رواية عمانية احرف مطموره بين طيات الورق كاملة

((((((((((((((((((الفصل العاشر)))))))))))))))
~~لا تغمضي عين السنا..~~

أشعلت بي جمرة غلا في غيابك..تقسم شرف ما تنطفي وإنت غايب
الشمس شمسك وآخر الليل بابك..وأنا ما بين الشمس والليل ذايب
خذني سما خذني سطر في كتابك..إطعن ضلوعي بس نبقى حبايب
“مـ ــنــ ــقـــ ــو ل”
.
.
بكيت مثل الطفله أداري دمعتي بيدي… أمسحها وتنذرف بدلها دموع… أنتحبت وأنا أزيد تشبث
بحضنه… أحاول أستوعب كل جمله… كل كلمة… وكل حرف قاله… أرتوي بكل بطء من معاني
كلامه… ومن تعابير ملامحه…
ومن بين بكاي همس: أدري كلامي ما يوفي حق هالمشاعر إلي بقلبي… لكن أوعدك… أوعدك أكون
لك سند… أكون لك مصدر سعادة… الخنساء؟!…
سمعته يقول: يلاااا يالخنساء… أمسحي هالدموع وناظريني…
رفضت أنفذ أمره… ومسكت فيه أكثر…
رجع يهمس: يلاااا أرفعي عيونك…
هزيت راسي بلا… وغصب بعدني عنه ورفع وجهي… غمضت عيوني… من الخجل إلي بسببه
أرتعشت…
ضحك وهو يقول: ما دريت إنك خجولة هالكثر…
سمعته يتنهد بعد فترة ويقول: ها ما عندك كلام تقولينه؟! أشوف الركادة نزلت عليك مرة
وحدة…
فتحت عيني بسرعة وناظرته… ورجع يضحك بكل حيويه لأني إنحرجت من نظراته… وفهمت إنه
يبيني أناظره…
حاولت أبعد عنه لكن هو مسكني يقول: الخنساء.. ما عندك كلام تقولينه؟
رفعت وجهي وبعدت شوي وأنا أأشر بكل خجل: لا ما عندي…
رفع حاجب وقال: أكيد؟!!
هزيت راسي… ورجع يقول: أكيد… أكيد؟؟!
هزيت راسي مأكدة ورجعت وراي… عض على شفايفه ومشى للأوراق ولملمها… فاجأني لما ضرب
بالأوراق على الكومدينة…
أشرت برجفة: شو فيك؟!
ناظرني بنص عين ورد: ما تدرين؟! مقهووور…
فتحت عيوني على وسعها وأشرت: من شو؟!
تمدد وقال: منك يا زوجتي…
وشال الفرش وتغطى وهمس يقول وهو يتثاوب: بكرة بروح عند عمتي وبنتها…
ورفع راسه وناظرني يقول: صحيح لا تنسين تقوميني لصلاة الفجر…
ورجع يتغطى… كنت متسمرة بمكاني… لااااااااا… شو عمتي ونشوى؟!… بقهر مشيت له… وجلست
على حافة السرير… هزيت كتفه… لا…لا… هذا يتمازح معي… توه يقول يحبني شو يبي بعمته
وبنتها الظل؟!
تنحنح وهو يقول: شو فيك؟!
لفيت وجهه بعصبية وأنا أجبره يناظر إشاراتي: شو تبي بعمتي وبنتها؟!
رجع يغمض عينه يقول: إنتي أدرى…
هزيته وأشرت: شو تبي فيهم؟!
فتح عينه وقال بدون مبالاة: أدري فعمتي وبنتهاجاهزين يسمعوني إلي أبيه…
ناظرته بعصبية وكمل يقول وهو يحط عينه بعيني: أوكي… إنتي شو رايك فواحد زوجته تبخل
عليه بكلمتين حلويين…؟!
تجرعت ريقي وابتسم بشر وهو يلاحظ وجهي المتوتر…
كمل يقول:وخاصة بنتها نشوى… ما شاء الله عليها ترص الكلام بكل بساطة…
فتحت عيوني مدهوشة وبكل قهر ضربت صدره… تأوه ورجعت أضربه…
وأشرت: لااااااا والله… هذا إنت إلي فالح فيه… نشوى… نشوى… نشوى…
كان يكبت ضحكاته… أغتظت وأنا احس بدموعي جاهزة على جفوني…
أشرت بعصبية ويدي ترجف: يا ويلك… يا ويلك بس تطب رجولك بيت عمتي من دوني…
ما قدر يكبت أكثر وأنفجر يضحك… مسكني وهو يقول: يا حلوك وأنتي معصبة…
سكتنا لحظات ورجع يهمس بشجون: ليش تبخلينها علي؟! ليش تحرميني من هالكلمة؟! قوليها
يالخنساء حتى أتذوق معانيها… قوليها حتى أنعم بأحاسيسها… قوليها…
بعدت عنه شوي وأشرت: وليش تبيني أقولها؟! هذا ما خبرك شو هي حكايته؟!
وأشرت على قلبي… رفعت راسي وابتسمت … ودمعه ما قدرت أوقفها سالت بتمرد على خدي: هذا
يا وليد حكايته معقدة… حكايته إنه تمرد وعصى تعقلي… تمرد وطيحني بمشاعر غريبة…
مشاعر أبد فيوم ما أختبرتها مع أحد…
ومرت علينا لحظات السكون كانت أعظم من الكلام… كلام العيون كان أرقى كلام… وحركت
شفايفي… حركتها بكل بطء وبدون أي صوت إلا تأوهي… وتعلقت عيونه بشفايفي يفك رموز
هالكلمات ومعانيها…
نزلت راسي بكل خجل ودفنته بحضنه… أردد بشفايفي الكلمات إلي أنطبعت دوم بقلبي وبفكري…
أرددها ولسان حالي يصرخ فيه…
.
.
{{… حاولت أداري حرقة الشوق فيني…
..وأسكت عن أحساسي ولا قول مشتاق
لكن “شوقك” دايمآ يحتويني!!
ويفرض علي أبوح بكل الأشواق…
… لو بك شوق ولهفة حنيني,,
أنا بخفوقي
(نار)
ما عاد تنطاااق…
ما عاد تنطااااااااق…}}
“مـ ـنـ ـقـ ـو ل”…


الساعة 4 العصر…
طلب مني وليد أجلس مع جدتي بالبيت لأنه هو بيجيب عمي من المستشفى… كانوا هدى ولجين أول
الواصلين… وبعدها جُلند وطلال… جلسنا متجمعين بالصالة ننتظر وصول وليد وعمي سيف مع عمي
خالد…
أرتمى جُلند على الكنب وتأوه يقول: أخخخ نعسااان…
لف طلال له: ليش؟! أنت ما نمت الصباح والظهر؟!
جُلند: لا ما جاني نوم… وأمس لأن المكان مستشفى وغريب علي ما نمت إلا بعد صلاة الفجر…
وبعد نوم متقطع…
قالت هدى: أوكي قوم وروح غرفة الضيوف ريح لحد ما يوصلون…
هز راسه بلا: بنتظرهم…
وصلح جلسته لما دخلت لجين… مشت شوي وتخبت جنب جدتي وهدى…
ولاحظت وقتها نظرات جُلند إلي ما فاتتني وهي تلاحق لجين… وجلست لجين بكل هدوء وبدون
صوت غير عن عادتها…
جلسنا دقايق وسمعنا صوت الباب ينفتح… دخل عمي سيف وهو يسند عمي خالد… إلتمينا عليهم
وإحنا نتحمدله بالسلامة…بالبداية باس راس جدتي وهو يطمنها وهي تدعي له بالعافية…
تقول وعيونها تلمع: سلامتك من المرض والطيحات يا ولدي… هذي سوات قلة الأكل… الله يهديك
بس… الله يهديك… ما تشوف شر يا ولدي… اليوم أنا والشغالات محضريلك الأكل الزيين…
همس لها عمي وهو يضحك: يمه… هالطيحة مو من قلة الأكل و…
قاطعته وهي تهدد: لا وليد خبرني عن وش الأكل إلي زين لك ومو زين؟! وأنا بنفسي إلي
بطبخه…
باسها عمي على راسها وهو يقول: الله يخليك لي يا يمه…
وجا دوري بعد جدتي… حضنت عمي وأنا أبكي… ريحته من ريحة أبوي… ووجوده بلسم بحياتنا
أنا ووليد وجدتي…
قالي بإبتسامة شاحبة: كيفك يا بنتي؟!
أشرت: بخير… بخير… وأنت؟! وجهك شاحب…
ابتسم: أنا الحمدلله بخير وعافية ألم بسيط وبيروح…
سمعت لجين تقول وهي تنقر على كتفي: الخنساء كفاية أتركي خالي شوي…
ولما انسحبت أرتمت لجين عليه تبكي… ضحك عمي عليها وهي تشاهق…
هدهدها وهو يهمس: يلللاا يا لجين… وقفي بكى… ههههه كل هالبكى لي أنا؟!
همست وهي تشاهق: أيوه… أيوه… إذا صار لك شيء أنا بموت… أنا من لي غير خالي خالد؟!
ضحكنا عليها ودمعت عينا بنفس الوقت…
قال عمي سيف يضحك: وأنا يا لجينووووه مو مالي عينك؟!
مسحت لجين دموعها وهي تقول: أنت مالي عيون زوجتك بس خالي خالد ما يملي غير عيوني أنا…
رجعنا نضحك عليها بنفس الوقت دخل وليد ومعاه عمتي وبنتها نشوى…
قال: السلام عليكم…
اختفت إبتسامتي لما شفت ست الحسن والدلال… الإبتسامة شاقة وجهها من ذي الأذن لذي الأذن وهي
تتمخطر جنب وليد… سلمت على عمي بدون مبالاة… سبحان الله غير هالإنسانة… جلست جنب أمها
وهي تتدلع…
قالت وعيونها تتسمر على وليد: سلامتك يا خالي ما تشوف شر…
قال عمي يبتسم بضعف: الله يسلمك… الشر ما يجيك…
جلس وليد جنب جُلند وبدوا يتهامسون وأنا ركزت على الأخت نشوى وعمتي…
قالت عمتي: إيه والله قلبنا قفز من مكانه لما سمعنا إنك طحت عليهم…
ابتسم عمي مرة وهو يقول: الحمد لله ما فيني إلا العافية… كان ألم بسيط وراح…
قالت عمتي بصوت خفيف وهي تناظرني: ترى شو بيجي من هالإنسانة غير النكد؟!
ابتسمت لها فوجهها وعمي سيف يصرخ عليها: سلمممى خلك من هالكلام… وإلا…
قاطعته وهي تتأفأف: أووووف… ما قدرنا نقول حاجه غير قفز بوجهي… شو أنت محاميها؟!
عمي سيف بعصبية: إيوه… مو عاجبك؟!
إرتجفت بقهر وخاصة إنها تفشلت قدام أولادها… وشالت عمرها وقامت طالعة تكلم على قولتها
بالموبايل…
همست لي هدى: أخخخخ عرف سيف كيف يأدبها…
لكن أنا ما كنت منتبه لها كل تركيزي على الأخت إلي عيونها بطيح وهي تناظر وليد… لا إلا
هذي… كان نفسي أقوم وأمرر أظافري على وجهها بكل برود ولذة… بس جلست شوي وقمت فجأة
بعد ما طفح الكيل… كان وليد جالس وعلى يمينه جلند بكنبة لثلاث… وسع لي وهو يناظرني
جايه لعنده…
جلست ساكنه لحد ما جات عمتي وجلست… وبعدها تحركت وأنا أنقر على ركبة وليد… لف لي
وناظرني متساءل…
أشرت بدلع: وليد… مو وقته نبشر أهلنا؟!
ابتسم جلند وهو يناظرنا: هااااا… بشو تبشرونا؟!
قفزت هدى بالنص وهي تبتسم إبتسامة حلوه: إييييه والله صح تذكرت…
ناظرها جلند يقول: وأنت تدرين بالبشارة؟!
هزت راسها بحماس… قال طلال وهو يضحك: خلاص… خلاص عرفت… ما يبيلها تفكير…
قالت جدتي وهي شوي وتقفز: أنا عرفت وش هو… أكيييد حامل…
ضحكت بخجل وخاصة إن الكل ناظرني… شفت البسمة والفرحة ترتسم على عيونهم وشفايفهم إلا
ثنتين أصطملوا وسكتوا…
قال وليد يضحك بحلاوة: أيوووه يا جدتي… بيشرفنا طفل صغيرون أخيراً بهالبيت بعد 30
سنة…
هزت جدتي راسها وعيونها تلمع: إيه والله ياولدي… إشتقت لطفل يحبي ويتراكض بهالبيت…
ضحكت وأنا شوي وأبكي … ووقفت بنفس الوقت إلي وقف فيه وليد ورحنا لجدتي وحضناها وهي
تبكي…
قال وليد: يمه… وأخيراً تحققت منيتك… تبكين؟!
مسحت دموعها بطرف شيلتها وهي تقول: إيه والله أمنيتي أشوف ولادك قبل لا أفارق هالدنيا…
قال وليد: بعد عمر طويل يا يمه…
وأنتقلت لعمي خالد وهو يقول بكل فرحة: ليش ما خبرتوني بهالبشارة؟!
قال وليد: ههههه… وحدة وحدة يا أبوي…
شفت عمتي وبنتها يتهامسن وهن بعدهن مصدومات… وأبتسمت بكل برود وتريقة…
ما إهتميت وجاتني لجين وهي تقول: مبرووووووووووووك… إذا جات بنت سميها لجين… أوكي؟!
ضحكت وأنا أهز راسي بلا وأشرت: لا حبيبتي تبيني أسميها عليك وبتجي رجه مثلك؟!… لا بنتي إبيها
هادية…
ضحكت وهي تقول بغرور: يحصلها تكون مثلي… لا يا حبييتي ما بخليك… غصباً بتسمونها علي…
هزيت راسي بلا… وضحكت وهي تهمس: بنشووووف يالخنساء… والله بحش راس جدتي تسميها
علي…
ضحكت عليها وسكنت مرة وحدة خجل وانا أتلقى الإبتسامات والتبريكات من عمي سيف وطلال
وجلند…
طلال: إية ولله وكبرنا… أقول الخنساء… إذا جا ولد سميه علي…
قال وليد: هالي ناقص؟!
ضحكنا عليهم… قال طلال: أخخخخ… تحطيم من البداية يا ولد الخال؟!
قال وليد يضحك: أكيد… وشو أنا مجنون أسمي ولدي بأسمك… عز الله عيل بيركد هالبيت إذا طلع
عليك… أبيه على أسم أبوي… خالد بن وليد… مو أسم كشخة؟!
قال عمي سيف يجرب: فكر بولدك إذا تزوج وخلف بيسميه وليد… والسلسلة متابعة… وليد بن
خالد بن وليد بن خالد…كذا ما بنخلص…
قال جُلند يضحك: لا بصراحة حلو كذا… أما إذا جات بنت فسمها…
قاطعه عمي خالد يقول بإبتسامة: سميها سارة… على إسم أمك الله يرحمها…
سكتنا مرة وحدة لما شفنا نظرة وإبتسامة الحزن على عمي…
أشرت بكل حلاوة وأنا أبوس يد عمي: ما يصير خاطرك إلا طيب يا عمي… أسم سارة حلووو
وعجبني…
ابتسم عمي خالد… ولمعت إبتسامة فرح على عيونه…
رجعت أناظر عمتي وبنتها… أبتسمت وأشرت: مو مباركين لي يا عمه؟!
ناظرتني بشر وهمست: على شو يا حسرة؟! على خرسـ…
سكتها وليد بكل قوة حتى إنه فاجأني: عمتي…
سكتت عمتي بحرة أما أنا تساءلت شو كانت تبي تقول بس ما أهتميت… ورجعت أمسك يد وليد بكل
تملك قدام عيون نشوى…


.
.
.
الأربعاء…
19-12- 2007…

صرخ وليد: الخنساااااااااااااااء… وينك؟! يلااا تأخرنا…
جيت أمشي وبيدي المبخرة… نزلتها على الطاولة…
وقال: يلااا تأخرناعلى صلاة العيد…
أشرت: أوووف أنت ما فيك صبر؟!
وجلست على الكنب من التعب… من الفجر وأنا أحوم بالبيت… من المطبخ للمجالس… ومن المصعد
للجناح… جلس وليد جنبي…
همس بحلاوة: شو فيك؟! تحسي بآلآم الـولادة…
ابتسمت وأنا أضربه على يده…
أشرت: تتمسخر حضرتك ؟! بعدني بالشهر الثاني…
قال يضحك: إيوه والله… الموعد بعيد… السنة الجاية…
ضحكت وأشرت على المبخرة: هالمبخرة وصلت بعد صراخك… وإلحين جالس تتمسخر علي؟!
ضمني وهو يبوس راسي وقال: كوني جاهزة على الساعة 7… بجي بعد صلاة العيد… عمي سيف
مهددني من أمس إذا ما جيبته قبل 8 بياكل لحم المشاكيك لوحده…
ضحكت وأنا أأشر: وهددتني هدى تقول إذا ما جيناها لحم الشوا من نصيب بيتهم…
قفز وليد يقول: هالي ناقص بعد… إلا لحم الشوا…
وشافني أبتسم وهو يتبخر بالعود…
همس: شو إلي يبسمك؟!
أشرت: تدري؟! تذكرت العيد إلي فات… كنت أتمنى بغباء كلمة عيدمبارك منك…
قرب وباس جبيني وقال: وهذي عن إلي راحت… عيدك مبارك وسعيد ووليد…
ضحكت بكل حلاوة… وضحاتي ترن بالصالة الواسعة… ووقتها شفت نظراته تتركز على
ضحكاتي…
همس: الله لا يحرمني من هالضحكات…
رديت عليه وأنا أبوس خده… حياتنا إلي مرت خلال هالشهرين كانت بلسم لجروحنا السابقة…
وليد بكل عفويته قدر يزرع الثقة والحب الكبير بقلبي… وأنا أقل ما أقدر أسمي مشاعري…
بنشوة الفرح… الحمدلله… أتمنى ما يصير لنا أي حاجة تنكد علينا… أتمنى حياتنا تسمو
بالإحترام والحنان… ورغم كل تفاؤلي أبقى أحس بقلق بعض الأحيان… كبت قلقي عن وليد
وحاولت إني ما ابين له هالشعور وبكذا مرت أحلى أيامنا حتى إن جدتي وعمي خالد وكل أهلي حسوا
بهالشيء…

بعدها تجمعنا فبيت عمي سيف… هذا لأن عمي سيف عنده ورا الحوش “تنور الشوا” (حفرة مبطنة
بإسمنت”الجديدة” بس بالأصل تكون مبطنة بالطين”القديمة والتراثية”)…
كانوا الرجال يقصون اللحم وأنا وهدى نمسك لهم اللحم ونسولف من صوب…
سمعنا صوت شهقة: لاااااااااا والله بادييين عنا؟!
كانت لجين واقفة ويدها على خصرها… وطلال وراها… بعدها أخوها عن طريقه… وجلس على
الحصير…
قال: يا بنت أهجعي (أركدي)… قومي جيبي الحلوى من داخل… بتحصلي كرتون بالمطبخ طلعي
وحدة وجيبيها…
راحت لجين وقالت هدى مستغربة: أوه..أوه… أوه… ما شاء الله… وعارف وين مكانها…
قال طلال وهو يختار سكين له: إيه والله يا زوجة خالي ما في أحلى من الحلوى… عشقي الحلوى
وبس بالعيد… وبعدين وين بتكون غير بالمطبخ؟! صحيح وين جلند؟!
قالت هدى: مدري عنه… أتوقع بالمطبخ يدور على سكين تناسبه…
جلسنا دقايق وبعدها قالت هدى: أشوف لجين ما جات… قومي الله لا يهينك يا الخنساء…
بتحصليها بالدولاب على اليسار…
قمت ومشيت للمطبخ… ووقفت عند الباب لما سمعت صوت جلند ولجين.. يوووه وأنا ما أتنصت إلا
لهالإثنين؟! قمت برجع لكن مدري شو إلي غير راي فجاة ودخلت… شافوني جاية فسكت جلند
وباين إنه معصب… رمى كوب بكل قوة من العصبية بالمغسلة… حتى إنا سمعنا صوت الكوب تكسر
وطلع هو طيران بدون ما يهتم… كانت لجين ترجف وتشهق بخفيف… والكحل بدا يخط على
خدودها مجرى… ما حبيت أسألها شو صار؟! ولا شو فيها؟! لأني متأكدة إنها ما بتتكلم…
رحت للدولاب وسحبت الكرتون وطلعت الحلوى… أخذت وحده وأعطيتها لجين… ناظرتني لجين
لحظتين كأنها تيقظت فجأة من النوم… تركت الحلوى وراحت للمغسلة وشالت الكوب ورمته بالزبالة
(تكرمون)… ونظفت المكان وصلحت الكحل… وأخذت نفس طويل…
شالت الحلو بيدها وهي تقول: والله… لخليه… يعرف… منو هي لجين…
ابتسمت وأنا أمشي وراها… مدري رغم الأسرار إلي بين هالشخصين إلا إني أحبهم مثل أخوتي وأتمنى
لهم الخير… أتمنى يتركوا العناد ويناظروا وين الحقيقة بكل هالمعمعة إلي عايشين فيها…

رجعت لأهلي وجلست جنب وليد وهو يقطع اللحم…
أبتسم وهو يقول: يلااا الخنساء سولفي لي… غثني هالطلال بسوالفه…
رفع طلال سكينه وهو يقول بشهقة: يا ويلك يا وليدمني… السكين بيدي… حاسب…
أشرت بخوف: طلال بعد هالسكين عن زوجي…
ضحك طلال وهو يقول: شو تبيله؟! خلني أريحك منه…
شهقت وأنا أضرب صدري: شو تقول أنت؟!
ناظرني وليد بحب وهو يقول: تخافين علي؟!
أشرت بخجل: أكيد… إذا ما خفت عليك أخاف على من؟!
قالت هدى: يوووووه… يا حلوين ترى في ناس هنا…
قال وليد متأفأف: وهالناس ما عندها غير تغث غيرها…
ضحك عمي خالد وقال: الله يخليكم لبعض يا ولدي… بس حاسب وأنت تقطع اللحم وشوي وتقطع
يدك معه…
ناظرت وليد واللحم وأصابعه بخوف… ومسكت اللحم معاه وهو يقطعه…
قالي يهمس: خلك منهم… يالللا سولفي لي وأتركي هاللحم من يدك…
هزيت راسي لا… وتركت اللحم وأشرت: لا … إذا أشرت لك بتناظرني وبتقطع يدك وأنت ما
همك…
قال يهمس: فداك يدي وكلي…
ضحك جلندوهو يسمع سوالفنا: خف… خف عالبنت يا وليد…
ضحك علينا ونزلت راسي خجل ورفضت أترك اللحم…
رد وليد: وأنت لو سمحت عينك عاللحم…

وبعد الغدا إلي كان هم بعد لحم… جلسوا الرجال يحزمون الخسفة (ههه أدري أسم غريب بس هي
مصنوعة من خوص النخيل ويمكن يكون لها مسميات ثانية بس مدري عنها) وقبل كذا يغمسون قطع
اللحم الكبيرة بخليط الثوم والبهارات… ويلفونها بورق الموز ويحشون الخسفة باللحم الملفوف
بورق الموز وكذا بشكل متابع… حتى حزموها ورموها بالتنور إلي كانوا مشعلين فيه النار …
وغطوها بخشبة ثقيلة… طبعاً النار راح تنطفي أول مايرمى عليها الخسفة… وبسبب الحرارة راح
ينطبخ اللحم… ولأن هالتنور صغير ولخسفة وحدة فاللحم يستغرق طبخه تقريباً يوم أو أقل…
بس عالعموم لما كنت بالعامرات كنا أنا وجدي بالأعياد نعمل الخسفة مع جيرانا… ونرميها بالتنور
الكبير إلي لأهل القرية كاملة… ونطلعها فجر يوم ثالث العيد… وكذا تجرى العادة عند بقية
البلدان…

أشرت لوليد: متى بطلعون اللحم من التنور؟!
قال وليد وهو يمشي معي لغرفة الضيوف إلي كانت لنا: يقول عمي سيف ما يحتاج لها وقت
كثير…
أشرت وأنا أدخل الغرفة: وبكرة ما شاء الله المشاكيك؟!
رد: لا بنسويها العكس… من حبي للشوا خليت عمي نعمله اليوم وبكره ناكله… والمشاكيك ثالث
يوم…
ضحكت وأشرت: أمممم يعني أنت إلي عكست القاعدة؟!
تمدد يقول: إيوه… أحلى شيء لما تكسري القاعدة… أخخخ خلاص تعبت…
ولاحظني جالسة على الكنب بكل شرود… سأل: ما ودك ترتاحين؟! أحيدك تموتين بالنوم من يوم
حملتي؟!
ضحكت شوي وأنا أسحب نفسي من جو الشرود وقلت: لا… قبل لا نتغدى ريحت… أنا بطلع لهدى
أساعدها أقاربنا بيجيوا اليوم الليل…
كنت بقوم لكن هو قفز وجاني جلس جنبي سأل: شو فيك؟!
ما قدرت أكبت وأشرت برجفة: أشتقت لخواني الصغار…
حسيت بيده أنحطت على راسي ومسح على شعري…
وهمس: وهالي مخليك شاردة كذا؟!
تنهدت وأشرت: أريد أشوفهم… هاليوم عيد وماشفتهم… هذا… هذا غير إنهم قريب بتاخذهم
أرملة أبوي لصحار…
ونزلت دمعه وأنا أكمل: صعب علي أشوف بيت أبوي إلي بجهده وعمره بناه ينباع لشخص
غريب…صعب وقتها أشوف أخواني إذا أشتقت لهم… صعب نسافر ميات الأميال من مسقط لصحار…
قال وليد: أفأ الخنساء وأنا وين رحت؟!
أشرت: أنت موجود جبني وهذا إلي يهمني… بس…
همس: لا تبسبسين ولا أي شيء… صحيح ما أقدر أعارض أرملة عمي بقرارها… لكن أقدر… أقدر
آخذك لصحار متى أشتقتي لخوانك…
بكيت بسبب حنانه الكبير إلي يغمرني فيه وليد… أحمد ربي وأشكره على إني سامحت وليد ووافقت
نبدا صفحة جديدة… على إنا فتحنا هالصفحة وحاولنا قدر مانقدر نمليها بسعادتنا… أبد مو
ندمانه على إني حطيت ثقتي بوليد… الثقة إلي بالبداية زرعها بنفسي… وإلي ساعدتني علشان
أثق فيه…
مسح وليد دمعتي وقال: يلااا أمسحي دمعاتك لأني محضر لك مفاجأة…
ناظرته وأنا أمسح دمعة متمردة: شو هالمفاجأة؟!
ابتسم وقال: أمممم أقولك بوقتها أحسن… يلااا تعالي إرتاحي لك دقايق قبل لاتنزلين لهدى…


الأحد…
3-2-2008…
الساعة 5 العصر…

قمت من السرير بكل ثقل… وبكل ثقل تسحبت للحمام… أخذت لي دش ولبست لبسة فضفاضه…
وطلعت للمصعد… رحت لجدتي وعمي خالد ووليد إلي كانوا بالصالة…
رفع وليد أنظار من الورق إلي ملا الطاولة والكنبة وأنا أقرب منهم…
قال يغايض: أووووه الخنساء… شو إلي قومك بهالوقت؟! ما كان يحتاج تقومين أبداً…
جلست جنبه وأنا أأشر: وليد ما فيني خلق لمزاحك…
قال: أشوف المزاج متعكر… شو فيك؟!
تثاوبت ورجعت أأشر: ودي أنام…
ناظرني محتار: والله إنك غريبة… على كثر النوم إلي تناميه مو مكفنك…
قال عمي خالد: وأنت شو حارقك؟! خلها تنام براحتها…
همس لي وليد: ناقصني وجودها معي…
أشرت بحب وانا أتثاوب: تسلم…
ضحك وهو يضرب خدي بكل لطف: بسك يالنوامة… صحصحي معاي شوي…
سمعنا جدتي جايه تقول: وليد… خذ التلفون هذا وأتصل على نورة أبغي أكلمها…
قال وليد: حاضر يا يمه…
جلست جدتي وقالت تكمل بالوقت إلي وليد يطلب الرقم: وش تبي تسافر؟! تشيل الأطفال معها
آخر الدنيا… لا وتبي تبيع البيت… (تنهدت)… لا حول ولاقوة إلا بالله عليه العظيم… إلي
راسه يابس يابس…
قال وليد: يا يمه نورة عالخط…
أخذت جدتي الموبايل وجلست تعاتب نورة وتدعيلها وتنصحها من صوب… وتهددها من صوب
ثاني… يعني بإختصار كلامها كان حلبة صراع…
أشرت لوليد بعد ما تذكرت أخواني: متى بيسافروا أخواني؟!
قال وليد وهو يعطيني كل إهتمامي: مو مسافرين خلال هالشهر… الاولاد دراستهم هنا بهالوقت…
أتوقع بتسافر على شهر 5 أو 6…
أشرت برجفة: يعني مازال الوقت بعيد؟!
ابتسم: ومازلت أحاول بأرملة أبوك تترك سالفة بيع البيت…
أشرت بحزن وأنا خلاص ما عدت أقدر أسوي أي شيء: ما بيدنا أي حاجة نعملها يا وليد… خلاص
هذا هو نصيبنا…
ابتسم لي وليد وهو يلف يده على كتفي: وأنا بعدني متفائل…
أشرت: بشو؟
تنهد وقال: بأشياء كثيرة…
ما عرفت وقتها شو كان وليد يريد… بس تأكدت إني أقدر أوثق فيه…
طفى عمي التلفزيون وقال يناظرنا: وليد… ما خبرت الخنساء عن الموضوع؟!
ناظرت عمي ووليد وأشرت: شو يخبرني؟!
ابتسم وليد: عن التركة إلي توزعت… والورث إلي جاك من عند أبوك…
أشرت بحزن: ما أبي أي ورث يا عمي… أعطوه لخواني الصغار… مستقبلهم ما أحد يدري عنه…
وهم محتاجين أكثر مني…
زاد وليد شد على كتفي وقال: أصيلة يا الخنساء… ما في منك أثنين… بس هالورث من نصيبك…
أشرت بدون مبالاة: وشو ورثت؟!
قال وليد: مو كثير… أرضين ولك حق بالبيت وطبعاً أموال موصاية لك…
أشرت: هذا كثير…
وكمل عمي خالد لما فاجأني: هذا مو كثير… في شيء ما ذكره وليد؟!
ناظرت وليد إلي أبتسم بتردد… وأشرت: شو؟!
قال عمي خالد بابتسامة: شركة أبوك إلي تركها كان كاتبها بإسمك قبل لا يموت بشهر…
صدمني كلامه وقفت بربكة وأشرت: وليش؟!
قالت جدتي إلي كانت معنا من البداية: وش ليش يا بنتي؟! هذا نصيبك… وهذا إلي تركه أبوك
لك…
أشرت برجفة: لكن الشركة هذي المفروض تكون لأخواني…
قال وليد بكل هدوء: إلا هي لك… وإنتي إلحين الآمر والناهي فيها…
أشرت: وأرملة أبوي؟!
قال وليد: وشو فيها؟!
أشرت: شو كان ردة فعلها؟!
ضحك وليد شوي وقال: مذكر غير إنها قالت إنك ساحرة… صدق هالخرابيط ما إنشالت من
راسها… إنتي لا تهتمي…
أشرت وأنا أهز راس بالرفض: كيف ما أهتم؟! وهذا حق أخواني وأنا…
قاطعني وليد: هذا حقك…
أشرت بلااا ورجعت أقول: أرجوووك وليد… خلني أكلم أرملة أبوي… خلني أتفاهم معها أكيد هي
مو فاهمة حاجة…
عبس وليد: وشو تتفاهمين معها؟!
أشرت: أتفاهم معها عن الورث… أنا لازم ألاقيها…
مسكني وليد وجلسني يقول: خلك عاقلة وأفهمي إلي أقوله… هذي الشركة مكتوبة بإسمك قبل
وفاة أبوك يعني هي ملكك إنتي مو لزوجة أبوك أو إخوانك…
أشرت مو مصدقة: لكن.. .لكن كذا أبوي ما أنصفنا… وأخواني…
قال عمي خالد: أبوك كان يدري شو كان يعمل… وهذي هي وصيته ورجاويه…
أرتعشت فجلستي وانا ما أسمع أي كلمة منهم بعد هالكلام… لكن كيف كذا؟! أخواني محتاجين أكثر
مني… أنا متزوجة وأبوي هو إلي زوجني من وليد بدون موافقتي… وهو يدري إني بيكون لي
دخل من زوجي… لكنه كتب الشركة بإسمي… وأخواني؟!.. أكيد أرملة أبوي تنازعت على
هالشيء… أكيد… أنا لازم ألاقيها وأتفاهم معها… حتى ولو وليد مو راضي… أخاف خواني لما
يكبروا يحقدون علي… يقولون إني أخذت حقهم وهو لهم…


السبت…
9-2-2008…
الساعة 9 الصباح…

لبست عبايتي وتعدلت ونزلت لهدى إلي كانت تنتظرني تحت بسيارتها… سألتها قبل يومين
تاخذني لنورة وهي طبعاً رفضت… رفضت من البداية تاخذني لها بس أنا أصريت… مشيت بكل
بطء وأنا أفكر شوي بيدي أعمل… وكيف بيكون لقاي بنورة… زيارتي هذي لو عرف عنها وليد
كان بيعصب بس أنا لازم أوضح الأشياء… رحت لهدى بالسيارة…
قالت لي وهي تسوق: يا ويلك من وليد… لو مخبرته عالأقل…
أشرت: هو يعرف إني أريد ألاقيها…
قالت هدى: وشو تبيلها يا الخنساء؟! مو أحسن لك تسلمين من شرها وتبعدين عنها…؟!
أشرت: يهمني إلحين نوصل وأتفاهم معها…
قالت هدى بقهر: والسؤال هنا يروح ويجي شو تتفاهمين معها؟! هذا حقك مالأحد دخل فيه…
رفضت أرد وبقيت هادية… أدري إنهم يقولون الحقيقة بس رغم كذا أحس نفسي إني أخذت حق
أخواني… مدري أفكر بغباء إني أريد رضاها أو غيره… بس المهم أروح لها… نزلت من السيارة
ومشيت للباب… لاحظت سيارة كانت غريبة برا البيت… ما أعطيتها أهتمام ودخلت بسرعة
للصالة… سمعت أصوات جايه من الصاله الداخلية… مشيت بسرعه وكانت نوره مع عمتي سلمى
وأختي ليلى ورجال غريب…
وقفت نوره مصدومة لما شافتني وصرخت: إنتي شو جيبك؟
ودخلت وراي هدى… وقفت هدى لما لاحظت في رجال غريب…
سألت: منو هذا نوره؟
أرتبكت نوره لكن عمتي قالت: ماتعرفونه…
رجعت هدى تسأل: منو هذا؟
قالت نوره وكأنها مغصوبه تقول: هذا عمر…
ناظرت على هالعمر… كان تقريبا بعمر وليد أو يكبره بسنتين أو ثلاث… كان لابس دشداشه بيج
وكمته بيج… رغم إني أول مره أشوف هالإنسان إلي إن ملامحه مو غريبه وطبعا ما أرتحت له…
وقبل لا تسأل هدى منو هالعمر قالت نوره وهي تناظرني بشراسه: عمر واحد من إلي جوا
يعاينون البيت… وأنتي يا الخرساء… شو يجيبك فبيتي؟!
أشرت لها: وليش تبين تبيعي بيت أبوي؟
صرخت نوره: أنتي ما يخصك فبيتي فاهمة؟ أكلتي الورث والشركه.. أكلتيهم يالساحره..
وجات عمتي تكمل عليها: يالخرسا الساحره إحنا من البداية جيتك لنا كانت معروفه.. لعبتك إلي
تلعبينها أنتي وأمك فاهمينها…
أشرت: أي لعبه أي سحر؟ أنا ما طلبت من أبوي يكتب الشركه بإسمي…
ضحكت نوره بغيظ: لاااا والله؟! تصدقي صدقتك يالمحتاله…
وصرخت فجأه: فلوس ولادي اليتامى أكلتيهم يالمتسوله…
صرخت بقهر وأشرت: أنا ما أكلت فلوس أخواني… وإذا نسيتي أنا بعد يتيمه…
حسيت فيها تحمر من العصبية ووقفت جايتني: طلعي من بيتي… طلعي.. طلعي…
أشرت: أبي أشوف أخواني…
صرخت: إنسي إن عندك أخوان… ما بسمح لك تشوفينهم من يوم ورايح…
قالت هدى: نوره أستهدي بالله… شو هالكلام؟!
قالت عمتي: كلام حق… هذي الخرسا شو جابت غير النكد علينا…
أشرت بقوة لعمتي: أنا ما جبت النكد لأحد يا عمة…
ورجعت أناظر الرجال إلي كان ساكت وما يتكلم بس نظراته الكريه مره علي ومره على نوره…
أشرت: بيت أبوي ما ينباع… وإذا على الشركه أنا مستعده أكتبها بأسم أخواني… بس بيت أبوي
ماينباع…
وبهالوقت حس الرجال بنفسه وقام واقف وطلع من باب البيت وهو ما وده… كانه كاره يترك
لهالمسرحية إلي قاعدة تصير بهالمكان…
صرخت نوره بعصبية: خليتي الرجال يطلع بغباءك … وبعدين ما علينا هالكلام التافه يا حقيره…
شهقت وردت هدى: بلا هالكلام الفاضي يا نوره.. الخنساء نيتها طيبه جايتك علشان تتفاهمون على
البيت والشركه…
ضحكت عمتي: أي نية طيبة أي خرابيط؟! هدى خلك على جنب أحسن… ترى ما بيجيك إلا النكد من
هالإنسانة…
عصبت منها وكرهتها من خاطري هالعمه… مدري شو شايفتني… شو هالنكد إلي مسمتنه فيني…
أشرت بكل كره: أنتي يا عمتي آخر وحده تتكلم…
حسيت فيها عصبت وهدى تترجم لها الكلام الأخير… وجاتني تصارخ… مسكتني ودفعتني لوراي من
غيظها…
صرخت: أنا تسكتيني يا الحقيره… الحشره… المتشرده…
كرهت كلامها إلي يحقر من ذاتي… وبلحظة… الأخلاق والآدآب تعثرت… والقيودوالدم أنخرسوا…
ما حسيت إلا وأنا أرفع يدي أحاول بدون وعي مني أصفع عمتي… ناظرتني وبعيونها جمر
تشتعل… شهقت ورجعت وراي ويدي ترتعش بعد ما أستوعبت إلي كنت بعمله…
وماسمعت إلا صرخاتها تملي المكان: أنا يالحقيرة الخرساء تحاولي تمدين يدك علي…؟! أنا؟!
وبدت تصارخ بهستيريا وكلامها كان فظيع لدرجة إنها قربت ترد لي الصاع صاعين… ومن خوفي
على نفسي والجنين رجعت وراي… شفتها تجيني وتهزني قبل لا توصل لي هدى… صرخت لما
حسيتها بتضربني على بطني…
لكن كل شي توقف فجأة لماسمعنا صوت جاي من الباب…
صوت خشن وواضح: سللمممى…
وقفنا متسمرين وعيونا تعلقت بالقادم… كان محمد واقف يناظر زوجته بكل حره… ومرت ثواني
بدون أي صوت إلا نفسنا المخنوق…
سكون قطعه محمد بكلمتين ثقيلتين عالسمع: سلمى إنتي طالق… طالق…

وأنتهى كل شي فجأه… بشهقة مني ومن هدى ونورة… وصرخة هستيرية من عمتي سلمى…


الساعة 12الظهر…

رجعت عالبيت وأنا أتعثر بمشي… أرتميت على السرير وأنا أرجف… أرجف من الخوف… ما
توقعت أكون سبب بلي صار لعمتي… تغطيت بالفرش وأنا أبكي… صح… صح لما قالت عمتي إني
من يوم جيت لأهلي صرت نكد عليهم… المصايب بدت تنزل عليهم… لا… لا… أنا ما سويت أي
حاجة… ماسويت أي غلط… هذي عمتي هي السبب… وهي إلي أستحقت جزاها… أستحقته…

تميت بفراشي ويمكن نمت من البكى… لأني حسيت بيد تهز كتفي… شهقت وقفزت بخوف وقلبي يدق
بكل قوة…
ناظرني وليد: الخنساء… بسم الله عليك… شو فيك؟!
ناظرته لحظة لحظتين أستوعب إن هالشخص إلي واقف قدامي هو وليد… أرتعشت شفايفي وما
قدرت ألجم نفسي وبكيت… تقرب مني وضمني وهو مستغرب شو صابني…
سألني والقلق باين على وجهه: شو فيك؟! الخنساء… ليش تبكين؟!
تمسكت فيه بكل قوة وأنا أرفض أرفع نظري… أخاف يكره تصرفي… أخاف يعاتبني… وزدت
ضغط عليه نسيانه وجود جنين بأحشائي…
همس: الخنساء… حاسبي…
ورجعت أشهق أكثر لما تذكرت إن عمتي كانت بتحاول تضربني على بطني… لهالدرجة وصلت فيها
الدناءة تأذيني… تأذي طفلي…؟!!
بعدني وليد بعد جهد وهو يسأل: شو صاير؟! شو فيك؟!
أشرت برجفة: عمتي تطلقت…
ناظرني مصدوم… وسأل: شو تقولين؟!
رجعت أأشر: العم محمد طلق عمتي…
مسح دموعي وأجبرني أسمعه: خبريني شو السبب؟! وأنتي كيف عرفتي؟! شو صاير يالخنساء؟!
بديت بكل ألم ووجع أأشر له بكل إلي صار… ما تجاهلت أي شيء… خبرته كل إلي صار حتى
محاولتي أمد يدي على عمتي لو إني أستوعبت باللحظة الأخيرة إني أتمرد على الاخلاق… والشاري
المسمى بعمر وعمي محمد إلي دخل فجأة ورمى يمين الطلاق… وبالنهاية تركني وليد ومشى بعيد
يغرس يده بشعره… أرتجفت بخوف وأنا أتخيل ردة فعله إلي أكيد بيعصب فيها علي…
رجعت أنتحب وأبكي… لف لي وأشرت: أدري… إنك بتعاتبني… إلحين تأكدت إن كلام عمتي فيه
شيء من الصح…
ناظرني محتار وسأل عابس: أي كلام؟!
أشرت وأنا أنزل عيني: إني إنسانة ما جيب إلا الهم لأهلي…
حسيت فيه يغرس يده على كتوفي ويجبرني أناظره…
همس بعصبية: ما أبيك تقولين هالكلام مرة ثانية يالخنساء… إنتي إنسانة مالك مثيل بالطيبة
وحب الناس… وهالكلام هي خرابيط عمتي…
أشرت بألم: لكن…
مسك يدي وهز راسه بلا ورد: ومن قال إني بعاتبك على شيء أنتي مالك دخل فيه؟!
ناظرته برجفه وأنا أحاول أسمع شو يحاول يوصل لي…
كمل بحنان: رغم إني رفضت تروحين لنورة إلا إني ما أعاتبك بمحاولتك تكسبين رضاها… مو
معاتبك ولا أتهمك إنك سبب إلي صار… هذا محمدوقراره ما جا إلا بلحظة كنتي فيها…
أشرت: ورغم كذا ما يهون علي… عمتي بهالسن تتطلق…
جلس جنبي وضمني يقول: ما أكذب عليك كم مرة لاحظت التمرد مرسوم على عمتي… وخاصة إني
تزوجتك وهي إلي كانت تتمنا بنتها تكون مكانك… زادت تمردها حتى إن محمد فاض فيه الكيل
وكان قراره يمكن بلحظة تسرع لكن جات بوقت متأخر…
بقيت ساكنه بحضنه وأشرت: وليد…
ناظرني ورجعت أأشر: شو بيصير لعمتي؟! شو بيصير لأولاد عمتي؟! مايهونون علي…
ابتسم وليد بحزن وقال: أولادها كبار وما أظن هالخبر بيكون صدمة لهم… صدقيني كم مرة
طلال يردد لي إن بيجي يوم أبوه بيطلع كل إلي كابتنه من تصرفات أمه… وصدق إلي قاله… هو
يعرف أمه زين… ولجين مو صغيرة ما تعرف إلي بين أبوها وأمها… ونشوى أنتي أدرى بحالها…
رجعت أأشر: لكن… شو بيصير لعمتي؟! أكيد إلحين هي منهارة…
قال وليد بكل حنان: لا تحاتي بوصي طلال يناظر حالها… ولجين ما بتقصر…
كان بيقوم يكلم بالموبايل بس أنا مسكته وأشرت: وليد… أنا آسفة… آسفة لأني رحت بيت أبوي
بدون ما أخبرك…
ناظرني وليد وأبتسم وهو يمسح على شعري: كنت متأكد إنك بتنفذي إلي براسك وتروحين لها…
ووصيت هدى ترفض بس إصرارك خلاها توافق بعد ما سألتني… بس الأحداث هذي ما توقعتها
تصير…
أشرت برجفة: أنا آسفة…
رفع ذقني وقال: يلاااا أمسحي هالدموع وخلك قوية…
ووقف وقام يكلم بالموبايل… أما أنا فبقيت بالسرير أحاول أداري دمعاتي… صح كرهت عمتي
بمواقف بس ما اتمنالها يصير لها إلي صار… أتمنى بس طلال ولجين ما يحقدون علي…


الساعة 8 بالليل…

كنت جالسة لحالي بالصالة… جدتي دخلت غرفتها تريح… وهذا بعد ما رمت كم تعليق عن
عمتي… على قولها إنه كان المفروض تتأدب من البداية وتترك عنها هالتمرد… وهذي هي
إستحقت إلي صار لها… عمي خالد طلع وهو يكلم عمي سيف… كانوا يتناقشون بهالشيء وطبعاً
على كل إلي صار هم يذنبون عمتي…
تميت جالسة أتنهد وأتأسف لكل إلي صار… أتمنى محمد يرجع عمتي… ما أبي العائلة تتفكك
بسببي… سمعت صوت باب البيت ينفتح… لفيت وشفت وليد…
قال: ألبسي شيلتك الخنساء في شخص يبي يقابلك…
أشرت: منو؟!
وما جاوبني وليد إلا دخل محمد ووراه عمامي وجلند ووراهم طلال ومعاه لجين…
جاتني لجين ومسكت بيدي: الخنساء… أدري… أدري إنك طيبة… أرجوك… أرجووك سامحي
أمي… سامحيها…
أشرت متساءله: شو فيه؟!
قال عمي خالد وإحنا نجلس على الكنب: هذا هو محمد بيكلمك…
أشرت لمحمد يتكلم… قال بتنهيدة تعبانه: أنا آسف يا بنتي…
قاطعته: عن شو؟! انا…
رد محمد يقول: عن كل إلي سلمى كانت تحاول تأذيك فيه…
هزيت راسي وأشرت: محشوووم يا عمي… لا تتأسف…
رد يقول بابتسامة: أدري فيك بنت طيبة… تربية جدك أصيلة… أنا موافق أرجع سلمى بس شرط
على عمومتك إني ماراح أرجعها إلا بموافقتك أنتي ومسامحتك لها…
تفاجأت لهالكلام وناظرت عمامي إلي كانوا هادين… ووليد إلي هز راسه يطالبني أرد… وطلال
الساكن مو مثل عادته بمكانه… ولجين إلي كانت تبكي…
أشرت بكل سرعة: مو محتاجة لكلام يا عمي… ما تهون علي عمتي… وإذا على من يتأسف فهي
أنا…
ابستم طلال فجأة وهو يقول لأبوه: هااا يبه… مو قايل لك الخنساء ما بترفض؟!
قفزت لجين وجاتني تقول بإبتسامة مخلوطة ببكى: الخنساء… مشكووورة… مشكووورة… أنا…
أنا…
الكلمات خانتها فابتسمت لها وطلعت للمطبخ أحضر العصاير… على رغم كل إلي سوته عمتي ما
أتمنالها تعيش مشتته وهذا غير الحزن على حالة لجين وطلال… أتمنى الأحوال تتصافى ونعيش
بدون هموم… أتمنى عمتي تتفهم… أتمنى تتركني هي وبنتها لحالي… كلها أمنيات أدري فيها
صعبة وخاصة إن عمتي بتحقد علي أكثر بعد إلي صار هاليوم…


.
.

الثلاثاء…
25-3-2008…

اليوم تجمع الأهل فبيتنا… عمي خالد مسوي عزيمة علشان جمعة الأهل إلي توقفت بعد وفاة
أبوي… طلعت لي لبسة عبارة عن ثوب خليجي مطرز بشك بديع وكان طبعاً فضفاض يناسب حملي
إلي بدا يوضح… لبست معاه شيلة وردية ولفيتها وجيت بطلع من الغرفة فاجأني وليد وهو داخل…
أشرت: ما نزلت لأهلنا؟!
قال: لا…
وناظرت لظرف بيده… سألته: شو هذا؟!
قال بابتسامة: هذي مفاجأتي لك… إلي وعدتك فيها من أول يوم العيد… صح تأخرت بس…
أممم مو مشكلة بالنهاية وصلت…
أشرت بحلاوة: شو هي؟!
ضحك وقال: قبل أي شيء أبي عصير كوكتيل من يدك…
ضحكت وقلت: ما طلبت شيء بسويه لك من عيوني…
قال وهو يمسك يدي: أضحك عليك… ما أبي إلا سعادتك يالخنساء…
ابتسمت له بحب… وسحبت يدي شوي وأشرت: وأنا ما أبي إلا حبك لي يزيد…
ضحك وباس جبيني: وأنا بعد يالغلا… ها… يلااا لا تخربين المفاجأة الحلوة…
أشرت: شو هي؟!
مد لي الظرف وطلب مني أفتحه… فتحته شوي وقريت أول الكلام المكتوب فوق الورقة… أرتعشت
يدي ورفعت أنظاري لوليد… ورجعت أنزلها للورقة… ورفعته للمرة الثانية بعد ما طاحت
الأوراق من يدي…
دمعت يدي وأشرت: ليش يا وليد؟!
مسك يدي إلي ترتعش وأخذني لحضنه وهمس: لأني أحبك أريدك تكوني سعيدة بحياتك معي…
لأني أحبك أريد أثبت لك كثر هالحب إلي بقلبي… لأني أحبك حاولت أشتري بيت عمي… حاولت
بكل طريقة… مازال البيت مو لك لكن صار بقبضتي… وبعد محاولات من أرملة عمي تزيد السعر
إلا إني بالنهاية حصلت على صك الشراء…
بست يده وأشرت: أكيد غلت سعره فوق المعقول…
همس بقول: يا حلوتي مو كل شيء بهالدنيا يسري كذا… المحامي والمختصين كان لهم دور بكل إلي
صار…
أشرت: ليش ما قلت لي إنك بتشتري البيت لكنت عالأقل ساهمت…
قاطعني يقول: ههههه وأخرب المفاجأة؟
أشرت بحلاوة: أحلى مفاجأة….
رد يبوس جبيني: إنتي مرتاحة معي يالخنساء؟
رديت أأشر وعيوني تفضح شعوري: وهذا يبيلها سؤال… أكيد مرتاحة… أكيد… وهالمفاجأة ما
أدري كيف أعبر لك فيها عن… عن…
قاطعني يقول:يكفيني حبك وراحتك…
ابتسمت بكل حلاوة… حياتنا من يوم ليوم تزيد تفاهم… حب وعطاء… من يوم ما محمد رجع
عمتي ما عدت شفت عمتي غير مرتين وكلها عالسريع… وهذا غير إني أحس بركودها هي وبنتها
إلا إن نظراتهم صارت شيء ما اقدر أوصفه إنه شيء شرير إلا الشر نفسه… صرت أخاف منهم
واحاول ابعد عن طريقهم بكل إلي أقدر عليه… ما هو حتى أتجنبهم وبس إلا لأني ما أبي أفتعل
مشاكل أنا ما أريدها تكون بيني وبين وليد… أريد انعم براحة البال… وأريد أعيش حياتي بدون
ألم وأحزان…

وطبعاً بهالعزيمة ما فاتتني نظرات الكره إلي تفيض من عمتي ونشوى… والتمر إلي وأستغربت منه
زاد بعمتي… كلامها الحاد هي وبنتها زاد فظاعة وخاصة لما أكون لوحدي معهن… صدق لما قالوا
أبو الطبع ما يخوز عن طبعه… وحاولت أتجاهل هالشيء قدر قدرتي…
وأتذكر بهالعزيمة شيء أشغل تفكيري… كنت رايحة المطبخ وشفت هناك هدى ولجين يعابلون
بالدواليب…
أشرت لهدى: شو تدورون؟!
قالت هدى: ندورر الله يسلمك على علب البلاستيك الشفافة…
أشرت لفوق: هناك بالدولاب إلي فوق… ليش ما سألتوا الشغالة كانت بدلكم…؟!
همست هدى: أسكتي عمتي مريم مسويتنا سالفة كبيرة من أصل لاشي… تقول جيبوا هالعلب
هالحين…
قالت لجين وهي تطلع فوق الكرسي: يوووووه بعيد ما أقدرلهم…
وحاولت تطلع فوق كرسي صغير فوق الكرسي الكبير… وكانوا شوي يترنجحوا على بعض…
قالت هدى: حااااسبي يا بنت…
لجين بضحكة: لا تخااافي… أمممم شوي وأوصل لهم…
أشرت لهدى: هذي مجنونة… خلها تنزل وبنادي الشغالة تجيب كرسي أكبر…
ردت هدى : أدري فيها مجنونة… لجينوه أنزلي…
أما لجين فما سمعتنا وبدت تنزل كل العلب… ولما خلصت قالت: أووووف خلاص هذي آخر وحدة…
ونزلت شوي شوي… وكانت عند الكرسي الكبير لما حاولت تنزل وسمعنا صوت جاي من الباب…
شو هالجنون؟!
تخرطفت لجين وطاحت على الأرض… ألتمينا عندها وهي تتأوه…
قالت لجين تتحلطم: الله لا يبارك فمن كان السبب… أنت مجنون كذا تصرخ علي؟!
قال جلند بعصبية: وأنتي مجنونة تطلعين فوق هالعمارة إلي تترنجح وشوي وتطيح؟!
قالت بقهر: كيفي… أنت شو يخصك؟!
ووقفت على رجولها وهي تناظره بنظرات محتقرة…
شفناه يرفع حاجب ويقول: صدق إنك غريب… يخصني ونص… أبيك قطعة كاملة فزفتك…
كان فيه كرتون مناديل جنبها ورمته عليه لكنه قدر يتلاشاه وصرخت بغيظ…
قالت: قليل الأدب… صدق الحياء منزوع منك…
ضحك وهو يقول: ثمني كلامك يالطيبة وإلا ما يصيرلك خير مني…
شهقت ولفت تهرب… وقبل لا تحاول هدى تتكلم مع أخوها كان هو عند باب المطبخ…
صرخت هدى: جلند لحظة… شو هالـ….
وما كملت إلا وهو شرد خارج المطبخ…
تأففت تقول: والله هالإنسان معذبني مو كأني أخته…
وطلعت وهي تاخذ العلب… مشيت للكراسي وحاولت أصلحهم بهالوقت إلي سمعت صوت حاقد من
وراي…
أقول الخرسا… إلحين أنتي بأي شهر؟!
لفيت بقوة وأنا أشوف نشوى واقفة وراي…
أشرت بقهر: وأنتي شو تبين مني؟!
ضحكت نشوى وهي تدلع: يوووووه أنا ما أفهم هالحركات السخيفة… صدق اللسان نعمة…
وباست يدها ظاهر وباطن وقالت: الحمد لله والشكر على هالنعمة… يالله تدرين والله أشفق
عليك… مسكينة هالخرس لازق فيك من يوم ما أنولدتي…
أشرت بدون أهتمام: وأنتي شو حارقك؟!
ناظرتني بحقارة ورمت كلماتها قبل لا تطلع: الله يعلم هالأطفال شو بيكونوا… خرسين بدون
أصوات… خرس بالوراثة مو بسيط…
شو قصدها بهالكلام… الظاهر هالغبية على بالها إني خرساء بالوراثة… في النهاية ما أهتميت
لكلامها ورجعت لأهلي بالصالة…

الخميس…
29-5-2007…
الساعة 4 العصر…

مشيت بكل ثقل للمصعد… ونزلت للصالة… تقول الشغالة فيه ضيفة جايه… جدتي مو موجودة
ووليد وعمي خالد هم بعد طالعين… كان فيه حرمة معطتني ظهرها… ظنيتها وحدة من
الجارات… مشيت لها وأنا أبتسم وماتت البسمة على شفايفي والحرمة هذي تواجهني… تيبست
بمكاني وأنا أناظر أمي واقفة تناظرني من فوق لتحت… غريب… شو ذكر هالإنسانة فيني؟! مشيت
شوي وقربت من الكنب… أخذت مسودة من على الطاولة وأشرت لها تجلس…
وجلست أمي وهي تقول بصورة ملتوية: ما شاء الله شو كبر هالبيت… لاااا وملابسك بعد… وكلك
على بعضك باين غرقانة بالفلوس…
تجاهلت كلامها وأشرت: شو ذكرك فيني؟!
قالت بملامح معفوسة: لا تفرحي مو الشوق إلي ذكرني فيك…
كتبت: عيييل شو؟!
وقبل لا تجاوب شفت الشغالة جاية…
كتبت: شو تشربين بالأول؟!
خلت رجل فوق رجل وقالت: يوووه بعد على حسب الطلب… خلها تسوي عصير مانجو طازج وإلا
أقول عصير ليمون مع نعناع… خبرك سمعت عنه مفيد…
أبتسمت لها مو كأننا أم وبنتها إلا غريبتين… كل وحدة تعامل الثانية ببرود…
وكتب: ما طلبتي شيء… مثل ما تشوفين متوفر إلي تبينه…
ورديت أكتب: شو ذكرك فيني؟!
ضحكت بسوداوية وهي تقول: ما جيت إلا فضول أشوف وين وصل حالك مع ولد عمك… مع وليد
العقيد…
وقفت تناظر صورة وإلي كانت عالطاولة وكان فيها وليد لابس ملابس الشرطة…
قالت بغموض: ههههه سبحان الله… أذكره لما كان طفل… كأن هالولد شفته أمس بس… أذكره لما
كان لازق فيك وأنتي طفلة… هههه كان يعتبرك عروس يلعب فيها… وشكله بعده ما مل منك…
وناظرتني بتحقير: بس ما أتوقع بيخليك أكثر… وخاصة وأنتي…
وناظرت بطني وضحكت تسخر: وخاصة وأنتي حامل… كلها أيام ياخذ الطفل من أحضانك
ويرميك…
أرتعشت شفايفي وكتبت: أنتي شو تقولين؟!
ضحكت ولفت ماخذه شنطتها بين يديها… وقفت بسرعة ومسكت يدها أسألها عن شو تتكلم… رمت
يدي بتقزز وناظرتني بحدة…
قالت بكره: أتركيني يالخرسا…
أشرت: تكلمي عن شو قاعدة تقولين؟!
وكتبت بالمسودة… ضحكت علي وردت: يالله أدري والله الخرس متعب… متعب وخاصة إنه
بالوراثة…
أسود وجهي وكتبت: أنتي شو قاعدة تقولين؟!
ردت بضحكه مايعه: هههههه… ما حاولتي بيوم تسألي وليد إذا يعرف عن حقيقة خرسك؟! لاااا
ومسكين عايش هو وأهلك بكذبة…
وضحكت وهي تمشي: ههههه… وكله بسبب كذبه من أبوك الميت… … لاااا
وأنتي زدتي حقارة عليهم مو بينتي لهم الحقيقة…
وطلعت من البيت وأنا مو فاهمة أي حاجة… مو فاهمة إلي كانت تقوله… جلست عالكنب وأنا أحس
بالتعب… مدري شو قاعد يصير؟! حاولت أجمع الأفكار ببعضها… يمكن أنا غلط بشيء كبير بس
بالنهاية هذا قراري أنا مو قرار أي أحد…

وقفت طالعة الجناح هالزيارة مو المفروض يعرف عنها أي أحد… حتى وليد…


الجمعة…
30-5-2008…

بكيت وأنا أجهز حالي… اليوم عمي خالد مسوي عزيمة عائلية علشان أخواني… بيسافروا بعد
يومين… نزلت السلالم بهدوء وأنا أحس بشوقي من إلحين على أخواني… ابتسم وليد وهو يشوفني
جاية… وسع لي مكان جنبه…
همس: باين كنتي تبكين…
أشرت: شو أسوي هذولا أخواني…
شفت أخواني مع مازن ومزون يلعبون بالصالة… تنهدت ورجعت أسمع سوالف أهلي… تعشينا بعدها
وناموا الأطفال بالغرفة وتمينا إحنا نسولف بالصالة…
كنت أنا وهدى ولجين نسولف عن الحمل وتعبه… تأففت لجين…
وقالت بصوت عالي: ليش؟ ليش؟ أتمنى ياااارب يطلعوا توأم بنات…
قال طلال: وليش عاد؟!
ناظرتني لجين وقالت: علشان وحدة منهم يسموها لجين…
قال طلال: والله وهذا إلي ناقص… ما بقى غير يسموها عليك…
قالت لجين: وشو فيني يعني أنا؟!
رد وليد: يووووه وأنتوا ما شبعتوا من هالسالفة… ترى قلناها بنسميه إما خالد أو نسميها
سارة…
قالت لجين: ومن كذا أنا أتمنى يكونوا تؤام بنات…
ضحكت وأشرت: لا ياماما… خلاص مافي أمل… المرة الجاية…
قالت عمتي فجأة: بعد في مرة جاية… وإنتي ما تخافين؟!
ناظرتها متسائلة: من شو؟!
وشفت وليد يبي يتكلم لكن عمتي سبقته تقول بشماته: وإلا تبين تخلفين أطفال خرسين مثلك؟!
عم المكان فجأة صمت ثقيل…
ولأن محمد مو موجود مسافر فأخذت عمتي راحتها وقالت: إنتي ما فكرتي… أو خلنا نقول… ما
خطر على بالك… إحتمال يطلع ولدك أخرس؟!
ارتعشت شفايفي… ومرت فترة سكون قصيرة وما حسيت إلا كل الرجال قفزوا لها بوجهها…
قال عمي سيف بعصبية: سلمممممممى والله… والله إذا ما سكتي ما بتشوفين خير… إنتي ما تعلمتي
من المرة الماضي؟!
لكنها كملت بدون ما تهتم: أنا أقول الحقيقة… ليش تضحكون على نفسكم؟! وتكذبون الحقيقة…
أنتو أدرى بهالشيء يا أخواني المصونين… أكيد واحد من ولادها أو أكثر بيطلعوا خرسين…
صرخ عمي سيف: أسكتيييييي يا سلمى… صدق إنك نكدية… إلي صارلك ما كفاك…
وقف لكن عمي خالد وقفه: سيف أجلس… وأنتي يا سلمى إياني وإياك تزيدين كلمة…
قالت عمتي وهي تزيد ضحكاتها: هههههه… وليش تسكتوني يا أخواني؟! صدق إنكم… شو أقول
عنكم؟! ترى هالبنت بتورث هالخرس لأولادها…
وهنا همس وليد بكل عصبية وهو متوتر: عمتي… بلااا هالكلام الفاضي…
وناظرني متردد… أدري شو يفكر فيه… هو يعرف إني مو خرساء بالولادة… بس غريبة ليش
تردد؟!
كملت عمتي بتريقة: وليش إنت ما فكرت بهالشي؟! أكيد فكرت فيه وخصوصاً تفكيرك إن أم ولدك
خرساء بالوراثة…
ارتعشت يدي ورغم كذا مشيت وأبتسمت بحلاوة وأنا أمسك بجرأة يد وليد وألزق فيه أستمد القوة
منه…
أشرت لعمتي: إذا يطمنك كلامي فالخرس إلي فيني مو وراثة…
وكان بهالوقت وليد يردد إشاراتي بصوته الجهوري الواضح لكن المتوتر… والغريب السكون
والهدوء إلي نزل فجأة على المكان…
ردت عمتي تضحك: لا تضحكين علي بهالكلمتين… ترى أبوك هو إلي قايل هالكلام من قبل 12
سنة…
أشرت: وشو قالك بالضبط؟!
قال وليد: خلاص الخنساء… عمتي والله إذا…
قاطعته أهز راسي وأشرت: لا… لا… خلها تكمل… أبي أعرف عن شو تتكلم…
كنت أبي أربط الكلام إلي يقولونه بكلام أمي… عرفت إن أهلي فاهمين عن حقيقة خرسي بشكل غلط
ومن بينهم وليد…
ناظرتني عمتي ساكته فترة ورجعت تقول بثقة:الكلام إلي قاله هو نفس الكلام إلي قاله لخالد
وسيف بعد ما طلق امك إلي ما تتسمى…
ناظرت عمامي الساكتين… غريبة… شو قال لهم أبوي؟!…
أشرت بابتسامة شجاعة: وشو قال لكم أبوي؟!
قالت عمتي وبعيونها نظرة إنتصار: شو قال يا حسرة؟! مافي جديد… قال لنا أنك بالوراثة
جيتي خرساء…
رفعت حاجب… وناظرت عمامي ووليد إلي سكنوا مرة وحدة… كأنهم يوافقوها بهالشيء… غريب
أول مرة أسمع هالكلام… وهذا غير إن أبوي يعرف إني خرساء بسبب حمى مو أكثر…
قالت عمتي تكمل وهي تبتسم: ولو قلنا إنك خرسا بالحمى لكنتي بقدرتك تنطقين بكلام حتى لو
خرابيط… لكن…
ناظرتني من فوق لتحت بتحقير…
وكملت: لكن كلنا ندري إن خرسك مو بسبب حمى… إلي تضحكين فيه علينا…
رجعت أناظر وليد… وعرفت وقتها ليش ما جا بيوم وسألني حتى لو من باب الواجب عن
هالخرس… أو حاول ولو مرة يقترح فكرة يعالجني منه…
وأشرت بإبتسامة: صح الكلام إلي تقوله عمتي يا وليد؟!
حسيت بعينه مشتته وهو يناظرني… إذا تبون الحقيقة… أنا تهت بين أهلي… تهت بين توترهم
وشو حسبوا وشو كانوا بالأصح يحسبون طوال سنين مرت… وشو إلي بالأصل قاعد يصير والكلام
إلي يقولونه…
ورجعت أأشر: صح هالكلام يا عمي خالد… عمي سيف… وليد؟!
هزوا عمامي رؤوسهم بتوتر أما وليد فأصر على سكوته… وشفته تنهد…
ولف لي وقال بهدوء: إنتي أدرى يا الخنساء… بس إنت تدرين أكثر إن هالخرس ما هو عائق
بحبنا وحياتنا…
وحسيت برجفة عمتي ونشوى وهم بالذات يسمعون كلمة “حبنا” وبالعموم من كلام وليد…
أشرت بحلاوة وأنا أناظر عمتي: سمعتي يا عمه؟! هالخرس مو عائق بالنسبة لوليد… حياتنا هي
ملك لنا نحن… أنا ووليد… وما لأحد دخل فيها…
أهتزت شفايفها برجفة… مثل ما زاد السكو ن والهدوء على المكان رهبة… وبكل بطء وحلاوة
وتريقه أبتسمت لها… أرد لها الصاع صاعين بكلامها إلي مو بس سبب لي الوجع بقلبي إلا ادماه…
ادماه… أبوي؟!… وكلامه لهم عن خرسي؟! حقيقة خرسي؟! هو إلي هزني… هو إلي خلاني بكل
بطء أمشي هايمة للسلالم… وأحس بنظرات أهلي علي…


الأكاذيب بكل بساطة طعنتني… طعنت الأحاسيس الوليدة بقلبي… مو قصدي حب وليد لي… ولا
هو الكلام إلي إنقال… إلا الكلام إلي قاله أبوي لأهلي…
حسيت بيده تحاوطني… وقفت قدام باب الجناح وعيني تدمع… لفني له…
همس يحضني: الخنساء… ما كنت أبي أقول لك بس عمتي…
سكت ورجع يكمل همسه: كنتي بمناسبات قليلة تذكرين خرسك إنه بسبب حمى… بس… بس الحقيقة
إن خرسك وراثة…
بعدت عنه بكل هدوء وأشرت: وأنت؟!
قال محتار: أنا؟!
أشرت وأنا احط عيني بعينه: أيوه أنت… ما فكرت مثل ما قالت عمتي إن هالخرس بورثه
لأولادي؟!
ناظرني مشتت وابتسمت بجرح: قول الحقيقة يا وليد… ترددك تحت كان لأن هالفكرة خطرت
ببالك… صح؟!
همس: ما أكذب عليك… فكرت بهالشيء…
نزلت راسي لكنه مسك وجهي وأرغمني أشوفه وهو يكمل: وهذا ما يغير شيء… حبي لك مو جمالك
أو صوتك… إلا لذاتك… ذاتك يالخنساء… وأنتي أدرى… كلامنا من قبلبهالموضوع كان كافي…
تدرين إن خرسك مو عائق بالنسبة لي… أبي أولادي نسخة منك ولو الخرس فيهم… أبيهم ياخذون
منك كل صفاتك… وما ياخذون مني إلا حبي لك… وأنتي تدرين بهالكلام… تدرين عن إلي
بقلبي…
سكنت لحظة وأنا أعطيه ظهري… ورجعت أناظره وبكل ألم…
أشرت: أدري؟! أدري عن شو؟! أدري عن الأكاذيب إلي أنقالت تحت عن خرسي…
وحسيت بدموعي تنزل… بدموعي تنزف… وتحرق عيوني… ويرتعش جسمي بألم… ألم
غريب… جدي قال حاجة… أبوي قال لي حاجة غير… أبوي قال لهم حاجة… أهلي قالولي
حاجة غير… والدكتورة قبل 10 سنوات أو أقل قالت حاجات غير… وأنا؟!… غريب مو لي
كلام مع نفسي… مع حالي هذي؟! إلا لي… لي كلام… بس…
دفعته بكل قوتي وهو يحاول يهديني… ودخلت الجناح …
ناداني: الخنساء؟! الخنساء؟!
حاولت أسكر باب الغرفة بس هو مسكه…
صرخ يمسكني: الخنساء… هذا الكلام شو يغير فالواقع؟! أنتي المفروض تعرفي إنك لحد إلحين
ولأنك ما تقدري تتكلمي ولو بكلمتين إن هالخرس مو بسبب حمى… يمكن جدك ما أراد يأذيك أكثر
ويقول لك عن حقيقة خرسك…
ضحكت من بين دموعي… كيف ما يخبرني عن حقيقة خرسي… وأنا؟!… أنا هي الأدرى بحالها…
همس: شو يضحكك؟! الخنساء…
رجعت أضحك: هههه…
ناظرني محتار وأشرت: تدري؟ أنا وجدي كنا نمني نفسنا بكلام الدكتورة قبل 10 سنوات…
ههههههه وأنت… أنت وأبوي… وأهلي… هههه تقولون أشياء غريبة… سبحان الله…
مسكني يحاول يسكت هالضحكات المجنونة…
قال بعصبية: الخنساء أركدي… الخنساء إنتي أدرى بحالك… أنتي أدرى…
هزيت راسي وأشرت وأنا أضحك: لا…لا… أنا ما أدري… ما أدري عن شيء… غريب…
همس بعصبية: الخنساء… شو الغريب؟!
رجعت أضحك… وبعدها سكنت وأنا أرفع راسي وأشر: لحظة… لحظة… نسيت حاجة أقول لعمتي
وأهلي…
وتخطيته بطلع… مسكني وليد وهمس: الخنساء؟!
سحبت نفسي بكل قوة وركضت طالعة من الجناح… وأنزل السلالم بكل جنون بدون حتى ما أهتم إذا
بأذي الجنين إلي ببطني أو لا… بس كنت أبي أرجع أسأل عمتي سؤال خطر فبالي فجأة… سؤال
تعلقت كل الحيرة فيه… سؤال له علاقة بأبوي وخرسي… ويمكن له علاقة بجدي وأمي…
بس قبل لا أحصل أي جواب… أو حتى أسأل أي سؤال… ما حسيت إلا وأنا أتخرطف بالسلالم…
أمتزج صراخي بكلمة وحدة لا غير: آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه …..
عـــــــــــــــــــــــــ….لـــــــــــــــــيـ ــــــــــ ــــد…. ((وليد))
لحظة…
لحظتين…
ومر شريط طفولتي قدام عيوني… مر بكل بطء… مر بكل بطء وأنا ما زلت أطير بالهواء…

{{… طفلة وحيدة مع جدها… الزمن كان كفيل بصبغ الشيب على وجهه… كانت مرة تمشي ورا
جدها وتتتكلم بصورة فظيعة وعمري مازال 8 سنوات… ومرة أشوف هالطفلة تجلس بدكان جدها
وعمرها مازال بالعشر سنوات… تناظر الأطفال يضحكون وتبكي بحضن جدها… ومرة ومرات
تتحسر على حالها… ومرة ومرات تبكي بدل الدموع دم…}}
..
{{… كنت أجلس جنب جدي أبكي… عمري تقريباً كان 12 سنوات…
:ددي… هم… هم… ضحك ضحك انا…؟؟! ((( جدي ليش يضحكون علي؟!)))
جدي همس بحب: يا بنتي ما عليك منهم… هذولاء الأطفال يغارون منك أنت… لانك حلوه
وطيبة…
أنتحبت وتلكلكت بالكلام أكثر: ليش اليغ ليغ ؟!
وأشرت على نفسي…ليش هم يعايروني على كلامي ليش؟! أنا أكرههم…
مسح دموعي وقال: لا يا بنتي… أنتي ما تكرهينهم… هذولا أطفال مثلك ما يعرفونوك زين…
وقلت:لاه… لاه… مااكلم احد احد ابد .. انا…انا…انا خرسا خرساا… لا … لا…لا مجنوونه
مجنونه… ((( خلاص… أنا ما راح أتكلم مع أحد مرة ثانية… خليهم يقولون خرسا ولا يقولون
مجنونة…)))
ورجعت أبكي على حضنه… }}
..
{{… تلكلكت وأنا أتكلم مع جدي: ددي انا اشاره ابي … انت… انت بعد اشاره عارف .. عشاني
عشاني … ((( خـــــلاص… جـــدي… أنا بتعلم الإشارات… إنت تعلمها علشاني…)))
جدي قال بحنان: إلي يريحك يا بنتي… إلي يريحك أنا بسويه لك…
قلت أهمس وأنا أبدي بالبكاء: ددي وين… وين بابا ماما وين خنساء؟!… ((( جـــــدي… ليش
بابا وماما ما يسألون عني؟!)))
تنهد جدي ونزلت دمعه من عينه: يا بنتي هالدنيا ما ترحم حد… البابا والماما تركوك لأنك
خرسا وأنتي مالك ذنب…
شاهقت ورديت: ليش… ليش انا خرسا ابي كلم ابي ابي .. انا احب الله… احب رسول… احب
كلهم… ابي اكلم مثل كلهمم… ((( ليش أنا خرسا… ما أريد أكون خرساء… أنا أحب الله ورسوله
وكل الناس… بس أريد اتكلم مثل الناس…)))
بكى جدي وهو يحضني: هذا قدرك يا بنتي… هذا قدرك… والحمدلله رب العالمين…
حضني يذرف دمعه بدون خجل… وبكيت معه… بكيت معه ببراءة الأطفال إلي طعنوها أهلي بدون
رحمة… }}
..
يا عين… ليش تبكين؟!…
تبكين وجع أم شوق أم حنين؟!
أنا عاهدت نفسي أبقى خرساء طول عمري…
عاهدت ما أتكلم إلا مع جدي وبس…
أبقى بنظر الناس خرساء أحسن من غبية تثرثر بكلام نصه مو مفهوم…
سموه خجل أو أي مسمى ثاني…
بس…
بالنهاية أبقى الخنساء…
الخنساء إلي تايهة بين المجتمع وبين أهلها وبين زوجها… وبين ذاتها…
..


.
.

error: