رواية عمانية احرف مطموره بين طيات الورق كاملة
(((((((((((((((الفصل الرابع عشر))))))))))))))
~~البعد اصبح رغبتي..~~
لبست عبايتها… ولبست شيلتها ولفتها على وجهها مثل ما سوت هدى… وتبعت الجدة مريم لخارج
البيت وين ينتظرهم وليد مع أبوه… طبعا وليد وخالد حضروا الملكة كأن ما في أي شيء صار…
خالد كان هو إلي أعطى الفكرة… اما وليد فكان مرغم بعض الشيء… وهذا مو سهل… بس داس
على حقده ورضخ لأمر أبوه… وهو فالنهاية ماله إلا أبوه وجدته والخنساء حبيبته…
كانت الجدة تمشي وماسكه بيدها يد الخنساء… والخنساء ما أحد همها إلا خالد فحضنها والنعاس
إلي غلبها… دخلت السيارة وجلست وأسندت راسها بالمرة وراحت بنومة… وليد ناظرها وهو
يدخل العكازين حق ابوه لأن خالد بدا قبل كم يوم يستعمل العكاز…
قال وليد: يمه… الخنساء…
قاطعته الجدة وهي تعرف عن شو يبي يسألها: انا مو قلت لك لا تحاتي (تقلق)… الخنساء طول
الوقت كانت جنبي والله يخلي مزون… ما قصرت…
ابتسم خالد ووليد يركب: شو سوت مزون؟!
ضحت الجدة بصوت خلا الرجلين بالسيارة يطالعوا بعض…
قال وليد: شو يا يمه السالفة؟!
تكلمت الجدة بصوت مفعم بالحياة وهي تحكي لهم عن مزون… وكيف عينت نفسها الحامي
للخنساء… أنفجروا الأثنين بالضحك… ولما سكتوا بعد شوي ناظروا بعض… كانوا من زمان ما
ضحكوا بهالشكل… من زماااااااان… تنهد وليد وناظر من المراية للخنساء إلي بدت تفوق على صوت
ضحكهم…
قالت بعبوس: ليش تكلموا… صوت… عالي… خالد نايم… أنا تعبت خلاص… أبي… نام…
ابتسم وليد بكل حنية وهو يناظرها ترجع تسند راسها وتنام… مرت لحظات صمت طويلة…
قطعتها الجدة بصوتها السلس يدعي ويكثر من الدعاء… بعدها وصلوا للبيت ووليد ما قصر ساعد
أبوه لما كانت الخنساء بنفس الوقت تتسحب وترتمي على كنبة من الكنبات بالصالة بعبايتها…
رجع وليد للصالة وشاف الجدة تحاول تقوم الخنساء… وطبعاً الخنساء عاندت وتمت بمكانها…
وليد: يمه روحي إنتي نامي… انا بقومها…
الجدة: إن شاء الله يمه… يلا تصبح على خير…
وليد: وإنتي من أهل الخير…
لف وليد للخنساء وإلي كانت الشيلة ملفوفة عليها… جلس جنبها وهو يبتسم بكل حنية… كانت
بنفسه رغبة كبيرة إنه يحميها… إنه يحاول يطلعها من هالوهم إلي عايشه فيه… جلسها بسهولة
وهي تهمهم وتهذي بكلام مو مفهوم والدمية لازالت متشبثة فيها… فتحت عيونها وناظرته بتعب…
شال الشيلة والعباية ورماها على جنب… مرت عيونه عليها من فوق لتحت وهو يناظر مظهرها…
قالت له هدى إنها أشترت للخنساء ثوب وإنها هي إلي تبي تزينها… وهو وافق طبعاً… بس ما
درى إنها بتكون بهالجمال البريء… طفلة بجسد إمرأة… هو الوصف الصحيح لها…
قالت الخنساء بنعاس: أنا أبي… نام…
ابتسم وليد وقال: أوكي يلااا قومي معي نطلع لجناحنا… تبدلين ثوبك هذا… ما يصلح تنامي
به…
ناظرته الخنساء وعاندت تقوم… ورجعت تغمض عيونها وهي تلف الدمية لحضنها أكثر: لا…
تعبت… ما أبي… فوق…
تنهد وليد ومرر يده على خدها يحاول يعيش حلم ضايع… الخنساء تكون صاحية وبألف عافية
وهو يبدا معها حياة جديدة… بس الظاهر ماله نصيب من الفرح…
الخنساء وهي فاتحة نص عين قالت: ليش أنت… ضحكت… أول… بعدين… سويت كذا…
وعبست تقلده…
ضحك وليد وهو يشوفها تعفس بوجهها… وقرب منها وهو مسحور…
همس لها وهو يرجع لحلمه القصير الضايع: أحبك… ودووم كنت مجنون بحبك… من وانا صغير
حتى وانا بهالسن… أعشقك… وأعشق هواك… وطاريك… وفقدانك هز كياني… ما أبي إلا
ترجعين لي الخنساء… الخنساء القديمة الشجاعة… القوية… الحنونة… أرجوووك أفهميني…
حالتك هذي هي عذابي… عذابي يالخنساء… عذابي…
سكنت الخنساء فجأة… سكنت ووليد يلمها لحضنه… من قبل كانت تعيش حياة… وكان هو فيها…
..
“حسيت بثقل براسي… آلآم حادة فجسمي… حاولت أفتح عيوني لكني ما قدرت… لذا رجعت لعالم
الظلام…”
“رغم تحقيرك لتربيتي… أنا أشرف من كلمة الشرف نفسها… وما كنت راح أرضى لهذا الإنسان أو
غيره يجيني… لأني بقتل نفسي قبل لمسة تنحط علي…”
” ابتسمت أسخر من شكلي… حمادة قص شعري بغباء وأبوي عفس خريطة وجهي…”
“طلع من بوكه صورة أعطاني إياها متردد… ارتعشت شفايفي… لكني …ابتسمت… هذي الطفلة
أعرفها…أعرفها زين… هذي أنا…”
“مثل كل مرة جاني بالليل… كان يكح ويمشي بضعف… ومثل عادته جلس على حافة السرير
وباس خدي… قال لي بصوت مشبوب بالندم: آآه… يالخنساء… ســـ …سامحيني يا بنتي…
سامحيني… سامحيني… الندم ياكلني… ياكلني…”
” 26-8-2007 …الساعة 8 بالليل…تاريخ هاليوم راح ينطبع بذاكرتي دوم… مستحيل
أنسى هاليوم إلي كان بالنسبة لي طعنة قاسية دمرت كل شيء…”
“مشيت مثل المسحورة وحطيت يدي المرتعشة على الدفتر… ووقعت… كنت أحس نفسي وقعت على
ورقة إعدامي… وهو أصلا من متى كان قرار الإعدام من قرار المعدوم؟؟!”
“كل إلي سمعته كلمة مثل السم سرت فشرايين دمي…((
مــــــــــــــــــات…مــــــــــات…مـــــات.. .مـات)) …”
“بديت أنتفض من الألم… حتى ما قدرت أتمالك نفسي وصرت مرة أمسح على وجهي… ومرة ألوي
شعري بيدي بكل قوة… ومرة ترتعش يدي وأحضنها لصدري… أنيني يصرخ بوجع… وتأوهي
ينسمع صداه… ينسمع صداه… ”
“صدااااه…”
..
سحبت الخنساء نفسها من وليد وهي تتلوى من الألم إلي عصف براسها… وقف وليد مستغرب من
صراخها إلي إنبعث من سكونها وهدوئها…
همس: الخنساء… شو فيك؟!
ما درت الخنساء شو تهذي… إلا إنها حست بفراغ بين يديها… ودرت وقتها إن خالد مو بين
يديها… صرخت وشهقت…
الخنساء بألم: خالد… خاااااالد… ولدي… خااااالد…
تنهد وليد ولف يمسك بالدمية إلي نستها قبل لحظات… ومدها لها… مسكتها بين يدها
وحضنتها… كان الكحل سايح على خدودها… وشكل مجرى من دموع سودا… تألم وليد… وهو
يناظرها تحضنه وتهمس له… مسكها من يدها وهي ما هي معه… تتشبث بخالد… وهو يجرها
بكل حنية وخيبة أمل لغرفتهم…
صوت الموبايل يرن… ترررررررررررن…تررررررررررررن…
دفنت لجين راسها تحت المخدة… كانت تعبااااااااااانة مررررره …ومو قادرة حتى تفتح عينها…
سكت الموبايل…وتنهدت… وفجأة…ترررررررررن…تررررن…
لجين بكل تعب: آآآآآآآآآه…
فتحت عينها بصعوبة… وقامت شوي… واسندت ظهرها للمخاد وراها… كانت الغرفة ظلااام…
فتحت نور الأبجورة… وهي تفرك عينها…ناظرت الساعة… كانت 3 الفجر…
لجين بصرخة قصيرة: من هذا التعبان إلي يتصل فهذا الوقت؟؟
مسكت الموبايل… وردت… صمت طويل… حتى سمعت صوت جلند… صوت مشاكس صاحي مية
بالمية…
جلند بحيوية: ألووووو… وينك؟؟؟ كل هذا نوووم؟؟
لجين بعصبية: شو تبي؟؟
جلند يستفزها: أفأ… هذا أول اتصال بينا بعد الملكة… المفروض تنتظري مكالمتي على جمر…
عصبت… صفرت… ودخنت…
سكرت الموبايل… وطفت الأبجورة… وتوها تحط راسها على المخدة يرجع يتصل…
لجين: نعم؟
جلند: ليش سكرتي؟
قالت بنذالة: أممم أخوي أنت شكلك غلطان… لا عادي ما في داعي للأسف أخوي…كلنا نغلط…
العفو ومع السلامة أخوي…
وسكرته للمرة الثانية… وهذي المرة قفلت الموبايل كامل… وقبل ما تنسى …سحبت خط التلفون
الثابت بغرفتها… ونامت…
.
.
كان محمد عازم جلند على الغدا… وبما إن سلمى وبنتها نشوى كانوا متكلفين وشايلين هم هالعزومة
طلعوا مع السواق وراحوا للسيتي يتغدوا… وتركوا محمد وطلال لوحدهم… جلند وصل ولجين لحد
إلحين ما نزلت… قام طلال مستأذن وطلع لأخته فوق… طبعاً لجين بدت دراستها فكلية خاصة…
تصميم أزياء… وكانت منكبة على كتاب… داسة أنفها فيه تحاول ما تشوف الساعة وصلت لكم…
سمعت صوت الباب ودخل طلال…
طلال مستغرب: إنتي لحد إلحين ما بدلتي…؟!
لجين بقهر: ما أبي أنزل… ما أبي أتغدا…
طلال بعصبية: لجين… بطلي سحوة ودلع وأنزلي…
لجين: لا … بذاكر… مشغولة… عندي إمتحان بعد يومين…
طلال عصب وتركها طالع: أوووووف… كيفك… عنيدة… بس تحملي إلي يجيك…
نزل طلال وراح للسفرة… وهو يحاول يفسر سبب رفض أخته وجودها مع جلند على إنه دلع لا
أكثر… يحس نفسه بهالتفسير إنه يتغابى بس شو بيده يسوي…
محمد: ليش ما نزلت معك؟
طلال مقهورة من أخته: تقول بتذاكر… عندها أمتحان…
عصب محمد: لا حول ولا قوة إلا بالله…
وناظر جلند باعتذار… قال جلند بابتسامة شاقة الحلق: معليه خالي …خليها بكيفها… أكيد
تستحي ما تعودت على فكرة إني زوجها…بطلع لها لما أخلص من الغدا… بعد إذنك يعني…
محمد بإبتسامة: بيوصلك طلال لها…
طلال ناظره بنص عين وقال: أشوفك ما خذ راحتك؟!
جلند أبتسم وقال: أكيد ترا قالوها… كل شيء مسموح فالحب والحرب…
ابتسم محمد وقال: الله لا يغير عليكم… يلااااا سمو وكلوا…
أبتسم جلند وقال بنفسه: أنا يا لجين تسكري الموبايل فوجهي؟! أنتظريني بس شو بسوي فيك..
كان ما بهدلتك وراويتك العين الحمرا…
قال بصوت خفيف وهو يناظر الأكل: يلااا بسم الله…
.
.
دق الباب بالخفيف دقتين ودخل… حاول يأخر طلال شوي علشان يكون معها لحظات قبل لا يطلع
طلال…
لجين متمدده على السرير والكتاب مغطية فيه وجهها… قالت بدون لا ترفع الكتاب عنها…
لجين: أسمع…إذا جاي تقنعني أنزل لـجلند …فما راح أنزل… فلا يبح صوتك…
جلند: وإذا جاك هو مخصوص لحد هنا؟؟؟
قفزت بعد ما سمعت صوته…
لجين بتوتر: آآآآآآه …يا قليل الأدب… ما تستحي أنت…؟!
ناظرها بمكر وهز راسه وابتسم: لا…
لجين بعصبية: أخرج… أخرج أشوف…
رمته بالمخاد أول ومسكهن…بعدها بالكتاب…ومسكه… وتوها بترمي الموبايل وكان هو
جنبها…يمسك بيدها…
جلند بنرفزة: لجين؟؟؟ اسمعي إذا كسرتي الموبايل ما راح أشتري لك واحد ثاني…
حست كأنها طفلة ويهددها أبوها… عصبت ورمت الموبايل على السرير…
صرخت بقهر: أكرررررررررررررررررررررررهك…أكررررررررررررررررره ك…
جلند بحلاوة: هه… وأنا أحبك…وأمووووووووت فيك…
سكتت مرة وحدة…وناظرت فيه بشك… وكانت ضحكته هي إلي خلتها تتأكد إنه يضحك عليها …
ما أتوب أنا؟! ما أتوب؟! هذي المرة الثانية إلي أطيح نفسي بهالكلام الغبي…
همست: قليل الأدب…ما تستحي… ومغرور …
قاطعها وهو يوقفها على رجولها ويضحك أكثر…
جلند: معليه مقبوله منك… بمشيها لك…بس إذا سمعتها مرة ثانية تحملي إلي يجيك…
صارت تحاول تسحب يدها منه… وهو ما تحرك منه شعره…
لجين: بذبحك…بيكون ذبحك على يدي…
حنى راسه وصار خشمه على خشمها… وبنعوووومة همس…
جلند بجرأة: على قلبي أحلى من العسل…
صار تنفسها سريع… وهي تحاول تضبط دقات قلبها المجنونة… ارتجفت شفايفها وما قدرت ترد
عليه بكلمة… تحس بأحساس حلوه وتكره تعترف لنفسها إنها تكن له شعور فقلبها… بس
تكابر…وتذكر نفسها بالتحدي إلي رسمته لنفسها…لما اكتفى من بعثرت بقايا عقلها …رفع راسه
وشد عليها علشان يطلعون…
جلند: تعالي ننزل تحت… عندك أمتحان بكرة… جيبي كتبك معك…
لجين: لا…
رفع حواجبه وقال يتأكد: نعم؟؟
لجين: لا… لا… لا…
عض على شفايفه وقال بابتسامة ماكرة: أمممم…عندك أفكار ثانية؟؟ والله أنا اليوم كلي لك…
ارتجفت وقفزت تشيل كتبها… وتهرب لباب الغرفة…
لجين بربكة: خلاااص بذاكر… بذااكر… أعرفك بطفرني…
جلند ضحك وهو يتبعها: ه…
لقوا طلال طالع لهم وهو بالدرج… ناظر أخته إلي كانت محمرة ومقهورة… مشى قدامهم للصالة
وهو ساكت… كان محمد جالس يناظر التلفزيون… وطلال جلس يشغل نفسه بالجريدة بكتاب أو
أي ورق قدامه… المهم يدس أنفه بالكتاب… لأنه من يوم ما تهاد مع أبوه علشان نشوى… صار
قليل كلام ومتباعد… شاف لجين جلست على كنبة طويلة وفتحت كتابها… جلس جلند جنبها…
همس حتى ما يسمعوه طلال ومحمد: أممم…تبين مساعدة؟؟
لجين: لا…لا… بس وخر…خليني أذاكر…
جلند باستنكار: ذاكري …حد ماسكك؟؟
همست من بين أسنانها: والله… والله إذا ما جبت درجة زيينه فالإمتحان… ما تلوم إلا نفسك…
وخر…
كانت ردة فعله إنه ضحك وتم بمكانه وقال: لا… على قولتك “مو موخر”… يلااا ذاكري… طلال
يناظرنا بعيون حادة…
همست لجين: تصرفاتك الشاذة… كأننا مالكين من سنتين… مو من أمس بس…
ضحك جلند وقال: عادي… ناظري خالي محمد… أحسه عادي ما يشوفني زودتها…
لجين: إلا زودتها… أبعد… أبعد وخليني أذاكر…
ضحك وما رد عليها… يدري يضغط عليها…صحيح… نفسها عزيزة عليها…ما ترضى ترضخ
لأحد… وهو متأكد إنها تهتم فيه إذا ما تحبه… بس يحتاج للوقت حتى تحبه مثل ما يحبها… آآه
يحبها… ويعشق كل شي فيها… يدري إنها طفلة فذاتها… ويحب شقاوتها… وبكذا عاهد نفسه
يحميها… ويهتم فيها.. ويتحمل كل كلمة جارحة منها…
(بعد يومين…)
وليد جهز قبل يومين عزومة أو صدقة بما معناها… وهذا بسبب شفى أبوه خالد… عزم كل أهله
وعائلته… وكل الضباط معاه بالعمل… وهذا غير معارفه وجيرانه… لبس ثوبه وقبل لا يلبس
مصره… خرج من غرفة الملابس لأنه سمع صوت تكسير… شاف الخنساء واقفة على جنب وهي
ماسكة دميتها… كانت تناظر زجاجة عطر تكسرت وتناثرت فالمكان… رفعت أنظارها له وأشرت
على الزجاج…
همست بخوف: هي… كذا… طاحت… أنا… طاحت… وحدها…
شاف الخوف بعيونها… أستغرب لحركتها… حاول يهديها… قرب منها…
وقال: مو مشكلة… أبعدي…
ناظرت الخنساء للزجاج المكسور… وكأنها حست بالذنب لأنها السبب… نزلت بكل عفوية على
الزجاج وصارت تلمه… ما كانت أبد مهتمه بالزجاج إلي يخدش ركبتها… وصل لها وليد بلحظة
ومسكها من كتفها وبعدها عن الزجاج…
قالها بصوت معصب شوي: الخنساء… مو قلت لك أبعدي؟!
وناظر ركبتها المخدوشة… وهمس بألم: ركبتك أنخدشت…
الخنساء كانت تركز على ملامحه المتضايقة… تضايقت بالمرة وزعلت لأنها السبب بزعله وضيقة…
جلسها عالسرير…
قال: لا تتحركي… بروح أجيب معقم وستيكر…
وهو راح من هنا الخنساء ناظرت الزجاج المكسور بذنب… رجع وليد للغرفة وعقم خدوش
ركبتها… وقام بيروح لكن الخنساء مسكت يده… ناظرها حيران ورجع جلس جنبها…
تكلمت الخنساء بتقطع: عطر وليد… الخنساء تحبها… أبي شوي… بس هي طاحت… طاحت
وحدها…
ناظرها وليد لحظات… ومد يده لخدها…
همس بصوت متأمل: ليش تحبين عطري؟! عطر وليد؟!
ارتخت ملامح الخنساء الزعلانه وبدت تحس بالراحة… لأنه مو متضايق وزعلان…
قالت تبتسم بكل حلاوة وعفوية: لأن… خالد… يحب… عطر بابا…
التوت ملامح وليد للعبوس… كل ماله يبي يحصل جواب يدل على إن الخنساء القديمة بترجع… أو
يبي بس لمحة ترجع له الأمل… يتفاجأ بالخنساء تطعنه بأجوبتها إلي جايه من عالم بعيد…
بعييييد عن عالمه… تنهد وسند جبينه ليده فترة… والخنساء رجعت تناظره تتسائل عن سبب
هالضيق… وقف وليد بسرعة وهو خايب الأمل… نظف المكان من الزجاج ورجع شايل مصره من
كتوفه… وبدا يلفه بطريقة آليه وماهرة حوالين كمته… ونساها… نسى الخنساء وهو فعالم ثاني
شارد يفكر بمخططات وأوراق تروح وتجي بباله…
الخنساء جلست بعيد تناظره بعيون وسيعه… هي السبب فضيقه… إلحين بس تأكدت… ويمكن كانت
كذا من قبل… بس…
..
“حاولت أنزع فيك هالقسوة لكن مادريت إن ذاتك أنزرعت من جذورها بهالقسوة…وتذكري
فالأخير إن جزاك يا أمي عند رب العالمين…”
“تذكر إنك مو بمهمة عمل… أنت مو سجاني حتى تأمرني وتصرخ علي…”
“ما عدت بحاجة حتى أذكر كلمة “أمي” بقاموسي … لأنك ما قد هالكلمة بالنسبة لي… تطمني أنا
تزوجت… تزوجت مغصوبة… وبكذا أنتي مو ملزومة فيني… لكن تذكري إني… حملتك مقدار كل
دمعة تنزل مني… وهي على رقبتك ليوم الدين… موتي قريب… قريب بشكل ما تتوقعين…
وأنتي إلي بتمشين على نعشي… أفرحي… وأستبشري… لأن وليد بدا بكل جهل…
يـــغـــسلنـــي”
“مشيت مثل المجنونة حوالين البيت أحاول ادور على مدخل وأنا حافية… بس الأبواب كلها
متسكرة… ما راح أستسلم هالبيت فيه ريحة أبوي…”
” أرجوكم… أرجوكم إلا وليد… سوا فيني إلي تبون ما عدا ترموني على هالوليد… أكرهه…
إهاناته مثل فحيح الأفعى… وإتهاماته مثل لسعة العقرب… أكرهه… ”
“زواجي منك ما كانت رغبة فيك… وحطي فبالك إني داري عن أخلاقك الوسخة…أنتي مجرد
مسؤولية من عمي المرحوم لا أكثر ولا أقل….”
“بكيت لأن تأكد لي إلحين إني وحيدة…إني بلا سند…بكيت لأن عزتي وشموخي أنجرحت وأندمت
بكل قسوة… وبكيت لأول مرة إني عاجزة لأني خرساء…”
“وتكورت على نفسي… أعذب نفسي بإهانات وليد … انتفضت من البرد… أحس ببرد
بأطرافي…أحس بأحاسيس مو المفروض أحس بها…”
” أنا مو جارية عندك …إذا قلت لي إرمي نفسك فالنار أرميها…”
“أنت صممت قناعاتك… ورسمت مصيري معك… نخوتك… شموخك… شهامتك… كل هالمعاني هي
السبب بهالمعمعة إلي إحنا فيها… أنت بقسوتك وسخريتك وإهاناتك… قتلت المشاعر إلي أنذبحت
وأندمت… وصدقني… صدقني إن مصير ي عندك هو الفناء…غسلتني وأنتهيت… وأنت على أستعداد
بابتسامة تترتعش لها الشفاه حتى تكفني… تــــكــــــــــفـــنــي… تـــكـــــــفـــنــي يا
وليد…”
..
نزلت راسها ليدها وضغطت عليها بكل قوة… بكل قوة تحاول تهدي العواصف إلي تتدفق براسها…
دمعت عينها من الألم ونزلت عيونها لحضنها… ناظرت الدمية… ناظرتها بكل حنية… نست ألمها
بكل سهولة وهي تبوس الدمية… وتولي جل إهتمامها لخالد… خالد الوهمي… إلي هو بس محتاج
لها…
.
هدى: الله يخيك لجين أطلعي للخنساء… أختاري لها لبسة وأهتمي فيها… قبل شوي وليد نازل…
ابتسمت لجين وهدى تهمس لها وهم بالمطبخ… حتى ما يسمعوها الجارات إلي كانوا يساعدونهم
فالقهوة والشيل وغيره… طلعت لجين بهدوء وهي تفكر إنها غلطت أكبر غلطة لما وافقت تسوي
الملكة والخنساء ما زالت على حالها… بس لأن حالة الخنساء ما تبشر بالخير كان الحال مفقود
الأمل…
كانت تمشي وهي تفكر… ما أنتبهت للشخص إلي صدمها… أو صدمته… ما فرقت إلا لما رفعت
راسها وشافت جلند يوازن طولها حتى لا تطيح…
بالمرة لجين شالت يده ورمتها عجنب… وبانت العصبية فوجهها…
همست بعصبية: هيييي أنت ما تستحي… وإلا مو قادر على فرقاي جاي تحضني قدام العالم
والناس؟!
أنفجر جلند بالضحك: … وإنتي الصادقة يا حبيبتي مو قادر على فرقاك…
شهقت لجرأته وهمست: صدق ما تستحي…
ابتسم بخطورة: والله لجين صرت أكره كلمة “ما تستحي”… تصوريني كأني منزوع الحياء… وعاد
إذا سمعتها منك مرة تحمليني عندها…
لجين ما أعطت كلامه أي إهتمام: أنت ما تخوفني بتهديدك…
جلند يناظرها بمكر ويبتسم: أكيد؟؟
بغيظ كملت… وهي طبعاً مترددة: أيوه…
وزادت بقهر وهي تلوي شفايفها: يلي ما تستحي…
ما حست إلا وهي مثبته على الجدار… وجلند مكتف يدها… يبتسم بشرررر…
جلند يقلب عيونه: صحيح؟؟
خافت بجد… جرأته تفوق الوصف…وهي ما قدها…
لجين بخوف: لا…لا… أنا غلطانة وحقك علي…
جلند إبتسم بانتصار: متأكدة؟؟
لجين بقهر: أيوه…أيوه…متأكدة…
سكت جلند… ورجع يقول فجأة: يلا أريدك تراضيني…
فتحت عيونها على وسعها: شو؟؟
رص على كلماته: تـ..را..ضيـ…ني…
لجين بدون مبالاة تحاول تفلت منه عن يشوفهم أحد: بشو؟؟
قرب خده منها: أممم تكفي بوسة…
شهقت: يلي ما تـ….
خلى يده على شفتها يقاطعها… وابتسم: رجعنا؟؟
نفضت يده عنها… وخلتها على كتوفه …ودفعته عنها… تركها بإرادته… فنسلت من بين يده …
وشردت…
جلند ضحك بحلاوة: ههههههههه… تعالي… وين رايحة؟؟
لجين ووجها محمر: الخنساء… تنتظرني… بعد عني يلي…
ومشت شوي وهمست قبل لا تطلع الدرج بكل تمرد: يلي ما تستحي…
وتركته وهي تشوفه أسند ظهره للجدار ويضحك… وقلبها طبووول… طبووول من المشاعر إلي
أختلطت ببعضها… ما تدري هو شو يحاول يثبت لها بالضبط؟!
كانت الخنساء مستانسة وهي تسمع مزون ومازن إلي كانوا يسولفوا لها عند باب المطبخ… طبعاً ما
يقدروا يبعدوا أكثر لأن الحوش الأمامي والمجلس الخارجي متروس رجاجيل… أما الصالة
والمجالس فتضج بالحريم… سمع مازن صوت جلند ينادي عليه… وقف وطلع للحوش…
أما مزون فقالت: الخنساء… أقولك… تعالي نروح المسبح… تعرفي اليوم وليد مشغل كل اللمبات
بالبيت… والمسبح طالع روووعة… مازن خبرني…
قالت الخنساء وكأنها تفكر: بس ماما هدى… قالت… لا حوش…
مزون بلحظة تمرد: يوووه ماما دائماً تقول كذا… يلاااا خلينا نروح ونرجع بسرعة…
وقفت الخنساء بسرعة… أعجبتها الفكرة لأنها تبي تخرج من هالأجواء المزحومة… عدلت
تنورتها المفروشة البنية وقميصها البيج والحزام إلي معطنها ذوق عالي… لفت شيلتها بعد ما أمنت
دميتها لمزون… ومشت وراها للمسبح… قعدوا عشر دقايق يناظروا المكان… كانت أصوات الضجة
تجيهم مثل الهمس… والخنساء نست نفسها وأنكبت تحضن خالد وتهمس له…
سمعوا وقتها صوت مازن ينادي على مزون: مزوووون… وينك؟! تعالي بابا يريدك…
مزون بلحظة تناست الخنساء وتقافزت لمازن إلي كان معصب إنها ما تجاوبه… وراحت وراه… أما
الخنساء فتنهدت لحظات ولفت تبي ترجع للمطبخ… إلا إنها سمعت صوت وليد… صوته دوم يبث
فيها الأمان… لفت تدور عليه… وما حصلت نفسها إلا وهو مواجهة لوليد وشاب يعادل سن وليد
وكان هذا بدر… ما كانوا ملاحظينها لأن وليد كان معطنها ظهره وبدر مواجه له بس وليد مغطي
عليه…
بدر: ومن متى هالكلام صار يا وليد؟! أنا ما قلت ما تسوي أي شيء بدون إستشارتي؟!…
وليد: مجرد بحث يا بدر…
بدر بعصبية: بحث بسجلات وبيانات قانونية… ما يحـ…
قاطعه وليد بجمود: أنت أدرى إني ما بوقف ساكن وأنتو لحد إلحين مو قادرين تحددوا مكانه…
بدر بتنهيدة: تدري إننا راقبنا… قلبنا شقته فوق تحت حتى نقدر نحدد وين بالضبط يختبي
هالإنسان… بس طلع مو هين… لأسابيع مختفي بس صدقني بالنهاية بيطلع…
وليد قاطعه هالمرة بإنفعال: مو هين… غبي… متخلف… مجرم… ما يهمني أنا… مستحيل أنتظر
طلوعه من وين متخبي مثل الفار… أنا بنفسي إلي راح اوصل له…
وصرخ على بدر بإنفعال أكبر وأكبر: وأنا أنا يا بدر إلي راح أخذ بثأر ولد وزوجتي… أنا…
وأنت ما تقدر تمنعني…
مسكه بدر بعصبية تعادل عصبيته: وليد… أنت صديقي… أخوي… أخوي قبل لا تكون صديقي…
أخوي إلي ما أرضى إنه يرمي نفسه بالمشاكل و…
قاطعه وليد بصراخ خشن وهو يضحك: ههههه… بدر أنا… أنا تخاف علي من هالمجرم؟! ما تدري
إني بشغلي عايش المخاطر؟! وما فرقت… ما فرقت أبد…
وسحب يد بدر منه ورماها وهو يقول بقهر: إلا لا… فرقت… فرقت إن هذي زوجتي…
وولدي… ولدي خالد… إلي مات… مات وترك أمه هايمة بدنيا غريبة…
كان بدر يبي يرد عليه لو إنه لف على جنب وطاحت عينه عالخنساء… ما كان يعرفها فسكت
وناظر وليد وبعينه سؤال من تكون هذي حتى تتجول بالبيت وتتسمع لهم؟!… وليد أول ما شاف
عيون بدر عليه وعلى وراه لف يشوف الخنساء واقفة وهي تمسك بدميتها خالد…
ومثل أي شاب عنده نخوة مشى وليد مدهوش للخنساء…
سألها بالهمس: شو تسوين هنا؟!
الخنساء بتقطيع وهي تناظره وكلها خوف لأن ملامحه ماتبشر بالخير: أنت… أنا… عند مسبح…
سمعت أنت… أبي…
وسكتت لما امتدت يد وليد لزندها وسحبها شوي وهو يقول: تعالي… أرجعك داخل البيت…
كان مقهور ومو حاس بتصرفاته وسحبها شوي بمفاجأة حتى إن دميتها طاحت من يديها… وقفت
فجأة وسحبت يدها…
رجعت لوراها وهي تشهق: لاااا… خالد… ولدي… طاح…
ومسكت بالدمية كأنها تحس بألمه… ناظرت وليد وهي عتبانه… ما كان همها العصبية والغضب
على ملامحه…
قالت بزعل: أنت… طيحت خالد… خالد يصيح… أنت ما تعرف؟!
وصارت تبوس خالد وتهدهده بكلمات حلوة… وليد حس بالخجل لأن بدر كان متابع لكل الموقف
رغم إنه بعد عنهم… رجع وليد بدون شعور ومسكها يبي يدخلها داخل… وهالمرة بعنف…
صرخت الخنساء وهي تدفع يدها عنها: آآآآآييي… عورتني…
رجعت وراها بعناد وهي ترفض تتحرك وراه… عرف وليد إنها بتعانده إذا أستمر بهالأسلوب
معها…
قال بكل هدوء قدر عليه لو إن صوته مازال جامد وبارد: الخنساء… تعالي… ندخل… الدنيا
برد وأنتي ما راح تستحملي هالجو…
ناظرته الخنساء… كان صح تحس شوي برد… مشت شوي معه بس كأنها تذكرت ولفت لوراها…
أشرت على بدر وقالت فجأة: وهو… ليش… أنت هنا… برد… أدخل داخل…
بدر تحمرت خدوده ونزل راسه طول الوقت عيونه كانت تجوب بعيد عنهم… بس يسمع صوتهم
وكلامهم… وتأكد وقتها كثر المعاناة إلي عايشها وليد… وليد ما قدر يستحمل ومسكها أكثر
وضغط عليها بعنف… يدري مو قصدها… بس… بس…
وصلوا عند المطبخ… الخنساء من ألم يدها دمعت عينها وهي تحاول تفلت من بين يديه…
الخنساء بتمرد باين على وجهها: آآآيييي… يدي…
تركها وليد وقال بعصبية: الخنساء أنا مو قلت لك من قبل… الحوش ما تجينه؟!
الخنساء قالت بعناد: أيوه… بس أنا مسبح… كنت أبي… أشوفه…
خفت حدة وليد… ما قدر يلبس قناع الغضب وهالبراءة كتاب يقراه بعيون الخنساء… تراجع
وتركها بدون كلمة إضافيه… أما الخنساء فاهتزت شفايفها… عصبيته تألمها… ما تدري ليش
كانت مرة تخاف من عصبيته… وليش كانت سبب فآلامها…
..
” شعور غريب أنتابني وأنا أحس بيده القاسية تمتد لطرحتي وتنزلها… شعور غريب أنتابني وأنا
احس بنظرته مشتته والدنيا صارت خرسا… ”
” إنت يا وليد جرحت المشاعر وأدميتها… وأنا ما عاد فيني شعور طيب إتجاهك… الكره هو إلي
يسري فشراييني…وأنا أدري إني ألعب بالنار…”
“وأنا …أنا مسحيل أتعايش مع هذا الشيء… مستحيل… مستحيل…”
“أدري عن لعبتك التافه هذي… لكن إنتي سألتي نفسك إنك قدها هاللعبة أو لا؟؟؟”
“أكرهك… أكرهك… أتركني… إنت ناسي إن الدم إلي يسريي فشراييني دم أمي؟! ”
“ما زلت عايف المستعمل… عايفه… بس… والله لذوقك من القهر إلي يسري فيني… من ألم
الشرف المطعون إلي راح يحرق صدرك…”
” بنظرة غضب مكتوم…مسك كتوفي بإيد شرسة… يهز فيني… روح من الضيم
تداعت…وتجرد… من قيم…دعوها فسالف الزمن… بالأخلاق… وأتخذ… من العنف… صديق…
ضيفه …وأضافه… في قاموسه…”
” بكيت …على جنين … يدعوه بالمشاعر …بأكثر الأساليب قسوة… جهض… و توسلت له …
يرأف…بمخلوق…هو يتيم…قبل كونه…وحيد …
لكن وليد صم أذنه الغضب… وعمى عينه القهر… وأخرست فمه الإهانات…”
“ظلم… ليلة سودا… وحيرة… وندم على تسرع… وعيون دامية…”
“عيووون داميــــة… داميـــــة”…….
..
حست بألم… هالمرة كان يزيد ويزيد… هالمرة غير… غير عن كل المرات… غير عن كل
المرت… صارت تدور بكل جنون حوالين نفسها لحد ما أرتمت على الأرض… مشت تتسحب للجدار
تستند عليه… كان المكان هادي بشكل غريب… تشبثت بالدمية وحضنتها تستمد طاقتها منها…
من حبها لخالد… ونست نفسها لحظات…
ركضت مزون وتخطت الخنساء إلي كانت تستند عالجدار… قامت تلتفت يمين ويسار تدور عليها…
ولما طاحت عينها على جنب مظلم والخنساء كانت فيه تبكي بصمت… كانت الخنساء تعيد المشهد إلي
كان فيه وليد معصب… ما تدري ليش تحس بالألم لهالنظرة الحزينة والعصبية؟!…
قربت مزون وهي تقول: يووووووه الخنساء شو يجلسك هنا… تعالي… تعالي…
الخنساء مسحت دموعها وناظرت مزون… مزون أول ما شافت الدموع…
قالت بعبوس: ليش تبكين؟!
ولما تذكرت إنها خلتها قبل لوحدها… أعتذرت ببراءة: آسفة… آسفة الخنساء خليتك وحدك…
نسيتك… مازن كان…
وكأنها تذكرت وتداركت الكلام إلي كانت تبي تقوله قالت بلهفة: الخنساء… تعالي… تعالي… ما
راح تصدقي من جاي…
مسكت يد الخنساء تحاول تسحبها لداخل: مفاجأة… بابا قال لمازن ومازن قالي مفاجأة…
مفاجأة لك يا الخنساء…
وبعدها ضحكت بكل حلاوة وهي متحمسة: بس أنا بقولك… بابا قال خلي الخنساء تجي علشان يسوا
المفاجأة لك… بس أنا بقولك… علاء وعماد وطارق وليلى وصلوا من صحار إلحين… تعالي…
تعالي… شوفيهم…
وكانت تسحبها بكل لهفة… وصلوا للصالة وراحوا لمجلس الرجال الداخلي إلي كان فاضي من
الحريم… ما فيه إلا سيف وخالد وهدى وأخوة الخنساء ونورة أمهم… الخنساء وقفت عند
العتبة… ما تدري ليش لما إنحطت عينها على الأولاد أهتز شيء بداخلها… بس أغلقت تفكيرها وهي
تتشبث بالدمية… سحبتها مزون لداخل أكثر…
مزون: تعااااالي… تعااااالي…
وبلحظة… بلحظة قفز علاء… وبدون أي كلمة من الجالسين… راح لها ولف يده حوالينها وشدها
لحضنه…
همس وهو يبكي: الخنساء… كيف حالك يالخنساء؟! أشتقتلك… أشتقتلك…
وعماد وطارق بالمثل قربوا منهم ولموها لدائرة حضنهم… الخنساء كانت جامدة وهي تتلقهى
هالترحيب… رفعت أنظارها لخالد وسيف بنظرة حايرة…
خالد قال بكل حنية: الخنساء… يا بنتي هذولا أخوانك… ما تذكريهم؟!
ناظرتهم الخنساء تتفحصهم… ورجعت تناظر عمها وهي تهز راسها بلا… جلسوها أخوانها جنبهم
وهم يحكوا لها… وكل هذا ونورة ساكته ومو مبين من ملامحها أي شيء…
سألت الخنساء فجأة: أنت من؟!
وهي تسأل علاء… ورجعت تأشر عليهم واحد واحد: وأنت؟! وأنت؟! وآآآه هذي… بعد من؟!
قام سيف وعرفها عليهم بكل صبر…
الخنساء قالتها بعدها بحلاوة: أنا الخنساء… وهذا… ولدي… خالد…
وأشرت على الدمية بيدها…
قالت لطارق إلي كان قريب منها وإلي كان يناظر الدمية بحيرة… هو الطفل إلي الموقف كان
بالنسبة له شاذ كيف لنورة إلي رفعت أنظارها للدمية وترفعها للخنساء إلي مشغولة بهددة خالد
الوهمي…
ضحكت الخنساء شوي بخفوت وقالت بحلاوة وحنان: هو شوي يصيح… بس خلاص… هو يحب ماما…
يسكت… ينام…
تجرع علاء ريقه… حس بألم… ألم ينغرز بقلبه… مسك يد الخنساء…
قال برجفة: الخنساء… هذا… هذا…
وما قدر يكمل… الخنساء ناظرته أول بعيون وسيعة متخوفة بس بعدها رجعت تحكي لهم بسوالف
والله إنها لتقتل الواحد من الضحك بس… الوصف إلي ساد المكان ما كان إلا إنه ساكن… ساكن
وهادئ ومميت بشكل مؤلم…
وقف سيف يقول: وين وليد يا مزون؟! مو قلت لك ناديه…
مزون قالت: بااااابا كله أنا…انا… مازن راح يناديه…
الخنساء تذكرت وليد لحظة بعدها قالت بعبوس: كان عند مسبح… بس هو عصب… زعل…
الخنساء عند مسبح… خلاص أنا ما أحبه… هو عصب طيح خالد…
ما أهتمت أحد يفهمها أو يجاوبها لأنها لفت على الطفلة ليلى بين يدين أمها… مشت لها وابتسمت
للطفلة… ناظرت نورة وإلي لحد إلحين مو مصدقة أبد إن هذي إلي واقفة قدامها هي الخنساء…
الخنساء مسكت يد ليلى وضحكت: الله… ما شاء الله حلووووه…
وقرصت خدودها بكل رقة وهي تضحك لها… ومدت يدها لنورة وهي تراويها خالد…
الخنساء: وهذا خالد… ولدي أنا… حلو صح؟!
نورة بدون ما تحس شفايفها رجفت وهي تناظر الدمية بيد الخنساء وكلها توتر… قالوا لها
البنت جنت ومرضت… بس ما توقعت تستقبلها بنت زوجها المتوفى بهالإستقبال… هزت راسها
تتجرع ريقها تفهمها إنها فهمت… جلست الخنساء جنبها وصارت بشكل غريب عن أهلها تسولف
لنورة… مرة تضحك ومرة تعبس… ومرة تبوس ليلى بوسة خاطفة… ومرة تسأل أسئلة متابعة
وطويلة لنورة… نورة تضطر تجاوب عنها بإختصار وتوتر…
دخل وقتها وليد وهو وجه متوتر… سلم عالأولاد بكل حرارة… رغم كل شيء يبقون أولاد
عمه… أخوان الخنساء حبيبته… وريحة عمه الراحل… ناظر نورة وسلم عليها وعلى ليلى… أما
الخنساء تحاشت تناظره…
وليد قال برقة للخنساء وهو ناسي عصبيته من قبل: الخنساء… تذكرين علاء… عماد وطارق…
وليلى؟!
ما جاوبته الخنساء وعبست فوجهه وبصورة عفوية لفت يدها على يد نورة وتشبثت فيها… وكان
رد نورة إنها إرتجفت…
قالت الخنساء بزعل: لا تكلم الخنساء… ما أبي…
وليد متفاجأ: ليش؟!
الخنساء: أنت عورتني… طيحت خالد…
وليد حاول يعتذر: أنا… آسفة الخنساء… ما دريت…
هزت الخنساء راسها بعناد وحطت يدها على أذنها كأنها تقوله ” أنا ما أسمعك”…
ولفت لنورة قالت لها بكل رجاء وبراءة: قولي وليد أبعد… خلاص… خنساء تحبه لا… خالد
بعد…
ارتجفت شفايف نورة وجمدت مكانها ما تدري شو تقول… الخنساء شجعتها تجاوب…
نورة قالت بتوتر وكأنها تساير الخنساء: خلاص وليد… خلـ… خليها على راحتها…
مافي أحد كان متاكد إن هذي هي نورة إلي تتكلم… وليد ناظر الخنساء لحظات طويلة وبعدها
تنهد وبعد… أما الخنساء فبالسريع خطفت لحظة من الزمن… طبعت بوسة على خد نورة… وإلي
حمرت بقوة… أبد أبد بحياتها ما توقعت هالشيء راح يصير لها… ومن منو؟! من الخنساء…
الخرسا… أو إلي كانت خرسا… من بنت زوجها…
قالت الخنساء بهمس متقطع: شكــ…ـراً… أحبك… أنا…
ما ردت عليها نورة لأنها كانت فحالة من الإضطراب… ورجعت الخنساء تسولف لها…
.
.
ثقلت عيون الخنساء ووقفت تبي تطلع تنام… خلاص التعب أثقل حركتها… مشت للصالة وراحت
المطبخ تبي تشرب ماي… سمعت صوت مألوف لها… رجعت تناظر من باب المطبخ إلي يوصل
للمسبح… وعرفت بدر وهو يتكلم بالموبايل… ناظرته لحظة كأنها تفكر بوليد… وأتخذت
قراراها… مشت له وهو توه مسكر موبايله ومدخله بثوبه…
وقف جامد لما شافها واقفة قدامه ماسكه بدميتها…
قالت الخنساء بتردد: أنت… ليش… عصبت… وليد؟!
بدر ما رد… ما عرف شو يقول…
الخنساء تقول بعبوس: وليد عصب… أنا… لأن أنت… عصبت وليد…
ولما شافته بعد يتكلم ضربت رجلها على الأرض بقهر… خلت عيون بدر تنفتح بحيره…
الخنساء صرخت بقهر: لا تعصب وليد…
وردت تأشر بإبهامها وتهدده: لا تعصب وليد… فاهم؟!
بدر حس بالشفقة عليها…
قال بكل هدوء: إن شاء الله ما بعصب بوليد…
الخنساء بتهديد أكبر: ولا تزعل… وليد…
هز بدر راسه بإن شاء الله… ورفع عيونه وطاحت فجأة على طيف كان يقرب منهم… كان وليد
يرتجف من المشاعر… مشاعر الغيرة إلي نهشت صدره…
قرب وليد من الخنساء وضغط بقوة على كتوف الخنساء وقال بعصبية: شو تسوين… هنا؟!
ولف لبدر وقال من بين أسنانه: بدر…
بدر تكلم ببرود لما شاف العتب بعيون وليد: لا تقول حاجة يا وليد… داري زوجتك وحتى وهي
بدون وعيها أنت بعرش قلبها متربع…
ولف تاركهم… وليد بدون ما يدري زاد ضغط على كتف الخنساء… وشدها له وهو يرتجف من
الغيرة…
همس لها: أنا مو قلت الحوش ما تجينه؟! شو قلتي لبدر؟!
الخنساء أرتجفت بين يديه… أول مرة يعاملها بهالطريقة… أو لا عاملها من قبل بطريقة أزفت
من هذي وندم… أيوه… ندم على كل لحظة…
..
“آآآآآه يا الخنساء… أرجوك أسمعيني… أسمعيني…سامحيني… ولا تعذبيني أكثر من كذا… كل
ثانية وكل لحظة… أحس إني خنت عمي… خنته وهو إلي أمني عليك… أرجوووك …
أرجوووك… سامحيني… سامحيني…”
” قولي إنك سامحتيني… سامحتيني على كل شيء… قوليها… ما عدت قادر يالخنساء… ما عادت
تكفيني الكلمات…”
“ما كفاك… حتى… بكل… نفس… باردة… تداويني…؟!؟!”
” أعيدها لك… أعيدها إني غلطان وأعترف… وما أطلب منك إلا السماح… سامحيني يالخنساء
وريحيني…”
“لا تحاول… أنا ميته المشاعر وهمساتك هذي ما تنفعني… ”
“تبيني أسولف لك بشو؟! بحركات يدي إلي تعتبرها عمتي مجنونة…؟! روح لنشوى وبتسولف لك
بلسانها… وبلاش تبتلش بخرساء… ”
“ما أبي إلا تمنحيني فرصة… نقدر فيها نبدا من جديد… أعذري فيني القساوة والألم إلي شهدتيه
مني… أعذري فيني التسرع وأرحمي الندم إلي يسري فيني…أرجوك ما أبي منك إلا كلمة سامحتك
نابعة من هنا…”
“هنــ من ــــــــــا… هنا… هنا”
..
أرتعشت الخنساء بشكل غير طبيعي… ووليد أكيد وهو بحالته إنعمى من شوفة الخوف بعيونها…
والتعب يخدر أطرافها…
همس وليد بعصبية: جاوبيني يا الخنساء… شو كنتي تقولين لبدر؟!
الخنساء على ألم راسها رمت يده بطريقة عنيفة وشردت من بين يديه… تشبثت بخالد وتجاهلت
وليد ولفت تهرب منه…
مسكها وليد بقوة وهي معطته ظهرها: الخنساء…؟!
قاطعته الخنساء وهي تلف له وتضربه على صدره… صرخت: لا… يدي… بعد… أحبك أنا لا…
لا… لا… أنا أكرهك… أكرهك… أكرهك…
أرتجفت شفايف وليد ومسكها من زنودها… ضغط بكل قوة وهو ينحني لها… حتى إن الدمية خالد
طاحت عالأرض وهذا للمرة الثانية…
همس بقهر: لا إنتي ما تكرهيني… ما تكرهيني…
وهي تتابع خالد بين رجولها ساكن… صرخت بقهر وشهقت بألم… ضربته… شمخته… رفسته…
وكان مستحيل يتزعزع من مكانه… بالنهاية كان مستحيل تبقى على قوتها… أهتزت وبكت…
وليد أول ما شاف دموعها تنزل… ندم… ندم على كل إلي سواه… وإلي ما سواه… وشدها له
لحضنه يطمنها… يحاول يهديها وينسيها ويغافلها عن تصرفه القاسي الهمجي… كان يحس بجسدها
الصغير يرتجف بين يديه… وندم أكثر وأكثر إن هو سبب بكاها…
وهو يحاول يطمنها تفاجأ فيها دفعته بكل قوه بلحظة غافلته فيها… تراجعت ومسكت الدمية
خالد…
صرخت بقوة: أكرهك… أكرهك… أنت… كنت أول… كذا… بعدين الخنساء حبيتها… بس كذبت
وكذبت…
ولفت تركض… وليد تركها لحظات يحاول يهدي من نفسه بالأول… وبعدها يروح لها
يلاطفها… يحاول يهديها… دخل من باب المطبخ وطلع للمجلس على طول…
الخنساء وقفت فالظلام وهي متخبية تشوف وليد يدخل المطبخ… وقفت تسكن نبضات قلبها
الجنونية…
ناظرت البوابة الخارجية… مشت لها… كان تفكيرها منصب على إن البعد عن غضبه وحزنه وقهره
وزعله هو منيتها بذاك الوقت… البعد أصبح رغبة تعتمل بقلبها… تبي تدور على مكان كان بعقلها
دوم يتربع… تدور على بيت صغير… بسيط… فيه غرفتين وصالة… مطبخ صغير وحوش
متوسط… بيت من الأحاسيس أنبنى… ومن العواصف أنهدم… بس وينه… وينه؟!
لفت الخنساء يمين يسار وهي توصل للبوابة الخارجية بعد ما أنسلت من عيون وليد… وقفت
تفكر… من هنا… أو من هنا… أو من هناك…؟! وبالنهاية قادتها رجولها وإلي أخذت القرار
والشور من خلفية عقلها النايم… وإلي فجأة إستيقظ لفكرة وصولها لهالبيت… لازم… لازم تروح
لهالبيت… كان هو فيه… كان هو إلي رباها وكبرها وما طالبها بشيء…
مسكت خالد بكل قوة تستمد شجاعتها منه… والظلام بدا يبلعها بكل بطء…
..
..]].. كنت محلم بغيرك
كنت مرضى بديلك
وكل ماتبعد اجيلك
واليوم لاماني اسيرك
..
كنت مالك محبتي
كنت اهلي وعزوتي
كنت تحلي دنيتي
بس البعد اصبح رغبتي
..
خلاص ابعد وانسى
لاتجبرني عليك اقسى
حياتي بعدك احلى
ارجوك ابعد وانسى..[[..
.{.منقول.}.