زوجتي طفلتي للكاتبة يارا الحلو
زوجتي طفلتي للكاتبة يارا الحلو
1
“انا تعبت”
تلفظتها فتاة في السادسة عشر من عمرها بقهر و بنواح مصاحبه صوت بكاءها المرير الذي يشكل اثر درامي حزين..
لم تترك الدموع سبيل لعينيها كانت ملقاه بضعف داخل احضان صديقتها.. تدفس رأسها بها فلا مناجي بعد وفاه والدها الذي مات بعد صراع قوي مع مرض خبيث..مات سندها حبيب عمرها اول رجل بقلبها و تركها بين ذئاب بشرية ضارة تلتهمها فقط في ضعفها تحت قناع البراءه..تدرك بـأن عمها لا يقيم معها في قصرها لـحفاظ علي ابنة شقيقه فـهو شيطان و من المؤكد ان له مصالح هو و ابنه (فارس) ذالك الوغد الذي اتفق هو و والده علي زواجه لها حينما تبلغ السن القانوني و حينما ينتهي هو الاخر من دراسته..بالتأكيد ان سر هذه الزيجة خلف ورثها العظيم التي تعد ملاين بالنسبة له..
تبكي علي حالها لما فارقها والدها في هذا الوقت العصيب التي تحتاجه بها لما هاجرها لينعم بالجنة بينما هي تجالس الشياطين في غيابه…
اخذت نفس عميق محاولة كتم دمعيها التي سكنت علي وجنتاها الناعمة البيضاء الممتزجة بـلون الوردي الرقيق الذي يعد ترابط ساحر..امتصت شفتيها السفلي و اعتدلت جالسة باستقامة متوجهه بنظرها لـصديقتها المشفقة الحال عليها..
ازاحت دمعاتها عن عينيها و قالت بصوت خافض مؤلم يخرج من ثغرها بالغصب :
-حنان سبيني لوحدي روحي انتي .
اسرعت حنان –صديقتها- بالاجابه :
-لا يا سمر انا…
قاطعتها سمر بإلحاح باكي :
-الله يخليكي سبيني , امشي .
رفقت علي حال صديقتها الوديعة , ربتت علي شعرها الكستنائي المستسلم علي ظهرها بـابداع فني و غادرت غرفتها ما ان اغلقت باب الحجره لتفيض هي بدموعها ثانياً…تمسكت بوسادتها و احتضنتها بقوة مستمدة منها طاقتها التي افرطتها في البكاء و الصيام عن الاكل طوال ايام العزاء..
فجأه انفتح باب غرفتها بقوة لتنتفض معتدلة نصف جالسة حاولت معرفة من هذا المقتحم الغبي الذي يدلف لغرفة فتاه بتلك الهمجيه تفاجأت به حينما ظهر المجهول فارس..
تراجعت لخلف بخوف فكان يتفحص شكلها بدقة و تركيز و كانه فنان علي وشك رسمها…
-ايه يا عروسة مش هتاكلي معانا .
قالها فارس –ابن عمها- ذالك الشاب البالغ واحد و عشرون من عمره يملك جثة ضخمه تتعدي جسدها بمراحل فهي تشبه العصفور في نحافة جسدها..
كرهت تلك النظرات الشهوانيه رغم انها ترتدي الحجاب الشرعي لم تعد تتحمله لتصيح به غاضبه فقد زاد الحمل فوق طاقتها :
-اطلع برة يا فارس…برةةة .
تضايق من اسلوب امرها الملئ بالتكبر تلك القطة مشابهة لوالدها –رحمه الله- ابتسم بإسخرية و جلس طرف فراشها لتهرول واقفة و تمسك طرحة ملقاه علي الكرسي و تحاوط به شعرها بطريقة عشوائية رغم محاولتها الجاهدة في اخفاء شعرها المحرم علي تلك الكائن الا ان مذال بعض الخصل منسدلة كالحرير من حجابها..
قام من مجلسه و عقد حاجبيه لتصيح ثانياً بلهجة امر غاضبة :
-اخرج برة انت مبتفهمش .
ضغط علي شفتيه السفلي و الغضب يملئ عينيه فجأه سمع صوت هتاف والده منادياً له بعجلة ليلقي علي تلك العصفور نظرة متوعدة و يهم بالخروج ما ان خرج لترمي بجسدها علي الفراش بعياء فقد وقع قلبها بين قدميها من نظراته الجريئة الوقحة…رفعت بانظارها لسماء مستنجدة بربها من ذلك الكائن البغيض..
اسند بجسده البدين علي كرسي المماثل امام المكتب و هو يفتحص بعض الاوراق التي بادت مهمة له فهي تعد املاك شركة شقيقه المتوفي.
ضغط علي شفتيه ليشدد بتركيزه علي تلك الملفات انها بالفعل ثورة فكل شيء بها يسير بشكل ممتاز , دلف ولده البكري لـغرفة المكتب :
-ايوة يابا .
– كنت فين يا ولا .
تنحنح بحرج :
-عند سمر كنت بسألها لو هتأكل .
تجاهل كلامه بصورة اقتضابيه و هو يلملم الورق بانهماك قائلاً :
-سيبك من سمر بقي و عايز بقي نشوف هنعمل ايه في الشركة ديه..صلاح مكتبش الشركة تبقي ملك لمين يبقي احنا الاحق ليها .
زفر بحنق من كثرة مطلبات والده ليقول :
-عنيا يا بابا عاوز حاجة تانية .
لم يأتيه رد ليتنهد و يرتجل من الغرفة ذاهباً لـتقضيه ليلة مع اصدقاءه في احدي الملاهي الليلية برفقة نساء لا حياء لهن..
في غضون شروق الشمس كانت قد استيقظت لتوها اخذت حمامًا يرخي اعصابها من ألم الزمن و اللعابه القذرة .
لا تعلم بماذا يجب ان تفعل في قصرها اثناء تواجد رجلين من صنف الذئاب في مكرهما , ارتدت اجمل ما في خزانتها و راحت علي نافذتها لتثني برأسها علي شرفتها التي تطل علي حديق ما اجمل ربيع زهورها..
استلقت برأسها علي سور الشرفة و شعرها الكستنائي منسدل بجانبها بشكل مغري , اغمضت عينيها حالمة بمستقبلها في هذا القصر مع عمها و فارس الذي سيكون بعد اقل من سنتين زوجها شرعاً وجدت نفسها تلقائياً تعاود لجرعة البكاء الصامت , تشعر بـأنها دمية ليس لها راي في ايه شيء..
انقطع خيط خيالها حين سمعت صوت بوق سيارة عمها و هو يخرج خارج بوابة القصر عقدت حاجبيه تعجباً , الي اين يذهب هذا الرجل..
صمتت لوهلة لتدرك انها الان بين يدي فارس او هو الذي بين يديها..
مدد بقدميه امام الطاولة الصغيرة المتواجدة امام التلفاز و تمعن بجثته علي الاريكة غير مبالي بمستوي الراقي المتواجد به..
كان يأكل بعض “اللب” و يصقب بقشرته علي السجاد البنفسجي ذو منظر فخم..
جلست بـجانبه و نظراتها تحمل كل انواع الاشمئزاز اعتدلت جالسة باستقامة انثي مغرورة و رفعت اعينها الحادة له لتقول :
-ايه القرف الي حضرتك عامله ده روح اكنس الارض..و نضف الارض انت في بيت اغلي منك .
ادار محور رأسه تجاها مظن انها عادت من رحلة اكتئابها و عاودت مُزحها السخيف ليقول بِـاستهزاء :
-يلا يا بت اجري من هنا
-مبهزرش اكنس الهباب ده و لم رجلك ديه احترم نفسك علي الاقل..و اه روح جبلي فطار .
-خدام ابوكي انا .
-اومال جي تقعد في بيتي من غير لزمة .
ثم قامت من مكانها بقامتها القصيرة التي لا تتعدي المتر و النصف ترجلت من الصالة و كـأنها لم تقل شيئًا لتوها , صعدت لغرفتها لتظهر ابتسامة خبيثة علي شفاتيها , فككت حجابها الذي حاصر جمالاً , لا ينال شرف رؤيته الكثير..
جلست علي فراشها كانت تعلم انه سينفذ مطالبتها السخيفة ليس لحبه لها بالطبع بل لـعشقه لـمال , تلك الورقات في استطاعتها اسقاط لُعاب المرء بحركة اغرائية منها..فنحن في زمن السيد هو مالك المال اصبحت الخلق تراث قديم يندر من يملكه..
استلقت علي فراشها و اخذت تنظر للأعلي و دموعها تعاكس مسيرها و تتمايل علي خدها كسائر تائه يبحث عن يد تجففه و تمحيه..تتمني بالفعل سند يحاصرها بذراعيه من الهبوط ارضاً..
تريد من ينجدها من الغريق و يدفعا لحياه بروح انقي..
ارتدت حجابها القطني مجدداً اخذت طريقها لـصالة لم تجد اثارًا لـقشر “اللب” تحفزت من داخلها فقد انصت لـاوامرها من دون تعقيد..فجأة بدأت بسمع صوت انين صغير يصدر من المطبخ عقدت حاجبها بتعجب فهي علي علم بأن كل الخدم في اجازة الان باستثناء “زينب” الطباخة..
اتجهت لـمطبخ بخطواط صغيرة لتتفاجئ بهما يقبلان بعضهما تراجعت لـخلف بشهقة قوية من شدة صدمتها من رؤية ذالك المشهد الخادش لحياء..
التفت لها فارس حينما سمع صوتها , ابتسم ببسمة صغيرة و تفحص نظارتها الخجولة فقد توردت وجنتياها خدش حياءها هذا الوقح بأفعاله البذيئة..
فارس و هو يوجه بحديثه لـزينب و يطلق لها غمزة خبيثة :
-زينب طلعيلي العصير
و خطي بخطواطه ناحية سمر و قرص خدها الوردي قائلًا ببرود محاولًا استفزازها :
-الفطار هتلاقيه علي السفرة يا عسل
نفرت بوجهه منه لعله يتركها هذا اللئيم , ابتعد عنها و صعد لغرفته متجاهلًا اياها..التفتت سمر باندفاع لـزينب و صاحت بها بغضب :
-مشوفش وشك هنا تاني فاهمة
زينب بقلق و صوت اوشك علي البكاء :
-هة انا اسفة يا هانم واللـ
-براااا بقولكـ
اسرعت زينب بالركض من امامها في تلك اللحظة , كانت في حالة لا تسر تريد الان ان تراه يشتعل بين النيران امامها..لتقفز فكرة شيطانيه و قالت بصوت هامس :
-عاوز عصير عيوني
اعدت عصير برتقال لذيذ و اخذت تصبه في كأس انيقة تظهر عليه الفخامة و هنا بدأت في اعداد خطتها بنجاح..
وقفت علي اطراف اصابعها و بحثت عن هذه الحبوب البيضاء لتلامسها و تتمسك بها بين يديها و الابتسامة تتصاعد علي شفتيها..
طرقت الباب عليه بهدوء خبيث , هدوء تتوعده بعدها بعذاب أليم , فتح الباب و نظر بـمكر قائلاً :
-ايه ده سمر هانم بنفسها قدامي..رغم اني كنت عاوز زينب
و اخذ نظرة سريعة لجسدها الانوثي :
-بس مش مشكلة يعني
مدت يدها بـالعصير قائلة بحزم :
-اتفضل
امسك يدها مع كوب العصير لتفلت يدها سريعاً :
-عن اذنك
فرت من امامه مسرعة و اتجهت ناحية غرفتها لتغلق بابها بالمفتاح جيدًا , اسندت بجسدها علي الباب و الابتسامة الواثقة علي ملامحها..
اخذ رشفة من ذالك العصير التي اعدته بيديها الناعمة..تنهد بهيام و هو يتخيل تلك الفريسة تتمايل بين يديه يومًا..لها جذابية لا يجدها في اية فتاه عرفها لتوه..دائمًا ما يجد بها ما يميزها عن الاخريات..
مر بيده علي شعره الاسود الكثيف , يتمني ان يحصل علي تلك الحواء الشهية..
افرغ الكوب و وضعه بجانبه ليكمل ما كان يفعله علي جواله كان وقتها بدأ بمفعول الحبوب بالتصارع في معدته..وضع يده علي بطنه و اتسعت عينيها بألم شعر انه في حاجة لـدورة المياه سريعاً..
كانت تراقبه في سكون علي بعد كيلو مترات و الضحك المصطنع لا يفارق ثغرها كم اطلقت ضحكة رقيقة عندما وجدته يعاود الدخول لمرحاض ثانياً , كانت محاولة ناجحة في اضحاك نفسها و خروجها من بحر احزانها الذي يجذبها كل يوم لـعماقه مصراً علي قتلها حية..
عاد عمها من غيابه الذي طال اكثر من خمس ساعات كانت في تلك الساعات استطاعت ان تأخذ تارها من ابن عمها بالعابها الطفولية الخبيثة..
شق هتافه عواميد الهدوء التي تسكن المكان قبل مجيئه :
-فارس..فارس .
نهض فارس من مكانه و فر مسرعاً مجيباً لنادئ والده المُلح علي اذنيه..
دلف لمكتب عمه الذي احتله والده بطريقة استبدادية , جلس علي اقرب اريكة وجدها و مدد قدميه علي الطولة قائلاً :
-ايه يا بابا في حاجة
-في اخبار هتعجبك يا ولا
-ايه يابا
-الشركة قول خلاص بقيت لابوك اتفقت مع راجل هيظبطلنا ورق كدة مهم عشان محدش يفتح بوءه رغم ان الشركة من حقنا في الاصل
اعتدل ببهجة امتلأت ملامحه :
-تكلم جد يابا..احسن بردو
-بس انت ياض هشغلك فيها و لو اتظبط في المواعيد ليك مكافأه
تحمس و انصت بكل خلايا في جسده لـيقول والده بخبث :
-هجوزكـ سمر
و من خلف جدران المكتب تجلس سمر الي انهارت من تلك الصدمات التي اندفعت فجأة عليها بوحشية..
أهي اصبحت عروس تترواح بين ايديهم , تصبح مكافأه لبعضهم و يذهب حقها كالسراب..
اطلقت صيحة عالية ساكنة تخرج من عمق نزيف قلبها الذي بدي كالثور الهائج..انهكتها الحياه و نجحت في تدميرها…
اراح برأسه علي الكرسي و هو يغمض عينيه مستمتعاً بهذا السيناريو الذي اعده داخله حين يقابلها..
كيف هي ؟
ما حالها ؟
هل هزمها وفاه والدها ؟
اطلق تنهيدة قوية مرتخية باعصابه هو الان في طائرته عائداً لـمصر او لها…
الجنون يتحكم بها الان , لن يفوز عمها الوقح بتلاعيبه من تحت الطاولة ستنهي كل شئ..
أهو سعيد بورق الشركة التي اصبحت له الان..ايمن الله ان تهدم سعادته..
تسللت لمكتبه حينما ادركت بوجوده في الصالة في هذا الوقت يشاهد مبارة كرة القدم و كأن لم يمت والدها منذ شهرين..
اخذت تتفحص المكتب بنهم حتي وجدت ملفاً يبدو انه المطلوب..
ابتسمت ابتسامة شيطانية و اخرجت القدحة من جيبها لتشعلها و تقربها من تلك الورق و السعادة تلتهم عينيها..
فجأة سمعت سبه لها بالاب و صياحه العال..اطفأت القدحة و تراجعت سريعاً بخوف و صراخ قائلة :
-هدي اعصابك ياعمو انا كنت بهزر
-بتهزري بورق الشركة يا بنت الك**
امسك بعصا خشبية متواجدة كـزينة ليس اكثر..لكن علي ما تظن ان عمها لا يفهم فـالزينة اطلاقاً اقترب منها بالعصا متوعد بتلقينها درساً :
-يختاااااي .
صرختها سمر و هي ترتجل مفلتة منه خارج المكتب , اصراره علي ضربها يتزايد اخذ يركض خلفها بقوة , كانت تسرع من قدميها و هي في اشد حالة الرعب..
في حين ركضها , وجدت شاب طويل القامة ضخم الجثة بجسد متناسق و ذقن حليقة دائماً لا تعرف من اين جاء ؟ او من هو ؟ , لكن لم تجد حل غيره هجمت عليه بخوفها و همومها لتتمسك بقميصه بعنف و هي تصيح :
-اللحقني منه
و التفتت خلف ظهره قائلة ببكاء مصطنع :
-اللحقني دة حرامي عاوز يقتلني
عقد حاجبيه لـادراكه بأنه عمها اتخدعه تلك اللئيمة , يبدو انه سيواجه الكثير من المصاعب مع معاشرة تلك المشاغبة الشقية الخبيثة..
تمهل عمها عن الركض و وقف لوهلة و اعتدل من هيئته ناظراً له بتفحص :
-انت مين يا راجل انت اطلع برة بيتي
اطلق ذالك الشاب ضحكة ساخرة و اغلق منتصف ازرار حلته و استقام بظهره قائلاً باستهزاء :
-انت الي ايه الي مقعدك في بيتي..
ثم اكمل و هو يفسح مجالاً واسعاً بذراعيه :
-انا ابقيي حضرتك صاحب القصر و الشركة
-نعم يا اخويا اطلع برة يلا يا نصاب
و كأنه لم يكن يسمعه لتوه , اشار بكفه بطريقة انيقة لـسمر :
-و حتي سمر , سمر تبقي مراتي..بابها الله يرحمه جوزهالي قبل ما يموت بعقد شرعي حضرتك بقي كنت بتقول ايه
اشارت سمر لنفسها و ضحكت قائلة :
-انا !!
لم تلبث ان قالتها لتقع علي الارض مغشي عليها..
.
.