رواية روضت الذئب بقلم اسراء على/كاملة

رواية روضت الذئب بقلم اسراء على الفصل الثامن عشر

أغرّك مِنّي أن حبّك قاتلي
وأنّك مهما تأمري القلب
يفعل يهواك ما عشت القلب
فإن أمت يتبع صداي صداك في الأقبر
أنتَ النّعيم لقلبي والعذاب له
فما أمرّك في قلبي وأحلاك
وما عجبي موت المُحبّين في الهوى
ولكن بقاء العاشقين عجـيب
لقد دبّ الهوى لك في فؤادي
دبيب دم الحياة إلى عروقي
كانت تُملس على خُصلاته البُنية بـ حنو..نائم بـ أحضانها كـ الطفل..فاه مُنفرج قليلًا ويصدر صوتًا جعلها تبتسم بـ شدة..كل حين وآخر كانت تطبع قُبلة على جبينه

تنهدت وهي تتمنى أن تنتهي من هذا الألم..مُحي والده كان قد أخبرها بـ كُل شئ وما يحدث لذلك هي لا تملك سوى الصبر والإنتظار..وهو يهون عليها ذلك الإنتظار

إستشعرت به يتململ لتنظر إليه فـ وجدته يفتح جفنيه الناعسين..نظرت إليه بـ إبتسامة مُشرقة فـ بادلها بـ أُخرى أكثر إشراقًا ثم قال بـ صوته الأجش الناعس

-بقالي كتير نايم؟!
-حركت رأسها نافية وقالت:لأ مش أكتر من ساعتين…

نهض يتكئ بـ ظهره على الفراش ثم قال وهو يحك فروة رأسه

-تصدقي منمتش بـ العُمق دا قبل كدا!
-إبتسمت وقالت:المكان هنا هادي..عشان كدا عرفت تنام كويس..أنا برضو بنام هنا كويس
-مال إليها ثم همس:لأ وأنتِ الصادقة حُضنك هو اللي دافي فـ نمت…

عضت على شِفاها وتبسمت بـ خجل..قهقه رائف وإقترب أكثر ليُقبل فكها ثم تساءل وهو يُشير بـ رأسه بـ إتجاه الباب

-هي إيمان هاجرت ولا إيه!
-ضحكت وقالت:لأ هي كلمتني من نص ساعة كدا وقالتلي إنها مش هتقدر تيجي..إبنها رجع من السفر هو ومراته فـ مش هتقدر تسيبه…

شابك أصابعه ثم مدّ ذراعيه لتُصدر صوتًا ليقول بـ خُبث

-يعني أنا وأنتِ براءة النهاردة
-ضكت ثم قالت بـ تحذير:رائف إحترم نفسك..وبعدين المفروض تمشي بقى
-رفع حاجبيه بـ دهشة وقال:وأسيبك لوحدك!..وأضيع على نفسي الفُرصة؟!
-يا مُثبت العقل والدين يارب..ملكش دعوة بيا…

نهض رائف ونزع قميصه ليبقى بـ كنزته الداخلية البيضاء لتظهر عضلاته التي جعلتها تُصدق أنها عُصفور بـ قبضة تنين أسطوري..إبتلعت ريقها بـ توتر ثم أزاحت نظراتها عن جسده لتقول

-أنت قلعت ليه؟!
-نزع حزام بنطاله وقال بـ مكر:هناخد شاور
-أها..إييييه!!!…

صرخت بها بـ دهشة وهى تنظر إليه مصعوقة لتجده ينظر إليها بـ عبث تعرفه جيدًا وتعرف ما ستؤول إليه الأمور بعدها

أشارت بـ تحذير وهى تردف بـ تلعثم خاجل

-را..رائف..إيمان..ممـ..ممكن تيجي..ومنظرنا
-أكمل وهو يدنو بـ جزعه العلوي إليها:منظرنا هيبقى فانلة..بس عادي يا بيبي..أنتِ مراتي يعني مش واحدة كدا…

قررت أن تستدرج إستعطافه لتقول بـ براءة وهى ترفع ذراعها المُجبر

-طب ودا هعمل فيه إيه!
-غمزها بـ وقاحة:متخافيش عامل حساب كل حاجة…

أغمضت عيناها بـ يأس لتُمسك الهاتف قائلة بـسرعة

-أنا هكلم إيمان…

طار الهاتف بـ الهواء بعدما أخذه ثم ألقاه بـ إهمال..ليضع يده أسفل ظهرها وأُخرى أسفل ساقيها وأردف بـ خُبث

-أنا النهاردة هاخد بالي من مراتي..ومتنسيش بعد الشاور هغير ع الجروح
-على فكرة كدا مش هينفع..يعني الجروح مينفعش يجي عليها ماية..عشان كدا سبني أنام وأنت خد شاور
-عامل حسابي برضو..يعني هو أنا هأذي مراتي!..مكنتش فاكرك بتفكري فيا بـ السوء دا…

صرخت إسراء بـ فزع وهى تراه يدلف بها إلى المرحاض خارج الغُرفة لتهدر بـ صوتها الخائف

-رااااائف!!…

************************************

صعد أحمد الدرجات ثم طرق الباب لتفتح رحمة وتُحييه بـ بشاشة قائلة

-تعالا يا أحمد..إتفضل…

دلف أحمد وهو يحمل حقيبة بـ يده..بحث عنها بـ أرجاء المنزل ولكنه لم يجدها..تنحنح وهو يستدير إلى رحمة ويسألها

-أومال نهلة فين!..وأخبارها إيه؟
-أجابته رحمة:نهلة مع غيث فـ الحمام بتديله شاور..أما هي عاملة إيه!..فـ هي كويسة ويظهر إنها مش هتفتكر حاجة
-كويس..أنا رحت لدكتور وقال بلاش نضغط عليها عشان ممكز يجي بـ نتيجة عكسية ونرجع لنقطة الصفر..نسيبها تفتكر لوحدها ومنقولش حاجة…

أومأت رحمة بـ تفهم لتسأله بـ إهتمام

-وعرفت اللي حصل!!…

إنقبضت يده بـ شدة حتى برزت عروق ذراعيه..والغضب ينطلق بـ شرر من عينيه المُظلمة..لكنه أجبر نفسه على الهدوء وقال

-لا لسه معرفتش بس هعرف إن شاء الله
-طيب يا أحمد..تعابينك معانا
-ولا تعب ولا حاجة يا مدام رحمة…

إلتفتا على صوت نهلة وهي تضحك حاملة غيث وعلى رأسه منشفة..فغر أحمد فاه وهو يراها ترتدي سروال وكنزة چينز ذات حمالات مُلتصقان بـ بعضهما..يكاد يصل إلى مُنتصف فخذها..ترتدي كنزة بيضاء تكشف ذراعيها أسفله

أما خُصلاتها البُنية كانت ترفعه على هيئة جديلتين على جانب وجهها وغُرة مُثيرة تُظلل جبهتها

إبتلع ريقه بـ صعوبة وأشاح بـ نظره بـ صعوبة أكبر..ليسمع صوتها المرح يصدح ونغمته تقترب

-أحمد!!..صباح الخير
-حك طرف أنفه بـ توتر وقال:صـ..صباح النور…

نظرت رحمة إلى طفلتها وثيابها ثم إلى أحمد المتوتر لتقول رحمة بـ نبرةٍ ذات مغزى

-روحي يا نهلة دخلي غيث اوضته وتقلي..الجو برد يا حبيبتي
-بس التكييف شغال يا ماما
-عادت رحمة تقول بـ صرامة:خشي يا نهلة قولت…

لوت شدقها بـ ضيق ثم نظرت إلى أحمد وقالت بـ خفوت

-ثواني وجاية…

أومأ دون أن يرد..دلفت هي لتتجه رحمة به إلى الأريكة ثم قالت

-أنت فطرت!
-أه الحمد لله
-إبتسمت وقالت:طيب هقوم بقى أعملك عصير
-حرك أحمد رأسه نافيًا وقال:لأ أنا ماشي حالًا..بس هقول لنهلة حاجة
-نهضت وأردفت بـ عتاب خفيف:عيب يا أحمد..بعد إذنك
-إبتسم أحمد وتشدق:أتفضلي..مع إني مش عاوز أتعبك
-مفيش تعب..أنت زي أبني…

إتجهت إلى المطبخ ليتنهد هو ويستريح بـ جلسته..ما لبث أن أتت نهلة بـ ثوب أظهر براءتها وأخفى عُمرها الحقيقي..لتبتسم إبتسامة جعلته يُحدق بها بـ بلاهه

جلست أمامه ثم أردفت بـ خجل وهى ترى نظراته التي تلتهمها

-آآ..أزيك يا أحمد؟…

إستغرقه الأمر ثوان حتى يستوعب سؤالها وأجابها بـ شرود

-تمام..تمام..أنتِ إيه أخبارك!
-إبتسمت بـ عذوبة وقالت:الحمد لله تمام
-إبتسم هو الآخر وأردف بـ نبرته العميقة:طب كويس..قوليلي بقى بتاكلي كويس وبتاخدي الدوا!
-عقدت حاجبيها ثم قالت بـ مرح:على فكرة أنا تعبت بس إمبارح..يعني مش من زمان..عمومًا أخدت الدوا إمبارح فـ معاده وأخدت النهاردة الصُبح
-لوى شدقه وقال بـ سُخرية:كان ممكن تردي بدا بس يا نهلة..مش لازم الكام كلمة اللي فـ الأول دول…

زمت شفتيها بـ ضيق ولم ترد عليه لتأتي رحمة بـ هذه اللحظة ولكن أحمد نهض ثم قال وهو يمد يده بـ تلك الحقيبة لنهلة

-دا عشانك يا نهلة..إتفضلي
-أخذته ثم أردفت بـ شك:إيه دا؟؟
-حك ذقنه وقال بـ نبرةٍ ذات مغزى:هتعرفي لما تفتحيه..أنا همشي
-إستوقفته رحمة قائلة:طب مش هتشرب العصير!
-المرة الجاية يا مدام رحمة..يلا مع السلامة…

تحرك أحمد بـ خطوات سريعة ثم فتح الباب وقبل أن يخرج ألقى نظرة على نهلة التي تنظر إلى الحقيبة بـ فضول..ليضحك ثم رحل

إتجهت نهلة إلى غُرفتها وبدأت بـ فتح الغرض بـ فضول..فتحت ذلك الصندوق المُستطيل لتشهق وهي تجده ذلك الثوب الذي أراده

وقع منه قطعة ورقة صغيرة لتضع الثوب على الفراش وإلتقطتها..فضت الورقة وقرأت ما كُتب بها بـ صدمة وأعين لا تستوعب ما تحتويه

-“الفستان دا أول أما شوفته..شوفتك فيه عشان كدا كنت حابب أشوفه عليكِ..الساعة سبعة النهاردة إطلعي سطح العمارة هتلاقيني سايب خبر مع الحرس واحد منهم هيطلع معاكِ..متتأخريش يا نهلة في كلام مهم..هو مش كلام هي كلمة لازم أقولها”

سقطت الورقة من بين يديها بـ دهشة ثم نظرت إلى النافذة بـ نظرات فارغة قبل أن تضع وجهها بـ الوسادة صارخة بـ سعادة

*************************************

طرق جهاد باب الغُرفة ثم دلف..وجد رحيم يجلس بـ مكتبه ويطلع على بعض الأوراق ليتقدم منه وجلس أمامه ثم تساءل بـ جموده المُعتاد

-خير!!…

ترك رحيم الأوراق من يده ثم أعطاها إلى جهاد وقال

-إقرأ الورق دا…

أخذ جهاد ينظر إليه سريعًا وقد تعرف على المحتوى دون قراءته بـ شكل دقيق ليضع بعدها الأوراق على سطح المكتب وأردف

-وبعدين؟
-عاد رحيم بـ ظهره إلى المقعد وقال:دي شُحنة متكونة من تلات بنات جُداد هيجوا هنا..سنهم التلاتة تمنتاشر سنة
-حك جهاد ذقنه وقال بـ فتور:بس دول بتوع ملجأ!
-رفع رحيم منكبيه وقال:وإيه المُشكلة؟..إحنا طول عُمرنا بنجيب بنات من أي مكان..إشمعنى الملجأ لأ؟
-صر جهاد على أسنانه وقال:أنت حر..بس مدخلنيش فـ الموضوع دا..أنا مش هاخد بنات من الملجأ..عاوز تجبهم إتصرف أنت…

ضرب رحيم سطح المكتب بـ غضب ثم قال وهو يدنو بـ جزعه العلوي إليه بـ نبرةٍ حادة

-جرى إيه يا جهاد مالك كدا إتغيرت!..هي البت دي لعبت فـ عقلك ولا إيه؟!
-هدر جهاد بـ غضب:سيرتها متجيش على لسانك النجس دا..أما حكاية الملجأ مش موافق..وبعدين دول لسه صغيرين إزاي تفكر فـ كدا!
-عاد رحيم إلى هدوءه وأجابه بـ برود:أنا كدا بقدملهم خدمة..البنات اللي جاية من الملجأ دي مش عارفين هيواجوا إيه لما يخرجوا..بدل أما يحصل غصب عنهم..هقدم الخدمة إنه يحصل بـ مزاجهم…

مط رحيم شفتيه ثم أكمل وهو ينظر إلى الأوراق

-وبعدين سُمعة الملجأ دا مش حلوة..لو كنت قرأت الأوراق كويي كنت هتعرف إن فيه مُنهم اللي واحد من العُمال إغتصبها..أو تحرش بيها على الأقل..والأعمال اللي بيخلوهم يقوموا بيها..غير كل دا مُعاملة الكلاب اللي بيتعاملوا بيها..ذُل وضرب وحرمان من الأكل…

نظر رحيم إلى جهاد الذي لم ترتخي معالم وجهه ثم أكمل بـ فتور

-فكرك يعني عشان مؤسسة حكومية هتكون نضيفة!..دا ألعن وأوسخ..على الأقل هنا مبندعيش الفضيلة..هنا كل الناس عارفة إحنا بنعمل إيه..فـ متعملش نفسك شهم ومش هتقرب ناحية بنت يتيمة لسه خارجة من ملجأ سرق منها حياتها..أنت لسه مغتصب البت الجديدة…

نهض جهاد بـ عنف ثم جذب رحيم من تلابيبه بـ شراسة ليهدر بـ نبرة مُظلمة وعينيان تقتدان بـ نيران

-بحذرك مرة تانية يا رحيم..سيرتها متجيس على لسانك القذر دا…

دفعه بـ عُنف ولكن ملامح رحيم لم تكن غاضبة أو خائفة بل ساخرة..ليعتدل بـ جلسته رامقًا جهاد الذي يتحرك صوب الباب بـ نظراته المُستهجنة

إستدار جهاد ثم أردف بـ تحذير

-نهايتك هتكون على إيدي يا رحيم..هتكون قريبة أوي..أكتر مما تتخيل…

إلتقط رحيم لُفافة تبغ وأشعلها دون أن تتغير نظراته المُستهجنو وبقى يُحدق به حتى خرج وصفق الباب بـ حدة خلفه

***********************************

عقدت ذراعيها أمام صدرها بـ حنق ونظراتها الغاضبة تحرق ظهره وهو يعلم أنها تنظر إليه بـ غضب بل بـ الكاد تمالكت نفسها حتى لا تقتله

إبتسم رائف وهو يتذكر تعنيفها له مُنذ قليل..يُقدر خجلها منه ولكن يجب أن تعتاده..تنقل بـ خفة بـ المطبخ ليتساءل وهو يرفع قدرًا ما عن الموقد

-وبعد أما أسلق المكرونة أعمل إيه!!…

لم يأته الرد ليستدير بعدما وضع بعض الماء البارد على المعكرونة فـ وجدها تنظر إليه بـ غضب جعله يجفل ثم قهقه بـ خفة وقال بـ مرح

-إيه بس يا زهور!..زعلانة مني ليه!…

تفاجأ بـ تلك المزهرية التي قذفته بها بـ يدها السليمة ثم أردفت بـ حنق

-وليك عين تسأل يا قليل الأدب…

إتسعت إبتسامة خبيثة على محياه ليقترب منها..ضمت شقي مئزرها الثقيل إليها حتى وقف أمامها..وضع يده حولها ثم أردف بـ همس

-بذمتك مش غمضت عيني فـ أكتر اللحظات الحرجة!
-ضمت جفنيها بـ يأس ثم أردفت بـ خجل:بعد إذنك بلاش تفكرني…

سار بـ يده بدءًا من خُصلاتها المُبللة ليجذب آخرها ويُقبلها ثم إلى وجنتها حتى عُنقها ليصل إلى التجويف ما بين الكتف والعُنق..ليدفن وجهه هناك فـ إرتجفت كـ عصفور مُبلل بين يديه ليقول بـ همسٍ ساحر

-بس أنا مبنساش أي حاجة تُخصك يا زهرة..مبقدرش أنسى أي حاجة…

وضعت يدها على منكبه العاري وهي تستشعر شفتيه تُقبل ذلك التجويف بـ رقة أذابت أوصالها فـ مالت بـ رأسها عليه

أحاط خصرها وهو يُعدل جلستها على تلك الطاولة دون أن يرفع وجهه بل أخذ يستنشق عبيرها بـ قوة..ليسمع همسها الذي جعله يسبها

-بعدين هتحط الصلصة على النار وتحط التوابل والسمنة..وبعدين المكرونة وبعد أما تخلص بتحط اللحمة المفرومة ومفيش مانع تحط بقدونس…

تأوهت وهي تستشعر أسنانه تقبض على لحمها قبل أن يبتعد ويقول بـ غيظ

-دا أنا اللي هحطك فـ ماية مغلية وأسلقك بدل المكرونة
-إتسعت عينيها وقالت بـ صدمة:الله!..مالك في إيه؟..مش هتكمل الأكلة…

إبتعد عنها لتضع يدها مكان عضته ليُتمتم بـ إمتعاض وهو يُكمل إعداد الطعام

-ليه ياربي وعدتني بـ زوجة غبية مبتفهمش!!!…

بعد وقتٍ قصير..كان رائف قد إنهى إعداد الطعام ليضعه بـ الخارج وبعدها عاد يحمل تلك الصغيرو بين يديه و وضعها فوق الأريكة..وقبل أن يجلس قالت إسراء بـ خفوت

-إلبس حاجة يا رائف هتتعب
-جلس ثم قال بـ إشمئزاز:منا لبست ياختي
-عقدت حاجبيها وتساءلت بـ بلاهة:لبست إيه؟!
-زفر بـ قنوط وهدر:فيكِ..فيكِ وكُلي يا زهرة وأنتِ ساكتة عشان أنا مخرجش عن شعوري دلوقتي…

إتسعت عيناها بـ دهشة من ذلك الهجوم المُفاجئ ولكنها حركت كتفيها بـ قلة حيلة وشرعت بـ تناول الطعام

لم تنتبه لثوبها الذي تهدل عنها قليلًا فـ ظهر منه جسدها..منكبها وعظمتي الترقوة..رفع رائف أنظاره إليها ليصعقه ذلك المشهد المُغوي من وجهه نظره..زفر بـ ضيق و تمتم

-أستغفر الله العظيم من كل ذنبٍ عظيم يارب
-تساءلت بـ براءة:في إيه يا حبيبي!…

كاد أن يرد ولكن وجد الطعام يُلطخ جوانب فمها ويتحداه ألا يقترب..وهو ضعيف..ضعيف أمام تلك الحورية الصغيرة..ذلك العصفور الذي يخشى أن يسحقه بين يديه ذات يوم

لذلك إرتفع بـ جزعه فـ أجفلت وتراجعت بـ هلع..وضع يده خلف عنقها وقال بـ صوتٍ أجش

-صدقيني حاولت بس فشلت…

وإقترب منها..وإقترابه أكثر خطورة لرجل تحمل غباء زوجته..لتعلم بعد أن مست شفتيه شفتيها أنه لن يكتفي بـ تلك القُبلة الأخوية من وجهه نظره

***********************************

رفعت ذلك الثوب الأخضر بين يديها ثم شرعت بـ إرتداؤه..كانت به نموذج البراءة والإغراء بـ ذات الوقت..نظرت إلى نفسها بـ إنبهار حقيقي لم يكذب حين قال أنه رآها به

تركت خُصلاتها حُرة و وضعت مُستحضرات تجميل خفيفة فلم تكن مولعة بها من قبل

إتجهت إلى الخارج لتجد رحمة تنتظرها..وما أن رأتها حتى إتسعت عيناها بـ صدمة..إبنتها تخطت الحد الطبيعي للجمال فـ إبتسمت وقرأت المعوذتين

همست نهلة بـ تردد

-أنتِ واثقة فـ أحمد يا ماما؟
-ربتت على وجنتها وقالت:اللي يحافظ عليكِ وأنتوا مع بعض لوحدكوا..يخليني أثق فيه وأنا بسلمله بنتي…

قَبّلت جبينها ثم تركتها ترحل..لم تُخبرها أن أحمد هاتفها وإتفق معها وأخبرها بما سيفعل..ورائف أيضًا كان يعلم بل شجع أحمد على ذلك..فـ هي ستكون بـ أمانٍ أكثر وهي تحت رعايته

صعدت نهلة الدرجات وقلبها يكاد يهرب من بين أضلعها حتى وصلت إلى باب سطح البناية..وقفت تأخذ نفسًا عميق ثم دلفت

حبست ذلك النفس الذي أخذته وهي ترى أحمد بـ كامل أناقته..سترة سوداء تُماثل لون بنطاله أما قميصه فـ كان من اللون الأبيض ورابطة عُنق تُماثل لون ثوبها

أما ما خطف أنظارها تلك الصومعة الزُجاجية خلفه..كانت مملوءة من الداخل بـ النباتات المزروعة والأزهار مُختلفة الألوان..تتدلى من سقف الصومعة إضاءات خفيفة من اللون الأصفر فـ بدت يرعات طائرة

أستفاقت على يد أحمد التي أمسكت بـ خاصتها ثم إنحنى وقَبّلها هامسًا

-تعالي ندخل…

جذبها خلفه قبل أن يقول دون النظر إليها خوفًا عليها من معالم وجهه التي قد تُرديها قتيلة

-مش قولتلك شوفتك فـ الفستان دا..نقيضين يا نهلة براءة بنوتة بـ ضفاير وإغواء ست مُكتملة الأنوثة…

إتسعت عيناها بـ صدمة وعلت ضربات قلبها عن الحد الطبيعي لتضع يدها الأُخرى على فمها تكتم شهقة كادت أن تنفلت منها

فتح أحمد باب الصومعة لتجد وسادات ضخمة مُربعة الشكل مُتناثرة بـ شكل عشوائي مُنمق و بـ المُنتصف عدة شموع حمراء صغيرة تتوسطهم أُخرى كبيرة وحولهم الطعام الشهي

جذبها لتجلس وهي خلفه مُسيرة دون إرادة..أجلسها فوق أحد الوسادات وجلس هو بـ جانبها..همس وهو يُبعد خُصلة عن عينيها الزرقاوين

-يلا ناكل
-اممم…

أومأت بـ تردد دون أن ترد فـ هي تشعر وكأن صوتها غادرها أو إن تكلمت فـ سيتنهي سحر تلك الليل..لذلك رفعت الملعقة وشرعت بـ تناول الطعام

كان أحمد يُراقبها بـ خُبث يتلذذ بـ خجلها وتناولها الطعام بـ طريقةٍ خرقاء..ليبتسم وأخفض رأسه حتى لا يزيد توترها

عندما رآها وهى تقف أمامه كاد أن يخر صريعًا..الثوب وكأنه لن يليق سوى بها..خُصلاتها التي تتطاير بـ فعل الهواء فـ تحجب بعضًا من ملامحها كانت تستفزه أن يقترب ويُبعدها عن وجهها الفتيّ

بعد عناء منها إنتهيا..نظر أحمد إليها وقال بـ صوته العذب

-عجبك الأكل!
-أجابته بـ خجل:كل حاجة مش الأكل بس
-تنهد بـ راحة وقال بـ مرح:كنت خايف والله..أصلك متعرفيش تعبت أد إيه عما عملت كل دا
-إبتسمت وقالت بـ توتر:لأ..باين..أد إيه تعبت…

أعادت خُصلة خلف أُذنها ليرفع رأسه وينظر إلى السماء المُظلمة ليسمعها تقول بـ خفوت

-المكان هنا جميل أوي..أنت اللي زرعت كل دا!
-ضحك وقال:لا مش لدرجادي..هي كانت مزروعة وأنا أجرت المكان النهاردة ليا…

أومأت بـ رأسها ثم رفعت هي الأُخرى أنظارها إلى الأعلى..وقلبها يضري جنبات صدرها بـ قوة..إنتفضت على كف يده التي أحاطت كفها الصغير

نظرت إلى كفيهما ثم إليه بـ نظرات هلعة ليقترب منها ثم همس وهو يرفع يدها إلى صدره

-أكيد بتسألي نفسك أنا عاوزك فـ إيه!…

أومأت بـ تردد وأنفاسها أصبحت تتردد إلى رئتيها بـ صعوبة ليُكمل بـ نبرة عميقة نفذت إلى أعماقها

-قولتلك عاوزك فـ كلمة واحدة..هي كلمة قولتها زمان يا نهلة..زمان أوي ساعتها حاجات كتير إتغيرت..كُنت نفسي متغير..لكن دلوقتي…

ضغط على يدها ليبتسم ثم أردف بـ ذات النبرة

-دلوقتي بقى ليها معنى تاني..أنتِ مسئولة مني..حاسس إنك بنتي زي ملك بالظبط..جايز وقت الكلمة دي كان غلط مش وقتها..لكن دلوقتي حاسس إنه وقتها…

جذبها يُقبل جبينها فـ لفحته أنفاسها الساخنة ، المتوترة..حاوط وجهها ثم همس وهو ينظر إليها بـ نظرات عاشقة أذابتها وجعلت خافقها يتوقف عن الخفق لـ لحظات

-بحبك…

 

error: