رواية صعيدية غيرت حياتى بقلم أميرة السمدونى

الفصل السادس

صدج ال جال حظ العواهر جواهر،أدلعي واتمايصي على كيف كيفك ”

لفظت كاملة عبارتها بوجوم وعيون شاردة وهي تتابع تدليل وليد لي،بعد أن رحلت هند برفقة ياسين متعللين بأشغالهم فى الغد، إجتمعت العائلة فى الحديقة ،نتسامر فى مواضيع عدة كان على ناصيتها موضوع رضوى وخلافها مع عمر ،بسبب طلب والدتي الغريب للغاية ب”ختان رضوى”…!، بدت على ملامحي الإرهاق وزوجي يواسيني ،وقبل أن ننهض مستأذنين ألقت كاملة عبارتها كفتيل نُزع للتو ،وهي تمصمص شفتيها بإمتعاض،رفع زوجي يداً مجنونة هوت على صدغيها دون إحترام لوجود عمي وكذلك الخالة يامنة وحمدان ،تملكت الدهشة منا جميعاً ،حينما هبط غطاء شعرها ليكشف لنا عن سلاسل من الحرير البني ،أيعقل أن تكون كاملة قد صبغته…؟ لا أدري ،أردفت والدته بتنعيف وحدة وهي تجذب ابنة أختها خلفها بسخط:_

_ خبر إيه عاد..من ميته وبتمد يدك على طليجتك وبت خيتي…؟،

احتقن وجهه بالدماء حتى صار كبندورة حمراء:_
_ مش شيفاها وهي بتقل أدبها على مراتي….؟ عاجبك كده ..؟ ينفع تشتمها بشتيمة الغوازي دي..؟ هي مش فى عصمة راجل ولا إيه…؟

تدخل حمدان :_
_ وسيد الرجالة كمان ،محدش قال حاجة متكبرش الموضوع يا شق

عقدت حماتي ما بين حاجبيها برفض :_
_ جرى أيه يعني الدنيا إتهدت….كاملة غلطت فى البخاري …؟ ..مرة عادية زي باجي النسواين..متنحشرش أنت بس فى لت وعجن الحريم ده يا ولدي

لوح جودة بكفيه وهو فى عبائته الصعيدية ،يبرم شاربيه ،ونظراته الحادة تحيط بكاملة :_
_ليموها ومتكبروش الامور وتعطوها فوج حجمها ..وأنتي يا كاملة فزي سوي لنا كوبيتين شاي يظبطوا نفوخنا بدل الوش ده عاد

عقبت من خلف خالتها بعناد وتحدي:_
_ خدامة أبوك …؟ ولا امك ما تجول لمرتك ولا عينك مش جايبة غيري

نزعها من ساعديها بلا وعي ،وقد تلفت أعصابه وهو يشدها من فروة رأسها وقد فطن لنيتها لإفساد العلاقة بينه وبين نوارة:_
_خابرك زين، والله لو ما أنعدلتي لأرميكي الصبح لكلاب السكك ينهشوا فى لحمك …!

دافعت عن نفسها بقوة والدموع تأبى النزول من مقلتيها:_
_ فرجيني كيف بدك تسويها ،وأنا يمين بعظيم الصبح أرفع عليك قضية،شكلك نسيت أن نصف البيت ده مكتوب باسمي

باغتت جملتها يامنة،التي تسمرت فى مكانها وتجمدت ملامحها بسأم ،وقد غاصت فى تفكير عميق ،لم تنتبه منه إلا على صوت عمي يقول فى توبيخ بلهجة حاسمة:_
:_
_ يظهر صواميل مخك فوتت يا جودة، بتمد إيدك على واحدة ست..؟ هي دي الرجولة والنخوة والإنسانية…؟

تابع بتبرير وهو يرجها بين يديه،وجسدها الهزيل يرتجف:_
_ ما أنتاش شايفها وهي عم توجع بيني وبين نوارة يا بوي..؟ وبتشعلل الغيرة بتلميحاتها فى جلب مرتي..؟

إنضمت نوارة للحديث وهي تتجه للداخل:_
_ سايج عليك النبي ما تحط اسمي فى جملة مفيدة…ال بينا مات وأندفن …ومن زمان يا جودة ..عن إذنكم عطلع أنيم الولد

تركت الخالة ساحة الحرب المشتعلة،وكأنها تريد أن تدير الدفة إلي وهي تلومني بقسوة:_
_ عاجبك إده يا وش المصايب،يا جلابة النحس،من يوم ما دخلتي الموندرة والمشاكل معتهملناش واصل ،أنا عارفة طلعتي لنا من أي داهية..؟

أمسك زوجي يدي بحنان ،وهو يشير بإصبعه فى تهديد ل”حماتي “المصون:_
_لحد كده وأستوب…إسراء منطقة محظورة ..مش مسموح لك تغلطي فيها…..و

كزت على أسنانها بغل وغضب وهي تردف فى معايرة:_
_ وإيه يا ولد البندرية ..؟ كمل…؟ ما هي الغلطة غلطتي من البداية ،زمان جالوها بس أنا مصدجتهمش يا مربي فى غير ولدك يا زارع فى غير أرضك،كيف يعني رايدة من جليل الأصل يعترف بخيري

ندت منه إبتسامة ساخرة ممزوجة بالمرارة قبل أن يستطرد وهو ينهض لنصعد للأعلى :_
_ خيرك….؟ ال بيه قتلتي أمي ويتمتيني..؟، كنتي بتعوضي النقص والفراغ بشوية فلوس صح…؟،تمن الحنان والحب ال مفروض كنت الاقيهم معها..؟بس أقولك هي خطيئة إسراء ال ألحت وأتحايلت عليا أفضل معاكي ….عشان متزعليش ….وعشان إعتبارات تانية كتير انتي حتى متستاهليش تسمعيها…بس أقولك..أنا هاخد مرتي ومسافر ..ومش عاوز أشوف وشك تاني

قالت فى وعيد جاد لتلجم إستيائه :_
_ لو رجلك خطت بره باب الموندرة…المستوصف والعربية …هيكونوا حدي..وهرجعك تشحت يا ولد التمرجية ..بتاعة الحجن…هرجعك لحجمك الحجيجي….لو راجل ومن ضهر راجل صوح..أعمل إكده ..وعتشوف الوش التاني ليامنة ..ال معمركوش شفته….ومتلومش إلا نفسك

صعد كلانا للأعلى لحزم أمتعتنا ،بينما دلفت نوارة لحجرتها ومن خلفها جودة يحاول إسترضائها بشتى الطرق بلا جدوى ، أما كاملة فدخلت حجرتها وقد إرتدت الهوت شورت ،وهي تبكي مكورة فى إحدى زوايا الغرفة ،صوت أنينها يتناهى إلى مسامع المار من جوار الغرفة المُظلمة، الكئيبة ،تنتحب بشفقة على نفسها وعلى الإهانات المٌتعرضة لها،تعميها الرغبة فى الإنتقام ،بينما قال عمي قبل أن يدير مفتاح سيارته مٌسافراً لطنطا لتفقد رضوى:_
_ صالحيه يايامنة ..وأكبري على شغل تلقيح الكلام ….اتقي الله…وليد شايلك اكثر من أي حد فى ولادك….ضحى وقبل بكاملة وهي مش من توبه عشانك..ولما ربنا كرمه ببنت حلال هتصونه ..وتعوضه…وقفتي له زي اللقمة فى الزور تنغصي حياته….بلاش نصيحة مني ليكي قسوتك…هطفشه منك..والنهاردة وليد بكرة حمدان،هدي اللعب شوية

المشهد التاني

جلس زوجي على كرسي الأنتريه الوثير ،وقد غاص جسده فى إرهاق وتعب ،يشرب سيجارته من فنجان من القهوة أعدته له، بينما ألملم متعلقاتنا الشخصية فى رضوخ لطلبه بالمغادرة ،منزعجة لألف سبب وسبب،فى مقدمتهم ياسمين،طفلتي القادمة وسط الحيرة أحيا مشاعر عدة من ضيق أكنه للخالة ولكاملة وللجميع ،اللعنة عليهم وعلى غباء قلوبهم، أضفت بتوجس وأنا أثني قميص أزرق فى حقيبة السفر :_

وليد ..أنا اسفة ..إني عرضتك للموقف ده،بس أنا كنت فاكرة طنط أتغيرت بعد ال حصلها وحصل لرضوى،بس يظهر يموت الزمار وصوابعه بتلعب،مفيش فايدة،”

مطمأنني صوت الدكتور الدافىء وهو ينفث دخان سجائره:_
_ ملكيش ذنب يا إسراء ،أنا وافقتك عشان تعب الحمل،هتعوزي حد يخدمك وأهلك كانوا مسافرين وأهم رجعوا ،جهزي نفسك عشان هنسافر

قوست شفتاي بإستهجان وبألم أنظر فيه إلى معدتي:_
_ حمل إيه بقى ،ما خلاص أنا من ساعة ما عمي قالي على تشوه الجنين وأنا مش ملمومة على نفسي ،متضايقة أوي ،حلم الأمومة ده جوه كل بنت من وهى طفلة وعاملة العرايس بناتها ،كان نفسي فى بنت سليمة ،أقدر اعتمد عليها تبقى لي ضهر لما أكبر وتساعدني ،مش تبقى عبء تقيل،أبص لها إرتاح وأفرح،مش أزعل أني واقفة عاجزة مش قادرة أساعدها وهموت وانا مش مطمنة عليها،مش هتقدر تعيش حياة سوية

رإتجه صوبي وهو يربت على كتفي:_
_ متقوليش كده،فى السماء رزقكم وما توعدون ،مش يمكن البنت دى تبقى السبب إنك تدخلي الجنة من أوسع أبوابها،وجايز جداً تنزل فى أتم صحة مش دايماً العلم صح،بس اليقين بالله والعشم هو الصح

علقت بإعتراض :_
_ ووارد تنزل بردو ومفيش كلى ..وفى أعضاء كتير ناقصة …وتتعب من أول لحظة ليها فى الحياة وتتعبنا معاها…أنا هسقط الحمل ده يا وليد بعد إذنك

صدمني قوله وإصراره:_
_ مش بالساهل كده…أنا كلمت دار الإفتاء وقالوا لو الجنين عدى عليه 5 شهور حرام ينزل…ضيفي على كده الإجهاض فيه خطر على حياتك ..لو هفرط فى البنت ال لسه مشفتهاش..مش هقدر أفرط فيكي .انتي العوض عن كل الوحش ال فى حياتى

قلت فى رومانسية وإبتسامة مٌصطنعة لكي لا أزيد الأمور سوءاً :_
_ ،ميحرمنيش منك يا أحلى وليد…وأنت احلى حاجة فى دنيتى ،أنت أساساً كل الدنيا،بس عشان خاطري بلاش نسافر ونعند معاها عشان ال جاية محتاجة فلوس ولادة وتكاليف كتير..تعالى على نفسك عشاني بالله عليك وعدي لطنط كأنك نازل فى فندق ،صباح الخير يا جاري انت فى حالك وأنا فى حالي هنعاملها كده فى أضيق الحدود

تنهد بنفاذ صبر:_
_ ماشي يا ستي عشانك إنتي بس

اخذت نفساً عميقاً وقد تذكرت ما حدث بالصباح بين جودة وكاملة فأستطردت:_
_ وليد كان فى حاجة حصلت الصبح وعاوزة أحكي لك عنها

المشهد الثالت
فى تلك الأثناء كانت الخالة أمام باب الحجرة، وقد أنتوت أن تأخذ بنصيحة عمي ومرضاة وليد،لكن الحديث عن الجنين المشوه صدمها،فغيرت خطتها هابطة السلم إلى غرفتها لتغلق الباب على نفسها بإحكام وقد أرسلت إلى حمدان لتستدعيه على عجلة،إلى شرفة حجرتها،ستستعيد الأموال والأراضي من كاملة لن تيأس ،وكذلك أيضاً ستضمن بقاء وليد إلى جوارها للأبد ،لكن بطريقتها الخاصة ، طرق حمدان على الباب عدة طرقات قبل أن تفتح له وهما يسيران فى خطى بطيئة متوترة إلى الشرفة ، يرتشفان أكواب الشاي الساخنة ،فى فترة من السكون قطعها سؤال ابنها :_
:_

_ ست الكل طلبتيني..؟ فى حاجة ولا أيه…؟ بس فى السريع والنبي عشان بابا مستنيني مسافر معاه لرضوى

مسدت على كتفه بحنان قبل أن ترسم إبتسامة عريضة فى تمهيد :_
_ كل خير يا ولدي….متجلجش …تعرف أنت أكتر واحد مستجدعاه فى إخواته

قال حمدان فى حكمة :_
_ الله يكرم أصلك يا ماما..ولو إني واخد على خاطري شويتين من الطريقة ال عاملتي بيها وليد ومراته

تنهدت بعمق قبل أن تستكمل:_
_ جولت لي….عموماً دي حاجات مستعصية الفهم عليك يا باش مهندس…مهما أشرح لك موش هتفهمني..لكن أنا ال صعبانة علي بحج وحجيجي هي كاملة..غلبانة ومنكسرة إكده..منيش جادرة أنسى وصية خيتي عليها بالحسنة…من بعد طلاجها من وليد حسيتها دبلت وأتألمت وتابت…وأحنا بشر أنا بذات نفسي وجعت فى الغلط..الشاطر ال يبدأ من جديد ..وهي بدأت…وأنا رايدة لها المساعدة لأجل تثبت ..عشان إكده مش شايفة لها عريس أنسب منيك

أتسع عينيه بصدمة،وفمه إنفتح على أخره فى ذهول ،ليقول فى رفض:_
_ إيه…؟ مين..؟ ليه …؟ أنتى فكراني وليد وهقول حاضر ونعم..؟،ماما أنتي زمان ظلمتي وليد بيها ودلوقتي هتظلميني وأنتي عارفة إنها مكتبة جودة على نصف البيت والأرض.توبة أيه وكلام فاضي أيه كاملة أتغيرت 180 درجة ..مش هي دي ال نعرفها من سنين…من قطة ناعمة لأسد مفترس ،هعتبر نفسي مسمعتش عشان منخسرش بعض ،عن إذنك

أوقفته جملتها أو سلاحها المضاد:_
_عندك..استنى…ال بجولهولك ده مش شورة يا ولدي..ده أمر..ال أتأخد بالجوة مش هيرجع غير بإكده…كاملة لازم ترجع الحقوق لاصحابها ..ولاجل يحصل إكده لازم تعرف إن الله حق …حتى لو حصلت تمد إيدك عليها وتجبرها تمضي لنا وترجع لنا كل شيء ..وماله فى الحرب كيف ما يجولون كل الطرج مباحة

قال بعيون ثائرة وبنبرة صوت حادة وعصبية:_
_ إزاي يعني..؟ اتجوز طليقة أخويا،حتى لو مكنش بيحبها مقدرش يا ماما الفرق شاسع بيني وبينها أنا مهندس وهي معاها ثانوية ..ضيفي على كده إنك لمستي فى أكتر من موقف إنه مبيطمرش فيها..ولو على الأرض أستعوضي ربنا فيها

أجابت فى حزم وإصرار :_
_ الكلمة مرة واحدة معتنهاش ،لو رايد المكتب والعربية ..نفذ ال جولته بالحرف وإلا لا أنت ولدي ولا أعرفك

أستفهم :_
_ وأنتي فتحتيها فى الموضوع ده..؟ وهي موافقة تنسى وليد بسهولة كده..؟

واصلت :_
_ لاه لسه …شيعت لها من شوي مع ولج نوارة يزعجوا عليها…لكن لستاها فى الحموم…أعتبر موافجتها حدك..وجهز نفسك كتب كتابكم هيكون يوم الخميس الجاي..أخر يوم فى عدتها

نهض عن مجلسه وهو يقول :_
_ لا ده فى المشمش..مش هوطي للريح ..أنا مسافر مع بابا.. ..وسيبهالك مخدرة بس قبل ما أخطي بره وليد لازم يعرف

المشهد الثالث

تعطلت السيارة بياسين وشقيقتي فى الطريق عقب سماع صوت دوي قوي ،وسط مكان مٌخيف ومٌربك فى منطقة زراعية ،لا يشق عتمتها إلا نور القمر الفضي ،يلوم ياسين هند على فكرتها الفاشلة بالذهاب بالسيارة ورفضها لذهابهم بالقطار سوياً،يتشاكسان كعادتهما ،أوقف ترجل من السيارة بعد أن جمع بعض من الأخشاب وأشعلها بعود ثقاب ،ليستمدان الدفىء وقد منحها سترته الزرقاء ،يتجاذبان أطراف الحديث فقال:_

_ بومة بومة يعني مفهاش هزر،حتى التلفون مفهوش رصيد

أردفت فى رومانسية كاذبة:_
_ تعرف يا ياسين أنت دعوة أمي فى ليلة غبرة

علق بثقة:_
_ أكيد كانت بتقولك ربنا يرزقك بابن الحلال ال يستحمل غلاستك وتناحتك صح

اخرجت لسانها وهي تكيده :_
_ لا مش صح..كانت دايماً تقولي حبك برص وعشرة خرس هههه،وأنت شبه البرص الجعان ال..

قاطعها بإعتراض وتهكم:_
_ وحياة خالتك….؟ روحي عالجي القشف ال فى ركبك وأحلقي شنبك بدل ما أنا حاسس إني متجوز مخبر وأبقى تعالى نتكلم،يا بنتي ده أنتي من يوم فرحنا خاربة بيتي كريمات ترطيب وماسكات معرفش أيه… وياريته بيحوق

غمزت له بعينيها :_
_ ما بلاش أنت ،خليني ساكتة أحسن

واصل بجدية :_
_ طيب هاتي التلفون يا أم لسانين هكلم وليد يشوف لنا يبعت لنا ميكانيكي فى الحتة ال ملهاش ملامح دى

هندأطبقت على جفنيها بنحنحة:_
_ أحم…نسيته

نفخ بسخط:_
_ نس إيه..نساكي الموت يا أختي..وهنتينل نعمل إيه فى الحتة المقطوعة دى دلوقتي ..طيب خليكي هنا وربعاية وهاجي لك أكون شوفت حد قريب ينجدنا

تطلعت للمكان من حولها بذعر وضربات قلب مٌتسارعة :_
_ هنا إيه…لا طبعاً ..ميصحش تسيبني لوحدي

قال بسخرية وهو يضحك:_
_ إيه ده بنخاف زى البنات الطبيعين يعني،امال فين أندبنت أسترونج وامن”إمرأة قوية ومستقلة”،ال قرفانا بيها ..؟

تضبثت فى ذراعه:_
_ أنا مبخافش أنا بترعب من الضلمة، ممكن متسبنيش يا ويسو وأجي معاك

سار كلاهما كثيراً بلا أمل ،حتى يأسا وعادا مجدداً ليلتمسا الدفأ ،وهما يلعبان لعبة الصراحة،الأسئلة بزجاجة المياه ، ليتعرف كل منهما على الأخر بشكل أعمق وأدق ،فبدأت بقولها فى تحقيق لذيذ
_ حبيت قبل كده…؟

قوس شفتيه بمرح:_
_ لا كنت ببيع سبح ولما شفت جمال أمك ضعفت الصراحة

لكزته بخفة:_
_ الله بتكلم بجد،وبعدين ملكش دعوة بماما

أجاب بجدية وهو يباغتها بسؤال :_
_ كتير..بس كنت فى كل مرة بقف عند مرحلة الإعجاب ،أنتى بقى قولي لي أيه أكثر صفة مبتحبهاش فى نفسك

أردفت بتفكير لم يدم للحظات :_
_ مم ..ممكن نقول التسرع مثلاً والإندفاع ..وأنت بقى أيه اكتر حاجة ندمان عليها

قطب جبينه فى غموض:_
_ نقطة سوداء..حاولت أتجاوزها كتير وفشلت.بس بيني وبين ربنا..مش هقدر أبوح لك بيها ،قولي لي إيه اكثر حاجة بتكرهيها فى ال قدامك..؟

شردت عينيها فى الفراغ قبل أن تجيب:_
_ الغدر والخيانة ..قولي بقى تقول لمين تسامحني…؟

رد بإقتضاب:_
_ليوسف

تسائلت بفضول:_
_ يوسف مين وليه…؟

قطع عليهم أتصالي لأطمئن على وصول هند،لكن ياسين أبلغني بأخر تطوارتهم ،وطلب مني أن أحادث زوجي ليرسل لنا ميكانيكي او سيارة أجرة تقلنا للمحطة ..وبينما أنا أبحث عن وليد فى أرجاء المندرة لم أجده

المشهد الرابع

كان هو فى الأسفل ،وقد أقتحم الباب الخشبي المطلي باللون البني على كاملة بلا إستئذان وبجرأة، خاصة بعد أن سمع صوت أنينها خامره الشك بغنها ليست كاملة ،ليست طليقته ،تفاجأت بوجوده وهي تشرب سجائرها فنهرته بحدة وعصبية وهي تعتدل واقفة ،لتجفف عبراتها الساخنة ،بعد أن أغلق الباب عليهم بهدوء ،لتقول:_

_ إيه جلة الحيا دي ..؟ كيف بتدخل من غير إستئذان إكده..؟معلموكش فى المدارس الخصوصية من جبل…؟

ضيق عينيه البندقتين وهو يضيق المسافة بينهما
_لا..أنا عاوز أعرف ودلوقتي أنتي ناوية تتجوزي حمدان…؟

كاملة بصدمة:_
_ إيه…؟ مين ال جالك…؟

ثبت نظراته فى عمق عينيها المرتجفتين الخائفتين وهي تعود بخطواتها للخلف بذعر وباب شرفتها مفتوح على أخره:_
_بقولك إيه متسوقيش الهبل على الشيطنة،حمدان حكى لي كل حاجة

فأضافت بشفتبين مرتعشتين:_
_ ولو ..ميخصكش….مش طلجتني.وإنتهينا من الموال الأزرج ده عاد..؟

أقترب منها بذراعيه ليحتضنها :_
_ لا منتهناش..أنتى بتاعتي يا كاملة ..ولي حق فيكي ..وهاخده بالذوق بالعافية هاخده

هوت بيديها على وجنتيه فى صفعة مدوية وهي توبخه بصوت عال جذب إنتباهي لمكانهما:_
_ اجل ما فيها راعي ال شايلة اسمك فوج وإنحمقت لها قبل شوي..خليك راجل ومتتعداش على مرت أخوك

دنا منها بجرأة أكبر ،وهو يلوي ذراعها خلف ظهرها بقوة ،تفجرت فيها عبراتها الساخنة حتى كوت وجنتيه ،يلتقط فمها فى إبتسامة طويلة ،لكنه لاحظ وجود وحمة فى الجزء السفلي من رقبتها ،بينما أطبقت على جفنيها بمرارة وهي تضيف :_
_ أبعد عني يا وليد…أنا مرات جودة…!

كادت أن تسقط فى الحديقة فأحتضنها بقوة،وهو يلوي ذراعها بعنف:_
_ مش هسيبك ودراعك ده هيتجبس الليلة..لو معرفتش أنتي مين…؟ مستحيل تكوني كاملة مكنش عندها وحمة،ومكنتش بنفس قوة شخصيتك دي،هتقولي أنتي مين وبتعملي كده ليه ولا أسلمك للبوليس وهو يعرف بنفسه…؟

أجابت :_
_ انا هقولك كل حاجة..بس سيبني..أنا زينة..بنت خالتك و
ليتفاجأ بدخولي وأنا أهز رأسي بعدم تصديق ،وفى لوم وعتاب ،وألم ،صرخ فيه وليد حينما نزلت مني بعض المياه قائلاً:_
_ إسرااااااااااااااااااااااااااااااء…!

 

error: