زوجتي طفلتي للكاتبة يارا الحلو

23* الاخيرة
أخذ نفس عميق و استطرد قائلًا بحدة :
-و علفكرة بقي يا حلوة..محدش مجبر في الجوازة دية الا ابوكي..
اتسعت عينيها بدهشة :
-بابا ازاي هو إلي ا…
قاطع جملتها بعينين ثاقبة :
– لو عايزة تعرفي كل حاجة تعالي معايا البيت و انا هحكيلك..
نظرت له بعمق و التوتر و الذعر يتلهمان قلبها بوحشية ، تريد ان تعرف ما يدور في باله ، لما هذا الغموض الذي ملأ عينيه تلك !
متي سيكف عن العبث بمشاعرها ؟ لم تجيب و اخذت الصمت ملازم فأصبح الصمت هو سيد الموقف الان..امسك بيدها و جذبها اليه برفق لم تستطع الرفض ، فأسلمت له نفسها و قررت سماع كلماته لعلها تكون اخر مرة تنصت لأوامره..!


دلفت الي المنزل بكل ثقة و شموخ ، لم يفتح اي احاديث فقد كان يدرب لسانه علي كيف سيفصح عن سره الصغير..
يحاول ان يتخيل رد فعلها فهي قطة لكن ذات مخارب حادة مسممة ، روض اعصابه و أغلق باب المنزل..ليتجه صوبها مبتسمًا ابتسامة صفراء..
– اقعدي
قالها بأمر ، كهفرت وجهها و قالت بحنق :
– بقولك اية..قول الي عندك انا مش فاضية..
– لية ورا الهانم اية..عاوزة تهربي تاني و لة اية..
– لا مش ههرب بس انت الي هطلقني..
نجحت في إستفزازه و إثاره اعصابه ، لتعلو ملامح الغضب وجهه الوسيم و تبرز عروق يده ، شعرت بالقلق لتسرع بالجلوس علي اقرب مقعد يقابلها..وضعت رجلها فوق الاخري بتكبر ، جلس في المقعد المواجه لها و امسك بيدها عانقها بأصابع يده و قال بهدوء و سكينة علي غير عادته :
– سمر ياريت تسمعي كلامي و تشغلي عقلك شوية و حكاية الطلاق اطرديها من دماغك لأنها مستحيلة..
قاطعته بإسراع :
– عشان بابا قالك مطلقنيش..يبقي عادي انا ممكن ارفع قضية خلع..
ضغط علي يدها و جهر بصوته فقد استشاط غضبًا :
– سمر بطلي غباوة الله يكرمك..
صمتت علي مضض و قررت الإنصات بتركيز و أغلاق فمها الثرثار المثرثر بغير فائدة..
أغمض عينيه بأسي و اخذ يقض ما حدث بالتفصيل..:
عقد ذراعيه و الغضب يتصارع في قلبه و هو يسمع اجابة الرفض من صلاح ، لم يوافق علي تلك الزيجة التي له..حياة !
يريد العيش مع تلك الطفلة الحسناء سيعتني بها و يراعي شؤونها كـ أب لكن جاء الرد الصادم و حطم كل احلامه الرغدية و أغلق ابواب الحياه في وجهه ، كهفر وجهه بحنق :
– انا نفسي اعرف انا اتعيب في ايه عشان حضرتك ترفضني ، سمر هتجوز في يوم من الايام و مش هيحصل حاجة لو اتجوزتني من دلوقتي هي اصلا مصيرها هتجوز..
صب كأس عصير البرتقال و سار تجاهه بـ “روب” ازرق طويل و بنطال ازرق كالحرير زين بنقاط سوداء رداء منزلي يعطي الشعور بالفخامة و الثراء :
– مازن..انت كبير اوي انك تبص لبنت عندها 17 سنة اكيد محبتهاش و هي..هي من حقها تختار الراجل الي نفسها فيه..
بتر جملته بعناد :
– زمان كانوا بيتجوزوا من غير ما يشوفوا بعض حتي..
هز رأسه بالنفي و أخذ رشفة من عصير البرتقال :
– احنا مش في زمان يا مازن ..انسي اني اجبر سمر علي حاجة زي دية..انسي انك تجوز سمر يا مازن..
اعترض بانفعال :
– لا علفكرة هي هتوافي لما حضرتك توافق..حضرتك بتقول اني في مقام ابنك يبقي لية بقي ثقتك اتهزت فيا..
و تسائل بإستغراب :
– هو انا ظهر مني حاجة وحشة..
– لا..و انا ثقتي متهزتش فيك بس متنساش انت دخلت السجن يا مازن..
اسرع بالدفاع عن نفسه و تبرير حاله :
– بس حضرتك عارف اني دخلت ظلم..
– بس السجن علمك حاجات وحشة،،حتي بص انت منفعل ازاي رغم اننا بنتناقش عاد..انت بقيت اناني و عنيف و انا بنتي عمرها ما هتقبل تتعامل بعنف و اظن ان بنتي لو حد زعقلها ممكن تنهار..انا مبهزرش بس سمر جبانة و انطوائية و انت جرئ و عنيف و ممكن تمد ايدك عليها في يوم من الايام..بص يا مازن انت و سمر شمس و قمر يعني مستحيل تتقابلوا..
– لا الحب ممكن يعمل اي حاجة و انا موافق اتخلي عن كل حاجة عشان خاطرها و مستحيل امد ايدي عليها انا مش حيوان..
– انت ايدك سابقة لسانك..مبتفكرش في كل المواقف..و سمر محتاجة معاملة خاصة..
– انا بحب سمر من و هي عندها 15 سنة..!
– مشتحيل تكون بتحبها اكيد معجب بيها..
– ما علينا انا عاوز اتجوز سمر..
اندفع صلاح بضيق و قال في غضب :
– اجوز بنتي لواحد بتاع نسوان و كل يوم بيبقي سهران في night club خليك مكاني و انت هتعرف ردي..انا بنتي لو رئيس الجمهورية اتقدم و هو بالاخلاق دية مستحيل اقبل مستحيل..!
– خلاص هبطل كل دة و هبقي انسان تاني..
هز رأسه نافيًا و هو يستحوذ علي مقعده المجند :
– مش بالسهولة دية انت انسان ممتاز يا مازم بس مش هتنفع لسمر صدقني..
ليحيب بأسي :
– بس انا والله العظيم بحبها و مستحيل أذيها هحطها في عيني و مش هبص لغيرها ..فكر في الموضوع تاني..
ثم استرد بحدة :
– عشان انت هتخسر كتير اوي لو رفضت..
– انا لو جوزتك بنتي هخسرها هي..طلع فكرة سمر من دماغك يا مازن انا بحذرك..
وثب صلاح واقفًا و اتجه الي ذاك العنيد الغاضب بخطواط هادئة ليربت علي كتفه بحزن و يقول :
– مازن انا مش عايزك تزعل مني..بس انا مش هقتل حياه سمر عشانك..
– انا حياتها انا بحبها و كل دة مش بإرادتي..واحد عشان اتخانق مع ابن وزير دخله السجن بتهمة مخدارات لواحد عمره ما حط سيجارة في بوءه و خدوه من حضن امه كل دة و مش عايزني ابقي اناني و متغير ايون السجن اتعلمت في السجن قلة الادب و العنف و كل حاجة تخطر علي بالك و لما خرجت بالفعل اتجهت مع ناس و ادمنت،،كل دة و انا عندي 25 سنة ، لغايط ما قابلتك و حكيتلك ظروفي و انت صدقتني حبيتك اوي و اعتبرتك ابويا بدل الخاين الي اتحوز علي امي و لما شوفت سمر و هي صغيرة لاقيت بنت صغيرة بتدلع عليك و شقاوتها و مرحها في الكلام..لما طلبت اجبلها هدية كنت فرحان زي الاهبل..ايوة اهبل عشان احب بنت صغيرة بس حبيتها شوفتها غير كل البنات و كنت حاسس انها لو كبرت هتفضل كويسة و حلوة من جوة زي ما هي، انا بعديها بدأت اقلل معارفي مع الستات و حسيت انها لازم تبقي ليت كل ما بتكبر بتحلو في عيني و بحس اني لو مخدتهاش مش هسامح نفسي طول عمري..زي ما انا اتغيرت عشان حضرتك هتغير عشانها ولله انا في مرحلة علاجي من الادمان و بطلته..
– سمر بنت صغيرة لسة تامة ال17 خليها تعيش حياتها و لما تكبر و توعي لدنيا و تدخل جامعة نبقي نتكلم…
صرخ مازن بغضب و قد طفح به الكيل هذا العجوز لا يغير كلامه و يصر علي اثاره غيظه :
– طيب يا صلاح باشا انا عارف المفروض اعمل اية..كل اسرارك و فضايحك المهنية و العائلية معايا..انا هعرف اتصرف كويس و هعرفك مين مازن لما تلاقي صورتك في اول صفح المجلة..
اتسعت حدقتاه بصدمة لم يصدق ان ولده الذي لم ينجبه يتعامل معه بتلك الطريقة وضع يده علي قلبه و أخذ يتأوه بتألم و هو يشعر بضربات قلبه المضطربث ، سمع صوت مازن يهرول تجاهه لكن بدأت الصورة تختفي امام عينيه بهدوء ، رأي مازن و هو يسانده و يحاول حمله لكن صعب فهو بدين ،صرخ مازن اللغة الفرنسية مستعين و طالب النجدة من احد الموظفين لكن فحأة اختفت الرؤية و اختفي مازن و انتهي الصوت من مسامعه..
في احدي المستشفيات في باريس
استفاق ذاك العجوز المريض من غيبوبته ، اخذ يتجول ببصره ليحد الممرضين حوله يرتدون زي موحد ، نادي بصوت ضئيل علي مازن الذي يقف بعيدًا امام الطبيب كان شاحب الوجه جاحط العينين ، انتبه مازن لنداءات صلاح و ركض نحوه هو و الطبيب المختص بحالته امسك مازن بكف صلاح و قال بأسف و معالم الاسي تعلو وجهه الوسيم :
– باشا حاسس بحاجة دلوقتي..
– وجع بسيط متقلفش..اية في اية ؟
اخفض مازن وجهه بحزن قائلًا :
– الحمدلله علي كل حال..
ثم قبل يديه بحنة ليظهر شبح الابتسامة علي صلاح و هو يربت بيده الاخري علي ظهره ، تظاهر كلا منهما بعدم تذكر موضوع “الزواج من الصغيرة سمر”،،
عاد صلاح برفقة مازن الي قصره في باريس ، اتكئ بمرفقيه حتي وصل الي اقرب مقعد ، جلس عليه بتعب و اراح برأسه الي الخلف و بلحن هادئ سئل :
– مازن بقالك يومين متغير من ساعة ما كنا في المستشفي في اية ما لك ؟!
حاول مازن الابتسام رغم عنه و عدم اظهار شيء لكن لم يفلح فالحزن يكسو وجهه :
– التحاليل بتقول ان حضرتك عندك سرطان في الرئة..و حالتك متأخرة..
قاطعه صلاح بلا مبالة ، اخرج السيكار من علبة السكائر و وضعها بين شفاتيه التي اجهدت من كثرة التدخين :
– انا عارف من زمان بس مكنش نفسي حد يعرف،،المهم ياريت سمر متعرفش بالموضوع دة اصلا انا جاي فرنسا عشان اتعالج بس شكل العلاج ملهوش فايدة،،اصلا كدة كدة كلنا هنموت..
صدم مازم مما سمعه لتو و ظل مندهشًا ، لم يخطر علي باله انه مريض و في اواخر ايامه ، كاد يبكي من الصدمة الكبري ، والده العزيز سيموت و يتركه في الحياه بمفرده و لن يتزوج فتاه احلامه سمر التي عقد زواجهما في خياله..
قرر مذ تلك اللحظة ان ينسي سمر التي لا تفارق قلبه ، التي تمكنت المشاغبة من التربع علي قلبه ، لم يستطع النسيان لكن يكفي التظاهر لا مشكلة ان تألم ليلًا علي مراهقة لم تذنب في شيء لـيأسرها في قلبه للابد ، اسرها بداخله..
كانت جريمتها انها تبسمت و تركت العنان لروحها المرحة بالتراقص امام عيني رجل يتعارك مع الزمن فأصبح كهلًا مع مصاعب الحياة ، لكن السؤال لما يشيب ذاك المرء برؤيتها ، الحب لا يفسر ابدًا..
فهل يكبر ام يصغر المرء اذا احب ؟
هل هو مصدر قوة ام ضعف ؟
هل هو دموع الفرح ام الحزن ؟
احسنت ام كلثوم التعبير عنه حينما طربت بصوتها العذب في اغنية “همسة حب” ‘نتعب،نغلب،نشكتي منه لكن بنحب’ الحب من إحدي السموم المميتة لقلب ألما و دئما ما تترك الجسد حيًا..
فما اقوي الوجع النفسي ! لكن مع ذالك يلجأ القلب لحب المقذوف بنظرات بريئة من المعشوق..
الحب مرض مسرطن يدخل القلب و ينثر سهامه في خلاياة لكن صعب علاجه فشذا الحب تركز داخلك..
في إحدي الايام بينما كان جالسًا ينهي اعماله التي كلفه يها صلاح ، وجد اتصال منه يدعوه بمكتبه لاحتساء القهوة و الحديث في بعض الاعمال،،ترك مازن ما بيده و هم متجهًا الي مكتب رب عمله..
جلس علي المقعد المقابل لمكتبه ، وضع قدمه فوق الاخر و قد رسم ابتسامة مبهجة علي وجهه و هو يقول :
– اخبار صحة حضرتك..؟
– تمام يا مازن..مازن انا عاوزك في موضوع بعيدًا عن الشغل بس الاول تشرب ايه..
عقد مازن حاحبيه و قال بإستغراب من نبرته الغامضة تأمل ان يكون قد وافق لي الزواج من سمر الحبيبة :
– قهوة سادة..
طلب صلاح فنجان “قهوة سادة” و جلس مستقيمًا في مقعدع و قد شابم اصابع يده في بعضها البعض :
– مازن كل ثروتي و شركاتي هتتحول لحسابك،،بتمني الهدية تفرحك و تكون قد مسؤليتها..
اندهش من تلك المفاجأة الغير متوقعة لم يعرف بما يجيب عقد لسانه عن الحديث و اخذ يتلجلج لكي يكون جملة صغيرة تعبر عن مدي فرحته و دهشته بذالك الخبر المبهج لكن فجأة صال بصدمة :
– اية دة و سمر هي الاولي بـ دة كله..
طمأنه قائلًا :
– متخفش سمر ليها حساب كبير في البنك و دة غير ورث امها..
حرك مازن رأسه نافيًا معترضًا عما قاله و قال بإلزام و ثبوت :
– اولا شكرًا علي الثقة الكبيرة دية ثانيا انا مستحيل اكل حق حد،،ياريت تلغي التحويل و تخليه لسمر هانم لأني بردو مش قد المسؤولية دية..
– مقدرش يا مازن سمر لو مسكت شركاتي هتخسر سمر عقلها مش هيستوعب انها تمسك شركة باسمها بس انا واثق فيك و مش هثق في حد غيرك..
– انا هحول كل دة ليها انا اسف..انا مش هاخد حاجة مش من حقي..
– عمتًا براحتك دية اصبحت فلوسك من دلوقتي بس لو انت بتحبني خلي شركاتي معاك انت..
ثم تردد مازن في قول ما يدور في باله ، جمع شجاعته و قال بمكر :
– انا هقبل بالشركات و ثروتك بشرط تجوزني سمر و بكدة هتضرب حجرين ضمنت شركاتك و اسمك و ضمنت مستقبل بنتك..
قهقه صلاح و رجت ضحكاته المكان ليشير إليه بسبابته :
– ذكي يا مازن..طول عمرك بس مش عليا انا..مستحيل تجوز سمر..انا واثق فيك عمليا بس حياتك خربانة و الصراحة مش هجوز بنتي لواحد سكير و كل يوم في حضن واحد شكل..شوف انت مين كويس يا مازن..
ذم مازن شفاتيه و هم من مكانه بصمت ليخرج من غرفة المكتب و من المبني كاملًا بضجر هاربًا بروحه العاشقة الي بعيد..
كان يدرك حجم كلاماته و كيف ستؤثر به ، يمكن لتلك الكلامات المؤلمة ان تجعله في حال افضل من ذالك التافه ، لوي شفاتيه و جذب برواز يجمع بينه و بين سمر المبتهجة من السعادة و هي بين احضان ابيها العزيز..
عاد الي منزله حينما حل االيل بستائره و اضائت النجوم لشوارع باريس الراقية ليختال نسيم هادئ المكان..
اخذ يدندن و هو يأخذ خطواطه الثملة ، بجانب تلك الفاتنة المغرية التي تدعي بيري ، كان يحيط خصرها بذراعه و يتجرع رشفة كبيرة من زجاجة نبيذ ، سارا سويًا صوب غرفة نومه الواسعة كانت ألوان الحائط الدافئة التي تعطي احساس بالطمئنينة و الهدوء..
اقتربت منه بجراءة و اخذت تقبله بقوة و هي تلتهم شفاهه الشهية ، احاط بخصرها و قبلها بعنف ، يفعل ذالك لسبيل المتعة يريد التمتع بفتاة اجنبية جذابة وجدها في سهرة الليلة ، دفعته برفق الي الفراش لتميل عليه بعينيها الخبيثة ، كان ساكنًا ينظر لها باعجاب و شهوته تتصارع بداخله ، لكن حينما حاولت فك ازرار قميصه بنعومة و دلال ، دفعها بقوة لتطرح علي الارض و تتأوه بتألم..فصرخ بصوتًا عال :
– out..!
شعر بالاشمئزاز من نفسه تذكر كلامات صلاح المؤلمة ، وضع يده علي جبهته و اطلق تأوهات نابعة من الالم الصداع الذي سيطر علي رأسه بكل قوة ، ود لو يبكي بكل ما يملك من ألم و ضيق داخلي ، يشعر بأنه عديم الفائدة ، لن يتغير ذاك السكير و ستضيع سمر من بين يديه..
حدق بـ”بيري” المذعورة ،ليهم واقفًا و يجذب المسكينة من جذور شعرها و يلقيها خارج المنزل بإهمال و هو يصيح :
– I said out,out!!
سار داخل المنزل بخطواط هزيلة لا تقوي علي السير ، جلس علي الارض و اثني ركبتيه بدأ يزرف دموعه علي حاله المؤسف ، سيتغير يجب ان يتغير ليثبت لوالد سمر انه يستحق الاميرة الصغيرة ، سيبدأ صفحات جديدة هكذا قال في نفسه..
مر شهرين،،شهرين فقط لم تفيد تلك الفترة ابدا بأن يتغير مزال هناك حنين لنساء و السهرات الليلية ، شعر بأنه بشري عديم الفائدة ، الان ضاعت سمر من بين يديه..
دلف الي مكتب صلاح الذي لم يأت بعد ، سيخبره و يقص عليه تجربته العصيبة في محاولة ان يصبح رجلًا صالحًا لكي يرضي صلاح الامر صعب لا يستطيع فعل شيء الان كل المحاولات لا تجدي نفعًا ، بين يديه ورق الاستقالة سيتقيل عن عمله و يهرب من فشله في الحياة..
دلف صلاح الي المكتي و البسمة تشرق وجهه جلس امام المكتب علي كرسيه الخاص و قال بنبرة مرحة :
– مش عارف يا مازن ازاي انت متقعدش مكاني ازاي مش راضي تقبل بشركاتي..
ليجيب بنبرة باردة خالية من المشاعر :
– عشان مش من حقي يا فندم..
ثم وضع ورقة الاستقالة علي المكتب و هو يستطرد بلهجة حزينة :
– دية ورقة استقالتي..انا عملت الي عليا بس انا مبتغيرش و انت عندك حق انا مش هنفع لسمر،،سمر اغلي حن انها تبقي لواحد زي..
وثب واقفًا و اعطاة ظهره متجهًا نحو الباب بأسي علي حاله اطرق رأسه ارضا حتي سمغ صوت تمزيق ورقث و نبرة صلاح الغامضة و تتسائل :
-انت بتحبها فعلا يا مازن !
التفت له مازن و رفع ذراعيه بلا مبالة و هو يزم شفاتيه :
– معدتش تفرق..
اقترب منه بخطواط ساكنة ليضع يده علي متفه و يقول ببسمة :
– الي بيحب بيضحي،،لازم يضحي دة الحب الصادق..لو انت حاسس انك بتحبها فعلا اتغير الاول عشانك ثم عشانها مش عشان انا اوفق علي الجوازة..انت جواك كويس يا مازن و دة السبب الي مخليني متمسك بيك و مش عاوز اطردك رغم الحوار بتاع سمر لما هددتني..ضحي يا مازن..انا عارف و واثق في مازن كويس انت اناني و عنيف بطل الصفتين دول عشان تعرف تتأقلم و تعيش مع سمر كويس..
اتسعت حدقتبه بصدمة و تلجلج بتردد :
– قصدك اية..قصدك انك موافق علي جوازي من سمر..
اماء صلاح رأسه و قال مسرعًا :
– بس بشرط..
اسرع مازم بالاجابة بحماس و البهجة انارت وجهه المظلم :
– وربنا هتغير عشانها و هبطل كل حاجة و هبقي انسان جديد..
ليرفع صلاح سبابته و هو يضحك ثم قال بتمهل :
– استني بس انت هتقول الكلام دة علي المصحف الاول..
و اتي بمصحف ليضعه امامه ، ارخي مازن بكفه علي المصحف و قال بسعادة غمرت وجهه :
– والله العظيم هتغير و احافظ عليها و مش هأذيها خالص..
عقد صلاح حاجبيه :
– بس يا مازن لو لاقيتها مش عاوزاك طلقها في اسرع وقت..انا هعمل غلط عمري و هجوزهالك من غير ما اقولها و خليها لما انا اموت،،خليك انت سندها بعدي ، الدكاترة قاله مفيش امل اعيش لبكرة اصلا..وحياة اغلي حاجة يا مازن حافظ عليها ارجوك ، يارب سامحني علي الغلطة زية..
ضحك مازن بخفوت و امسك بالقلم الحبر ليضع توقيعه علي عقد الزواج و السعادة حطمت حصون الحزن و هزمت كل اليأس ، الان يخلق مازن الرجل الذي سيتحمل مسؤولية طفلة احبها بل عشقها حد الجنون..
ليأتي صوت مازن الرقيق و هو يقول بسعادة و فخر :
– سمر عشانك انا عملت كتير..اتغيرت عشان تبقي معايا دلوصتي قطعت علاقاتي بكل الستات و كنت هستقيل من شغلي قتلت مازن القديم و خلقت جوايا مازن يليق بمقامك،،كل دة عشان تبقي جمبي دلوقتي،،عشانك انا اتحديت الدنيا و دوقت عذاب عشان احميكي مني..اتحديت نفسي كل دة عشانك انتي يا سمر..عشان انتي مش اي بنت يا سمر..
كانت الدموع لا تفارق عينيها و الخوف لا يزول عن وجهها الشاحب حاولت السيطرة علي اعصاب يدها ، فقالت بشفتاي ترتجف خوفًا :
– انت عارف لو وحدة مكاني المفروض تعمل اية دلوقتي..
جذبها اليه برفق و قال :
– مش عاوز وحدة غيرك عاوزك انتي..
اجهشت في البكاء و حاولت التماسك مرارًا و تكرارًا لكن لا يجيد نفعًا نظرت اليه بأسف :
– مش عارفة المفروض اعمل اية و اقول اية..بس بس انا حاسة اني حبيتك اكتر يا مازن حاسة اني فخورة انك جوزي مش حاسة بحاجة الا فرحة..مش متخيلة و متوقعتش انك تكون بتحبني بالشكل دة..مش متخيلة انك عملت كل دة عشاني انا البنوتة الصغيرة مش متخيلة انك سبت كل الفلوس كل دة عشان انا..انا بحبك يا مازن..بحبك دية اقل وصف اوفص بيه شعوري..ارجوك متبعدش عني..انا اسفة..
ثم اللقت بنفسها داخل احضاته و اجتاحت ذراعيه بقوة تاركة روحها لرجل ، كاد يقتل نفسه من اجلها ، تمسكت به بشدة و ضعف و اخذت تقبل يديه بقوة و قلبها يتطاير من السعادة التي سجنت روحها لقد فعل الكثير من اجلها لقد احبها و كفي..
عودي يا صغيرتي عودي
الي احضاني عودي
عودي يا محبوبتي عودي
الي قبلاتي عودي
عودي يا معشوقتي اودي
الي عيناي عودي
عودي يا عزيزتي عودي
لتعود الحياه معك ، عودي
همست و هي تتراقص داخل احضانه التي تملكتها بكل قوة و عنف ، انه قاسي يقسو في العناق و هي تعشق القسوة :
– علفكرة بابا قالك طلقني لو مقدرتش اعيش معاك..مش زي ما قولتلي يعني..
قالتلها بمزاح ليضحك بخفوت و يهمس قبل ان يعانق شفتاهها بشفاتيه :
– بس انا اناني..اناني بيكي و مش هفرط بيكي بسهولة..انا الي عملته مش سهل عشان اسيبك مهما حصل..


يجلس في بهو المنزل ينظر بشرود الي البحر الذي يختال تحت اشعة الشمس الذهبية ، شرد في تلك النعمة الذي انعم الله عليه ، تنهد بقوة و البسمة لا تفارق ثغره..حتي لمح بطرف عينيه تلك التي تختلس نظراتها اليه بخبث..
وثب واقفًا و اصطنع الذهاب الي دورة المياة ، ليقف خلفها في صمت و سكون كالنمر الذي يصمد لينقض علي غزالته بالطريقة الصحيح ، شعرت بانفاسه لتشهق بقوة ، لكن في تلك اللحظة شعرت به يحملها بين ذراعيه و هو يطلق قهقه ماكرة فقد استطاع القبض عليها و اسرها بين ذراعيه ، صرخت بضحكاته صاخبة ناعمة في اذنيه و اخذت تقول بمرح :
– سبني..سبني ونبي..
لكن لم ينصت لها و اللقاها علي الاريكة بقوة ، مال عليه نسبيًا و هو يداعب خصلات شعرها بين اصابعه و يقول ببسمة جذابة :
– الحلوة كانت بترقابني لية..
اعادت خصلتها البنية الكستنائية خلف اذنها و قالت بجدية مصطنعة :
– قبل اي حاجة انا مكنتش براقبك انا كنت ناوية اقولك حاجة..
رفع احدي حاجبيه و تسائل :
– عاوزة تقولي اية يا ستي..!
حاولت السيطرة علي مشاعرها و قالت بخوف ممزوج بالخجل :
– انا وعدت وعد علي نفسي اني هحكيلك كل حاجة و مش هخبي عليك اي حاجة..المهم دلوقتي في رقم بيتصل بيا و ييعاكسني و انا قولت لازم اقولك..بس ونبي متزعقليش..
ابتسم لبرهة و قبل جبينها بسعادة غطت عينيه :
– هو دة الي عاوزه تيجي و تحكيلي علي كل حاجة..و انا هساعدك و عمري ما هزعقلك و لة ازعل منك..انا ازعل لو انتي خبيتي بس..
ضحكت بخجل فقد تخلصت من انطوائها و خوفها منه و اصبحت تقص عليه كل ما بقلبها علي تؤام روحها..
لكن فجأة صرخت بمرح :
– صحيح بقي انت كنت سرحان في اية يا استاذ مازن..؟
صمت لوهلة و سرح في عينيها البريئة التي تطلق بسمة جذابة و قال بهدوء غامض :
– بفكر لو مكنتيش سمر..
عقدت حاجبيها بإستغراب :
– قصدك يعني اتجوزت واحدة تانية..
هز رأسه نافيًا و قال :
– لا مش قصدي..بس انتي لو مكنتيش سمر عمرنا ما كنا هنكمل..
مدت ثغرها الصغير قائلة :
– قصدك اية..! مش فاهمة
ابتسم ببسمة صافية :
– مقصدتش..
لتقول بضيق مصطنع :
– كدة..هزعل منك..
قطب حاجبيه و تسائل بدهشة مصطنعة و قلد لهجتها الطفولية :
– يا خبر تزعلي من ميزو !
حركت رأسها سمينًا و يسارًا و اعلنت النفي لتلقي رأسها علي صدره و هي تقول بدلال و غنج :
– مستحيل ازعل من ميزو..
حاصرها بقوة و همس بصوت خافض :
– هي دية سمر..
و هكذا فاز الحب في النهاية و احتل قلب مراهقة صغير ، و بالفعل لن تكن لتكمل تلك العلاقة الا بكون الشخصيتين “سمر و مازن” فتسامح سمر لافعال مازن ليست صفة مصنفة في النساء..و عشق مازن ليس مصنف في الرجال..
هو :
و صغيرة الحب اسرتني في كوكبها الطفولي..
اسقتني بيديها الناعمة عشقًا ما اطعمه
زادت شهوتي لها بعينيها الخبيثة
اطعمتني الحياه برفق لتزيد تمسكي بالحياه معها
كنت انا الطفل في حضرتها ،
تخليت عن ما املك مقابل ضمة قوية لصدرها
مقابل قبلة بشفتيها علي جبيني
مقابل ليلة طويلة لا تنتهي ,
شهد القمر حبًا حتي مطلع الشمس
في عشق زوجتي طفلتي انا غريق يرفض النجدة
هي :
لمساته الناعمة
احتضانه الشهي
قبلته الهادئة
“احبك” المتفوه من شفاهه لي
لم تكن تلك الاشياء سبب
في حب له
بل سبب في ذوباني في انهار عشقه

تمـــــــــــــــــــت

error: