رواية صعيدية غيرت حياتى بقلم أميرة السمدونى

الأخير

لو فى ملاحظات أحب أسمعها
ياريت لان بكتب ونايمة تقريبا ههههههه

أرائكم الفصل ده أهم من أى فصل هستناها جداً

بعد مرور شهر من الحزن،والوجوم، على الفراق الإجباري، وتحسن الحالة الصحية لحماي الطبيب المُبجل ،جهزت حقائب السفر ،وعيناي تودعان كل ركن من المندرة ،ينتظرني زوجي في الصالون مع أبيه والصبية الصغار بتململ ،يتبادلون أطراف الحديث،حول العيادة والعمل والمواعيد ،وما سيفعله زوجي حين العودة للقاهرة من البحث عن مستشفى حكومي،يلهو أطفال سلفتي نوارة فى الفناء ،غير مبالين بما يحدث حولهم،سيظلون معي،إلى أن يثبت عاصم براءة والدتهم كما وعدنا ،أخيرأً أطفأنا الأنوار وأستعدينا للرحيل ،وناولت الحقائب لوليد ليضعها فى صندوق السيارة الخلفي،لنفاجاً بمجىء ضيوف غير متوقعين…!،يرحب بهم زوجي ويدعوهم للدخول ،صمت،وسكون ،دام لثوان كان فيها عاصم يرتب من أين سيبدأ ،وبجواره زوجته على كرسيها المتنقل ،وطفلته الصغيرة تعبث بالدمى فى الخارج،فقال متنحنحاً:_

_ أنا مش عاوز أعطلكم،خصوصاً إني عرفت بسفركم للقاهرة،ونويت أحصلكم أنا وكاملة،بس مش قبل ما أديكم أمانة كنت شايلها من فترة ،وجه أوانها قبل ما كل حي يروح لحاله

أخرج من حقيبته الجلدية السوداء بعض الأوراق ،المختومة والموثقة ،موضحاً:_

_ الاوراق دي فيها الأراضي والعيادة، الخاصة ب د وليد ،أه أنا مقبلش مال حرام على نفسي

إبتسم وليد بعدم تصديق:_

_العيادة لي أنا…؟ طيب ليه كنت بتعمل كده من الأول

أجاب وهو يربت على كتف الطبيب :_

_ عشان أحميك…وأحافظ لك على حقك….أنا عارف أنك مش فاهم بكرة لما نوارة تاخد البراءة تفهمكم…المهم دلوقتي..ترجع لشغلك ولحياتك وكفاية عطلة لحد كده

قال زوجي بإستفسار ماكر:_

_ تسلم…بس يا ترى كاملة موافقة….؟

ردت برضا وبإقتناع تام وسعادة:_

_ يمكن لو كان الموضوع ده جبل ما أعرف إني حامل بولد….كنت وجفت لك زي اللجمة فى الزور..وهديت المعبد على ال فيه

قطبت حاجباي بتعجب:_

_بالعكس المفروض تكوني عاوزة الفلوس والملك أكثر من أي وقت مضى عشان ابنك

عقبت ببسمة عذبة ،وبوجه ضاحك،وهي تلمس بكفها معدتها المنتفخة:_

_بالعكس،البمبينو ال جاي فى الطريج أدى لحياتي معنى ولون،أداها هدف ،خلى لها جيمة،بجى في حاجة تستحج أعيش عشانها،فى الاول كنت عايشة مستجتلة مش فارج معاي حد أمي وماتت وأبوي وحصلها من زمان ….مبجليش كبير…لكن الجنين خلاني أحب الحياة وأتمسك بيها..وأبعد عن أي شيء ممكن يمثل ولو 1 % نبسبة خطر على حياتي…إحساسي بالمسئولية تجاهه غيرني

واصل عاصم بتأييد لكلامها وفخر بها،وبنفسه لتطويعه لها وإعادة إحياء روحها من جديد وثقتها بنفسها:_

_ ونوت تكمل تعليم كمان…عارف أنكم مستغربين…يمكن لأنكم متعرفوهاش كويس،كل ال واخدين عليه الوش الخشب ال هي مصدرهلكم على طول،ميعرفوش أن وراه قلب أبيض من الحليب ..مشكلة كاملة كانت الثقة عدم ثقتها فى نفسها ونظرتها الدونية …ال بجوازك عليها يا وليد كنت بتأكد لها….وبتسأل نفسها قصرت في إيه..عارف أن ده مش وقته ولا زمنه ..كلام فات عليه سنين طويلة … عاوزكم بس تصدقوني وتعرفوا إنها نقطة تحول فى حياة كل واحد بس الذكي ال يستغلها لصالحه

إنضم عمي للحديث مشاكساً :_

_ وهتدخلي كلية إيه بقى على كده…؟ طب وهنبقى زملا ولا…؟

أجابت بنشوة وبرقة :_

_لا إعلام قسم إخراج …إن شاء الله

عقد زوجي ما بين حاجبيه مستفهماً:_

_وكمان محددة القسم …؟ بس مش معنى…؟

بإيجاز …تهم فيه بالنهوض:_

_جدام هتعرفوا…….

المشهد الثاني

بعد مرور عدة أشهر

بإحدى الأحياء الراقية بالمهندسين

وفى شقة مجهزة بأعلى المستويات وأكثرها إبهاراً ،تتكامل الأدوات الطبية وفريق العمل بشكل متناسق وجميل،كانت زينة مٌغمضة العين، يسير بها حمدان بحذر كي لا تصطدم بحائط أو غيره ،تطلب منها إمرأة .. أن تتقدم للأمام،يتملكها الذعر والخوف،لا تدري المجهول الذي تدخل عليه،سيناريوهات القتل تطاردها ،خاصة بعد أن تم اختطافها عنوة من أمام المشفى التي تعمل بها،أخيرأ وقل بها حيث مراده ونزع عنها الغمامة ليقول بحماس:_

_surprise..!!

ما أن لمحته حتى تهاوت العبرات بغزارة،وهي تنتفض ،لتلكزه بلوم:_

_ أخس عليك يا حمدان خضتني….بزمتك حد يفاجىء حد كده…خاطفني من قدام المستشفى وممشيني بسلاح قصاد دماغي طول الطريق…ومعيشني في حالة رعب ملهاش مثيل…عشان فى الأخر تقولي سربرايز ..تصدق أنك معندكش دم ،وأنا مخصماك ومش عاوزة أكلمك تاني

همت بالمغادرة إلا إنه إعترض طريقها بإصرار وبمداعبة :_

_ على أساس أني لو قولت لك تعالي معايا كنتي هتيجي..؟ وبعدين أنتي مبتجيش غير بالعين العسلي..ملكيش المحايلة …خاصة أنك مبترديش على تلفوناتي ولا بتعبريني من يوم ما سافرتي من البلد

عقبت بفتور وعينيها ذابلتين:_

_حمدان أنساني الله لا يسيئك…..أنا مجرد محطة وخلصت….ربنا يكرمك بغيري ال تستاهلك

علق برومانسية:_

_ ومين قالك إني عاوز غيرك…يا عبيطة أنا عمري ما حبيت ولا ححب حد قدك ..

قالت بتنهيدة غائمة ..وبيأس:_

_سبني …بالله عليك…مش ناقصة غدر تاني…..

أستطرد بإرادة وتصميم وغزل:_

_لا مش هسيبك….وبعدين مش يمكن أنا العوض عن الوحش ال شوفتيه فى حياتك….؟

أتت كاملة بردائها القاهري الجميل والأنيق من خلفها وهي تضيف:_

_ متتجليش عليه…ليطير منك …وطاوعي جلبك المرة دي

أحتضنتا بعضهما بحرارة وشوق …بينما صافح عاصم حمدان وهو يغمز له ….لإستكمال الخطة….وهو يرمق ساعته:_

_ ياه أتأخرنا أوي على وليد..مش يلا بقى ولا هتبات …؟

قال حمدان وهو يمسك بيديها:_

_أنزلوا أنتم وأنا هحصلكم…اتستفسر منه عن المكان اللذان سيتجهان إليه ….ليقول وهما يهبطان الدرج على عجل:_

_مفيش يا ستي حما وليد عازمنا كلنا على الغدا بمناسبة رجوع عمر ورضوى من السعودية

فى القاهرة

” هموت وأعرف بتفتحتوا بقكم شبرين ليه وأنتم بتحطوا الإيينننر …إيلنير….يوووه أنا عارف بقى”

جملة قالها ياسين وهو يزرر قميصه ،ويلف رابطة عنقه الجذابة ،يراقب فى المرآة زوجته ودلالها ،وحرصها على جمالها وأناقتها ،تتألق بفستان ذو لون بنفسجي هادىء وحجاب ثلجي ،لتعقب بمزاح:_

_ لما تنطق اسمه صح…أبقى تعالى نتفاهم

إبتسم برقة …وهو يستكمل:_

_ يا بنتي أحنا فاهمين بس مدكنين ..ده أحنا نعرف أكثر منكم…بس مفهنكم العكس…عشان تفرحوا شوية

قالت بتحد ماكر:_

_ كده ..طيب يا فالح ناولني صباع الروج الفيروزي ال عندك

وقف أمام الفترينة فى حيرة ،وعينيه تفران بسرعة بلا جدوى ،ليقول وهو يهز كتفيه بتهرب وضحك:_

_ أنا راجل البيت يا هانم…يعين مبجبش حاجة لحد….help your self

أردفت بعناد،وهي تسحب حقيبتها الصغيرة الفضية:_

_كده ماشي……أبقى شوف مين هيجب لك الشراب

فقال بلا مبالاة …وهو يفتح الدرج….بتأني وبحث:_

_مش عايز من وشك حاجة ….ليقول بعد ثوان:_

_ هند ….هنود…فرد الشربات فين…؟

فواصلت وهي تغيظه :_

_ help your self

فعقب بسخط به تهكم:_

_ نفسي أفهم هي الغسالات دي بوابات لعالم موازي البني أدمين عايشين فيه برجل واحدة….صبرني ياربي…!

أما فى طنطا

وبمنزل أبي الريفي البسيط المتواضع،حيث الراحة والطمأنينة، كان المنزل على قدم وساق فى حالة من الطوارىء والإستعدادت ،أساعد والدتي أنا ونوراة فى إخراج كنوز النيش للضيوف ،وتلميعها بقطعة قماش مجففة، تتصاعد أبخرة المحشي الشهية ،تداعب أنوفنا،والبط والفراخ وخيرات الريف والطبيعة ، يلعب الصغار بحديثة المنزل ويقطفون أزهارها ،يقف أبي مع كهربائى لإصلاح بعض الأعطال في لمض الصالون ،ياتي الجيران بأطباق من الكيك والبسبوسة ، ،إلى أن جاء أخي أحتضنته بشوق وأنا أبكي وشقيقتي هي الأخرى فقلت له :_

_وحشتني ..وحشتني أوي يا عمور ..يا حبيبي…ربنا ما يحرمنيش منك عاملة إيه ومرأتك ….؟

قبلني من جبيني وهويرد بتحية:_

_ وأنتوا كمان وحشتوني أوي…عاملين إيه….بس قولي أنتي حامل….؟

أجبت على إستحياء وأنا أومىء برأسي بفرح ،فقال بشكر وحمد لله :_

_ الحمد لله ربنا إستجاب دعائى فى الحرم

علقت هند بتلقائية :_

_عقبال عوضك يا حبيبي

أتسعت عيني بغضب لجرحها له ،فأعتذرت عدة مرات ،لكنه قال وهو ينزع فتيل القنبلة المدوية:_

_ مفيش داعي للأسف يا حبيبتي رضوى كمان حامل …..بعد أول عملية زرع رحم ونجاحها فى الشرق الاوسط

تعالت الزغاري والفرحة كست الوجوه ،وعمي يبارك له وزوجي :_

_ألف مبروك يا عمور..أنت تستاهل كل خير ربنا يهنيكم

لتقل والدتي بسخرية ..ورائحة الثوم والبصل عالقان بملابسها:_

_ هي فرة وجت فى العيلة،وبعدين بقى كلكم هتعملوا لي حوامل وتسبوني معكوكة فى المطبخ لوحدي

قبلتها رضوى بحنان وأنا أيضاً قائلين:_

_ودي بردو تيجي …يا ست الكل إرتاحي وهي ساعة زمن وهتلاقي الأكل جاهز

جلس عمي مع أبي وأمي وأخي في الأنتريه المُذهب ،فى إنتظار مجىء زينة وحمدان وكاملة،اللذين قرعوا الباب بعد دقائق ،محملين بالحلويات والجاتوهات الفاخرة ، ما أن حييتهم كاملة حتى دلفت للمطبخ ،بينما قال عمي بمغازلة :_

_ والفرح أمتى إن شاء الله …؟

أجاب حمدان وهو يغمز لها :_

_قريب بأمر الله …بس أنت أدعي لنا

قطبت حاجبيها بإندهاش:_

_فرح إيه يا عمي ما أحنا متجوزين

ليوضح حمدان وهو يتعمد أن يثير غيرتها :_

_ فرحي على حتة بت إنما إيه…زي العسل ….في البلد عندنا

فعلق ياسين وزوجي بنفس واحد وبمزاح:_

_ معندكش عروسة ليا

لكزته بقدمها بسخط ،ليهمس:_

_أموت فيكي وأنتي غيرانة….نيجي للجد بقى أنا عاوز نعمل فرح تاني،زي صفحة جديدة لحياتنا ،ونبدأ من جديد،وعلى بياض،بداية كلها سعادة وصدق

دخلت بأكواب العصير الطازج وأنا أرمق زوجي بغيظ ..وأنظر لحذائى البيتي:_

_لا عندي حاجة تانية …بتنزل على النفوخ تعدله

وهند هي الأخرى تطالع زوجها بغضب…ليقول:_

_ عروسة مولد اه المولد النبوي قرب

لتقول بمزاح:_

_أيوة كده أتعدل

همس بأذنها بغزل:_

_بحبببببك….

أما زوجي فهض عن مجلسه وهو يضحك….بفخر ،يشدني فيه إلى حجرتي:_

_صحيح أن فى أحلى وأجمل وأرق منك وأشيك….وأطعم

جززت على أسناني :_

_همممام…. وبعدين

ليواصل:_

_بس أنا عيني مبتشفش غيرك يا حبيبتي وروحي وكلي….ربنا ما يحرمنيش منك…

لحظات ….وأستدعتني أمي لأضع الأطباق والأواني….وجلس الجميع إلى المائدة في نهم وشهية ،تعبث كاملة بطبقها بفتور ،مطرقة فى التفكير ،بينما عاصم يفرغ لها الأرز والحساء واللحوم أمامها، وياسين يطعم هند الدلوعة كعادتها ،بينما زوجي يتناول المكرونة بالبشاميل بجوع، وأبي وأمي وحماي ،كعادة المصريين والعرب فى الكرم يحلفون بالله :_

_والله ما حد واخد نصف البطاية ده غيرك يا حج عبد المنعم..خير ربنا كتير أهو

لتضيف أمي بمحايلة وترجي وهي توزع نصيب كل منا في طبقه،لتفاجىء بنهوض رضوى المفاجىء ،فقالت بحنان:_

_ يوووه قايمة رايحة فين ده أنتي طبقك زي ما هو …أنتي كده هتخلي وقفتي طول النهار فى المطبخ زي قلتها

لتنكشها هند بمشاكسة كعادتها القديمة:_

_ وقفتك أنتي بردو يا حجوج ماشي نعديها..ولو إننا حوامل ومكنش لينا الوقفة

ليقول أبي:_

_بنت …عيب كده

فأضاف وليد بضحك وتهكم:_

_ أنا عارف حمل إيه ده …ده الواحدة لغاية ما تولد بره بيبقى عودها فرنساوي….وكأنها حامل في زيتونة…لا وبتمارس رياضة كل يوم ..مش أنتم من أول يوم بتصلوا لنا على الكرسي

جاء حماي في صفه ….مٌعلقاً:_

_حد يلاقي دلع وما يتدلعش…طب والله الناس كان فها صحة زمان الواحدة من دول تولد العصر …قرب المغرب ..تقوم تخبز وتعجن وترعى شئون البيت

تغير مجرى الحديث فجأة حين سألتني كاملة بفضول:_

_ ها قررتي تسمي الجزء الأخير من السيناريو إيه….؟

بعد لحظات من التفكير…..والتأمل أجبت:_

_ صعيدية غيرت حياتي، أو عشقت صعيدي

لتقول وهي تتناول أخر معلقة من الطعام…لتهب لغسل يديها:_

_ شوفي ال هتستقري عليه وبلغيني…..عشان هشتغل عليه مع مخرج كبير…وهيبقى مسلسل محصلش..إن شاء الله …..سفرة دايمة إن شاء الله….

إلتفت إلى زوجي الذي قال….طيب ما نخليه حب فى الصعيد

لأقول بإقتناع تام ..وأنا أحتضنه

“لا عشقت صعيدي ”

وبدخول كاملة لحياتى أتغيرت…وبقت هي وأختها ..نقطة تحول كبيرة في حياتي……لأنهم رسوا أننا نبقى أبطال المسلسل….وأتحولت من واحدة مغمورة محدش يسمع عنها فى طبق اليوم لفنانة مشهورة…..وده كله كان بسبب الصعيدي ال عشقته…..وجبت منه أجمل توأم

” يوسف ومريم”

تمت بحمد الله

 

 

error: