رواية “جواد بلا فارس”
استقبل “آدم” صديقه “زياد” فى المطار قائلاً :
– حمدالله على السلامة يا “زيزو”
عانقه “زياد” قائلاً :
– الله يسلمك يا “آدم” .. خير جايبنى على ملا وشى ليه .. تعالى بسرعة وعايزك الموضوع ميحتملش تأجيل خير فهمنى بأه
قال “آدم” وهو يضع ذراعه على كتفيه ويسير معه :
– تعالى بس وأنا هحكيلك
توقفت سيارة “آدم” فى مكانه المفضل فوق جبل المقطم .. نزل و “زياد” ووقفاً متجاورين .. قال “زياد” مبتسماً :
– انت لسه بتحب تيجي هنا ؟
قال “آدم” وهو ينظر الى الفراغ أمامه :
– أيوة .. هنا بحس انى حر .. والأبواب كلها مفتوحة أدامى
نظر اليه “زياد” بإهتمام قائلاً :
– قولى بأه انت محتاجنى فى ايه ؟ .. وايه ده الموضوع اللى ميحتملش تأجيل
نظر اليه “آدم” قائلاً :
– أنا كتب كتابى بعد 5 أيام يا “زياد”
هتف “زياد” فى سعادة :
– ألف ألف مليون مبروك يا “آدم” .. اخص عليك ومخبى عليا مكنش العشم
نظر “آدم” أمامه فى وجوم .. اختفت ابتسامة “زياد” وسأله قائلاً :
– فى ايه يا “آدم” .. اوعى تقول أمك اللى غصبتك وجو أفلام الأبيض واسود ده
تنهد “آدم” قائلاً :
– لا محدش غصبنى
أشار اليه “زياد” قائلاً :
– بأه دى خلقة واحد هيتجوز بعد 5 أيام
قال “آدم” بجدية وهو يلتفت اليه :
– اسمعنى يا “زياد” .. اللى هكتب كتابى عليها دى تبقى بنت أخو “سراج حسان اليمانى”
نظر اليه “زياد” بدهشة كبيرة وقال :
– ازاى يعني بنت أخوه .. واشمعنى بنت أخوه .. وبعدين هو “سراج” ازاى سكتلك
صمت “آدم” فهتف “زياد” :
– “آدم” رد عليا وفهمنى ايه اللى بيحصل بالظبط
قال “آدم” ببرود وقسوة :
– “سراج” ميعرفش لانه مقاطع أبو خطيبتى .. وده اللى نفعنى لان “سراج” لو كان عرف كانت خطتى فشلت من أولها
نظر اليه “زياد” بشك قائلاً :
– خطت ايه اللى فشلت ؟ .. انت ناوى على ايه “آدم”
قال “آدم” بقسوة :
– ناوى أرجع حقى اللى اتسرق منى يا “زياد”
قال “زياد”:
– وهترجعه ازاى ؟
قال “آدم” ونظرات عينيه البارده تزيد من بروده الليل :
– هكتب كتابى عليها .. وهساومهم على الطلاق
نظر اليه “زياد” مصدوماً دون أن يتفوه بكلمه .. فأكمل “آدم” :
– ساعتها أبوها هيضطر يساعدنى ويضغط على أخوه يرجعلى حقى عشان يخلص بنته
خرج “زياد” من صمته قائلاً :
– يا سلام وافرض بأه “سراج” مرضاش يرجعلك حقك .. انت عارفه كلب وميهموش الا نفسه
قال “آدم” بحده :
– ساعتها أبوها هو اللى هيضطر يدفعلى حقى
قال “زياد” بحده :
– و ابوها ذنبه ايه يا “آدم” ؟
صاح “أدم” بضيق :
– هما مش عيلة فى بعض واللى سرقنى يبقى أخوه وابن أخوه .. خلاص يتصرفوا مع بعض المهم حقى يرجع
قال “زياد” بأسى :
– “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى” يا “آدم”
ثم قال بتحدى :
– طيب افرض بأه مرضيوش ورفعوا عليك قضية خلع ولا قضية نصب هتعمل ايه ساعتها
صمت “آدم” قليلاً ثم التفت اليه قائلاً بهدوء :
– لا هيخافوا
قال “زياد” بدهشة :
– وايه اللى هيخليهم يخافوا ان شاء الله
قال “آدم” بجمود :
– لانى ههددهم ساعتها انى هقول انها كانت بتجيلي البيت وأسوأ سمعتها فى الكلية وأقول انى كنت على علاقة بيها من زمان
شعر”زياد” بالصدمة وهو يستمع الى كلمات “آدم” التى تخلو من أى خلق فقال :
– حرام عليك .. حرام عليك يا “آدم” وهى ذنبها ايه ؟
قال “آدم” بعصبيه :
– أنا مش هأذيها يا “زياد” .. أنا ههددهم بس لكن مش هقول عنها حاجة .. وبعدين أنا لو كنت عايز أأذيها كنت كشفت نفسي بعد الدخلة مش بعد كتب الكتاب .. أنا بس عايز أمسك عليهم حاجة عشان أقدر أساوم بيها وأرجع حقى
هتف “زياد” بغضب :
– غلط يا “آدم” اللى انت بتعمله ده غلط .. ذنبها ايه هى وأبوها فى مشاكلك انت و “سراج” و “عاصى ” ؟
صاح “آدم” بغضب هادر وهو يشيح بيديه :
– و أنا ذنبي ايه فى اللى حصل ده كله ؟ ..نصبوا عليا هما الاتنين وسرقونى وكل ده عشان فسخت خطوبتى ببنتهم .. اترميت فى السجن شهرين مع الحرامية والنصابين والبلطجية كل ده عشان طالبت بحقى .. بعتولى بلطجية لحد بيتي ضربونى وكسروه فوق دماغى وكسروا عربيتي كل ده عشان اتجرأت ورفعت عليهم قضية وبرده خسرتها .. قولى أعمل ايه أرجع حقى ازاى .. مشيت صح خدت فوق دماغى .. معدش قدامى غير طريق واحد وهو انى آخد حقى بدراعى
ثم قال بقسوة شديدة :
– ومش بس آخد حقى .. أنا مش هسيبهم الا لما أنسفهم من أدامى نسف .. هحاربهم فى شغلهم لحد ما أخسرهم كل حاجة
نظر “زياد” الى صديقه بأسى وقال :
– أنا مقدر كل اللى انت بتقوله وعارف أد ايه انت اتظلمت يا “آدم” .. لكن مهما حصل مينفعش تظلم واحدة بريئة ملهاش ذنب فى أى حاجة .. انت بتقول انك مش هتأذيها .. كون انك تكتب عليها وتطلقها ده مش هيبقى أذيه ليها ؟
قال “آدم” بعصبيه :
– لا مش أذيه .. أصلا كتب الكتاب زى الخطوبة شوف كام بنت خطوبتها بتتفسخ .. دى حاجه عاديه بتحصل لأى بنت
قال “زياد” وقد يأس من محاولة اقناعه :
– وجايبنى هنا ليه ؟
نظر اليه “آدم” قائلاً :
– محتاجك معايا .. عايزك تكون شاهد على العقد .. لان طبعا مفيش حد من قرايبي هيكون موجود ولا حتى والدتى مفيش الا زمايلى فى الجامعة .. فهقدمك ليهم على انك قريبي .. مش عايز أثير شكوكهم لحد ما كتب الكتاب يتم
قال “زياد” بأسى :
– أنا آسف يا “آدم” مستحيل أشارك فى حاجة زى كده
صاح “آدم” بغضب :
– هو انا بقولك اشهد على ورقة جواز عرفى .. ده جواز يا ابنى على ايد مأذون
قال “زياد” بحزم :
– جواز لعبة يا “آدم” .. لعبة بتلعبها عشان تضر بيها غيرك وأنا مستحيل أشارك فى كده
قال “آدم” بحنق :
– قولتلك محدش هينضر
وضع “زياد” كفه على كتف “آدم” قائلاً :
– أتمنى يا “آدم” انك تصحى وتفوق لنفسك قبل فوات الأوان
**************************
جلست “بوسى” على الأريكة تفكر فى ألف طريقة وطريقة للإنتقام من “آدم” الذى خانها وباعها .. كانت تشعر بالغضب والحقد والكره .. ودت لو توجهت اليه فى الجامعة وفضحته وسط طلابه .. وأخبرتهم بحقيقة هذا الرجل الذى يجمعه بها علاقة محرمة .. والذى يسحب منها الأموال ليصرفها على ملذاته .. والذى لا يصلح لأن يكون دكتورة فى جامعة محترمة ومسؤلاً عن طالبات فى سن المراهقة .. أخذت تقطم أضافر يدها بعصبيه وهى تحاول أن تصل الى خطة محكمة للإنتقام .. فهى تعرف “آدم” جيداً وتعرف طرقه الملتوية للهروب من أى مشكلة .. فجأة سمعت صوت المفتاح فى الباب فهبت واقفة .. دخل “آدم” وألقى عليها نظرة وأغلق الباب خلفه .. اقترب منها مبتسماً .. ودت لو قفزت وأمسكت فى عنقه وحطمته بين يديها لكنها تمالكت نفسها حتى تحين اللحظة المناسبة .. قال “آدم” بصوته الرخيم وهو يقبل وجنتيها :
– ازيك يا حبيبتى
عقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تنظر اليه بحده .. أخرج يده من خلف ظهره محملة بباقة ورد كبيرة وابتسم لها قائلاً :
– دى عشانك
نظرت “بوسى” الى الباقة ثم اليه دون أن تلمسها فقال “آدم” :
– مضايقه منى عشان بقالى فترة بعيد عنك مش كده ؟
عانقها قائلاً :
– حبيبتى معلش حقك عليا بس مكنتش فى المود الأيام اللى فاتت وكنت محتاج أبقى لوحدى شويه
قالت له “بوسى” :
– ودلوقتى انت فى المود
أبعدها عنه ونظر اليها مبتسماً وقال :
– أيوة يا حبيبتى وجيت أصالحك وأقولك أنا آسف يا “بوسى” .. وكمان أخرجك ونسهر سهرة حلوة .. ايه رأيك ؟
أخذت منه الباقه وهى تقول بلؤم :
– ماشى يا حبيبى ثوانى أجهز نفسى
دخلت “بوسى” وبدلت ملابسها وقد شعرت بالدهشة من تغيره المفاجئ خاصة بعدما علمت بأمر كتب كتابه .. كانت واثقه من أنه يريد منها شيئاً ما والا لما عاملها بتلك الطريقة الحانية .. خرجا معاً الى احدى المطاعم الراقية وحرص “آدم” على تدليلها كثيراً حتى كادت أن تتناسى أمر خطبته .. نظرت الى يديه لتجدهما خاليتان من أى دبلة .. ففكرت تُرى أكذبت عليها الفتاتان بالجامعة ؟ .. ثم قالت لنفسها ولما تكذبان .. ما مصلحتهما فى ذلك .. انتهت السهرة التى كانت كالحلم بالنسبة لها .. فمضى زمن لم ترى “آدم” يدللها على هذا النحو .. عادا الى البيت بدلت ملابسها فعانقها “آدم” قائلاً :
– وحشتيني أوى يا “بوسى”
ابتسمت قائله وقد تناست كل غضبها :
– وانت كمان يا حبيبى
رفع رأسها ونظر اليها يداعب خصلات شعرها وهو يقول :
– “بوسى” عايز منك خدمه
ابتسمت وهى تلقى برأسها فوق صدره قائله :
– أأمر يا حبيبى
اتسعت عيناها دهشة وتجمدت مكانها عندما سمعته يقول :
– عايز 30 ألف تانيين غير اللى خدتهم .. وهردهملك فى أقرب وقت
ابتعدت عنه “بوسى” ونظرت اليه بحده قائله بإحتقار :
– هو ده بأه اللى مخليك تعاملنى طول الليل زى البرنسيسة .. أنا برده قولت هو “آدم” عيان ولا ايه عشان يعاملنى بالحنية دى
زفر “آدم” بضيق وقال :
– ايه لزمة الكلام ده دلوقتى
صاحت بغضب :
– عشان مبتعرفنيش الا لو كنت عايز حاجة يا “آدم” .. مبسمعش كلمة حلوة منك الا لو كنت عايز منى حاجة .. ارحمنى بأه .. انت ايه مبتحسش
حمل “آدم” الجاكت فى عصبيه وهتف فى غضب :
– أنا خارج
أسرعت خلفه وصاحت بغضب :
– فى ستين داهية
خرج وأغلق الباب خلفه بقوة .. اتجه الى سيارته وانطلق بها بعصبيه بالغة
**************************
وقفت “ايمان” ترتدى اسدالها وتنشر الغسيل فى شرفة بيتهم .. عندما تعالت فجأة أصوات الزغاريد .. نظرت “إيمان” حولها لتتبين مصدر تلك الزغاريد .. قفز قلبها من مكانه عندما أدركت ان تلك الأصوات منبعثة من داخل بيتها .. تركت ما بيدها ودخلت لتستقبلها أمها قالت بلهفه :
– فى ايه يا ماما ؟
أطلقت “أمها” زغروده أخرى ثم قالت :
– العريس وافق يا “إيمان” وجاى هو وأمه وأبوه يوم الخميس عشان يخطبوكى
تحولت ملامح “إيمان” من الصدمة الى عدم التصديق الى السعادة وهى تصيح بفرح :
– بجد يا ماما .. متأكده ؟ .. اوعى تكونى بتهزرى
أطلقت أمها زغروده أخرى وقالت :
– مبروك يا “إيمان” مبروك يا حبيبتى
قفزت “إيمان” فى الهواء وهى لا تصدق سعادتها .. سمعتا طرقات على الباب فتحت لتجد احدى جاراتها تقول :
– خير يا أم “على” سمعنا زغاريت طالعه من عندكوا
قالت أمها بسعادة :
– عقبال عندك يا أم “محمد” .. “إيمان” بنتى هتتخطب
أطلقت المرأة زغروده ثم قالت :
– يا ألف نهار أبيض والله وكبرتى يا “إيمان” .. عقبال على يا أم “على”
قالت أمها ضاحكة :
– تعيشي .. وعقبال متفرحى بولادك انتى كمان .. ادخلى ادخلى لازم أعملك شربات حلاوة الخبر الحلو ده
دخلت “إيمان” غرفتها وهى لا تصدق نفسها .. لا تصدق أن السعادة طرقت بابها أخيراً .. سجدت الى الله شاكرة له .. وقلبها يقفز من الفرح .. فتحت دولاب ملابسها للتتخير منذ الآن .. ماذا سترتدى لملاقاة عريسها وأهله
**************************
تلقت “سمر” مكالمة من “إيمان” قالت لها فيها :
– “سمر” مش هتصدقى .. العريس وافق عليا يا “سمر”
قالت “سمر” بسعادة ممزوجة بدهشة :
– انهى يا “إيمان” .. اللى كان رفض؟
قالت “إيمان” بفرح :
– لا مش ده ده واحد غيره
قالت “سمر” بعتاب وهى تضحك :
– اخص عليكي مجبتليش سيرته يا نادله
قالت “إيمان” :
– معلش يا “سمر” والله كنت خايفه يرفض ويبقى شكلى زبالة كالعادة
ضحكت “سمر” قائله :
– والله فرحتيني يا “إيمان” ربنا يتمملك على خير يا حبيبتى
قالت “إيمان” بلهفه :
– بقولك ايه تعالى عدى عليا النهاردة .. هو وأهله جايين يوم الخميس وعايزاكى تختارى معايا الهدوم الى هلبسها
قالت “سمر” :
– ماشى يا حبيبتى هخلص شغل وأعدى عليكي ان شاء الله
قالت “إيمان” بسعادة :
– متحرمش منك يا “سمر” وعقبالك انتى كمان
اختفت ابتسامة “سمر” لكنها عادت لترسمها على وجهها مرة أخرى وقالت :
– المهم نفرح بيكي الأول يا عروسه .. يلا اقفلى عشان ألحق أخلص الكشوفات اللى بره دى
قالت “إيمان” ضاحكة :
– كروتيهم يا “سمر” ده أنا قلبت العيانين النهاردة عشان أروح بدرى
ضحكت “سمر” قائله :
– ما انتى فاشلة هقول ايه .. يلا يا بت سبينى أشوف شغلى خليني أجيلك بدرى
قالت “إيمان” بلهفه :
– ماشى هستناكى يلا سلام
أنهت “سمر” عملها وتوجهت الى بيت “إيمان” التفتت لتدخل البوابة فوجدت شاباً جالساً يسد مكان الدخول فغضت بصرها وقالت :
– لو سمحت ممكن أعدى
نظر اليها الشاب وابتسم فى مرح قائلاً :
– تدفعى كام وأنا أعديكي
زفرت “سمر” بضيق وقالت :
– لو سمحت عديني
قال الشاب ضاحكاً :
– طيب قوميني عشان مش قادر أقوم
ما كاد “على” يخرج من المسجد المواجه لبيته حتى وجد “سمر” واقفة لا تستطيع الدخول من البوابة تطرق برأسها وعلى وجهها علامات الضيق .. والشاب الجالس يرمقها بنظراته ويبتسم فى وجهها .. شعر “على” بدماؤه تغلى فى عروقه واقترب من الشاب صائحاً :
– لم نفسك يله
اختفت ابتسامة الشاب والتفت هو و “سمر” ينظران الى على الذى جذب الشاب من ملابسه وهو يصيح بغضب :
– لو عايز تتربى قولى وأنا أربيك
صاح الشاب :
– ايه فى ايه يا “على” .. انا معملتهاش حاجة
ثم التفت الشاب الى “سمر” قائلاً بحنق :
– عدى يا ستى
دخلت “سمر” من البوابة بسرعة فقال “على” للشاب وهو يرمقه بنظرات غاضبة :
– لو شوفتك بتضايقها تانى مش هسيبك فاهم
قال الشاب بحنق :
– خلاص يا سي “على” .. خلصنا بأه
دخل “على” البيت فوجد غرفة “إيمان” مغلقة فعلم أن “سمر” معها فى الداخل .. طرق الباب ثم وقف بعيداً .. فتحت “إيمان” الباب فأشار لها “على” بالخروج .. خرجت “إيمان” وهى تنظر اليه بدهشة قائله :
– فى ايه يا “على” ؟
قال “على” وهو يلقى نظرة على باب غرفتها الذى أغلقته خلفها :
– قولى لصحبتك لو حد ضايقها تانى تقولك و أنا هعرف شغلى معاه
قالت “إيمان” بدهشة :
– مش فاهمة مين يضايق “سمر”
قال “على” :
– قوليلها بس اللى قولتهولك ده
قالت بإستغراب :
– ماشى هقولها
دخلت “إيمان” وقالت لـ “سمر” التى كانت تتفحص ملابس “إيمان” المعلقة فى دولابها :
– “على” قالى أقولك لو حد ضايقك تانى قوليلى وهو هيتصرف معاه
التفتت “سمر” تنظر الى “إيمان” بإرتباك .. وأومأت برأسها ثم عادت تتفحص الملابس .. قالت “إيمان” بخبث وهى تجلس فوق فراشها :
– هى ايه الحكاية بالظبط ؟
قالت “سمر” بصوت هادئ :
– مفيش .. فى شاب ضايقنى تحت ومكنش راضى يعديني وأخوكى هزأه .. بس كده
قالت “إيمان” بلؤم وهى تبتسم :
– آه قولتيلي .. أصل أخويا “على” بيغير جدا
احمر وجه “سمر” وقالت لتغير الموضوع :
– الطقم ده مناسب
قالت “إيمان” مبتسمه بخبث :
– أنا كمان شايفه كدة .. شايفاه مناسب
نظرت “سمر” الى “إيمان” بحده فإنفجرت “إيمان” ضاحكة وهى تقول :
– يا بنتى اعترفى بأه ده أنا صحبتك
قالت “سمر” بحده :
– أعترف بإيه .. انتى اتهبلتى فى عقلك يا “إيمان”
قالت “إيمان” بدلع :
– طيب خليكوا انتوا الاتنين كده .. بكرة تترجونى عشان أكون حمامة السلام بينكوا
قالت “سمر” بحنق :
– لا انتى شكلك اتهبلتى فعلاً .. العريس طير عقلك من أعده واحدة .. ربنا يستر من اللى هيحصل بعد كده
أطلقت “إيمان” ضحكة عالية و”سمر” ترمقها بنظرات غيظ
**************************
نزلت “آيات” الدرج مبتسمه وهى متوجهة الى غرفة الصالون لملاقاة “آدم” لكنها توقفت فجأة عندما سمعته يقول :
– طيب على الأقل نأجلها لبعد كتب الكتاب
شعرت بالدهشة فأطرقت السمع .. سمعت والدها يقول بحزم :
– ازاى يعني يا دكتور .. خطوبة وكتب كتاب من غير شبكة .. لو مش مستعد حاليا خلاص نأجل كتب الكتاب شوية
قال “آدم” بسرعة :
– لا أنا مش حابب التأجيل
قال “عبد العزيز :
– وأنا مينفعش أوافق ان بنتى تتكتب كتابها من غير شبكة محترمة تليق بيها وبمقامها .. ولا انت مستخسر فى بنتى يا دكتور
قال “آدم” على الفور :
– لا طبعاً مش ممكن أستخسر فيها حاجة
صمت قليلاً ثم قال :
– خلاص على معادنا ان شاء الله .. وبعد بكرة ننزل نشترى الشبكة
قال “عبد العزيز” بإرتياح :
– على خيرة الله
توجهت “آيات” الى الغرفة وابتسمت فى وجههما .. خرجت “آيات” بصحبة “آدم” الذى بدا واجماً شارداً .. ابتسمت له قائله :
– فى حاجة يا حبيبى
قال “آدم” بوجوم :
– لا متشغليش بالك
ثم التفت اليها قائلاً :
– بعد بكرة ان شاء الله هننزل نشترى الشبكة وكتب الكتاب فى معاده
ابتسمت له وظلت عينيها معلقة به .. ثم ما لبثت أن شعرت بالأسى وهى تراقب جبينه المقطب ونظرات عينيه الحائرة .. توقف “أدم” عند احدى اشارات المرور فقالت له هامسه وهى مازالت تنظر اليه :
– بحبك أوى
التفت “آدم” ينظر اليها .. خفق قلبه .. مرة أخرى .. وهو يرى الصدق فى عينيها .. حاول أن ينطق بها فلم يستطع .. لم يستطع قولها وهو ينظر الى عينيها .. فنظر أمامه ثم قال :
– وأنا كمان بحبك أوى
ابتسمت “آيات” .. ثم ما لبثت شردت هى الأخرى وقطبت جبينها تفكر بعمق الى أن ظهرت علامات الارتياح على وجهها .. لما هداها اليه عقلها
**************************
وقف “آدم” مع “زياد” فى شرفة بيت هذا الثاني وهو يقول بحنق :
– أعمل ايه أبوها طالب شبكة بمبلغ مش عارف أدبره ورافض يأجلها .. لو الشبكة مجتش مش هنعرف نكتب الكتاب
قال “زياد” بحزم وهو ينظر ال صديقه :
– طلعنى أنا خالص من اللعبة دى قولتلك مش هساعدك يا “آدم” .. مش عايز أشيل ذنب البنت الغلبانه دى هى وأبوها
قال “آدم” بحنق :
– هرجعهملك فى أقرب وقت يا “زياد” .. أنا خلاص هاخد حقى
قال “زياد” بجدية :
– لو خدتهم بالطريقة دى فلوسك هتبقى حرام يا “آدم”
قال “آدم” بغيظ :
– خلاص يا “زياد” فضها سيرة أنا هتصرف
قال “زياد” بتهكم :
– مخدتهمش ليه من البنك بتاعك
نظر اليه “آدم” بغيظ فأكمل “زياد” :
– ست “بوسى” هانم اللى مش لاقيه حد يربيها .. تعرف انت متستهلش الا واحدة زيها فعلاً
نظر اليه “آدم” بحده فأكمل قائلاً :
– مترد مخدتهمش منها ليه
قال “آدم” بإقتضاب :
– مريضيتش
قال “زياد” ساخراً :
– البنك فلس ولا بتتقل عليك ؟ .. شكلك عملت حاجة ضايقتها فقطعت عنك المصروف
صاح “آدم” بغضب :
– انت في ايه نازل تريقه من الصبح .. أنا غلطان انى جتلك أصلاً
توجه “آدم” الى الباب وقبل أن يخرج لحق به “زياد” قائلاً :
– “آدم” افتكر كويس المقولة اللى بتقول : “من يأبى اليوم قبول النصيحه التي لاتكلفه شيئاً فسوف يضطر في الغد الي شراء الأسف بأغلى سعر ”
توقف “آدم” للحظات وقد أولاه ظهره .. ثم تركه وخرج من البيت .. نظر اليه “زياد” من الشرفة وهو يركب سيارته .. فتنهد قائلاً :
– ربنا يهديك يا “آدم” .. وترجع “آدم” بتاع زمان
جلس “آدم” فى بيته ساهراً يفكر بضيق .. كيف يستطيع تدبير المبلغ لشراء الشبكة .. يفصله عن تحقيق خطته بضعة آلاف .. هل سيتهدم كل شئ فى لحظة .. شعر بالغضب وزفر بضيق وهو لا يدرى ماذا يصنع ..
وجد فجأة “آدم” اتصالا من “بوسى” .. تجاهلها تماماً .. لكنه وجد بعد دقائق رسالة تقول فيها :
– تعالالى دلوقتى جبتلك المبلغ اللى طلبته .. منتظراك
ابتسم “آدم” بسعادة وقفز من فراشه توجه الى بيتها على الفور .. فتح الباب فاستقبلته “بوسى” بكامل زينتها وابتسمت فى وجهه وهى تقول :
– حبيبى مهنش عليا زعلك
اقترب “آدم” منها وعانقها قائلاً :
– تسلمى يا حبيبتى
رفعت “بوسى” رأسها وابتسمت له .. ثم توجهت الى المنضدة وحملت المال الموضوع فوقها واتجهت به الى “آدم” الذى لمعت عيناه بمجرد أن رآى المال فى يدها .. أخذه منها وقبلها قائلاً :
– متقلقيش يا “بوسى” هرجعهملك فى أقرب وقت
ابتسمت قائله بدلال :
– “آدم” متسبنيش النهاردة .. أنا أصلا مسافره ومش هشوفك الا بعد فترة طويلة
سألها قائلاً دون اهتمام حقيقي :
– مسافرة فين ؟
قالت :
– مسافرة لأخويا فى أمريكا .. هعد عنده فترة يعني تغيير جو
ابتسم لها قائلاً :
– هتوحشيني يا “بوسى”
اقتربت منه هامسه :
– انت أكتر
جذبته من يده فترك المال على الطاولة وتوجه معها الى غرفة النوم ..
فى الصباح استيقظ “آدم” وألقى نظرة عليها ثم نهض وارتدى ملابسه وأخذ المال وغادر البيت .. سمعت “بوسى” صوت الباب وهو يغلق .. فنهضت تنظر للفراغ بجوارها فى سخرية .. ثم توجهت الى المقعد الذى غيرت مكانه الليلة الماضية ووضعت فوق ظهره جزء من ستارة الشرفة .. رفعت الستارة لتظهر الكاميرا الموضوعه فوق ظهر المقعد .. أعادت الفيديو من البداية لتظهر وهى تعدل من وضع الكامير .. حركت الصورة سريعاً ليظهر بعد ذلك “آدم” وهو يدخل الغرفة معها و …… ابتسمت بعدما تأكدت من تسجيل كل شئ .. أخرجت كارت الذاكره من الكاميرا ووضعته فى كفها وأطبقت عليه بقوة وكأنها تطبق على كنز ثمين وابتسامة الإنتصار على شفتيها
**************************
فى اليوم التالى وقف “آدم” فى مكانه المعتاد ينظر الى الفراغ وهو يشعر بشئ بداخله يحاول أن يثور ويفصح عن نفسه .. شعر وكأنه يحارب وحشاً لا يستطيع رؤيته .. فى تلك اللحظة اتصلت “آيات” بـ “آدم” وقالت له :
– “آدم” انت فين ؟
قال “آدم” بوجوم :
– أنا فى المقطم
سألته بحنان :
– بتعمل ايه ؟
قال “آدم” :
– مش بعمل حاجة .. واقف فى المكان اللى بحب أروحه
قالت على الفور :
– طيب استنانى أنا جايه .. باى
قال بدهشة :
– “آيات” استنى
لكنها أغلقت الخط .. أراد الاتصال بها وعزمها عن عدم المجئ .. لكن شئ ما بداخله أرادها أن تأتى .. أراد أن يراها .. أن يسمع صوتها .. أن يرى الصدق والنقاء فى عينيها .. وعذوبة ابتسامتها فوق شفتيها .. أتت .. تحمل تلك الإبتسامه التى شعر بأنها تزيح الجبال من فوق صدره .. أتت حاملة نظرات الحب فى عينيها .. والصدق والبراءة فى ملامح وجهها الصافى .. أتت حاملة فى يديها علبة أخذ ينظر اليها بإستغراب .. اقتربت منه ووقفت أمامه مبتسمه دون أن تتكلم .. نظر الى العلبة فى يدها ثم اليها وقال :
– جيتي ليه ؟
قالت دون أن تبعد عيناها عنه :
– انت فاكرنى مش هحس بيك وباللى مضايقك
اضطرب “آدم” وخفق قلبه بقوة .. نظر اليها يحاول فهم ما تعنيه فأكملت قائله بحنان :
– أنا سمعت كلامك مع بابا امبارح عن الشبكة
أشاح بوجهه عنها لكنه عاد ينظر اليها عندما قالت بحنان وهى ترمقه بنظرات حب :
– أنا كل حاجة معتمده فيها على بابا .. يعني أى حاجة عايزة أجيبها بخليه يجيبهالى أو بطلب منه فلوس على أدها .. وعمرى للأسف ما حوشت ولا فكرت أحوش .. وأى فلوس كانت بتبقى معايا كنت بصرفها لانى عارفه انى لما هطلب من بابا هيدنى ومكنتش عارفه انى ممكن أحتاج فلوس ومقدرش أطلبها من بابا
تحولت نظرات “آدم” اليها الى نظرات دهشة ممزوجة بالقلق .. ضاقت عيناه يحاول فهم لما تخبره بكل ذلك .. نظرت “آيات” الى العلبة فى يدها ثم نظرت اليه .. نقل “آدم” نظره من العلبة اليها ونظرات عينيه بدت كعلامة استفهام كبيرة .. قالت “آيات” بحنان ورقة وعذوبه وهى تفتح العلبة :
– ده دهبي يا “آدم” بيعه واشترى الشبكة اللى بابا طلبها منك
شعر “آدم” بغصة فى حلقة .. شعر وكأنه يختنق ولا يستطيع التنفس .. أكملت برقه :
– أنا عارفه ان صعب عليك تقبلهم منى .. بس أنا وانت واحد .. وخلاص بعد يومين هبقى مراتك والدهب ده هيبقى بعد كده فى بيتنا يعني ملكنا احنا الاتنين .. لو الظروف ضاقت بيك فى يوم هتلاقيني بديهملك يا “آدم” .. فمفيش فرق خدتهم دلوقتى أو خدتهم بعدين
شعر بقلبه يريد أن يقفز من صدره ويذهب اليها ليعانقها ويحتويها فى حنان .. ظل ينظر اليها وهو يحتويها بنظراته .. شعر بالألم فى قلبه وهو يراها تقدم له كل ما تملك فى سبيل أن تملكه هو .. تذكر خطته وانتقامه .. تذكر كيف سيكسر فرحتها ويحطم قلبها بعد يومين .. تذكر أن تلك العينان اللاتان تتطلعان اليه الآن بحب ستنهمر منهما العبرات بسببه .. تذكر أن تلك الإبتسامه التى تزين وجهها ستموت فوق شفتيها بسببه .. تحاول أن تكون مصدر سعادته وهو لا يتوانى عن فعل شئ ليكون مصدر شقائها .. نظر الى القطع الذهبية المتراصة فى العلبة التى تمسكها بيدها .. ثم نظر اليها فشعر بأنها أغلى قيمة من تلك القطع .. ود لو ضمها اليه وبثها حبه وحنانه .. لكن مازال فى داخله سواد يسيطر عليه .. مازال شيطانه أقوى من مقاومته الضعيفه الهشه .. توجهت “آيات” الى سيارته ووضعت العلبة فوق المقعد .. ثم قالت له قبل أن تغادر بإبتسامه عذبه :
– مستنياك بكرة أنا وبابا عشان نخرج نشترى الشبكة
قالت ذلك ثم توجهت الى سيارتها وانطلقت بها .. ظل “آدم” واقفاً فى مكانه وقد ازداد وجوماً وشروداً
**************************
ظل “آدم” طيلة اليوم حبيس غرفته .. ينظر الى القطع الذهبيه ويتلمسها بأصابعه .. تتقاذفه الأفكار يميناً ويساراً .. يسير فى الغرفة كالنمر الجريح .. لا يعرف وجهته .. لا يعرف دواءه .. فقط يشعر بالألم وبالقهر .. حاولت “آيات” كثيراُ الإتصال به .. لكنه لم يجيب .. كيف يجيب .. بماذا سيجيب .. أيبثها المزيد من كلماته الخادعة .. ووعوده الزائفة .. وأحلاماً ستتحول الى كابوس مزعج ستجد نفسها فى منتصفه .. وجد رساله منها تقول فيها :
– لو فاضى شوية افتح الفيس
جلس “آدم” أمام حاسوبه وكأن يدا خفيه تحركه .. وجدها لكنها لم تتحدث اليه .. ولم يتحدث اليها .. لا يدرى ماذا يقول لها .. ظل ينظر الى صورتها التى أرسلتها له من قبل .. تباً .. لماذا يشعر بهذا الحنين .. لماذا يخفق قلبه برقه .. لماذا لم تعد خفقاته قاسية قوية .. أرسلت له رسالة فقرأها بلهفه ليعرف ما فيها :
– أحبك بجنون ولغيرك لن اكون
أحبك ملء عيونى لأن عيونك ملكونى
أتمناك بجانبى ولكنى أخاف منك معذبى
أحب قربك وأبغض بعدك
أعيش لك وأهيم بك
ليتنى أتنفس عبيرك
وأنعم بحنانك
ولكنى أخاف فقدانك *
تملكه شعور لم يألفه من قبل .. ورقه لم يعهدها بداخله .. وحناناً جارفاً يستشعره بكل كيانه .. نظر الى تلك العلامة التى تظهر وتختفى فى انتظار حروفه .. فى انتظار كلماته .. لم يشعر إلا بأصابعه وهى تكتب على لوحة المفاتيح :
– متخفيش مش هسيبك أبداً
ظل ينظر الى تلك الجملة التى أرسلها .. وسأل نفسه لماذا أرسلها .. ألتكتمل خطتك .. ألتشعرها بالأمان حتى تُكلل خطتك بالنصر .. وجد نفسه يقول .. لا بل أرسلتها .. لأننى حقاً أشعر بها .. نعم .. لن أتركها أبداً
**************************
هتف “زياد” قائلاً :
– انت بتتكلم جد ؟
قال “آدم” وجالس معه فى منزله :
– أيوة .. ادتنى دهبها وقالتلى اشترى الشبكة اللى بابا طلبها منك
نظر اليه “زياد” بحده قائلاً بحنق :
– والله انت ما تستاهل ضفرها .. هو فى كده .. البنت شكلها بتحبك فعلاً يا “آدم” .. حرام عليك دى لو عرفت الحقيقة ممكن يجرالها حاجة
صمت “آدم” قليلاً ثم قال :
– أنا هعمل تعديل فى الخطة
صاح “زياد” بحنق :
– المفروض تلغى الخطة من الأساس مش تعمل فيها تعديل
وقف “آدم” فى مواجهة “زياد” قائلاً بغضب :
– مش هيب حقى يا “زياد” واللى الكلاب دول عملوه فيا هردهلهم الطاق طاقين
قال “زياد” بحنق :
– والبنت اللى ملهاش أى ذنب دى ؟
قال “آدم” بجدية :
– اسمعنى كويس .. منكرش انى بدأت أتأثر بيها وبدأت مشاعرى تتحرك نحيتها .. وفى نفس الوقت مش ناوى أتراجع عن خطتى
قال “زياد” بإستغراب :
– مش فاهم .. هتحلها ازاى دى
قال “آدم” بحزم :
– هنكتب الكتاب عادى فى معاده .. وبعد كتب الكتاب هفهمها على كل حاجة .. بس مش هتعرف باباها وهوهم باباها انى ببتزه عشان يساعدنى آخد فلوسى من أخوه .. وبعد ما فلوسى ترجعلى هعرفه انى مكنتش ناوى أسيب “آيات” وانى متفق معاها على كده
صاح “زياد” متهكماً :
– ايه الخطة الفاشلة دى .. وانت متوقع انها هتخبي على أبوها .. وتسيبه مقهور أدامها وهو فاكر ان بنته مستقبلها بيضيع .. انت فاكرها صنم زيك
صاح “آدم” بنفاذ صبر :
– خلاص هخبي عليهم هما الاتنين وأنفذ خطتى عادى ولما آخد الفلوس هعرفهم انى مش هطلقها وانى عايزها
ضحك “زياد” ساخراً ثم قال :
– وأبوها يسامحك وهى تسامحك وينسوا انك ابتزيتهم .. وتعيشوا فى تبات ونبات وتخلفوا صبيان وبنات مش كده ؟ ده على فرض أصلا ان عمها هيدفعلك الفلوس .. أنا واثق مليون المية ان عمره ما هيدفع حاجة .. اللى هيدفع الفلوس دى هو أبوها عشان يخلص بنته من ايدك
صمت “آدم” فأكمل “زياد” :
– “آدم” انت عايز كل حاجة فى ايدك .. ومحدش بياخد من الدنيا دى كل حاجة .. اختار .. يا فلوسك يا “آيات” .. مش هينفع تاخد الاتنين
ظل “آدم” محتفظاً بصمته لفترة .. ثم قال بحزم وهو ينظر الى “زياد” :
– لا هاخد الاتنين .. فلوسى و “آيات” .. أنا هعرف ازاى أخليها تسامحنى
قال “زياد” :
– و أبوها ؟ .. أبوها مش ممكن يسامحك
قال “آدم” بعناد :
– مش مهم أبوها يسامحنى .. أبوها ميفرقش معايا فى حاجه .. المهم هى .. وأنا هعرف ازاى أخليها تسامحنى
**************************
توجهت “آيات” مع والدها و “آدم” لشراء الشبكة .. نظر “آدم” اليها وهو يتأمل تعبيرات وجهها الفرحة وهى تختار شبكتها وتبتسم فى سعادة .. وجد الابتسامة ترتسم على شفتيه رغماً عنه .. أخذ ينظر اليها برقه وهى تضحك مع والدها بمرح .. اختفت الإبتسامه من وجهه وهو يفكر فى اليوم العصيب الذى ينتظره فى الغد .. كان من المقرر أن يفصح عن كل شئ فى يوم كتب الكتاب .. لكنه نظر الى تلك السعادة على محياها وهو يشعر بالأسف على ما سيحدث .. وما هو مضطر لأن يفعله .. قرر أن يؤجل الأمر اسبوعاً .. حتى لا يكسر فرحتها بتلك السرعة .. سيحاول خلال الإسبوع أن يتقرب اليها حتى لا تقوى على العيس بدونه .. حتى اذا ما أتت لحظة طلب الصفح يجد قلبها مهيأ له .. يعلم أنها طيبة القلب .. ستنسى الإساءة .. وتصفح عنه .. “آيات” تحبه .. لن تتركه .. لن تقوى على فراقه .. سيعمل على تحقيق ذلك قبل الافصاح عن كل شئ .. ظل يردد تلك الكلمات حتى يقنع قلبه وعقله .. وحتى يريح ضميره .. نعم .. لن يطول الأمر كلها عدة أيام فقط أسترد خلالها حقى المسلوب .. ثم بعدها أطلب منها الصفح وأطلب منها أن تشاركنى حياتى للأبد .. بالتأكيد ستصفح عنى .. نعم ستفعل .. حبها لى أكبر من بضع أيام تعيشها فى العذاب .. بضع أيام فقط .. وسينتهى هذا الكابوس .. وسأنسج لها حلماً وردياً أعيش معها فيه للأبد
التفت والدها يقبل رأسها وهو يقول :
– ألف مبروك يا بنتى
قالت مبتسمة:
– الله يبارك فيك يا بابا
نظرت الى “آدم” فهمس قائلاً وابتسامته الجذابه على محياه :
– مبروك
همست بسعادة :
– مبروك علينا احنا الاتنين
امتدت يده ليمسك كفها الذى استقر فى راحته بإستكانه .. تطلع كل منهما الى الآخر فى سعادة
**************************
تأنق “آدم” أما مرآة غرفته وخرج متوجه الى باب البيت عندما خرجت أمه من غرفتها .. وقفت تنظر اليه بأعين دامعة .. تجمد “آدم” فى مكانه وهو يرى العبرات فى عينيها .. تكلمت بصوت باكى وقالت :
– مبروك يا ابنى
أخفض “آدم” رأه أرضاً وهو لا يقوى على مواجهة نظراتها .. تساقطت عبراتها وقالت بقلب مكلوم :
– كان نفسى أكون جمبك وأفرح لفرحك بس اظاهر انك مستعر من أمك يا “آدم”
أغمض عينيه وهو يشعر بكلماتها تمزقه وتؤلمه .. أكملت بصوتها الباكى :
– عروستك طيبة وبنت حلال ربنا يباركلكوا فى بعض
توجه “آدم” مسرعاً الى الباب ليخرج .. بل ليهرب .. تابعته أمه بعينيها وما كاد يخرج حتى جلست على أحد المقاعد لتنفجر فى بكاء مرير
وقفت “آيات” أمام المرآة تنظر الى نفسها بسعادة .. شعرت بالعبرات فى عينيها فقالت “أسماء” :
– بقولك ايه متبوظيش الميك اب مش عايزه دموع
التفتت اليها “آيات” وقالت بتأثر :
– حسه انى فرحانه أوى يا “أسماء” مش مصدقه
ثم نظرت الى المرآة مرة أخرى وهى تقول بحماس:
– خلاص بعد دقايق أنا و “آدم” هنتجوز .. وهنفضل مع بعض طول العمر
قالت “أسماء” مبتسمه :
– ربنا يتمملك على خير يا “آيات”
سمعتا طرقات على الباب .. اقتربت “حليمة” وهى تقول بأعين دامعه :
– بسم الله ما شاء الله .. زى القمر يا “آيات”
قالت “آيات” بحماس ممزج بالسعادة :
– بجد يا دادة يعني هعجب “آدم” ؟
قالت “حليمة” بحماس :
– ده انتى تعجبى الباشا
عانقتها والعبرات تتساقط على وجنتها وهى تقول :
– الحمد لله ان ربنا مد فى عمرى وشوفت اليوم ده
قالت “آيات” وهى تنظر اليها :
– دادة بتعيطي ليه دلوقتى هتخليني أعيط
قالت “أسماء” :
– لا أبوس ايدك يا “آيات” الميك اب هيبوظ
اقتربت احدى الخادمات من باب الغرفة وهى تقول مبتسمه :
– المأذون اتصل وقال انه على وصول يا آنسة “آيات”
شعرت “آيات” بقلبها يقفز فرحاً فنظرت الى نفسها فى المرآة للمرة الأخيرة وهى تقول فى نفسها بسعادة آخر مرة هبصلك وأنا الآنسة “آيات”
صفق الجميع لمرآى “آيات” وهى تبدو تبتسم لهم فى سعادة .. خفق قلب بسعادة “آدم” وهو ينظر اليها أمسك يدها قائلاً :
– زى القمر
قالت بسعادة :
– بجد
قال بحزم :
– أيوة بس اعملى حسابك مفيش ميك أب تانى بعد كده أنا سايبك النهاردة بس عشان عروسة وعايزه تفرحى .. بس بعد كده لو شوفتك بميك اب وانتى خارجة هيبقى فيها كلام تانى .. الميك اب ده يبقى ليا أنا وبس وكمان يكون حاجة بسيطة مش بالشكل اللى يغير ملامحك
استمعت اليه “آيات” بسعادة فأكمل قائلاً :
– ولبسك كمان محتاج فرمته من أول وجديد
ضحكت قائله :
– كل اللى انت عايزه هعمله
بتسم لها قائلاً :
– يعني مش معترضه على حاجة من اللى قولتها ؟
نظرت اليه بحب قائله :
– تؤ
ابتسمت عيناه وقال :
– يعني هتسمعى كلامى على طول ؟
قالت هامسه :
– أيوة هسمع كلامك على طول
اتسعت ابتسامته وأحكم قبضته على كفها وهو يقول هامساً :
– اتفقنا يا مدام “آيات”
نظرت اليه “آيات” وهى تشعر بأنها ملكت من الدنيا .. كل شئ
توقفت سيارة أمام الفيلا .. وما كاد باب السيارة أن ينفتح حتى نزلت “بوسى” وتوجهت الى الأمن الواقف على الفيلا .. ألقت نظرة على الفيلا ثم قالت له :
– مش دى فيلا “عبد العزيز حسان اليمانى” ؟
قال رجل الأمن :
– أيوة يا فندم
نظرت “آيات” الى الزينة المعلقة بقلب مكلوم وبأعين تشع حقداً ثم قالت :
– ممكن أقابل بنته “آيات” ؟
قال الرجل :
-طيب لحظة واحدة
اتصل الرجل بالفيلا لترد عليه “حليمة” وأخبرها بأمر تلك المرأة التى تريد مقابلة “آيات”
توجهت “حليمة” الى بوابة الفيلا وهى تنظر للمرأة بأعين متفحصة .. قالت “حليمة” :
– اتفضلى يا هانم أقولها مين
قالت “بوسى” بتوتر :
– هى متعرفنيش بس عايزة أقابلها ضرورى
قالت “حليمة” :
– طيب اتفضلى
قالت “بوسى” :
– لا .. ياريت تخليها تطلعلى هنا .. أرجوكى أنا محتاجة أتكلم معاها ضرورى جداً
ثم سألت بقلق :
– كتب الكتاب اتكتب ولا لسه ؟
قالت “حليمة” وهى تشعر بالإستغراب من تلك المرأة :
– لسه
قالت “بوسى” بلهفة :
– طيب لو سمحتى نديلها بسرعة
توجهت “حليمة” الى الداخل واقتربت من “آيات” التى كانت محاطة بضيوفها وهمست لها قائله :
– “آيات” يا بنتى فى واحدة برده مصره تقابلك وبتقول حاجة مهمة أوى
قالت “آيات” بلا مبالاة :
– طيب خليها تدخل يا دادة
قالت “حليمة” :
– مش راضية تدخل وعايزاكى تطلعيلها
قالت “آيات” :
– خلاص قوليلها مش دلوقتى أنا مش فاضية خلاص المأذون جه وهيكتبوا الكتاب دلوقتى
قالت “حليمة” وهى تشعر بالقلق :
– بس يا بنتى أنا حسه انى قلبي متوغوش وحسه انها عايزه تقولك حاجه مهمة .. اطلعى شوفيها عايزه ايه بسرعه وارجعى تانى
خرجت “آيات” ووقفت أمام باب الفيلا وهى تقول :
– هى فين يا دادة ؟
قالت “حليمة” وهى تشير الى بوابة الفيلا :
– أهى واقفة أدام البوابة
توجهت “آيات” اليها بخطوات مسرعة ثم توقفت أمامها وهى تقول بعجاله :
– أيوة حضرتك عايزانى .. ياريت بسرعة عشان أنا مشغوله
قالت “بوسى” وهى تنظر اليها من رأسها الى أخمص قدميها .. ثم قالت بتهكم :
– لا معلش افضيلي شوية
شعرت “آيات” بالدهشة من الطريقة التى تتحدث بها وقالت :
– أفندم .. حضرتك تعرفيني
قالت “بوسى” بحزم :
– لا معرفكيش ومش عايزه أعرفك أصلا أنا جايه أقولك حاجة وأمشى
قالت “آيات” بحده ولم يعجبها طريقة تحدث تلك المرأة :
– أفندم .. اتفضلى
صمتت “بوسى” قليلاً ثم فجرت قنبلتها :
– أنا و “آدم” .. خطيبك .. على علاقة ببعض من أكتر من سنة .. ولحد دلوقتى لسه مع بعض
صمتت “آيات” للحظات ثم ابتسمت بسخرية وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تقول بثقة شديدة :
– لو ده اللى جايه تقوليهولى يبأه تعبتى نفسك على الفاضى أنا بثق فى خطيبى جد