“كبير العيلة”بقلم احكي ياشهرزاد

الحلقة (32)
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
جلست سلافة أمام سلمى فاغرة فاها مما سردته الأخيره على مسامعها، لتقفز واقفة وهي تهتف بحنق شديد:
– وانتي ازاي تسكتي على اللي عملته؟.. انتي عارفة حجم الكارثة اللي اتسببت لك فيها؟.. دي شككت فيكي، خليت جوزك يشك فيكي، يا ريتها حطي تلك ملح في الاكل اللي انتي طبختيه مثلا.. لا!!!… دا عرض وشرف خاضت فيه، الست دي لازم يتوضع لها حد!..
نهضت سلمى وهي تحاول أن تهدأ سلافة قائلة بهدوء حزين:
– هدِّي نفسك يا سلافة، أنا طبعا عارفة ومتأكد هان اللي عملته مش شوية ، لكن لو كان الانسان اللي قودامها عاقل ومتزن ما كانش فيه حاجة حصلت، الغلط شهاب يتحمل له وأكتر منها كمان، طيب هي ومن أول لحظة لينا في البلد وهي بتكرهنا هو بقه عذره ايه انه يصدقها؟.. وخلي بالك يا سلافة دي مش أول مرة شهاب يعملها، فاكرة أيام الحادثة والمستشفى؟.. مش سبق وشك فيا ووقتها كلكم قلتوا لي انه معذور الفيديو اللي راح له وحالتي النفسية السيئة أيامها، وللأسف اقتنعت بعذره وبكلامكم لكن اللي عمله دلوقتي مالوش لا عذر ولا مبرر عندي…
نظرت اليها سلافة بتساؤل مقطبة:
– يعني ايه يا سلمى؟..
هزت سلمى برأسها وأجابت بغموض:
– أنا ما اتعودتش آخد قرار من غير تفكير، لازم أوزن النتايج كلها، وفي وسط دا كله أنا بردو مش قادرة أشوفه قودامي، احنا من يومها مش بنكلم بعض كلمتين على بعض، اكتر من خمس ايام وكل اللي بيننا كلمات بسيطة لما بيصادف ونكون معهم تحت، وحتى دي بقيت بتهرب منها، مش قادرة أشوف أمه يا سلافة، أد كدا كرهها لينا مالي قلبها؟.. ازاي قدرت تخطط وترسم وتقول كدا عليّا؟.. دا قذف محصنات، وهي عندها بنت، ما خافتش اللي بتعمله معانا ربنا يترد في بنتها؟.. سلسبيل طيبة وربنا يعلم أنا بحبها أد إيه وما اتمنى لهاش حاجة وحشة لكن داين تدان… شيطانها شاطر أوي كدا لدرجة انها عامية عن كل حاجة إلا أذيتنا وخراب بيوتنا اللي هو في الاساس بيت ولادها؟..
زفرت سلافة بحنق وهي ترى عيني أختها تمتلآن بالدموع وقالت بغيظ من بين أسنانها وهي تحتضن كتفيها مربتة عليها:
– أقولك إيه بس، أصل فيه ناس كدا بينسوا ربهم والكره والحقد اللي جواهم بيخلوهم مش شايفين ولا سامعين غير شيطانهم وبس، لكن على أد ما انا زعلانه من اللي عمله شهاب فبردو عاوزاكي تحطي في دماغك حاجة واحده بس، حماتك استغلت اندفاع شهاب الاعمى وحبه ليكي وغيرته المجنونة عليكي، لكن ما أعتقدش انه شهاب شك فيكي لسبب بسيط جدا لو فعلا كان شك ما كان أي كلام هيخلي الشك اللي جواه دا يروح، شهاب اتصرف وكالعادة من غير ما يدي فرصه لنفسه انه يفكر الاول، وخصوصا انه الكلام وصل له من أمه، يعني عمره ما هييجي في باله مهما كانت أمه مش بتحبك انها توصل انها تتبلى عليكي بالشكل دا، وخصوصا أنه الحرباية على كلامك بعد اللي حصل بكت بدموع التماسيح وقالت لشهاب انها مش قصدها لدرجة انها اعتذرت لك قودامه، شوفتي أكتر من كجا خبث؟… عشان تبقي تصدقيني لما أقولك انها عقربة وحيّة مع بعض، بس على مين أنا بقه اللي هكسر سمّها!!.. المهم دلوقتي اوعي تفكري تسيبي بيتك وجوزك، حتى لو انتي لسه متضايقة منه خليكي قاعده في بيتك، كفاية انها طول ما هي شايفاكي رايحة وجاية قودامها وجوزك شكله على آخره من خصامك ليه دمها هيتحرق بزيادة، بيني وبينك ومن قبل ما تحكي لي انا حاسيت انه فيه حاجة، شهاب مش طبيعي، مش دا شهاب اللي قعدته كلها ضحك وفرفشة دايما ساكت، حتى واحنا مع بعض تحت ع السفرة انا اخدت بالي انه عينيه ما اتشالت من عليكي حاسيت اني قودام واحد مراهق بيحب على روحه!!!..
وضحكت ساخرة فرمقتها سلمى بغل وضربتها بخفة على كافها وقالت آمرة:
– اتلمي، ما تتريقيش على جوزي لو سمحتي..
نظرت اليها سلافة بمكر ورفعت حاجبها الأيمن وهي تقول بإغاظة:
– يا سلام دلوقتي بقه جوزي؟.. ما انتي ما كونتيش طايقاه منش وية وبتفكري في قرارات مصيرية وكلام من المجعلص الكبير دا اللي ماليش فيه!!!!
هزت سلمى كتفيها وأجابت بغرور:
– جوزي أنا بس اللي مسموح لي أعمل فيه وأقول عليه ما بدا لي لكن حد تاني لأ، انتي ما سمعتيش المثل أدعي على جوزي وأكره اللي يقول آمين؟..
أجابتها سلافة بجدية زائفة وهي تبتعد عنها مربتة على كتف أختها:
– لا وانتي الصادقة المثل أدعي على ابني مش جوزي، لكن سمعت المثل اللي بيقول عيني فيه وأقول.. إخِّيييه!!!!!!
ليكون نصيبها قرصة من سلمى في خصرها تأوهت على أثرها عاليا قبل أن تسمعان صوت زوجيهما بالخارج حيث كانتا في شقة سلمى بغرفة نوم الأخيرة….
طرقات على الباب أسرعت سلمى بالفتح لتجد شهاب ينظر ايها بعينين مظلمتين سرعان ما انتعشا لرؤيتها وقال بهمس مبحوح فيما كانت عيناه لا تكفان على ارسال نظرات الرجاء والتوسل:
– غيث بره، ياللا عشان تحضري لنا عشا حلو كدا من ايديكي الاتنين…
قاطعت سلافة سيل النظرات بينهما أحدهما مترجية والأخرى عاتبة، لتقول وهي تبتسم تهم بالخروج:
– لالا ما تتعبيش نفسك يا سولي، احنا الغد ابتاع ماما ستو لسه ما اتهضمش…
ليسارع شهاب بالقول فهو يعلم أنه ما أن تذهب سلافة وغيث فستسرع سلمى بالحتماء في غرفتها وتركه ليقضي ليلة أخرى مسهدة كاليالي التي سبقتها:
– لالا أبدا، معقول!!.. احنا وقت عشا، ياللا يا سلمى..
ومنحها نظرة جدية لترفع سلمى حاجبها في ريبة ثم هزت برأسها قائلة:
– ربع ساعة بالكتير والعشا يكون جاهز…
قالت سلافة بابتسامة:
– وأنا هساعدك..
وبهذا قطعت سلافة على شهاب عرض المساعدة الذي كان ينتويه حيث كان عازما أيضا على استغلال هذا الوقت أسوأ استغلال ولكن لتحبط سلافة خططه كلها وتجعله يكاد يعض أصابعه غيظا!!!!!..
————————–————————
وقفت خلفه وهو يرتدي عمامته البيضاء تطالعه بعينين تشيان بعشقها لفارسها الأسمر، ابتسم لصورتها المنعكسة أمامه في المرآة والتفت اليها يقول بابتسامة:
– ايه؟.. كانِّك بتشوفيني لاول مرة!..
اقتربت سلسبيل من ليثها ووقفت أمامه لتشب على أطراف أصابعها وهي تتعلق بذراعيها في قربته هامسة بصوتها ذو النغمة المميزة:
– دايما كل بشوفك كانِّي بنضُرك لاول مرة!.. معصدجش نفسي إني مَرَتك، انك اخترتني أني عشان تعيِّشها في الجنّة ديْ..
أحاط ليث خصرها الناعم الملتف بقميص حريري أحمر اللون عار الاكتاف يبرز بياض بشرتها الواضح، همس أمام وجهها لتفلحها رائحته المسكيّة مختلطة بعطره الرجولي الخاص:
– صوح يا سلسبيلي؟.. فرحانه أنك اتجوزتيني؟..
فتحت عينيها واسعا غير مصدقة لهذه اللمحة التي رأتها!.. ففي أقل من ثانية لمحت طفلا مهزوزا يقبع خلف نظرات ليثها القوية!.. أحست برتددا ولو بسيطا يكمن في نبرات صوته القوي، فابتسمت ابتسامة صغيرة وفهمته… وعذرته!.. ، أصبح ليث بالنسبة لها كتابا مفتوحا لا تحتاج لشرح منه أو توضيح، من المؤكد أنه يمر عليه بعض لحظات التساؤل إن كانت تشعر بالسعادة الحقيقية معه، كما أنها متأكدة أن هناك سؤالا يراوده دائما يخشى من الافصاح عنه ليس خشية على احراجها ولكنه خوفا من جوابها!!!… ، هي على يقين أنه يتساءل عما إذا كانت تقارن بين حياتها معه وحياتها السابقة مع… راضي.. أخيه!!!… ، تعلم أنه بيدها وحدها بث الطمأنينة في نفس هذا الليث القاسي الذي يرعب أقوى الرجال وتهتز لذكر إسمه فقط أعتى الشوارب ولكن ما إن يغلق عليهما بابا واحدا يستحيل هذا الليث لقط أليف يخرخر سعيدا راضيا عندما تداعبه بأناملها الناعمة، أقسمت بداخلها أنها ستقضي كل يوم في حياتها معه وهي تثبت له أنه لا مقارنة بينها اليوم وبين ما كانت بالامس، فسلسبيل الامس قد ذهبت ما أن دق قلبها له هو، حيث ولدت على يديه سلسبيلا جديدة… سلسبيله هو!!…
رفعت عينان تنضحان بعشق سرمدي وأجابت وقد وضعت كل حبها في صوتها لتظهر نبرة الصدق واضحة لا ريب فيها:
– أني مش فرحانه إو بس، لاه!!… أني بشكر ربي كل ليلة وفي كل وجت على انه هداك ليا، انت هدية ربنا ليا يا ليثي، يا سبعي، ربنا ما يحرمني منيك ويجعل يومي جبل يومك..
ليسارع ليث بكتم فمها وهو ينهرها بقوة ان تصمت فيما قلبه قد تسارعت دقاته فرحا بما يراه من عشق خالص صاف موجه له وحده وجزعا من عبارتها التي تتمنى فيها له هو أن يعيش أطول من عمرها!!.. هل تعتقد أنه سيستطيع الحياة بعدها ولو لدقيقة واحدة؟.. طوال السنوات التي عاش فيها محروما منها بل ومن لحظة تفكير فيها كان أشبه بالنيت الحي وحده طيفها الذي كان يلمحه خطفا واحساسه بأنها معه في نفس المكان يتشاركان الهواء ذاته كان كفيلا بأن يتشبث بالحياة، ولكن إذا حدث وخلت حياته منها فلأي سبب يحيا بعدها!!… وأن حصل وكتب له الحياة فهو على يقين من أنها ستكون حيارة باردة لا طعم لها ولا لون عبارة عن أيام يقضيها حتى يلحق بها هناك… حيث يدعو الله ليلا ونهارا وفي كل صلاة أن يجمعه بها في جنته، وأن تكون هي… حوريته هناك، أو لا يقولون أن الرجل سيخير في الحور العين وإن كانت إمرأته في الدنيا صالحة ستكون من ضمنهن؟.. إذن فسيختارها هي.. إمرأته.. حبيبته.. طفلته.. حوريته في الدنيا والآخرة!…
أبعد ليث يده الضخمة عن فمها حيث ابتلعت راحته نصف وجهها الصغير وقال بغلظة:
– إياكي أسمعك اتجوليها تاني مرة يا سلسبيل مفهوم؟..
ابتسمت ورفعت وجهها اليه تقول ببراءة:
– مفهوم يا جلب سلسبيل…
تنحنح ثم قال:
– هروح أني دلوك لأني عوّجت، رايدة حاجة جبل ما أمشي؟..
سلسبيل وهي تنظر اليه بحب:
– رايداك سالم يا ولد عمي، أني بعد أذنك عروح أسلم على سلافة وسلمى وأجعد امعاهم اشوي..
ليث بجدية:
– متعوجيش، خدي الواد صابر ايوديكي ويجيبك، و حاجة تانية.. يا ريت ما تدخليش روحك في أي حديت حوصل اهناك، مالكيش صالح باللي بيوحصل بيناتهم وبين أمك من الآخر..
قطبت سلسبيل وتساءلت:
– ليه؟.. هو حوصل حاجة؟..
قطب ليث مجيبا:
– ماعارفشي بالظبِط، لكن شكله انه فيه حكاية واعرة جوي حوصلت بين شهاب ومرته غيث لمح لي بحاجة زي إكده لمن سألته عن شهاب وكيف انه متغيِّر اليامين دول، واللي فهمته انه مرت عمي ليها يد باللي حوصل، جوصر الكلام امك وغالية عنديكي ما جولتش حاجة لكن بعِّدي عن حواديتها مع بنات عمك، واضح يا سلسبيل؟. أني ما عاوزشي تكون طرف بحكاويها من الاخر…
أومأت سلسبيل وقلبها يقرع خوفا مما فعلته أمها فهي تعلم تماما مدى كره أمها لبنات عمها ورفضها لزواج شقيقيها منهما ولكنها لم تستطع الوقوف أمام إرادة الحاج عبد الحميد كبير العيلة, قالت سلسبيل بتفهم:
– حاضر يا ولد عمي..
قبلها ليث قبلة عميقة على جبهتها وابتسم قائلا:
– ربنا يخليكي ليا وما يحرمني منيكي يا جلب ليث، أفوتك بعافية..
تركها متجها للباب حين شعرت سلسبيل فجأة بتقلصات بطنها التي تشعر بها منذ أن استيقظت صباحا وقد زادت لدرجة جعلتها تطلق تأوها مباغتا حاولت كتمه كي لا يصل لمسامع ليث ولكنه كان قد سمعها وانتهى الأمر!!..
تقدم اليها بخطوات سريعه وسارع لاسنادها وقد رآها تترنح في وقفتها وهتف بخوف يقبض قلبه لأول مرة:
– باه.. سلسبيل، فيكي إيه؟..
حاولت الابتسامة من وسط ألمها وأجابت بصوت ضعيف واهن:
– ما تجلجشي إكده يا ولد عمي، تلاجيه شوية برد، أني هشرب كوباية لايسون دافية وان شاء الله هبجى زينه..
لم يقتنع ليث بكلمتها وقال:
– لاه.. اني لازمن آخدك المركز عشان الدَّكتوور ايشوفك..
سلسبيل برفض ناعم:
– لاه.. مامنوش لازمه، أني دلوك هشرب اللايسون كيف ما جولت لك وهبجى زينه إن شاء الله…
قبل ليث جوابها على مضض وقال بأمر:
– ما عتروحيشي موكان انّهاردِه، خليكي اهنه في السَّري، وأني هجول لأم ليث تاخد بالها منيك زين وتبعّد العيال عنيكي عشان تعرفي اتنامي صوح، وتجّلي في تيابك يا سلسبيل، عشان البرد ديه يخرج منيكي..
ابتسمت سلسبيل وقالت بينما كان يعاونها على الرقاد فوق الفراش:
– حاضر يا ولد عمي، بس ياللا انت بجاه عشان ما تتعوجش على مصالحك أكتر من أكده..
جلس بجانبها فوق الفراش بعد أن أحكم من وضع الغطاء حولها وقال وهو يحيط جانب وجهها الأيمن براحته الكبيرة الخشنة بينما ابهامه يتلمس حدود شفتيها:
– انتي مصالحي وحالي ومالي، هو أني عِنْدي أغلى منيكي أخاف عليه يا جلب ليث..
قبلت راحة يده بشفتيها الدافئتين لتقول بصدق شعّ من عينيها:
– ربنا يخليك ليّا يا حياة سلسبيل إنتِه…
نهض من جوارها بصعوبة وانطلق ينادي والدته بينما ترك قلبه بجوراها يحرسها داعيا الله أن يحفظها له، وفاتته تلك البسمة التي زينت ثغر سلسبيل وهي تمسد بطنها بنعومة من فوق قماش ثوب نومها الناعم وهي تدعو الله أن تكون ظنونها صحيحة، فلو صح حدسها فهي الآن تحمل ثمرة حبها هي و… الليث!!…
******************************************
طرقات خفيفة تعالت لتسمح للطارق بالدخول وهي منشغلة بقراءة أوراق في يدها واقفة بجوار مكتبها، حتى إذا رفعت رأسها فوجئت بشهاب وهو يقف أمامها بينما الباب موصد خلفه!…
وضعت الأوراق فوق سطح المكتب، ونظر الى شهاب قاطبة وهي تقول:
– خير يا شهاب؟.. فيه حاجة؟.. مش بعادة تيجي لي العيادة يعني؟…
اقترب شهاب حتى وقف على بعد خطوات منها وقال ويديه داخل جيبي سرواله الجينز الغامق:
– مضطر أجي لك هنا، مش عارف أقعد معاكي خالص، طول ما انتي في البيت يا مع جدتي يا في الاودة يا مع اختك، قلت أحاول أشوفك في العيادة يمكن أعرف أقعد معاكي براحتنا!..
سلمى ببرود وهي تستدير لتتناول الاوراق التي كانت بيدها:
– للٍأف يا شهاب انا مش فاضية دلوقتي، أنت أكيد شوفت العيادة مليانه برّه ازاي، نتكلم بعدين…
وتظاهرت بالانشغال في الأوراق بينما كان قلبها يختض بقوة ما أن وقعت عيناها عليه، تحدث شهاب ببرود مشابه لبرودها:
– مافيش حد بره، أنا مشيتهم، وقلت لمغاوري التمرجي يمشي هو كمان!!..
تركت الأوراق لتسقط منها واتجهت اليه وقد حصل على رد الفعل الذي يريده، أرادها منفعلة ثائرة وليست لوح رخام بارد كما كانت منذ شجارهما، لترتسم ابتسامة صغيرة سرعان ما أخفاها متصنعا التجهم!… هتفت به بحدة:
– انت بأي حق تمشّي العيانين بتوعي؟.. ومغاوري التمرجي كمان؟.. طب اتفضل أنت بقه حضرتك من غير مطرود، انا مش عاوزة أتكلم معاك لا دلوقتي ولا بعدين!…
وأسرعت بالاتجاه الى الباب لتفتحه لتفاجئ بأنه… موصد!!…
رفعت عينيها اليه بذهول وهي تشير الى الباب:
– انت ايه اللي عملته دا؟..
هز شهاب كتفيه ببرود وأجاب وهو يقلب شفتيه بلا مبالاة:
– عادي، عاوز أقعد مع مراتي براحتي، أظن حقي؟!..
أجابت سلمى بمرارة ساخرة:
– حقك!!.. آه فعلا كله حقك، وانت أكتر واحد بتاخد حقك أول بأول، بس يا ترى بتعرف حق الناس بقه زي ما انت عارف حقك؟…
زفر بضيق واقترب ليقف على بعد خطوات قليلة منها ووقف يطالعها وهو يقول بجدية:
– شكلك مش عاوزة تسامحيني ومش مدياني فرصة أني أشرح لك…
هتفت سلمى وقد بدأت واجهة البرود التي اعتمدتها في التصدع:
– تشرح لي إيه بالظبط يا باش مهندس؟.. تشرح لي إزاي شكيت فيا؟.. ولا إزاي حاكمتني وأدنتني وأصدرت حكمك من غير حتى ما تدي لتفسك فرصة انك تسألني الأول؟.. ولّا إزاي… ضربتني؟!!….
لتترقرق الدموع في عينيها مع كلمتها الأخيرة وتواصل بحزن شديد:
– إيدك اتمدت عليّا يا شهاب، فاكر الحادثة إياها واللي حصل أيامها؟.. وقتها وعدتني أنك عمرك ما هتزعلني وأنك مش ممكن تشك فيّا، لكن انت خالفت وعدك يا شهاب، انت شكيت فيا وأدنتني و….وضربتني يا شهاب!!!..
لينهمر السد عند آخر حرف من أحرف كلماتها فتهطل دموعها تغرق وجهها، لتستدير وتوليه ظهرها وقد بدأ صوت بكائها في الظهور فأطلق شهاب لعنة من بين شفتيه قبل أن يطوي المسافة التي تفرقهما ويمد يده ليديرها ناحيته على الرغم من ممانعتها ويحتويها بين ذراعيه في حين كالت له القبضات وهي تهتف به من بين صيحات بكائها أن يتركها، ولكنه أحكم قبضته حولها وأسند رأسها الى كتفه وهو يربت على شعرها، حتى بدأت نوبة البكاء التي داهمتها بالانحسار، فتحدث فيما يشعر بالطعنات تصيب قلبه لدى كل شهقة بكاء تصدر عنها:
– لو قلت لك أني آسف بعدد شعر راسي مش هتصدقيني صح؟…
انتظر فلم يسمع منها أي رد فواصل وهو يستند بذقنه على قمة رأسها:
– اسمعيني كويس يا سلمى وحطي الكلام دا في دماغك كويس أوي، أنا عمري ما هشك ولا شكيت للحظة واحده فيكي، لأني من الآخر لو شكيت فيكي يبقى بشكّ في نفسي، عارفة يا سلمى لو فيه ذرة شك جات في قلبي من ناحيتك عمري ما كنت هكتفي بزعيق ولا خناق ولا حتى قلم ولا قلمين!!!.. لا لا لا الراجل لما بيشك في مراته بيحول حياتها لجحيم وما في أي حاجة في الدنيا ممكن تخرّج الشك دا من جوّاه غير دليل قوي جدا وغير قابل للتشكيك فيه، أنا ومن الآخر… بغيييييير!!.. افهميها بقه!.. بغير عليكي جداااا، اذا كنت أحيانا بغير عليكي من جدي لما يشكر فيكي ولا يقول لي مراتك مافيش زيّها، جدي ها فاهمه؟.. مش هغير عليكي من الأغراب؟…
أبعدها عنه قليلا وقبض على كتفيها وأردف وهو ينظر الى عينيها اللامعتين من أثر الدموع:
– أنا… بحبك.. بعشقك… تقدري تقولي عليّا مجنون سلمى، وأنا انفعالي جدا وعصبي جدا وللأسف بعمل العملة الأول وبعدين بفكّر فيها!!!.. بس بردو أنا… بحبك جدا جدا جدا، وصدقيني وأتحداكي تلاقي حد بيحب مراته زيي كدا…
مسحت وجهها بظهر يديها كالأطفال وأجابت بحزن وهي تشيح بعينيها بعيدا:
– آه.. وايدك طويلة جدا جدا جدا!!!.. ولسانك عاوز قصّه جدا جدا جدا.. و…..
قاطعها شهاب مبتسما:
– ومجنون سلمى جدا جدا جدا!!!…
قالت ببرود وهي تحاول الابتعاد عنه:
– وبعدين فين الحب دا؟.. عندك غيث وسلافة مثلا… شوف بيحبها ازاي وبيصبر عليها ازاي، ما هي أصلها هي التانية مطيورة زيّك كدا تمام، لكن غيث ما شاء الله عليه رزين وعاقل وهادي وبيحتويها وبيتفهم عصبيتها، تصدق انت ما كان لك غير واحده مجنونة زيّك كدا!!..
نظر اليها بنصف عين ورد من بين أسنانه:
– طيب قصري بقه في وصلة الشعر اللي بتقوليها في أخويا دي بدل ما أوريكي الجنان اللي على أصله شكله يبقى إزاي ووقتها بقه مش هيبقى قلم بس.. لا لا لا مقلمة بحالها وأنتي الصادقة!!!
حدقت فيه بدهشة وهتفت بذهول وهي تشير بيديها:
– تاني يا شهاب!!!.. انت مش ناوي تحرم طريقتك دي أبدا؟.. أنا عاوزة أفهم انته تبطل امتى غيرتك المجنونة دي؟.. هو انت مش المفروض بتصالحني ولا أنت بتزعلني من أول وجديد؟…
أحاط وجهها براحتيه الخشنتين وأجابها وهو يميل عليها لينظر بعمق في غابات الزيتون خاصتها:
– أنا عمري ما هبطل غيرتي المجنونة دي، لأني لو بطلتها اعرفي اني بطّلت أحبك، وأنا مش ممكن أبطّل أحبك، بالعكس بقه حبك كل يوم بيزيد مش بيقل، وبعدين أعمل لك ايه بقولك بغييير تقوليلي أخوك!!!!.. أنتي اللي غاوية تجنينني!!..
أشاحت سلمى بعينيها بعيدا فهمس وهو يميل عليها أقرب لتلفحها أنفاسه الخشنة:
– سلمى أرجوكي.. خمس أيام من وقت ما زعلنا وأنا مش حاسس بطعم أي حاجة، بتعامليني بمنتهى البرود وكأن اللي بيننا عقد عمل مش جواز، أنا مش قادر يا سلمى، أرجوكِ بجد سامحيني، واغفري لي.. سامحي واحد مجنون وغيرته دي اللي مجنناه، لكن بردو أنتِ عنده أغلى من أي حاجة ومن أي حد، أنا.. مش عاوز عمي رؤوف ومرات عمي يرجعوا من العمرة ويلاقونا متخاصمين، أرجوكِ يا سلمى، أنا سمتعد للترضية اللي تطلبيها بس ارحميني من النوم في أودة الأطفال تعبت… بئالي خمس ايام ما دوقتش فيهم طعم النوم!!!…
نظرت اليه وقالت بهدوء:
– يعني أنت راضي بأي حكم أحكم بيه عليك؟…
افترشت وجهه ابتسامة واسعة وقد بدأ قلبه يرقص فرحا فها هي حبيبته أوشكت على مسامحته:
– أي ترضية عاوزاها حبيبتي أنا تحت أمرك…
نظرت اليه بلؤم لتلمع عينيها بمكر وهي تقول بينما تمسك براحتيه لتبعدهما عن وجهها:
– خليهم سبع ايام!!!…، قطب وتساءل:
– نعم!!.. هما ايه دول اللي أخليهم 7 أيام؟…
هزت كتفيها وأجابت ببرود وهي تبتعد عنه خطوتين الى الوراء:
– نومك في أودة الأطفال!!.. كمل الاسبوع يا باش مهندس!..
ليعتلي وجهه تعبيرا حانقا ويهتف باستنكار تام:
– نعم!!!!!!… بقولك بئالي خمس ايام ما نمتش تقومي تقوليلي خليهم سبعة!!!!!!!!1 انتي اتجننتي؟!!!!
أدارت ظهرها إليه وهي تقول بإغاظة:
– والله دا حكمي وأنت قلت انك هترضى باللي أقوله….
لينظر اليها شهاب وقد طرأت على باله فكرة مجنونة فقال بخبث وهو يتقدم ناحيتها بخطوات مدروسة:
– امممم… يعني أقضي الليلتين الجايين في أودة الاطفال صح؟…
قطبت سلمى ووقفت وقد استشعرت الخطر في نبرته الناعمة لتجيبه وقد التفتت اليه:
– آه…..، ليسارع اليها يحملها بين ذراعيه وهو يهتف بجذل:
– بس احنا دلوقتي بالنهار مش بالليل، وفي العيادة مش البيت، يعني العقاب ساري من بالليل بس، يبقى دلوقتي بقه أنا اللي أقول…
هتفت سلمى وهي ترفس بقديمها الهواء لينزلها:
– تقول ايه بس؟.. شهاب ما تتجننش!!!!!
وضعها على الاريكة الجلدية واتجه سريعا ليسدل ستائر النافذة ليحجب الغرفة عن الخارج ثم استدار سريعا اليها متجها نحوها وهو يفتح أزرار قميصه هاتفا:
– دا أحلى جنان….
رفعت سلمى سبابتها اليه بتحذير هاتفة وهي ترى نظرات المكر ونيته المبيتة تتراقص في رمادي عينيه:
– شهاب بقولك إيه بلاش…
لتضيع باقي أحرف كلماتها بين شفتيه ويسحبها معه في عالمهما الوردي حيث تعالت الألعاب النارية وتلونت السماء بألوان قوس قزح!!!!!!!!!!!…
————————–————————
كانت تجلس في غرفة الجلوس تنتظر غيث لموافاتها وهي ترغي وتزبد فقد تأخر عليها ويه تريد السفر الى القاهرة لملاقاة والديها بعد رجوعها من أداء مناسك العمرة، وكان شهاب وسلمى قد سافرا منذ يوم أمس لرغبة سلمى بالذهاب الى أستاذها المشرف على رسالتها، ولم يكن من المنطقي أن تسافر معهما ووعدها غيث بأن يسافرا في الصباح الباكر قبل موعد الرحلة بوقت كافي، ولكن ها هو قد هافتها منذ ساعة ليخبرها بأن هناك مشتر لمحصول الأرض وهو مجبر على انتظاره فوالده مشغول بأشياء أخرى ولم يستطيع مقابلة الشاري، وحينما طلبت منه أن يدعها تسافر هي سواءا بالقطار أو أن يوصلها غفير من غفرائهم رفض بشكل قاطع!!!…
نهضت واقفة وأخذت تروح وتجيء في المكان وهي تطلع الى ساعة يدها من وقت لآخر، يبدو أن جدّيْها في جناحهما فلا تسمع لهما أي صوت، حركة شدت انتباهها لتلتفت حيث مصر الصوت فتفاجأ براوية وهي تقف تطالعها بسخرية وشماتة، دلفت راوية في حين أشاحت سلافة بوجهها عنها فهي ليست بمزاج رائق لسماجة حماتها الآن!!…
اقتربت راوية منها وهي تسلط نظراتها على تلك الفتاة التي لا تخفي كراهيتها لها، فهي تشعر أن سلافة تبادلها كرها بكره وبوضوح، لم تكن كسلمى أختها الكبرى، تلك الأخرى التي أصبحت تتجنبها منذ شجارها وشهاب، ولكنها لن يهدأ لها بال قبل أن تنفذ ما ببالها، ولكن الأهم الآن هو أن تتخلص من تلك الصغيرة فهي تشعر أنها قادرة على قراءة أفكارها، أما سلمى فإن التخلص منها ليس هناك أسهل منه، فهي ساذجة وابنها شهاب عصبي متهور وليس هناك أفضل من هكذا صفتين تستطيع معهما تنفيذ ما تريده بسهولة ويسر، ولكن من يقف حقيقة كالشوكة في بلعومها هي… سلافة!!!.. خاصة وأن غيث ابنها من النوع الهادئ المتريث الذي لا يتهور في أي فعل كشهاب!!!!..
تحدثت بسخرية:
– أيه يا مرات ولدي شكلك مش على بعضيكي ليه؟…
زفرت سلافة بضيق وأجابت وهي تنظر الى راوية بضيق واضح:
– لو سمحت يا طنط أنا فعلا مش حمل كلام دلوقتي…
راوية باستهجان:
– ما تجاوبيني عِدِل يا بت انتيْ!!!.. وأني جول تلك إيه يعني؟.. أني بسعلك ليه شايله سيدك عبد الجادر فوج راسك وزاعجه، يبجى تجاوبي بأدب!…
هتفت سلافة:
– وأنا جاوبت بمنتهى الأدب، أنا قلت إيه لمحاضرة الاخلاق دي؟.. سألتيني مالي جاوبت وقلت أنا في مود مش كويس، ما قلتش حاجة يعني لدا كله، وبعدين أنا مش بت، أنا اسمي سلافة!!!
راوية بهتاف حاد عال:
– واه، واه واه.. ما تاجي تاخديلك جلمين أحسن!!!… إيه الفُجر اللي انتي فيه ديه يا بت ألفت!!!
وكأن آخر كلمات راوية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، اذ ضيقت سلافة عينيها واقتربت من حماتها حتى وقفت أمامها وقالت بلهجة تحذير واضحة:
– نعم؟.. سمعيني تاني كده؟.. بنت مين؟… أنا اسمي سلافة رؤوف، وبعدين ومالها بنت ألفت؟.. شرف ليا أني أكون بنت ألفت، ولا ليكي رأي تاني؟…
أشاحت راوية بيدها باستهتار لسلافة وأجابت وهي تشخر لا مبالية:
– راي إيه بجه بعد حديتك الماسخ ديه؟… انتي جليلة الرباية وعاوزة اللي يربيكي زين، أنما هجول إيه ما انتي تربايتها، على راي المثل.. إكفي الجدرة على فومّها تطلع البت لأمها…
صاحت سلافة بحدة قوية:
– أنا ما اسمحلكيش انك تجيبي سيرة أمي، أمي أحسن أم وقلبها أنضف قلب، الدور والباقي على اللي قلبه أسود من كتر الكره اللي ماليه لغاية ما الدود هياكله من حسده وغيظه وغلّه!!!!
حدقت راوية فيها واسعا وصرخت بغضب وحشي حتى أن معالم وجهها غدت في غاية القبح والبشاعة:
– انتي بتجولي إيه يا بت إنتي؟.. انتي فعلا عاوزة تتربي من أول وجاديد وما اكونش راوية اما أكونِش أربيكي من تانيْ…
هتفت سلافة:
– أنا متربية أحسن منك…
لتعاجلها راوية وهي ترفع يدها عاليا:
– اخرسي جطع لسانك….
وهوت بيدها على وجه سلافة لتسارع سلافة بالامساك بيدها قبل أن تحط على وجهها، وهي تصرخ فيها هاتفة:
– قطع ايدك ولسانك ورقبتك كمان!!!!!…
ودفعتها بقوة ولكنها لم تكن بالقوة التي جعلتها تترنح وتشحب وتهتف بما جعل سلافة تعرف لما أوشكت حماتها العتيدة على الاغماء اذ هتفت الأخيرة بتعب زائف ووهن مصطنع:
– الحجني يا غيث، الحجني يا ولدي!!!…
لتشهق سلافة وتلتفت الى غيث الذي تكاد النار تخرج من عينيه وهو يهرع الى والدته فيما تحرقها هي نيران غضبه:
– أمي…
أسندها غيث وأجلسها الى الأريكة، اقتربت منه سلافة وقالت وهي تشير الى حماتها التي تمادت في تمثيل دور الضحية:
– غيث… هي اللي كانت عاوزة تضربني.. صدقني يا غيث أنا مش….
ليهدر بها صارخا:
– اخرسي!!!… أني شوفتك يا سلافة، نضرتك كيف زجِّيتيها لمن كانت هتنكفي على وشّها…
راوية بوهن مصطنع:
– بجه أني برضيكي عضربك يا مرات ولدي؟.. أني يا بني كل اللي جولتهولها ليه شكلك جلجان إكده؟… عديك ع اللي حوصل لي بعدها، ما خولصتش يا بني!!..
سلافة بهتاف منفعل:
– كدابة!!!!!!!!!…
ليصرخ غيث وهو يرفع يده عاليا:
– سلااااااااافة!!!!!!!!!…
شهقتها كانت هي من أوقفت يده في الهواء قبل أن تحط على وجهها، طالعته سلافة وهي تضع يديها الاثنتين على فمها وتهز برأسها مرارا من اليسار الى اليمين في عدم تصديق لما كان غيث على وشك فعله قبل أن تهتف من وسط ذهولها:
– مش ممكن.. حصلت انك ترفع ايدك عليا يا غيث؟!!
غيث بضراوة:
– وأضربك بالمركوب كومان لمن ألاجيكي بتمدي يدّك على أمي!!!!
ليتعالى صوت من أمام باب الغرفة المشرع يقول بجدية وحزم:
– مش بنت رؤوف الخولي اللي تتضرب يا ابن أخويا!!.. وان كنت أنت معرفتش قيمتها فجه الوقت اللي تعرفها فيه!!!!….
لتهتف سلافة عاليا وهي تهرع مجتازة غيث الذي نظر الى عمه الواقف وقد تلقف ابنته الباكية بين أحضانه فيما هرب الدم من وجه غيث ولكنه أبى الانكسار ووقف بشموخ يطالع عمه بثقة ويقول:
– حمد لله على السلامة يا عمي، ماعالهشي، ما كونيش أحب أنه استجبالكم يكون إكده….
أجاب رؤوف في حين ارتمت سلافة بين ذراعي ألفت فيما ربتت سلمى على ظهرها بينما اتجه شهاب بخطوات سريعة ليقف بجوار شقيقه مقطبا:
– وأهو استقبالكم حصل يا ابن اخويا….
صوت الجد قاطعهم وهو يهتف بسعادة ترافقه الجدة:
– حمد الله على السلامة يا رؤوف يا ولدي….
بعد أن عانقه رؤوف مقبلا يديه ورأسه هو وأمه وحذت حذوه ألفت، انتبه الجد للوجوم الذي يعتلي الأوجه ليقف متسائلا بجدية:
– فيه إيه يا ولاد؟.. ايه اللي حوصل؟.. سلافة… انتي وشّك أحمر إكده ليه؟.. انتي باكية؟..
لتنخرط سلافة في بكاء حار آخر وترتمي بين ذراعيه بينما كان رؤوف هو من أجاب وهو يحدج غيث بصرامة:
– بعد إذنك يا حاج.. أنا هاخد مراتي وبناتي ونرجع مصر، زيارتنا ليكم خلصت لغاية كدا!!!!!!!
لتتعالى شهقات الاستنكار والاستهجان من الجميع عدا واحدة فقط ارتسمت على وجهها ابتسامة تشف خالصة، أخفتها ببراعة كي لا ينتبه إليها… وكيف لا وهي الحية الرقطاء… راوية!!!
– يتبع –
error: