زوجتي طفلتي للكاتبة يارا الحلو

2
شعرت بكل الضربات علي وجهها و كثرة المياه التي تنثرت علي وجهها الطفولي , تسمع كل الهمهمات من حولها , تشعر بأنفساهم المضطربة قلقاً عليها لكن جسدها يأبي الاستيقاظ , اكتفي من تلك الضغوط يحتاج الراحة للأبد..
تتمني ان يجذبها والدها الي حيث يذهب , شُل عقلها عن العمل كم تتطلع ان يشُل قلبها عن النبض ايضا..
شعرت بيده التي كسوتها الشعر تمر علي وجهها و تربت علي وجنتها بلطف , نبضات قلبه السريعة تقدر علي سماعها في اذنها حالياً..
اغرق بـيده في الماء و اخذ بحركة دائرية يتكلف كل انحاء وجهها , شعرت بالضيق لترمش بعينيها بقوة و تعصرها داخلها و بحركة بطيئة استطاعت فتح ملقتيها و العودة لحياه ناهضة بعقل اكتفي من اضطرابات تحاوطها في حياتها..
وجدت غيمة بيضاء تخمر عينيها عن البصر بدأت تدريجياً بـالازاله و احتلال مكانها وجه ذالك الرجل الذي وقعت مغشية من كلاماته “سمر تبقي مراتي”..
انه منافق بالفعل منافق خادع , يظن نفسه هذا الساحر علي خداعها..
بالتأكيد لن يضعها والدها في هذا الموقف , كيف يحطم حياتها المراهقية بفأس الزواج..
ازاحت يده بحنق عنها لتحاول المقاومة متنسدة علي كتفه بارهاق و تعب حاوات مقاومة الهزيان و التماسك في الوقوف باعتدال..
سمعت صوته الرجولي يناديها باسمها اخذ يكرر و هي تتجاهل ليس لها القدرة علي محاورة اي حد , و خاصاً هذا الشخص الذي يدعي انه زوجها و ان من سبب في هذه الزيجة والدها..
بدا العقل بالتفاعل مع جسدها مرة اخري لتسرع قدميها بالركض علي الدرج متماسكة من الوقوع فلم تكن لساقيها بتحمل ذالك الركض الهارب المتواصل سمعته يهاتفها طالباً باسلوب امري الوقوف , حتي سمعته يلاحقها بنفس سرعتها الجنونية..
استطاعت الاسراع قبله و الدخول لغرفتها كادت ان تغلقها بذراعها لكنه جاء في الوقت المناسب فقد اخذ يدفع بذراعه هو الاخر معها , كلاهما يعاند الاخر :
-افتحي بقولكـ .
صاحت معه بعناد ممتزج بغضب :
-لا..اوعي و سبني يا نصاب
ابتعدت عن الباب و اتجهت نحو مكتبها لتلقي كل ما به علي الارض صارخة بهستيرية :
-سبوني..سبوني لوحدي
استغل الفرصة ليرتجل لغرفة مسرعاً , عكست مسار اشياءها التي تلاقيها عليه بدون وعي غير مبالية ما كسر , تمزج او انتهك به العياء من غضبها الجنوني اخذت ترمي بـدفاترها عليه , تفاجئ بها و اخذ يحاول كلامته تهدئتها و الاقتراب منها :
-اهدي بس يا سمر هفهمك كل حاجة
وقف امامها بجثته التي تعادلها بالاضعاف , امسك بكلتا كتفيها العاريتين و قال بحزم :
-اهدي خلاص كفاية انتي اتجننتي
لم تعرف بما عليها الاجابة اخذت تنوح بضعف انتهي صوت بكاءها ليحل مكانه صوت شهقاتها المستمر , شعر بالشفقة علي تلك الفاتنة ليجلس علي حافة الفراش و يجذبها معه لتجلس بجانبه , مذالت التشجنات تخرج من شفتيها المرتعشة , كم يريد ترويض تلك الشفتاه !
ربت علي ظهرها بهدوء و هو يقول :
-اهدي يا سمر انا جانبك
نظرت اليه مطاولة و كأنها قد انتبهت لتو انها تتبرج امامه بملابس تكشف الكثير من مفاتن جسدها , ذراعين عاريتين و بنطال ضيق يفصل ملامح ساقيها الانوثية , انكمشت بنفسها و تراجعت لخلف قليلاً و طاولت التحديق به قائلة :
-انت مين اصلا؟
ضحك برفق و هز رأسه معترضاً علي سؤالها ليقول :
-جوزك
امتعض وجهها بغضب متماسك كيف عليه بتمثيل دور الكاذب بتلك المهارة ؟
-طب اطلع برة
هم واقفاً ببنيته الضخمة ليتجهة ناحية الباب , تنهدت بارتياح حينما انصت لاوامرها بدون تعقيد , ارتفعت بـرأسها لسقف ليقع علي مسامعها صوت انغلاق الباب بالمفتاح ارتعشت لتنظر له بخوف قائلة :
-ايه ؟


مذال مصدوم مما سمعه غير معقول يعلم بافعال شقيقه الجنونية لكن لم يكن ليدرك ان جنونه سيصل لهذا الحد , جلس علي المقعد و هو لا يشعر بأي من اطراف يده..كل ما يحتويه الان شعور بالصدمة , صعدت امامه و اخذت تبني احلامه فوق بعضها ممتزجة بسعادته و فخوره بنفسه لم يكن ليتخيل ان تهدم بتلك الطريقة الوحشية.
يتمني هو الاخر ان يحدثه احدهم بأم هذا الشاب كاذب , بالفعل كاذب.
وضع يده علي رأسه بتعب كان يود الصراخ بجنون.
وجد من يفتح الباب و يدخل مبتسماً و السعادة تشق تفاصيل وجهه.
نظر له مطاولاً لا يعرف بما عليه ان يفعله بهذا الولد,اقترب منه ولده و قال بصوت عالٍ :
-ايه يا حج مالك
ثم التف حوله باحثا بعينيه الثاقبة عن من يعتقد زوجته المستقبلية :
-اومال فين سمر
كان علي نفس وضعه الساكن ماذا يقول له
هي مع زوجها الان يا ولدي..
ام يخبره
الشركة ليست من حقنا يا بني
لقد ضاعت احلامنا في سراب و هيا لمواجهه الفقر ثانياً , عاشا في اجمل ايام الترف يمتلك كل شئ ببطاقة تخبئ كنزًا ضخم داخلها..
فضل الصمت لكي يعرف كيف يتحسر علي حظه بمفرده..


عاد لمجلسه ليجدها الان بوجه شاحب خائف من حركته المريبة لاغلاق الباب ليصبح كلاهما لوحدهما..
ابتلعت لعابها برعب , تراجعت لخلف و احتضنت قدميها لصدرها خوفاً منه , ليخرج تنهيدة من قلبه متعجباً من رعبها..
مسكين لم يكن ليدرك انها لم تصدقه حتي الان , وضع يده علي شعرها بهدوء :
-انا عاوز اتكلم معاكي لوحدنا
نظرت له برعب كـقطة لـطفل يحاول العبث معها بروحه الطفولية :
-مفيش ما بينا كلام مفيش اي حاجة تخليني اصدق كلامك و عن اذنك مينفعش كدة اتفضل
دفس يده داخل جيبه لتتفحصه برعب منتظرة ما سيخرجه من جيبه , استطاعت الدهشة ان تتملكها ببراعة حينما وجدت بيده دمية صغيرة جداً كانت قد صنعتها و هي طفلة لا تتعدي التاسعة من عمرها لوالدها بعيد مولده , خطفتها من يده بسرعة كـلص فاشل مبتدأ بالسرقة..
-ديه بتاعت بابي
ابتسم بسكينة و قال :
-طب اكيد دلوقتي عايزة تعرفي جتلي منين اسمعيني بقي عشان احكيلك كل حاجة
اطاعته لتصمت و الفضول ينطق بعينيها ليستمد ثقته و يقول :
-انا اسمي مازن , بشتغل عند والدك من فترة صغيرة لا تتعدي الاربع سنوات بس كان بيحبني جدا و بيثق فيا فكل حاجة , كنا دايما لما بنشتغل يحكيلي عنك كان بيعشقك جدا كان مخليني انا الي اختار معاه اي هدايا ليكي في عيد ميلادك كان علطول بيقولي “سمر اكبر طفلة هتعرفها”
و اخذ نفس عميق مقاطعاً حديثة و اردف بتأثر :
-لغايط ما عرفت ان عنده الكانسر و قالي انه مش خايف عليكي لا دة مرعوب , كان خايف ليموت و عمك هو و ابنه يخدو منك كل حاجة , سبحان الله كـأنه عارف الي هيحصل..مسك ايدي ساعتها و قالي خلي بالك من سمر..


-خلي بالك من بنتي
نظر له بعدم فهم , لم يستطع ان يتوصل لما يدور بعقله , صمت –صلاح- مما جعل الفضول يلتهمه بشراهه.
كيف عليه ان يستعرض تلك الفكرة لهذا الشاب , هل سيتحمل مسؤلية مراهقة عنيدة ؟
استجمع شجاعته في نطاق واحداً ليقول بهدوء :
-تتجوز سمر !
حلت اثار الصدمة علي وجهه ليتنحنح بحرج و يتعجب من طلبه العجيب :
-سمر ؟
-انا مش هطمن ليها الا معاك بس لو مش هتوافق مش هجبرك لكن هطلب انك تخليها في عينك و تحميها
لم يعلم بما يجيب فـأسرع صلاح بالقول :
-مش عايز ردك دلوقتي فكر الاول


لتقول سمر بحنق :
-و انت طبعا وافقت تجوزني
هز رأسه بالنفي :
-لا
انتبهت لتو لتقول بحماس :
-يعني انت مش مجوزني
تنهد مازن ببسمة رقيقة مرتسمة علي ثغره :
-انا قولت انتي هتبقي مراتي و في عنيا
تأوهت بقهر قائله :
-حسبي االله
قهقه كثيراً عليها و قال مكملاً :
-و بس يا ستي انتي دلوقتي مراتي و علي زمتي و في عنيا, و معايا عقد جوازنا
ثارت سمر من داخلها :
-اوعي تفتكرني مصدقاك
تمالك نفسه ليمسك بذراعها و يقول بصوته الرخيم :
-يا حبيبة قلبي اهدي
اللتمصت ذراعها مسرعة من بين يديه و قالت بغضب متماسك :
-بطل تستفزني
وضعت يدها علي شفتاها و بكت فجأة بعنف لا تعرف لما كل شيء يضغط عليها بهذه الوحشية..
كان يدرك شعورها الان فـكيف بأنسان لتحمل ما بها ؟
اقترب منها و اخذ يربت علي ظهرها بنعومة مال عليها بهدوء خائفاً من ان يثير فزعها ثانياً طبع بشفتيه قبلة علي جبهتها شلت حركاتها و صمدت بمكانها,ازاح خصلاتها من وجهها و قال بوقار :
-سمر متخفيش انا معاكي اهوة انا جيت عشان ابقي معاكي اصلاً اهدي كدة
سالت دموعها مسرعة علي خدها لكي تلحق قطار تجفيف يده لها , كفكف دموعها و اكمل ببسمة :
-انا همشي دلوقتي يا سمر عشان لسة جي من المطار بكرة الصبح هتلاقيني فوق راسك
صمتت و لم تعطيه رد واضحاً فتدلي عليها لـيزرع شفتيه علي خدها و يغادر غرفتها , كأنه لم يخدرها قط , اخجلتها قبلته حتي جعلتها صامته هادئة من البكاء..


-يعني ايه الكلام ده لالالا مش مصدق دة اكيد نصاب
صرخها فارس بغضب , ماذا حل من هذا الزائر الذي سلب منه كل اشياءه ؟
بماذا يقصد بـأن سمر تصبح زوجته من المؤكد كاذب ؟
نال الرد من والده التي كانت في نبرته مزيج من الحزن و اليأس :
-ياريت يبقي نصاب بجد ياريت
سمع كلاهما صوت قرع حذاءه علي الدرج , ليلتف فارس كـثور ثائر و قال بصوت عالٍ :
-يا هلا بالنصاب
تجاهله مازن و هبط من السلالام بوقار و رزانه , اتجه لمحل ما يريد و قال بغضب متماسك :
-انا هعتبركم ضياف في بيتي لكن اعرفه اني مش بسيب حقي و خصوصاً لو زعلته حاجة تخصني
ثم اردف بحدة :
-مفهوم كلامي
كان يود ان يهجم عليه و يخرج احشائه بين يديه لكن القوة و التكبر التي تمتلئ في صوته اخافته , و بـطبيعته الجبانه فضل الصمت..
ابتسم مازن حينما لم يسمع من اياهما الاعتراض ليذهب من امامهما متجاهاً لـسائق عائداً لبيته مرة اخري , تاركا حوريته مع ذئب..


اخلدت لنوم علي فراشها , لم تجرئ علي مواجهه ايا منهما فـبتأكيد كلاهما ينوح من داخله من الصدمة مثلها تماماً..
لم يوصل خدر النوم لجفنها بعد حاولت اغصاب عينيها علي النوم لكن و كأن عقلها يجبرها بالتفكير به..
امسكت شفتيها الشفلي باسنانها و تمتمت بعيون دامعة :
-يارب
صمتت و اغصبت عقلها عن التوقف بالتفكير لكي فجأه تسمع صوت صرير الباب و هو يفتح ببطئ , هبت جالسة برعب و صاحت :
-مين
اغلق المتسلل الباب مسرعاً , وقع قلبها بين قدميها و اتجهت لباب لتغلقه بالمفتاح و حملت المفتاح و قامت بتخبأته تحت وسادتها , بالتأكيد ابن عمها الخبيث ارتعبت و اخذت تبكي بكاءاً متواصل رعباً من هذا المغفل , حتي اخذها البكاء لسبيل النوم.


و عندما دقت الساعة التاسعة
وضع بيده علي شعرها ليجعلها تائهة بين خصلاتها الكستنائية و اخذ يهمس بصوته الرجولي :
-سمر
رفضت الاستيقاظ ليكرر همساته بالحاح لم يأتي لكي تنام هي , كرر ندائه لكن تلك المرة بحدة خفيفة :
-يلا يا سمر قومي بطلي كسل
وضعت الوسادة علي رأسها معترضة علي هذا الظلم فـكيف له بقطع متعتها في النوم !
ثار من الضيق ليبعد الغطاء عن جسدها بقوة , شعر بالحرج حينما وجدها ترتدي عبائة قصيرة قد رفعت من قدميها من اثار حركتها العنيفة اثناء النوم لتبين جمال ساقيها تنحنح بحرج و حاول تجاهل الامر..
مال برأسه علي اذنها و صاح :
-سمـــر
قامت بفزع لتنظر لهذا المزعج البغيض , وقعت عينيها علي منظرها امامه لتقوم بسحب الغطاء علي صدرها مسرعة و ترسل له نظره غاضبة :
-انت ازاي تدخل عليا
كتم ضحكته عن منظرها الثائر و قال باقتضاب :
-يلا قومي غيري لبسك كدة عشان عاوزك
-لا مش هقوم و بعدين مين سمحلك تدخل
وضع يده عند اسفل ظهرها قائلاً بمشاغبة :
-مراتي و انا حر فيها
افلتت نفسها من بين ذراعه لتقوم باقتضاب متجهه لمرحاض الخاص بغرفتها , ارتاح بجسده علي الفراش و امسك بهاتفه ليتفحص بعض الاشياء بهاتفه..
انتهت من حمامها الساخن و التفت بالمنشفة حول جسدها بقوة , فتحت الباب بهدوء لتجده مستلقي علي فراشها يعطيها ظهره , اسرعت بالخروج من دورة المياه و فتحت خزانتها لتخرج منها ثيابها..
شعر بها ليختلص نظره لها , ضحك و ادار وجهه ثانياً لم يرد ان يخفيها بنظراته , اشغل نفسه بهاتفه عنها ليسمع صوت اغلاق باب المرحاض ثانياً..
لم يمر الكثير لتخرج له فتاته الصغري بقميص زهري قصير و سروال ابيض ضيق متعطرة بعطر اشعل انفه في استنشاق رائحته..
وقفت امام المرآه لتقوم بتمشيط شعرها المبلل متجاهلة وجوده , هم واقفاً ليتجه بالقرب منها و يقول بمرح :
-ابقي اللبسي بنطلون و انتي نايمة
صمتت بحرج و تركت الممشط لتلتف له بحنق :
-افندم
قرص خدها الايسر مداعباً اياها :
-بهزر معاكي
حاولت رفع اي من حاجبيها لكن لم تعرف , ليمتعض وجهها و تتساءل :
-انت جيت ليه و…
قاطعها مسرعاً قائلا متفحصاً لملامح وجهها :
-انتي كنتي قفلة باب اوضتك بالمفتاح ليه
شعرت بالربكة لتصمت مفكرة باي اجابه , ليقفز ببالها سؤال غبي :
-انت دخلت ازاي و انا قفله بالمفتاح ؟
ثم دارت بجسدها مكملة تمشيط شعرها , شعر بالاهانه من تجاهلها لسؤاله ليمسك بذراعها بغضب و يديرها لها , قائلاً و قد تأكد بما في باله :
-كنتي قفلة باباك بالمفتاح ليه يا سمر
.
.
.
.
.

error: