رواية “جواد بلا فارس”
الحلقة ( 5 )
– انا آسفة .. بس غيرت رأيي
التفتت لتغادر مسرعة .. رآها “آدم” وهى تبتعد .. كانت تسير فى طريق العودة الى القاهرة على هذا الطريق الصحراوى الذى يخلو من السيارات فى هذا الوقت من الصباح الباكر .. شعر “آدم” بأن هذه هى فرصته .. وأراد استغلالها الى أقصى درجة ممكنة .. توجه مسرعاً الى الأتوبيس وأخذ حقيبته وقال للمشرفة التى معه :
– أنا مضطر اروح معاها عشان مش هتعرف ترجع لوحدها .. وهبعتلكوا دكتور “مسعد” .. هتعرفى تتصرفى لوحدك يا دكتورة ؟
ابتسمت قائله :
– أيوة يا دكتور متقلقش .. المهم متسبش البنت لوحدها
نزل “آدم” من الأتوبيس وهو يحمل حقيبته على كتفه ويقول لنفسه بقسوة :
– متقلقيش مش هسيبها أبداً !
رحل الأتوبيس وأسرع “آدم” الخطى خلف “آيات” .. التفتت لتجده يقترب منها توقفت ونظرت اليه بدهشة شديدة .. قال لها “آدم” بجدية :
– مينفعش تمشى لوحدك .. أنا هاجى أوصلك
شعرت بقلبها يقفز فرحاً .. ابتسمت لا شعورياً .. حاولت أن تخفى تلك الابتسامه التى ظهرت على شفتيها .. لكنها كعادتها لم تستطع .. كان وجه “آيات” دائماً مرآة لما بداخلها .. لا تستطيع اظهار غير ما تشعر به .. أشاحت بوجهها عنه .. حتى لا يرى ابتسامتها وتلك السعادة فى عينيها .. سارت بجواره صامته .. التفت اليها ومد يده قائلاً :
– هاتى الشنطة
نظرت اليه قائله بصوت خافت :
– مفيش مشكلة أنا هشيلها
ابتسم اتبسامه خفق لها قلبها وقال :
– ليه مش شايفانى راجل ولا ايه
ابتسمت له وأعطته اياها .. نظرت اليه وهى تقول لنفسها :
– انه هو .. انه حقاً فارســي
شعرت “أسماء” بالغضب الشديد مما فعلته “آيات” حاولت الإتصال بها لكنها لم تجب .. فقالت بضيق :
– طبعاً من لقى أحبابه يا “آيات” هانم
ثم أخذت تنظر من الشباك فى وجوم
سمعت “آيات” صوت الهاتف لتجد أن “أسماء” هى المتصلة .. ضبطته على الوضع الصامت ثم اعادته الى حقيبتها .. كان “آدم” يتابعها بطرف خفى .. قال فجأة :
– حبيبك ؟
التفتت اليه “آيات” بدهشة وقالت :
– لأ
فقال “آدم” :
– افتكرت اتخنقتوا سوا وعشان كدة نزلتى من الأتوبيس
قالت بحماس :
– لأ أنا كنت طالعة مع واحده صحبتى
ابتسم لها “آدم” قائلاً :
– أمال ليه نزلتى من الأتوبيس ؟ .. وبسببك اضطريت أرجع ومكملش الرحلة
قالت بحرج :
– أناآسف جداً يا دكتور .. مكنش قصدى .. ومكنتش أعرف ان حضرتك هتنزل من الأتوبيس
قال “آدم” لجدية :
– ازاى كنتى عايزانى اسيبك لوحدك فى الصحرا دى
ابتسمت قائله :
– ميرسي أوى يا دكتور .. أنا فعلاً كنت خايفة ومكنتش عارفه هعمل ايه
أعاد سؤاله قائلاً :
– ليه نزلتى من الأتوبيس ؟
صمتت “آيات” قليلاً ثم قالت بتوتر :
– كده غيرت رأيي
قال “آدم” بشك :
– فجأة كدة ؟ .. اكيد فى سبب
صمتت .. فقال :
– حد ضايقك فى الأتوبيس ؟
قالت بسرعة :
– لا يا دكتور مفيش حد ضايقنى
– أمال ايه .. ايه اللى خلاكى تقررى فجأة انك تقطعى رحلتك
بدا عليها التردد ثم أخيراً قالت بصوت مضطرب :
– بصراحة .. انا كنت طالعة من ورا بابا .. بس حسيت بالذنب .. ومقدرتش أكمل
كانت تنظر أمامها .. فلم ترى نظرات “آدم” الساخرة .. تحدث الى نفسه قائلاً : ها هى فتاة مستهترة أخرى .. بنفس الشكل ونفس الأخلاق .. نظرة اليها نظرة متفحصة .. تأمل عينيها المرسومتان جيداً لتبدوان أكثر اتساعاً .. رأى المسكرة التى تزيد من حجم رموشها .. رآى كريم الأساس الذى أعطاها لون بشرة غير لونها الحقيقي فبدت بشرة وجهها متناقضة فى لونها مع لون بشرة يدها .. نظر أمامه وهو يقول لنفسه : مانيكان آخر للعرض فقط .. فياتُرى هل يُسمح بلمسه أم لا ؟!
شعرت “آيات” بالسعادة والأمان وهى تسير بجواره .. بجوار فارسها .. لم يعد لديها شك بأنه فارسها .. الذى طالما راودها فى أحلامها .. وجاءها على حصانه الأصيل .. وأخذها وانطلق بها ليشق الريح بسرعته .. شعرت بأنها تحبه بكل كيانها .. هذا الفارس .. هذا الرجل .. التفت “آدم” اليها قائلاً :
– تعبتى ؟
قالت “بوهن :
– بصراحة شوية
ابتسم قائلاً وهو يربت على كتفها :
– معلش ان شاء الله نلاقى عربية بسرعة
ارتجفت “آيات” للمسة يده على كتفها .. اضطربت ووقعت فى حيرة لكنها لم تبدى اعتراض .. ازاح “آدم” يده وهو يقول لنفسه : اذن فهو قابل للمس ! .. ومن أى ان كان ! .. تماماً كغيرها !
أخيراً وبعد السير لأكثر من ساعة .. أتت سياره فى تجاه القاهرة .. فإستقلاها .. وانطلقت بهما فى طريق العودة .. أوقف “آدم” لها تاكسى لتعود به الى منزلها لكنها أوقفلها قائلاً وهو يخرج احدى الكروت من جيبه :
– ده رقمى لما تروحى طمنينى انك وصلتى
قالت “آيات” مبتسمة :
– ميرسي يا دكتور
أغلق الباب بعدما ركبت وقال وهو ينظر اليها :
– مستنى اتصالك
رحل فالتفتت “آيات” تنظر من الزجاج الخلفى الى هذا الرجل الذى باتت واثقة بأنه نصفها الآخـر
عادت “آيات” لتخبر والدها بأنها غيرت رأيها بعدما استقبلت والدة “أسماء” أقارب لهم فلم تستطع المكوث عندهم لانها لن تشعر معهم بالراحة .. فرح “عبد العزيز” بذلك فقد كان لا يستريح لأمر اقامتها فى مكان بعيد عنه .. يحب دائماً أن يراها حوله ليطمئن قلبه عليها .. صعدت الى غرفتها وأخرجت “هاتفها بسرعة واتصلت بـ “آدم” لمئنه بوصولها كما طلب منها .. فقال لها :
– تمام .. وخلى بالك من نفسك وبلاش حركات مجنونة تانى
ضحكت قائله :
– حاضر يا دكتور
ألقت “آيات” الهاتف على فراشها وألقت بنفسها بجواره وهى تبتسم ابتسامة حالمة وتتخيل ما حدث اليوم .. والذى لم يكن فى الحسبان
**************************
كانت “سمر” فى مكتبها بالمستشفى تستقبل المرضى كعادتها .. دخلت احدى الأمها ومعها طفلها الصغير .. ابتسمت “سمر” وقامت تداعب الصغير قائله بمرح :
– ازيك يا “كوكو” أخبارنا ايه النهاردة
ابتسمت أمه قائله :
– الحمد لله يا دكتورة “سمر” أحسن كتير من الإسبوع اللى فات
حملته “سمر” وقلبت وجنته قائله :
– انت خوفتنى عليك أوى يا “كوكو” .. وخوفت ماما كمان ينفع كده
ابتسم الصغير بخجل فقبلته مرة أخرى قائله :
– مش هتكلم بأه نفسي أسمع صوتك
قالت أمه بإهتمام :
– هو كده متأخر فى الكلام يا دكتورة
نظرت اليها “سمر” وطمأنتها قائله :
– لا متقلقيش هو بس انطوائى شوية فمحتاج يختلط بأطفال فى سنه وأكبر منه
قالت أمه بحزن :
– للأسف مفيش عندنا فى العيلة أطفال فى سنه
قالت “سمر” :
– وديه حضانه لأن مهم أوى ناه يتعلم المهارات الإجتماعية وهات خد ويشارك فى اللعب .. ده هيخرج من انطوائيته دى واحده واحده
ابتسمت أمه قائله :
– مبرسي يا دكتورة .. وان شاء الله أقدمله فى حضانه
قبلت “سمر” الصغير ثم أعطته لأمه قائله :
– ربنا يباركلك فيه
ثم توجهت الى مكتبها وأخرجت لعبة صغيرة وأعطتها له قائله :
– دى من طنط “سمر” عشان تفتكرنى على طول .. ماشى يا “كوكو”
ابتسم الصغير وأخذ اللعبة من يدها
قالت أمه وهى تنظر الى “سمر” مبتسمه :
– الحقيقة كنت عايزه أتكلم معاكى فى موضوع
قالت “سمر” بإهتمام :
– طبعاً اتفضلى
قالت الأم بإبتسامه حانية :
– بصراحة أنا حبيتك أوى .. وحبيت أكتر لبسك المحترم وأخلاقك العالية .. وكمان حنيتك على الأطفال واهتمامك بشغلك .. بصراحة أنا مش هلاقى أحسن منك عروسه لأخويا
شعرت “سمر” بالإرتباك .. فأكملت المرأة :
– هو بيدور على عروسه وانتى مواصفاتك مناسبه بالنسبة له .. فأنا عايزة منك بس رقم والدك وهو ان شاء الله هيكلمه النهاردة .. أنا كلمت أخويا عنك وهو معجب جدا بالكلام اللى سمعه عنك .. وهو اللى طلب منك أقولك كده
صمتت “سمر” وقد أطرقت برأسها أرضاَ وعلامات الحزن على وجهها .. فقالت المرأة :
– دكتورة “سمر” انتى اضايقتى ؟
نظرت اليه “سمر” قائله :
– لا أبداً مضايقتش .. بس
صمتت قليلاً ثم قالت :
– بس الحقيقة أنا مبفكرش فى الإرتباط دلوقتى
قالت المرأة بحماس :
– صدقتيني أخويا هيعجبك ان شاء الله .. وكمان أكيد مش هترتبطوا فجأة كد . أكيد هيبقى فيه فترة خطوبة وتعارف يعني متقلقيش
قالت “سمر بحزم :
– معلش آسفة لكن فكرة الإرتباط أصلاً مش فى بالى حالياً
قالت المرأة بحزن :
– طيب عامة لو غيرتى رأيك عرفيني .. لانى بجد مش هلاقيله عروسه زيك كده
ابتسمت “سمر” قائله :
– لا ان شاء الله هيلاقى اللى أحسن منى .. لكن أنا بجد مش عايزه أخليه ينتظر على الفاصى
قالت المرأة :
– يعني ده ردك النهائى .. ما يمكن تغيري رأيك
قالت “سمر” بتماسك :
– لا مش هغير رأيي .. وبجد أنا اسفة
ابتسمت المرأة بحزن قائله :
– هقوله الكلام اللى قوتيه .. بس عامة أنا مش هيأس وربنا يقدم اللى فيه الخير
خرجت المرأة فجلست “سمر” أمام مكتبها وهى شاردة .. ووجهها يشع حزناً وألماً .. كانت تعلم جيداً أنها لن تستطيع أن تقدم على تلك الخطوة .. لا تستطيع أن تثق برجل فتكتشف بعد ذلك أنه كوالدها .. عانت كثيراً من ترك والدها لها ولأمها .. تجرعت مرارة اليتم رغم أن والدها حى يرزق .. شعرت بأنها لن تستطيع أن تعطى قلبها وحياتها لرجل قد لا يكون أهلاً للثقة .. ويفعل بها كما فعل والدها بأمها .. كانت خائفة بشدة .. خائفة من الفشل .. خائفة الى درجة أنها حتى ترفض المحاولة .. تنهدت بعمق .. وصرفت تلك الأفكار عن رأسها .. واستعدت لإستقبال المريض التالى
**************************
فتحت والدة “أسماء” الباب وابتسمت قائله :
– أهلا يا “آيات” اتفضلى يا حبيبتى
دخلت “آيات” وقبلتها قائله :
– ازيك يا طنط
– الحمد لله يا “آيات”
– هى “أسماء” جوه
– آيوة يا حبيبتى جوه فى أوضتها
توجهت “آيات” الى غرفة “أسماء” التى هبت واقف بمجدر أن رأتها وقالت لها بحده :
– انتى بتعملى ايه هنا ؟
أغلقت “آيات” الباب واقتربت منها قائله :
– أنا آسفة يا “سمسم”
قالت “أسماء” بحده :
– والله .. وأعمل ايه بأسفك ده .. أصرفه منين
قالت “آيات” برجاء :
– خلاص بأه يا “أسماء” متزعليش
قالت “أسماء” بغضب :
– وليكي عين تقولى متزعليش .. طلعتيني رحلة أصلا مكنش على بالى أطلعها وقولت مفيش مشكلة صحبتى ولازم أكون جمبها .. وفجأة تطلعلك الجنونه وتنزلى من الباص وهو فى نص الطريق .. واللى زاد وغطى ان حبيب القلب نزل وراكى وفضلت أتصل بيكي لما قرفت وانتى طبعا منفضالى .. ما انتى هتفتكريني ازاى مش حبيب القلب معاكى
قالت “آيات” بحده :
– ما أنا يا “أسماء” فضلت أتصل بيكي بعدها وطول الـ 3 أيام وانتى مش معبرانى
قالت “أسماء” بغضب :
– طبعاً معبركيش وحذفت رقمك من عندى اصلاً ومش عايزه أعرفك تانى
قالت “آيات” بحزن :
– خلاص بأه يا “أسماء” ياستى أن آسفة وحقك عليا .. أنا حسيت انى بعمل حاجة غلط .. حسيت بالذنب أوى ومقدرتش استنى .. ووالله مكنشت أعرف انه هينزل ورايا .. أعرف منين يعني
صمتت “أسماء” فاقتربت منها “آيات” قائله :
– خلاص بأه ميبقاش قلبك اسود
هتفت “أسماء” :
– أنا قلبى بلاك .. ملكيش دعوة
قبلتها “آيات” قائله بمرح :
– ده انت قلبك أبيض وزى الفل يا “سمسم” يا قمر انت
قالت “أسماء” مبتسمه :
– ايوة اضحكى عليا بكلمتين
ثم وكزتها بقوة فى ذراعها فصرخت “آيات” قائله :
– يا مفترية
قالت “أسماء” بتشفى :
– أحسن تستاهلى
ثم جذبتها من ذراعها وأجلستها على الفراش وجلست أمامها وقالت لها :
– عايزة أعرف كل حاجة من ساعة ما نزلتوا من الباص .. فاهمة
ابتسمت “آيات” قائله بسعادة :
– بصى يا ستى .. أول شال عنى الشنطة .. بصراحة احترمته أوى لما عمل كدة .. وكان مهتم بيا أوى .. ووقف لحد ما وقفلى التاكسى .. وكمان ادانى رقمه عاشن لما أوصله أكلمه وأطمنه عليا
استعت عينا “أسماء” دهشة وقالت :
– بتهرجى مش كده
قالت “آيات” ضاحكة :
– لا والله مش بهرج
قالت “أسماء” بإستغراب :
– غريبة .. ايه الإهتمام المفاجئ ده .. ده مش اهتمام دكتور بطالبه نزلت من الباص .. كان ممكن يرجع معاكى القاهرة وبعدين يسيبك مش يوقفلك تاكسى ويديكى رقمه عشان يطمن عليكى
ثم قالت بقلق :
– أنا مش مرتاحة للموضوع ده
قالت “آيات” بشرود :
– أنا برده استغربت زيك .. بس مش عارفه .. هو كان محترم وفعلا كنت حساه مهتم بيا .. وكان مهتم كمان يعرف أنا لسه سيبت الباص ونزلت
نظرت اليها “أسماء” قائله :
– وقولتيله ايه ؟
هزت “آيات” كتفيها قائله :
– قولتله الحقيقة
هتفت “أسماء” بغضب :
– انتى غبية يا “آيات” .. كده هياخد عنك فكرة وحشة
قالت “آيات” بقلق :
– بس أنا رجعت عن الغلط اللى كنت بعمله ونزلت من الباص .. أنا لو وحشة كنت كملت الرحلة
قالت “أسماء” بحنق :
– يا بنتى مش هيهتم رجعتى عن الغلط ولا مرجعتيش .. كل اللى هيبصله هو انك كنت مسافرة من ورا أهلك .. أكيد هيقول عليكي بنت فلتانه
قالت “آيات” بحزن وقلق :
– لا متقوليش كده .. ان شاء الله ميكنش خد عنى فكرة وحشة
**************************
جلس “على” مع صديقه فى المسجد بعد الانتهاء من صلاة العشاء .. قال “على” بحزن :
– مش عارف أعلم ايه .. نفسي أوى تكون من نصيبي وخايف تضيع من ايدي
قال صديقه :
– طالما بتحبها ليه متتقدملهاش ؟
تنهد “على” قائلاً بحسرة :
– ياريت كن ينفع كنت خدت أبوي و أمى ومن بكرة كنت روحت اتقدملتلها
قال صديقه :
-طيب مبتعملش كده ليه
قال “على” بضيق شديد :
– أتقدملها ازاى وأنا لسه لحد دلوقتى مش لاقى شغل .. دى دكتورة وبتشتغل .. يعني تبقى هى بتشتغل و أنا عاطل يعني
ربت صديقه على كتفه قائلاً :
– متضايقش نفسك يا “على” ربنا كبير
صمت “على” قليلاً ثم قال باسماً :
– عارف اي أكتر حاجة عجبانى فيها ؟ .. خجلها .. أول ما بتشوفنى بتبص فى الأرض ومبتحاولش تتكلم معايا ولا حتى تقولى ازيك رغم انها صاحبة أختى أختى من زمان .. وكمان هى بنت ناس ومحترمة ومؤدبة وماما وأختى بيحبوها جداً
ضحك صديقه قائلاً :
– أمك و أختك بس اللى بيحبوها ؟
ضحك “على” قائلاً :
– اتلم يله .. ويلا قبل ما يقفلوا المسجد علينا واحنا أعدين
**************************
جلست “ساندى” مع صديقتها “ريم” فى النادى وهى تهتف بحنق :
– مش قادرة أنسى اللى حصل يا “ريم” دمى محروق أوى
قالت “ريم” مبتسمه :
– بصراحة شكلك مكنش لطيف خالص .. خاصة انك قولتى ان هو اللى طلب منك تطلعى الرحلة
قالت “ساندى” بغضب :
– أنا مش فاهمة لزمتها ايه انه ينزل يوصلها .. مكان بعت معاها أى حد .. أو حتى وصلها ويرجع تانى ليه يبعتلنا دكتور “مسعد” بداله
قالت “ريم” بلامبالاة :
– يمكن معجب بيها
نظرت “اليها “ساندى” بحده وقالت بغضب :
– انتى بتتكلمى بجد ؟
قالت “ريم” مبتسمه :
– معرفش .. أنا بقول يمكن
ضاقت عيناها وهى تفكر فى كيفية استرداد كرامتها التى شعرت أنها أهدرت
**************************
جلست “آيات” فى المدرج تنتظر قدوم “آدم” .. تأنقت اليوم فوق العادة .. أرادت أن يراها بهيئة أجمل مما رآها من قبل .. اضطربت وخفق قلبها بقوة عندما راته يدخل من الباب .. ارتسمت على شفتيها تلك الإبتسامه الى تقفز تلقائياً الى شفتيها بمجرد أن تراه .. وقف وقال :
– صباح الخير يا شباب
– صباح النور يا دكتور
لفت عيناه المرج بسرعة .. يبدو أنه كان يبحث عن شخص ما .. خفق قلبها .. تُرى أيبحث عنها وسط طلابه ؟ .. لم تكد تنتهى من ترديد السؤال داخل نفسها حتى قال “آدم” :
– “آيات عبد العزيز حسان اليمانى”
شعرت بألم شديد يغزو معدتها من فرط التوتر .. قامت وقالت بصوت مضطرب :
– أيوة يا دكتور
التقت نظراتهما .. فشعرت بإضطرابها يتضاعف .. فقال بصوت هادئ :
– عايزك فى مكتبي بعد المحاضرة
أومأت برأسها وجلست .. كانت “ساندى” تتابع ما يحدث فى اهتمام .. بدأ “آدم” فى القاء محاضرته
بعد انتهاء المحاضرة قالت “آيات” بقلق :
– تفتكرى عايزنى ليه ؟
قالت “أسماء” بإستغراب :
– مش عارفه .. يمكن عشان موضوع الرحلة
قالت “آيات” بتوتر :
– ربنا يستر
قالت “أسماء” :
– متقلقيش .. وهستناكى فى الكافيتيريا
توجهت “آيات” الى مكتب “آدم” وهى تشعر بأنها متوجهه الى امتحان مصيري .. طرقت الباب بهدوء فأذن لها بالدخول .. أغلقت الباب خلفها وتوجهت اليه وقالت بصوت مضطرب :
– خير يا دكتور .. فى حاجة
نظر اليها متفحصاً فشعرت بالخجل و أطرقت برأسها .. ابتسم قائلاً :
– حبيت أطمن عليكى .. باباكى عمل ايه لما عرف بموضوع الرحلة
شعرت “آيات” بالسعادة لإهتمامه وقالت بصوت منخفض :
– أنا ما قولتش لبابا على اللى حصل .. مش عايزه أقوله عشان ميضايقش منى
ابتسم “آدم” فى نفسه بتهكم .. ثم نظر اليها قائلاً :
– شوفت دفتر الحضور .. انتى من أول السنة مفوتيش ليا ولا محاضرة
ابتسمت “آيات” وقالت :
– أيوة فعلاً
ابتسم لها ابتسامته الساحرة وقال :
– ودى حاجة تبسطنى
شعرت “آيات” بالسعادة تغمر كيانها لحديثها معه ولقربها منه .. قالت بمرح :
– وكمان أنا بذاكر مادة حضرتك يا دكتور أول بأول يعي لو عملت امتحان مفاجئ هتلاقيني جاهزة
أرجع “آدم” ظهره الى الخلف وقال مبتسماً :
– والله فكرة .. خلاص هعمل امتحان مفاجئ المحاضرة الجاية
ضحكت “آيات” ضحكة خافته وقالت :
– بس أنا كدة عرفت ان فى امتحان مفاجئ
ابتسم لها قائلاً بصوته الرخيم وهو ينظر اليها بعمق :
– انتى حاله خاصة
اتسعت ابتسامتها وقفز قلبها فرحاً .. حاولت اخفاء ابتسامتها فلم تستطع .. كان “آدم” خبيراً فى تفسير مشاعر الفتيات وايماءاتهن .. علم وهو ينظر اليها أنها تكن له شيئاً ما .. أسعده ذلك بشدة .. لأنها بذلك .. اختصرت عليه نصف الطريق
**************************
وقفت “ساندى” تنظر يميناً ويساراً فى تململ .. وفجأة رأت “آدم” وهو متوجه الى سيارته فأسرعت نحوه قائله :
– هاى دكتور “آدم”
التفت اليه مبتسماً وقال :
– هاى “ساندى”
ابتسمت له قائله :
– زعلانه منك يا دكتور كده تسيبنا فى الرحلة وتبعتلنا دكتور “مسعد” ملقتش الا دكتور “مسعد”
ابتسم “آدم” قائلاً :
– شكل دكتور “مسعد” ضايقكوا
قالت “ساندى” بحنق :
– منع البنات انها تلبس بكينى على البيلاج .. وكمان مرضيش يودينا حمام السباحه برده لنفس السبب لان ممنوع دخول حمام السباحه الا بالبكينى
ابتسم “آدم” بسخرية لكنه أخفى ابتسامته سريعاً وقال :
– معلش المرة الجايه هطلع أنا معاكوا
نظرت “ساندى” الى السيارة ثم اليه ومررت أصابعها برقه فى خصلات شعرها قائله بدلال :
– عربيتى فى التصليح .. يضايقك لو وصلتنى فى طريقك
قال “آدم” بهدوء :
– لا طبعا .. اتفضلى
التفت “ساندى” حول السيارة لتركب وهى تلقى بنظرها على البنات حوله الذين يرمقونها بنظراتهن .. شعرت بالسعادة وهى تركب سيارة “آدم” على مرآى ومسمع منهن
أوصلها “آدم” الى مكان سكنها وقبل أن تخرج من السيارة التفتت له قائله بدلال :
– ميرسي أوى يا دكتور .. آه على فكرة فى بارتى حلو أوى النهاردة تحب تحضره ؟
ابتسم لها قائلاً :
– امتى ؟
قالت بحماس :
– هتبدأ 9 بالليل
صمت قليلاً .. فتعلقت أنظارها به تتمنى موافقته .. اتسعت ابتسامتها عندما قال :
– قوليلي العنوان
أملته العنوان ونزلت من السيارة وهى تبتسم له مودعه
كانت حفلة كعشرات الحفلات التى تحضرها “ساندى” لكن المميزفيها هذه المرة هو “آدم” الواقف بجوارها .. والذى أثار ذلك غيرة قريناتها من الفتيات بالحفل .. كان “آدم” يعى جيداً ما يحدث حوله لكنه تظاهر باللامبالاة .. فكل ما يريده يتحقق بدون أن يسعى اليه .. وها هى “ساندى” هى الأخرى تختصر عليه نصف الطريق
**************************
قالت “ساندى” بتفاخر أمام “ريم” وهى جالسه معها فى النادر :
– امبارح بالليل كنت مع “آدم”
هتفت “ريم” غير مصدقه :
– بتتكلمى بجد ؟
قالت “ساندى” ضاحكة :
– أمال بهزر
قالت “ريم” بلهفه :
– كنتى معاه فين ؟
قالت “ساندى” :
– كنا فى حفلة مع بعض .. وفضلنا طول الليل مع بعض وروحنا قبل الفجر بشوية .. بس كانت سهرة لذيذة موووت .. والبنات كانوا بيبصولى وهاين عليهم يقطعونى بعنيهم لأن “آدم” مكنش معبر فى الحفلة واحدة غيري
ثم قالت ضاحكة :
– تصورى واحدة جتله بتقوله انها عايزه ترقص معاه وهاتك يا تسبيل .. أحرجها وقالها لو عايز أرقص جمبي بنت زى القمر هرقص معاها .. حسيتها كانت هتموت من الغيظ
ضحكت “ريم” قائله :
– ممتازة يا “ساندى” خلاص كده دكتور “آدم” بأه متيم
ابتسمت “ساندى” قائلاً بتعالى :
– طبعاً يا بنتى هو أنا شويه
**************************
وقفت “آيات” ضاحكة مع “أسماء” و بعض صديقاتها .. عندما اقترب منهن “أحمد” ووقف وصبت نظراته على “آيات” فقالت له :
– ازيك يا “أحمد”
لم يجيبها .. فقالت “أسماء” :
– ايه يا ابنى مالك واقف متنح لـ “آيات” كده
قال “أحمد” فجأة وعلى مرآى ومسمع من الجميع :
– بحبك تتجوزيني ؟
فتحت “آيات” فمها بدهشة واتسعت عيناها .. وتعالت شهقات الفتيات وضحكهن ومزاحهن .. لكن “أحمد” لم يكتفى بذلك بل التف حول نفسه وصرخ فى جميع من حوله :
– يا جماعة اشهدوا .. أنا بحبك “آيات” وعايز أتجوزها .. بحبهاااااااااااااااااااااا
نظرت “آيات” حولها لتجد نظرات الجميع معلقة بها وهم يتضاحكون فى استمتاع بهذا المشهد
صاحت بصوت خافت :
– “أحمد” اسكت فضحتنى
قال “أحمد” دون أن يعبأ بكلامها وبصوت مرتفع :
– بحبك يا “آيات” بحبببببببببببببببببببببببب
كاد قلب “آيات” أن يتوقف هلعاً عندما رأت نظرات “آدم” المصوبه تجاهها .. ودت لو جرت عليه وأخبرته بأنها ليس لها ذنب فيا يحدث وأنها لا تبادله مشاعره .. نظر اليها “آدم” ثم التفت ودخل داخل الكلية .. تابعته “آيات” بنظرها وهى تشعر بالأسى والحسرة .. وقف “أحمد” أمام “آيات” قائلاً :
– قلتى ايه يا “آيات”
التفتت “آيات” اليه وهى تشعر بالغضب الشديد تجاهه وصاحت قائله :
– انت اتجننت على فكرة .. اتجننت
هرعت مسرعة الى داخل الكلية .. وتوجهت الى مكتب “آدم” ..لا تدرى ماا ستقول له .. كن كل ما شعرت به هو أنها يجب أن توضح له ما حدث .. طرقت الباب ودخلت وأغلقته خلفها .. اقتربت من مكتبه وهى تشعر بتوتر بالغ .. قال لها “آدم” ببرود :
– خير يا آنسه
تطلعت اليه بحزن وأسى وهى لا تعرف كيف تبدأ حديثها .. فقال ببرود :
– ايه جايه تعزميني على الفرح
انطلقت الكلمات من فمها برسعة :
– لا والله ما فى فرح أصلاً .. هو أنا معرفش هو اتجنن ولا ايه اللى حصله .. أنا مليش دعوة بالكلام اللى قاله ده أنا أصلا مصدومة من اللى حصل ده
تفرس فيها “آدم” .. وهو يشعر بأن مشاعرها تجاهه اتضح انها أعمق مما ظن .. كانت تنظر اليه وملامح الأسى والضيق على وجهها .. وقالت :
– أنا مفيش حاجة بينى وبينه .. احنا زملا وأصدقاء بس … لكن ما فيش حاجة من دى بينا خالص
طاله صمته الا أن قال بصوت هادئ :
– وجايه تقوليلى الكلام ده ليه ؟
شعرت بالخجل الشديد .. وبالندم لتسرعها .. لم تستطع أن تنطق بحرف .. لما تعرف كيف تجيبه .. قالت بإضطراب :
– أنا آسفه انى عطلت حضرتك
والتفتت لتخرج مسرعة من المكتب .. وابتسامة خبيثة تتكون عى شفتى “آدم” .. وخطة خبيثة تُرسم داخل عقله
**************************
بعد يومين عادت “آيات” الى بيتها فإستقبلها والدها وهو يقول :
– “يويو” حبيبتى
فتح لها ذراعيه فألقت نفها فى أحضانه .. قبل رأسها وابتسم لها بسعادة .. قالت “آيات” :
– خير با بابا شكلك مبسوط
قال ضاحكاً :
– مبسوط جداً
قالت “آيات” مبتسمة :
– ابسطنى معاك
قال والدها وهوي تفرس فيها :
– جالك النهاردة عريس
اختفت ابتسامة “آيات” ليحل محلها الوجوم .. ثم قالتب توتر :
– مش دلوقتى يا بابا لما أخلص دراستى
قال والدها :
– أساساً معدش الا كام شهر وتخلصى وبعدين مش تسأليني الأول مين هو
قالت “آيات” بلامبالاة :
– مين .. حد من ولاد صحابك ؟
قال والدها مبتسماً :
– قالى انه دكتور عندك فى الجامعة .. اسمه دكتور “آدم خطاب” .. بيديكوا مادة “ادارة أعمال”
أخذ قلب “آيات”يرقص فرحاً وهى تتمتم فى سعادة بالغة وبصوت مرتجف :
– دكتور “آدم” !