
-ردي عليا..لمسك ولا لأ!…
صرخت به بـ كل قوتها أن يتركها و أضحت تتلوى بـ هستيرية بين يديه عله يتركها ولكنه ضغط بـ جسده عليها يُقيد تلويها..ليهمس بـ فحيح وعينين تكتسحها الظلام
-أنا هعرف بـ نفسي…
أمسك ثوبها ومزقه لينظر إلى جسدها..صرخت صرخة مذبوحة وهي تُحاول إبعاده عنها حتى تُخفي جسدها عن عينيه التي تخترق روحها لا جسدها
أما هو كان بـ عالم آخر..يتأكد أن جسدها لم يكن تحت رحمة آخر..جسدها وهي ملكية حصرية له فقط..هدأت عيناه وتراخى جسده يحتضنها غير آبهه لأظافرها التي تخدش بشرة عنقه و وجهه..ليقول بـ خمول
-مسبتهوش يلمسك عشاني صح!!…
كانت تبكي وتخدشه بـ كل قوتها ولكنه لم يتزحزح عنها..بل كان يحتضنها أكثر دافنًا رأسه بـ عُنقها..فـ بكت أكثر وأكثر إلا أنه همس بـ نبرته الهادئة
-هششش..خلاص مفيش حد هيلمسك..إهدي يا نجلاء
-أردفت بـ ضعف:إبعد عني..بكرهك…
رفع رأسه عن عنقها ثم أردف وهو يُبعد خُصلاتها عن وجهها
-هششش..متقوليش إبعد دي خالص..أنتِ خلاص بقيتِ ليا..بقيتِ بتاعتي…
سقطت يديها بجوارها وقد خارت كل قواها ولكن عينيها لم تفقد قدرتها على البُكاء فـ راحت تبكي بـ قهر
أما هو أبعد ثقل جسده عنها ودثرها بـ الملاءة ثم جذبها إلى صدره وهي مُستسلمة كـ جثة هامدة لا تقوى على فعل شئ..ملس على خُصلاتها الطويلة وهو شارد الذهن وقد فقد قدرته على الإحساس بـ الألم
**************************
إضطرت نهلة إلى الخروج من المنزل لشراء بعض الأشياء..وجدت الحارسين يسدان عليها الطريق..فـ تشدقت هي بـ عقدة حاجب
-على فكرة أنا لازم أنزل
-رد عليها أحدهم بـ صوته الثقيل:أسف يا هانم..رائف باشا مأكد علينا منسبش حد يخرج من هنا
-زفرت بـ ضيق وقالت:يعني هفضل محبوسة!
-رفع منكبيه وقال:دي الأوامر..مقدرش أخالفها…
وضعت يدها بـ خصرها تتنفس بـ حدة تُحاول التفكير بـ الخروج ولكنها إلتفتت على صوت أحمد الذي تساءل
-إيه اللي بيحصل!…
نظرت إليه نهلة بـ لهفة وخجل فـ لا تزال كلماته أمس تتردد بـ أُذنها..لتتشدق بـ رجاء
-بليييز لازم أنزل أجيب شوية حاجات للبيت وهما مش راضيين يخلوني أنزل…
صعد أحمد درجات السُلم ونظر إلى الحارسين فـ قال أحدهم
-دي أوامر الباشا
-طب خلاص أنا هنزل معاها..خليكوا أنتو هنا…
تهللت أساريرها لتنسل من بينهما تقف خلف أحمد الذي إبتسم على طفوليتها ليقول أحد الحارسين بـ تردد
-يا دكتور أحمد..رائف باشا هيعمل مشاكل
-أردف أحمد بـ هدوء:متخفش..لما يعرف إنها معايا مش هيقول حاجة…
تردد الحارس ولكنه أومأ على مضض..صفقت نهلة بـ سعاد وإنطلقت تهبط الدرج..ناداها أحمد بـ صدمة
-نهلة!..أنتِ يا بنتي خدي هنا…
ضحكت وهى تقف أسفل الدرج واضعة قبضتيها خلف ظهرها تُناظره بـ براءة..جعلته يُخرج زفيرًا حار وهو يعلم أن تلك الشقية لن تكون سوى إرهاق لقلبه..فـ جنونها لم يقل بل إزداد بعد شفاءها
أمسك يدها يسحبها خلفه وهو يتشدق بـ صرامة
-إيدك متسبش إيدي..يا إما هنرجع تاني
-ضحكت وقالت بـ طاعة:حاضر مش هسيب إيدك…
نظر إليها يلوي شدقه بـ حنق ولكن إبتسامتها أذابت حنقه فـ جعلته يبتسم هو الآخر ثم سألها وهو يحك خلف عنقه
-ها عاوزة تشتري إيه يا ست نهلة!
-نظرت إلى إحدى المحال الأغذية وقالت:شوية حاجات عشان الغدا
-طيب..مش عاوزين نتأخر
-حااااضر…
قالتها وهي تنحني بـ رأسها دليلًا على الطاعة ليُضيق عينيه بـ شك ولكنه لم يجد بدًا من مُسايرتها
إتجها إلى محل الأغذية وإشتريا ما تحتاجه وبـ طريق العودة رأت بائع حلوى هُلامية “غزل البنات” لتقول بـ حماس
-عاوزة غزل بنات يا أحمد
-بت إكبري…
ضمت يديها إلى صدرها وشابكتهما بـ بعض ثم أردفت بـ نبرة أوعدت بها كل رقتها فـ هدمت حصون الرفض
-عشان خاطري..بلييييز يا أحمد..بليييز
-إنتفخت أوداجه بـ غيظ وقال بـ قلة حيلة:طيب يا عيلة…
صرخت بـ حماس لتجذب يده وتتجه إلى البائع..إشترت واحدة ذات لون وردي ليدفع أحمد ثمنها ثم أكملا طريقها..قربت قطعة من فمه بـ يدها وقالت
-تاكل!
-غمغم بـ حنق:مش عاوز…
وقفت أمامه ويدها لا تزال أمام فمه ثم قالت بـصرامة وهى تُضيق عينيها
-كُل…
إتسعت عيناه بـ دهشة وأبت عضلات فكه الإنصياع له..فـ عادت تهتف بـ صرامة أكبر ليفتح فمه بـ ذهول غير قادر على الحديث..لتعود وتسير بـجواره هاتفة بـ مرح
-شُفت لما تسمع الكلام هحبك إزاي!
-رفع حاجبه ونطق بـ إستهجان:لا بجد؟…
أومأت بـ رأسها وهي تلتهم الحلوى التي بين يديها بـ نهم..جعلت عينها تُطالعها بـشغف كبير..حتى وصلا أمام أحد المِحال تعرض ثوب أخضر قصير..يكاد يصل إلى مُنتصف الفخذ
ضيق من الصدر من خامة قُماشية لامعة بلا أكمام عاري الظهر ويحده من الخصر حزام من اللون الأسود ذو خامة جلدية..ومن الأسفل خامة التُل بـ عدة طبقات يتدرج بها الأخضر من اللون الداكن عن الأبيض
إنبهرت عينا أحمد به وهو يرى نهلة ترتديه من أجله!!!..جذب يدها وقال بـ إبتسامة
-تعالي عاوز أشتري الفستان دا
-تخصرت وهي تسأله بـ حدة غير مقصودة:لمين إن شاء الله
-غمزها بـ شقاوة:هتعرفي لما ندخل…
جذب يدها و دلفا إلى المحل..وقعت عينه على العاملة ليقول دون تردد
-عاوزين نشوف الفستان الأخضر..اللي معروض بره
-حاضر يا فندم…
بعد دقيقة كانت العاملة أحضرت الثوب وأعطته لأحمد الذي بـ دوره مد يده به إلى نهلة التي كانت تُطالعه بـ شرر ليضحك وهو يسألها
-بتبصيلي كدا ليه!
-أشارت بـ سبابته إلى أنفه:من أمتى وأنت بتشتري فساتين بناتي!
-طالعها بـ مكر وقال:من دلوقتي يا ستي
-مش هقيسه…
قالتها بـ إباء وهى تُشيح وجهها عنه ليقترب منها وهو يقول بـ نبرة رجولية عجزت عن الرفض أمامها
-عشان خاطري..أنا جبتلك غزل بنات..دلوقتي بطلب منك خدمة
-جذبته بـ عنف وقالت بـ إقتضاب:عشان نبقى خالصين…
ثم إتجهت إلى الغُرفة المُخصصة بـ تبديل الثياب..ليضحك أحمد بـ سعادة وهو يهمس
-مجنونة والله…
وضعت الثوب على المقعد بـ غُرفة التبديل ثم قالت وهي تنزع سترة الثوب الذي ترتديه بـ غضب
-البجح طالب مني أقيسيه عشان خاطر الهانم اللي بيحبها..وأنا الغبية اللي فكرت إنه بيحبني…
زفرت بـ ضيق وكادت أن تنزع كنزتها ولكنها شهقت وهى ترى الباب يُفتح ويده توضع على شفتيها تمنع صرخة تكاد تنفلت من بين شفتيها..وجسد ضخم يضغط على جسدها لتصطدم بـ الحائط خلفها
إتسعت عينيها وهى ترى تلك النظرة المُخيفة بـ عينيه وهو يردف بـ فحيح
-أخيرًا بين إيديا….
**************************
إتكئ إلى الحائط يتعجل خروج والده من غرفتها..كان قلبه يقرع كـ الطبول وهو يستمع إلى ما تفوهت به تلك السيدة..إستمعت إلى تهديده فـ إستيقظت
حينها حاول الدلوف ولكن المُمرضة منعته قائلة
-إستنى الدكتور مُحي..هو يفهم أكتر منك
-هدر بـ عصبية:أنا كمان دكتور
-ردت هي بـ المُقابل:بس بقالك كتير ما مارستش المهنة..فـ إستنى الدكتور مُحي أحسن…
لم يعلم كيف تسلح بـ الصبر حتى أتى والده مُنذ ما يقرب العشرون دقيقة وهو بـ الداخل..زفر رائف بـ غضب وهو ينظر إلى ساعة معصمه والتي تدل على أن والده أكمل الواحد والعشرون دقيقة مع زوجته
هدر بـ عصبية وهو يضع يده على مقبض الباب
-لااا..أنا كدا مش هستحمل…
وقبل أن يُحركه كان والده قد فتح الباب و خرج..حاول رائف النظر بـ الداخل ولكن مُحي أغلق الباب وأدرف
-إيمان جوه بتغيرلها هدومها
-تساءل رائف بـلهفة:وهي عاملة إيه؟
-إبتسم مُحي ثم قال وهو يربت على منكبه:متخافش هي كويسة جدًا كمان..بس الإصابات الجسدية هتاخد وقت عما تخف
-مش مهم..المهم إنها كويسة ورجعتلي
-رد عليه أحمد:الحمد لله..إن شاء الله ترجعلك أحسن من الأول…
لم يشعر رائف بـنفسه إلا وهو ينحني ويُعانق مُحي الذي تجمد من المُفاجأة..إلا أنه عانقه هو الآخر بـ قوة وعيناه تطفران عبرات السعادة..سمع صوت إبنه يردف بـ تحشرج
-شكرًا..شكرًا يا بابا…
-تأوة مُحي وهو يقول بـ نبرة حارة:يااااه يا رائف..أخيرًا يا حبيبي سمعتها منك..أنا كنت خااص فقدت الأمل…
إبتعد رائف عنه ثم جذب يده يُقبلها مما جعل مُحي يربت على خُصلاته ثم سمع همهمة
-آسف..بس كنت محتاج أفوق وأعرف إني مليش غيركوا..أنتوا سند بجد…
أزال مُحي عبراته وهو لا يستطيع وصف روعة المشاعر التي يحسها وإبنه قد عاد إليهم..جذبه مُحي يُعانقه بقوة وكأنه لا يُصدق ما حدث الآن
أبعده مُحي عنه ثم قال وهو يحمل حقيبته التي سقطت
-يلا خش شوف مراتك..يلا
-إبتسم رائف وقال:ماشي…
فتح الباب وقبل أن يدلف نظر إلى والده ثم قال وهو يُشير إليه
-قدمنا كلام كتير أوي…
أومأ مُحي وقد أحس أنه عاد إلى الحياة مرةٍ أُخرى
دلف رائف ليجد إيمان المُمرضة تضع وسادة أسفل ساق زهرة المُجبرة ثم قالت وهي تعتدل ناظرة إليه
-حمد لله على سلامتها…
أومأ رائف دون وعي وعيناه تتشرب من ملامحها تُشبع جوعه المشتاق إلى دفء النظرة التي تُطالعه بها
أغلقت إيمان الباب ولكنهما كانا بـ عالم غير العالم…ينظران إلى بعضمها وكأنهما يتأكدان من سلامتهما
فتحت زهرة ذراعها السليم وقالت بـ نبرتها الرقيقة
-تعالا…
تقدم بـ بُطء يُحدق بها جيدًا قبل أن يتحرك أسرع يضمها إليه بـ حنو خوفًا أن يؤلم جسدها المُنهك..سمعته يتأوه بـ حرارة ثم همس وهو يضع وجهه بـ عُنقه
-ااااه يا زهرة..وحشتيني أوي
-وأنت أكتر…
قالتها وهى تلف يدها حول عنقه تتلاعب بـ خُصلاته..إبتعد عنها بعد مُدة و حاوط وجهها يسألها بـ عدم تصديق
-أنتِ صاحية وبتكلميني!
-إبتسمت ثم قالت وهي تتلاعب بـ ذقنه:وبحضنك كمان…
إنتهى وقت المرح ليهبط إلى شفتيها الباهتة يُقبلها بـ شغف وكأنه يتأ من سلامتها بـ طريقته..صعد على الفراش و أكمل ما يفعله ويتعمق أكثر وهي تزيد من جنونه بـ تمسكها به
إبتعد عنهت عندما إنحصر الهواء عن رئتيهما..ولكنه بقى يطبع عدة قُبلات خفيفة ثم إستند على جبهتها يُبعد خُصلاتها هاتفًا بـ نبرة مُشتاقة
-دلوقتي الحياة ردت فيا تاني…
إبتسمت وهي تُغمض عينيها لتسمعه يهمس وشفتيها تتلمس شفتيها بـ قُبلات أُخرى أكثر خفة
-أنا جسد بلا روح من غيرك..أصل روحي فيكِ…