زوجتي طفلتي للكاتبة يارا الحلو

9
جذبها من معصم يدها لتأتي معه لكن فجأة دفعته و تملصت يدها منها و هي تكرر بعناد و غضب :
-مش هروح في حته
طاول النظر لها بحدة , لم تتحمل ركبتيها الوقوف اكثر لتلقي بنفسها علي الكرسي و تعاود البكاء و كأنها لم تنفجر منذ قليل..
لوي شفتيه متعجبًا منها و من تصرفتها التي بائت تضايقه , اثني بركبتيه و جلس امامها علي الارض ليتمسك بكفيها الصغيرين قائلًا بمداعبة :
-ايه يا سمورة
سمر بصوت باكي :
-لو بتحبني بجد خليني هنا
زرع قبلة علي يدها قائلًا بحنان :
-طب بصي هقولك سر
مسحت دموعها بأطراف يدها :
-اية ؟
-لما هنرجع البيت انا هقولك علي نظام معين هنمشي بيه طول حياتنا
-و ايش ضمني انه هيعجبني ما انت واطي ممكن تخليني اتنفخ و اسيب تعليمي عشان حضرتك
تجاهل الاهانة ليحرك رأسها بالنفي :
-مين قالك كدة..وحياتك عندي مش هظلمك بس يلا بقي عشان اتأخرنا و يلا امسحي دموعك عايزاهم يقولوا اني ضربتك من اول يوم
ضحكت برفق بين تلك الدمعتين التي تسير تائه علي وجهها..قام و قبل جبهتها برقة , لامس بأنمالة وجهها الخائف ليبعد تلك الدموع و ينهي حياتها..
فُتح الباب فجأة و جاءت مني مهرولة و هي تشتكي من تأخيرهما..عقدت حاجبيها بتعجب حينما وجدت اثار دموع في يتبع
ها البنية..
نظرت لولدها المشاغب لتقول باسلوب حاد :
-انت زعلتها ؟
ارتبك مازن و قال مسرعًا :
-والله ما جيت جنبها انا جيت لاقيتها بتعيط بردو
ثم نظر لها و قال ممازحًا بنبرة غاضبة :
-شوفتي هتجبلنا الكلام
ضحكت بخفوت و اطرقت رأسها في الارض بخجل لتقول مني بابتسامة عذبة :
-طب يلا يا عرسان و انتي استني مروة تيجي تعدلك الميكب
نظر لها مبتسمًا ما أن وجدته ينظر لها لتخجل و تخفض رأسها ثانيًا..ضحك ضحكة جانبية و خرج من الغرفة منتظرة اميرته الصغري..


كانت في اشد رعبها من نظرات الناس السعيدة او الحقودة او من الناس التي تنفر من فكرة الزواج المبكر..
لم تجد اي احد من اهلها معها الا خالتها و زوجها الذي لم تستقر حياتهم بعد دئمًا في سفر متتالي لننزة و السياحة , دائمًا ما تحب خالتها تلك لشكلها المتقارب من امها..
اقتربت منها بوجه متضايق و قبلت كلتا خديها ببرود و كأنها مغصوبة علي اداء التحية لها..
ارسلت لها ابتسامة طفولية بريئة ليقتضب وجه خالتها و قالت بصوت خافض قاصدة ان يسمعه مازن :
-ربنا علي الظالم..انا قولتلك يا سمر تعالي معايا..اهوة امك ماتت و سابتني بسببه و اهوة ابوكي هيقتلك بالحيا
لتقول سمر ببسمة حرج :
-لا مش هيقتلني مازن هيحيني متقلقيش عليا مع مازن
-ربنا يوفقك في حياتك يا بنتي و انا معاكي علطول
قالت جملتها و ابتعدت عنها ليهمس مازن في اذن سمر ضاحكًا :
-اية الولية دية ! هي بتحبني كدة لية
وضعت يدها علي ثغرها كاتمة ضحكتها :
-هي خالتي كدة بتحبني و مبتحبش حد يزعلني هة يزعلني
ليغمز لها و يقول بسعادة :
-بس طلعتي رومانسية يا بت اية الكلام الجامد الي قولتية دة..بتحبيني يا هدي
نظرت له ما ان فتحت ثغرها ليتأكد انها ستعترف بحبها تشوق كثيرًا لتلك اللحظة ابتسم بسعادة مستعدًا لها لتقول بتلقائية :
-هو فين البوفية انا مفطرتش و لة اتغديت امبارح
زفر بقوة و ابعد بوجهه عنها ليقول بتماسك :
-ليكي يوم يا سمر
ضحكت برقة لتمسك بكفه ثم همست بنبرة مرحة :
-يلا انا عاوزة ارقص زيهم
كانت تشير لبعض الثنائي الذين تراقصوا علي ساحة الرقص , امسك بيدها بخفة و بطريقة لبقة ليجذبها لساحة الرقص , وضع يده علي منحدر خصرها لتطوق عنقه بذراعيها..ابتسمت ابتسامة واسعة اظهرت نصاع اسنانها البيضاء..همس لها بصوت رقيق :
-ايه الحلاوة دية يا ناس..انا عمري ما شوفت حد بالجمال
لتقول مازحة :
-ايه الطول ده انا ايدي علقت مش عارفة اطولك حرام عليك اللبسلك كعب 40 سم عشان احصلك
-لسانك ده عايز القص
ضحكت بخفة ليقول بخبث :
-هاكلك انهاردة
ابعدت وجهها الذي تورد و صعدت الحمرة فيه خجلًا من كون احد قد سمعهما..اردف بضيق طفولي :
-مراتي و حرماني منك 3 شهور
-حد قالك تتجوزني طااه ؟
صمت و هو ينظر لملامحها البريئة لتقول بمزاح :
-الفستان عجبني و عاوزة ارقص بيه
-عشان بدل ما يبقي فرح يبقي جنازة
لتقول بدلال و رقة :
-اهون عليك
نظر لجمالها سارحًا ليقول بضيق :
-انا مش مسئول عن افعالي متحاوليش تستفزيني
ضحكت بقوة لتضع يدها علي ثغرها لتكتم ضحكتها , ابعد يده عن خصرها ليقوم بحملها بين ذراعيه..صرخت من المفاجأة اخذ يدور بها حول محور نفسه عدة مرات , صراختها البريئة املئت القاعة ممزوجة بضحك من المعزومين..
امسكت به بقوة خوفًا من تركها لتهوي واقعة , اخذت تقسم بعدم تركه ابدًا..ابدًا…


دخلا لمنزلهم الجديد بصحبة وليد و مروة و مني , كانوا يحملون الطعام و يضعونه في المطبخ..
باركهم الكل و تأمل لهم حياة زوجية سعيدة , لم تكن تتخيل انها ستسعد اليوم بهذا الشكل , لم تختفي الضحكة من وجهها كانت تتزايد فقط عما قبل..
غادر الكل و باقيا لوحدهما..نظر لها بسعادة من وجود قطته الصغيرة معه ابتسمت برفق و توتر لتقول :
-هو انا ينفع اصلي بالفستان
اماء رأسه بالايجاب و هو معجب بتوترها لتكمل حديثها :
-طب و ينفع انت الي تصلي بيا
-من عنيا
فرشت سجادة الصلاة علي الارض ليقف هو امامها و هي تتراجع لخلف , دائمًا ما يقشعر بدنها حينما يرتل القرآن بصوته العذب..
انتهت صلاتهما لتصمد مكانها و لا تتحرك من الخوف الذي عاودها , التفت لها بنظرة خبيثة و ابتسامة صغيرة اشاحت بوجهها بعيدًا..
اقترب منها ليجلس امامها و يسير بأنماله علي خدها ليقول :
-اقعدي علي الكنبة متقعديش علي الارض
جلست علي الاريكة و هي مذالت تتأمل الارض , حاوط خصرها بذراعه ليمسك ذقنها و يقول :
-انتي خايفة مني ؟
لم تجيبه ليطرح سؤاله الثاني :
-طب ساكتة لية ؟
ليقول ببسمة جذابة و بنبرة رقيقة :
-ايه رأيك فـ
اطلقت سؤالها بقلق والتربك يملئ نبرتها :
-انا عاوزة اكمل تعليم
-و مين قالك اني همنعك..انا دفعتلك مصاريف المدرسة من زمان
انتفضت بسعادة قائلة :
-بتكلم جد..طب و شغل البيت
اخذ نفس عميق ليقول بعد تنهيدة :
-انا مش هشغللك عن الدراسة بس ايه رأيك لو انتي عملتي الاكل يومين في الاسبوع و يوم ابقي انا اساعدك فيه
-ازاي دة ؟؟ بقيت الاسبوع هنقعد جاعنين
-لا طبعًا بس ياما بواقي الاكل او اجيب من برة
ثم قال بأنتباه :
-انا بفكر اجيب خدامة احسن
اسرعت بالقول ناهية باعتراض :
-لا ابدًا..بابا بيقولي ديل الكلب عمره ما يتعدل
ضغط علي شفتيه السفلي و هو يقول :
-والله هيحصل جريمة اقتل في مرة
ضحكت برفق ثم قالت بقلق :
-ط.ط.طـب ينفع اسألك سؤال بجد
-اتفضلي
-انت هتكلم ستات زي ما كنت بتعمل
-والله ما هعمل كدة تاني
قالها باسلوب الاطفال لتضحك برفق اكمل قائلًا بنبرة جادة :
-المهم ايه رأيك في ان تنضيف الشقة يبقي يوم في الاسبوع نجيب ست هي الي تنضف
اماءت رأسها بموافقة ليبتسم قائلًا :
-و انا اوعدك يا حبيبتي مش هحاول اني اتعدي علي حريتك باستثناء لبسك..انا هخليكي عايشة في بيتك زي الاميرة ان شاء الله
صمتت بسعادة ليهم واقفًا و يقترب منها , حملها مرة ثانية علي ذراعيه بخفة..ضحكت برفق ليقول بمداعبة :
-ياااه لو فضلتي علي وزنك دة علطول
ضحكت لتتعلق برقبته اكثر و هي تلقي برأسها علي صدره بدلال و قد اسلمت قلبها و روحها بين يدين مالكها..


في الصباح
استيقظ علي يدًا ما تتعدي علي خصلات شعره الداكنة , تمرر باصابعها بشكل هادئ علي رأسه , فتح جفونها ليجدها تجلس علي طرف الفراش مبتسمة و هي تداعبه خلال نومه..
امسك بكفها ليقربه من شفاتيه و يطبع عليه قبلة رقيقة , مالت عليه بجسدها قائلة برقة :
-يلا اصحي بقي
اعتدل جالسًا ليحك في فروة رأسه قام بتقبيل خدها الوردي :
-فطرتي
-توء مستنياك
نظر لها بمكر :
-افطرك علي البحر
-بحر منين يا اهبل احنا في القاهرة..
قرص انفها الصغير بقوة و قال :
-لمي نفسك…ايه رأيك نسافر ؟
نظرت له بشغف و امسك بكلتا يديه :
-بجد ماشي طبعًا انت هتستأذن
-طب يلا قومي اللبسي عقبال ما اخد دش
سعدت لتهرول مسرعة , اختارت اجمل ما عندها لترتديه..كانت في اشد السعادة انتظرته حينما انتهي من حمامه و ارتدي ملابسه..
استقل بسيارته نحو المطار لتحلق طائرتهما فوق مدينة باريس…
كان حلم حياتها زيارة باريس , اللتقط لها اكثر من صورة و مع الكثير من السياح خرجت روحها المرحة من ذالك الجسد المكتئب..
تراقصت روحها و خرجت من محجرها , جذبته معها لعالمها عالم السعادة , لم تعش يومًا كذالك اليوم..
عالم خيالي عاشته بمفراقته , كان هو المرشد السياحي لها , لم تكن تعرف انه يتقن اللغة الفرنيسية بتلك الدرجة الراقية..
كانت الحياه بضحكته تتحول لجنة..عادت ضحكتها في ذالك الاسبوعين التي قاضيها في فرنسا..
لكن لم تكتمل فعادت لمصر ليفاجئها بخبر ظريف “انتي متأخرة اوووي في الدروس..هتبتدي دروس من بكرة”
عادت لمنزلها الجديد التي لم تعتاد عليه بعد و استعدت ليوم الثاني يوم البؤس بعد الفرح..
استيقظت في الصباح الباكر لتتجه لمطبخ وقفت امام شعلة الجاز لدقائق , حكت رأسها و هي تنظر بجهل لمطبخ ظهرت ضحكة علي ثغرها تعلل جهلها..
نظر لها بتعجب ليقترب منها قائلَا :
-ايه واقفة كدة لية
سمر بنبرة مازحة :
-والله كان نفسي اعملك فطار بس مفيش نصيب بقي
ثم اردفت بحماس و هي تستعد لركض :
-اقولك اعمل لنفسك و اعملي بقي عشان عندي درس يا حبيبي
ركضت من امامه ليصيح بها :
-مانا عندي شغل يا..
اللجم لسانه و اتجه ليعد فطار بسيط لها و له..وضعه علي المنضدة ليصيح مناديًا عليها جائت و ملامح الخبث تعلو وجهها..
-اول و اخر مرة يا عين امك اعملك الفطار
قامت بتقبيل خده و قالت ببسمة رقيقة :
-تسلملي يارب
تناولت فطارها مسرعة لتقول بضيق :
-في مدرس عاقل يعمل درس الساعة 9:30
-انا هوديكي لكن ارجعي انتي لوحدك بقي
-طااه انا خلصت يلا
تنهد و قام معها ليوصلها لمكان المطلوب حفظت الطريق و قبل ان تترجل من سيارته امسك بيدها قائلًا :
-بت مفيش حاجة اسمها ده زميلي و الكلام الفارغ دة فاهمة
اماءت رأسها بالايجاب و قالت :
-حاضر والله يلا سلام بقي
قبلت كلتا خديه لتتركه و تركض مسرعة ناحية منزل زميلتها الذي ستأخذ به الدرس الخصوصي..
ما ان دلفت لم تجد مقعد فارغ الا بجانب شابين جلست و تجاهلت بعض كلمات المغازلة الذي تبادلها عن جسدها الممشوق و وجهها الملاكي البرئ..
كان يظهر عليها الاجتهاد و شغفها لدراسها , تعرفت علي فتايات اخري و اخذت تضاحكهن بروحها المرحة , ما ان اعلن المدرس انتهاء الحصة ليقوم الكل لكن فجأة سمعت “بسسسس” التفت لمنادي لتجده الشاب الذي بجانبها غمز لها ببسمة و هو يقول :
-ازيك مش هنتعرف
تجاهلته تمامًا و امسك بحقيبتها لتترجل خارج المنزل و كأن شيئًا لم يحدث..
عادت لمنزلها و ادت يوم روتيني ذاكرت ما عليها , و جاء زوجها العزيز محملًا بطعام لذيذ..
سألها عن احوالها في الدراسة اخذت تقص عليه بالتفاصيل الممل لم تقص شيئًا عن المغازلات التي اخذتها طوال الطريق و حتي في منزل صديقتها و بينما هما يتناولان الطعام دق جرس الباب..
قام من مكانه ليفتح الباب ليقول بصوت سعيد :
-ايه دة ازيك يا علي
حاولت خطف نظرة لطارق الباب و المدعو بـ”علي” , و كانت الصدمة اتسعت عينيها حينما تأكدت انه هو..هو الذي كان يجلس بجانبها في حصة اليوم و يغازلها بكلامه معسول..

error: