رواية عمانية احرف مطموره بين طيات الورق كاملة

(((((((((((((((((((الفصل التاسع))))))))))))))))

~~أين ترتحلين تسكن النبضات..~~

الذكرى الأولى}}… كانت ألم بالنسبة لي…
جونو … فقد جدي… ونبذ أمي لي آلمني… أخذ مني كل فتات أفراحي… صار الحزن هو
سيدي…و البكاء هو ونيسي…
..
و عشت بين … صرخات الصمت}}…
ضياع ونبذ جابهته من أبوي بكل شجاعة… وخالي ما ترك لي خيار… جرحني بشرفي… وصدمني
بأفعاله…
..
و… من بين آهاتي و آهاتي}}…
أنتشلني أمل مجروح من شهامة أبوي… عشت منبوذة بينهم… وما لاقيت إلا الذل من زوجة أبوي…
والجحود من أهلي…

أنتشلني أمل مجروح من شهامة أبوي… عشت منبوذة بينهم… وما لاقيت إلا الذل من زوجة أبوي…
والجحود من أهلي…
..
وبلحظة….
تسجل شريط حياتي…
هو بقسوته… بشراسته… بقوته… بهدوءه… وشهامته… سجلها…
..
أخفض أجنحتي}}… منعني أطير وأحلق لبعيد… وثقني فيه وشد على الوثاق… وختمني بختم
خاص به… وصرت ملكه…
آلمني… أوجعني… وهز كياني… أتعبتني مواجهاته…وأرقتني…
..
وبليله حالكه… قرر مصيري…
شال معوله على كتف… وحملني بين يديه… ومشى بكل برود وهدوء لمصيري…
غسلني بدموعه}}
..كفني بأضلعه}}
..ألحدني بينه وبين أطواق الياسمين}}
…رواني من ماء دمعه}}
ونزف دمه…
تركني أتخبط وحدي… وترك للضياع مصيري… إلا مو للضياع…
للقبر…
..
وبلحظات…
أنتشلني… يصافحني… وينفض الألم عني… ويرويني من الأمل…
حسبته يفتح جروحي… ويزيد ذرف دمعي… ويقتل كل نبض فيني…
لكن…
زرع بنفسي شعور غيير… شعور صعب علي فهمه… وتركت للقدر تسميته…
طلب مني أسامحه… أفهمه… نفتح صفحة بيضا ونسطر حروفها بأنفسنا…
ووافقت…
وافقت…أنتظر منه بلهفة بداية تسطير أول حرف بهالصفحات…

..
.
بعد مجرد دقايق…
تنهدت بكل بطء… وأنا أحس براحة تغمرني… سكنت دقات قلبي المتسارعة… وجفت دموعي على
خدي… رفعت راسي شوي شوي… وألتقت أعينا بأسئلة كثيرة… أسئلة رميناها بالوقت الحالي
نحاول ننعم بهالراحة والإستقرار إلي لأول مرة يجمعنا…
غرس يده بشعري وأجبرني أناظره…
قالي يبتسم: مو كفاية هالدموع يالخنساء؟!
مد إبهامه يمسح دمعاتي… ويهمس: من يوم ورايح ما أبي هالدموع… كفاية إلي ذرفتيه…
خجلت من نظراته الجديدة إلي سارعت من دقات قلبي… وحاولت أبعد من حضنه… لكنه مسك
يدي…
وكمل يقول بلهفة: صدقيني قرارنا هذا هو عين الصواب…
هزيت راسي مترددة…
رفع ذقني وقال: يلااا بدلي لبستك وتعالي المطبخ… بيصير غدانا عشا…
أشرت له بتوتر: إن شاء الله…
وطلع تاركني… وقفت أسكن دقات قلبي الجنونية… ما فهمت أي مشاعر تتضارب بقلبي إلا مشاعر
الراحة والهدوء… وإلي أكثرها همتني… وقفت على حيلي وأخذت لي تنورة خضرا خفيفة لنص
الساق… وبلوزة بأكمام ضيقة لونها أبيض مع بنطلون أبيض… سرحت شعري وأسدلته … ترددت
شوي وبعدها أخذت كحل أخضر وجلوس وحطيته بتردد… تعطرت وطلعت بكل ربكة للمطبخ…
ترددت أدخل بس بالأخير وصلت عند العتبة… شفت وليد جالس على الكرسي يناظر بشرود ويده
على ذقنه…
لاحظني وابتسم إبتسامة أربكتني… إبتسامته لي شيء مختلف… أسعدتني مثل ما أربكتني…
قالي: أقربي الغدا برد…
ومن ربكتي جلست على حافة الكرسي…
لاحظ ربكتي وأخذ ملعقته يقول: يلااا سمي بالله…
وأنغمس بأكله… أما أنا فمسكت ملعقتي وتجرعت ريقي وأنا أناظر الأكل… أخذت آكل من السلطة
وشوي من الرز وتحاشيت صالونة (مرقة) الدجاج…
كنا نلملم الأكل الباقي لما قال وليدوهو يناظر ساعته: الخنساء… أكيد أهلنا يسألوا عنا… يلااا
خلينا نطلع…
وهو عند الباب لف لي وقال: أيوه صحيح… لا تنسي تاخذي لك الجاكيت… الجو بالخارج بارد…
طلعت وراه وأخذت عبايتي وشيلتي ولبستهم ومسكت الجاكيت وشنطتي بيد وطلعت لوليد بالصالة…
كان هو لابس بنطلون أسودوقميص أرزق… وجاكيته على يده…
ابتسم: يلااا مشينا…
.
.
كان الظلام يغطي المكان فما قدرت أتبين معالم الجبل بوضوح… وقفنا بعدها عند منطفة صح
موحشة بظلامها لكنها خلابة…
قال وليد وهو يأشر على مكان أهلنا: هذي المنطقة تسمى “حيل المسبت” … وهنا المكان صح بارد
بس بديع… وطبعاً هالمكان مناسب الواحد يسهر ويشوي فيه…
حسيت بالبرد أول ما نزلت من السيارة… أخذت الجاكيت ولبسته… وليد قال هالمكان بارد تنزل
درجة الحرارة لـ 5 درجات تحت الصفر بالشتاء… وحتى بالصيف توصل درجته لـ 10 درجات…
وأنا من إلحين أحس بالبرد…
حسيت بوليد وراي… ولف يده على كتفي وضمني شوي له…
قال يبتسم: يلااا نمشي لأهلنا…
كان الكل متجمع حوالين النار إلي مشعلينها… نار خذت مساحة حتى يشوون فيها ونحس بالدفء
منها… وحسيت بقمة الحرج لما تركزت نظرات أهلي علينا…
قال طلال يغمز: هاااا… المعاريس وصلوااا أخيراً…
وعاد تعالوا شوفوني شو صرت… تخبيت من الحرج ورا وليد…
قال وليد يبتسم: أركد بس… أقول جلند مو كأن هالنار محتاجة زيادة خشب…
قام جلند وهو شايل موبايله وعينه عليه: تمام… بدور هنا وهناك…
وقف طلال ومشى وراه وهو يقول: وأنا بجي معاك… يا أولاد تعالوا بتنفعونا شوي…
وقاموا الأولاد تلحقهم مزون وهي تصارخ تضرب رجول طلال… ليش لأنها بنت وهو يناديهم يا
أولاد كل مرة… وجلست أنا جنب هدى ونشوى ولجين…
قالت هدى تهمس بنص عين: أممممم… أشم ريحة حدث طازج… أشبعوا فضولنا يا عرب…
ضحكت بصوت عالي… ولفوا لي أهلي… أبتسموا كلهم عدا عمتي إلي ناظرتني بتقزز وبنتها نشوى
إلي كانت عيونها مشتته علي مرة وعلى وليد مرة…
قالت عمتي تهامس: عظمة تطبق لك فبلعـــومك…
ما أحد سمعها غيري بحكم إني خرساء وحاسة السمع عندي أفضل من البقية… وطبعاً سمعها زوجها
الجالس جنبها وعمي سيف…
وقف محمد قبل لا يصرخ عمي سيف وقال: سلللمى… قومي أشوف… أريدك بكلمة راس…
أسود وجهها… ووقفت ماشيه وراه…
ناظرها عمي سيف بنظره مغتاظة وقال: صدق لسانها تبرأ منها…
ورجع لاف لي وهو يقول: هااا الخنساء شو إلي يضحكك؟!
ناظرته شوي وأشرت: ما في شيء… بس هذي زوجتك أذتني أبعدها…
قرصتني هدى على يدي وهي تهامس: أنا مأذتك؟!… أقول ياللاا تكلمي… ما فيش حاجة يختي
بتتخبى علي…
رجعت أضحك وأنا أأشر: لا… ماراح أقول لك… بس صدقيني ما كنت سعيدة بحياتي قد هاليوم…
رفعت أنظاري لوليد إلي عيونه كانت مسمرة على وجهي الضاحك…
نزلت راسي وسكنت…
قالت هدى تهمس وبعيونها دمعة فرح: الحمد لله… الله يديم فرحتك وسعادتك مع وليد…
أشرت: وكيف عرفتي إن سعادتي هي مع وليد؟!
ابتسمت وعيونها تلمع: يا ماما أنا محدش قدي… أدري… أدري وبس…
ابتسمت أضحك عليها: أكيد تدرين مو خالتنا العجوز؟!
رجعت هدى تقرصني وهي تقول: أنا عجوز يا بنت؟!… محد عجوز غير زوجك…
ضحكت بقوة وأنا أحاول أبعد عنها… ورجعت أناظر وليد وهو مازال يناظرني…
قال وليد فجأة: هدى أتركي زوجتي لحالها…
رفعت هدى صوتها شوي وقالت: يالله يا زمان أول… كنت خالته… وإلحين هدى حاف منتف…
ضحكنا عليها… وقال وليد: ومن متى سميتك خالتي؟! أصغر مني بسنتين وتبيني أناديك
خالتي…؟!
قالت بغرور متصنع: ولوووو خالتك… وبتناديني خالتي…
ضحك عمي خالد وقال: من يومكم صغار وهو يرفض يناديك خالتي جيتي على وهو بالثلاثين تبينه
يناديك خالتي؟!
وكمل عليه عمي سيف: لاااا وبعد لما تزوج…
قالت هدى منغاظة: خلاص… خلاص… ما نبيها… وأصلا أنا بعدني بعز شبابي…
قال عمي سيف يأيدها: وهي الصادق…
ضحك وليد وقال: ترى قالوها القرد بعين أمه غزال…
رمت هدى عليه كوب ورقي: أنا مقرودة؟ أنا؟! ! تمااااام يا ولد سارة… تماااااام…
ضحك وليد بصوت عالي… بصوت مشبوب بحيوية الشباب… صوت تخلخل بكياني… أناظره وأنا
أحس بأحاسيس عظيمة تتراقص بقلبي… تيقظت لما سمعت صوت همس الأخوات إلا كانن جالسات على
طرف الحصير (البساط)…
لجين بهمس: إييييه أنتي بسك…
همست نشوى وهي تسمر نظراتها على وليد: وشو بس؟!
لجين همست: نزلي عينك قبل لا تطيح…
ضربتها نشوى على يدها: اسكتي بس…
قالت لجين بهمس أخف ما سمعت منه غير: أتحداك إذا هو بس يفكر فيك…
ناظرتها نشوى شوي ووقفت تقول مغتاظة: أنا بمشي ورا أمي…
ومشت تاركتنا…
قال عمي خالد بحب: هااا لجين… كيف الثانوية معاك؟!
قالت لجين بابتسامة: حلووه يا خالي… الحمد لله…
سأل وليد بإهتمام: وشو المواد إلي ماخذتها؟
قالت لجين تناظرني وتناظر وليد: لا هي مواد علمية ولا هي مواد أدبية… على قولتهم علمي
متأدب… نصه أدبي ونصه علمي…
وليد: وكيف الدراسة معك؟!
قالت بابتسامة: الحمد لله… صراحة أتمنى أدخل كلية الآداب وآخذ ترجمة…
قال وليد ناصح: إن شاء الله… خلك متفوقة وجيبي النسبة العالية إلي تدخلك هالتخصص… شدي
حيلك بس وبتحصلي إلي تبينه…
هزت راسها: إن شاء الله… مشكورر يا ولد الخال…
وناظرتني شوي وفأجتني بسؤالها: وأنتي الخنساء ما ودك تكملين دراستك؟!
ابتسمت لها وأنا أأشر… أتعرف على لجين أكثر: لا… راحت علينا… أصلا أنا ما درست علشان
أكمل…
ابتسمت لجين: بس حلووه الدراسة… أنتي بنفس عمري… 18 صح؟!… وإنتي ما شاء الله باين
عليك ذكية وتعرفي معلومات أكثرمن المتعلم تقدري تمتحني وبيرفعوك…
ابتسمت وأشرت: جدي كفى ووفى… كان هو معلمي إلي ماله مثيل…
وبكذا كملنا سوالفنا أنا وهدى ولجين… وقدرت أتعرف على نفسية لجين الحلوة… ومزاحها وآرآها
إلي تؤمن فيها وتحاول تقنع غيرها… وكانت هي بعد مختلفة عن أمها وأختها… صحيح خصلة من
شعرها البني تنسدل على جبينها بكل جرأة لكنها كانت طيبة وحبوبة…


الساعة… 11 بالضبط…
بعد ما خلصوا الرجال شوي… قربت الصحون وبدينا نآكل… وللمرة الثانية أتجرع ريقي وآكل
السلطة والخبز وأتحاشى المشاوي…
وقفت أمشي شوي بعيد لما كانوا الرجال يلملموا الأكل ويشربوا الشاي الأحمر…
قال لي وليد إن إلي يميز الجبل هو طبيعته الخلابة… وطبعا الجبل هو المكان الوحيد إلي تنمو
فيه شجرة “العلعلان القديمة” بشكل واسع وكبير… وهالأشجار الضخمة رائحتها زكية ومنعشة
وبالأخص وقت الصيف…
وقفت ورا شجرة أتمتع بالمنظر والهدوء لما سمعت وراي أصوات مميزة… لفيت شوي وشفت جلند
واقف ولجين مقابله… ما كان ودي أتنصت بس هم أجبروني لما سمعت صوتهم الحاد… شكلهم
يتنازعون…
لجين بعصبية: أيييييه ما أسمح لك… أنت من علشان تقولي غطي شعرك؟! إذا أبوي أبوي ما قالي
غطي شعرك… تجي أنت تقولي غطيه؟! وبعدين أنا وأختي نشوى نفس الستايل… وجيت علي أنا
تكلمني؟!…
قال جلند مناظرها بنص عين: أحشمي نفسك يا لجين وهذي السوالف كبرنا عليها… أنا جيت أكلمك
أنتي بدل لا أكلم أختك…
ضحكت ساخرة وهي تكتف يدها: لاااااااااا والله… حلو وشو شايفني أنا؟! وبعدين طلال ولا مرة
قالي هالخرابيط إلي تقولها أنت…
قال معصب من حركاتها: العتب مو عليك علي أنا إلي جاي ومكلمك… كنت أحسبك كبرتي وعقلتي…
ومالك بسوالف أختك…
كنت بلف وأرجع لكني سمعت كلماته الأخيرة وإلي لفتت سمعي… ووقفت ساكنة وأنا مشتته بين
أمشي وأتركهم أو أتم أتسمع…
قالت لجين مدهوشة: شو قصدك؟!
قال: قصدي واضح… وانتي فاهمته… خبري أمك بالأول… وأختك نشوى إن مالها فوليد نصيب…
ولا حتى بأحلامها…
همست لجين: وأنت… أنت شو إلي يخليك متأكد؟!
قال: أنتي ما عليك وصلي هالكلام لأمك وأختك وخليهم يتركوا وليد والخنساء لحالهم…
لجين بفضول: لحظة… لحظة… أنت شو بالضبط جاي تكلمني عليه؟! أول شيء تقولي غطي
شعرك… وبعدين تجي وتقولي خبري أمك وأختك يبعدون عن وليد وزوجته… أنت بالضبط شو
قصدك من هالنصايح؟!
رفع حاجب: شو قصدي؟!
لجين عصبت لأنه يقهرها: يعني بالعربي يا فالح… أنت شو موقعك بهالأحداث بالضبط؟!
ناظرها جلند بنص عين: والله وأنا محترمك لأنك أخت طلال ربيعي وصديقي وأخوي… أصلك ما
تستاهلين أحد يكلمك بإحترام…
من غيظ لجين شاتت حصاة صغيرة وضربت برجله… ناظرها بعصبية وكانت هي ماتقل عنه
بهالعصبية…
وهمست: أحترم نفسك… ولا تقول هالكلام…
ضحك جلند وقال: وإذا قلته؟!
صرخت: بخبر طلال عن سوالفك…
وكمل جلند ضحكه: جربي… وبعدين إذا ما تذكرين طلال ما كان حلقة فبلعومنا…
أرتعشت وأنغاظت زود وجات بترمي عليه حصاة ثانية…
وهي تهامس بعصبية: أكرهك… أكرهك…
قال وهو يعض على شفته يكبح ضحكاته: ما كان هذا كلامك قبل ثلاث سنوات…
همست وشفايفها ترتجف: كنت غبية… طفلة وعمري ما تجاوز 16 سنة …جاهلة… ما كنت
أعرف إنك نذل بهالشكل… إنك بـ… بـ..
وكمل عليها: إني أتركك…
نزلت راسها شوي ورجعت ترفعه: إيوه… بعد علاقة دامت سنتين بالموبايل والماسنجر…
والأكاذيب الحقيرة والتافهة إلي كنت تضحك فيها علي…
وكملت مشمئزة: وكلمتك التافهه … بتزوجك… أتزوجك لما تكبرين… كانت كذبة دمرتني
وعدت بسببك سنة من دراستي…
حسيت بالجو ما بينهم تكهرب وحتى وأنا واقفة متسمرة بمكاني…
وبالأخير تكلم جلند يقطع هالصمت: وإذا قلت لك إني بتزوجك… شو بيكون ردك؟!
حاولت أشوف ردة فعل لجين إلي وقفت متسمرة تناظره بغباء…
فجأة ضحكت : هههه… أقول يالــــ… دور لك على وحدة تضحك عليها لأني كبرت على
هالأكاذيب يا حقيــــ…
همس جلند معصب: أسسسسكتي يا لجين…
وبعدها ناظرها من فوق لتحت: المهم… بخطبك رسمي من أبوك… وموافقتك أبيها إلحين…
ضربت الأرض برجلها وقالت: لا… لا… لا… إنت شو تخربط؟! شو تقول؟! تجي تعاتبني
وتهددني بأمي وأختي وإلحين ترغمني أتزوجك… شو أنا؟! غبية؟! هايمة مالي رب؟!… أحلم بس
تطب رجولك باب بيتنا…
همس جلند وهو يناظرها معصب: قولي موافقة وبلا هالدلع والرفض… أنا عارفك… وعارف زين
إلي بقلبك…
صرخت لجين وقالت بشراسة: وليش؟! علشان تذلني؟! علشان تثبت لي أنك شهم وقد كلمتك؟! وإلا
علشان إني رافضتك؟!
قال وعينه تلمع: بحتفظ بجوابي لنفسي… وصدقيني… صدقيني يا لجين… رفضك ما يودي ولا
يجيب… ومصيرنا لبعض…
صرخت عليه: نذل… والله إني ما بوافق… وما في أحد يجبرني عليك…
قال يضحك بشر: بنشوف يا لجين… مصيرك بتكونين لي وما لغيري…
وما شفت إلا لجين تجري بعيد… وهي تبكي… وقف جلند لحظات يناظر طيفها… ورجع لوين ما
جالسين أهلي بعد ما مسح على وجهه…
وقفت بمكاني أحاول أستوعب الكلام إلي إنقال… غريب شو سر هالإثنين؟! ما فهمت إلا قليل…
أتكيت على الشجرة وجلست أفكر بكل إلي قالوه… صح كانت غلطة كبيرة أتسمع لكلامهم بس فضولي
كان عذري…
شو مجلسك هنا؟!
انتفضت بخوف… وشفت وليد واقف يناظرني… تجرعت ريقي وتنفست بقوة من الفزعة…
أشرت: الله يسامحك… خوفتني…
سألني وصوته تغير علي: كنتي هنا لوحدك؟!
أشرت أناظره: أيوه…
ناظرني بنظرات غريبة…
ورجعت أأشر: شو فيه وليد؟!
همس وهو يتنهد شارد: ما في أي شيء… تعالي خلنا نرجع إنتي بعدتي كثير…
مشى شوي ورجعت ماسكه ساعده…
أشرت: وليد…
وقف مقابل لي… وعيونه بعيوني… وبدون سؤال جاوبني…
قال بتردد: شفت جلند جاي من هالمكان و…
وماكمل… ضغط على يده وأنا أناظره بألم…
أشرت: وليد… أنت… أنت…
أرتعشت يدي وأشرت على نفسي مو مصدقة: تشك فيني؟! تشك؟!
ما تكلم ورجعت أأشر وراسي رافعته فوق: مشكووور… ما تقصر…
ولفيت عنه لكني رجعت أأشر مرة: هذي هي الصفحة البيضا إلي تبينا نسطرها…؟! هذي هي نوعية
الحياة إلي تبيها تكون مابينا…؟!
قال بهمس: الخنساء… أنا ما قلت أي حاجة… لا تفسري كلامي بشكل ثاني…
ضربت الأرض برجلي وأنا أصرخ: وشو تبيني أفسرها؟! كلامك واضح… وبعدين هذا خالك قبل لا
تشك فيه…
ومن قهري ضربت صدره: وأنا؟! أنا إلي عرفتها… عرفتها زين… تجي تشك فيني للمرة
الثانية…
مسك يدي وقربني وهو يقول بعصبية: الخنساء أركدي… وقبل لا تقولي أي كلمة زيادة… أنا
سمعت آخر الكلام إلي إنقال بين جلند ولجين…
جمدت لحظات بعد ما أستوعبت كلامه… ونزلت راسي أتجرع ريقي… يا ربي خليت نفسي بموقف
حرج… وجيت لافه بهرب منه… لكنه رفض وأجبرني أناظره…
قال بكل هدوء: ومن قال إني أشك فيك؟! ما عاش من يشك فيك يالخنساء…
نزلت نظري وسمعته يغايظني: سبحان الله… كلمة مني وتستحين وتنزلين راسك… وتوك تضربيني
من قهرك علي…
رفعت عيني له… وعصبت من كلامه ورجعت أحاول أضربه… لكنه مسك يدي …
همس: والله ترى الجرح بكتفي يصرخ وجع من كثر هالضرب إلي يجيني منك…
أشرت بخوف: آسفة… مو قصدي… أنا… أنا نسيت…
لف يده على كتفي ومشينا: على قلبي أحلى من العسل بس أنتي خفي شوي…
ضحكت بخجل وأشرت: ما طلبت شيء… المرة الجاية على الكتف السليمة…
ضرب خدي بأصبعه بكل لطف وهمس: لا تتحسسين بسرعة من أي كلمة أقولها… تمام؟!
صعب إني ما أتحسس وخاصة إني لازلت خايفة من القادم… من مصيري مع وليد… من خوفي إني
أعطيه ثقتي ويجي يوم وأنصدم… غمضت عيوني لحظة… إذا ما خاطرت بحياتي ما بيكون فيها أي
تغير…بالنهاية هزيت راسي بخجل كبير وخاصة إنا قربنا من أهلنا…
سمعت طلال يعلق علينا: ياهوووو… في أطفال هنا…
ناظر وليد الحصير وقال: الأطفال نايمين… وإلا قصدك إنك إنت الطفل؟!
قال عمي سيف: إيوه وهو الصادق… محد طفل غيرك يا طلالوه…
ضرب طلال على صدره وقال متصنع الدهشة: أنا؟! أنا يا خالي يا عزيزي…؟! أمسكوني بس قبل
لا أرطم خدودي وأشئـــ هدومي…
ضحكنا عليه وعلق عمي خالد: الله يغربل بليسك بس… من زمان وما ضحكنا كذا…
كملت هدى: إيوه والله كنا مفتقدينكم لما سافرتوا…
قال جلند بهدوء غريب وعينه معلقه على لجين إلي متخبيه ورا أبوها: وهذا إحنا رجعنا… وظيفة
وكلها أيام وبنحصلها… وبنوقف على قلوبكم وبتملوا منا وقتها…
ضربته هدى على كتفه وقالت: شو هالكلام الغامض يا خوي؟! أوقفوا على قلوب زوجاتكم… شدوا
حيلكم بوظايفكم وبندور لكم على عرايس…
ناظرها جلند شوي وقال فجأة: وليش تدورين عليها وهي موجودة؟!
سكتنا كلنا وناظرناه مدهوشين… أفكارنا انا ووليد وحدة لأنا نعرف من هي… لكن البقية كانت
بنظرتهم فضول كبير… ولهفة حتى يعرفوا من هي…
قالت هدى بفضول: من هي؟!
سكت فترة… وتكلم وهو يبتسم لـ (محمد): عمي… هذا أنا قدامك… أنت تعرف إني يتيم ومالي
إلا أتكلم بنفسي… أدري العم خالد وسيف ووليد ما بيقصروا بس أنا أتقدم بكل شرف وعزة نفس
إني أكون لك سند… وأخطب بنتك لجين…
لحظات قصيرة وساد المكان الصمت…
وما سمعنا غير شهقة لجين وصرختها العظيمة: لا… لا…
وحل الصمت للمرة الثانية وإحنا نشاهد هالمسرحية الواقعية إلي أقطعت أنفاسنا…
محمد ناظرها مستغرب: لجين؟!
وكملت عمتي وهي تناظرها بنظرات غريبة: شو فيك يا بنت تكلمي؟!
تنفست لجين بقوة وهي تقول بصوت مقطوع: ما أبيه… ما أبيه وبس…
كنا نسمع بصمت… وبدون صوت… نترقب ردة فعل جلند…
وإستغربنا من جلند وهو يبتسم بكل حيوية ويقول: وشو فيني يعني؟! مزيون وكشيخ… بس علتي
هالنظارات إلي ما تفارقني… وإلا لأني وحيد ويتيم ترفضيني يا لجين؟!
ناظرناه والإبتسامة حزينة عليه… وما حسينا إلا ولجين توقف وشفايفها ترتجف…
قالت تكبت دموعها: رجعوني الشقة… أبي أرجع… أبي أرجع…
وقف عمي خالد ولف يده حوالين كتفها وضمها يقول: خلاااص إنتهى الموضوع… يلاااا شباب قوموا
شيلوا الأغراض… جلند أبيك بكلمة راس بعد ما نوصل الشقة…
وبدا الكل يشيل أغراضه… لاحظت جلند واقف مع محمد وطلال ووليد قبل لا يطلع الكل
بالسيارة…
بعد ما وصلنا الشقة…
أرتميت على الكنبة لما وليد طلع لـجلند… جلند ولجين قصة غامضة أحتلت أفكاري… عرفت إن
أهلي مع جلند لأنه أختار كلمة هزت كيانهم… ” وإلا لأني وحيد ويتيم ترفضيني؟!”… سؤال قدر
فيه جلند يخترق فيها طيبة محمد… موقف ورفض لجين أدهش الكل… وخاصة إن الرفض جا بكل
سرعة وهذا إلي أكد لهم إن ما بين الإثنين سالفة… لازلت مو مستوعبة إن هالخطوبة والرفض
صاروا بنفس اللحظة… سبحان الله… هذا وأنا مريت بكل إلي صار لي… أشوف العجب عند
غيري… الحمد لله على كل حال… حالنا أحسن من غيرنا…

.
.
الجمعة…
9-11-2007…
الساعة 8 الصباح…
قمنا بكير بهاليوم علشان نقدر نزور القرى فالجبل وبعدها بالعصر نرجع لبيوتنا… توجهنا
بالبداية لقرية “الشريجة” وهذي القرية مشهورة بالمدرجات الخضراء على الجبال… مدرجات
بديعة تمتد هنا وهناك… مزروعة بأنواع كثيرة من الفواكة…
أشرت لوليد وانا أوقف جنبه أناظر هالمناظر: وليد… شو أنواع الفواكة إلي يزرعوها بالجبل؟!
ابتسم وهو يقول: كثيرة… عندك التفاح والرمان والخوخ والمشمش واللوز والجوز والتين
والكمثرى والبرقوق والسفرجل وغيرها… وتقريباً موسمها بدا من شهر ويستمر لحد شهر 8…
وطبعاً طعمها لذيذ وغير … وخاصة إنها مو مضروبة بأبر أو مصدرة من الخارج…
وإحنا نطلع للسيارة صادفنا أطفال يبيعون فاكهة “البوت” (التوت حالياً)… وطبعاً وين مارحنا
حصلنا أطفال أو رجال شيوخ يبيعون هالفاكهة اللذيذة…
قال وليد: نقدر نجني هالـ “البوت” من أي مكان بالجبل… هي ملك للكل وخاصة إن هالأشجار
متوفرة بكميات كبيرة بالجبل…
وبعدها مرينا على قرية “وادي بني حبيب” و”العين” و “العقر” و”المناخر” و”سلوت” و”حيل
اليمن”… وكل هالقرى متناثرة هنا وهناك بين السفوح… والجمال الحقيقي إلي أبهرني هو لما
شفت بيوت من طين مبناية على الجبال والسفوح… بيوت قديمة بشكل حتى إني أستغربت
وجودها…
أشرت لوليد وأنا مستغربة: ياربي… وليد ناظر… سبحان الله… شوف هالبيت مبناي من طين لا
وشكله جاي مايل… كيف يقدروا يعيشون فبيوت مثل هذي؟! وليد… وليد… ناظر هناك… شوف
هالحرمة كيف تشيل هالصينية وأغراض ثقيلة فوق راسها… وهالأطفال المساكين يرعون الغنم
تحت الشمس… كيف يقدروا يعيشوا مثل هالعيشة؟!
ابتسم وهو يضغط على يدي: لحظة… لحظة…… شوي…شوي يالخنساء… صح عيشتهم
بسيطة ويمكن نسميها متقشفة… لكن والله مثل مالاقيت مثل هذولا الناس لاقيت المتعلم والذكي ما
بينهم… هذي طريقة عيشتهم وهم تعودا عليها من ولادتهم…
ومسك يدي وقربني وهو يقول: تعالي براويك شيء بيعجبك…
وأخذني ننزل تلة وهو يقول: حاسبي…
وصلنا لأربع بيوت قريبة من بعض وكان فيه مجموعة حريم بعضهم يشتغلون بالنسيج وبعضهم
يلملموا ورود بقطعة قماش ويشيلوها برؤوسهم…
شهقت وأشرت لوليد: شو بيسوون بهالورود؟!
قال وليد: يعملون فيه “ماء الورد” وهذي أهم المنتوجات بالجبل… طبعاً يستخدموا طرق
تقليدية توارثوها عبر أجيال وأجيال… أفضل فصل ينتجون فيه ماء الورد بفصل الربيع… لأنها
تتميز برائحه زكية فواحة تنعش الواحد… بجانب ورود تنمو وتزرع بالجبل مثل الآس والزعفران
والنرجس…
رجعت أأشر: وكيف يصنعوا ماء الورد؟!
ابتسم وهو يجاوبني: صعب الواحد يذكر هالمعلومة…بس ممكن أقولك إياها ببساطة… هي
طريقة طريفة و ممتعة في نفس الوقت… لكن المشقة والتعب فيها لما يحاول صاحب الحرفة
يحصل على ثمرة جهده على ماء الورد المقطر الصافي… وأمممم كيف يحصل عليها؟! أفضل شهر في
ابريل لما تتفتح زهور الورد… المزارع أو الحرفي يقطع زهور الورد و يأخذها لمصنع إما إنه
يكون مصنع حديث او قديم… والقديمة تكون مبنايه من الطين والحصى وفيهاباب صغير وهي على
شكل فتحة ويوضع عليها غطا مصنوع من الفخار ويكون عددها زوجي يتناسب مع كمية الورد
المصنع وهذه الحرفة تسمى “بالدهجان”…
مشيت معه للسيارة وأنا أأشر: حياتهم صعبة.. بدائية… لكن والله صدق عايشين حياتهم… بدون
هم بدون أحزان…
لف لي وقال يوقفني: الخنساء…
ابتسمت أنفض أفكاري الحزينة وأشرت: ما عليك… وين بنروح إلحين؟!
ناظرني ثواني ساكت وبعدها قال: بنروح لقرية “سيق”… بيعجبك هالمكان… إبداع وجمال
عجيب…
نزلنا لقرية سيق… وإلي كانت مثل غيرها من القرى لكن إلي يميزها هو السلالم الحجرية إلي
تمتد للمزارع تحت… نزلنا بالبداية بكل سهولة… ووقفنا نشوف مستغربين ثمار اللوز والجوز…
أشرت لهدى: ناظري كيف يطلع اللوز من الثمرة… تصدقي هذي المرة الأولى إلي أعرف فيها إن
ثمارها كبيرة…
ضحكت هدى وقالت: دائماً إلي يشوف هالأشياء بالجبل يعجب فيها ويستغرب…
قالت لجين وهي تبتسم ببساطة: تعالوا عمي خالد ينادينا نطلع…
وتقدمونا الرجال وهم يحثون الأطفال يمشون معهم… بالأخير طلعوا ومنهم إلي شايل ولده ومنهم
من شايل معه ثمار اللوز والجوز…
وقفنا عند السلالم إحنا الثلاث وبدينا العد التصاعدي بالصعود… صراحة كان صعود السلالام صعب
مرة وخاصة إن هالسلالم كبيرة وكثيرة…
ضحكت وأنا أشوف هدى وقفت بنص الطريق وجلست من التعب…
قالت تلهث: أوووووف تعبت… ليش نزلت؟! مو أحسن رفضت أنزل مع سلمى ونشوى…
لجين: ويفوتك إلي شفتيه؟!
وجلست جنبها وهي تلهث: بس والله تعببببب… ليتني طفلة ويشيلوني مثل مزون…
ما طلبتي شيء… فديتك أنا بشيلك…
لفتنا لورانا وحصلنا جلند واقف يناظر لجين بكل جرأة…
وقفت لجين وصرخت: أيا قليل الأدب… صدق ما تستحي…
من الصباح والواحد منهم يتجاهل الثاني وما كان هذا صعب بس إلحين… شكل جلند بنيته أشياء
وأشياء… أحس هالإنسان غامض وخاصة إني تلقيت منه نظرات غريبة بأول لقاءنا… ولازلت أجهل
سبب هالنظرات إلي توقفت فجأة… والغموض الثاني هو معاملته للجين بهالطريقة…
قال يبتسم بشرانيه: والله ساكت لأنك مو محرم لي… بس صدقيني أول ما ينكتب كتابنا بردها
لك…
أحمر وجه لجين وصرخت وهي تركض لفوق: اكرهك… اكرهك…
ضحك بصوت عالي وهو يقول: حاسبي لا تطيحين… ما أبي عروس مكسرة…
هدى ناظرته بنص عين وهي تلوي أذنه بلطف: جلند… تعال… تعال…أنت شو سالفتك معها؟!
أمس رفضت تتكلم واليوم غصب عنك بتتكلم…
قال جلند يبعد عنها: ما في أي سالفة… ياللاااا أهلنا أطلعوا قبلنا…
قالت هدى بعصبية: جلند… لا تغير الموضوع… أمس طريقتك لما خطبتها كانت غلط… واليوم
بعد طريقتك لما كلمتها غلط…
ابتسم جلند بشرود: أي غلط يا هدى؟! أنا ما سويت شيء غلط…
هدى بعصبية: وأنت ما عندك كرامة لما رفضتك قدام الكل؟! كيف ترضى…
عض جلند على شفايفه وهمس يقاطعها: أيوه أنجرحت بالصميم… بس والله حلفت أردها لها…
صدقيني ما راح تكون لغيري…
ضربت هدى كتفه بكل حزن: جلند… والله لما رجعت من السفر صرت ما أفهمك… شو أنت ناوي
عليه؟!
ابتسم بحزن وهو يقول: على أشياء واشياء… ولا تحاولي مو مخبرك…
ولف تاركنا…
تنهدت هدى وهي تقول: والله ومو عارفه شو صاير بهالجيل…
ولفت لي تقول بعصبية: ياللااا الخنساء خلنا نطلع… لا حول ولا قوة إلا بالله…
ومشيت وراها ونسينا تعب السلالم وكل منا غارق بأفكاره… ليش جلند يعامل لجين بهالطريقة؟!
معقولة يحبها ويبيها مثل ما يقول لنفسه؟! أو لأنه رفضته لما خطبها قدام الكل؟! أو لسبب
بالماضي؟!كل هالأفكار تتصارع براسي لهالإثنين إلي أثاروا إهتمامي…

كنت بآخر درجة لما طلعتها وأنا ألهث… وقفت أخذ نفس طويل… وأنقطع بكل قساوة لما شفت
نشوى واقفة تكلم وليد… شهقت… لااااا… وبعد يكلمها تحت الشجرة… عصبت… ودخنت… وما
حسيت إلا وأنا أمشي بكل سرعة لوين ما واقفين…
سمعتها تقول بكل مياعة ودموع التماسيح أربع أربع: أدري… أردي… من يوم تزوجت نسيت إن
عندك بنت عمه… حتى وظيفة تتوسط فيها لي رفضت… وأدري إنها ساحرتك ومتعذب من
هالخرساء… دوم كنا لبعض… دوم أسمنا مقرون لبعض… وإلحين… بسبب هالإنسانة الخرسا
تركتني…
كفاااية… لهنا وكفاية… وقبل لا أشوف ردة فعل وليد صرخت بكل شراسة… وما حسيت إلا وأنا
أضرب الأرض بقوة… كتفت يدي وهم يلفون لي…
ناظرني وليد مستغرب… ومتردد لثواني…
قال لنشوى: روحي ولي يعافيك لأمك… وما عندي واسطات أتوسطها لك…
وما أنتظرتها تروح… لفيت أنا بشراسة وجريت للسيارة… دخلتها وسكرت الباب بكل قوة أنسمع
صداه…
عمي خالد أنتفض ولف لي: بسم الله الرحمن الرحيم… شو فيك يا بنتي؟!
وما رديت لأني كنت بأقصى عصبيتي… وشفت وليد وقتها جاي… وبدينا نرجع أدراجنا
لمسقط…رفضت أرفع عيوني لوليد وتميت بهالصورة لحد ما نزلنا بمطعم وتغدينا…
.
.
حسيت بيد تمسكني بعد ما غسلت يدي… أصلا ما أكلت حاجة كله ناظرت الأكل شاردة ومالي نفس
فيه…
قالي: الخنساء تعالي… أبي أتفاهم معاك…
أشرت: لا… أتركني ما في تفاهم بينا… روح للي تحبك وهايمة فيك… وبلاش تبتلش فيني أنا
الخرسا الساحرة…
عصب وخاصة إنا كنا بمكان عام…
وقاطعنا وقتها علاء يقول: وليد… عمي خالد يبيك…
ناظرني لحظة وقال: هذا المكان ما ينفع نتكلم فيه… بس بنتفاهم لما نوصل البيت…
وبالفعل لما وصلنا للبيت على المغرب… طلعت ركض للجناح… وبعصبية قفلت باب الغرفة
الحمرا…. وصرت أدور على الغرفة مثل المجنونة… لا… لا… اكرهه.. وأكره نشوى… بس أنا
مو المفروض أبين له إني أغار من نشوى هذي… أغار؟!… شو هالتفكير يالخنساء؟! تغارين؟!
تغارين؟!… إذا أنا أغار يعني هذا إني أحب وليد… أحبه؟!… لا… لا… الغيرة مو معناها إني
أحبه… معناها إن وليد زوجي… ملكي أنا… مو لنشوى…
سمعت صوت طرق عالباب…
وصوت وليد: الخنساء أفتحي…
هزيت راسي رافضة كأنه يشوفني…
وسمعت للمرة الثانية صوته جاني معصب: الخنساء أفتحي الباب…
ورفضت أفتحه وأرتميت على السرير… وبعد فترة ما سمعت صوته… رحت أفتح دولابي ومن بين
الملابس خرجت صندوق الموبايل إلي إشتراه لي وليد… صرت أفتح الموبايل خطوة خطوة مثل ما
علمتني إياه هدى… وحاولت أعبيه عالكهرباء… حتى إني توهقت كم مرة… بس عموماً قدرت
أفتحه… جلست على الأرض جلسة القرفصاء… وأنا منكبه على الموبايل… رحت الصندوق الوارد
وبديت أكتب بكل بطء… يمكن لعشرين دقيقة أكتب هالرسالة (بنام… ما أبي غدا)… ولأني
حافظه رقم وليد فرسلت له… فرحت بكل غباء لما راحت الرسالة… تمام يا وليد… أنا مو لعبة
بين يديك… رميت الموبايل على جنب… وأرتميت على السرير…
سمعت صوت موسيقى لفيت للموبايل وشفت رسالة وصلت… كانت من وليد…
وليد: (أفتحي الباب).
كتبت:( لا)..
وليد: (أفتحي الباب يالخنساء وإلا بكسره).
كتبت: (ما يهمني… ما بفتحه).
وليد: (بخليك إلحين وأروح أجيب جدتي… لكن قسم بالله إذا رجعت وما لقيتك فاتحة الباب
بكسره… وفسري وقتها لأبوي شو السبب).
ما سمعت تهديده وما أهتميت… وسمعت صوت باب الجناح يتسكر بكل قوة…
.
.
بعد عشر دقايق حسيت بالعطش قمت أفتح الباب وأنا متأكدة إن وليد مو راجع إلحين… طلعت
للمطبخ وأخذت لي كوب ماي… وبهالوقت سمعت رنين الموبايل… رفعت يدي لكن ما كان
موبايلي… تنبهت الصوت جاي من الصالة… وشفت موبايل وليد… غريب نسى موبايله… مسكت
موبايله ومن فضولي صرت أفرفر فيه… فتحت الصندوق الوارد بفضول وأنا أجلس على الكنبة…
ودخلت لأول رسالة كانت من فلان والثانية فلان… والثالثة كانت من رقم مسجل بأسم “عمتي
سلمى”… وكانت رسالة شوق وورد وخرابيط وفالنهاية بين قوسين واضحين “نشوى”… أرتجفت
يدي ونزلت لكل الرسايل إلي مسجلة برقم عمتي… وكلها رسايل شوق وورد… وشفت رسالة برقم
غريب وأنا أنزل للرسايل القديمة… كانت مسجلة بتاريخ يوم زواجنا… لا وبعد الساعة 3
الفجر… لا… لا… هذي زودتها… صدق إنها ما تستحي… كانوا رسايل مسلسلة من هالقبيل… (
أدري مغصوب تتزوج الخرساء… أتركها وأنا تحت أمرك)… (أدري مو مرتاح… صدقني مصيرنا
لبعض)… (مصيرنا لبعض يا وليد… أنا ما أنتظرت هالسنوات كلها علشان بالنهاية تتزوج
هالخرساء الساحرة)… (الشفقة هي الكلمة الوحيدة إلي تعزيني لأنك إلحين مو لي… بس صدقني
مردك لي)…
طاح الموبايل من يدي… وتميت ساكنه بدون حراك… خرسا… وشفقة… هي الكلمتين إلي أنطبعت
بتفكيري… وبكل ألم نزلت دمعة يتيمة لخدي… وتبعتها دموع صامته…
فترة تميت أحاول أقاوم بكاي… رجعت أمسح دموعي بكل شجاعة… ومسكت بالموبايل وأنا أدور
حوالين نفسي أفكر بطريقة أرد الصاع صاعين لوليد… وقتها سمعت صوت الباب ينفتح…
وقف وليد وهو يناظرني من العتبة: إلحين بنتفاهم…
أشرت بعصبية: ما في تفاهم…
جاني يقول: الخنساء أسمعيني…
أرتعشت من العصبية وأنا أأشر: لا… لا… ما أبي أسمع ولا كلمة…
وغطيت أذني بيدي وأنا أهز راسي بالرفض… نزل يدي بسهولة…
وقال بعصبية: ما ينفع كذا الخنساء هذي مو طريقة تــــ…
سحبت يدي وضربته على صدره من غيظي…
وأشرت بقهر: تبي ترتاح أقولها لك… أبوي ما بيتقلب بقبره إذا رميتني أو طلقتني…
مسك يدي الثنتين وقيدهم وهو يسأل معصب: شو هالكلام؟! الخنساء…
تلويت بين يديه وأنا أقاومه… تركني لحظات يشوف إشاراتي…
أشرت بكره: تبيها روح لها… روح وريحها…وإلا أنا مو لعبة بينكم…
همس بعصبية: شو فيك؟! ليش كذا إنقلبتي مرة وحدة؟! كل هذا علشان إلي صار بـ “سيق”…
قاطعته وأنا أصرخ… وأشرت: أيوه… وعلشان الكذب إلي لفقته… تأكد بس أنا مو لعبة تحركها
بيدك وترميها متى ما مليت منها…
صرخ: الخنساء… بلااا هالكلام الفاضي… السالفة أكبر من هذي…
أشرت بألم وأنا أتمسخر عليه وأضحك بقهر: أيوه أكبر… تحب أذكرك؟ تحب؟!… “أدري مغصوب
تتزوج هالخرسا… أدري مو مرتاح… مردك تكون لي… أنا ما أنتظرت كل هالسنوات علشان
تتزوج هالخرساء…” الكلام قريته كله بموبايلك… ولا تحاول تنكر… لا تحاول…
شفته تقرب مني ورجعت لوراي أأشر: روح لها وريحها… شكلها متعذبة من بعدك عنها…
وأرتااااح أنا مو محتاجة لشفقة منك… مو محتاجة…
قيدي يدي وهو يصرخ مردد: شفقة؟!
رميت بيده وأشرت: أيوه شفقة… شفقة… وأدري أنا بهالشيء… أدري مغصوب بسبب وصية أبوي…
أدري فيك تخجل لأنك متزوج من خرساء… أدري…
وكملت بكل حقد وكره: طلقني وريح إلي معذبها حبك… نشوى الكريهة الهايمة بحبك…
خطفني يضغط بيده على زندي… تلويت بين يديه وأنا أقاومه بشراسه…
صرخ يقول: الخنساء إياني وإياك تقولين هالكلام مرة ثانية… فاهمة؟!
هزيت راسي بلا… أيوه ما يرضى عليها… وتركني حتى يشوف إشاراتي… وأستغليت الفرصة
ولفيت بهرب منه وما حسيت وإلا هو رامني على الكنبة… صرخت بغيظ…
وأشرت: بينت حقيقتك الكريهه… إنسان نذل واطـــ…
وما حسيت إلا بالصفعة على وجهي… صرخت وشهقت بألم… ناظرته من بركة دموعي متسمر
بوقفته يناظرني… دفنت وجهي على الكنبة وأنا أبكي… شاهقت بصوت مسموع… حسيت فيه قريب
مني… مسك وجهي بين يديه وأجبرني أناظره…
همس: الخنساء… أنا آسف… بس إنتي أجبرتيني…
شاهقت وأشرت: خلاااص… خلاااص أنت مو مجبور تعيش مع خرسا… طلقني وأرتاح… وروح تزوج
إلي تحبها…
مسك يدي يقاطعني: ومن قال إني مجبور أعيش معك… هذا الشيء ما جا إلا برضاي… أنا بإقتناع
وافقت عليك… وبإقتناع إتفقنا نبدا صفحة جديدة…
أشرت بوجع: عيييل ليش رسايلها موجودة بموبايلك؟! ليش؟!
جلسني جنبه وقال: أمسحي دموعك وناظريني… خلني أفهمك…
أشرت بنحيب: شو تفهمني عليه؟!
تنهد يقول بتعب: لما كنت توني بأوائل العشرينات… كانت عمتي دوم تعلقني ببنتها… ودوم
تذكر بجمعات أهلنا إنها من نصيبي… أنا ما تكلمت بحكم إني قلت نزوة وبتنساها مع الأيام…
نشوى ضعيفة ومهزوزة الشخصية وهي تابع وظل لأمها… كسرت خاطري حتى أرد عليها ومع مرور
السنوات حاولت قدر ما أقدر أبتعد عن عمتي وبنتها… رسايلها هذي ما كانت إلا محاولة منها بس
أنا أصدها بسكوتي… أدري المواجهة ما راح تنفع… وحتى إذا كلمت محمد… لأن المشاكل إلي بينهم
تكفي…
أشرت أسأل: وليش ما مسحت هالرسايل؟!
مد يده يمسح دمعات تعلقت على خدي وضحك: وإنتي حارتنك هالرسايل؟!
نزلت وجهي ورجعت أرفعه أغير الموضوع: يعني ما تزوجتني شفقة؟!
همس: لا… أكيد لا…
ورجعت أقول: أمسح هالرسايل من موبايلك…
ضحك وهو يبوس جبيني: ما يصير خاطرك إلا طيب وبعدين هالرقم ما أستخدمه كثير…
أشرت بألم: وليش كنت تسمع لنشوى بالجبل؟! وحتى إنك ما دافعت عني…
ابتسم وهو يقول: وأنتي أعطيتيني فرصة أتكلم؟!
تنهدت بوجع وأشرت: وليد أنا… أنا خايفة…
ناظرني لحظة… لحظتين وسأل: شو إلي يخوفك؟!
أشرت وأنا أحس بالألم: خايفة من شو مصيري معك… خايفة يجي يوم وأنصدم… وأنصدم من…
نزلت يدي بكل ضعف… ضمني له وهو يهمس: إذا ما مديتي يدك لي ما بنقدر نغير من حياتنا…
ثقي فيني وهذا هو إلي أطلبه منك… ثقي فيني يالخنساء…
هزيت راسي وأنا أسلم له مفاتيح قلبي… أمد يدي له بكل ثقة حتى يغير من حياتي… يغيرها
للأحسن والأحسن…


الأربعاء…
21-11-2007…
الساعة 2 الظهر…
تركتني هدى عند باب البيت ورجعت لبيتها.. مشيت بكل رجفة للجناح والظرف الأصفر بين يدي…
وبصورة آلية بدلت لبستي ولبست بنطلون ماسك وقميص أصفر شاحب فضفاض… وتركت شعري إلي
طال لخصري مسدول بكل حرية… وأرتميت على السرير… رجعت أمسك الظرف الأصفر بين
يدي… أرتعشت يدي وأنا أرجع أناظر إلي بداخل الظرف… خوف أنرصد بقلبي… خوف غير
طبيعي حسيته يحوم حواليني…
أخاف أقول له يعصب… يشمئز… يتذمر… أو يصارخ علي… عذبت تفكيري لحظات بشكل وليد
المعصب… ورجعت أهز راسي… لا… لا… ما راح يعصب… ليش أنا أستبق الأحداث؟! بخبره
ووقتها بشوف شو بيكون ردة فعله… بس أخاف… أخاف يرفضه… أخاف أنصدم بردة فعله… بس
لا… هو من طريقة معاملته لي الأسابيع الفايته يبين إنه مرتاح معي… عشنا أيام براحة تامة
وبدون ما يتدخل أي فرد براحتنا… فترة عشناها أنا ووليد كل منا يحاول يرضي الثاني…
يسعده… ويرسم البسمة بشفاته… وكان هذا قمة الأستقرار إلي كتبت لنا… صحيح هو يحاول
يبين لي شو كثر أنا مرغوبة بس أبقى خايفة من ردة فعله هذي…
سمعت صوت باب الجناح ينفتح… تجرعت ريقي ووقفت مرتعشة… ناظرت الظرف لحظة… ولما
حسيت بخذلان شجاعتي رميته بالدولاب… وطلعت لوليد إلي كان عند باب الغرفة…
ابتسم لما شافني… وباس خدي وهو يقول: هااا كيف فرفرتي أنتي وهدى بالسوق؟!
وناظر وراي يتوقع يشوف الأكياس… ناظرني مستغرب لأنه ما شافها…
أشرت بتردد: ما عجبني شيء…
ضحك وهو يرمي كاب العمل: صدق حريم… ذوقكم مرة صعب…
ابتسمت أتناسى موضوع الظرف وأنا أأشر: رجع عمي خالد؟!
طلعت لبسة له وأنا أسمعه يقول: أيوه رجع بس يقول ما يبي أكل… مو عاجبتني صحته هالأيام…
أشرت بقلق: ولا أنا… كله لما أسئله يرد علي تعبان وما يبي أكل… ولما يآكل يآخذ الشيء
البسيط…
قال وليد: ببدل وبطلع أشوفه… وبغصبه نروح المستشفى…
أشرت: تمام بنزل لجدتي وبجهز الأكل بغرفة الطعام… لحد ما تقنع عمي يتغدا معنا…
نزلت لجدتي بغرفتها وهي تسبح بمسباحها… بست راسها وجلست أسمع سوالفها… وطلعت بعد
دقايق أجهز الأكل… أشرت للخدامة تجيب العصير لحد ما أطلع لعمي خالد… أكيد وليد عنده
إلحين… وأنا بالسلالم سمعت صوت صرخة عظيمة… انتفضت بخوف وركضت وأنا ما أدري ليش أحس
إن هالصوت جا من غرفة عمي خالد… زادت دقات قلبي وأنا أدخل للغرفة…
شفت وليد مايل على عمي… ركضت لهم وجلست عند السرير…
أشرت: وليد… شو فيه عمي؟!
حسيت بوليد يرتجف وهو يحاول يتسمح صوت دقات قلب عمي… وتجاهل سؤالي…
فاجأني لما صرخ: أركضي للجناح وجيبي مفتاح سيارتي… يلاااا بسرعة…
وقفت بسرعة وأنا أحس بالربكة… من ربكتي طلعت السلالم ركض وأنا أحس بخوف على عمي…
دخلت الجناح وأخذت مفاتيح وليد ونزلت بسرعة حتى كنت بطيح… بس مسكت بالدرابزين وصرت
ألهث… ورجعت أركض لعمي… وكان وليد وهو والبواب يشيلون عمي للباب…
صرخ وليد: افتحي الباب…
جاتنا جدتي وشهقت تضرب صدرها: اللهم بسترك يا رب… وش فيه أبوك يا ولدي؟!
تجاهلنا جدتي وركضت أفتح الباب… وفتحت السيارة ولما حسيت بوليد يحاول يطلع…
أشرت: أنتظرني… بروح معك…
صرخ بعصبية وهو يناظر أبوه: لا… أجلسي مع جدتي…
وما أنتظرني أبعد عن السيارة وطلع… رجعت بخوف لوراي… ومن صدمة الموقف طحت على
ركبتي أبكي… رجعت بعدها لجدتي وهي تلطم خدودها وتبكي…
تقول بخوف: اللهم أسألك العافية لولدي… أسألك العافية لولدي… ما ادري وش صار لأولادي
حتى يمرضون مرة وحدة؟!… لا حول ولا قوة إلا بالله عليه العظيم… برحمتك يا رب…
جلست جنبها وما حسيت إلا وأنا أبكي وأسند جبيني على ركبتها… حسيت بالألم بكل جسمي… بالألم
ببطني وظهري… فكرة وحدة تخلخلت بتفكيري… وهي إلي تجاوب على سؤال جدتي… أحس إني
مسؤولة عن إلي يصير لعمي ووليد… من يوم جيت لهالبيت والألم والحزن يلاحقنا…
.
.
ما جانا أي خبر من وليد… مرت تقريباً ساعتين وما في أي إتصال من وليد… بالأخير قمت أدور
على الموبايل وأتصلت بهدى تكلمها جدتي…
سمعت جدتي تقول وهي تبكي: إلحقوا فيهم يا بنتي… خلي سيف يلحق فيهم… ما ندري عن إلي
صار لهم…
وبعد دقايق جاتنا هدى تدخل البيت وهي تدعي: اللهم أجعله خير… السلا م عليكم…
أشرت لها: وعليك السلام… منو جابك؟!
قالت: سيف وصلني قبل لا يتبع وليد بالمستشفى… شو صار؟!
أشرت بكل خوف ورعشة بلي صار…
جلست تقول تطمنا: لا تخافوا إن شاء الله ما فيه إلا العافية…
وقفت وطلبت رقم وأتصلت تقول: أيوه جلند هذا إلي صار… ألحق بوليد وسيف… ما ندري شو
صار لهم… بس الله يخليك طمنا عليهم…
جلسنا على الكنب وكل وحدة تناظر الثانية وتطمنها… مرت دقايق مثل الساعات علينا… حسيت
بدموعي تحرق عيوني…
سمعنا صوت من ورانا… لفتنا وقفزت أحسبه وليد أو جلند أو أحد يطمنا على عمي خالد… لكنها
كانت لجين واقفة عند الباب ودموعها ماليه خدودها…
همست وهي تنتحب: شو… صار… لخالي خالد؟!
رحت لها بعد ما آلمتني حالتها… حضنتها ومشيت بها للكنبة وجلستها عليها… وأنا بنفسي أحس
بخفقان قلبي طبول…
قالت هدى: من جابك؟!
همست وهو تبكي: أبوي… قلت له يوصلني هنا بعد ما رفض ياخذني معه للمستشفى… هدى…
خبريني شو فيه عمي خالد…؟!
قالت هدى: والله مدري… مدري… هذا إحنا قلقانين وما ندري عن شيء… خلنا ننتظر إتصال من
واحد من الرجال…
وتمينا جالسين حتى العصر… رحت أصلي ورجعت متسمرة جالسة عند التلفون أنتظر إتصال من
جلند… حسيت بألم حاد بجسمي… وقفت وصرت أمشي بعصبية بالصالة…
أشرت لهدى: أتصلي مرة بجلند…
جربت هدى بدون كلام وكان يعطيها خارج الخدمة…
ومرت نص ساعة لما سمعنا صوت موبايل هدى يرن… كان جلند… تجمعنا حواليين الموبايل بعد
ما عملته هدى على الصوت المسموع ((خخخ أقصد سبيكر))…
قال جلند: الحمد لله… أطمنكم ما فيه إلا العافيه… إغمى عليه بسبب إنخفاض بالضغط ونقص
السكر…
أنتفضت وأنا أتذكر عمي يرفض يآكل بالأيام الأخيرة… أكيد السكر بينزل عنده…
قالت هدى: وهو إلحين بخير؟! مستوعب؟!
جلند: أيوه بخير… أستوعب قبل دقايق بس رجع ينام…
أشرت لهدى تسأل عن وليد…
قالت هدى: ووين وليد إلحين؟!
قال جلند: مع الدكتور… أنا بسكر إلحين… أسمعوا أرتاحوا ولا تحاتوا… عمي ما فيه إلا
العافية…
تنهدت وأنا أجلس على الكنب وأرتمي عليها بتعب… تقلصت عضلاتي من الألم…
جاتني هدى وهي تهمس: الخنساء… قومي إرتاحي باين عليك تعبانة… قلتي لوليد…
لفت للجين إلي كانت جالسة مع الجدة وكل وحدة تطمن الثانية…
كملت هدى: خبرتيه عن الجنين؟!
غمضت عيوني وتنهدت… أشرت: لا… ما ناسبنا الوقت…
قالت هدى: تمام… أطلعي إرتاحي… واستخدمي المصعد… فاهمة؟!
هزيت راسي وأنا أمشي بكل تعب للمصعد… وأحس بجسمي متكسر… تعباااانة بشكل ما يوصف…
أرتميت على السرير ولفيت الفرش علي وأنا أبكي… مدري ليش أحس إني المذنوبة… مدري ليش
أحس إني سبب كل إلي يصير لعمي ووليد…


الخميس…
22-11-2007…
مادريت الوقت كم كان… بس حسيت بحركة خفيفة على جنبي… رفعت راسي شوي… وشفت وليد
جالس على حافة السرير… كان شارد يناظر لبعيد… قمت وتحركت علشان يحس فيني… رغم
إني أحس إن آلآمي خفت إلا إن شدة أعصابي زادت بشرود وليد… لف لي وناظرني شوي ورجع
يتنهد…
قربت منه وأشرت: وليد… كيف عمي إلحين؟! شو أخباره؟!
همس: بخير الحمد لله… أزمة وعدت…
سألت أأشر: رجعته معك؟!
هز راسه بلا وهو يقول: نوموه بالمستشفى… جلند معاه…
أشرت: الساعة كم إلحين؟!
قال: 3 الفجر…
مسح على شعره وفتح الدرج وهو يقول: أحس بالصداع… وين الأدول؟!
أشرت: بالدولاب على يمينك… بروح أجيب لك ماي…
وكنت أصب الماي وأنا توني أستوعب إلي قلته… أرتجفت يدي وأنسكب الماي بيدي والأرض وأنا
تسمرت بمكاني… تذكرت إني رميت الظرف الأصفر بالدولاب… رحت أجري للغرفة… وبالفعل إلي
توقعته صار… وليد واقف وبين يديه الظرف مفتوح… ظرف إثبات إني حامل…
.
.
رفع راسه وهمس يقول مو مصدق: شو هذا؟!
زادت دقات قلبي… ومثل الطبول صارت… أرتعش جسمي بخوف… وأنكمشت على نفسي خايفة من
ردت فعل وليد…
سألني مرة بصوت أعلى: شو هذا؟!
تجرعت ريقي وأشرت: إلي تشوفه… تحاليل سويتها بالمستشفى أمس وطلعت نتايج الحمل
إيجابية…
ساد صمت ثقيل وسأل بعدها بعصبية: ومتى كنتي ناوية تخبريني بهالحمل؟!
فركت يدي الثنتين وأنا أناظر هالعصبية فوجهه…
أشرت بضعف: كنت بخبرك لكن…
ونزلت يدي بألم… رمى الظرف بعصبية وطاحت الأوراق…
انتفضت من صراخه: متى كنتي ناوية تقولي لي إنك يا مدام حامل؟!… لما تجهضين بسبب ركضك
بين السلالم روحة ورجعه؟!
أرتعشت شفايفي… وحسيت بقلبي مدموم… ما همه إذا أنا حامل بولده أو إني مريضة… أو إني لا
سمح الله أحتضر… كل إلي همه هو إني خبيت عنه هالخبر…
أشرت بألم: كنت بخبرك بس خانتني شجاعتي…
مشى لي يصارخ: خانتك شجاعتك؟!
وأرتجفت من الألم… مسحت على يدي وبعدت عنه… وأنا أحاول أجمع قوتي…
أشرت: وبعدين إلي صار أمس لعمي ما أعطاني فرصة أخبرك فيها…
همس بفحيح وعينه تلمع: الوقت ما كان لك عذر… خبر مثل هذا ما يتخبى علي…
وصرخ فجأة وهو متوتر: وأمس… أمس كانت طلعتك مع هدى لهالغرض…صح؟!
آلمني صراخه… وهزيت راسي بعنف وأشرت: أيوه صح… صح…صح…
ورجعت أشرت بعصبية: تبي تقولها ومو قادر؟! قولها وريح نفسك… قولها بصريح العبارة ما
أبي ولد منك…
ونزلت راسي وصرخت بوجع وأنا أرفعه وكل إلي كنت كابتته طلعته: أدري… أدري تخجل يكون
لولدك أم خرساء… أدري مغصوب علي… أدري إني وصية عمك مو أكثر… أدري والله أدري إني ما
كنت بيوم لك ولا في أمل أكون… أدري إني عايشة أمني نفسي فيك وأنت مو لي… فطلقني…
طلقني وريحني… ريحني… ريحني…
فاضت عبراتي… و دمعت عيني وأنا أشوف وجه أنقلب للدهشة والتوتر… ركضت أهرب منه… لفيت
أطلع من الغرفة… أحاول أداوي جروحي بوحدتي… ليش كنت أضحك على نفسي؟! أمني نفسي
بأشياء ما كانت لي ولا راح تكون لي؟!… هذي هي الصدمة إلي كنت أتوقعها وبكل بساطة جاتني
تدمر كل أحلامي… أحلامي إلي مازلت أقيم أساسها….
لحق فيني وأنا أحاول أطلع من الجناح… مسك خصري وشدني ورجع يسكر الباب بكل قوة…
آآآآآآآآآآآآآآه… أممممممم… آآآآآه…
تميت أصارخ وأتلوى بين يديه… أرفض أناظره… وكل هذا خوفي من نظرة الإنتصار بعيونه…
وبعد المجهود إلي بذلته تعبت وسكنت مثل كل مرة أواجه فيها وليد… أقر لنفسي إني استسلمت…
وكفاية صراخ وشهقات… رجعت أذرف دموعي وأبكي…
لفني له وألتقت أعينا… ما أدري شو التعابير إلي أرتسمت على وجهه… وهذا بسبب دموعي إلي
أعمت رؤيتي… بديت بالنحيب المجنون… وبعدها شاهقت بكل ألم… أنكمشت بين يديه وأنا أبكي
بحضنه… خلاص ما يبني ليش يعلقني فيه؟! ليش يعطيني مع الأمل موعد ويخلفه؟! ليش يحقق لي
سعادة هي بالأصل مذبوحة؟! ليش؟! ليـــش؟!
.
.
ما أدري إذا كنت أحلم أو إني بواقع ممزوج بالخيال…
بس تغيرت الأحداث من الألم والضياع… لشيء مختلف ما عرفته… أحاسيس عذبة حاوطت
المكان…
زاد تشبثه فيني…ضغط على راسي… ومسح على شعري…
همس بصوت حنون: الخنساء… أرفعي راسك فوق… وأرسمي بسمة تداعب شفاتك… وكفكفي
دموعك… أنا مو قايل إني ما أبي هالدموع؟! مو قايل إنا بنبدا بصفحة بيضا ونسطر حروفها
بأنفسنا؟! وهذا هو أول سطر نكتبه… حبك لي شهادة أعتز فيها… حبك لي هو كل أمنياتي…
حبك لي زرع أسمى من معاني الأمل بقلبي… حبك لي هو منطلق فرحتنا… الخنساء… وولدنا أو
بنتنا هم بداية أحرف سعادتنا… وأنا أقولها لك وكل خفوقي تصرخ… أنا مو خجلان إنه يكون
لولدي أم مثلك… عمرها الإعاقة ما كانت عائق بالنسبة لي…
رفع وجهي بين يديه وأجبرني أحط عيني بعينه… سكنت وجمدت أسمع بقية همسه المشجون:
أعترف…
إنك أنكتبتي بين نبضات قلبي وخفوقه…
وسكنتي فيها وما في أحد قدر يقربها…
..
إنرسمت أحزانك وضحكاتك بعيوني…
بكل همسات ضحكاتك تروين سعادتي…
وبكل أحزانك وبكائك تألمين شيء بداخلي…
..
تراقصت أحرف أسمك على شفاتي…
داعبت نظراتك شغاف قلبي…
..
أعترف…
إنك ملكتيني يالخنساء…
ملكتي كل خفوقي و نبضاتي…
الخنساء… إنتي لي..مثل ما أنا لك…

error: