رواية صعيدية غيرت حياتى بقلم أميرة السمدونى
أرائكم وبلاش استيكرات وملصقاتبطنطا وفى حجرة هند
“خلاص بقى ميبقاش قلبك أسود يا ياسين…..وبع..وبعدين أنا لو منك …أفرح أن مراتي بتحبني وبتغير عليا”
عبارة قالتها هند…بمحايلة…وترجى….ل
_ بس دي مش غيرة دي عدم ثقة ….وشك….وبصراحة أنا م..
قاطعته بسخرية ….ومزاح:_
_ أنت هتستهبل …..أنت نفسك مكنتش متأكد…عشان فى الليلة إياها كنت سكران طينة…أنت مش واثق فى نفسك أنا هثق فيك إزاي
إبتسم بعذوبة……وهو يضيف:_
_ كله من المدعوق ال بيغيب العقل ده…دلوقتي بس عرفت ليه ربنا حرمه…..غياب الوعي حقيقي كارثة ….
أيدت رأيه….بحكمة:_
_ وأي كارثة…..ده الواحد ممكن يأذي نفسه…ويموت …ومش أي ميتة…ده سوء خاتمة …يٌبعث على أخر فعل ليه…بس الأصعب من المدعوق…صحاب السوء…..يا ياسين…..لازم تكون حذر…وتتعلم من تجارب غيرك….زي وليد وال جرى له من صاحب عمره….متثقش حتى فى صوابعك دول….بس تعرف صعبانة عليا أوي بوسي…..وال رامز عمله فيها
عارض بعدم إقتناع:_
_ لا طبعاً…وهو كل من تعرضت لإغتصاب ولا تحرش…تفتحها سبيل…..هي استسهلت السكة الحرام….فكان طبيعي تبقى دي النهاية…”إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”
توقف الحديث فجأة…حين تناهى إلى مسامعهما…..صوت الدكتور وليد…زوجي وهو فى شرفة حجرتهما مع والدي…وهو يقول بإندهاش….وتعجب….وعدم إستيعاب:_
_ ماتت إزاي…أنا سايبها إمبارح …وصحتها زي الفل……لا حول ولا قوة إلا بالله ….
ربت على كتفه بمواساة ..وحيرة:_
_البقاء لله…شد حيلك يا حبيبي…
ليسأله والدي….بفضول:_
_ وهتعمل إيه دلوقتي …؟
ليجيب بلهجة حازمة والحزن يكسو ملامحه:_
_ ودي عاوزة سؤال …هنسافر أكيد…..
المشهد التاني
بالمندرة الصعيدية….
النساء تبكين….وتنوحن…..صراخ..
_ البقية فى حياتك…يا نوارة شدوا حيلكم…
ردت على إستحياء ….وهي تشير له بالدخول:_
_حياتك الباجية يا عمي….أت..أتفضل…أتفضل جوه……جودة مستنيك…من بدري
دلف إلى غرفة المرحومة بخطوات ثقيلة….وهو يشعر بالمرارة…ربما مرارة الفراق…. طرق الباب ..ودفعه للخلف….ليجد ابنه البكري بيده بندقية…يعبأ ذخائرها….قوس حاجبيه بعدم فهم:_
_ سايب العزا بره…وبتعمل إيه يا جودة…وإيه ال بارود…ال حداك ده…؟
أجاب بعناد وشعلة من النيران فى عينيه:_
_ معخدش عزا…غير لما يجي التار…وتنام فى تربتها مرتاحة
أستفسر بإستغراب:_
_تار ..؟ وهي أمك ماتت مجتولة….؟…دي ميتة ربنا يا بني…خليك عاقل ..وبطل الترهات دي..رسالتك لسه فى أولها …وعيالك محتاجينك…وبعدين يا سيدي محدش بيموت ناقص عمر
نفخ بنفاذ صبر:_
_ يا أبا الرب واحد والعمر واحد…وربنا جادر على تدبير أمورهم…أما أمي فلازم تارها يجي الليلة..مش هيُغمض لي جفن…إلا وكاملة فى كفنها
تنهد حماي ….بيأس وفى أخر محاولة للإقناع:_
_ وهستتفيد إيه يعني….أملاكك هترجع….؟…ما هينوبك إلا إن هينقبض عليك…وهيتعرف أنك القاتل….وهتروح وراء الشمس..وساعتها محدش هينفعك….وبعدين….أنت مؤمن وموحد بالله…….ولازم تبقى عارف أن ال بتيجي ساعته مبيتأخرش ولا بيتقدم عنها
كنا فى تلك الأثناء قد وصلنا …للصعيد…وأمرني زوجي بمضايفة الغرباء….وتجنب نوارة :_
_ملكيش دعوة بيها هي فى حالها وأنتي فى حالك…وأعملي لي فنجان قهوة يعدلي دماغي….قبل ما تقابلي الغرب……والقميص والبنطلون دول غيريهم…..لعباية سوداء…أفضل ..مش عاوزين همز ولمز
ما أن إتجهت إلى المطبخ …وأنا أفتح إحدى الأرفف…حتى شرعت نوارة تجذب أطراف الحديث …بلا جدوى ….فأردفت:_
_ والله أنا مظلومة…كاملة ال أجبرتني…وهددتني بأجندة ضد جودة…وخوفت على بيتي…حطي نفسك مكاني
بإيجاز….قلت:_
_ نفسي مكانك إزاي…أنا عمري ما اكون سبب فى أذية لجوزك….ولا قطع لقمة عيشه….زي ما أنتي عملتي وساعدتيها على تنفيذ خطتها…وأول ما شفتيني خارجة من المندرة غضبانة جري بلغتيها
إنهمرت دموعها وهي تواصل:_
_ معلش….لحظة ضعف…..أنا أسفة…..صدجيني انتي خيتي وصديجتي…متخليش الحية توجع بيناتنا…يشهد ربنا مانعت جد إيه…بس هي ال متركتليش خيار تاني
أضفت السكر والبن….ل”كنكة” متنهدة:_
_ربنا يسهل…
…أما زوجي فدفع حقيبة السفر الكبيرة إلى الحجرة …..وهو يحييهم….ليتجاهله جودة…فعقب وليد:_
_ مالك يا جودة…مبتردش ليه..ومش طايقني زي ما أكون قاتلك قتيل…؟
أشاح بعينيه بعيداً….وهو يجز على أسنانه….بغضب:_
_ حط لسانك في حنكك…وأجعد ساكت…يا ولد البندر….مش ناجصينك..وبعدين مين جالك..أنك مجتلتهاش لما أتنازلت بمنتهى السهولة عن أملاك معتخصكش من الأساس بجرة جلم….لأجل المحروسة …مرتك…..ال متساوش في سوج الحريم تلاتة مليم
أتسعت حدقتي عيني وليد…وهو يحذره بحدة وإنفعال:_
_ جودة إحفظ أدبك…ال بتتكلم عليها دي مرأتي مش واحدة من الشارع….وكنوز الدنيا كلها عندي متساويش ضفرها….مش ذنبي إنك جاهل..ومبتعرفش تقدر الوفاء…والإخلاص…وهتقدر
فتح عمي فمه ليعلق بإنزعاج لعدم إحترامهم لوجوده…لكن إرتعاشة يد نوارة….وسقوط الفنجان….على الأرض….أثاروا إرتباك وهي تجمعه….على عجل…لتنجرح يديها….وجودة يسألها:_
_نوارة أنتي هنه من ميتى ….؟
أجابت بعد لحظات من الشرود:_
_ هاه….لا….أنا لسه جاية دلوجيت..
أنخفض زوجي وهو يجمع الفتات…..لتهم بالهروب ….مٌتابعة:_
_ خليك….يا دكتور…أنا هجيب المجشة وألمهم….
بمنزل كاملة…
“عملت لك كل ال عوزاه أهو….أعملي لي فنجان القهوة. بقى ”
جملة قالها عاصم بإنهاك…وتعب بعد إتمام الصفقة ….لزوجته القعيدة على الكرسي…فعقبت ….متصنعة الإستغراب:_
_وواه …مش لستاك جاي من الجهوة ال بره..وال كانوا بيسجوك عناب…؟
أمسك برأسه ….وهو يعاني من دوار شديد….قائلاً:_
_ بس القهوة ال بتعمليها غير…فيها سر غريب. ..تحويجة بقى نكهة…المهم ..دماغي مبتتظبطش إلا عليها….من غيرها ببقى هموت
واصلت بإنتصار..وهي تحرك العجلات:_
_بعد الشر عليك يا سبعي من العين دي جبل دي….حط أنت بس لجمة في بوجك…وثوان وتكون جدامك
ما أن شرع فى تناول طعامة…حتى دخلت لتعدها له…بوصفتها الخاصة وصفة سحرية….ومحرمة…..بينما هو يتناول عشائه..علقت إحدى اللقيمات بحلقومه..حتى كاد أن يزور….فقال بصوت ليس بعال:_
_مي…مييي…مياه يا كاملة ألحقيني بسرعة
أزداد السعال عليه…وحال وجهه للون الأحمر…..فركض للداخل….فوجدها تضع قطعة من نوع مخدر ما….وتذيبها فى المياه بالبن قبل غليها……فشهق وأتسعت عينيه….بلوم وعتاب:_
_ كده…كده يا كاملة…عاوزة تقتليني….؟
قالت ببرود:_
_معتخفش أنا عارفة ال بسويه….الجرعة مهياش زيادة….يا عبيط
أردف بإستهزاء:_
_عبيط عشان شيلتك اسمي ووثقت فيكي….وليد كان معاه حق …ال فيه داء مبيبطلوش
عقبت بنظراتها الحادة:_
_ ما أنت ال دماغك انشف من الحجر…ومبتسويش ال بجلك عليه…..كان لازم يبجالك نجطة ضعف
قبض كفه وبسطه عدة مرات قبل أن يقول:_
_وأنا أقول…..أنا مبقتش عارف نفسي ليه…ولا تصرفاتي….الحقيرة….ولا بخضع ليكي ليه…بقول حاضر دايما..وفي أيدي أقول لا….أتاريكي بتربي سم هاري في جسمي…مش هامك أموت ولا أولع..أهو كلب وغار……أنا ماشي من وشك الساعة دي عشان مرتكبش جناية…..بس خليكي فاكرة أن الدنيا دوارة…..!
كان فى البيت المقابل لها….وعلى السطح بالتحديد…..أحدهم مصوباً بندقيته تجاه نافذتها المفتوحة على مصرعيها…دائرة البندقية مصوبة ناحية قلبها…..سيقتلها بلا شك….لكنه تفاجأ ….بوجود شيء صلب خلف رأسه…..ألتفت للخلف ببطء…ليجدها نوارة …بعبائتها …وهي ترفع عنها نقابها …ونظراتها مشحونة برغبة الإنتقام…..وهي تقول:_
_مفاجأة مش إكده……بيجولوا ديل الكلب عمره ما يتعدل…وأنا بجول يتجطع أحلى له وأحلى للكل…..سامحتك على زينة لما ضحكت علي وكلت بعجلي حلاوة وجلت لي مصالح …وأنها كانت خيتك…لكن الغازية…..
صمتت للحظات وعينيها ممتلئتين بالدموع وهي تتابع:_
_ الغازية…يا ظالم يا مفتري….أرتحت لما خليت سيرتي على كل لسان….فيها إيه عني…..زيادة ها…انخفضت لتجمع حفنة تراب….وهي تلقي بها فى عينيه…بحدة…وبقسوة ….لم يعهدها…بينما هو متسمر أمامها بذهول وهي تتابع:_
_ عنيك معيملهمش إلا التراب……أستحملتك كتير….وبلعت عيوبك….إلا ما في يوم يتحكي عليه وياك…يا خاين …هم ليبرر….لكنها قالت وهي تجز على أنيابها:_
_أخرس….معسمش حسك عاد…..الكلام معدلوش مفعول ولا لزوم…..كان جدامك العمر تثبت لي….حسن نواياك ..بأفعالك…مش بالكلام شبعنا من الأونطة…يا ولد يامنة…..والله لأتاويك ولتحصلها الليلة…..
قال بدفاع عن نفسه …وهو يلتقط أنفاسه:_
_ بس أنا محببببتـــــ
لم يكمل جملته حتى إنطلقت رصاصة …عنيدة من الزناد…..محددة الهدف صوب قلبه….لتصيبه عدة مرات وهي تنظر له بغيظ وقهر…..مُكملة جملته:_
_ محبيتش غير نفسك……
تركته غارقاً فى دمائه…..وفرت هاربة….فى الاراضي الزراعية …..وسط الديابة …..والحيوانات ….هاربة من عالم البشر وغدرهم…..بينما جاء حمدان مع زينة وهو يحملها بين أذرعته….قائلاً بهلع…وخوف:_
_ جـــو….جودة أطخ يا أبوي….!