رواية صعيدية غيرت حياتى بقلم أميرة السمدونى
الفصل الثالث
” عمر ،عجايب الدنيا سبعة وتامنها ال والدتك بتطلبه،هي فكراني أيه بنت مراهقة…؟،ولا واحدة جاية من الشارع لولاش معزتك فى قلبى ،كان لى تصرف تاني”
فى شقة أخي بالطابق الثانى المطلية بلون نبيتي ،و بستائرها داكنة اللون،تحجب أشعة الشمس الذهبية ،وبموكيت غامق تلألأت عبرات رضوى وهى تلفظ عبارتها بغير تصديق لطلب والدتي ،يجلس قٌبالتها على كرسي بلاستيكي عمر ،وهو بين نارين نار زوجته ونار والدته،ربت على كتفها بحنان وهو يقوس شفتيه :_
_ ومين قالك يا عبيطة أني هخليكي تعملي كده أساساً الموضوع أخره تقرير طبي من عند أي دكتور،وتبقى كسبتي ماما فى صفك
رمقته بإستياء وبأعصاب يد مٌرتعشة قبل أن تتجه ناحية النافذة لتشيح بضعفها بعيداً عنه،وبصوت واهن بررت:_
_وليه هي متكسبنيش ..؟ليه مصممة تكسرني قدامك وقدام نفسي…؟ وليه ألف وأدور وأكدب..؟ فكرك حتة الورقة دي ل هتريحها ….؟
وقف مطرقاً فى خجل من موقف والدتي المٌريب ،وتشبثها بمطلبها قبل أن يضيف بقلب مٌنخلع:_
_ رضوى أنتى دنيتى وهى اخرتى ،وأنا مش عاوز أخسر حد فيكم ،معلش تعالي على نفسك شوية عشانى
زمجرت بصوت غاضب:_
_ عشانك..؟ أنت السبب فى كل ال أنا فيه …خصوصياتنا بقت على الملأ بتسألني تم ختاني ولا لا،عشان تطلع جري تبلغها وكأني على زمتها ..
وقف من خلفها وهو يعانقها بحنان ،ليهدأ من ثورتها ،مٌتغاضياً عن إهانتها له وهو يهمس برفق:_
_ رودى ،مجاش فى بالى أنها بتسأل عشان تخليكي تعمليها…فهمتنى أن الموضوع مهم ،لان ال بيبقى معمولها بتحمل أسرع
مع عبارته الأخيرة أنتحبت بصوت مكتوم وبهت لونها وقد تذكرت مأساتها ونزع الدليل الوحيد على أنوثتها”الرحم” ،فطن عمر إلى ما أقترفه عن غير عمد فتنهد بضيق:_
_ يا حبيبتى أنا كنت بريحها بس والله..ماما من حقها زي أي أم تحلم تشوف أحفادها …ومينفعش تحاسبيها على الحلم..ولو على فأنا مش عاوز ولاد ولا وش ..أنتي عندى بكل الدنيا يا رضوى ،أنتي لو مش خلوقة مكنتش أتجوزتك
تحررت منه وهى تدفعه برفق للخلف،ثم أستأذنت فى توسل و ألم:_
_ عمر …محتاجة أبقى لوحدى شوية …ممكن تسيبني ولما أهدى بنفسي هاجي وأكلمك
أتجه صوبها وبسبابته يرفع ذقنها الأملس ناحيته،وهو يدسُ عينيه بقلب حقول البن التى بعينيها :_
_ هفضل معاكى لحد ما تهدى يا حبيبتى
لكزته بكفها الصغير فى صدره الغائر الحنون ،بقميصه النصف مفتوح،تتأمل عضلات صدره فى إرتباك نفسى، ألكم تشتهى عناقاً يحوي كل ألامها ،ألا إنه مد ذراعه ليحاوط خصرها ،حاولت لكزه والمضي بعيداً عنه ،لكنه جذبها مجدداً بأنفاسه الحارة وهو يقول بصوت دافىء:_
_ تزعلى منى وتختلفى معايا أه…بس هيفضل حضنى ليكى ملجاْ ،حضنى على الحياد
همت أن تفتح ثغرها الوردى الناعم إلا إنه ألتقطه بٌقبلة مطولة ساحرة لتصمت شهر زاد عن الكلام المٌباح
فى المندرة الصعيدية
نحدق جميعاً بكاملة بغير تصديق ،كيف أستطاعت أن تنجو من تلك الموتة المُحتمة…؟، بعد أن دفعتها ابنة المحامي..؟ لكن هل حقاً ألقت بها الصغيرة من الأعلى أم كان لشخص أخر يداً فى ذلك ..؟ ومن يكون وما مصلحته….؟ عشرات الأسئلة تتقافز من أذهاننا لتبترها بحزم وصرامة وبإبتسامة إنتصار تقترب من جودة لتضع يديها على كتفه بريبة مٌردفة:_
_كاملة …أومال مفكرين جودة خد البراءة كيف يعني ..؟ إن كنت موتت…؟
تسائلت الحاجة يامنة بذعر وبضربات قلب مٌتزايدة:_
_ ووواه..تجصدي إيه يا بت الفرطوس أنتي….جودة عمره ما كان جاتل … .ولا تكونيش جاية ترمي بلاكي علينا ومفكرانا هنصدجك
صمتت للحظات وهي ترمقني بنظرات غاية فى الغرابة وكأنها تراني للمرة الأولى قبل أن تواصل،وجودة يتوسل لها بعينيه لكي لا تفشي سراً ما لتستكمل:_
_ جودة…!، يا زين ما خلفتي يا خالة…زين الرجال …إن كنتوا نسيتوا ال جرى هاتوا الدفاتر تنجرى …نسيتي يا خالة يامنة مين ال جتل أبو مهند…؟ وأجر عليه بلطجية…؟
تسائلت نوارة بدهشة:_
_ ..يا ليلة طين..صحيح الحديت ده يا جودة…وأنا ال كنت فاكرة إنها إتهامات جاهزة ومٌتعلبة..وإنك كبش فدا ….وبدعي ربنا ليل ونهار ينجيك…يطلع الراجل ال بحط رأسي معاه على نفس المخدة جاتل…!، يا وجعتك السودة يا نوووارة ..يا شماتة …
عقبت الخالة وهي تضيق عينيها وتشير لسلفتي لتلتزم الصمت مٌردفة :_
_ أسكتي….وكفاياكي ندب عاد…وأنت يا ولدي جولي من ميته والدم هين عليك أكده…؟ جولي غنك معملتش إجده…جولي إني البيت ال فنيت فيه أعز أيام عمري تحت خدمكم ومتجوزتش بعد أبوكم وكل تضحياتي مراحتش هدر
إبتلع ريقه بأعجوبة،يتصبب جسده عرقاً لا يدري ما يفترض عليه قوله وأي أدلة أو براهين مُقنعة سيقدمها ،فأستطردت كاملة بإستهزاء:_
_ جالوا للحرامي أحلف ..جال جالك الفرج….خبر أيه يا خالة .. بتتكلمي وكأنك الطاهرة الشريفة نسيتي أم وليد ال جتليتها بحسرتها على ابنها …؟
إنكمش وجه وليد بوجوم وهو يأخذ نفساً عميقاً،قطعه صوت يامنة القاسي وهي تقول بنبرة حادة :_
_ شكلك نسيتي نفسك يا بت أختي….أطلعي بره ..معوزاش أشوف وشك تاني..!
تدخل الدكتور عبد المنعم ليهدأ الأوضاع:_
_ صلي على النبي يا يامنة..بنت أختك ملهاش مأوى ولا بيت تاني غيرك ..خصوصاً بعد ما بيت أمها أتهد …وأنتي يا كاملة لو هتقعدي أقعدي بإحترامك بلاش الحرب الباردة دي..ال هتقضي بيها على نفسك وعلى علاقاتك بأقرب الناس ليكي
قال حمدان بحنان وبطيبة قلبه المعهودة:_
_ وأنا يا ستي متنازل لك عن أوضتي بكركبتها ههههه ..وهنام على الكنبة ولو أن عندي الروماتيزم بحكم السن بقى ههههه ..بس أستهدوا بالله
رمقت وليد وكأنها تسأله عن رأيه،أغمض عينيه وفتحهما بعد لحظات ليقول بصوت جاد يشوبه بعض الرحمة:_
_ كل أدم خطاء..وأنتي غلطتي مرة …وإن شاء الله تتوبي وترجعي..بلاش الإصرار والعند فى الغلط…ال بيشيل إربة…انتي عارفة باقي المثل…وإن كان على البيات أنا و إسراء هنا مؤقتاً عشان تعب الحمل مبتقدرش تعمل حاجة وأهلها فى العمرة..يومين ولا حاجة وهنسافر..تقدري تأخدي راحتك
نفخت حماتي بإستياء وهي تضرب بعصاها الأرض مٌستكملة:_
_ محدش جالكم إني فتحاها سبيل ولا تكية….أمك كانت أغنى مني بمراحل..والطين ال أبوكي شاريهولها يعيش محافظة بأكملها بعيه ولا أستأجريه بعيد عنينا..خلي عندك كرامة وغوري من هنه….منيش طايجة أبص فى وشك
قال جودة بإعتراض غريب جداً ،وهو يدافع عن كاملة:_
_ خبر إيه يا أما الرحمة إنعدمت من جلبك عاد ..!،بت اختك ووحيدة ومنكسرة هترميها بره كأنها غريبة
ثم تطلع إلى بنظرات ذات معنى قبل أن يواصل:_
_ ده حتى الغريبة جاعدة مٌعززة مكرمة محدش بيجدر يجولها بم
طالعه الدكتور وليد بإستياء وعصبية قبل أن يعقب:_
_ جودة لم الدور،وملكش دعوة بمراتي….ليك حساب معايا عشان بلغت البوليس عنك…يبقى تحاسبني راجل لراجل لكن شغل النسوان والتسخين من تحت لتحت محبوش..!
جلست درتي على إحدى الأرائك العريضة وسط إشتعال الأجواء وهى تضع قدماً على الأخرى بكبر وبتعالي قبل أن تقول:_
_ وفروا شفجتكم وصدجتكم لغيري …لحد يستاهل ..وبعدين أنا صاحبة ملك ولا أنت لسه مجولتلهمش يا جودة ..!
اتسعت عينيه بخوف على أخرهما وبإضطراب يشوب قلبه والنظرات جميعها تحيطه وهو يشاور لها لكي لا تستكمل،لكن الخالة يامنة قطبت ما بين حاجبيها قبل أن تستفسر :_
_ صاحبة ملك كيف يعني..!، فهمنا يا جودة..جبل ما برج من نفوخي يطير
صمت، ذعر،قلق ،توتر ،لحظات طويلة مٌرعبة على جودة خوفاً من رد الفعل قبل أن يقول:_
_ …نصف البيت بجى باسم كاملة يا أمااه..
ألقت الخالة بجسدها على أريكة عريضة بحدة، وضيق ووجوم وعدم فهم لتسأله بلوم وبصوت مبحوح:_
_ ليييييييييييه يا ولدي…!، عزيتك وكتبت لك نصف البيت لأعوضك عن تعليمك ال مكملتهوش لأجل تجف فى الأرض وترعى مصالحنا…ليه يا ولدي أعزك وتذلني….ده جزاتي إني جسمت كل حاجة وأنا عايشة..لأجل محدش يظلمك…ليه يا ولدي تظلمني…!
ركض الصغار بحقائبهم تجاه والدتهم المتسمرة فى مكانها من هول الصدمة،والغيرة ،قلبها يشتعل بالنيران ،وعقلها تكاد الأسئلة أن تفجره،لما ..؟ وبأي حق يكتب لسلفتها السابقة شيء كهذا هل تجمعهم علاقة عاطفية…؟ ،وإن كان ذلك أليس هذا بزنا محارم..!، ذهبت طفلتها ذو ال 6 أعاوم تجاه جودة وهي تمسك بيديه وتلقبه بابا”، نهرتها نوارة وهي تشد أولادها للأعلى بعصبية وثورة:_
_ جوز الأم عمره ما كان أب…منيش عاوزة أسمع الاسم ده تاني..إلا وقسماً بربي لأكويكي بالشمع ساااااااااااااااااااامعة …؟… جال يا مأمنة للرجال يا مأمنة للمياه فى الغربال
فتح فمه ليبرر لها ما يحدث لكنها لوحت بكفها فى وجهه بغضب بالغ ودموعها تغسل وجنتيها:_
_ كلكم خونة…لسه حداك حديت وغش وخداع حتجوله …! ،غشتكيت لك من خيانة طليجي ..وعملت زيه ومع مين مرات أخوك السابجة أشفخص عليك راجل عينك مهياش مليانة ….تعرف منيش حوجفك على السطح كيف ما عملت معي من جبل وأوجعك..لكن من اللحظة دي أنت سجطت من حساباتي ..وهاخد ولادي وهطلع من هنه…ومشوفش وشك غير عند المأذون يا خاين…!
أنهت جملتها الاخيرة بعصبية وهي تجر ابنائها عبر السلم الرخامي الكبير ،وعبراتها الساخنة تغسل وجنتيها ،وقلبها يغوص بين ضلوعها بمرارة وقهرة كبرى،أستأذنت زوجي لأصعد إلى غرفتها لعلني أستطيع إن أهدئها ،فلا يعقل أن أقف متفرجة أمام بيت ينهار ،على الرغم من غرابة الموقف وعودة كاملة بشخصية لم نعهدها جميعاً من قبل،وما زاد الأمر غرابة عدم صعود جودة خلف زوجته لمراضتها.
أما فى الأسفل جلس وليد برفقة أبيه وحمدان تقابلهم الحاجة يامنة بعكازها وبذهول رهيب من ما فعله جودة، لا يدري جودة كيف يدافع عن نفسه، يحاوط كاملة بنظرات نارية كاملة،لتمنحه إبتسامة بلهاء ،وهي تستعيد أنفاسها المٌتلاحقة من شدة فرحة قطعها صوت يامنة وهي تقول بغضب:_
_ كاملة…خالتي وخالتك وأتفرجوا الخالات …وليد وطلجك….من الأخر اجده جدري الفلوس ال رايدها وهتكون حداكي..لكن بيت الولد لالاه …مش مسموح لا لجريب ولا لبعيد يشاركهم فيه
مط جودة فمه بإستياء قبل أن يعقب وهو يفرك كفوفه ببعضهما بعصبية:_
_ أجصري الشر يا كاملة …وأبعدي عن النواحي دي ….لغاية دلوجيت منتيش شايفة مني إلا الوش الحلو…بلاش تخليني أفرجيكي الوش العفش عاد
ندت منها ضحكة طويلة حزينة مٌنكسرة قبل أن تضيف وهي تحرك قدميها بإستمتاع بخوفه منها:_
_ خدوهم بالصوت ليغلبوكم…. شغل التحليج ال بتعمله مبيكلش معي ببصلة ….وأخرك هاته يا جودة وأنت عارف ال فى خزنتي ..دلوجيت مرتك وبيتك وبعد إكده…
قاطعها الدكتور عبد المنعم بحكمته وهو يضيف:_
_ كاملة…الإحترام أساس أي علاقة حب أو كره…يامنة مش قدك ..عشان تكلميها بالطريقة دي..كون جودة غلط فأتحاسب وخد جزائه والحمد لله أن ربنا نجاكي …وأنكتب لك عمر جديد..وأنتي بنفسك طلعتيه من الحبس …ليه بقى العدوات ال بتعمليها دي..ده حتى المثل بيقول صباح الخير يا جاري أنت فى حالك وأنا فى حالي
أحضر حمدان أكواب الشاى بالنعناع على صنية زجاجية وهو يقدمها للحاضرين جميعاً ،فأخذ زوجي كوبه وهو يعبث بهاتفه يتابع بعض المقالات الطبية بلا إكتراث للأحداث الساخنة، تأخذ إحدى مريضاته إستشارته عن صغيرها الرضيع وإرتفاع درجة حراته بشكل مفاجأ ،ليجبها بطمأنة وقلبه يعتصر ألماً على طفلتنا الصغيرة المشوهة ،يجاهد ليرسم إبتسامة على شفتيه لكي لا تلحظ يامنة بقوة بديهتها أراد ان يخرج من التفكير فى تلك الكارثة فرفع عينيه عن التاب ليضيف:_
_ كاملة بلاش حياة الجهل والتخلف دي ،والغنتقام تسيطر عليكي، كنتي ماشية حلو جداً ،لما فكرتي تكملي تعليمك أيه ال حصل وفلبك 180 درجة كده…؟، وبصراحة بقى عايز أفهم جودة كان بيزقك ليه من على السطح …؟ وإيه ال يوصله للحالة دي أساساً
شردت عينيها فى الفضاء بينما أضاء هاتف معلناً عن وصول رسالة نصية ،كٌتب فيها من حمدان”وليد أنا بره فى الجنينة، أخت مراتك زعلانة وهارية روحها عياط،خايف أدخلها ماما ترخم عليها، هتيجي تاخدها ولا أدخلها أنا..؟”
أستأذن وليد بأدب لإجراء مكالمة هامة مٌتحججاً ،بطفل إمرأة مريض يعاني من الحمى ،وعدم مساعدة الشبكة له ،صعد إلى غرفته بالأعلى وهو يحضر نضارة شمسية سوداء داكنة،ليهبط إلى الأسفل بينما لا زلت أنا مع سلفتي أواسيها فى حجرة مجاورة ،كانت الحديقة مٌزينة بأشجار الفاكهة المتنوعة وزهور الياسمين والريحان تطل عبر السياج الحديدية ،لتعطي المكان رائحة جذابة ورائعة، رمق فى إحدى الزاويا وأسفل إحدى الطاولات المستديرة ،فنجانين من القهوة ،فأقترب ليجلس بجوار حمدان وفى قبالته هند ليتسائل مٌقطباً حاجبيه
” أحم، حلم ولا علم هند بتعيط وعندها دم زينا ….؟
علق حمدان بضحكة هادئة ورقيقة وهو يمنحها منديلاً ورقياً :_
_ ووشها بيحمر كمان زي البنات الطبيعين يعنى
أشرق وجهها بإبتسامة صغيرة من بين ستائر عبراتها الساخنة الواجمة:_
_ الله مش بني أدمة …وعندي محاشيش ومشاعر وبعدين …أنا كنت جاية لإسراء
قوس وليد شفتيه وهو يحاصر بين إحدى أصابعه سيجارته مٌتابعاً:_
_ إسراء نايمة ومٌرهقة ،مينفعش إن شاء الله تعتبريني يا ستي سوسن صاحبتك ..ها مالك بقى ..
فركت كفوفها ببعضهما بتوتر وقلق ،لا تعلم هل تفاتحه وهل سينجح فى مساعدتها أم لا لكن حمدان قال وهو يهم بالنهوض :_
_ يظهر إني عزول ….طيب هطير أنا بقى قبل الحاجة يامنة ما تنكد عليكي بزيادة هههههه….هشغلها عنك
ثم غمز بعينيه بمكر لذيذ :_
_بس عدي الجمايل بقى أنتى وعم وليد ،يلا سلام
تنهدت بعمق قبل أن تقول بنظرات شاردة:_
_ استنى يا ا حمدان الموضوع مش شخصي ..هى بس مشكلة كبيرة فى واحدة صاحبتي بتشتكي منها
أخذ البش مهندس نفساً مطولاً وبإهتمام كبير قال:_
_ لعلمك جلسات الفضفضة دى بيتدفع فيها ألوفات عند الدكاترة النفسيين تقدري تمددي على الترابيزة وتحكي هههههههه المايك معاكي
قالت بتلجلج وحيرة وألم:_
_ ما أنا قولت لك مشكلة واحدة صاحبتي
نظر لها وليد بجدية وهو ينفث دخان سيجارته:_
_عارف…كملي
أخذت هند تقص على مسامع زوجي وأخيه ما حدث وهى فى حالة أقرب للإنهيار ،وبأعصاب تالفة تشكو تجني سماح عليها وقسوة تلك العائلة على لسان حال صديقتها لكي لا تفضح نفسها أمام زوج أختها ،وحمدان هو الأخر ينصت فى تركيز وفى يده ورقة وقلم يدون نقاط رئيسية ،بينما وليد يضيق عينيه بإهتمام وإنتباه كبير لتفاصيل مشكلتها ما أنهت هند مشكلتها حتى أطفأ الدكتور سيجارته فى منفضة زجاجية وبإبتسامة جميلة قال:_
_ هكلم ياسين يتغدى معانا النهاردة
قالت بذعر وبإرتياب:_
_ إيه…لالا…دي مشكلة صاحبتي
ضحك حمدان بشدة وهو يخبط كفيه ببعضهما من سذاجتها بإستجواب لذيذ يستكمل:_
_ مشكلة واحدة صاحبتك هتخليكي تسيبي بيت جوزك غضبانة وجاية مٌنهارة وبالحالة دى..؟ ،يا بنتي أنتي بتكلمي دكتور ومهندس.. يعني ناضجين وفاهمين مش عيال فى كي جي ..وقبل ده رجالة يعني بنفهم الواحدة كويس أوي من عنيها،وأنتي عنيكي بتقول من أول ما شوفتك إنك مجروحة
قاطعه وليد بسخرية يشوبها الجد:_
_ بطل شغل أسامة منير ده يا حمدان ،البنت مش قدك…وأنتي يا هند غلطانة وهو كمان غلطان
إنسكبت الدموع مُجدداً من عينيها ،وجسدها يرتجف بألم وبرود دفعت حمدان ليخلع عنه سترته ويمنحها لها ،بينما قالت بتبرير:_
_ أنا أسفة يا أبيه وليد إني صدعتك …كان نفسي أكلم عمر وأشكي له ..عمر وبابا هما سندي…هما ال كانوا هيقفوا له ..ويعرف إن بنات الناس مش لعبة ..مش خدامين بالأجرة …بس حضرتك عارف أن عمر ورضوى سافروا مع بابا وماما وقرروا يقضوا شهر العسل فى مكة ..فى طقوسهم الدينية ..عشان ربنا يبارك لهم..وملقتش غير إسراء ال ممكن تنصحني
شردت مٌقلتيه للحظات قبل أن يستطرد بحزم فهو لا يريد أن يخبرني بما يحدث لكي لا يعكر صفو يومي ،كما إنه يشفق علي من خبر تشوه الجنين وحالتي النفسية السيئة للغاية ،فقال بحنان وإحتواء:_
_ هند ..أديكي قولتيها أبيه..يعني فى محل عمر…صدقيني عمر لو مكاني كان هيعمل كده….أنتي وياسين محتاجين تتفاهموا ..أو بمعنى أدق تتنازلوا ..يعنى أنتي مثلا ممكن تشيلي طرف من مسئولية والدته على قد ما تقدرى، وبنسبة للوقت فهو تنظيم مش أكثر، وهو محتاج يبقى مرن شوية عن كده الحياة مش قفش،وبعدين ياسين شاب ناضج وبالغ المفروض ميسمعش لطرف واحد بس كان لازم يسمعك ويفهمك،وميأبدش رأيه
تدخل حمدان وهو يعدل من مجلسه ليساعدها قائلاً:_
_ بصي ممكن تحولي إنتساب وتروحي على الإمتحانات بس وكده هتوفري على نفسك كتير..وبنسبة للشغل عارف إنكم داخلين بأقساط كتير بس حاولي تلاقي حاجة مٌناسبة لبيتك…الشغل للست لازم يبقى رفاهية يا هند م
ش أولوية على الزوج والبيت …كفي الاول ياسين وأهله وبعدين شوفي نفسك وهواياتك
هزت أقدامها بتوتر وبإعتراض :_
_ بس أنا وأهلي كنا واضحين ..والفاتحة أتقرت على إتفاق كان من ضمن شروطه إن مليش دعوة بحماتي ولا هي ليها دعوة بيا …كل واحد فى حاله ..وده كان كلام رجالة مش ستات عشان بعد الجواز أبله وأشرب ميته..واجب عليه يحترم البيت ال دخله…ويحافظ على كلمته مع راجل أمنه على بنته ،خدني مُعززة مكرمة من بيت أهلي،كون إني بشتغل فى البيت فده مش موجود لا فى شرع ولا عرف ده تفضل وتكرم مني..مش إلزام مش هيبقى بعد ده كله يطلب مني بمنتهى البجاحة أشوف بيت اهله
قاطعها حمدان بإستهزاء ولوم:_
_ بقولك إيه ما تفكك من شعارات حرية وحقوق المرأة ال مبتاكلش عيش دى ..وتخليكي فى الجد…بصي الحياة هات وخد..هتشيلي حماتك النهاردة هتشيلك بكرة لما تحملي ومتبقيش قادرة تجيبي كوباية مياه لنفسك ولا أهلك عارفين يجولك من تاني محافظة،ولا لما ابنك يكبر مش هتامني تسبيه فى الشقة لوحده ليكهرب نفسه ولا ينط من البلكونة،ساعتها هتسيبهولها وأنتي مرتاحة ومطمنة ضامنة إنها مش هتضره
عقب وليد بإعجاب شديد برأى أخيه :_
_ برافو…هو ده بالظبط ال عاوز أقولهولك …قدمي السبت عشان تلقي الحد…ومتسمعيش لحد ينفخ فى ودنك ..الخير يا هند بيترد فى صحة فى مال فى رزق …متقفليش أبواب رحمته فى وشك،وبعدين مصيرك فى يوم هتبقى زيها
اومأت بالإيجاب وهي تبتسم بإرتياح قبل أن تضيف:_
_ تمام…بس مش هقدر أروح من نفسي كده
إبتسم لها زوجي وهو يهدئها مُتابعاً:_
_ متقلقيش هكلمه يتغدى معانا ويصالحك….بس لي طلب عندك إسراء متعرفش أي حاجة….أنا مش عاوز حاجة تأثر على الحمل…وأنتي عارفة إسراء حساسة وبتكتم فى نفسها قد أيه ولو فى جديد بلغيني وهتلاقيني فى ضهرك وبدعمك وفى مكانة عمر