رواية عمانية احرف مطموره بين طيات الورق كاملة

(((((((((((((((الفصل السابع)))))))))))))))

~~** ألحدتكي بيني وبين أطواق الياسمين…**~~

الخميس…
25-10-2007…
كان آخر موقف لي مع وليد ذيك الليلة إلي هربت فيها وتركته بمكانه وما قد شفته لحد
هاليوم… يوم زفتي… تخبيت فبيت عمي أتحاشى وليد… أجتمع مع أفكاري وأرثي لها… وأبد ما
فكرت بتعابير التوجع إلي أرتسمت على وليد… أعتبرتها ولاشيء بالنسبة لي… إذا هو جمد قلبه
فأنا قلبي تجمد ألف مرة…
ولأني بحكم الضعيف وافقت على كل شيء… المهر… أو فلوس وليد إلي إشترى فيها نفس ضايعة…
وهالمهر وصل مع هدى بعد 3 أيام من موقفي مع وليد…ما رفضت بعدها لما قالت لي هدى إنها
وعمي بياخذوني للسوق وأشتري كل شيء تحتاج له العروس… ضحكت ضحكة جوفاء لهالشكليات
الغريبة… هو ما فرقت إذا أنا رحت بفستان عرس أو بخيشه… ترى كله عند وليد واحد…
تنهدت وأنا أبعد عن الشباك …و أتسحب للحمام (تكرمون)…توضيت وصليت الظهر ورجعت رميت
نفسي بالسرير… أتذكر محاولات هدى لتعرف شو يصير بيني وبين وليد حتى نتشاد بالإهانات
والسخرية… لكن أنا صديتها… هذي معركة بتكون بيني وبين إلي ما يتسمى وما لأحد دخل
فيها…
كلمة قالتها لي هدى رسخت فبالي ((مو كل يوم تعرسين)) … لذا سلمت نفسي لهدى ووافقتها على
كل شيء… بداية من المهر لحد فستان العرس الأبيض… وقفت ورحت للدولاب إلي علقت فيه
الفستان… القماش من الحرير الخالص والدانتيل …والشيفون الأبيض الرقيق يغطي الظهر والجزء
العلوي من الصدر ويمسك بحمالات رقيقة… كان بذيل صغير وورود بيضاء مذهلة… الطرحة كانت
متصلة بتاج من الإكسسوار… والنعل كان بكعب عالي أبيض بشرائط تمسك بالساق…
كان قمة فالجمال وأعجبت فيه… حبيت جرأته لأنه يعكس نفسيتي بهالأيام… العناد… التمرد…
الجرأة والشجاعة… هي إلي تحكمني مع وليد… يمكن بحس بحرج قدام وليد…بس أنا خلاااااص
صرت ما أهتم… بعيش حياتي لنفسي ولرضى ربي… أما هالإنسان فقررت بطريقة وحدة بس راح
أقدر أنتقم منه بخطة رسمتها…


الساعة… 10 بالضبط…
إبتسمت لـ (نور) إلي عملت لي المكياج وصففت لي شعري بطريقة ملكية… وبعدها ثبتت لي التاج
ونثرت ورد أبيض على شعري الأسود… كان الفستان مناسب للمكياج ولكل شيء… طبعاً كملتها
بالجزمة والذهب الأبيض… الأقراط والقلادة والأسورة…
قالت لي (نور): والله طالعة أمر…أمر بسم الله عليك…
كتبت لها بفرحة: شغلك الحلو… ذوقك قمة فالرقة…
قالت: لك تكرم عينك… عيونك الحلوة…
وقتها سمعنا دق عالباب… دخلت هدى بعدها وهي حاملة مسكة الورد والمبخرة… فاجأتني لما
صرخت وجات تركض لي… وهي ترفع فستانها العنابي…
هدى وهي تبخرني: ما شاء الله… قمر 14 … بسم الله عليك…
وضحكت وعيونها تلمع: تدرين شو تشبهين؟؟ والله مو مبالغة إذا قلت إني أقدر أوصفك
بحورية…أميرة من أميرات الخيال…رسمة فنية رسمها فنان وأبدع برسمها… نسخ بلوحته جمال
وصفه جنوني… كان مختبي وفجأ وبشوي أهتمام ظهر وبان وأشرق…
أرتعشت يدي لهالوصف… لا…لا… لايا هدى… إذا تبين توصفيني فأنا… أقرب لوصف عذراء…
جُهزت… زُينت….عُطرت وبُخرت… لكن للأسف ما راح تقدم قربان لوحش أو آلهه… إلا قربان
لوليد… وهذا مقابل الحماية إلي أرادها أبوي لي…
وأيقضني صوت هدى من شرودي وهي تقرا المعوذات… ابتسمت لها أنفض الأفكار الغريبة براسي…
بعدها أخذت مسكت الورد إلي كانت هم بعد ناصعة البياض…
قالت لي بلهفة: الخنساء حبيتي… الضيوف واصلين من زمان… والزفة راح تبدأ…
تنفست بقوة من الربكة… سبحان الله… أحس بفقدي لأمي… كل عروس بيوم عرسها تتمنى أمها
بجنبها… تبكي لطفولتها ومراهقتها ولشبابها…وتسلمها بكل فخر لعريسها وتوصيه عليها…
وأنا؟!… هزيت كتوفي بألم… أمي ماتدري عني إذا أنا حية او ميته… فكيف بيوم عرسي؟؟ أنا
طلبت من هدى توصل لعمي خالد إني ما بنزف إلا بشرطين… وهو إني بنزف بدون أغاني بدون
فرقة وبدون قاعات… والزفة تكون عائلية والأصدقاء القريبين من هدى والجدة مريم…
وحاولت هدى تقنعني لكني رفضت بصورة قاطعة… وما كان لعمي إلا يوافق لأنه لاحظ إني مازلت
متأثرة بموت أبوي…
هدى: ياللااا… لما تسمعي الموسيقى أمشي مثل ما علمتك… خلك هادية ولا تتوتري… وأقرأي
المعوذات إلحين…
ابتسمت لها وأنا أبوسها… كانت نعم الرفيقة لي… إذا رحت لبيت وليد ما راح ألاقي أحد يفهمني
مثل هدى…
.
.
سمعت صوت الموسيقى… وبديت أتحرك للسلالم بهدوء… رفضت أنزف على أغنية ووافقت على
موسيقى هاديئة رومانسية… كانت عيني تناظر درجات السلالم … وبعد فترة رفعت عيني
وناظرت هدى وهي تمسح دمعة من عينها… والجدة مريم وهي تناظرني وتناظر الناس ولسانها
يتحرك بالمعوذات… أذكر إنها وصتني للخمسين مرة إني ما أنسى أقرا المعوذات على نفسي عن
الحسد… وبعدها ناظرت عمتي وبناتها…
غريبة وطت عمتي رجولها بيت عمي وهي إلي طلعت منه متحلفة ومتوعدة بعمامي… وهذا قبل
يومين بس… جات وتعذرت مني… أمممم نقدر نسميه إعتذار… لكن مع درزينة غرور.. مدري
ليش حضرت زفتي؟؟ هو لتتشمت فيني أو لأنها تبي تقيم هالزفة إلي كانت بسيطة أو لأن لها غرض
ثاني… ورجحت السبب الثالث وهذا من بريق عيونها إلي كانت قاسية وواعدة … أما عيون بنتها
نشوى فكانت ذبلانه ومتحسرة… بغيت أقول لها والله لو بيدي لكنت تخليت عن هالوليد لك…
بعدها ركزت على الكوشة إلي كانت بتصميم من الزجاج والمرايه والقماس الأبيض المخرم بتشاكيل
مبدعة والورد الأبيض… وجلست بعد ما خلصت الموسيقى على الكرسي وهدى تساعدني… يمكن عدد
المدعوين ما يتجاوز الثلاثين بس حسيت إن المكان مليان…
سلموا علي وباركوا لي الحريم وأنا أبتسم بكل فرحة وأهز راسي… بقت عمتي إلي ما زالت فمكانها
هي وبناتها رافضين يسلموا علي… هزيت كتوفي بدون إهتمام… ما ينقص مني أويزيد أي شيء إذا
ما سلموا علي… بعد ساعة تقريباً جاتني هدى تقول بيدخل وليد… وطبعاً بيكون معاه عمامي…
صح التوتر والخجل ويمكن اللذة فالهروب تملكتني… حتى إني حسيت برجولي ترتعش وأنا
أوقف… إلا إني وقفت بهدوء بعد دقايق وأنا أسمع صوت الموسيقى تبدا بالزفة…
غشت عيوني بركة دموع… وصرت أرفرف بها علشان أناظر للبوابة إلي إنفتحت ودخل منها
فالبداية علاء وعماد وطارق… وهذا إلي شجعني ورفعت راسي … وبعده وليد إلي لبس الدشداشة
البيضاء وتمصيرة باللون الأزرق ووشاح مماثل له لف حوالين الخنجر… وما كان يلبس البشت…
بإختصار كان قمة فالوسامة والهيبة… عيونه بها بريق غريب وهي تناظر الكوشة… وطبعا ورا
وليد عمامي إلي إبتسامتهم بينت كثر فرحتهم… والغريب… الغريب بكل هذا إن وليد كان شايل
أختي ليلى بين يديه… عضيت على شفايفي تحت الطرحة وأنا أحس بأستسلامي وخذلان شجاعتي…
أبد ماتوقعت وليد يحن ويشيل ليلى بين يديه ويكونوا أخواني حاضرين بزفتي… أبد ماتوقعت
هالحنان وهاللفته من وليد…
ولما قربوا حسيت بنظرة وليد إلي تحمل وصفين… نظرة تحدي ونظرة تردد… ونزل ليلى
عالأرض وأخذ السيف المطرز بالفضة من يدين عمي سيف…
وقف مقابل لي… وطلبت منه هدى ينزل الطرحة…
شعور غريب أنتابني وأنا أحس بيده القاسية تمتد لطرحتي وتنزلها…
شعور غريب أنتابني وأنا احس بنظرته مشتته والدنيا صارت خرسا…
شعور غريب أنتابني وأنا أحس بعيون وليد العميقة إلي تمعنت بملامحي وهو تيبس وجمد بمكانه…
دريت إني أبهرته… كنت متأكده… متأكده إني بدهشه أو عالأقل ألفت نظره… والله مو غرور إلا
ثقة إني بقدر أوصل له رسالتي…
وبهاللحظة مرت مواقفي مع وليد مثل الشريط قدام عيويني… وتذكرت… تذكرت خطتي… رفعت
ذقني مو غرور إلا شجاعة… أناظر إلانسان إلي حطم كرامتي بطريقته الوحشية… أناظره
والبسمة ترتسم على شفاتي بكل خجل العذارى… أناظره والتحدي لمع بعيوني…أناظره وتركيزي
عليه أحاول أسبر أغوار تفكيره …لرأيه بالبياض إلي إتخذت منه سبب فزفتي… للبياض الناصع إلي
أعبر له إني شريفة النفس…عفيفة… بريئة الطبع… مشبوبة بالعواطف… مسجونة للألم
والضياع… مأسورة للوحدة… ومشحونة بالشجاعة والقوة والعناد…
ابتسمت بكل جرأة وأنا أأشر له بعد ما وقف وقفة طويلة: ما في مبروك؟؟
ناظرني بتردد وبعدها بقسوة ضعيفة … وإحساسه إني مو طبيعية وإنه شاك بحركاتي بينت على
وجهه… وما كان له إلا يتحرك بطواعية ويلثم خدودي…
ويهمس بكل بجفاف: مــبروك…
ابتسمت وتجاهلته بعد ماتركني وبست أخواني وأنا مغتبطة لوجودهم فزفتي… وعمامي إلي حنو
علي كثير… حضنوني وهمسوا لي بدعواتهم وأمنياتهم بالسعادة… لسبب واحد إني وحيدة… يتيمة
الأب ومحرومة من الأم… جلست قرب وليد ببرود والإبتسامة شاقة الحلق… والتجاهل مابينا كان
له النصيب الكبير…


الجمعة…
26-10-2007…
الساعة 1 ونص…
رميت جزمتي (تكرمون) عند عتبة الجناح … ومشيت حافية ورجولي تلامس نعومة السجاد
العجمي… ناظرت لصالة الجناح كانت عربية شرقية الطبع… وبعدها دخلت للمطبخ إلي كان كبير
نسبياً ومجهز بكل شيء… بعدها رحت لغرفة النوم إلي كانت مثل غرف القرن القديم … واسعة
وطبعها شرقي وسجادها عجمي لونه أزرق…والسرير كان كبير وفيه أعمدة ومنسدل عليه ستارة
من قماش رقيق مخرم باللون الأزق… ومفروش بفرش من المخمل الأزرق والحليبي (البيج) ومطرز
بطريقة عجيبة… أما الستاير فكانت من المخمل الأزرق والحليبي مشابهة للسرير… كانت الغرفة
الزرقاء قمة فالأناقة والجمال… والثريا بوسط السقف عملاقة …
كانت الغرفة متصلة ببلكونة تطل على الحوش الخلفي والمسبح إلي كان مصمم على شكل دمعة…
تركت الشرفة ورجعت أناظر الغرفة وبعدها لاحظت بابين واحد منهم كانت لغرفة تبديل واسعة
بدولابها العملاق… والثاني لحمام وسيع (تكرمون)… وهالمرة بلون سماوي وبيجي… ومجهز بكل
إكسسواراته…
طلعت للغرفة المقابلة وكانت مقفلة… توجهت أنظاري لغرفة جنبها كانت هم بعد غرفة نوم شبيه
بالغرفة الرئيسية إلا إن هذي أصغر وسريرها لفرد واحد وألوانها بتدرجات الأحمر… وعلى
الطرف الثاني كان فيه باب رابع… فتحته شوي وعرفت إن هالغرفة مكتب وليد… ورجعت للمطبخ
أفتح الدواليب وأغلقها… أكتشف إلي فيها وأتسائل عن الأشياء الغريبة علي إلي أبهرتني… بعدها
طلعت للصالة أناظر التلفزيون الكبير وأنا أتعجب من كبره لما إنفتح الباب ودخل وليد…
ناظرته بدون مبالاة… بعد الزفة طلعنا للتصوير… وكل ما كانت المصورة تطلب منا وضعيات
جريئة أبتسم فوجهه وأنفذ… أما هو فكان متوتر حييل… ولما خلصنا جينا عالبيت بسيارتين…
عمي خالد يسوق ووليد جنبه وكنت أنا معهم… وسيارة عمي سيف وهدى والجدة مريم… ظلوا
عمامي والجدة تحت… أما أنا ووليد وهدى فطلعنا للجناح إلي أخذ معظم مساحة الطابق الثالث…
تركتني هدى فالصالة وهي توصيني وبعدها نزلت هي ووليد لتحت…
مديت يدي الثنتين وشلت التاج وسحبت الطرحة… وبعدها نزلت شعري وبسبب طريقة تصفيفه
إنسدل على كتوفي وهو ملفوف… رفعت ذقني ومشيت لوليد إلي كان واقف متسمر فمكانه… يناظر
كل حركة بتعابير جامدة… وصلت له ووقفت مقابل له… لأني كنت أقصر منه فوقفت على أطراف
أصابعي… إبتسمت بجرأة وحرارة… ولثمت خده القاسي…
إنت يا وليد جرحت المشاعر وأدميتها… وأنا ما عاد فيني شعور طيب إتجاهك… الكره هو إلي
يسري فشراييني…وأنا أدري إني ألعب بالنار… لكن أنا قد هالعبة يا وليد… قدها حتى آخر
رمق بحياتي… إن ماخليتك تطلع عن برودك هذا… إن ماخليتك تنغاظ … وإن ما خليتك تتوتر
وترتبك لوجودي… ما أكون أنا الخنساء…
حسيت بيده قاسية على خصري… وبدون مقدمات دفعني بشراسة… إرتميت على الأرض وشعري
يغطي وجهي بجنون… ورجعت له ملامح القسوة والجمود… وكان معها التوتر والإحساس بالإستغلال
يتصارع على وجه…
همس بكل شراسة: فسري لي حركاتك هذي…
رجعت شعري ورفعت ذقني وأشرت له: أي حركات؟؟ إنت ناسي إني زوجتك…؟!
ابتسمت بقسوة وأنا أعيد كلماته بإشارات بطيئة: للأسف أنا زوجة عابثة ولعوبة… الحياء تخلى
عني لأخلاقي الوسخة… ولكوني شيء مستعمل… إرضى يا وليد بهذا الواقع…
حسيت بعد هالمعاني إني مهزوزة الحيل… مدمومة القلب… وهو بكل حنق مشى لي… وجلس على
ركبته يسحب شعري ويشده… رفع راسي بقسوة وحطيت عيني بعينه بشجاعة…
صاح بحنق وغضب: وإنت يشرفك… يشرفك هذا الشيء؟؟ يشرفك بكل نفس باردة…؟!
شفت إرتجافة شفته شيء غريب… وإرتعاشة جسمه أغرب… إلا إني تجاهلته… وسحبت يدي
بعنف…
وأشرت له: صدقني… عافاني الشرف… وأنا راضية بهذا الترتيب… فرضى بهالشيء وتعايش
معاه… تعايش معاه يا وليد…
أرتفع الدم بوجهه من الكبت والقهر… وبان التقزز والإشمئزاز على ملامحه… وما قدر يتماسك
فغرس بأظافره على زندي وعيونه نار تشتعل… حسيت إن يدي تخدرت بسبب الألم الحاد… لكن
أبيت أبين له مقدار ألمي… وبكل برود ناظرته… وهنا إنفجرت عصبيته… صفعني بكل قوته وأنا
ألف وجهي أتحاشاه… صرخت بخفوت لما حسيت بألم كبير بأذني وبلزوجة الدم تسيل عليها…
وبعدها طاحت الحلق (القرط) بالأرض… غمضت عيوني بألم…
صاح والكبرياء صرخت معاه وهو يرتعش: وأنا …أنا مسحيل أتعايش مع هذا الشيء… مستحيل…
مستحيل… إنتي… إنتي …
إنتظرت بلهفة كلمة “طالق” منه… إنتظرتها وقلبي يرتعش… لكن وبكل قهر سكت ونفض يده
مني…
قال بقسوة وجمود: لو مو معاهد عمي إني ما أنطق بهالكلمة لكنت… رميتك بأول الطريق…
ولف طالع خارج الجناح… حطيت راسي على السجادة وأنا أرتعش… أرتعش من الخوف إلي مستحيل
أتجاهله وأنا بين يدين وليد… رغم إني حاولت أكون بمنظر الشجاعة…


3 ونص الفجر..
سمعت صوت باب الجناح ينفتح… وبعدها صوت خطوات تقرب… وأختفت بكل بساطة… لملمت
بقايا نفسي قبل ساعتين ومثل ما توقعت ثقب أذني إنشرخ والدم مارضى يوقف… رحت المطبخ
وحطيت بُنْ (قهوة) وتوقف بعد 10 دقايق… وتسحبت للغرفة الحمرا وقفلتها بالمفتاح مرتين
…ونزلت الفستان وشلت المكياج وخذيت دوش سريع…ودخلت تحت الفراش أحاول أنام وأنسى إلي
صار…
ولما حاولت أنام وما قدرت قمت وفتحت شنطي إلي تأكدت منها قبل لا أدخل الغرفة… وفتحتها
وأخذت المصحف… قريت نص جزء لحد ما أذن وأقيمت الصلاة… كبرت وصليت ولما تسحبت
للفراش… كنت من التعب إني نمت مع أول غمضت عين…
قمت على الساعة 9…قفزت من السرير وأخذت لي دوش… جدتي مريم قالت إن الضيوف عادتهم
يجون على هالوقت والعصر… خذيت لبسة الصباحية… كان لبس عماني مطور… لونه عنابي
وبيجي… وتطريزه قمة فالإبداع… جلست أناظر الجرح فأذني… المشكلة إني ما بقدر ألبس
الذهب عليه… لذا لبست القلادة والأساور الثقيلة الذهبية إلي إشتريتها مع هدى… صففت شعري
وربطته وأخذت خصلة كبيرة فغطيت بها أذني اليمنى المصابة…وحطيت المكياج بكل حذر وخطوة
خطوة مثل ما علمتني هدى… ولبست شيلة الثوب وتعطرت من العطور الكثير إلي ملت ربع
الشنطة…
وبعد ما تأكدت إني جهزت بصورة كاملة طلعت من الغرفة… كان الجناح هادي فطلعت وأنا متأكدة
إن وليد مو فيه… نزلت من السلالم وتجاهلت المصعد إلي إستخدمناه أمس… مشيت بكل حذر
وخاصة إن الكعب عالي وأنا مو متعودة عليه… نزلت وحصلت هدى فالصالة تبخر البيت… إبتسمت
لما شافتني…
وقالت بفرحة: صباحية مباركة يا عرووس… ما شاء الله عليك يالخنساء… الألوان مرة حلوة
عليك…
أشرت لها: الله يبارك فيك… مشكوورة… متى وصلتي؟؟
قالت وأنا أتبعها لطاولة الطعام: تعالي كلي فطورك… وصلت قبل نص ساعة… كنت بطلع لك بس
شفت وليد نازل قلت أكيد قمتي…
تجاهلت كلامها وأشرت: وين جدتي؟؟
قالت وهي تجلس مقابل لي: بالمجلس… ثلاث حريم من أهلها وصلوا قبل عشر دقايق… بس خلنا
منهم بتدخلي بعد شوي… كيف ولد أختي معاك؟!
أحمرت خدودي مو خجل إلا من ذكرى حرارة الموقف وأشرت: الحمد لله… أريد أسلم على جدتي…
ناظرتني بنص عين وهي تدري إني أتهرب من اسئلتها… وبعدها تنهدت وقالت: ياللااا…
وبكذا مر اليوم… حريم داخلة وحريم طالعة… تغديت على الساعة 3 وطلعت لغرفتي بعدها…
وبعد صلاة العصر أخذت فستان من قماش زاهي أخضر وشك بديع… عبارة عن قميص بنص كم
وتنورة لتحت الركبة بشوي (برمودا)… لبست بوت (تكرموا) وحزام أخضر باللون الأبيض…
وأسدلت شعري ولفيته لجانب أذني المصابة… وما لبست غير سوارة رقيقة وقلادة مثلها…
والمكياج كان بسيط وناعم ما حبيت أكثر فيه… ناظرت فالمراية وكانت النتيجة حلوة… عمتي
وبنتها بيحضروا لقهوة العصر مع حريم أهلنا…ولازم أكون مستعدة لها.. نزلت بهدوء من
السلالم…وأنا أسمع أصوات الضيوف يجيني من الصالة… ما قد شفت وليد اليوم…تخيلوا عروس ما
شافها زوجها بصباحيتها؟؟ عادي هذي أنا… أصلا ما أدري فيه وين راح… جاتني هدى وعيونها
تلمع بفخر… إبتسمت وهي تسحبني تهمس…
قالت: الحمد لله خلصتي… سلمى جالسة وتحش فيك… بس حلو لما أخترتي هاللبسة راح تصيبها
فالقلب … خلك قـــ…
قاطعتها وأنا أعض شفتي بوعيد وأأشر: لا توصي… خلك إنتي معي وبتشوفين…
ناظرتني محتارة وبعدها ضحكت وقالت يالله خلنا نروح… مشيت بكل عزة للصالة…سلمت
عالحريم وسلمت على عمتي بنفس طيبة وهي وشوي تتقزز مني… وسلمت على بنتها نشوى إلي
ماشاء الله كانت مسكته باللبس والمكياج الثقيل… غريبة هالإنسانة أحسها ذبلااانة… لكن أكيد
تكون ذبلانة وأمها عمتي السمكة المفترسة…
قالت الجدة مريم وهي تعقد حواجبها لما شافتني: إلحين يا بنتي ما كان لك أحسن لابسه الثوب
العماني… وش زينه عليك الصباح…
إنحرجت وإبتسمت وأنا أشر لهدى تتترجم إلي أأشر به: والله يا يمه هذا تغير… عييل وشو فايدة
الملابس الكثيرة إلي إشتريتها…؟؟
قالت العمة سلمى بنغزة: قولي هذي فرحة من النعمة إلي نزلت عليك من السماء…
إبتسمت لها وأنا أأشر وأغيظها: إلا النعمة إني زوجة وليد… العقيد… الشجاع…الشرس المقدام…
ضحكت الجدة بفرحة وهي تقول: الحمد لله يا بنتي… الحمد لله… أهم شيء أنتي مرتاحة…
إسود وجه عمتي لما إنقلب الموضوع بشكل ثاني… وحاولت مرة…
تقول لي بغرور: كيف شفتي الحياة فهذا البيت؟؟ قصدي القصر..؟! طبعاً لأنك جاية من البلد فكل
شيء غير عليك…
ضحكت بخفوت وأشرت: صح فيه أشياء غريبة… بس…
قالت عمتي بغرور كبير تقاطعني بصوت عالي: هذا تخلف… وجهل…سبحان الله الناس إلي يجوا
من البلد مثل الجهلة إلي يحسبوا مسقط لندن…
وضحكت أكثر بنشوة من موقف عمتي إلي تحاول تبين للحريم إني متخلفة بجانب إني خرسا…
أشرت لها وأنا أبتسم بكبرياء: هذا مو جهل يا عمتي… لأن هالأشياء ما تعتبر لها قيمة عندهم
مثلها مثل إن أهل المدن يحسبوا الفلج بحر…
ولما ترجمت هدى لهم ضحكوا الحريم بشراهة… كأنهم يهنوني على ردي هذا…
وعلقت الجدة مريم: تو الفلج صار بحر؟؟ …الله يخلف علينا بس… ترا الناس تخلفت … (قصدها
تمدنت)…
قمت بحب وأنا أبوس راسها… هذي الإنسانة أحبها… وتعجبني سوالفها…
قامت عمتي من الغيظ : المهم ما علينا… الخنساء وين الحلوى والمباخر؟؟
أشرت لها تروح للمطبخ…
وقالت متقصدة كل كلمة تقولها: شو تخربط هذي؟؟ أنا ما أفهم عليك… تكلمي مثل الناس يا
بنت…
مرت لحظة صمت عالمجلس وأنا حسيت بخجل كبير… وحاولت هدى وحتى جدتي تتكلم…
لكن عمتي ما أعطتهم فرصة وكملت تجرح ما درت إن الجرح مندمي من زمان: تصدقي… إلحين
العلم تطور… الطب تطووور إذا ما تفهمي… بس تدري ما أعتقد هالخرس إلي فيك بيروح
عنك… الحمدلله إلي عافانا مما بلاهم به… اللهم لا شماته…
قالت جدتي بعصبية: سللللمى…
أشرت لهدى وجدتي حتى ما يكملوا…وقفت ومسحت على شعري… عديت للعشرة أكبح القهر إلي
فيني… ثلاثة… خمسة… تسعة… عشرة…
ابتسمت بشر متصنع وضحكت وأنا أأشر: لا تخافي عمتي صح هالخرس لازق فيني بس ماراح أدعي
عليك…
أسود وجهها بسرعة لما كانت هدى تترجم لها وهي فرحانة…
وقمت من المجلس وأنا أسمع أصوات الحريم يزيد… ودريت وقتها إني ضربت قلب عمتي بالصميم
وفشلتها قدام الحريم… وأكيد بتردها لي… مو مشكلة تحاول تردها وأنا لها… كرهت أرجع
للحريم مرة ثانية فتخبيت بالمطبخ لحد ماجات هدى وضحكت حتى قالت بس…
قالت وهي تمسح دموعها: أخخخ يالخنساء… والله إنك عن عشر حريم…
ضحكت محرجة وأشرت بشرود: تدرين؟! الخنساء الضعيفة راحت… وجات من بدلها هذي إلي واقفة
قدامك… الخنساء الجريئة المتمردة…
وكملت هدى ضحكها وبعدها سكتت لفترة…
ورجعت تقول: الخنساء…؟! صحيح أنا لاحظت هالتغيير لما…
وقفت شوي ورجعت تقول بجد: لما لقيتك بالغرفة الزجاجية… الخنساء!! هذي المرة بسأل مو
بنظرات محتارة… إنتي مو موافقة على زواجك من وليد؟؟
وقفت بضيق… هذي هدى تكلمت… كنت لأيام أتهرب منها… تنهدت ورجعت أناظرها من جديد…
وأشرت: شو فايدة كلامي يا هدى؟؟ خلاااص ضرب الفاس بالراس من يوم أبوي زوجني بوليد بدون
رضاي…
فتحت هدى فمها تبي تتكلم… تستفسر… أدري إن أهلي وكل الناس على بالهم إني تزوجت
برضاي… إلا أنا وهالوليد وأبوي رحمة الله عليه…
وقاطعتها لما ضحكت بحزن ورجعت شعري لورا وأشرت: ناظري يا هدى… هذي هي عمايل
وليد… اليوم ضربني وبكرة بيدفني…
شهقت بالأول وعيونها تفتحها على وسعها… وبعدها شفت إرتعاشة فمها وعينها على أذني…
قالت تتجرع ريقها: كذا… كذا وصلت بوليد…
وكملت ضحكي بألم ورجعت أقولها: وأكثر… هذا شوي عليه…
قالت هدى بخفوت: بتكلم… بتكلم معاه… أو لا… بتكلم مع سيف… هو…
أشرت لها بالرفض بكل سرعة وأنا أمسك يدها…
أشرت: لا يا هدى…لا أرجوك … أنا ما أريد حرب ثانية تصير بالعايلة… وبعدين هذا الشيء
بيني وبين وليد… هذي حرب بيني وبينه…
قالت هدى وهي تعبس: الخنساء… الزواج مو حرب وصراع وكلام جارح وإهانات… الزواج حب
وتفاهم وعطاء وإحترام…
مسحت على يدي وناظرتها مباشرة وأنا أأشر: وهالشيء منعدم بيني وبين وليد… والسبب كله
إعتقاداته وكبرياءه التافهين…
وحاولت تتكلم أكثر لكني قاطعتها: أرجوك هدى… خلينا نغير هالموضوع…
وبديت أسأل: منو بيتعشى عندنا هالليلة؟؟
قالت وهي باين عليها إنها مو مقتنعة وقفتنا بنص الكلام: ماغير عمتك وبنتها…


.
.

الساعة 8 بالليل…
نزلت السلالم وأنا أسمع صوت عمتي يوصل لي… وقفت أصلح لبسي وشعري… ورفعت راسي بشموخ
ومشيت للصالة… لحظة صمت مرت وأنا أقرب منهم… صوت نعلي هو الصوت الوحيد إلي ينسمع
بالمكان… ابتسمت بكل جرأة وطاحت عيني على وليد إلي جلس بكل هيبة على الكنبة… وعيونه
علي يناظرني من فوق لتحت… تجاهلته وسلمت على أعمامي بكل حب وفرحة… ومشيت بقصد لحد
ما وصلت الكنبة إلي جالس عليها وليد… كانت كنبة لإثنين وجلست قربه…رغم إحساسي بالحرارة
إني جالسة قرب وليدإلا إني بكل برود ابتسمت…
سألني عمي خالد: أخبار عروستنا؟؟
أشرت بخجل مصطنع: الحمدلله عمي…
قالت عمتي من بين أسنانها: وكيف ما تكون هالعفريتة بخير…؟!
إنقلب وجه عمي سيف اسود وهو يناظرها… قال بصوت عالي: سلللمى… رجعنا؟!
سكتت عمتي وهي تتأفف… : أووووووف…
ناظرت عمي بحب وأشرت له بدلال مقصود: عمي الله يخليك لي يا رب ذخر وسند… بكرة بعد
ماتجيب التوائم من المدرسة جيبهم لي طوال…
قال عمي بابتسامة: إن شاء الله… وإحنا كم خنساء عندنا؟؟!
ضحكت بخجل حقيقي هالمرة وأشرت بدلع: ما عندكم غير الخنساء وحدة… الله يسعدك يا رب يا
عمي… ويطول بعمرك أنت وعمي خالد يا رب…
وحسيت بحركة وليد بقربي… عضيت على شفايفي أكبح إبتسامتي وناظرت عمتي إلي كانت مقهورة
مررررة…
ومن بين السوالف قفزت عمتي تقول لوليدبكل إهتمام وتدليل: يا وليد… كيف علشان موضوع
نشوى؟! هذي هي خلصت الثانوية ودخلت كليتين وما توفقت وهذي الكلية الثالثة إلي سحبت فيها
أوراقها… مايصير تسوي لنا واسطة؟!… ترى البنت متمملة بالبيت وتبي شغلة محترمة…
ناظرت نشوى وهي تسمع أمها وتهز راسها بكل خضوع وعينها متعلقة بوليد…
كملت عمتي: يعني أنت عندك واسطاتك ما شاء الله… سوي لنا واسطة من هنا وهناك… شو فايدة
12 سنة من كرف الدراسة؟!
قالت الجدة وهي عافسة حواجبها قبل لا يتكلم وليد: وشوله تبغي تشتغل ؟خلها بالبيت تنفعك
أحسن…
سمعت صوت عمي سيف يقول ساخر: مو السالفة كذا يا خالة… السالفة هي شو الشغل إلي تبيه إن
شاء الله؟؟
حاولت نشوى تتكلم لكن عمتي وقفتها… وقالت بفخر: شغل بشركة محترمة طبعاً… أو حتى دائرة
حكومية راقية…
عض عمي سيف على شفايفه يحاول لا يضحك: أقول بلاا هالخرابيط… بما إن ما عندها غير شهادة
ثانوية خلي تنفعها تكون مدرسة حضانة أو…
شهقت عمتي ذيك الشهقة ونشوى سوت مثلها… وما قدرت أتحمل وضحكت بدون خجل… شوطت
عمتي… ودخنت… ووقفت بعصبية وهي تناظرني بحقد…
قالت وشفايفها ترتجف من القهر: وعلى شو تضحكين؟؟ وإلا من الهواء الطاير…؟! عالأقل بنتي
عندها شهادة مو أنتي الجاهلة … المتخلفة…
وقبل لا يسكتها إي أحد من الموجودين… شفت وليد يوقف…
قال بنبرة حادة وجامدة لعمتي: ما عندي أي واسطة لبنتك يا عمتي… والعلم والجهل ما ينقاسوا
بالشهادة… إلا بالعقل والتفكير والعمل…
وقفت هدى وهي متشققة من الوناسة تصفق بيدها: يلاااااا… العشا جاهز… كفاية سوالف…
ناظرت وليد بطريق مختلفة وإحنا نمشي للسفرة… أحاول أشكره بأمتنان حقيقي لأنه وقف معي…
إلا إنه ما أعطاني وجه…
وأشر لي ساخر: هذا مو لك… أبوي كان يناظرني وينتظر مني تعليق…
وناظرت عمي خالد إلي كان هادي لكنه يهامس عمتي… شكله يعاتبها على نغزاتها الواضحة…
ورجعت أناظر وليد بقهر… وجيت جالسة جنب كرسيه بكل قصد… وبديت متحمسة أسولف مع هدى
والجدة…وبنذالة كبيرة أتدلع وأحث وليد يآكل… وأقدم الأكل وأصب العصبير له… بإختصار…
بإختصار… أمثل دور الزوجة المحبة المهتمة… ووليد جامد ما يسولف غير قليل إلا مع أبوه
وعمه ونفسه تتوق ليصرخ علي من ملامحه المتضايقة… وصار إن من ربكة وليد ترك كوب العصير
المليان على الحافة… وبدون قصد منه ضربه بكوعه وإنكب علي…
قفزت من الكرسي أشهق بأسف وأنا أحس بلزوجة العصير تلامس بشرتي… والقهر… القهر إنه كان
عصير عنب… يعني الثوب صار في رحمة الله …
وقفت هدى وهي تجري عالمطبخ تجيب منشفة…وعمامي يعلقوا …أما عمتي فضحكت بتريقه لأنها
سجلت نقطة علي… ناظرني وليد مبتسم بنذالة… كأن هالشيء فرحه …
وقال بدون إهتمام وأول مرة يضحك معي أو بالأصح علي: لو ماكنتي صابة لي للمرة الثالثة ما
كان الكوب مليان…
عضيت على شفاتي… عاجبنه الوضع مرة والعمة تضحك علي… أخذت المنشفة من هدى ومسحت
العصير من الطاولة … ولاحظت إن قميص وليد صابته بقعة…
أشرت له بإبتسامة: فيه بقعة على قميصك…
ناظرني وناظر قميصه… ولف لأكله مسفهني… تمااااام يا وليد …طيييييييييب… يصير خير…
وبأكبر نذالة مسكت بالمنشفة إلي تشبعت بالعصير وصرت أمسح على قميصه… وسحبت يدي حتى
تنزلق المنشفة على ركبته بكل قصد…
قفز من مكانه ورمى الكرسي يطيح عالأرض وهو يصرخ: شو سويتي؟؟؟
أشرت له ببراءة: آآآآآسفة ما كان قصدي… كنت بس أنظف قميصك…
ضحكت هدى وهي تترجم الحرب الطفولية إلي كانت بينا… وأنفجر بالضحك عمي خالد وجدتي
مريم … وعمي سيف علق بدفاشة…
ومشيت له وبيدي مناديل أخذتها من الطاولة…
قال محتار: شو ناوية تسوين؟؟
أشرت: بنظفه لك…
قال متردد: لا… لا… بطلع أبدل… أنعدم القميص والبنطلون…
أشرت له وأنا أتصنع الإهتمام: مو مشكله هاتها بنقعها لك بالماي البارد… والله أعرف كيف
ينقعوها…
همس بعصبية: لا… لا…
عضيت على شفايفي وتقدمت له وهو تراجع لوراه… حسيت وجه إنقلب أحمررر… والتوتر خلى
جسمه يرتبك… مسكت ساعده وناظرت بقعة العصير على قميصه…
وبنذالة كبيرة هالمرة مسحت على البقعة وأنا أتصنع التفكير…
أشرت: تدري يا وليد… الظاهر هالبقعة ما راح تروح حتى لو نقعناها بالماي البارد…
حسيت برعشة سريعة عليه… وناظرني محتار ومرتبك… غريبة شو مقدار هالربكة إلي سوت
بوليد كذا… وعلقت عيوني على عيونه وأنا كلي براءة…
قال بهمس… زين سمعته: بطلع أبدل…
سمعنا صوت كرسي تحرك بهالوقت… لفينا على عمتي إلي وجها صفر وحمر وزرق وأسود
بالنهاية…
قالت بعصبية: تأخرنا ولازم نروح… يلااا نشوى…
ولما أطلعت عمتي لف وليد للسلالم وطلع… وكان الضحك مستمر وهدى تترجم لهم بكل حماس
ولهفة وهي تزيد كلمة كلمتين على إلي صار… وحتى عمي سيف علق على عمتي إلي طلعت من هنا
وبدون سلام…
أشرت لهم بابتسامة: بطلع أبدل…
قال عمي سيف وهو يحاول يوقف ضحكه: إحنا بنروح بعد نص ساعة لأن الأولاد بالبيت مع
خالهم…
قال عمي خالد بابتسامة: شوي شوي على ولدي…
وسلمت عليهم ولما كنت أطلع سمعت جدتي تقول: هذي هي البنت السنعة إلي تشتغل لزوجها…
وتبعتني ضحكاتهم لحد الطابق الثاني…


عضيت إبهامي بتوتر… وأنا أنزل جزمتي (تكرمون) قبل لا أدخل الجناح…مشيت بكل خفة حتى
أوصل لغرفتي من دون صوت… وما حسيت إلا بإيد تمسكني وتثبتني عالجدار… كان وليد وهو
مابدل لبسته أبد… شكله كان ينتظرني على جمر…
قال يصرخ يفرج عن كبته: شو يعني هالحركات السخيفة تحت؟؟!
عضيت على شفتي وابتسمت بكل براءة وأشرت: أي حركات؟!
وبطريقة مختلفة عن السحب والضرب وإطلاق الإهانات … نقرت على كفه…
أشرت بحلاوة: ممكن يا أستاذ… عقيد وليد… تنزل يدك… أعني لو سمحت… ناظر هالثوب…
جديد وأنعدم بالعصير… صرااحة عجبني كثير لما شفته بالمحل حتى إني لابسته بصباحيتي…
أوه… صحيح… مو حلوه هاللبسة؟؟
سألته بلهفة وأنا أحط عيني بعينه… إرتعشت شفايفه… حلوووو… بكمل…
وأشرت مرة أسأله: حتى تصفيفة شعري خليتها على جنب… لاحظ… هذا علشان ثقب أذني إلي
أنشرخ ما يبان…
وشلت (بنسة) من شعري وخليته يناظر الثقب…
وكملت بابتسامة: هااا ما قلت لي رايك بهالبسة؟!
ناظرني… بكل توتر… عيونه مره على أذني ومره على عيوني…
أشرت بصبر وإبتسامة حلوة: هااا… ما قلت لي شو رايك بلبستي؟؟
وجاني صوته هامس ومتوتر: صفوة الصفوة…
كلمة ورماها وابتسمت بكل إشراق… رغم إني أحس بخذلان برجولي وقلبي… إلا إني كملت تمثيليتي
وناظرته بعيون وساع… وفمي يتسع بإبتسامة وعيوني تلمع بالنصر…
وكانت هذي الضربة القاضية إلي أفاقته من توتره وربكته…
عض على شفته ورجع يصرخ: لا تفرحي… وبعدين… بعدين حركات النذالة هذي ما تمشي علي…
أنا مو طفل تلعبين عليه… فاهمك وعارف قصدك…
ابتسمت وأنا أسحب يدي منه… أشرت له بنكران وأنا أرفع حاجب: قلت لك أنا ما أقصد حاجة؟؟ شو
قصدي يكون يعني..؟!
مد يده يرفع ذقني يجبرني أناظره… وهمس:أدري عن لعبتك التافه هذي… لكن إنتي سألتي
نفسك إنك قدها هاللعبة أو لا؟؟؟
ضحكت وأنا ألعب بحاجبي وأشرت: أنا قدها… قدها ونص يا وليد… وإلا نسيت إني مره لعوبة…
الحياء والشرف عافوا مني…
وأرتفع الدمع بعروقه… مسكني من شعري وصرخ: وهالشيء يشرفك؟!
هزيت راسي بعنف وعيوني تلمع… أشرت: أيوه يشرفني… يشرفني…
وما حسيت إلا بالصفعة من هالخد والخد الثاني… صرخت وضربت صدره بألم…
أشرت: أكرهك… أكرهك… أتركني… إنت ناسي إن الدم إلي يسريي فشراييني دم أمي؟!
ظنيته بيتركني ويطلع بعد ما يصفق بالباب لكن حساباتي أخطأت لما عدت كلماته… أخطأت لما
حسبت إني بترديدي لكلامه راح ينفجر من العصبية ويطلقني… أخطأت وأخطأت…
مسكني يغرس يده على كتفي… وتنقلت لوجهي يغرسها ويطبع فيه الألم…
همس وأنفاسه تتلاحق: لا تجربيني يالخنساء… وإلا والله…
ما تركته يكمل… ومديت يدي للمرة الثانية وصفعته بكل قوة… أفرج وأسرح عن غضبي بأوامره
وتوعداته إلي كرهتها… وإلي تحسسني إني نكره ما أسوى شيء…
أشرت بكل عنف وشراسة وأنا أبعد وهو يقرب مني وعيونه شرر: أنت مو تقول إني رحت برضاي
لبيت خالي؟! أنت مو تقول إنها نزوة بنفسي وإني بايعة الشرف والحياء؟! أنت مو تقول إني
مسؤولية انحطت على كتفك؟! أنت مو تقول إنك عايف المستعمل؟!
ورغم إني أدري إنه هددني إلا إني أشرت بكل قوة وشجاعة: خلااااص… اتركني وريح وأرتاح…
طلقني… طلقني… طلقني…
جمد بمكانه… ورفع راسه… وبعيونه شرر وهو تيقظ لكل إشارة أشرت بها…
الصمت صار مرض…
والغضب أصبح دوا…
التعقل صار منسي…
والتسرع أصبح صاحب…
الوليد صار قنبلة موقوته… وأنا صرت روح هايمة… هايمة…. هايمة…
وهمس بلسعة: ما زلت عايف المستعمل… عايفه… بس… والله لذوقك من القهر إلي يسري
فيني… من ألم الشرف المطعون إلي راح يحرق صدرك…
بنظرة غضب مكتوم…مسك كتوفي بإيد شرسة… يهز فيني… روح من الضيم تداعت…
وتجرد… من قيم…دعوها فسالف الزمن… بالأخلاق… وأتخذ… من العنف… صديق… ضيفه
…وأضافه… في قاموسه…
.
.
بكيت …على جنين … يدعوه بالمشاعر …بأكثر الأساليب قسوة… جهض… و توسلت له …
يرأف…بمخلوق…هو يتيم…قبل كونه…وحيد …
لكن وليد صم أذنه الغضب… وعمى عينه القهر… وأخرست فمه الإهانات…
.
.
ظلم… ليلة سودا… وحيرة… وندم على تسرع… وعيون دامية…
تكورت على نفسي…لامه فرش السرير علي… وشعري متناثر بجنون… عيوني عاصفة عنيفه
ودموع ماطرة…ما عاد للدموع قدرة على الكبت… وما عادت النفس لها قدرة تدفن المحظور…
كفاية ذل يا نفس…وكفاية جروح يا قلب… كفاية… كفاية…


السبت…
27-10-2007…
الساعة 4 الفجر…
تسحبت للحمام وأخذت لي دوش… وتوضيت وأستقبلت قبلتي… صارت يدي ترتعش وأنا أدعي
للواحد الأحد إلي يحمل أسمى معاني العدل… أسأله فرج همي… ورضاه عني… أسأله السعادة بعد
الشقا… وأسأله الثبات بالدنيا والآخره… وبصورة آليه حطيت خدي عالسجادة ولميت نفسي
أبكي… أشاهق وأئن…
ما أدري كم بقيت على حالتي هذي… بس سمعت صوت من وراي… ما أهتميت ولا قمت من مكاني…
وظليت على ما أنا عليه…
وحسيت بيد إنحطت على كتوفي…
همس مرتجف قريب مني: الــــ..ـــخنـــــ…ـــساء…
وما تحركت… ومسكني ولفني له… ورغم إن دموعي بركة إلا إني قدرت أشوف الألم والندم على
وجهه… لكن أنا ما همني… ما همني أبداً… أي تعبير أو أي ندم عليه…
حاوط بيده وجهي وأنا مازلت أبكي…
همس وشفته ترتعش: الخنساء…
وسكت… رغم إن الكلمات ما تنقصه إلا إنه مو عارف شو يقول…
ورجع يهمس: أدري إني ظلمتك… ظلمتك بكل إتهاماتي… وأدري إن كلمة آسف ماتكفي… ما تصلح
الوضع…
وما تحركت أبداً… رجع يناظرني وهو يمسح على شعري…
ويكمل همسه بشجون : أرجوك… أرجوك… سامحيني… سامحيني على إتهاماتي… على قسوتي…
على الذل… على التجريح… على كل شيء جاك مني… أرجوك يالخنساء… أرجووووك…
أرجوووك…
ودفني بحضنه وهو يرتعش وأنا صابني الصمم مقابل أسفه: آآآآآآآه يالخنساء…
سامــ..ــحــ..ــيني… أرجوك…
وليد؟! وليد يعتذر؟! ولمن؟! لي؟! بغيت أصرخ… أتهمه… أصفعه… أرمي يده إلي تحاوطني…
أهرب… وأترك هالإنسان…
لكن عكس كل هذا ضحكت… ضحكة ميته… ضحكة خالطها البكاء… ضحكه شابها الأنين والوجع…
أبعدني شوي وهو محتار ومتألم…
وسأل بكل توتر وعينه مرة على عيني ومرة على شفايفي إلي تصدر الضحكة مرة والبكاء مرة:
الخنساء…؟! شــ..ــو فيك؟!
ولما ما جاوبته وكملت ضحكي وبكاي هزني… هزني يحاول يرجع لي صوابي… هزني علشان
أتعقل… وأنا… أنا ما وقفت هالضحك حتى وفجأة رميته عني…
وقفت شوي شوي وأنا أحط عيني بعينه وأأشر: أسامحك؟! تبيني أسامحك؟! وليش؟! هو أنت غلط؟!
وجا بيتكلم إلا إني هزيت راسي بعنف ويدي ترتعش وأنا أأشر عليه: لا…لا أنت ما غلط… ما
غلط… هذا حقك… هذي أنا… أنا الخنساء… إلي أتهمتني إني وطيت دار خالي وبنفسي بعت
شرفي… أنا إلي أتهمتني إن مكاني فالحضيض… أنا إلي أتهمتني إني لعوبة لأني أحمل دم أمي… أنا
إلي أتهمتني بأبشع أتهاماتك… أنا الخنساء إلي ذاقت المرارة منك ورغم كذا… أبقى أنا
زوجتك… وأنت ما قصرت أثبت بقسوتك وظلمك لي هالشيء… عاملتني مثل السبية… الجارية…
كبش أضحية… وأبقى أنا الخنساء زوجتك… فما غلط بكل هذا… لا… لا… ما غلط بأي شيء…
نزلت يدي بعنف وهو تيبس بمكانه يستوعب كل إشارة أشرت بها… وبعد صمت طويل حاول
يتقرب مني…
همس بضعف وهو يمسح على شعره ووجهه: أرجوك… أرجوك يالخنساء… أنا…أنا كنت… كنت…
وغمض عيونه بعد ما تخلت عنه الكلمات… ولما فتحها أشرت…
أشرت بكره وأنا أضحك: أدري… أدري… الكبرياء أعمتك عن شوفة إني مظلومة من خالي إلي ما
حافظ على حرمته… وحاول بوحشية يبيعني لأصحابه… ومن أبوي إلي تركني بسبب أنا مالي دخل
فيه وهو وأمي… ومن أمي إلي رمتني ثلاث مرات لأني خرسا… ومن هالخرس إلي صابني
بالهستيرية بسببك أنت… من ظلمك… من ظلمك… من ظلمك…
وصار قريب مني وخطفني لحضنه… يمسح وجهه على شعري وهو يهمس: أرجوك… أرجوك…
كفاية… كفاية… أدري إني ظلمتك… أدري… أدري… والله والله أدري… أدري…
وناظرت دمعه على جفنه تعلقت ورفضت تنزل… غريب… كيف صرت أنا أقرب للقسوة
والشراسة… صرت أنا بقلب جامد… وضحكت… ضحكت على توتر وليد… على ضعفه… على إنه
تبدل هالمرة مية وثمانين درجة… على إنه مهزوز ومرتبك ونادم… والأهم إنه أذى مسؤولية
عمه…
ودفعته عني بكل شراسه وأشرت بعزة: لا… لا تحسبني إنكسرت …وخضعت للحزن والألم… صح أنا
عاجزة …أنا خرساء… بس أنا أقوى من الخنساء إلي فبالك… إبتسمت ببرود وأنا أمد يدي لكتفه
أنقر عليه بالخفيف وكأني أفكر … ودرت حوالينه بغباء وجنون…
ووقفت مقابل له وأنا أأشر بكل فخر وكبرياء: الورد الأبيض…البياض الناصح إلي بزفتي…تدري
شو كان؟!… كان هو سلاحي إلي بغباءك وإستنتاجاتك عني ما عرفت له قيمة عندك… أنا يا وليد
عفيفة… أنا يا وليد طاهرة شريفة… أنا يا وليد حرة أصيلة… وأنت… أنت…
وقفت وضحكت وأنا أكمل: وأنت سلبت حقك بكل نفس باردة…
وحط يده على فمي يوقف ضحكاتي المجنونة… وعيونه تعلقت بعيوني يرسل لي الأسف والرجاوي
حتى أسامحه وإلي ما أعتبر لها أي قيمة عندي…
قال بيأس يغرس يده على شعري بكل حنان مرتجف : شو تبيني… شو تبيني أسوي لك حتى
تعذريني… تعذري تسرعي… كبريائي… تعذري قسوتي… شو تبيني أسويه لك…؟! أنا
حاضر… حاضر لطلبك… أمرك…
بعدت نفسي عن حضنه… وأشرت: أريد الكثير… الكثير…
سكت وبعيونه أمل… وقال بلهفة: شو تبين أنا حاضر…
أشرت بابتسامة: أريد ترجع لي أبوي…
جمد… وحل الصمت برهبة عالمكان… رهبة أخرست كل أنواع الأصوات … إلا النفس السريع لوليد
والضحكة الرنانة إلي أطلعت مني…
وأشرت وأنا أبكي: تقدر؟! تقدر ترجع لي أبوي؟!
وهو متيبس بمكانه وساكن… هز راسه يجاريني بجنوني… وكأنه يجاري طفلة عقلها تبرأ منها…
يهز راسه ويهمس: لا…لا ما أقدر…
وكملت أأشر: وأنا كذا… هذا مات…
وأشرت على قلبي… ورجعت أأشر: هذا مات… ومستحيل تقدر ترجع هالي مات…
ما أكذب إنك كسرت أشياء بداخلي…
لكن إذا سألت النفس عن الحال …
بتجاوبك إني بألف ألف خير…
وعايشة ألملم شتات نفسي…
وأبني أساسها من خفقات كرهي لك…
كرهي لك إلي يسري فشرايين دمي…
وأنتقم لإنكسار مشاعري بصمودي وعنادي…
أنت سجلت شريط حياتي معاك بكل وحشية…
دفنتي… كفنتني… ألحدتني…
وما بقى لك إلا ترويني من ماء عينك… من نزف دمعك…
ما بقى لهالروح بقايا يا وليد…
ما بقى لها… ما بقى…
.
.
حسيت به تيبس… جمد… وألمه ووجعه يبان على ملامحة… حسيت بضعفه… حسيت بإنكساره…
حسيت بالصراع بداخله… ورغم كذا هزيت كتوفي…
وأشرت بدون مبالاة: صدقني ما عاد يهمني أعيش معك مثل جثة بلا روح…
وفجأة تبدلت حالي… وابتسمت بكل وجع… مشيت له وحضنته… وحسيت برعشته بين يدي… بست
خده وهو جامد بمكانه…
وأشرت ببرود على مشاعر ساخرة: تصبح على خير يا زوجي الحبيب… تلاقيني قريبة منك
بلياليك… ولا تخاف راح أكون بنهارك مثل الظل لأوامرك وطلباتك…
وتركته يرتمي على ركبته وهو يصرخ بوجع ولوعه…
وأنا… أنا ضحكت ضحكة ميته بدون أسف أو شفقة عليه… إلا متلذذة بلي أشوفه…


.

error: