“كبير العيلة”بقلم احكي ياشهرزاد

كبير العيلة
الحلقة السادسة عشر
بقلمي/ احكي ياشهرزاد (منى لطفي)
وقفت سلمى عاقدة ذراعيها أمامها قاطبة جبينها بينما وقف شهاب على مسافة غير بعيدة عنها وهو ينفث نارا من فمه وأنفه على حد سواء فيما تلمع عيناه بشرر مستطير, بينما وقفت سلافة تنقل نظراتها الى اليمين حينا حيث تقف سلمى مشيحة برأسها الى البعيد مولية إياهما جانب وجهها, والى اليسار حينا آخر حيث ذلك التنين الغاضب, رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها وهي تقول مرحبة بشهاب في حين كانت تسترق النظر الى أختها:
– أهلا يا شهاب, حمد لله على السلامة, ايه المفاجأة الحلوة دي؟!
تحدث شهاب بصوت خشن بينما عيناه مسلطتان على تلك العنيدة المشيحة بوجهها الى البعيد:
– الله يسلمك يا سلافة, هي المفاجأة حقيقي كانت بالنسبة لي أنا كمان!, بصراحة استغربت جدا لما عمي رؤوف قاللي انكم هنا في مصر والدكتورة هي اللي جاية بيكم سايقة المسافة دي كلها لوحدكم..
تجاهلته سلمى تماما بينما استشعرت سلافة ذبذبات توتر تملأ الجو فأجابت محاولة التخفيف من حدة التوتر التي ملأت المكان من حولهم:
– بصراحة أنا السبب, فيه حاجات خاصة بشغلي كنت لازم أنزلها مصر, وسلمى ما رضيتش تسيبني أسافر بالقطر لوحدي, فجينا سوا خصوصا أنها عارفة انه العربية هتريحنا جامد في المواصلات سواء للشركة عندي او المستشفى عندها..
قال شهاب وهو لا يزال يطالع تلك الباردة والتي كأنها تعاقبه ببرودها هذا:
– بس مش المفروض يكون فيه حج معكم؟, الطريق من كفر الخولي لهنا طويل أوي, والسكة مش أمان, أديكي شوفتي اللي حصل لراضي ابن عمي الله يرحمه, الموضوع مش مستاهل مجازفة..
مرة أخرى كانت سلافة من تجيبه وهي تنظر الى أختها برجاء أن تنطق ولو بحرف واحد:
– ما انت كنت في أسيوط يا شهاب, ومحبناش نقلق حد معانا, وبعدين بابا وافق, احنا جينا بالنهار ولما لاقينا الوقت إتأخر قلنا نبات هنا ونرجع بكرة الصبح إن شاء الله..
نظر اليها شهاب وقتها وسأل ببرود وهو ينظر اليها بغموض:
– وغيث؟
اضطربت سلافة لثوان ولكنها سرعان ما حاولت تمالك نفسها وأجابت بتلعثم طفيف:
– ماله غيث؟!
أجاب رافعا حاجبه بسخرية:
– ما قولتلوش ليه؟, غيث ميعرفش انك سافرتي انهرده واتفاجيء زيي تمام وعمي رؤوف بيقول قودامه لجدي انكم هتستنوا هنا انهرده وترجعوا بكرة, هو مش المفروض غيث دا يبقى خطيبك زي ما الهانم اللي واقفة هناك دي تبقى خطيبتي؟, يعني الأصول تقول اننا أول ناس نعرف انتو رايحين فين, ولا أنتو مالكوش كبير يا بنات عمي؟!
الى هنا ونست سلافة أي كلام عن احترام الضيف وطارت محاولتها لتهدئة الوضع المتوتر الذي يسود المكان أدراج الرياح والتفتت الى شهاب ناظرة اليه بسخط وهتفت بحدة:
– أولا أحنا كبيرنا بابا.. ربنا يخليه لينا, تاني حاجة بقه كون ان انت واخوك خطبينّا مش معناه اننا غنم ما نتحركش الى لو سمحتوا لنا, وبعدين عشان تعرف الخطوبة ممكن تتفشكل في ثانية مش عشان خطبتونا يبقى تحجروا على انفاسنا!
رفع شهاب عيناه ناظرا الى الأعلى وهو يهمس في سره:
– ربنا يكون في عونك يا غيث, هتتصرف مع المدفع السريع الطلقات دا ازاي؟!, ايه نار وهيت مرة واحده؟, والتانية واقفة زي التمثال, كمية برود ما حصلتش, بس أنا بقه هشوف أخر البرود دا ايه, وبالنسبة لك يا آنسة كبريت غيث أخويا هو اللي يشوف له صرفة معاكي!.
سكتت سلافة في انتظار سماع رده ولكنه وقف صامتا يطالع في لسمى التي بدأت واجهة برودها بالاهتزاز ما إن هاجمها هي وشقيقتها وفرحت عندما سمعت جواب أختها عليه, نظرت سلافة اليهما وزفرت حانقة وهي تقول بينما تهم بالانصراف:
– اليوم انهرده كان طويل أوي, وواضح كدا ان الليلة دي أطول, أنا هستأذن وأروح أنام خلي اليوم دا يخلص بقه!..
وانصرفت تاركة سلمى وهي تنظر في عقبها بينما شفتيها مزموتين حنقا من تركها لها بمفردها معه, نظر شهاب الى سلمى وقال ساخرا:
– ايه.. مش عاوزة تنامي انتي كمان خلي اليوم دا يخلص؟.
نظرت اليه لأول مرة منذ أن دخلا الى غرفة الجلوس سويةأو تحديدا منذ أن لحق بها الى هنا بخطواته الغاضبة, أنزلت ذراعيها جانبها وقالت ويه تحرك كتفيها بلا مبالاة:
– لما أكون عاوزة أنام هروح أنام مش هستنى عزومة من حد!, بس هو السؤال المفروض يكون…
وسكتت ناظرة اليه بحدة متابعة:
– انت مش شايف انه الوقت متأخر اوي على الزيارة؟, وبعدين بأي حق تيجي لنا في وقت زي دا؟, وزي ما سلافة قالت احنا واخدين الإذن من بابا غير كدا ما حدش له الحق يعاتب أو يلوم أو حتى يطالب بحق مش من حقوقه!..
اقترب منها شهاب قليلا وهو يردد مقطبا:
– إيه؟, مش من حقي اني ألومك انك خليتيني آخر من يعلم؟, مش من حقي أني أعاتبك انك بتتصرفي ولا كأن ليا أي صفة في حياتك؟..
ثم ارتفعت وتيرة صوته وهو يشير بسبابته اليها من أعلى إلى أسفل مردفا بنزق:
– مش من حقي أني أقولك ازاي يا هانم تسمحي لنفسك انك تفتحي الباب في وقت زي دا وانتى واختك لوحدكم لا.. وباللبس دا كمان؟, مش من حقي؟!..
ليصيح عاليا في آخر كلماته, فابتلعت ريقها بصعوبة محاولة تمالك نفسها وأجابت حانقة من نفسها لأنها أحست بالخوف لوهلة من صراخه بها:
– آه مش من حقك!, مش من حقك انك تعد عليّا أنفاسي يا شهاب, مش من حقك الحصار اللي انت عاملهولي دا؟, دا حتى الشغل.. حتى العيادة مش سايبني براحتي, أنا.. تعبت!, تعبت وأعصابي تعبت, عاوز تعرف بجد انا جيت من غير ما أقولك ليه؟.
نظر اليها مستفسرا فتابعت بابتسامة مريرة:
– جاية هربانه منك يا شهاب.. ارتحت؟!
قطب متسائلا بحيرة وقد خف غضبه:
– ايه؟, هربانه مني؟
أجابت بينما تشققت واجهة برودها بالكامل:
– أيوة, هربانة من حصارك ليا, شهاب انت مش مديني فرصة أعرف أنا عاوزة إيه بالظبط وأشوف أنا رايحه لفين؟, من ساعة ما اتقدمت لي وأنا حاسة كأن شريط فيديو بيمر قودامي بسرعة رهيبة, أنا كأني منقادة, مش بفكر بدماغي.. لأ, بفكر بدماغك انت وبعمل اللي عاوزه انت, وأنا مش كدا!, أنا طول عمري قراراتي بتكون نابعة مني أنا, حتى لو فيه قرار مش مقنع بالنسبة لبابا كان بيقعد ويناقشني فيه ويقنعني بوجهة نظره, لكن انت بتشدني في طريقك ومن غير ما تديني الفرصة اني حتى أسألك احنا رايحين فين ولا ماشيين إزاي, ودي حاجة عمرها ما حصلت معايا حتى لما كنت مخطوبة لأحمـ…
ليقطع شهاب المسافة الفاصلة بينهما في خطوتين اثنين ويغطي فمها براحته في أقل من الثانية باندفاع فاجئها وقبض بيده الحرة على ذراعها الأيمن ليهمس بغضب عنيف شرس يخرج من بين أسنانه المطبقة:
– جربي كدا تنطقي اسمه تاني أو تجمعي نفسك معاه في جملة واحدة وانت تشوفي اللي هيجرالك بجد!
كانت تنظر اليه بعينان مدهوشتان بينما غاصت عيناه في غابات الزيتون التي اشتد لونها دليلا على انفعالها, كانت انفاسها تخرج متقطعة تضرب يده, فيما استشعرت راحته ليونة شفتيها الناعمتين تحتها, فأزاح يده بتلكؤ بعيدا عن فمها لتسقط عيناه على ثغرها الوردي وتتهدج أنفاسه, بينما تقف بين يديه كالمشدوهة لا تعرف ماذا أصابها ما أن طالعت سرمدي عينيه, هي لا تريد هذا الشعور, إنه يخيفها وبقوة, فمعه لا تعرف موضوع قدميها, لم يسبق لها وأن اختبرت ارتفاع نبضات القلب بهذه الصورة, ولا شعرت بدمها يسل ساخنا في عروقها ليخضب وجنتيها بدماء الخجل وهي ترى نظراته التي تكاد تلتهم صفحة وجهها وهي ترتفع لتغوص في عينيها حينا ثم تهبط لتتلكأ على ورديْ شفتيها أحيانا!…
أسدلت أهدابها هربا من نظراته التي أشاعت الفوضى في أطرافها, بينما وقف هو مذهولا لا يستطيع تصديق ما حدث حالا!, ربّاه… لقد ضربته الحقيقة كالصاعقة ما أن أقترب منها حتى أصبح يشتم أنفاسها ليغرق بعد ذلك في زمرد عينيها, بينما يده تستشعر رقة عظام ذراعها أسفل قبضته, لقد أخبرته دقات قلبه المتقافزة عاليا عندما استشعر نعومة ثغرها الوردي تحت راحته, تلك الشرارة التي اندلعت في سائر جسده ما إن طالعته بتلك النظرة المشتتة الضائعة الأن وهي بين يديه سرقت قلبه, وجعلت حقيقة ما يشعر به تضربه كالصاعقة الرعدية بينما أضاء مسمى هذا الشعور في عقله كالبرق… فهذا الأحساس لا يوجد اسم صحيح له سوى… الحب!, نعم.. هو يحبها, يحبها بكل قواه, يحبها بكل دقة من قلبه تتلو اسمها وهي تتقافز في خافقه ما أن يراها, بل هو يكاد يجزم أنه قد تجاوز مرحلة الحب الآن الى… العشق!, نعم فهو يعشق كامل تفاصيلها, يعشق تقطيبة حاجبيها حنقا منه, يعشق برودها تلك القشرة تالواهية التي تغلف نفسها بها وهي لا تعلم أنه يعلم أي كيان هش تحاول حمايته ببرودها المفتعل ذاك!..
يعشق حتى أحرف إسمها… س ل م ى ….., أغمض عينيه مرددا اسمه بخفوت وكأنه يتهجاه … بأحروف منفصلة.. س ل م ى …
لتسمعه فتهمس بتساؤل رقيق:
– نعم؟.
فتح عينيه يطالعها بنظرات براقة وقد بدأت ابتسامة سعيدة في الظهور لترفع أعلى شفتيه المحاطتان بشارب ولحية خفيفة وأجاب:
– لا أبدا, بس كنت بدوق اسمك!, تصدقي اسمك طعمه حلو أوي!
حدقت به في دهشة وذهول وحاولت الابتعاد عنه محاولة جذب ذراعها من قبضته وهي تتمتم مفتعلة الحنق بينما خجلها ما يجعل الحروف تتعثر فوق لسانها:
– إنت.. إنت مش.. مش هتبطل……
ليقبض على ذراعها الحرة الأخرى جاذا اياها له وهو يجيب بابتسامة صغيرة ناظرا في عمق عينيها بنظرة جعلت دقات قلبها تتقافز بقوة حتى أن أنفاسها قد تعثرت:
– مش هبطل ايه ها؟, خطيبتي ومن حقها عليا أني أقولها كلام حلو… مش عيب ولا غلط أكيد..
همت بالكلام عندما فعل ما جعلها تشهق بدهشة و… خجل وذلك حينما أحنى رأسه ليستند بجبهته الى جبينها ويردف بزفرة عميقة:
– بلاش يا سلمى, بلاش تقولي حاجة تخرجني من الاحساس اللي انا فيه دا….
ثم رفع جبينه ناظرا اليها بعمق متابعا بينما تطالعه بنظرات حائرة:
– سلمى أنا مش ممكن هسيبك بعد ما لاقيتك, عارفة.. من أول يوم شوفتك فيه لما خبطنا في بعض وأنا حاسس انك سرقتي حاجة كبيرة أوي مني, بس ما كنتش عارف هي ايه, لحد ما عرفت.. وبالتحديد دلوقتي بس اكتشفت ايه اللي سرقتيه ومش هسيبك غير لما تديني المقابل ليه!.
قطبت قائلة بحيرة:
– هو ايه اللي سرقته؟, تكون محفظتك وقعتك وعاوز تلبسها فيا؟
زفر بيأس وحرك رأسه يمينا ويسارا بقلة حيلة وهو يجيب:
– أستغفر الله العظيم, سامحني يا رب…
ثم نظر اليها تابعا بحزن مفتعل:
– هو انا مش قلت لك بلاش تتكلمي عشان ما تخرجنيش من الحالة اللي انا فيها دي, سيبينا نعيش اللحظة يا سلمى!, محفظة ايه اللي سرقتيها بس؟, المحفظة وصاحب المحفظة تحت أمرك, اللي سرقتيه أكبر يا سلمى….
سكت لتنظر اليه بعينين متسائلتين فيتابع بهمس داعب أوتار قلبها:
– اللي سرقتيه قلبي… وقلبك هو المقابل ليه واللي مش هرضى بأي بديل غيره!..
شهقة خافتة دليل ذهول.. عدم تصديق… أو خجل صدرته عنها لتحاول الابتعاد عنه فتركها هذه المرة لتعود الى الخلف بضعة خطوات وهي تقول بارتباك:
– شهاب.. شهاب احنا لسه معرفناش بعض كويس عشان الاحساس اللي انت بتتكلم عنه دا, احنا…
هتف مقاطعا بحنق وهويراها تحاول الهروب من مشاعره الواضحة وضوح الشمس:
– احنا ايه يا سلمى؟, انا كنت واضح معاكي من الآول, قلت لك بيننا حاجة مش مستعد أضيعها لغاية ما اعرف هي ايه, بالنسبة لي أنا عرفت واتأكدت من اسمها, وانا قوي كفاية اني أواجه نفسي انه الشيء اللي كنت بسخر منه طول عمري حصل… وحصل بقوة كمان, لكن يا ترى انتي هتكوني قوية وصادقة مع نفسك وانتي بتواجهيها؟, ولا هتعملي نفسك مش واخده بالك؟..
تأتأت هامسة:
– أنا.. أنا…
زفر عميقا وقال وهو يبتعد عنها:
– خدي وقتك كله يا سلمى أنا مش هستعجلك, لكن…
وسكت رافعا سبابته أمامها مردفا بقوة وعيناه تلمعان بشدة وكأنه سيدلي بقسم عظيم:
– أنا مش هبعد, مش هسيبك تضيعي أحلى حاجة ممكن نعيشها سوا, ولو الحصار اللي هيخليكي تواجهي نفسك بسرعة بدل ما الأيام تضيع يوم ورا التاني واحنا لسه محلك سر.. فأنا هحاصرك… مش بس بوجودي حوالي كلأ… هحاصرك بوجودي وبكلامي و…بقلبي يا سلمى لغاية ما ترفعي الراية البيضا!..
هربت سلمى بعينيها فأردف بغرض اضفاء بعض المرح الى محادثتهما التي تسببت في توترها الظار بوضوح:
– ممكن بقه تعطفي على ابن عمك وتجيبي لي مخدة أو أي حاجة أنام عليها؟, أنا من امبارح من نمتش وحتى بعد ما رجعت من اسيوط وعرفت انكم هنا ما استنتش وطلعت على طول عليكم…
ابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت:
– طيب مش جعان؟, تتعشى الأول؟
شهاب وهو يتمطى بتعب:
– بصراحة يا سلمى أنا جعان نوم…
همست سلمى وهى تنصرف:
– تمام, ثوانى أجيب لك مخدة …
عادت بعد ثوان حاملة لوسادة قطنية وملاءة ومنامة لوالدها ومدتهم اليه فتناولهم شاكرا لها بابتسامة عميقة أظهرت نغز ذقنه البارز, قالت سلمى وهي تهرب بنظراتها خجلا من نظراته الجريئة وكأنه بعد تصريحه الذي ألقاه في وجهها قد هدم جميع الحواجز التي كانت بينهما ليقوم بمحاصرتها تماما كما وعد!, قالت سلمى:
– ثوانى وراجعة…
لتعود بعد دقائق حاملة صينية عليها كوب من الحليب الدافيء وبعض الشطائر, وضعت الصينية فوق الطاولة الصغيرة ثم قالت وهى تشير اليها:
– اشرب كوباية اللبن وكول الساندوتشات عشان تعرف تنام, لو نمت جعان هتقلق بعد شوية ومش هتعرف تنام كويس..
اقترب منها ينظر الى الصينية وما رصّ عليها من عشاء سريع ليرفع عيناه اليها بينما تنظر هي الى البعيد ويقول بهمس:
– طيب دا هيسكت جوع بطني, لكن فيه جوع تاني بقه مهما عملت مش بيسكت…
نظرت اليه حائرة والتي انجلت ما ان سمعته يتابع بمكر غامزا بشقاوة وهو يميل عليها هامسا في أذنها:
– جوع قلبي!..
لتشهق مبتعدة وهي تغطي فمها بيدها:
– هاااااا…
ثم وبدون وعي منها ضربته بيدها على كتفه بقوة وهتفت به بحنق وغضب فيما تسرع بالانصراف:
– انت فعلا وقح وقليل الأدب وسافل كمان, وان شاء الله قلبك هيفضل جعان كدا لغاية ما يجيلو مجاعة وما تلاقيش اللي يعبره بنظرة واحدة حتى!..
سارع بالقبض على معصمها بينما تمر من جانبه ومال عليها قائلا بابتسامة مصطنعا البراءة:
– وأهون عليكي؟..
ليردف بصوته الهامس المغلف بتوق ليرسل ذبذبات من التوتر بينما تتسارع نبضات قلبها حتى كادت تخرج من بين جنبات صدرها:
– وأنا مش عاوز يعبرني بنظرة غير عينيكي انتي وبس, وأنا متأكد اني مش ههون على قلبك, عارفة ليه؟
رفعت عيناها بتساؤل فتابع:
– لأنه حبيبي….
همهمت بأن موعد النوم قد حان مرددة تحية المساء, فرفع يدها التي لا تزال في قبضته مقبلا راحتها بدفء وهو يجيب :
– وانت من أهله…
سحبت يدها وانصرفت سريعا بينما لاحقت عيناه طيفها حتى اختفى تماما في حين وقفت هي خلف باب غرفتها ممسكة بيدها التي لا تزال تلسعها من حرارة شفتيه بيدها الاخرى وتشعر ان قلبها قد أوشك على الوقوف من شدة الانفعالات التي تمور به وهمست في سرها:
– واخدني على فين يا شهاب؟, ويا ترى ايه اللي مخبيلي معاك؟!
**********************
يتبع
error: