زوجتى ضابط شرطه

الحلقه : 2

صعدت قمر إلى الطابق العلوي ثم دلفت إلى غرفتها ولكن عقلها عند عمها ،أخذت تسأل نفسها “ما هو الموضوع المهم الذي يرد عمها أن يتكلم معها بخصوصه ويأخذ رأيها فيه؟”
وضعت حقيبتها الرياضية على المنضدة الموجودة في منتصف غرفتها ،فغرفتها رقيقة للغاية باللون الوردي الرقيق وكان أثاث الغرفة من اللون الأبيض فكانت غرفة ذات طابع أنثوي صارخ،كانت على المنظر التالي الفراش الذي يتوسط الغرفة بلونه الأبيض الخلاب وعلى الجانب الآخر وجد دولاب الملابس ويتوسطه مرآة، أما في الجانب الآخر مكتبة يوجد بها الكثير من الكتب، وأمامها مكتب موضوع عليه كثير من الملفات وجهاز كمبيوتر، و في وسط الغرفة منضدة صغيرة ،ويوجد تحتها سجادة كبيرة على شكل وردة، ومعلق على الحائط صورة كبيرة لوالدها وبجانبها صورة أخرى لعمها محسن وأخرى لعمها محمد، ويوجد عدد من الصور لها وهي تستخدم بعض الأسلحة وهي تأخذ النياشين في كلية الشرطة .
كانت غرفة ينطبق عليها الرقة والجمال، فقمر على الرغم من شخصيتها وقوتها فهي امرأة جميلة ورقيقة أيضًا، امرأة بكل لغات العالم امرأة على حق ،دلفت إلى المرحاض واغتسلت وغيرت ملابسها بمنامة قطنية من قطعتين، كان البنطلون الكحلي والبلوزة من اللون السماوي ومكتوب عليها بعض الكلمات باللغة الإنجليزية بالكحلى، وتركت شعرها الطويل منسدل على ظهرها ثم خرجت من المرحاض، و خرجت من الغرفة سريعًا واستقلت الدرج لتهبط إلى الأسفل لتتحدث مع عمها فوجدته كما تركته جالسًا يشاهد الأخبار فجلست بجانبه وقالت …
قمر: ها يا عمى إيه هو الموضوع اللي حضرتك عايزنى فيه؟
محمد وهو ينظر لها: الموضوع اللى عاوزك فيه يا قمر من قبل ما نتكلم فيه مش هسمحلك المرة دي ترفضيه .
قمر وهي تهز رأسها: أنا كده فهمت، بس أحب اسمع، أتفضل يا عمى أنا سمعاك
محمد: في عريس متقدملك وهو شاب كويس جدًا، وأنا شايف أن هو مناسب جدًا.
قمر ببعض الغضب: وحضرتك عارف أن مش عاوزه أتجوز ومش بحب أتكلم في الموضوع .
محمد: ولحد متى الكلام ده ؟أنا تعبت ولو عشت لك إنهارده مش هعيش بكره، وأنتِ أمانة عندي ولازم أسلمك للي يحافظ عليكِ بعدي.
قمر: يا عمي متقولش كده حرام عليك، وبعدين أنا أقدر أحافظ على نفسي.
محمد: لا يا قمر، إللى في دماغك ده عمره ما هيحصل، أنا خلاص اتفقت مع الراجل وهيجي بكره عشان تشوفوا بعض .
قمر بعصبية: يعنى حضرتك اتفقت معاه وجاي تقولي ليه بقي؟
محمد: بطلي طريقتك دي بقي إيه طول عمرك مشيه بدماغك بس المرة دي أنا إللى هأخذ القرار ده ما دام أنتي مش عارفه مصلحتك .
قمر: يا عمي أنا مش عاوزه أتجوز واحد يتحكم فيا وفي حياتي .
محمد: أنتِ ليه بتخديها على إنها تحكم فيكِ، الراجل اللي متقدملك عارف إنتِ شغالة إيه ومرحب بيكِ بكل حاجة عاوزه إيه تاني.
قمر وقد هدأت: أنا عارفه إن مافيش فائدة من الكلام مع حضرتك، على العموم الأستاذ ده هيجي إمتى؟
محمد بابتسامة: هو دكتور مش أستاذ بكرة إن شاء الله بعد العشاء، وربنا يهديكِ يا قمر
قمر وهي تزفر بضيق تمام فكرة يا عمي بكره بعد أما أجي من الشغل أجهز نفسي للمقابلة دي، بس أنا لسه ما وافقتش عليه.
محمد: إن شاء الله هتوافقي.
قمر: طيب عن أذنك أنا راحه أنام عايز حاجة ؟
محمد: مش هتتعشي معايا؟
قمر: لا، مش ليا نفس تصبح على خير .
محمد: وأنتِ بخير .

صعدت قمر إلى غرفتها وهي تفكر بهذا الشخص غير المعروف بالنسبة إليها، ولكنها أخذت تتوعد إليه بشده لأنها تعتقد أن هذا الرجل يريد أن يسلب منها حريتها .
ظلت تتوعد لهذا الرجل كثير إلى أن ذهبت في نوم عميق، لكي تحلم بحلمها المتجدد على الرغم أنه يؤلمها وبشدة ،عندما تري والديها يقتلان أمام عينيها ولكن على الرغم من هذه الآلام يجدد عندها هدف الانتقام، ويذكرها بهذا الاسم المطبوع في ذاكرتها
“ناجى رأفت البلتاجي ”
– تشرق الشمس كل صباح حاملة معها آمال وأحلام جديدة على البشر، ولكن في قصتنا تشرق الشمس لتشعل رغبات الانتقام في نفوس أبطالنا، كان نائمًا في غرفته حيث الظلام الدامس ولكنه وجد أشعة الشمس تخترق هذا الظلام فاستيقظ على الفور فوجد، أكثر الأشخاص المحببين إلى قلبه أنها هي أمه الحبيبة فهو يحب أن يستيقظ على وجهها الملائكي .

فريدة: صباح الخير يا حبيبي.
آسر: صباح الخير يا ماما.
فريدة: يله يا آسر قوم هتتأخر على شغلك .
آسر: حاضر يا حبيبتي.
قام آسر على الفور واتجه إلى المرحاض،واغتسل بسرعة ثم خرج فوجد أمه تجلس تنتظره، فعرف أنها تريد شيئًا فنظر إليها وانتظر أن تتكلم بينما ذهب هو لعمل بعض التمارين التي يقوم بها كل صباح .
فريدة: ها يا آسر عامل أيه في الشغل؟
آسر وهو يمارس تمارين الضغط: تمام يا ماما الحمد لله .
فريدة: يستاهل الحمد يا حبيبي، طيب مش ناوي بقي يا آسر تفرح قلبي يا حبيبي؟
آسر: هو أنا مش مفرح قلبك ولا إيه يا ست الكل ؟
فريدة: آسر أنت عارف أنا أقصد إيه كويس، أنا عاوزه افرح بيك وأشيل عيالك قبل أما أموت؟
آسر: بعد الشر يا حبيبتي بس أنا لسه مش بفكر في الموضوع ده .
فريدة: ولا هتفكر طول ما أنت أهم حاجه عندك الشغل وبس.
آسر: يا أمي لما الجواز ده نصيب .
فريدة: وأنا لقيت نصيبك .
نظر آسر إلى أمه وهمه بالوقف وقال بعدم تركيز آسر: إزاي يعني بقى ؟
فريدة: بنت إنما إيه مال وجمال وأدب وتعليم، مهندسة وحيدة أمها وأبوها.
آسر وقد عقد ما بين حاجبيه: أها يعني أنتِ منقية العروسة كمان يا أمي.
فريدة: أمال هو أنا هنقي لأغلى منك، أنت عرفها كمان يا آسر .
آسر بملامح جامدة: ومين دي بقي يا أمي، إللى فيها المواصفات دي كلها؟
فريدة: ريهام بنت طنطك مها .
آسر بسخريه: ريهام كمان ،لا عال خالص .
فريدة: إيه يا آسر ؟ دي بنت مؤدبة يا بني وإحنا عارفين عنها وعن أهلها كل شيء، ومهندسة وبتشتغل في شركة محترمة.
آسر: كل إللى قولتي عليه ده جميل ،بس عشان هي مهندسة وبتشتغل هو ده إللى مش هوافق عشان أنا لا عايز مهندسة لا عايز دكتورة، أنا عايز زوجة تقعد في البيت وتربي عيالي.
فريدة: إيه الجهل ده ؟في حد لسه تفكيره كده وخصوصًا وأحد زيك ومتعلم ؟
آسر: يا أمي هي دي الصور إللى في دماغي عن مراتي، جهل مش جهل مليش فيه، ده مقام الست في البيت، مش الشغل والهبل بتاع اليومين دول الرجل يسأل مراته كونتِ فين؟ تقوله في الشغل رايحه فين ؟الشغل ..وهلم جاره ،وخروج من غير إذن ومعاملة مع رجالة، لا الله الغنى لما ألاقي إللى في دماغي إنتِ أول واحدة هتعرفي.
ثم تركها وأخذ ملابسه واتجه مره أخرى إلى المرحاض ليبدل ملابسه ليذهب إلى عمله ،اغتاظت فريدة من ابنها فهي امرأة ومتعلمة وتعرف جيدًا أن المرأة قادرة على كثير من الأشياء، ولا يعجبها تفكير ابنها الرجعي فهو بقوله هذا لا يريد زوجة بل يريد خادمة يسيطر عليها ويجعلها ملك له هو فقط، وهذه أنانية منه حتى لو كان ابنها لا يحق له هذا.

– أتت تسير في كبرياء وشموخ، يعظمها الجميع ويلقون عليها التحية العسكرية طول الوقت، فالجميع يعظمها يحترمها فإنها من أكفأ الضباط وأمهرهم، استطاعت أن تغير نظرة الجميع لها من السخرية والحقد، إلى الاحترام والهيبة من تلك المرأْة الذكية صاحبة الخطط الفتاكة التي يهابها المجرمون جميعًا.
فالجميع في محافظة أسيوط يعلم من هي “قمر أحمد الأسيوطي “فهي من أكفأ ضباط مكتب مكافحة التهريب، كانت قمر ترتدي بنطال من الجينز الأزرق ومن الأعلى جاكيت جينز مفتوح، ويظهر من تحته (توب) أسمر وترفع شعرها على هيئة ذيل حصان، دلفت إلي حجرة مكتبها الخاص بها، ثم جلست على مكتبها على الفور ورفعت سماعة الهاتف، وطلبت أحد الأرقام وقالت :تعال حالا .
بعد خمس دقائق ،دق الباب ثم دلف إلى الداخل شاب في مقتبل العمر، متوسط القامة ذو جسم رياضي شعره الأسمر قصير بعض الشيء، وعيناه الخضراوتان الجميلتان وبشرته البيضاء تعطيه من الوسامة مقدار كبير، إنه هو زياد مساعد قمر، تعلوه قمر في الرتبة تكبره بالسن فهي أكبر بسنتين، تعين زياد في أسيوط عقب انتهائه من الكلية فهو من القاهرة، ولكن حسب قوانين كليه الشرطة:
“يجب على ضابط الشرطة أن يعمل سنتين خارج نطاق سكنه”
فجاء إلى أسيوط وعمل في إدارة مكافحة التهريب، ولكنه استغرب جدًا عندما وصل إلى عمله من كون رئيسه في العمل والضابط المسئول عنه امرأة، ولكن بعد أن عرف قمر جيدًا وعمل معها وعرف قدرتها العقلية والجسدية تعلم منها الكثير والكثير ووجد فيها قدوة حسنة له، أما عن قمر فوجدت الثقة وحب العمل في زياد فهو من القلة الذين حصلوا على ثقتها، واعتبرته قمر معاون لها في كل شيء، وذلك بعد أن قامت باختباره عددة اختبارات لتعلم مدى حبه لوطنه .كما أخذت علاقة الصداقة والحب الأخوي تزداد بين الاثنين

زياد: يا صباح الخير.
قمر: صباح الخير يا زياد، ها عملت إيه طمني ؟
زياد: لسه مفيش أخبار يا قمر؟
قمر بضيق: أنا متأكدة إن في عملية عن قريب .
زياد: يا قمر إحنا عارفين المعلوم دي بس لا المكان ولا زمن التسليم نعرفه.
قمر: لازم توصل للمخبر بسرعة يا زياد إنهارده قبل بكره.
زياد: هو صعب بس هحاول .
قمر بعصبية: مش بنلعب إحنا، تقولي هتحاول، أنا بقول لازم يا زياد
زياد: حاضر يا قمر .
انصرف زياد على الفور بينما ظلت قمر تتابع عملها في أحد الملفات المهمة ولكن ظل عقلها كله منحصر في عملية تسليم السلاح، التي لا تعرف وقتها ولا مكان التسليم

– في فيلا آسر محسن الأسيوطي اجتمع الجميع على مائدة الإفطار، حيث جلس آسر وسط المائدة وبجانبه أمه وعلى الجانب الآخر أخوه سيف وبجانبه أخته سارة جلسوا يتحدثون في كثير من المواضيع وأخذ سيف وسارة يقولان النكات الصباحية فقالت سارة
سارة: ممكن اطلب طلب يا أبيه ؟
آسر: أطلبي يا سارة .
سارة: عاوزه اخرج أنا وأصحابي نشترى لبس الكلية .
سيف: وأنا يا آسر كمان، يعنى عايز اقفش منك فلوس عشان أظبط المسائل.
آسر هو يرفع أحد حاجبيه: تقفش وتظبط المسائل دي مش لغة مهندس دي لغة مجرم، وإنتِ يا سارة مفيش خروج لوحدك عاوزه تخرجي خدي ماما معاكي .
سارة: يا أبيه أنا هبقي مع أصحابي، يعنى ماتخفش عليا .
آسر: معلش يا سارة، أنا كده هبقى مطمئن اكتر لما ماما تيجى معاكي.
سيف: أروح معها أنا يا آسر إنت تأمر .
آسر: أي حاجه فيها بنات تبقى عايز تدخل فيها والسلام، لا يا سيدي ماما هتروح معاها، ومش عايز لبس كده ولا كده يا ماما .
سيف: أنا قصدي أساعد .
فريدة: ماشي يا آسر بس سارة مش صغيرة .
آسر: يعنى إيه يا ماما؟!
فريدة: يعنى مش لازم تفرض عليها كل حاجه هي ليها عقل تفكر بيه وليها اختيارات .
آسر في ضيق: لا يا ماما لازم أوعيها وانصحها.
فريدة: خلاص يا آسر مش وقته الكلام ده .
سيف: أه مش وقته أنا عايز فلوس
آسر: الفلوس فوق ماما هتعطيك إللى انت عاوزه، سلام عشان عندي شغل
فريد: ربنا يهديك يا ابنى.

دلف إلى مكتبه فوجد فارس ويحيى يجلسان على مكاتبهما قدما له التحية العسكرية فجلس آسر على مكتبه ونظر إلى يحيى في نظرة جامدة وقال بجدية
آسر: عملت إيه يا يحيى بيه في الولد إللى كلفتك بمرقيته، وتجيبلي معلومات عنه ؟
يحيى بنبرة متلعثمة: والله يا آسر بيه لسه مفيش جديد
آسر وهو يرفع أحد حاجبه : يعنى إيه بقى مفيش جديد؟ وحضرتك إيه لزمتك، كل ده عشان تعرف تجيبلي شوية معلومات، أمال لو كلفتك بالقبض عليه هتعمل إيه، ثم أكمل بعصبية إحنا هنا بنشتغل مش بنلعب .
يحيى: يا آسر بيه أنا شغال مش ساكت.
آسر: أخر ميعاد ليك عشان تجبلي كل المعلومات بكرة، ويكون كل حاجة كاملة يا يحيى بيه.
يحيى: أوامر معاليك.
ثم أعطاه التحية العسكرية وانصرف من المكتب.
نظر فارس إلى آسر فهو يعلم أن آسر مزاجه متقلب جدًا، ويعلمه حين يكن عصبيا من شيء ما، فوجد أن من الأفضل له أن يظل صامتا وأن ينجو بنفسه من غضب آسر الذي لا يعلمه أحد .

– ظلت تعمل لوقت متأخر، كانت في كل دقيقة تنتظر فيها قدوم زياد إليها، مصطحبًا معلومات جديدة بخصوص عملية السلاح الجديدة الخاصة ب ” فؤاد الهواري “، وهو أحد كبار تجار السلاح في محافظة أسيوط ،ومن الممكن أن نقول في وجه قبلي كله، كانت تعلم جيدًا وهو أحد الدروس الذي تعلمته من جدها وهو: أن تأخذ السلم من أوله ولا تقفز وتتمهل في أمرها؛ حتى تصعد إلى الأعلى دون أن تقع، وها هي تطبق هذا في حياتها تقوم بالعمل على المجرمين الصغار لكي تصل إلى الرأس المدبر، داخل هذه المافيا علمت من خلال البحث أن ” فؤاد الهواري ” ،هو أحد الرجال المهمين الذي يأخذهم “ناجى رأفت البلتاجي ” كدرع له، يقوم بالعمل وتسليم الشحنات مقابل مقدار مادي بسيط بالنسبة للمكاسب التي يتحصل عليها، فأرادت أن تحطم ليه شبكته التي يعتمد هذا الرجل عليها فتأخذ منه رجلًا مهم، وتمسك فؤاد متلبس بالشحنة وتسلمه إلى النيابة، هكذا ستعطى إلى ناجى أول ضربة في خطة انتقامها، استيقظت من هذا كله وهي تسمع صوت هاتفها فأخذته على الفور وقامت بالرد دون أن تعلم من المتصل .
قمر: آلو ..
محمد: الو يا قمر ،انتِ فين يا بنتي الراجل زمانه على وصول؟
قمر بضيق: حاضر يا عمي مسافة السكة.
محمد: مش عايز تأخير.
قمر: حاضر.
انتهت من المكالمة، ثم زفرت في ضيق شديد، فهي لا تفكر في هذا الموضوع، فلم تعد له مسبقًا ضمن الخطة التي صممتها لحياتها، ولكن هذه المقابلة أصبحت أمر واقع ،فسوف تذهب وتجلس مع هذا الرجل كما يحدث كل مرة يجلب عمها لها عريس، فهي على الرغم من رفضها إلى الفكرة ولكنها لا تريد أن تعارض عمها، فهو من قام بتربيتها ورعايتها وأفنى حياته من أجلها، خرجت من مكتبها وقالت للعسكري الواقف على الباب..

قمر بجدية: أول أما تشوف زياد باشا خليه يتصل بيا أنت فاهم.
العسكري وهو يلقى التحية العسكرية: تمام يا فندم.
توجهت إلى المنزل بسرعة فهاتفها لم يتوقف عن الرنين، فقد كان عمها يستعجلها، وصلت إلى فيلا آل (الأسيوطي) فتحت الخادمة الباب فدلفت قمر إلى الداخل …
قمر: عمي فين يا فاطمة؟
فاطمة : مع الضيف، في غرفة الصالون يا ست قمر .
أخذت قمر هاتفها من حقيبتها، ثم أعطت للخادمة باقي الأغراض لكي تضعها لها في الغرفة واتجهت إلى غرفة الصالون وهي تتمتم بكلام غير مفهوم، ما إن وصلت إلى الغرفة قال
قمر بتوعد : استعنا على الشقى بالله .
طرقت على الباب فسمح لها عمها بالدخول، دلفت إلى الداخل وهي تنظر إلى عمها والرجل الجالس أمامه بنظرات جرئية، تخلو من معالم الحياء والخجل ،فهي تتعمد ذلك، نظرت إلى ذلك الرجل فوجدته رجلًا في أوائل العقد الثالث من عمره، يتحلى بالجاذبية بعض الشيء يرتدي حله سمراء وعلى وجهه الحياء والخجل، ألقت عليهم السلام وجلست بجانب عمها، الذي بدأ بتعريفهما على بعضهما …
قمر: السلام عليكم .
الرجلان: وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته.
محمد: تعالي يا قمر أقعدي، أقدم لكي الدكتور “منير حلمي ” دكتور في المستشفي العام
قمر: أهلا وسهلا بحضرتك، تشرفنا .
منير: أنا اللي ليا الشرف يا آنسه قمر.
قمر بجمود: أفضل تقولي سيادة النقيب.
نظر لها عمها على الفور وعلى وجهه معالم الجدية، ثم نظر عمها إلى منير فوجد على وجهه معالم الاستغراب، استغرب منير من طريقة كلامها، فقرر محمد أن يتركهما بمفردهما ويذهب لكي لا يسبب لنفسه ولهذا الرجل الإحراج أكثر من ذلك .
محمد بضحكة مصطنعة : دايما قمر بتحب تهزر، طيب عن إذنكم ثواني، هعمل تلفون وأجيلكم.
منير: إتفضل، معاليك .

خرج محمد من الغرفة، تاركًا منير وقمر بمفردهما ،كانت قمر تنظر إلى منير وتتفحص معالم وجهه لعلها تقرأ ما بداخله من ردة فعل، كان يعتقد هو أن يجد معالم الخجل تظهر عليها، فهي بنت والخجل والحياء عنوانها، فوجد غير ذلك تمامًا أراد منير أن يكسر حاجز الصمت فقال :

منير: واضح جدًا يا حضرة الضابط إنك بتحبي شغلك جدًا.
قمر هي ترفع أحد حاجبيها: طبعًا ! ومين ما بيحبش شغله؟
منير: أحم، طيب هو حضرتك ضابط شرطة عادي كده ؟
قمر بتهكم: أمال يعنى ضابط كده وكده مثلًا؟
منير في ارتباك: لا مش القصد يعنى، يعنى حضرتك بتمسكي المجرمين وتشتبكي معاهم ؟
قمر وقد لمعت عيناها فهو تكلم عن عملها وشغفها الدائم: أيوه بمسك المجرمين وبشتبك معاهم ومطاردات وكل حاجة..
منير: يعني لو ربنا أراد وهنكمل مع بعض هتفضلي في شغلك؟
قمر في حدة وصوت عالي: ومين يقدر يمنعني؟ بس متخفش حضرتك أنا عارفة مسئولياتي كويس، وعلى فكرة أنا مكنتش مخططة لموضوع الجواز ده، بس إللى حصل كان كل وقتي لشغلي بس، أنا بعرف أخلي بالي من كل حاجة في حياتي.
منير بسخرية : واضح حضرتك .
نظرت له قمر بعصبية ، كانت تود لو تفتك به على الفور، انه يسخر منها، لم ينجده منها إلا صوت الهاتف وجدت أن زياد هو المتصل، فدخل عمها في هذا الوقت.
استأذنت قمر على الفور للرد على هاتفها، فسمح لها عمها وجلس مع الرجل الذي كان يريد أن ينهي هذا اللقاء؛ لأنه لم يجد في قمر زوجة مناسبة له فهي نعم جميلة، ولكن الجمال ليس كل شيء، فهي متسلطة جدًا وشخصية قوية جدًا ،ورأى إن تزوجها سيتعب معها فهو كأي رجل يريد المرأة الضعيفة لسهولة السيطرة عليها.
ردت على هاتفها فوجدت زياد يقول لها وبلهفة …..
قمر: آلو أيوه يا زياد.
زياد: قمر انتى فين ؟تعالي حالًا الإدارة.
قمر: طيب بس في إيه؟
زياد: معلومات مهمة لازم تعرفيها .
قمر: طيب عشر دقايق وهتلاقيني عندك.

دلفت مرة أخرى إلى الداخل بسرعة ، ولم تعطي لمنير أي اهتمام ،و أخبرت عمها أنها يجب أن تتوجه إلى الإدارة لأن هناك شيئًا طارئًا ،ثم أسرعت إلى الخارج واستقلت سيارتها وذهبت في سرعة فائقة، تاركة من ورائها عمها الذي أحرج جدًا من فعلتها إنها لم تعطي إلى هذا الرجل أي اهتمام، أستاذن منير هو الآخر وخرج وهو يفكر في أغرب امرأة شاهدها في حياته، أما عن اللواء محمد فأخذ يلوم نفسه بشدة على كل هذه الأفعال التي تقوم بها قمر ،فهو من وافق من الأصل على أن تلتحق بهذه الكلية وتعمل في هذه المهنة، وهو من أوصلها إلى هناك، وكلما فكر في أنه لم يعد في العمر بقية وأنها ستبقى بمفردها في هذا العالم المخيف؛ شعر بالخوف عليها فهي ابنته التي لم ينجبها، فهذا الزمن مخيف جدًا ،وهو يخاف عليها من كلام الناس فهو رجل صعيدي وهكذا كانت أفكاره ….
…………………
– وصلت إلى مبني الإدارة ودلفت إلى الداخل ،لم يكون هناك غير قليل من العاملين والعساكر، ذهبت على الفور إلى مكتب زياد وطرقت الباب، عبرت إلى دخل المكتب فوجدت زياد يجلس خلف مكتبه على وجهه علامات القلق والتوتر …..
قمر: ها يا سيدي في إيه؟
زياد: طيب اقعدي بس وأنتِ تعرفي كل حاجة.
قمر: جلست ثم قالت، ها قول يا زياد هو أنا هتحايل عليك .
زياد: هو ينظر إليها المخبر السري، عرف ميعاد ومكان العملية .
قمر: وهي تبتسم هو ده الكلام طيب إمتي ؟
زياد: بكره الساعة عشرة بالليل، المكان شونة القمح بتاع ” فؤاد الهواري ” .
قمر وقد اختفت الابتسامة من على ثغرها: بتقول فين ؟
زياد: شونة القمح .
قمر:
زياد: قمر، في إيه يا قمر
قمر: ها إيه يا زياد
زياد: إيه إنتي سكتِ ليه ؟
قمر بثقة: في حاجه غلط .
زياد باستغراب: إزاي يعني؟ إيه إللى غلط الكلام ده ؟المخبر سمعه بنفسه وفؤاد ومساعده حامد بيتفقوا عليه .
قمر: يبقي كده هو باعنا يا إما كشفوه.
زياد: طيب إيه اللي خلاكِ تقولي كده؟!
قمر: إللي خلاني أقول كده حاجات كتير يا زياد أول حاجه فؤاد عارف إن أنا براقبه ويراقب كل تحركاته، وعارف ومتأكد إن إحنا مراقبين شونة القمح؛ يبقي إزاي يحدد ميعاد التسليم فيها، ثانيا وده الأهم شونة القمح داخل منطقة سكنية والطريق إللى مؤدي ليها، مينفعش يستخدمه لو حصل حاجه وده كلو أكيد هو حطه في حساباته، هو عمل كده عشان يخدعنا عن المكان الأصلي إللى هيبقى فيه العملية.
زياد: عندك حق يا قمر، إزاي ما فكرتش كده أول أما وصلتني المعلومة ؟
قمر: الكلام إللى أنت بتقوله ده معناه أن يا إما المخبر باعنا، أو كشفوه وفي الحالتين أنا لازم أوصله قبل العملية بكره.
زياد: طيب هنعمل إيه؟ أحنا نعرف الميعاد بس مانعرفش مكان التسليم.
هبت واقفة وأخذت تخطو عدة خطوات، ثم نظرت إلى زياد ويعلوا ثغرها ابتسامة مشرقة نظر زياد لها فتعجب من أمرها فقال لها
زياد: إنتِ بتضحكي على إيه؟؟ حالًا أموت وأعرف؟
قمر: أصلي لقيتها يا زياد .
زياد: وهو يرفع إحدي حاجبيه هي إيه دي.
قمر: مكان التسليم بس لسه هتأكد الأول.
زياد: طيب إزاي؟
قمر: قولتلك هات ورقه وقلم .
استندت على المكتب ووضعت أمامها الورق ونظرت إلى زياد و أكملت :
من كام يوم كدة قبل أما اعرف إن فؤاد جاي من القاهرة عشان العملية، روحت عند الفيلا إللى سمعت أن هو اشترها هي والأرض إلى حوليها كلها، وقعدت ألف حوليها بالعربية ،اكتشفت إن الفيلا دي ليها أكتر من مدخل واكتشفت إن ليها بوابة حديد كبيرة محدش يعرف عنها حاجه ،لأنها ناحية الأرض القبلية إللى هو اشتراها مع الفيلا؛ عشان يفضل كل شيء تحت إيده، وعن قرب البوابة دي مغطاة بشوية قش على حاجات قديمة، أنا إللي شفتها بالصدفة استغربت جدًا، بس حالا عرفت فايدتها إيه، أكيد الفيلا دي هي إللى هيسلم ويستلم فيها.
نظر لها زياد بنظرة إعجاب بهذه الفتاة التي لا يصعب عليها شيء، إنها حقا فتاة ذات رونق خاص في كل شيء، الذكاء الجمال الكبرياء كل شيء بها مميز.
زياد: طيب يا قمر إنتِ عرفتي كل ده إزاى؟
قمر: يا زياد في درس لازم تتعلمه كويس أوي عشان تبقي ضابط ناجح أو كشخص عادي، لازم تعرف أصغر تفصيلة عن عدوك عارف يعنى إيه؟ يعنى توصل إنك تعرف عنه أصغر حاجة، زى بياكل إيه بيشرب إيه، شفت لدرجة إيه، مش مجرد تصميم لبيته ومداخل ومخارج، ثم تنهدت وتابعة كلامها جدي الله يرحمه هو إللى علمني كل ده ….
زياد: الله يرحمه ، طيب يعني إنتِ واثقة إن مكان التسليم الفيلا ؟
قمر: للأسف لأ ،مش واثقة بس لازم الخطة إللى هنحطها تبقى شامله حاجة مهمة ،إن إحتمالية إن متبقاش الفيلا هي مكان التسليم
زياد: طيب ازاي؟ وإيه هي خطتك ؟
قمر: اسمع يا سيدي …
رسمت على الورق بعض الرسومات ،وأخذت تشرح لزياد الخطة بكل حرص وهو يستمع إليها بإصغاء، حتى انتهت من كلامها فنظر هو إليها وقال بسرعة :
– بس كده هيكون في خطر كبير على حياتك ،وأنا مش ممكن أوافق على ده أبدًا.
قمر: عندك حل تاني؟ الموضوع مايستحملش أي تأجيل يا زياد ومعنديش إلا الخطة دي.
زياد: إزاى إللي بتقوليه ده مش هينفع طيب، افرضي أنا أتأخرت عليكِ هيبقي إيه الوضع ؟
قمر: سبها لله يا زياد، مش قدامي إلا كده، بس أهم حاجه هتبقي معايا خطوة بخطوة على الفون، وتتبع كل خطوة من إللي متفقين عليها بالضبط وسبها على الله يا زياد .
كانت الخطة التي رسمتها قمر خطيرة جدًا بحيث ستعتمد على عاملين: الأول وهو عامل الخديعة وسيقوم بهذا زياد وفرقته ،حيث طلبت قمر من زياد بأن يأخذ قوه كبيرة جدًا ويحاصر الشونة بطريقة شبه مكشوفة لهم، وهكذا سيعتقد فؤاد أن حيلته قد نجحت ،ويبدأ بتسليم السلاح وهو مطمئن القلب، لأنه استطاع خداع الشرطة، بينما ستكون قمر في ذلك الوقت ومعها قليل من العناصر يحاصرون الفيلا جيدًا، وسوف يكون هناك اتصال بينها وبين زياد ؛لمعرفة جميع التحركات لدى الطرفين، وهنا ستأخذ المهمة محورين آخرين: الأول وهو مراقبة قمر لفؤاد إن خرج من الفيلا، وتسير خلفه حتى تعلم مكان التسليم؛ وتبلغ زياد بالانسحاب من موقعه والتوجه إليها، والثاني إذا أحست قمر بأي حركة داخل الفيلا أو أي شيء لافت للإنتباه ستقتحم الفيلا بمفردها، وتقوم بتامين الطريق للعناصر على الفور، وفي تلك الأثناء سيكون زياد وفرقته في طريقهم إليها، كان الأمر به خطر كبير على حياتها بحيث من الممكن أن تُكشف في أي وقت‘ وتضطر إلى الاشتباك مع المجرمين و عددهم يفوق عناصرها، ولكنها لا تأبه لأي شيء، وهدفها الإمساك بهم متلبسين بجرمهم .
زياد: طيب هتختاري مين من العناصر؟ وعددهم كام؟
قمر: هسيب الاختيار ليك أنت، أما العدد خمس عناصر، لأني مش عاوزه حد يشك في حاجة ولا ألفت الإنتباه .
ظلوا يعملون حتي أشرقت شمس نهار جديد حاملًا معه الكثير والكثير من الأحداث، ذهبت قمر لكي تأخذ قسطًا من الراحة وتغير ملابسها وتستعد للقبض على أعداء الوطن وتجار الدماء، كما وصفتهم “نعم ،فهم من وجهة نظرها تجار للدماء؛ يبيعون الأرواح يجلبون الخراب إلى ارض الوطن، فقط من أجل المال باعوا ضمائرهم وهي الرقيب على أفعالهم، فبجلبهم الأسلحة التي تستخدم للقتل التخريب والهلاك يعرضون أرواح الناس للخطر، لا يعلمون ما صنعت أيديهم ،يقبضون الأموال مكاسب لفعلتهم ،لا يعلمون كم من أم حُرق قلبها على ابنها !كم من أب أفني عمره وها هو يرى ابنه مقتولًا أمامه! كم وكم من أطفال فقدوا أبائهم وأمهاتهم !وكم من امرأة ترملت في شبابها! وكل هذا بسبب تجار الدماء.”
دخلت بطلتنا إلى بيتها وعلى وجهها ملامح التعب والإرهاق ظاهرةً، فوجدت السكون يعم المنزل، صعدت إلى غرفتها وقامت على الفور بتغير ملابسها إلى منامة قطنية سماوية، ثم جلست على سريرها وفي يدها ألبومًا قديمًا للصور أخذت تتفقده وتنظر إليه بشدة ،فيوجد به صور لوالديها تجمعها معهما كعائلة نظرت إلى الألبوم وتحسست الصور بأناملها، وظهر على وجهها نظرة تحدى وحقد، وقالت :
-إنهاردة همشي أول خطوة عشان أوصل للي قتلكم وانتقم منه، على كل حاجة عشتها وعيشها ليكم.
ثم أخذت الألبوم في أحضانها وذهبت في نوم عميق ………
……………………………..
في أحد المنازل الفخمة كان يجلس رجل خلف مكتبه، على وجهه معالم الجدية، وأمامه بعض الرجال ذى البنية القوية، يقفون في صمتٍ، وينظرون إلى هذا الرجل في ترقب ،وبعد لحظات من الصمت رن الهاتف فأشار الرجل لهؤلاء الرجال بالخروج من الغرفة وأخذ هاتفه وقام بالرد
فؤاد: ناجي باشا.
ناجى: ها يا فؤاد جهزت كل حاجة؟
فؤاد: كل حاجة جاهزة يا ناجى باشا.
ناجى: العملية دي مهمة يا فؤاد خلي بالك، أنت لو حصل حاجه أنت إللى قدامي.
فؤاد وهو يبلع ريقه: كل حاجه تحت السيطرة ماتخفش يا باشا .
ناجى: ماشي يا فؤاد بعد أما تخلصوا، ابقي عرفني .
فؤاد: تمام يا باشا.
…………………………
استيقظ من نومه على أصواتٍ عاليةٍ داخل غرفته ،فقام ونظر إلى مصدر الصوت فوجد أخاه سيف يلبس ملابس رياضية ويقف أمام كيس اللكم الخاص به، ويلكم فيه ولكن كعادته يلكم بطريقة خاطئة تمامًا فنظر له ورفع حاجبيه وقال
آسر: صباح الخير، أنت بتعمل إيه؟
سيف: بلعب رياضة بنشط الدورة الدموية، بس البتاع دا هراني خبط .
آسر: البتاع، مهو حضرتك واقف غلط وكمان عمال تخبط لغاية أما صحتني والآخر تقول بتنشط الدورة الدموية
سيف: يا عم مش أنا اللي بعمل الصوت ده، الأجهزة بتاعتك هي إلى مش شغالة
آسر: تصدق صح ،طيب يله امشي من هنا بقى .
سيف: يالهوى يا آسر بتطردني من الغرفة، بعد ما عملت، عملتك آه يا خاين يا غدار.
آسر وهو يرفع حاجبه: عملت عملتي ،تصدق والله أنا شاكك فيك، ويله من هنا أسرح بعيد عنى الساعة دي .
خرج سيف من غرفة آسر الذي كان يحاول أن يستكمل نومه، وهو يسب ويلعن على أخوه وعلى أفعاله الطفولية، وبينما كان سيف يدخل حجرته وجد هاتفه يرن برقم!
سيف: مش معقول أبو الفوارس بيتصل بيا لا والله ما مصدق نفسي
فارس: سيف، إيه يا عم المقدمة العريضة دي؟ أخوك فين ؟
سيف: يعنى مش بتتصل تسأل عنى، ده أنت عايز هتلر .
فارس بتعجب: هتلر، لا يا عم أنا عايز آسر تلفونه مغلق وعايز أقوله على حاجه مهمة.
سيف: ما هو هتلر يبقى آسر وآسر يبقي هتلر ده حتى لسه طردني من الغرفة بتاعته حالا يرضيك كده؟
فارس: تصدق اسم يليق بيه، طيب معلش روح قوله يفتح الموبيل لأ هاته أنا هكلمه.
سيف: أبدا لايمكن، ده أحرجني جدًا .
فارس: طيب ما هو ده الطبيعي، عشان خاطري المرة دى .
سيف بتنهيدة : والله عشان خاطرك أنت بس، بس مش ناوي تقولى قرار البت إيه بقى؟
فارس: هقولك كل حاجه يا معلم لما نتقابل الخميس في النادي .
سيف: ماشى هستناك، أما أروح أديله الموبيل ادعي ليا بقى .
فارس: ربنا يرجعك لينا بالسلامة .
سيف: إيه يا عم هو أنا رايح الحرب ؟!
فارس: أصعب ثم ضحك بشدة .
دلف سيف إلى غرفة أخيه مره أخرى وقال له بصوت مرتفع : آسر، يا آسر، آسر .
آسر: اللهم ما طولك يا روح عايز إيه يا زفت تانى؟ هو أنا مش عارف ارتاح منك ؟
سيف: بالراحة يا عم فارس على التلفون عوزك وأنت قافل موبايلك ومش عارف يوصلك.
آسر: ربنا ياخدك أنت وهو طول ما أنتم عايشين مش هعرف ارتاح هات التلفون .
سيف: أه يا عم بالراحة عشان التشت بتاعه .
آسر: التشت طيب هات، ألو!
فارس: صباح الخير يا عمهم .
آسر: وهو البعيد متصل عشان كده .
فارس: لا طبعا يعنى، أنا متصل بيك عشان أقولك حاجه مهمة، بس وحياة أغلى حاجه عند يا شيخ، شوف أغلى حاجه ماتتعصب عليا وخليك هادى .
آسر: أخلص يا زفت في إيه؟
فارس وهو يبلع ريقه: استر يارب، الواد حامد إللى كلفت يحيى، بمراقبته فص ملح وداب من إمبارح.
آسر بغضب: نعــــم، دا إحنا بنلعب بقى نهارك أنت وهو زى وشكم أنا جاى حالًا .
فارس: أنا مالي، أنا بالموضوع ده.
آسر بحده: لما آجي هنتكلم يا فارس اقفل حالًا.
نظر سيف إلى اخوه الذي قام من سريره بسرعة وأسرع إلى دولابه واخرج ملابسه فقال
سيف: هو في إيه يا آسر؟
آسر: أنا مش ناقصك يا سيف والنبى أنت كمان .
سيف : هو أنا كنت عملت حاجه ؟!
آسر: سيـــــــــف!!

– حينها انتهى فارس من مكالمته مع آسر التفت إلى يحيى الواقف وعلامات الخوف والتوتر ظاهرة على وجهه وقال
فارس: ربنا يستر .
يحيى: قالك إيه يا فارس ؟
فارس: هيطين عشتك يا يحيى وأنا معاك.
يحيى: ربنا يستر بقي ، والله يا فارس الواد دخل المول وبعدين اختفي.
فارس: مصدقك والله، بس الخوف من آسر و اللى هيعمله

– استيقظت من نومها وجهزت نفسها على الفور، حيث اتجهت إلى دولاب ملابسها واخرجت ملابس مكونة من بنطال جينز أسود وتيشرت بناتي عاري الأكتاف من اللون الرمادى، ثم رفعت شعرها الغجري إلى الأعلى علي شكل ذيل حصان، وقامت بتضفيره حتى لا يُعيقها، ارتدت ملابسها وحملت حقيبتها ذات الكتفاتين وتأكدت من محتوياتها، حيث وضعت حبل وخطاف وأشياء أخرى قد تحتاجها، ثم نظرت إلى صور عائلتها المعلقة على الحائط وعلت الابتسامة ثغرها، ثم اتجهت إلى الخارج لكي تودع عمها فهي ذاهبة في مهمة ومن الممكن أن تموت في أي وقت.
فهي تعلم أن الشهادة قد تأتي أي وقت، ومع ذلك سعيدة بهذا العمل، وترحب بالموت فداء لهذا الوطن وجدت عمها يجلس في حديقة المنزل فذهبت إليه وقبلت يده ..
قمر: صباح الخير .
محمد: صباح النور، على فين؟
قمر: مهمة إدعي لي.
محمد وهو يتنهد: ربنا معاكِ، خلي بالك من نفسك، بس لما ترجعي بالسلامة لينا كلام على اللي حصل إمبارح.
قمر: حاضر هنتكلم، بس خلي بالك من نفسك .
محمد: حاضر، أنتِ انتبهي كويس.
قمر: ماشي يا عمي هخلي بالي ، سلام عشان متأخرش عليهم .
محمد: سلام .
ودعها محمد بنظرات حب مصحوبة بالحنان والتوتر والخوف، شعور بالخوف الشديد يجتاح قلبه يريد أن يمنعها من الذهاب، يريد أن يعيد الزمن ليمنعها من الدخول إلى هذا العالم المخيف، الذي أخذ منه أغلي ما عنده وهما أخواه الاثنان، ويخاف جدًا أن يأخذ منه أغلى شيء في حياته قمره، وابنته التي عوضته عن الكثير و الكثير ، أخذ يدعو الله أن يكذب هذا الشعور ،الذي اجتاح قلبه وعقله بشدة وينجيها من كل شر…………………………………

error: