رواية الحبُ.. أَوْس
الفصل الرابع والعشرون (الجزء الثالث)
ساعدتها النسمات العليلة على الاسترخاء وإراحة عقلها المشحون مؤقتًا من الضغوط المتواصلة عليه، استلقت “هالة” على الأريكة الموجودة بالحديقة الغناء قاصدة استذكار دروسها، لكن مع ذلك الهدوء المغري بدأ سلطان النوم يتسلل رويدًا رويدًا إلى خلاياها ويصيبها بالخدر فاستسلمت لتلك الغفوة القصيرة تاركة كتابها مُلقى على صدرها، في تلك الأثناء، وصل “يامن” بسيارته إلى الباحة الخلفية للفيلا ليصف سيارته، ترجل منها واستدار متجهًا إلى الباب الرئيسي، دار بنظرات فاترة في أرجاء الحديقة، استوقفه لمحه لإحداهن تتمدد بأريحية على الأريكة، ضيق عينيه ليتأملها عن كثب، لم يدع لفضوله الفرصة ليحيره، بل غير وجهته وسار في اتجاهها، تباطأت خطواته مع رؤيته لوجهها مألوف الملامح، تفاجأ من وجودها رغم حديث “أوس” السابق عن بقائها معه، ردد لنفسه باندهاش متحمس:
-مش معقول، واضح إن حظي حلو المرادي
لم يشعر بتلك الابتسامة العذبة التي تشكلت على ثغره وقد طالت نظراته نحوها، تنحنح “يامن” بخفوت ثم داعب طرف أنفه بإصبعه بلزمة عفوية معتقدًا أنها ستنتبه لوجوده، لكن حدث العكس، بدت مستكينة تمامًا مما شجعه على الجلوس، وقبل أن يقدم على ذلك تلفت حوله ليتأكد من عدم متابعة أحد له، خاصة ابن عمه الكبير الذي لن يسلم من إحراجه أو توبيخه إن اكتشف قربه منها، تسلل بحذرٍ ثم جلس في مواجهتها ليطالعها بنظرات فضولية متشوقة، اتسعت ابتسامته قليلاً وهو يراها هادئة كصفحة من المياه، فهي في حالة سبات واضحة، قرر أن يراقبها في صمت، فلقاءاتهما القليلة دومًا تكون محفوفة بالمفاجآت المثيرة، لم تحرك “هالة” ساكنًا، فقط تململت عدة مرات وهي تحرك رأسها للجانبين مما منحه الفرصة لدراسة تفاصيل وجهها باستمتاع، أعجبه مداعبة الهواء لخصلات شعرها الهاربة من أسفل حجاب رأسها زهري اللون، تركز بصره على حركة جفنيها البسيطة، أخفض نظراته ليحدق في كتابها الموضوع عليها، استرعى انتباهه عنوانه فمال نحوها ليمد يده إليه، سحبه بحذرٍ شديد دون أن يوقظها، عاد ليجلس باستقامة على أريكته، قلب صفحاته بفتور، لم يكن سوى أحد المواد الدراسية، ابتسم بتهكم ورفع عينيه لينظر لها من جديد، تحفز حينما لاحظ أنها قد بدأت تفيق من غفلتها، ادعى انشغاله بقراءة فحواه، انتفضت “هالة” فزعة حينما وجدت أحدهم جالسًا قبالتها، بل وينظر لها بتفحصٍ أحرجها، أنزلت ساقيها معتدلة في نومتها غير المريحة وهي تنظر له بعينين متوترتين هاتفة فيه باندهاش مصدومٍ:
-إنت!
سألها بابتسامة صغيرة وقد بدا وجهه بملامح ثابتة:
-عاملة إيه؟
لم تجبه بل هبت واقفة على قدميها محاولة لملمة شتات نفسها، سألته بأنفاسٍ غير منتظمة:
-إنت جاي هنا ليه؟
ثم رأت كتابها بين يديه فانحنت نحوه لتلتقطه عنوة منه مكملة صياحها المزعوج:
-وهات كتابي!
رفع كفيه أمام نظراتها الحادة كتعبير عن عدم اعتراضه على تصرفها، ظلت ابتسامته مرسومة على جانبي شفتيه دون أن يعلق بحرف، ضمت “هالة” كتابها إلى صدرها ونظرت حولها باحثة عن “عفاف” أو أحد الخدم، لكنها لم تجد أيًا منهم، وكأن الوضع بات مهيئًا للقاء شاعري، عادت لتحدق في وجه “يامن” الذي وضع ساقه فوق الأخرى ممعنًا النظر فيها، سألته بنرفزة طفيفة:
-بتعمل إيه هنا؟
أجابها متسائلاً بقليل من الذكاء وابتسامته الخطيرة مازالت مرسومة على جانب فمه:
-مش غريبة إنك تسألي السؤال ده وإنتي موجودة عند ابن عمي؟!
تحرجت من رده المنطقي وانتشر ببشرتها حمرة خجلة ضاعفت من ربكتها المتوترة أمامه، ردت بخفوت متلعثم:
-عندك حق
ازدردت “هالة” ريقها ثم جمعت باقي كتبها المبعثرة مستعدة للرحيل، أوقفها “يامن” قبل أن تتركه وتنصرف بإمساكها من ذراعها، شهقت حينما رأت قبضته عليها، أبعد يده معتذرًا:
-سوري!
احتدت نظراتها نحوه فبادر موضحًا:
-كل الحكاية إني عاوز أطمن عليك
سألته بجمود وقد قست تعبيرات وجهها:
-عشان إيه؟
تحرج من إجابتها مباشرة وأطرق رأسه قليلاً ليرد متعللاً:
-عادي يعني، من غير سبب!
رمقته بنظرة حادة قائلة له باقتضابٍ:
-أنا كويسة
أوشكت على التحرك لكنه اعترض طريقها بجسده لتتراجع خطوة للخلف، لا يعرف ما الذي يحثه للحديث إليها أو حتى مشاكستها، لكنه يجد متعة غير مسبوقة في استدراجها في الكلام والتمتع بردود فعلها المختلفة في نفس التوقيت، تنهد قائلاً لها برجاءٍ:
-استني بس
رمقته بحدية وهي ترد متسائلة بتجهمٍ:
-في إيه تاني؟
ابتسم متسائلاً باهتمامٍ:
-عملتي إيه في مشكلتك؟
أجابته دون تفكيرٍ لتمنعه من التدخل في شئونها الخاصة:
-والله دي حاجة تخصني
للمرة الثانية أحرجته مباشرة فأخفى ارتباكه من جفافها معه ليبرر بلباقةٍ:
-أكيد، أنا فاهم ده، بس كنت عاوز أطمن عليكي!
استغربت للغاية من اهتمامه المريب وغير المقنع لها، كانت ملامحها أقرب للجمود عنها للاندهاش، ضغطت على شفتيها لتقول ببرود:
-شكرًا، عن إذنك
…………………….. ………………..
في تلك الأثناء، نجح “منسي” في معرفة عنوان الفيلا المتواجدة بها “هالة”، ترجل مع أفراد عائلتها من سيارة الأجرة ليقفوا أمام المدخل الرئيسي لهذا المجمع السكني الراقي والمتحفظ، بالطبع حال مظهرهم الشعبي دون السماح لهم بالولوج إلى الداخل، ومع ذلك وأمام إصرارهم الشديد وافتعالهم للمشكلات التي ربما قد توتر الأجواء وتثير الفضائح، ودَّت “بطة” لو استطاعت تحذير أختها، لكن سُحب هاتفها المحمول منها قسرًا فمنعت من ذلك وبالتالي حرمت من فرصة ثمينة للفرار قبل أن يصلوا إليها، تركت في منزلها تضرب كفًا بالآخر متضرعة إلى المولى أن يحفظ “هالة” من بطش أمها ومن معها، لم يجد “منسي” ومن معه صعوبة في بلوغ وجهتهم، خاصة أن أحد أفراد الأمن سار بصحبتهم إلى هناك، أشار الأخير بيده نحو باب الفيلا الحديدي قائلاً برسمية وهو يمرر نظراته المزعوجة على وجوههم:
-دي فيلا “أوس” باشا
انفرجت شفتي “أم بطة” عن دهشة مبهورة وهي تجوب بعينين متسعتين تفاصيل المكان، رددت مع نفسها بانبهارٍ:
-إيش إيش على الهلومة والأبهة
بينما ردد “عبد الحق” لنفسه بإعجابٍ:
-البت “بطة” عارفة ناس عليوي!
انتبه إلى صوت “منسي” الذي ردد بخشونة وهو يلكز الحارس الأمني في كتفه بجراءة مقلقة:
-طب وسع كده يا أخ
أخفض الحارس نظراته ليحدق في موضع يد ذلك المتبجح، ثم رد عليه الأخير محذرًا:
-خد بالك الباشا مش أي حد يقدر يقابله أو …
قاطعه بعدم اكتراثٍ:
-ملكش فيه، دي مسائل عائلية!
ثم اتجه نحو الباب الحديدي المغطى بألواح زجاجية ليطرق عليه بعنفٍ وهو يصيح عاليًا بصوته الأجش:
-إنتوا يا اللي جوا، افتحوا الباب
دعمته “أم بطة” صارخة بحدةٍ وهي تضرب بيدها على الزجاج:
-بت يا “هالة”، ردي على أمك يا بت!
لم يستغرق الأمر سوى لحظات قليلة لتُفتح البوابة ويطل منها حارسان ضخام الجثة، سد الاثنان بجسديهما المدخل، بادر أحدهما متسائلاً بشراسةٍ ظهرت على تعابيره:
-إيه الغارة دي؟ فاكر نفسك فين!
رد عليه “منسي” بتحدٍ وقد تعمد ادعاء القوة أمامه:
-بلاش وحياة أهلك الشويتين دول، احنا مش جايين لجنابك!
رمقه الحارس الأمني بنظرات نارية مهددة، في حين صرخت فيه “أم بطة” بتشنجٍ وقد كادت تمسك بياقته:
-فين بنتي اللي خاطفينها جوا؟
دفعها الأخير بخشونة طفيفة ثم لوح الحارس بذراعه صائحًا بلهجة آمرة:
-امشي من هنا يا ست، إنتي مش عارفة إنتي عند مين؟
أجابه “منسي” بتهديدٍ وقد بدا غير عابئ بتبعات ما يفعل:
-لا عارفين، والبيه بتاعك هنعمله جناية ونصورله قتيل هنا لو مجبلناش بنت حتتنا
تبادل الحارس الأمني نظرات حائرة مع زميله دون أن يظهر أي تأثر على ملامحهما، هدرت “أم بطة” منفعلة:
-ناديلي بنتي من جوا بدل ما أعملكم فضيحة هنا
رد عليها الحارس الأمني باستهزاء وهو يزيح سترته للجانب ليظهر سلاحه الناري المرخص:
-باين عليكم شاربين، اتمشوا من هنا
هتف “منسي” بتحدٍ بعد جملته الأخيرة:
-لأ مش ماشيين
ثم أشهر مديته في الهواء ليهدده بها بحنقٍ:
-حتى لو فيها قطع رقاب، احنا يا قاتل يا مقتول!
ورغم ثقته الواضحة إلا أن الحارس الأمني استخف به، نظر له الحارس الآخر شزرًا قبل أن ينطق بتهكمٍ:
-شيل اللعبة دي أحسنلك
تحفر الحارسان للانقضاض عليه لكن تدخل “عبد الحق” سريعًا ليمنع تطور الأمور قائلاً بتروٍ:
-بص يا كابتن، من غير شوشرة وقلبة دماغ، احنا جايين ناخد أخت مراتي من جوا، فناديلها واحنا هنمشي
أضاف “منسي” قائلاً بنبرة غاضبة وقد احتقن وجهه:
-أنا عاوز خطيبتي من جوا
سأله الحارس الأمني بسخطٍ ساخر:
-وخطيبتك هتعمل إيه هنا؟
أجابه بتهكمٍ وقد قست عيناه:
-اسأل الباشا بتاعك، هو اللي خطفها من وسطنا
نفى الحارس الآخر مرددًا:
-محصلش، وبطلوا تخاريف
وكأنها قد فقدت آخر ذرات هدوئها لتنفجر صارخة بصوت غاضب مجلجل في المكان:
-يا “هالة”، إنتي يا بنتي، تعالي في حضن أمك!
عند تلك اللحظة انتبه كلاً من “يامن” و”هالة” للضجيج الحادث على مقربة منهما، كانت الأخيرة الأسرع في التحرك نحو البوابة لترى ما يحدث، تسمرت قدماها في مكانها وقد رأت بعينين متسعتين في فزعٍ “منسي” ووالدتها عند أعتاب الفيلا، ارتخت أناملها عن كتبها فسقطت على الأرضية العشبية، شحب وجهها وحل الخوف على قسماتها، بدت كالصنم عاجزة عن التفكير أو التحرك أو حتى الهروب والاختباء مما أتاح الفرصة لمن تبغضه أن تقع عيناه عليها، هدر “منسي” مناديًا بنبرة أوقعت قلبها في قدميها:
-“هـــالة”
تبعها “يامن” بخطوات متمهلة، توقف بجوارها لينظر إليها باستغراب، تعجب من حالة الوجوم غير المفهومة التي تشكلت على ملامحها، التفت برأسه للأمام ليطالع أصحاب الهيئة المتواضعة بنظرات مدققة، تساءل بصوتٍ مسموعٍ لها:
-مين دول؟
أجابته بكلمة واحدة عنت الكثير ودون تفكيرٍ:
-أهلى
استدار برأسه نحوها لينظر لها بغرابةٍ، رأى علامات الفزع جلية عليها، ردد متسائلاً:
-هما دول اللي ….
بتر سؤاله ملتفتًا إلى صاحب الصوت الخشن الهادر بقوةٍ:
-تعالي لخطيبك يا “هالة”، أمك مش هتتعرضلك
ارتجف بدنها من كلماته التي أنهت حلمًا قصيرًا بالخلاص منه، وجدت نفسها في مأزق لا مناص منه، سمعت بين ضلالاتها صوت “يامن” وهو يسألها:
-إنتي مخطوبة لده؟
أدارت رأسها ناحيته لتنظر إليه بعينين تحبسان الدمع فيهما، وجدت صعوبة في الرد عليه بالنفي أو التأكيد، شعر “يامن” بنغصة تؤلم قلبه لمجرد رؤيتها هكذا، شهقت منتفضة بخوفٍ وصوت والدتها يرن مهددًا:
-تعالي هنا يا بت بدل ما أعملك فضيحة، احنا معندناش غير الشرف يا حيلة أمك، جاية تتحمي في مين هنا؟ محدش دايملك غير أهلك
تمتمت “هالة” بصوت خفيض مختنق يوحي بكارثة أكيدة التقطته أذني “يامن”:
-أنا ضعت!
انسابت عبراتها بكثافة على وجنتيها، كانت مدركة لحقيقة الأمر، أنها لن تستطيع تلك المرة النجاة من مصيرها البائس، وفي نفس الوقت لن تسمح بإيذاء من مد لها يد العون بأي شكلٍ، لذا باستسلام وانكسار خطت بقدميها فوق كتبها الملاقاة لتسير بخنوعٍ صاغر في اتجاه البوابة، تبعها “يامن” بنظراتٍ جمعت بين الحيرة والضيق، وتلك المرة لم يقف في مكانه كالمتفرج الصامت، مشى مسرعًا ليسبقها ثم سد بجسده الطريق عليها لتنفلت منها شهقة مصدومة لتصرفه الصادم لها، انتصب في وقفته فبدا أكثر طولاً وتحفزًا وهو يتساءل بصلابة:
-عاوزين إيه منها؟ هي مش هتخرج من هنا!!
كانت “هالة” على وشك الاعتراض عليه لكنه رفع سبابته أمام وجهها آمرًا:
-ماتكلميش!
ابتلعت ريقها وهي تكاد لا تصدق ما يحدث، أيتدخل ذلك الغريب للدفاع عنها هكذا ببساطة؟ بل وهل سيرضخ أهلها لأوامره إن أملاها عليهم؟ تحرك بؤبؤاها بتوترٍ خائف نحو وجه “منسي” الغاضب والذي هتف متسائلاً من بين أسنانه المضغوطة:
-وإنت مين إن شاءالله؟
وكأن ذلك العرق المتغطرس قد نبض بقوة في جميع خلاياه ليرد عليه “يامن” بغرور وثقة:
-“يامن الجندي”!
تأهب “منسي” بمجرد سماع اسمه، فذلك اللقب دومًا مصحوبٍ بقوة مَعلُومة وخفية، بنفوذ مسيطر وتحكمات جلية، ادعى الثبات معلقًا باستخفافٍ ساخر:
-حصلنا الخضة
ثم أضاف بابتسامة متهكمة متعمدًا التحقير من شأنه وموجهًا الحديث لـ “عبد الحق”:
-قابل يا عم، دلدول جديد للبيه!
إهانة غير متوقعة من وقح سليط اللسان لا يعرف متي يتحكم في لسانه أو أفعاله، استشاط “يامن” غاضبًا يتوعده:
-هدفعك تمن غلطك ده!
رد “منسي” بتحدٍ:
-وريني يا سبع الرجال!
كتمت “هالة” شهقة مذعورة وهي ترى الاشتباك الوشيك بين الطرفين، أدركت بحدسها أن الصدام لن يكون في صالح عائلتها، بل سيطال الأذى الجميع، و”تقى” وزوجها لا يستحقان أن يزج بهما في مشاكل لا تخصهما، لذا صرخت بهيسترية رافضة تأزم الموقف أو تدهوره للأسوأ:
-كفاية بقى
ثم دفعت “يامن” بعصبية من كتفه لتتمكن من المرور، تفاجأ بفعلتها ونظر لها مذهولاً، طالتها قبضتي والدتها فجذبتها إليها، ثم أحاطتها بذراعيها لتضمن عدم انفلاتها منها، ورغم يقين “هالة” بأن ذلك الاهتمام الزائف والخوف المبالغ فيه ليسا إلا غلافًا لمصير أسود ينتظرها إلا أنها استسلمت لمقدماته، ففي النهاية هي صغيرة مراهقة لن تجابه العالم بأشراره بمفردها، رددت “أم بطة” على مسامعها بحنوٍ مصطنع:
-تعالي لحضن أمك يا حبيبتي، أخيرًا رجعتيلي
ردت “هالة” بهمسٍ باكٍ:
-خلينا نمشي، مش عاوزة فضايح يا ماما، أنا تعبت
أومأت برأسها هاتفة:
-حاضر يا عين أمك، المهم إنك كويسة
شددت من ضمها لها ثم وجهت حديثها إلى “منسي” قائلة:
-بينا ياخويا، مالوش لازمة وجودنا، بنتي بقت معايا وفي حضني
هز رأسه موافقًا وهو يرد:
-ماشي يا ست الكل
تأكد من ابتعادها بـ “هالة” ليكز على أسنانه كابتًا حنقه المشتعل بداخله لحظيًا، ثم حانت منه التفاتة نحو “يامن” يتوعده فيها بنظرات مظلمة:
-هنتقابل تاني، و”منسي” هيعلم عليك …………………….. ……………… !!
…………………….. ……………………..يتبع >>>>>
ساعدتها النسمات العليلة على الاسترخاء وإراحة عقلها المشحون مؤقتًا من الضغوط المتواصلة عليه، استلقت “هالة” على الأريكة الموجودة بالحديقة الغناء قاصدة استذكار دروسها، لكن مع ذلك الهدوء المغري بدأ سلطان النوم يتسلل رويدًا رويدًا إلى خلاياها ويصيبها بالخدر فاستسلمت لتلك الغفوة القصيرة تاركة كتابها مُلقى على صدرها، في تلك الأثناء، وصل “يامن” بسيارته إلى الباحة الخلفية للفيلا ليصف سيارته، ترجل منها واستدار متجهًا إلى الباب الرئيسي، دار بنظرات فاترة في أرجاء الحديقة، استوقفه لمحه لإحداهن تتمدد بأريحية على الأريكة، ضيق عينيه ليتأملها عن كثب، لم يدع لفضوله الفرصة ليحيره، بل غير وجهته وسار في اتجاهها، تباطأت خطواته مع رؤيته لوجهها مألوف الملامح، تفاجأ من وجودها رغم حديث “أوس” السابق عن بقائها معه، ردد لنفسه باندهاش متحمس:
-مش معقول، واضح إن حظي حلو المرادي
لم يشعر بتلك الابتسامة العذبة التي تشكلت على ثغره وقد طالت نظراته نحوها، تنحنح “يامن” بخفوت ثم داعب طرف أنفه بإصبعه بلزمة عفوية معتقدًا أنها ستنتبه لوجوده، لكن حدث العكس، بدت مستكينة تمامًا مما شجعه على الجلوس، وقبل أن يقدم على ذلك تلفت حوله ليتأكد من عدم متابعة أحد له، خاصة ابن عمه الكبير الذي لن يسلم من إحراجه أو توبيخه إن اكتشف قربه منها، تسلل بحذرٍ ثم جلس في مواجهتها ليطالعها بنظرات فضولية متشوقة، اتسعت ابتسامته قليلاً وهو يراها هادئة كصفحة من المياه، فهي في حالة سبات واضحة، قرر أن يراقبها في صمت، فلقاءاتهما القليلة دومًا تكون محفوفة بالمفاجآت المثيرة، لم تحرك “هالة” ساكنًا، فقط تململت عدة مرات وهي تحرك رأسها للجانبين مما منحه الفرصة لدراسة تفاصيل وجهها باستمتاع، أعجبه مداعبة الهواء لخصلات شعرها الهاربة من أسفل حجاب رأسها زهري اللون، تركز بصره على حركة جفنيها البسيطة، أخفض نظراته ليحدق في كتابها الموضوع عليها، استرعى انتباهه عنوانه فمال نحوها ليمد يده إليه، سحبه بحذرٍ شديد دون أن يوقظها، عاد ليجلس باستقامة على أريكته، قلب صفحاته بفتور، لم يكن سوى أحد المواد الدراسية، ابتسم بتهكم ورفع عينيه لينظر لها من جديد، تحفز حينما لاحظ أنها قد بدأت تفيق من غفلتها، ادعى انشغاله بقراءة فحواه، انتفضت “هالة” فزعة حينما وجدت أحدهم جالسًا قبالتها، بل وينظر لها بتفحصٍ أحرجها، أنزلت ساقيها معتدلة في نومتها غير المريحة وهي تنظر له بعينين متوترتين هاتفة فيه باندهاش مصدومٍ:
-إنت!
سألها بابتسامة صغيرة وقد بدا وجهه بملامح ثابتة:
-عاملة إيه؟
لم تجبه بل هبت واقفة على قدميها محاولة لملمة شتات نفسها، سألته بأنفاسٍ غير منتظمة:
-إنت جاي هنا ليه؟
ثم رأت كتابها بين يديه فانحنت نحوه لتلتقطه عنوة منه مكملة صياحها المزعوج:
-وهات كتابي!
رفع كفيه أمام نظراتها الحادة كتعبير عن عدم اعتراضه على تصرفها، ظلت ابتسامته مرسومة على جانبي شفتيه دون أن يعلق بحرف، ضمت “هالة” كتابها إلى صدرها ونظرت حولها باحثة عن “عفاف” أو أحد الخدم، لكنها لم تجد أيًا منهم، وكأن الوضع بات مهيئًا للقاء شاعري، عادت لتحدق في وجه “يامن” الذي وضع ساقه فوق الأخرى ممعنًا النظر فيها، سألته بنرفزة طفيفة:
-بتعمل إيه هنا؟
أجابها متسائلاً بقليل من الذكاء وابتسامته الخطيرة مازالت مرسومة على جانب فمه:
-مش غريبة إنك تسألي السؤال ده وإنتي موجودة عند ابن عمي؟!
تحرجت من رده المنطقي وانتشر ببشرتها حمرة خجلة ضاعفت من ربكتها المتوترة أمامه، ردت بخفوت متلعثم:
-عندك حق
ازدردت “هالة” ريقها ثم جمعت باقي كتبها المبعثرة مستعدة للرحيل، أوقفها “يامن” قبل أن تتركه وتنصرف بإمساكها من ذراعها، شهقت حينما رأت قبضته عليها، أبعد يده معتذرًا:
-سوري!
احتدت نظراتها نحوه فبادر موضحًا:
-كل الحكاية إني عاوز أطمن عليك
سألته بجمود وقد قست تعبيرات وجهها:
-عشان إيه؟
تحرج من إجابتها مباشرة وأطرق رأسه قليلاً ليرد متعللاً:
-عادي يعني، من غير سبب!
رمقته بنظرة حادة قائلة له باقتضابٍ:
-أنا كويسة
أوشكت على التحرك لكنه اعترض طريقها بجسده لتتراجع خطوة للخلف، لا يعرف ما الذي يحثه للحديث إليها أو حتى مشاكستها، لكنه يجد متعة غير مسبوقة في استدراجها في الكلام والتمتع بردود فعلها المختلفة في نفس التوقيت، تنهد قائلاً لها برجاءٍ:
-استني بس
رمقته بحدية وهي ترد متسائلة بتجهمٍ:
-في إيه تاني؟
ابتسم متسائلاً باهتمامٍ:
-عملتي إيه في مشكلتك؟
أجابته دون تفكيرٍ لتمنعه من التدخل في شئونها الخاصة:
-والله دي حاجة تخصني
للمرة الثانية أحرجته مباشرة فأخفى ارتباكه من جفافها معه ليبرر بلباقةٍ:
-أكيد، أنا فاهم ده، بس كنت عاوز أطمن عليكي!
استغربت للغاية من اهتمامه المريب وغير المقنع لها، كانت ملامحها أقرب للجمود عنها للاندهاش، ضغطت على شفتيها لتقول ببرود:
-شكرًا، عن إذنك
……………………..
في تلك الأثناء، نجح “منسي” في معرفة عنوان الفيلا المتواجدة بها “هالة”، ترجل مع أفراد عائلتها من سيارة الأجرة ليقفوا أمام المدخل الرئيسي لهذا المجمع السكني الراقي والمتحفظ، بالطبع حال مظهرهم الشعبي دون السماح لهم بالولوج إلى الداخل، ومع ذلك وأمام إصرارهم الشديد وافتعالهم للمشكلات التي ربما قد توتر الأجواء وتثير الفضائح، ودَّت “بطة” لو استطاعت تحذير أختها، لكن سُحب هاتفها المحمول منها قسرًا فمنعت من ذلك وبالتالي حرمت من فرصة ثمينة للفرار قبل أن يصلوا إليها، تركت في منزلها تضرب كفًا بالآخر متضرعة إلى المولى أن يحفظ “هالة” من بطش أمها ومن معها، لم يجد “منسي” ومن معه صعوبة في بلوغ وجهتهم، خاصة أن أحد أفراد الأمن سار بصحبتهم إلى هناك، أشار الأخير بيده نحو باب الفيلا الحديدي قائلاً برسمية وهو يمرر نظراته المزعوجة على وجوههم:
-دي فيلا “أوس” باشا
انفرجت شفتي “أم بطة” عن دهشة مبهورة وهي تجوب بعينين متسعتين تفاصيل المكان، رددت مع نفسها بانبهارٍ:
-إيش إيش على الهلومة والأبهة
بينما ردد “عبد الحق” لنفسه بإعجابٍ:
-البت “بطة” عارفة ناس عليوي!
انتبه إلى صوت “منسي” الذي ردد بخشونة وهو يلكز الحارس الأمني في كتفه بجراءة مقلقة:
-طب وسع كده يا أخ
أخفض الحارس نظراته ليحدق في موضع يد ذلك المتبجح، ثم رد عليه الأخير محذرًا:
-خد بالك الباشا مش أي حد يقدر يقابله أو …
قاطعه بعدم اكتراثٍ:
-ملكش فيه، دي مسائل عائلية!
ثم اتجه نحو الباب الحديدي المغطى بألواح زجاجية ليطرق عليه بعنفٍ وهو يصيح عاليًا بصوته الأجش:
-إنتوا يا اللي جوا، افتحوا الباب
دعمته “أم بطة” صارخة بحدةٍ وهي تضرب بيدها على الزجاج:
-بت يا “هالة”، ردي على أمك يا بت!
لم يستغرق الأمر سوى لحظات قليلة لتُفتح البوابة ويطل منها حارسان ضخام الجثة، سد الاثنان بجسديهما المدخل، بادر أحدهما متسائلاً بشراسةٍ ظهرت على تعابيره:
-إيه الغارة دي؟ فاكر نفسك فين!
رد عليه “منسي” بتحدٍ وقد تعمد ادعاء القوة أمامه:
-بلاش وحياة أهلك الشويتين دول، احنا مش جايين لجنابك!
رمقه الحارس الأمني بنظرات نارية مهددة، في حين صرخت فيه “أم بطة” بتشنجٍ وقد كادت تمسك بياقته:
-فين بنتي اللي خاطفينها جوا؟
دفعها الأخير بخشونة طفيفة ثم لوح الحارس بذراعه صائحًا بلهجة آمرة:
-امشي من هنا يا ست، إنتي مش عارفة إنتي عند مين؟
أجابه “منسي” بتهديدٍ وقد بدا غير عابئ بتبعات ما يفعل:
-لا عارفين، والبيه بتاعك هنعمله جناية ونصورله قتيل هنا لو مجبلناش بنت حتتنا
تبادل الحارس الأمني نظرات حائرة مع زميله دون أن يظهر أي تأثر على ملامحهما، هدرت “أم بطة” منفعلة:
-ناديلي بنتي من جوا بدل ما أعملكم فضيحة هنا
رد عليها الحارس الأمني باستهزاء وهو يزيح سترته للجانب ليظهر سلاحه الناري المرخص:
-باين عليكم شاربين، اتمشوا من هنا
هتف “منسي” بتحدٍ بعد جملته الأخيرة:
-لأ مش ماشيين
ثم أشهر مديته في الهواء ليهدده بها بحنقٍ:
-حتى لو فيها قطع رقاب، احنا يا قاتل يا مقتول!
ورغم ثقته الواضحة إلا أن الحارس الأمني استخف به، نظر له الحارس الآخر شزرًا قبل أن ينطق بتهكمٍ:
-شيل اللعبة دي أحسنلك
تحفر الحارسان للانقضاض عليه لكن تدخل “عبد الحق” سريعًا ليمنع تطور الأمور قائلاً بتروٍ:
-بص يا كابتن، من غير شوشرة وقلبة دماغ، احنا جايين ناخد أخت مراتي من جوا، فناديلها واحنا هنمشي
أضاف “منسي” قائلاً بنبرة غاضبة وقد احتقن وجهه:
-أنا عاوز خطيبتي من جوا
سأله الحارس الأمني بسخطٍ ساخر:
-وخطيبتك هتعمل إيه هنا؟
أجابه بتهكمٍ وقد قست عيناه:
-اسأل الباشا بتاعك، هو اللي خطفها من وسطنا
نفى الحارس الآخر مرددًا:
-محصلش، وبطلوا تخاريف
وكأنها قد فقدت آخر ذرات هدوئها لتنفجر صارخة بصوت غاضب مجلجل في المكان:
-يا “هالة”، إنتي يا بنتي، تعالي في حضن أمك!
عند تلك اللحظة انتبه كلاً من “يامن” و”هالة” للضجيج الحادث على مقربة منهما، كانت الأخيرة الأسرع في التحرك نحو البوابة لترى ما يحدث، تسمرت قدماها في مكانها وقد رأت بعينين متسعتين في فزعٍ “منسي” ووالدتها عند أعتاب الفيلا، ارتخت أناملها عن كتبها فسقطت على الأرضية العشبية، شحب وجهها وحل الخوف على قسماتها، بدت كالصنم عاجزة عن التفكير أو التحرك أو حتى الهروب والاختباء مما أتاح الفرصة لمن تبغضه أن تقع عيناه عليها، هدر “منسي” مناديًا بنبرة أوقعت قلبها في قدميها:
-“هـــالة”
تبعها “يامن” بخطوات متمهلة، توقف بجوارها لينظر إليها باستغراب، تعجب من حالة الوجوم غير المفهومة التي تشكلت على ملامحها، التفت برأسه للأمام ليطالع أصحاب الهيئة المتواضعة بنظرات مدققة، تساءل بصوتٍ مسموعٍ لها:
-مين دول؟
أجابته بكلمة واحدة عنت الكثير ودون تفكيرٍ:
-أهلى
استدار برأسه نحوها لينظر لها بغرابةٍ، رأى علامات الفزع جلية عليها، ردد متسائلاً:
-هما دول اللي ….
بتر سؤاله ملتفتًا إلى صاحب الصوت الخشن الهادر بقوةٍ:
-تعالي لخطيبك يا “هالة”، أمك مش هتتعرضلك
ارتجف بدنها من كلماته التي أنهت حلمًا قصيرًا بالخلاص منه، وجدت نفسها في مأزق لا مناص منه، سمعت بين ضلالاتها صوت “يامن” وهو يسألها:
-إنتي مخطوبة لده؟
أدارت رأسها ناحيته لتنظر إليه بعينين تحبسان الدمع فيهما، وجدت صعوبة في الرد عليه بالنفي أو التأكيد، شعر “يامن” بنغصة تؤلم قلبه لمجرد رؤيتها هكذا، شهقت منتفضة بخوفٍ وصوت والدتها يرن مهددًا:
-تعالي هنا يا بت بدل ما أعملك فضيحة، احنا معندناش غير الشرف يا حيلة أمك، جاية تتحمي في مين هنا؟ محدش دايملك غير أهلك
تمتمت “هالة” بصوت خفيض مختنق يوحي بكارثة أكيدة التقطته أذني “يامن”:
-أنا ضعت!
انسابت عبراتها بكثافة على وجنتيها، كانت مدركة لحقيقة الأمر، أنها لن تستطيع تلك المرة النجاة من مصيرها البائس، وفي نفس الوقت لن تسمح بإيذاء من مد لها يد العون بأي شكلٍ، لذا باستسلام وانكسار خطت بقدميها فوق كتبها الملاقاة لتسير بخنوعٍ صاغر في اتجاه البوابة، تبعها “يامن” بنظراتٍ جمعت بين الحيرة والضيق، وتلك المرة لم يقف في مكانه كالمتفرج الصامت، مشى مسرعًا ليسبقها ثم سد بجسده الطريق عليها لتنفلت منها شهقة مصدومة لتصرفه الصادم لها، انتصب في وقفته فبدا أكثر طولاً وتحفزًا وهو يتساءل بصلابة:
-عاوزين إيه منها؟ هي مش هتخرج من هنا!!
كانت “هالة” على وشك الاعتراض عليه لكنه رفع سبابته أمام وجهها آمرًا:
-ماتكلميش!
ابتلعت ريقها وهي تكاد لا تصدق ما يحدث، أيتدخل ذلك الغريب للدفاع عنها هكذا ببساطة؟ بل وهل سيرضخ أهلها لأوامره إن أملاها عليهم؟ تحرك بؤبؤاها بتوترٍ خائف نحو وجه “منسي” الغاضب والذي هتف متسائلاً من بين أسنانه المضغوطة:
-وإنت مين إن شاءالله؟
وكأن ذلك العرق المتغطرس قد نبض بقوة في جميع خلاياه ليرد عليه “يامن” بغرور وثقة:
-“يامن الجندي”!
تأهب “منسي” بمجرد سماع اسمه، فذلك اللقب دومًا مصحوبٍ بقوة مَعلُومة وخفية، بنفوذ مسيطر وتحكمات جلية، ادعى الثبات معلقًا باستخفافٍ ساخر:
-حصلنا الخضة
ثم أضاف بابتسامة متهكمة متعمدًا التحقير من شأنه وموجهًا الحديث لـ “عبد الحق”:
-قابل يا عم، دلدول جديد للبيه!
إهانة غير متوقعة من وقح سليط اللسان لا يعرف متي يتحكم في لسانه أو أفعاله، استشاط “يامن” غاضبًا يتوعده:
-هدفعك تمن غلطك ده!
رد “منسي” بتحدٍ:
-وريني يا سبع الرجال!
كتمت “هالة” شهقة مذعورة وهي ترى الاشتباك الوشيك بين الطرفين، أدركت بحدسها أن الصدام لن يكون في صالح عائلتها، بل سيطال الأذى الجميع، و”تقى” وزوجها لا يستحقان أن يزج بهما في مشاكل لا تخصهما، لذا صرخت بهيسترية رافضة تأزم الموقف أو تدهوره للأسوأ:
-كفاية بقى
ثم دفعت “يامن” بعصبية من كتفه لتتمكن من المرور، تفاجأ بفعلتها ونظر لها مذهولاً، طالتها قبضتي والدتها فجذبتها إليها، ثم أحاطتها بذراعيها لتضمن عدم انفلاتها منها، ورغم يقين “هالة” بأن ذلك الاهتمام الزائف والخوف المبالغ فيه ليسا إلا غلافًا لمصير أسود ينتظرها إلا أنها استسلمت لمقدماته، ففي النهاية هي صغيرة مراهقة لن تجابه العالم بأشراره بمفردها، رددت “أم بطة” على مسامعها بحنوٍ مصطنع:
-تعالي لحضن أمك يا حبيبتي، أخيرًا رجعتيلي
ردت “هالة” بهمسٍ باكٍ:
-خلينا نمشي، مش عاوزة فضايح يا ماما، أنا تعبت
أومأت برأسها هاتفة:
-حاضر يا عين أمك، المهم إنك كويسة
شددت من ضمها لها ثم وجهت حديثها إلى “منسي” قائلة:
-بينا ياخويا، مالوش لازمة وجودنا، بنتي بقت معايا وفي حضني
هز رأسه موافقًا وهو يرد:
-ماشي يا ست الكل
تأكد من ابتعادها بـ “هالة” ليكز على أسنانه كابتًا حنقه المشتعل بداخله لحظيًا، ثم حانت منه التفاتة نحو “يامن” يتوعده فيها بنظرات مظلمة:
-هنتقابل تاني، و”منسي” هيعلم عليك ……………………..
……………………..