رواية روضت الذئب بقلم اسراء على/كاملة

رواية روضت الذئب بقلم اسراء على الفصل السابع عشر

عسى
حين تكونين حرفاً
أن أمسك طير الفرح بقلبي
بعد أربعين قرناً من الطّيران الأعمى
عسى
أن ألتقي نقطتي فألتقط منها طلسماً للحبّ والطّمأنينة
وألتقي هلالي فأراهُ يركض نحو العيد
صعد رائف درجات السُلم وهو يضع سترته على كتفه ليتذكر ذلك اللقاء القصير مع نجلاء

“عودة إلى وقتٍ سابق”

عندما دلف إلى ذلك المكان وقد حرص على تصوير كل إنش به بـ آلة التصوير الصغيرة الموضوعة بـ جيب سترته بناءًا على تعليمات الضابط سمير..وإتجه إلى المكان المنشود وجد نجلاء جالسة مع جهاد تنظر إليه بـ ضيق شديد ولكن لم تُخفَ عليه تلك الرجفة التي تأكل بدنها

إتجه إلى مكان تواجدهما وقبل أن يضع جهاد يده على خصر نجلاء كانت يد رائف تسبقه وتمنع وصوله إليها..نظر إليه الأول بـ غضب ثم هتف من بين أسنانه

-في حاجة يا رائف بيه!
-تشدق رائف بـ برود وهو يُبعد يده:لا أبدًا..بس أنا جاي عشانها
-إحتقنت عينا جهاد وهدر بـ عُنف:بس هي مشغولة النهاردة..شوفلك حد غيرها…

إرتفع حاجبي رائف بـ تهكم قبل أن يدنوا بـ جزعه العلوي ويهمس بـ أُذنه بـ خُبث

-مش دي اللي حطيتها فـ طريقي عشان توقعني يا جهاد؟..مش دي كانت الطعم زي مراتي اللي قتلتوها؟…

أمسكه رائف من تلابيبه وقد تحولت عيناه الباردة إلى أُخرى شرسة ثم هدر بـ صوته الجهوري مما جعل العديد من الأوجه تلتف إليهما

-مش كانت خطتكم إني أرجع هنا للمكان دا زي الكلب..عشان كدا قتلتوا مراتي..عاوزين تنتقموا مني..وفعلًا نجحتوا فـ كدا..وأديني أنا هنا قدامك زي ما خططت بالظبط أنت والـ*** اللي مشغلك…

نظر جهاد إلى نجلاء التي إنكمشت على نفسها بـ خوف ولكن نظرة الكره والإشمئزاز التي ترمقهما بها أو هو على الأخص كانت الدافع بـ أن ينتقم منها لرفضه..أن تستبيحها يدًا أُخرى فـ دفع رائف ثم أردف بعدما تجرع كأس الخمر دُفعةً واحدة

-إشبع بيها…

دفعه لكي يمر بجواره وشياطينه تُلاحقه بـ لا رحمة..عدّل رائف سترته ثم أشار لنجلاء بـ أن تنهض وتتقدمه وبـ الفعل قد فعلت..وصلا إلى الغُرفة المُخصصة لتجلس على الفراش وهو يجلس على الأريكة أسفل النافذة

كان أول من قطع الصمت بـ سؤاله الهادئ

-سجلتي اللي قولتلك عليه…

أخرجت من جيب سترتها ذلك المُسجل الصغير وأعطته إياه قائلة

-كل حاجة..أعتقد إن جوز أمه هو اللي ورا الموضوع دا
-نظر إليها رائف سريعًا وقال:مُتأكدة!!
-أومأت بـ تأكيد قائلة:هو اللي قالي بـ نفسه..غير إني شوفته شخصيًا زي ما قولتلك قبل كدا
-يعني هو مش شغال هنا زيه زي جهاد؟!…

حركت رأسها نافية قبل أن تُسهب في شرح ما لم تستطعه قبلًا

-لأ هو اللي بيدير المكان..حرية الحركة وهو بيسمع كلامه..زي العبد كدا…

ثم أكملت الحديث عما تعرفه دون التطرق إلى ما أصاب جهاد..لم تعلم لما ولكنها تمنعت..وشرحت كيف يتم الأمر ومن يُساعدهم بـ الخارج

تشدق رائف وهو يحك ذقنه

-تمام كدا…

نهض وقال دون النظر إليها

-أنا همشي مش هقدر أقعد أكتر من كدا
-حركت رأسها بـ موافقة وقالت:طيب…

تحرك خطوتين ولكنه عاد وقال بـ إبتسامة

-الظابط اللي ماسك القضية قالي إنهم قبضوا على البنت اللي جابتك هنا وبيحققوا معاها..خروجك من هنا قرب…

إلتمعت عيناها بـ عبرات لتشهق واضعة يدها على فمها وهمست

-بجد!
-أومأ بـ تأكيد وأكمل بـ نفس الإبتسامة:بجد..خلي بالك من نفسك يا نجلاء..حافظي على نفسك عما تخرجي كلها حكاية وقت…

ثم فتح باب الغُرفة ورحل..أما هي لم تستطع كبح عبراتها التي هطلت بـ كثرة..لا تعلم أسعادة أم أن كلماته أصابتها بـ مقتل وأنها خسرت نفسها على يد ذلك الطفل المسخ

“عودة إلى الوقت الحالي”

وصل إلى الطابق الخاص به..حيا الحارسين وقبل أن يدلف سمع أحدهم يهتف بـ اسمه

-رائف!!!…

*************************************

بعدما خرج رائف من الغُرفة وتركها تبكي..توجهت إلى الشُرفة تقف بها ناظرة إلى السماء تتمنى الحُرية وتتوقع ما هى ردة فعل عائلتها ما أن تعود

إلتفتت بـ صدمة وهى ترى باب الغُرفة يُفتح بـ همجية و جهاد يدلف وعيناه خيرُ دليل على حالته..تمسكت بـ سور الشُرفة من خلفها وحبست أنفاسها وهي تراه يقترب منها

توقف على بُعد إنش واحد حتى أن أنفه طال خاصتها قبل أن يهمس بـ عُنف

-حصل إيه!…

كانت تُغمض عينيها خوفًا منه ومن أنفاسه التي تحرق بشرة وجهها فـ لم تستطع الرد..لتسمع يده تضرب السور من خلفها وصرخ بـ جنون

-إنطقي يا نجلاء
-صرخت هي بـ المُقابل ولكن خوفًا:محصلش حاجة…

إرتسمت الصدمة على ملامحه قبل أن يُردد بـ خفوت

-محصلش حاجة!..محصلش حاجة إزاي؟!
-أجابته بـ تهدج:ملمسنيش…

إزداد الصدمة قبل أن ينفجر ضاحكًا فـ فتحت عينيها تُحدق به بـ غرابة مُمتزجة بـ الخوف..حاولت دفعه بـ صدره ولكنه أمسك يدها واضعًا إياها بـ مكانها ثم دنى يهمس وهو يتنفس رائحتها

-بتعملي إيه من ورايا يا نوجه!..ها قوليلي بتقرطسيني إزاي!…

شحبت ملامحها وعلت ضربات قلبها حتى ظنت أنه يسمعها..لتُغمض عينيها وهى ترد بـ تلعثم

-مش..مش فاهمة..قصـ..قصدك إيه!
-ضحك جهاد وقال:مش فاهمة!..رائف الأسيوطي بيعمل إيه من ورايا؟..يعني بيحاول يسجنا مثلًا!…

لم ترد عليه بل زاد تشبثها بـ السور خلفها وأظافرها تحتك بـ الطلاء..ليدنو أكثر وهو يصعد إلى فكها..ثم أكمل همسه

-هممم!..مستني ردك يا نوجه…

إبتعد عنها ونظر إلى ملامحها المُرتعبة ليضحك ضحكة مكتومة ثم تشدق بـ مرح لا يشعر به

-قولي يا حبيبتي..قولي ومتخافيش مش هتصعب ولا هزعل منك
-أخرجت تنفس مُرتجف من بين شفتيها وهمست:إبعد عني…

إلتوى فمه بـ شبه إبتسامة ليضع يده على خصرها يُقربها منه والأُخرى ترك يدها ليُملس بها على صدغها ثم أدرف وعيناه تفقد كل مرحها

-هبعد..بس لما أعرف كل حاجة..وأنا عارف إنك مش هتكدبي عليا عشان أنا مبحبش الكدب..وبزعل وأنا زعلي وحش جدًا جداً…

خارت قوى تماسكها لتُسقط رأسها على منكبه باكية بـ عُنف أثار دهشته ليضع يده على خُصلاتها ويهمس

-نجلاء!
-إرتخت يديها وهمست بـ تعب:أنا تعبت وعاوزة أمشي من هنا..حاسة إني بتخنق واحدة واحدة…

نظرت إلى عينيه بـعذاب علها تستميل قلبه وقد حدث..فـ عيناه تحولت إلى رقة القلق لتقول وهى تقبض على قميصه

-لو عندك ذرة رحمة واحدة هتسيبني أمشي من هنا..لو صحيح بتحبني زي ما بتقول خليني أرجع لماما..أنا هموت والله هموت..أنا آآ…

لم تستطع المواصلة فـ أجهشت بـ بُكاءٍ عنيف..ليضع جهاد يد أسفل رُكبيتها والأُخرى أسفل ظهرها وحملها..بـ قرارة نفسه يعترف إنها تُذكره بـ ذلك الطفل الذي بكى كثيرًا..تُذكره بـ ضعفه وقلة حيلته عندما تخلى الجميع عنه..تُذكره بـ بعض الشفقة الذي يمتلكها جانبه الإنساني الذي لم يستطع طمسه

وضعها على الفراش ثم قال وهو يجثو أمامها

-نجلاء!!..بُصيلي…

حركت رأسها نافية وهى تضع يديها على عينيها ليُبعدهم هو قسرًا ثم أكمل بـ صرامة

-قولتلك بُصيلي…

فتحت جفنيها لتنظر إليه بـ عينين مُتورمتين وشهقاتها لا تستطيع كبحها ليقول بـ جدية

-إحكيلي كل حاجة..و وعد مني هنفذلك كل حاجة..أنتِ حاجة مينفعش تكون فـ المكان دا..حاولي تثقي فيا
-هدرت من بين شهقاتها:إزاي أثق فـ واحد زيك أخد مني كل حاجة!..إزاي عايزني بعد كل دا أفكر أثق فيك لمجرد إني عيطت قدامك وأنت مُستعد تساعد عشان مزاجك كدا؟
-أمسك رأسها وصرخ:مش مزاجي..عشان بحبك..أيوة ليه مش مُقتنعة!..والله حبيتك ظهرتيلي فـ وقت فكرت فيه إن كل جانب إنساني فيا إتقتل..صحيتي فيا الطفل اللي إدبح بـ سكينة تِلمة..أنا مش ملاك وعارف إني هتعاقب على كل اللي بعمله..بس أخد حقي وبعدها مش عاوز حاجة…

وضع جبهتها على جبهته وأكمل بـ نبرةٍ خافتة ، مُعذبة

-لأ هعوزك أنتِ..هختارك يا نجلاء من وسط ألف
-إزاي عاوزنا نكون مع بعض وإحنا طرقنا مُستحيل تتلاقى!..أنا مش هقدر أكون مع واحد وأنتفس نفس الهوا اللي هو بيتنفسه لأنه فـ يوم دبحني زي ما هو إدبح بالظبط…

إبتلع جهاد ريقه بـ صعوبة يبتلع تلك الغصة المُسننة بـ حلقه ليهتف بعدها بـ جمود أجاده

-إحكيلي رائف بيجي هنا ليه وإشمعنى أنتِ؟…

أغمضت جفنيها وقد إستسلمت لليأس فـ إن هربت من ذلك المكان لن تهرب منه أو من تلك الذكرى التي ستمعنها باقي حياتها من العيش بـ طبيعية ثم أردفت بـجمود ونبرة ميتة

-قالي إنه هيساعدني إني أخرج من هنا..ومش كدا وبس..لأ دا هيقفل المكان دا..وهينضفوا من أمثالكوا…

************************************

توقف رائف ما أن سمع أحدهم يهتف بـ اسمه ليلتفت فـ وجده أحمد ليتجه إليه ويقول بـ تعجب

-مالك يا أحمد قاعد زي المتسولين كدا ليه!…

كان أحمد يجلس على أحد درجات السُلم المؤدي إلى الطابق الأعلى لينظر إلى رائف من أسفل وإبتعد قليلًا قائلًا بـ إنهاك

-إقعد يا رائف..إقعد عاوزك فـ موضوع
-مينفعش يتأجل!
-حرك رأسه نفيًا وقال:لأ..بخصوص نهلة…

ما أن سمع اسم شقيقته حتى جلس رائف وهتف مصعوقًا

-مالها نهلة!..طب تعالا حتى نتكلم جوه
-تأفف أحمد وقال:وهو أنا لو مش عاوز نهلة تسمع هقعد هنا برضو!!
-طب قول…

بدأ أحمد بـ سرد ما حدث صباحًا ورائف يستمع بـ إهتمام قبل أن يهدر بـ جنون وهو يُمسك بتلابيب الآخر

-غبي عشان كدا قولتلك متخرجهاش من البيت
-أزاح يده وقال:يا بني آدم إفهم..أختك نست اللي حصل..تقريبًا عقلها مستوعبش الصدمة..فـ لما فقدت الوعي نست كل حاجة
-عضت رائف شِفاه السُفلى وأدرف بـ غضب:والحل
-هروح بكرة أكلم الدكتور بتاعها..وأنت و المدام رحمة متخلوهاش تحس بحاجة..إتعاملوا بـ طبيعية…

نهض رائف دون أن ينظر لأحمد ودلف شقته..ألقى سترته على المقعد المجاور لباب الشقة ثم إتجه إلى غُرفته أبدل ثيابه وخرج

ليجد نهلة تتجه إلى المطبخ فـ تبعها

فتحت الثلاجة لتأخذ قنينة ماء لتنتفض على صوت شقيقها

-صاحية تشربي ماية ساقعة!…

مسحت فمها ثم إستدارت لتجد رائف ينظر إليها رافعًا لحاجبه..وضعت يدها على صدرها وقالت

-خضتني الله يسامحك
-جذب القنينة منها وقال:بلاش تشربي ماية وأنتِ لسه صاحية
-ليه!
-أجابها بـ بساطة:غلط…

فتح القنينة ثم شرب منها وجذبها معه لتقول نهلة بـ عقدة حاجب

-واخدني ورايح فين!
-هنام أنا وأختي
-تضرجت وجنتيها بـ خجل وتساءلت بـ توتر:أنا وأنت إزاي؟!…

دلف إلى الغرفة ثم قال وهو ينظر إليها بـ دفء

-زي الناس..متخافيش يا نهلة..عاوزك تثقي فيا..فـ توأمك…

إبتسمت بـ بُطء ثم أومأت بـ موافقة..ليجذبها إلى الفراش وتمدد عليه ثم جذبها لتنام على صدره..قَبّل رائف جبينها وأردف بـ مرح

-خدي بالك محدش نال شرف إنه ينام معايا غير زهرة..شوفي بقى مكانتك عندي إيه
-ضحكت نهلة وقالت:يعني نولت الشرف!
-أومأ مُهمهمًا:أها..خليها فـ سرك بقى
-ردت عليه بـ مكر:حاضر مش هقول غير لزهرة بس…

ضرب رأسها بـ كف يده لتضحك بـ مرح فـ ضحك هو الآخر وعاد يُقبل رأسها ثم همس بـ عذوبة

-تصبحي على خير يا توأمتي
-قَبّلت وجنته وقالت:وأنت من أهل الخير يا رأوفة…

************************************

في صباح اليوم التالي

توجه أحمد إلى ذلك المحل الذي وقع به الحادث بعد أن ذهب إلى صديقه الطبيب النفسي وأخبره بما حدث ليأتيه رده

-بلاش يا أحمد تخليها تفتكر..كدا ممكن يكون غلط عليها..شكلها كدا إتعرضت لصدمة كبيرة فـ مستوعبتش اللي حصل..حاول أنت تعرف وتبلغني عشان أقولك نتصرف إزاي…

لم يُهاتف رائف بل قرر أن يتخذ تلك الخطوة بـ نفسه

صف سيارته أمام المحل و توجه إلى الداخل حيا العاملة وسدد مُستحقات المحل بما سببه من أضرار وكذلك ثمن الثوب الذي إنتقاه خصيصًا

دنى من العاملة وقرب منها مبلغ مالي ثم همس

-ممكن خدمة!…

أخذت العاملة المبلغ المالي لتضعه بـ حقيبتها ثم قالت

-أؤمر يا باشا
-عاوز اشوف الكاميرات بتاع المراقبة..شرايط إمبارح
-لوت شدقها ثم قالت بـ تردد واهي:بس يا باشا آآ…

وضع أحمد ورقة مالية فئة المئتين لتأخذها بـ إبتسامة واسعة..لتعبث بـ الحاسوب أمامها وجعلته يُشاهد مقاطع أمس

قبل وصولهما كان كُل شيئًا على ما يُرام..ولكن بعد أن دلفا ودلفت نهلة إلى الغُرفة التبديل حتى وجد شخصًا ما يدلف من الباب الخلفي للمحل ولكن لم يتبين ملامحه

إتسعت عينا أحمد وهو يرى ذلك الشخص يدلف نفس الغُرفة التي بها نهلة..كور قبضته بـ غضب وإحتقنت عيناه ثم أطلق السباب وقد علم ما أصابها

خرج دون أن يرد على العاملة..إنحنى أحمد يضع يده السليمة على رُكبته ثم زأر بـ صوتٍ جهوري..ليتجه إلى سيارته وقبل أن يصعد ركل إطاراها بـ غضب ثم صعد وأدار مُحركها ورحل

***********************************

-يا رائف بتعمل إيه بس!!…

تذمرت زهرة وهى ترى رائف ينحني ويحملها بـ خفة وكأنها لا تزن شيئًا فـ أدارت يدها السليمة حول عنقه خشية أن تقع ليُجيبها رائف بـ مرح

-هخليكِ تشمي شوية هوا يا زهرة..مزهقتيش من القعدة دي!
-سألته بـ تردد:بس كدا مش غلط؟
-وهو لو كان غلط كنت طلعتك!…

إتجه بها إلى الشُرفة ليجلس على أرجوحة خشبية ثم أجلسها على ساقيه لتقول زهرة بـ خجل

-عيب يا رائف
-داعب أنفه بـ أنفها ثم قال بـ عبث:متخلكيش خفيفة كدا أومال..محدش هنا ولا هيشوفنا فـ الهو دا..حتى إيمان سربتها عشان يخلى الجو لينا…

غمزها بـ عبث لتشهق وهي تستشعر يده تتسلل أسفل كنزتها لتضرب يده مُزمجرة بـ غضب وخجل

-إحترم نفسك..يعني أنت مطلعني البلكونة عشان تقل أدبك!
-ضحك وقال:حاجة زي كدا…

لوت شدقها بـ غيظ ولم ترد عليه..ليضحك رائف بـ خفوت..ثم جذبها ليضع رأسه على صدرها فـ تفاجأت من حركته المُباغتة ولكن ما لبثت أن حاوطت رأسه مُداعبة لخُصلاته ليهمس بعدها

-إشتقت لنومي فـ حضنك..وحشني نومي على رجيليكِ وأنا بحكيلك عن تفاصيل يومي يا زهرة..وحشتني حياتنا أوي
-قَبّلت رأسه وهمست:هانت يا حبيبي..أنت بتعمل اللي عليك…

رفع رأسه ثم نظر إلى عينيها بـ عُمق هامسًا بـ تردد

-واثقة فيا يا زهرة!..واثقة إن جوزك مش هيرجع السكة دي؟!…

صدمها بما يتفوه به ولكنها إبتسمت ثم إنحنت بـ مُبادرة نادرة منها..وضعت شفتيها على خاصته وقَبّلته بـ رقة أذابته وقد وصله إجابتها كاملة

إبتعدت عنه ثم سألته بـ إبتسامة خجلة

-وصلك جوابي!
-إبتسم بـ خُبث قائلًا:بيتهيقلي محتاج توضيح أكتر…

ضربته زهرة بـ منكبه لتراه يقترب منها فـ قطعت هي المسافة الفاصلة لتعود وتُقبله..حاوط رائف خصرها بـ قوة يُقربها إليه..ليشعر بها..ليشعر أنها بين يديه وأنه لا يحلم بل حقيقة وها هي تُقبله ويُقبلها بـ كل جوارحه

إبتعد عنها لتضع وجهها بـ عنقه وسألتها بـ خجل ونبرة خافتة

-إتأكدت!!
-لثم ذقنها وهمس:فـ الإعادة إفادة…

ضربته بـ خجل ليُقهقه رائف بـ شدة .. ليُعانقها بـ قوة يتنفس عبقها المُزهر ثم أردف

-مش عارف من غيرك كنت هكمل إزاي!..خبر إنك لسه عايشة كان محسسني إني بحلم أو حد هيقولي إننا بنضحك عليك..بس لما شوفتك قدامي حسيت إن الحياة ردت فيا وإن ربنا مخذلنيش…

كانت تستمع إلى كلماته وقد رق قلبها لضعفه بها..هو لا يُمكنه الإستمرار دونها..لطالما علمت إنها مراساته وأمانه..رائف الأسيوطي الذئب الذي إختطفها أصبح فريستها وهي المُعلمة الوحيدة

ضمته بـ رقة إلى صدرها فـ هذا لا ينفي كونه طفلها الأول

سمعته يهتف بـ حماس

-تعرفي إني كنت بحافظ على الورد اللي إتفقنا عليه سوا!..حتى كمان حافظت على الصلاة يا زهرة
-وضعت يدها على وجنته وأردفت بـ حنان:كدا لما أغيب عنك مخافش
-هدر بـ عصبية:أنتِ عبيطة!..كنت بقولك مش هقدر من غيرك تقولي لو غبت ما أخفش..أنتِ الحادثة أثرت على مُخك
-زمت شفتيها بـ ضيق هاتفة:طب متزقش..قولي ماما عاملة إيه!
-تنهد رائف وقال:لسه على حالها..بابا قالي إنها لما تفوق هيبلغني..إن شاء الله تقوم بـ السلامة…

أومأت زهرة بـ حزن ثم نظرت إلى الطريق أمامها..كانت الأشجار تحف الطريق التُرابي..تكاد المنطقة تكون معزولة عما حولها..علمت من رائف أنهم بـ الفيوم وأن هذا المنزل ملك السيدة إيمان..وكم راقها هذا الهدوء وتلك العُزلة فـ إبتسمت ونسمات الهواء تلفح وجهها

شهقت على يد رائف التي تعبث بـ كنزتها حتى تسللت إلى ظهرها فـ يقشعر بدنها لحرارة يده فـ تضربه هاتفة بـ حدة

-رائف!!..عيب بقى والله هزعل
-هتف بـ تعجب:الله!!..ما الجو أمان ومحدش بيجي هنا أهو…

وضع يده خلف عُنقها وزمجر بـ حدة

-بت أنتِ أنا صبري وصل لهنا…

قالها وهو يُشير إلى أنفه ثم أكمل وهو يجذب رأسها إليه أكثر

-فـ متستزفزنيش عشان موصلش لأخري..وسبيني أطلع كبتي
-تلعثمت وهى تُجيبه:طب..طب خـ..خلاص متزعلش كدا…

تحكم بـ عضلات فكه حتى لا ينفرج فاه بـ ضحكة تُفسد عليه ما ينوي فعله ليقول بـ همس وهو يقترب منها

-كدا أحبك وأنتِ مُطيعة…

همست بـ خجل وصله دلال فـ إشتعلت عيناه بـ وهج

-رااائف!!!
-قَبّل شفتيها بـ خفة وهمس:أنتِ اللي جنيتي على روحك يا قلب رائف…

صرخت وهى تتعلق بـ عنقه حاملًا إلى ثم ترك الشرفة و إتجه بها إلى الداخل..وضعها على الفراش بـ رقة ثم قال وهو ينحني بجوارها ليأخذها بـ أحضانه مُراعيًا جسدها المُصاب

-عاوز أنام فـ حضنك يا زهرة..أنا إبنك الأول…

 

error: