ضحية ذئب للكاتبة ريهام الحديدى(كاملة)
الحلقة (21)
(في شقة حسن)
– بعد مرور ساعتين فتح حسن باب الحجرة على سارة دون إستئذان ليشعرها بسيطرته عليها، تجول بعينيه في الغرفة حتى وجدها منكمشة على نفسها بجانب السرير على الأرض لا يكاد يظهر منها إلا جزء من رأسها المغطى بالحجاب دائماً وهي تضم ركبتيها إلى صدرها وتدفن رأسها بين ركبتيها وتبكي بشدة ، أغمض حسن عينه بندم ظاهر على ملامحه لما فعله معها وأخذ يمسح على وجهه عدة مرات حتى يستطيع التحكم بإنفعالاته، فتح حسن عينه وأقترب من مكان سارة وتحدث قائلاً بصوتاً حاول جاهداً أن يخفي فيه ألمه وحزنه عليها.
– حسن: هاه يا سارة الساعتين خلصوا عايز أعرف قرارك إيه؟
– أنتبهت سارة على وجود حسن معها في الحجرة فقامت بدفت رأسها أكثر وهي تضع يدها فوق رأسها لتخفي رأسها تماماً وأخ>ت تنتحب بصوت أعلى وهي تشهق وجسدها يرتعش بخوف.
– أغمض حسن عينيه لثواني قليلة وهو يتألم أكثر و لايرغب في رؤيتها بهذا الشكل وتمنى لو أستطاع ضمها إلى صدره ويربت على رأسها وظهرها حتى تهدأ ولكنه بدلاً من ذلك قام بإمساك يدها وأبعدها عن رأسها وهو يجذبها ليجبرها على الوقوف أمامه ومواجهته.
– أغمضت سارة عينيها بقوة كرد فعل طبيعي لها يدل على عدم رغبتها في رؤيته أمامها.
– أحس حسن بألم في قلبه من حركتها التلقائية تجاهه و أغرورقت عينه بالدموع وخفف من قبضته على يدها وقال بصوت مهزوز مختنق : عايز أعرف قرارك وسكت ثواني قام فيها بمسح دموعه التي تحدته وهربت من مقلتيه لتنهمر على وجنتيه رغماً عنه وأكمل بصوت أجش باكي: أنت ولا حنان؟
– تجلى الألم بوضوح على وجه سارة وإزداد إنهمار دموعها وكأنها نهراً أفاض ولا يوجد سبيل لإيقافه ، وتحدثت بصوت متقطع.
– سارة: ربنا ينتقم منك إنتقام عزيز جبار، وأكملت بصوت منهزم يائس أنت ضيعت حياتي ودمرت مستقبلي وبعدتني عن أهلي عايز مني إيه تاني سيبني أمشي بقى.
– ترك حسن يد سارة عندما بدأت حديثها بالدعاء عليه و أولاها ظهره حتى لا ترى دموعه المنكبة على وجهه استمع لآخر حديثها ثم رد عليها بجملة أراد منها أخضاعها لأمره: يبقى أنت اللي أخترتي وأختك هاتكون مكانك في الوقت اللي هاتبعدي فيه عني.
– قامت سارة بإمساك ذراعه برجاء وهو مازال يوليها ظهره وهي مازالت تبكي بشدة وقالت: أرجوك أختي لأ، حنان لأ.
– رد عليها حسن وقال: يبقى تنفذي أمري واللي أقولك عليه تعمليه من غير مناقشة.
– أنهارت قوى سارة ووقعت على الأرض بيأس تام لتأكدها من عدم قدرتها على الخروج من نطاق تحكمه و سيطرته التي فرضهما عليها.
– أكمل حسن حديثه وقال بألم واضح جلياً في نبرة صوته: أعملي حسابك على الساعة 7 هانخرج ثم صمت للحظات مسح فيها دموعه ونظر إليها ليرى تعبيرات وجهها وتأثير كلامه عليها ثم أكمل حديثه بصوتاً مختنق: هانروح نكتب كتابنا رسمي عند المأذون وبعدها هانروح لدكتورة عشان نتابع معاها الحمل.
– سمعت سارة نبره الألم في صوته ولكنها لم تعيرها أهتمام وظنت أنها تخيلتها عندما سمعت باقي حديثه، وعندما نظرت لوجهه ورأت آثار دموعه وعينيه التي تحول لونهما إلى الأحمر الدموي كان حسن قد أنهى حديثه وخرج مسرعاً على الفور تاركاً وراءه قلب محطم وروح معذبة ومحتارة في فهم نظرته ونبرة صوته التي سمعتها ولكنها ظنت انها توهمت ما رأت وإنها مجرد خيالات رأتها بسبب دموعها.
– رفعت سارة عينيها تجاه الباب وأخذت تدعو الله وتقول: يارب يارب نجيني من اللي أنا فيه.
(في شقة إبراهيم)
– قصت أمينة لزوجها ما حدث مع إبنتها حنان اليوم في الجامعة فتنهد إبراهيم بحزن وألم يختلج صدره ورفع عينه ويده إلى السماء وأخذ يدعو الله بقلب منفطر على ابنته أن يردها الله له سالمة ويجعل لها من كل ضيق وهم مخرجاً وأن يحفظ له ابنته الآخرى من كل شر.
– أدمعت عين أمينة وأمنت على دعاء زوجها ثم تركته وأتجهت نحو حجرتها تبكي فقدان أبنتها وحال أبنتها الآخرى.
(في شقة حسن)
– بعد خروج حسن من غرفة سارة أجهش بالبكاء وجلس بإنهيار بجوار الحجرة وأخذ يمسح بيده على بابها ويربت عليه وتكلم من بين دموعه وكأنها تجلس أمامه وهو يقوم بإرضائها: أنا أسف ياعمري، أسف على اللي عملته واللي لسه بعمله فيكي، أسف و أوعدك إن كل ده هايتغيربعد ما أضمن وجودك بإستمرار معايا وجنبي وصدقيني يا سارة عمري ما هأذيكي تاني وقام بوضع جبينه على الباب وهو يتخيل جبينه ملاصق لجبينها و أخذ يهمس من بين شهقاته ماكنتش هاقدر أسيبك تبعدي عني، أنا خايف أرجع أعيش لوحدي من تاني، أنت أماني و أملي الوحيد في الدنيا أرجوكي سامحيني، وأغمض عينه بألم وهو يقول: يارب يارب أنا عارف إن ذنبي كبير وإني غلطت كتير في حقها بس يارب أنا جايلك ندمان وعايز أتوب يارب أقبل توبتي وخليهاتقبلني في حياتها يارب، وقام بتثاقل من مكانه وتوجه للمرحاض ليتوضأ ويصلي وأخذ يدعو في صلاته أن يتقبل الله توبته ويغفر له ذنبه في حق سارة ولأن يصلح ما بينهم.
- توجه عصام إلى شقة عمه إبراهيم لكي يطمئن عليه ويسأله عما إذا كان قد ورد إليه أتصال من اللواء حمدي، طرق الباب وإنتظر قليلاً حتى فتحت له أمينة الباب، رحب به وبعد أن سألها عن أحوالها وصحتها سألها عن عمه فأخبرته بتواجده في مكتبه فستأذن منها للدخول إليه فأذنت له.
- طرق عصام باب الحجرة فسمع صوت عمه من الداخل يأذن لمن بالخارج بالدخول، فتح عصام باب الحجرة وتحدث قائلاً.
- عصام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أزيك يا عمي حضرتك عامل إيه؟
- قام إبراهيم من مكانه وتوجه إلى عصام ورحب به بشدة وعاتبه قائلاً:أخيراً حنيت على عمك وقولت أنزل أشوف أخباره إيه؟
- نظر عصام للأسفل بخجل وتحدث قائلاً والله ياعمي غصباً عني وحضرتك عارف حالتي كانت عاملة إيه.
- رد إبراهيم بألم بادي على صوته: ربنا يعينك ويعينا يابني على اللي إحنا فيه ويخرجنا منه على خير.
- سأل عصام مستفهماً بعد أن أستشعر نبرة الألم في صوت عمه: فيه حاجة حصلت ياعمي وأنا معرفهاش؟ سارة جرالها حاجة؟
- إبراهيم: سارة؟ هو فيه حد يابني يعرف حاجة عن سارة،سكت قليلاً وأخرج زفرة ألم من صدره وتابع: ربنا يرجعهالنا بخير، الموضوع إن علا أخت أسامة ضايقت حنان النهاردة في الكلية وقالت لها كلام فارغ خلتها جت منهارة من العياط….
- قطع عصام إسترسال عمه في الحديث وقال: يعني الحالة اللي شفت بيها حنان الصبح دي علا وكلامها؟
- إبراهيم: أيوة يابني أمها بتقول إنها كانت منهارة وكمان مش عايزة تروح الجامعة تاني بس الحمد لله أمينة أتكلمت معاها وأقنعتها تواجه أي حد يتكلم على أختها وترد غيبتها وتجيب لها حقها.
- رد عصام بصوت ثائروهو يقوم بدفع الكرسي: اللي بيتكلم على سارة ده بيتكلم على أي أساس؟ شاف منها إيه؟ ده مافيش بنت في البلد كلها في تربية سارة وأخلاقها ،أنتا خلاص هاتجنن كل شوية أسمع ناس ماتسواش تلقح عليا بالكلام أنها هربت مني مايعرفوش إن أنا اللي قصرت في حقها ونسيتها، أنا خلاص ماعدتش قادر يا عمي أنا بقيت ماشي بتخانق مع أي حد يحاول بس يفتح الموضوع معايا حتى لو كان بيفتحه من باب أنه هايساعدني بفكرة أو رأي جديد، وضع عصام يده على رأسه وجلس بإحباط وقال بصوت مجهد: أنا خلاص تعبت، تعبت أوي ياعمي ومش عارف أعمل إيه.
- إبراهيم وهو يربت على كتف عصام: العمل عمل ربنا يابني وماحدش بإيده حاجة كلنا مستنيين الفرج من عنده.
- عصام: ونعم بالله ، وصمت لبعض الوقت ثم سأل عمه:هو مافيش أخبار من اللواء حمدي؟ ماتصلش عليك من آخر مرة كلمناه؟
- هز إبراهيم رأسه بأسف وقال: أبداً والله وأنا كنت بفكر أتصل بيه النهاردة.
- عصام متلهفاً: أه أتصل ياعمي يمكن فيه أخبار جديدة وهو مشغول ومش فاضي يكلمك.
- إبتسم عصام بألم وقال: هاتصل يابني ولو إني عارف إن لو كان فيه جديد ماكانش إستنى لحظة واحدة وطمنا.
- قام إبراهيم بإمساك هاتفه وطلب رقم اللواء حمدي وإنتظر رده على الهاتف.
- اللواء حمدي: ألو السلام عليكم.
- إبراهيم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إزي حضرتك يا فندم يارب تكون بخير.
- اللواء حمدي: الحمد لله بخير: أنت عامل إيه وأخبارك إيه؟
- إبراهيم: والله أخباري زي ماحضرتك عارف، بالي مشغول أوي على سارة، ياترى مافيش أي أخبار عنها عند سيادتك يا فندم؟
- اللواء حمدي: لو فيه أخبار صدقني ماكنتش هاتردد وأبلغكفي وقتها، صدقني يا إبراهيم أنا مهتم بالموضوع ده بنفسي وإن شاء الله هابلغك بأي شئ يجد.
- إبراهيم: إن شاء الله ، أنا متشكر أوي لإهتمام حضرتك وأسف على الإزعاج.
- اللواء حمدي: مافيش إزعاج ولا حاجة يا إبراهيم وربنا يطمنك عليها في القريب العاجل.
- إبراهيم: يارب يافندم يارب، طيب مش هاعطل سيادتك أكتر من كده مع السلامة يافندم.
- اللواء حمدي: لا عطلة ولا حاجة يا إبراهيم، مع السلامة.
- أغلق إبراهيم الهاتف ولم يحتاج عصام سؤاله عما قاله اللواء حمدي فوجه عمه وكلامه يقول إنه لا يوجد جديد.
- بعد صمت دام لربع ساعة تحدث عصام قائلاًأنا مسافر إسكندرية بكرة إن شاء الله ياعمي وإحتمال أقعد إسبوع ، عندي قضية هناك ولازم أتابع التحقيقات مع الموكل بتاعي.
- إبراهيم: ربنا يعينك ويوفقك يابني، ماتقلقش على والدتك هاخلي حنان دايماً تطلع تطمن عليها ولو عايزها تنام معاها كمان مافيش مانع.
- عصام: أنا مش قلقان على أمي ياعمي، وبعدين أنا عارف إنها في وسطكوا، أنا بس قلقان على حنان لحد يرجع يتعرضلها بالكلام تاني،على العموم ياعمي لو تقدر تخليها ماتروحش الجامعة الإسبوع ده بس لحد لما أرجع من السفر وأنا أروح لها الكلية بتاعتها وأتصرف مع اللي بيضايقوها بمعرفتي.
- إبراهيم: ماتشيلش هم أنت بس يا عصام أنت عارف حنان طول عمرها قوية وبتعرف ترد على اللي يغلط فيها بس اللي حصل ده هو اللي هزها شوية بس إن شاء الله ترجع زي الأول، قوم ننزل نصلي في الجامع ونقولهم يندهوا لوالدتك ونتعشا كلنا مع بعض.
- أومأ له عصام وقام من مكانه وقال: اللي تشوفه ياعمي.
- وبالفعل توجهوا للمسجد بعد أن أخبروا أمينة أن تعد العشاء وتبعث بحنان لتطلب من عفاف النزول لكي يتناولوا العشاء جميعاً مع بعضهم البعض.
(في مكتب اللواء حمدي)
– بعد الإنتهاء من مكالمته مع إبراهيم قام اللواء حمدي بإستدعاء شريف ، وبعد عدة دقائق طرق شريف باب مكتب اللواء حمدي وأستأذن للدخول فأذن له اللواء حمدي الذي تحدث بمجرد دخول شريف قائلاً وهو يشير له بالجلوس: ها ياشريف أخبار حسن إيه؟
– شريف: من آخر مرة كنت فيها عنده وأنا ماعرفش عنه حاجة يافندم.
– اللواء حمدي: طيب أنا عايزك تروح له النهاردة وتقوله اللواء حمدي بيبلغك إن المدة قربت تنتهي ولو مافيش جديد تم هاينفذ كلامه وهايبلغ أهل البنت بمكانها ويتحمل هو التباعيات بتاعة عمايله.
– رد شريف بصوت حازم وقال: إن شاء الله يافندم.
– اللواء حمدي: تقدر تروح على مكتبك دلوقتي ياشريف.
– شريف: تمام يافندم, وإنصرف على الفور.
(في شقة حسن)
– دخل حسن على سارة فوجدها نائمة على الأرض في وضعية الجنين، فتوجه إليها وقام بالنزول لمستواها وأخذ ينظر لها بمشاعر مختلطة بين الحزن والألم والخوف والحب، حزن لما وصلت له حالتها وما هي عليه الآن، وألم لما فعله ومازال يفعله بها ، وخوف من فقدانها بعد أن وجدها، وحب شديد أصبح يملأ كيانه كله و تحول إلى تملك لأنها أصبحت تمثل له الدنيا ومافيها.
– ربت على رأسها وتحدث بنبرة هادئة حتى يوقظها وقال: سارة, سارة, يلا قومي سارة هانتأخر على ميعادنا مع الدكتورة، سارة.
– فتحت سارة عينيها عدة مرات ببطء حتى فاقت وأنتبهت لقربه الشديد منها، فقامت من نومتها بفزع وجلست وأحتضنت قدماها بيديها وأبتعدت عنه قدر إستطاعتها.-
– أعطاها حسن بعض اللحظات لكي تنتبه لحديثه بعد ردة فعلها وفزعها من قربه منها وقال بعدها: قومي غيري هدومك ربع سشاعة وهاننزل هانروح للمأذون الأول.
– أغمضت سارة عينيها وبدأت في البكاء فأكمل حسن حديثه وقال: قدامك عشر دقايق تكوني لبستي وتخرجيلي الصالة برة ولو ده ماحصلش هاتلاقيني داخل ألبسك بنفسي، وقال لكي يدفعها لتنفيذ كلامه: وده شئ يسعدني طلعاً وأظن أنك عارفة كده, وقام من جانبها وتوجه إلى الدولاب و أخرج منه فستان بسيط يمتزج به اللون الأبيض مع الذهبي و أخرج من الدرج طرحة مناسبة له ثم وضعهم على الفراش ونظر لساعته ثم لها وقال: الساعة دلوقتي سبعة، سبعة وعشرة لو ماخرجتيش جاهزة هادخل أنا ألبسك بنفسي، ثم تركها وخرج صافقاً الباب وراءه بقوة لكي يبث الخوف والرهبة في نفسها ليجبرها على طاعته .
– كانت كالآلة تتحرك بدون روح ولكن الفرق بينها وبين الآلة هو دموعها التي كانت تزرفها بإستمرار وصمت، كانت تعلم أنها إن لم تبدل ملابسها فسيقوم بتنفيذ تهديده ويفعل هو ذلك فحاولت إبعاده عنها ولو لوقت قصير، إنتهت من تبديل ملابسها وجلست على الفراش بهدوء شديد.
– بعد مرور العشر دقائق قام حسن بفتح الباب فوجدها تجلس على الفراش بهدوء وهي منكسة رأسها بيأس كبير شعر بإنقباض ونغرات في قلبه من رؤيتها بهذا الشكل كانت كالملاك تماماً في فستانها الأبيض وحجابها الذهبي ووجهها الأحمر من شدة البكاء إنبهر حسن برؤيتها ولكن شعر بقلبه يكاد يتوقف من شدة الألم الذي يعتصره بسبب دموعها ومنظر رأسها المنكس بإنكسار وبسبب ما هو مقدم على قوله وفعله معها، أفاق حسن من شروده وأفكاره وتقدم منها وهو يمد يده لها بشئ ويقول: دي البطاقة بتاعتك واللي في الكيس الصغير ده صورك أنا طلعتها على صورتك اللي كانت في محفظتك في شنطتك خديهم حطيهم في شنطتك ولما المأذون يسألك عليهم طلعيهم له، وعندما لم تستجب له توجه إلى الدولاب وأخرج منه حقيبة صغيرة باللون الذهبي مطعمة بحبات كريستالية صغيرة ووضع فيها أشيائها ومد يده لها بالشنطة وقال: أنا حطيتهم هنا، وقام بإمساك يدها ووضع الشنطة فيها ثم حثها على الوقوف أمامه وتحدث بنبرة تحذيرية وهو يضغط قليلاً على معصمها وقال: حذاري يا سارة سامعة حذاري حد يحس إنك مش موافقة على جوازك مني أو عقلك يقولك إهربي أو إستنجدي بحد من اللي هانشوفهم دلوقتي صدقيني أختك هاتكون مكانك في نفس الساعة (سمع شهقتها الخافتة فصمت للحظة وقام برفع وجهها بأطراف أصابعه ونظر بحدة لعينيها وتابع حديثه) قائلا: ومش بس كده اللي إنت شوفتيه وعيشتيه معايا حاجة واللي أختك هاتشوفه معايا حاجة تانية خالص، فاهمة قالها بصوت عالي ليضمن سيطرته عليها لآخر وقت وسكت عندما شعر برعشتها وبإهتزاز حدقي عينيها خوفا من تهديداته.
– وعندما سكت ووجدته ينتظر ردها أومأت له برأسها بسرعة عدة مرات بخوف ورهبة وهي تزيد في بكائها فقط.
– مسح حسن دموعها بيده وقال: مش عايز دموع، أتفاقنا؟
– أومأت له سارة مرة أخرى ولم يزيدها هذا إلا ذرف الدموع أكثر.
– قام حسن بحثها على السير معه لخارج الغرفة ومنها إلى خارج المنزل، فتح حسن باب سيارته وقال: إركبي.
– إنصاعت لأوامره وكأنها جسد بلا روح يساق إلى دفنه.
– ركب حسن سيارته وقادها وتوجه بها إلى مكتب المأذون الشرعي وعن وصولهم أوقف السيارة ونظر إلى سارة وقال: أي حركة منك تلفت لينا النظر جوة صدقيني تليفون صغير مني وقبل ماتوصلي لبلدكم هاتكون أختك قدامي وبنفذ فيها عقابك، سكت قليلاً ثم مد يده لها ببعض المناديل الورقية وقال: إمسحي دموعك وبطلي عياط.
– رفعت يدها لتلتقط المناديل بخوف ورعشة بادية على يدها.
– أغمض حسن عينه لثواني ليستطيع السيطرة على إنفعالاته ثم فتحها ونظر لها وقال: يلا إنزلي.
– فتحت سارة الباب بكف مرتعش ونزلت من السيارة.
– خرج حسن ورائها وقام بغلق السيارة وتوجه إلى سارة وأمسك يدها المرتعشة وحثها على السير لداخل المكتب.
– جلست سارة أمام المأذون منكسة الرأس تمسح على الفور أي دمعة تسقط من عينيها.
– قام المأذون بسؤالها: إنت موافقة يابنتي على جوازك من الأستاذ حسن؟
– لم ترد سارة وصمتت لبعض الوقت وشردت فقام حسن بإخراج هاتفه من جيبه وأخذ يطرق به على المنضدة التي أمامه ليثير أنتباهها له وبالفعل نظرت له سارة فقام بإمساك الهاتف وكأنه يقوم بالإتصال بأحد ما فردت سارة سريعاً وهي تنظر له قائلة: موافقة.
– نبض قلب حسن بشدة وهو يسمعها وهي تعلن موافقتها على الزواج به رغم معرفته إنها مجبرة ولكنه شعر بالسعادة وهو يسمع المأذون يقول: على خيرة الله, بطاقتك يابنتي وبطاقتك يابني أخرج حسن بطاقته من جيبه وأمسك حقيبتها وقان بإخراج بطاقتها منها وكذلك أخر صوره وصورها وقدمهم للمأذون, قام المأذون بتوثيق البيانات الرسمية لهم ونادى على المساعد والعامل وقال تعالوا وأشهدوا على عقد قران الأستاذ والهانم، تقدم الرجلان وقام المأذون بعقد القران ولاحظ حسن إرتعاش يد سارة وهي تمضي على العقد فأمسك يدها الآخرى وضغط عليها قليلاً.
– ذرفت سارة الدموع بشدة عند سماعها للمأذون وهو يقول: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير.
– قام حسن من مكانه وجذب سارة لأحضانه وأغمض عينيه براحة وهو يضمها إليه بقوة ويقول: هششششش خلاص إهدي كله هايبقى كويس, كل حاجة هاتكون تمام، ثم أكمل بعدها بصوت هادئ رخيم عميق النبرات وهو يجاهد حتى لايذرف دموعه فرحاً بزواجه منها: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه.
– نظر لهم المأذون بإبتسامة وقال: أمين يارب، بارك الله فيك يابني، ربنا يكرمكوا إن شاء الله بالذرية الصالحة ومايحرمكوش من بعض أبداً.
– قام حسن بترك سارة بعد عدة دقائق وأخرجها من أحضانه رغماً عنه ونظر للمأذون بإبتسامه وهو يشكره ثم أمسك بحقيبة سارة بيد وباليد الآخرى أمسك كفها وهو يحثها على السير معه لخارج المكتب.
توجه شريف لشقة حسن وأخذ يدق الجرس ويطرق باب المنزل ولكن لايوجد رد.
– إنتاب شريف حالة من القلق حول سارة وأخذ يسأل نفسه هل أقدم حسن على أذيتها أو ربما هرب بها بعيداً، أنتفض شريف في مكانه عندما وصل بتفكيره إلى تلك النقطة.