رواية عمانية احرف مطموره بين طيات الورق كاملة

((((((((((الفصل الثالث)))))))))))
~~ من بين آهاتي وآهاتي… ~~

الأحد…
15-7-2007…
حسيت بثقل براسي… آلآم حادة فجسمي… حاولت أفتح عيوني لكني ما قدرت… لذا رجعت لعالم
الظلام…
فتحت عيوني شوي شوي… كنت أحس بغشاوة تغشى أنظاري… صرت أرفرف برموشي أحاول أرفع
هذه الغشاوة… وبعدها قدرت أناظر … عرفت من ريحة الأدوية إني بالمستشفى… بعد دقايق
جاتني ممرضة… ابتسمت لما شافتني صاحية… حاولت معي : كيفج إلحين؟
هزيت راسي شوي… شفت مسودة بيدها …طلبتها منها بإشارة…
أعطتني أياها وكتبت: أعذريني أنا خرساء… من إلي جابني هنا؟
ردت علي بأدب وهدوء لما قرت المسودة: يابتك سيارة أسعاف للمستشفى… العجيد فهمنا إنج
تورطي بدون دراية مع مهربي ممنوعات…
آآآه… رجعت لذاكرتي كل الأحداث… وأنتفظت لما تذكرت خالي وحمادة والبوس… شو صار
لهم؟؟!… وكيف طلعت من ذاك المكان؟؟…
كتبت: من متى أنا هنا؟
ردت: يابتك سيارة الإسعاف اليمعة بالليل واليوم هو الأثنين… كنتي تصحين وتنامين وهذا بسبب
الصدمة إلي تلجيتيها…
شهقت… يالله كنت بحسب نفسي رح أموت إلا إن إرادة الله إني أعيش… وهذا ليومين أنا فدنيا
الأحلام… غايبة عن الوعي…
سألتها تساعدني أتوضى حتى أصلي إلي فاتني…
رحت الحمام (تكرمون) وأنا أحس برجولي متيبسة لأني ما تحركت ليومين … ناظرت المرآية
ولاحظت وقتها شعري مقصوص بطريقة غبية… خصلات لمستوى كتفي وثانية أعلى وثالثة أقل…
فهمت وقتها شو السبب… الظاهر حمادة حاول يغرز بالمقص رقبتي إلا إن شعري هو إلي تأثر…
وخدوش بسيطة ورا رقبتي… بس شو صار لحمادة وخالي؟؟ من هو هذا البوس؟؟…لكن الحمد لله
إني طلعت من ذاك المكان… الحمد لله…
قضيت صلواتي الفايته… كانت حركتي بطيئة ورغم كذا مشيت للممرضة أمل… وتميت أسمع سوالفها
وأعلق بكلمة كلمتين فالمسودة… كانت طيبه معي ذكرت لي إنها تفهم لغة الإشارات… وشرحت لها
كل شيء صار لي… وبعدها رحت أنام قريرة العين .. لأني تأكدت بعدي عن خالي… إلي ما
حافظ على حرمته…


الثلاثاء…
17-7-2007…
رتبت الأربع أثواب إلي قدمتها لي أمل… تبرعت لي بكل إلي قدرت عليه… لما عرفت إني ضحية
جونو… وضحية خالي… هذا اليوم العصر راح أترك المستشفى… الحمد لله صرت أحسن… رغم
إني نحفت… وشحوبي ما زال ملازمني…
كانت الساعة تقارب ال 4 العصر … وبعد نص ساعة كنت بطلع وآخذ تاكسي يوديني للعامرات…
لبيت جدي… صحيح البيت فأي لحظة بيطيح سقفه… بس التجربة إلي مريت فيها ضرب من
الخيال…أنا خلاص… أكتفيت من الركض ورا أوهام أهل يضموني لهم… أكتفيت من لعب دور الملاك
المنبوذة إلي تعطي ولا تآخذ… صار لازم أناظر لنفسي… ربي ما منحني فرصة للحياة إلا لأستغلها
لنفسي وطاعة ربي…
وهنا كانت الزيارة إلي ما توقعتها…
دخلت أمل تطلب مني أرتدي شيلتي… سألتها بالإشارات عن الشخص إلي يريد يقابلني… ذكرت لي
أسم أبوي فزاغت عيني عجب… وأسم العقيد إلي ما كان غريب عني…
أرتديت شيلتي ولفيتها حتى تغطي وجهي… أنا بغنى عن تعليقات أبوي الساخرة… غير عن كذا
الغريب إلي رافقه… وتبين لي إنه الرجال إلي عرفته ليلة الجمعة بالبوس… حسيت بالخوف
منه… وتراجعت بشرد إلا إن أمل قالت لي: هذا هو العجيد وليد … إلي رسلك بسيارة الإسعاف…
وطلعت تاركتني لوحدي معهم… وأناعرفت بتفكير سريع إنه كان بمهمة عمل… وطبعاً حتى يجيب
راس خالي… مهرب الممنوعات… وعرفت بعدها إنه يشتغل بوحدة مكافحة المخدرات بشرطة عمان
السلطانية…
التحية إلي حصلتها من أبوي ما كانت إلا صرخة إنتفضت منها: أنا؟ أنا تفشليني كذا؟ تنتقمي مني لأني
طردتك من البيت؟ وبشو؟ بـ.. بـ..
كان يدور على كلمة تعطيني حق قدري… وفالأخير قالها: بشرفك… شرفي.؟.
كنت راح أضحك بصوت عالي لو كنت أملك لسان ناطق… أنا أنتقمت من أبوي؟ وبشو؟ طعنته بشرفه؟
أخخخ يا أبوي… وأنت من متى كنت لي أب؟ أو كنت أنا شيء معتبر بحياتك؟؟
وبالفعل ترجمت هذه الأفكار فمسودة أعطيتها لأبوي…وأحمر وجه أبوي بشكل غريب… عيونه
صارت جمر من العصبية…
صرخ: يا بنت تأدبي…
ورمى المسودة وطارت عند العقيد… وأنحنى وقتها العقيد يقرأ إلي كتبته…
وكمل أبوي بصراخ وهو يقرب مني: عرفت كل شيء من وليد… إنتي إنسانة منحطة ومنحرفة …
أكيد تربيتك وسخة… وأنتي بنت أمك…جيتي لتخربي حياتي … تبين توصمتيني بالعار… قدام
زوجتي وأهلها وأخواني وكل الناس…حتى أكون أنا إلي وصلتك لهذا المستوى المنحط من الأخلاق…
عرفت إن أبوي يتألم لأني ما زلت موجودة فهالدنيا… عايشة وواقفة على رجولي… هم وشبح
يلاحقه من الماضي…وما حسيت إلا وهو يمسكني من يدي ويهزني… كان بيضربني… وأنا ما
همني… ما همني لأني تعودت على الضرب والتجريح…. لكنه نزل يده فجأة…
صرخ: قولي لي إلحين شو بقول للناس؟؟ شو بقول لهم إذا عرفوا إن بنتي بالمستشفى مسوية
مصيبة؟؟…أخبرهم إن بنتي كانت فبيت سكارى… بيت متروس مخدرات… بنتي باعت شرفها بكل
بساطة…؟؟؟
سحبت يدي منه وبكل شراسة وبدون أي أعتبار للإنسان الغريب إلي كان جامد فمكانه… ونظرات
العبوس فوجهه… سحبت المسودة منه بقوة… حتى إنه ناظرني بتحقير…
كتبت بشراسة: خبرهم إني مجنونة… مضيعة المذهب… ما هذا الكلام إلي أتهمتني فيه لما جيتك
فبيتك؟؟؟
صرخ: الجنون عافاك… ليتك كنتي مجنونة ورميتك فـ أبن سينا ((مستشفى الأمراض النفسية))…
وأرتحت من المصيبة إلي طحت فيها…
عضيت على شفايفي وكتبت: آخيراً أقتعت إني مو مجنونة؟؟… أبشرك يا أبوي… إذا يحق لي أناديك
بأبوي … إني مسافرة… راجعة للبيت إلي طلعت منه بتربية منحطة… وما عاد لك تشوفني… أو
تسمع عني… إنسى إني بنتك أو ماله داعي … أصلاً أنت تبريت مني من كنت بنت خمس سنين…
صرخ أبوي وهو ناسي إنه بالمستشفى: لا… خطتك هذه أرميها فالبحر… لأني أنا إلي راح أكون
مسؤول عنك من يوم ورايح… وبكذا راح ألجم تصرفاتك الغبية… وأفكارك الـ…
قاطعته لما ضربت رجلي على الأرض بقوة… وكتبت في المسودة: رغم تحقيرك لتربيتي… أنا
أشرف من كلمة الشرف نفسها… وما كنت راح أرضى لهذا الإنسان أو غيره يجيني… لأني بقتل نفسي
قبل لمسة تنحط علي…
وأعطيته المسودة… ورجعت لوراي أشيل شنطتي… كان أبوي يقرأ المسودة ويناظر العقيد… ولما
لبست عباتي… طاحت عيني على العقيد… كان يناظرني بحقارة والمسودة فيده… قال لي بصوت
جامد ذكرني لما قال “حثالتكم ما تهمني”…: وجودك ببيت راشد؟؟ ملابسك العارية؟؟ هذا كله شو
كان يعني؟؟
مشيت آخذ المسودة منه لكن الظاهر إنه نساها بيده… ونسى كوني خرساء… لأنه تسمر فمكانه…
رفعت يدي …وتكلمت بالإشارات: كنت مجبورة… أدور على سند لقيته بخالي… وخان هو ثقتي
فيه … كنت مجبورة بكل شيء… بكل شيء…
الظاهر العقيد ما فهم أي إشارة… وبكل حنق سحبت المسودة… لكنه تكلم: مجبورة؟؟ عذر أقبح من
ذنبه… لو فيك ذرة شرف ما كنتي أصلا موجودة فبيت سكير…
أرتعشت يدي لأني إستغربت كيف فهم إشاراتي أكثر من إهتمامي بإهاناته…
أشرت بعصبية: قلت لك كنت مجبورة… مجبورة…
قال بصوت يحتقرني فيه: لا تنسي إني كنت موجود وشفت كل شيء… من ساسك لراسك كنتي
بصورة تكرها النفس وتقزها…
هزيت راسي وأشرت له وأنا أحس بجسمي يرتعش: اسمع… اسمع أنا رحت لخالي لأنه الوحيد إلي
رضى يستقبلني… صح عرفت إنه سكير بس ما كنت أعرف عن نزواته… ما كنت أدري أنه بهذي
البشاعة ويعرضني لأصحابه… لا تتهموني بشيء أنا ما سويته…
قال وشفايفه خط مستقيم من الغيظ: أستحق كل شخص جزاه… وماراح نتساهل بعقابه… ورغم إن
راشد رجع يعترف إنك ما كنتي تعرفي عن شيء… إلا إنه أعترف إنك رحتي برضاك… فسمعيني
أسبابك ..
أشرت وأصابعي ترتجف: أنت ما تفهم أنا كنت مجبورة…وبعدين أنت من تكون ؟؟ أنا مو مجبورة
أعطيك أسباب وتفسيرات… إذا أنت أخترعت لنفسك تفسيرات غبية وصدقتها…
وبكل عزة نفس مشيت طالعة … قررت إني ما راح أكون ضحية بين يدين أي شخص… لأني تعلمت
الدرس… الوحدة …الضياع فيها… أحسن لي من أهل يكرهوني… وأذنبوني بشيء أنا مالي
فيه…أهل ما همهم إلا مصالحهم…
سلمت على أمل وشكرتها على كل شيء…
كنت واقفة عند الإستقبال أفكر كيف بروح للعامرات…وطلعت للمواقف ولفيت على ساحة فاضية
حتى أدور تاكسي… إلا إني تفاجأت بشخص يمسك يدي… تفاجأت بأبوي وعيونه شرر… حاولت
أسحب يدي منه… إلا إنه سحبني لمواقف السيارات القريبة… صرت أهز راسي بجنون… المشكلة مو
قادرة أصارخ لأنه كمم فمي بيده… وقفت ودموعي سيلان… أنازع قيد أبوي… إلا إنه نجح
ووصلني لسيارته… دخلني غصب عني وجلس هو جنبي… كان من المستحيل أهرب… أكتشفت وقتها
إن العقيد وليد هو إلي يسوق السيارة…
خفت… هم يرغموني…يجبروني… وأنا بعد ما تحررت من آلآمي… أرجع لها من جديد على يد
أبوي… لا…لا… ومثل المجنونة صرت أرفس وأحرك يدي بإشارات الرفض…
قالي أبوي بعصبية: لا تحاولي تهربي… لأنك ما راح تقدري… أنا أبوك… وأنا المسؤول عنك
من يوم ورايح… فاهمة؟؟
هزيت راسي بلا… توك تذكرت إني بنتك؟… وهنا صرخ أبوي: الخنساء… إذا ما أصطلبتي… ترا
وليد قادر يفتح الملف ويوديك لأردى السجون…
ناظرت أبوي بغباء… شو قصده؟؟ ملف؟؟ سجن؟؟…
شرح لي أبوي بعد ما شافني سكت: قضية يوم الجمعة … أنت كنتي مشكوك فيها… أكيد لازم
مشكوك فيها… وجودك ببيت سكارى ومخدرات…وليد بمنصبه قدر ينتشل الفضحية إلي كانت بتصير
لك إذا رفعوا أسمك للشرطة والمحاكم… قدر يطلع من هالمشكلة بطلعت الروح… أركدي
وأصطلبي…
ارتجفت شفايفي… بس أنا… أنا كنت فيها مظلومة… مظلومة…
وكمل أبوي بتجريح: الحمد لله إنها ما وصلت لهذه الدرجة… والشكر لوليد… بس أنت ..أنت وصمة
العار فحياتي.. بعتي شرفك و..
هزيت راسي بجنون …لا… أنا ما بعت شرفي… لا… وبالإشارة البطيئة صرت أقول له لا…لا…
لكن الظاهر أبوي وهذا العقيد كونوا أفكارهم وأستنتاجاتهم عني بدون ما يسمعوا لي كلمة دفاع…
وصلنا وقتها بيت أبوي… وبكل أندفاع وعصبية جرني أبوي وأنا أقاومه للسلالم… وبعدها فممر
وسيع … وفالأخير للغرفة إلي رماني فيها بدون رحمة… وهنا طلع حرته إلي كان كابتنها…
ضربني وصفعني حتى صرت مثل الثملانة بين يديه…
كان كل ماله يضرب يصرخ بجنون: وين أودي وجهي إلحين؟؟ وين أوديه؟؟… كل هذا من أمك…
ليتك متي وأنت نطفة برحم أمك… ليتك متي وأنت جنين لما قالت لي أمك إنها حامل وإنها ما
تتشرف تكون حامل مني… ليتك متي لما حاولت تتخلص من جنينها… ليتك متي لما عرفنا إنك
خرسا… ليت الإعصار أخذك… ليتك وليتك…
ورماني بقسوة وصدمت بالسرير… وطلع تاركني… أنزف مو دم إلا دموع… انزف بقايا أمل
بحياة أقل ما أقدر اسميها طبيعية…


.
.
الأربعاء.. الفجر…
18-7-2007…
أتذكر الوحدة إلي عشتها لساعات… متكورة على نفسي أفكر كيف صارت حالتي… تسآءلت ليش
أتعذب كذا؟ ليش أنا بالذات؟ أستغفر الله العظيم… أستغفر الله العظيم… لكل شيء حكمة… وهذي
إرادة الله… كنت أتوجع بكل ما للكلمة من معنى… هذي أنا متكسرة من الضرب… توني خارجة من
صدمة وجا أبوي وكملها…
مشيت للحمام (تكرمون) وغسلت وجهي… ناظرت المرايه… أخخخ يا أبوي… أنا بنتك .. قطعة
منك… تعاملني بهالوحشية؟؟… وهو من متى أنا بنته؟؟ آآآآه… شفت وجهي مليان كدمات
وجروح… شفايفي منتفخة… وعيوني مخضرة ومحمرة ومزرقة من الضرب… ابتسمت أسخر من
شكلي… حمادة قص شعري بغباء وأبوي عفس خريطة وجهي…
رجعت تمسكت بالمغسلة وأنا أناظر المرايه أبكي… آآآآآآآآه متى ينتهي هالعذاب… متى
ينتهي؟؟؟… طلعت لي لبسه وخذت لي دوش ساخن… أحاول أسكن الألم فجسمي… وبعدها توضيت
وأستقبلت قبلتي… دعيت يكون فرجي قريب… يهدي ويحنن قلبين تجمدت فيهم الرحمة وتركوا
طفلة ضايعة…
لما وقفت على رجولي إلي مازالت ترتجف فتحت الضوء بالغرفة… لأحظت لأول مرة الغرفة رغم
بساطتها وصغرها إلا إنها قمة فالذوق… السرير كان منفرد متوسط وألوان الغرفة مشرقة… كنت
تعبانة بسبب ما بكيت … ورميت نفسي عالسرير… تذكرت أقوال أبوي {ليتك متي وأنت نطفة
برحم أمك… ليتك متي وأنت جنين لما قالت لي أمك إنها حامل وإنها ما تتشرف يكون لها طفل
مني… ليتك متي لما حاولت تتخلص من جنينها… ليتك متي لما عرفنا إنك خرسا…}…
وتبقي يالخنساء حلقة مفقودة ضايعة بين إثنين ما أرادوك تكوني بهالحياة… وغصب عنهم جيتي…
غصب عنك صرتي معنى للمرارة والعذاب… غصب عن الكل…
ومشيئة الله فوق كل مشيئة…


قمت على الساعة وحدة الظهر… الضوء كان يمليء المكان بإشراقة غريبة… نزلت من السرير
وحركاتي ضعيفة… وصليت ورجعت أناظر من الشباك… ولاحظت الحوش كبير ومتوشح بخضرة
بديعة… ناظرت للباب … كنت أتوقع أبوي يدخل علي ويصرخ فوجهي… لكن شكله نساني هنا…
من أمس العصر وأنا محبوسة بهالغرفة… كنت عطشى وجوعانة… أكيد مو نيتهم يجوعوني… لكن
متى؟؟؟ متى أخرج من هالسجن؟؟؟…
الساعة 4 العصر…
خلاص ما عدت قادرة أوقف بطولي… مرت 24 ساعة وأنا ما دخل الماي والأكل فمي… فكرت إن
من الوحشية يتركني أبوي بهالغرفة بدون حتى كوب ماي… جلست عالأرض مستندة بالجدار…
دموعي تنزل وشفايفي جافة … وحلقي ناشف… ودي بشربة ماي… متى يتذكروني؟؟ متى؟؟
وكأنه سؤالي إجابته حاضرة… أنفتح الباب ودخل أبوي … فتح عيونه مصعوق… أستغربت
إندهاشتة… وقفت شوي شوي وضلوعي يتكسروا… طاحت عيني على المرايه… وتذكرت إني ما
لابسه شيلتي… وشعري منسدل على كتفي وقصته الغريبة الغبية مع خريطة وجهي ودموعي كأني
بنت شارع … مشيت لشيلتي وسحبتها ألبسها بإهمال ولفيت الشيلة أغطي وجهي… وبحرة ألم
أعطيته ظهري… مو قلة أدب إلا ألم… ألم وحرج…
سمعته يقول متردد: لا تعطيني ظهرك… ولا تغطي وجهك…
لفيت له…غريب كيف عذابي يتلذذ فيه أبوي… رفعت راسي له وما نزلت الشيلة أنتظر صوته
يجيني… غاضب… وناقم… لكن على العكس…
تكلم أبوي بهدوء: أجلسي يالخنساء…وأسمعيني…
ناظرته بغرابة… وجلست بعيد على طرف السرير… وأبوي واجهني جالس على الكرسي…
قال: ما راح أطول… لأني جاي أذكرك بكلمتي… أنت إلحين صرتي مسؤوليتي بما إنك تعيشي تحت
سقف هالبيت… بتكون لك حرية التصرف فطريقة عيشتك… لكن تذكري أنا لي قوانيني إلي
راسمها… وما أسمح لأي أحد يتخطاها ويتجاهلها لأني… (وشدد عليها ) لأن عقابي شديد…
سكت شوي وكمل بعدها: زوجتي رفضت وجودك لكني أقنعتها… وجودك فهالبيت مثل عدمه
بحضورها… وما أتوقع هذا صعب…
دريت إنه يقصد لساني الأخرس… ناظرت لبعيد بشرود… أسمع إهاناته مثل فحيح أفعى تنفث
سمومها… وأنا بكل بساطة الصمت عاقد لساني… لأني تذكرت فغمرة هاذي الأحداث كلها إن هذا
الشخص الجالس قدامي… هو أبوي رغم كل شيء… وله مني إحترام واجب…
وكأنه حس بضعفي قال: ما أخفى عليك رفضي لوجودك…
دمعت عيني بضعف …لكني بكل قوة كبتها… وسمعته يكمل بتجرييييح…
أبوي: لكن أنا مرغم … مرغم بسبب موقعي فالمجتمع… بوجودك تذكرت فشلي وأنا شاب بلا خبرة
بزواجي من أمك… وأنت كنت الدليل… عاقتك أثبتت لي فشلي الكبير… ووجودك فهالوقت ذكرني
بالفقر والعدم والفشل… لما أرتقيت سلم النجاح رفضت أدخل عنصر الماضي فحياتي… لكن…
ناظرني بقهر… عرفت وقتها إن أبوي ما ضمني له إلا لأنه يخاف المجتمع ينظر له بطريقة مختلفة
إذا هو رفض وجودي…
مشيت للمسودة إلي ما تفارقني وكتبت : ورغم كوني عالة عليك يا بوي …أنا بشر ولي كيان
وحتى بعاقتي… لي أحاسيس… ومشاعر…
قرأ أبوي المسودة …قال بعد صمت وبإحتقار: أنتي بعتي شرفك بكل بساطة…
هزيت راسي بعنف… كتبت له: مو أنا يا بوي إلي أبيع شرفي ببساطة… ما كنت بسلم نفسي لأي
أحد حتى ولو كان موتي… لأن مخافتي بالله أكبر من خوفي بنزوة خالي…
مسكت مصحفي وحركت شفايفي بقسم بلا أي صوت… السكون أعطى القسم الصامت رهبة… حسيته
جمد بجلسته… وبعدها ناظرني بنظرة جديدة… تختلف كلياً عن الغضب…والشك… ممكن تسموها
نظرة شفقة…
كتبت: أنا خرسا لكن مو مجنونة أو متسربة يا أبوي… تتشمتوا وتعايروني على خرسي… على
شيء أنا مالي قدرة فيه… هذي إرادة الله… والحمد لله على نعمه…
لفيت للشباك ونزلت شيلتي ورجعت ألف عليه… وأنا أأشر على وجهي… وهذا هو ردك علي…
وبدون ما أحس نزلت دمعة حارة لخدي وأنا أناظره…
أهتزت شفايفه وهو يقول: أنتي وأمك…
قاطعته وأنا أمشي للمسودة وأكتب: والله أنا ما أعرف عن أمي أي شيء غير إنها تزوجت وعندها
بنت… وأنا لما رحت لها طردتني من بيتها وكان هاليوم نفس اليوم إلي جيتك فيه… وطردتني…
ذاك اليوم إلي ترددت فيه أبات بالمسجد أو عند خالي إلي غرتني طيبته…
وتم يناظرني بتشكك…حتى ما قدرت أستحمل شكه…
وكتبت : سؤال واحد يا أبوي والله حسيب بكل فعل وقول… شو ذنب طفلة خرساء بكل هذا؟؟ أي
ذنب أقترفته حتى أتعذب؟؟ أي ذنب أقترفته حتى ترفضوني وتطردوني ؟؟ أي ذنب أقترفته لما جيت
خرسا؟؟ أي ذنب أقترفته لما وثقت بخالي وطالبت بسند؟؟ أي ذنب أقترفته حتى تجي وتضربني
بهالشكل؟؟ أي ذنب يا أبوي؟؟ أي ذنب؟؟…أي ذنب؟؟…
وطاحت المسودة ويدي ترتعش… وطحت أنا على رجولي ضعف… وأغمى علي… ويا كثر
هالإغماء إلي يستقبلني بأحضانه بكل شفقة…


ما أذكر الوقت أو التاريخ بهالوقت…
حط شخص كوب على شفايفي… آآه … آآآه ماي؟؟!… وبدون وعي حطيت يدي على هاليد والكوب
…شربت بكل لهفة… وشفايفي ترتجف … لثمت هاليد وأنا ابتسم… أشكرها على رشفة الماي
هذي… كل هذا وأنا مغمضة… وبعدها حسيت بيد حنونه تمسح على راسي وترجعني للوسادة…
كلام ما فهمت منه أي شيء… وقطرات ماي تنسكب على وجهي… حتى وصلت لشفايفي وأكتشفت إنها
من ملوحتها… دموع؟!…
غريب من يبكي علي؟؟!!


.

error: