رواية عمانية احرف مطموره بين طيات الورق كاملة

(((((((((((((((الفصل الثالث عشر))))))))))))))
~~** كنتي الحياة لنا… واليوم لستي بنا**~~

حلمي الصغير هو أن أحيا بسلام
في بيت يصفو بزمننا لا بالأحلام
يعبق بنسيم الحب
تقسمنا الأيام
لا أزال صغير
أنت لي بالحنان
أغفو حين أطير
على جناح الحمام
أصوات الأحباب
تحطم الجدران
تختار الفؤاد ملجأ
((منقول:إذا تذكرون 🙂 أنا وأخي))
.
.
(بالمستشفى..عند وليد والخنساء)
مسح على شعرها وصار يشم عبيره… آآآآه يالخنساء متى تفوقين من هالعذاب؟! متى؟! متى؟!…
ورجع يناظرها وهي نايمه بكل براءة… والمخدة… أو بالأصح خالد
الوهمي تحضنه بكل قوة… تتشبث فيه حتى بنومها… بكل حذر… بكل حنان… دمعت عيون
وليد… وأسند راسه ليده… يضغط على جبينه… شو بيدي
أعمل؟! أبوي وطلبه؟!… إنتقامي؟!… الخنساء؟!… مو قادر أحدد… مو قادر…
فاجأه صوت تلفون الغرفة يرن… أستغرب من يتصل على هالغرفة… وخاصة إن ما في مرافق
للخنساء… شال السماعة… وسمع صوت أبوه…
خالد: وليد؟!!
تنهد وليد وهمس: أيوه يا أبوي…
خالد بضعف: توقعتك تكون عندها… كيفها إلحين؟!
أرتجفت الكلمات بلسان وليد وهمس بضعف: ما زالت على حالها…
تنهد خالد بضعف… وهمس: وليد..؟!
رد عليه وليد وعينه على الخنساء: أيوه يا أبوي…
خالد بصوت هامس: طلبتك… ما تجيب سيرة عن إلي قلته لك…
ما رد وليد بكلمة…
ورجع خالد يكمل: وليد…؟!
همس وليد: أيوه يا أبوي…
خالد بصوت ضعيف: طلبتك… تترك عمتك وبنتها…
وهالمرة بعد ما رد عليه وليد…
ورد خالد يقول: وليد…؟!
ورجع وليد يهمس للمرة الثالثة: أيوه يا أبوي…
خالد بصوت مرتجف: طلبتك… تترك موضوع عمتك وبنتها لي… طلبتك… طلبتك يا ولدي…
وفترة ما رد عليه وليد…
ورجع خالد يقول بترجي: وليد..؟!
همس وليد يقاطعه وعيونه يغمضها بقوة وقهر: حاضر يا أبوي… مثل ما تبي…
وسكر السماعة بألم… ورجع يناظر الخنساء… وتفاجأ إنها قايمة… تناظره بعيون وسيعة…
بعيون أقل ما يقدر يوصفها بالضياع والبراءة…
همست تبتسم: أنت… هنا؟!
مد وليد يده بكل بطء لشعرها ومسح عليه وهو يبتسم بألم…
ويهمس لها بكل لطف: أيوه… هنا…
قالت وهي تضم خالد الوهمي لها: أمممم… خالد… بابا… هنا…
عبس وليد بألم… ورد يقول لها: الخنساء…
تجاهلته الخنساء وهي شغلها الشاغل خالد الوهمي… تكلمه وتشمه… تهمس له وتداعبه… مد وليد
يده لذقن الخنساء ولف وجهها له… ناظرته الخنساء حايرة…
قال لها وليد بتردد: الخنساء… حبيبتي… هذا… هذا مو خالد…
ناظرته الخنساء بعصبية وضربت يده بشراسة: لا… لا… كلكم… تقولوا… هذا مو خالد… لا…
أنتوا… ما تعرفوا… أنا… خالد… ولدي… أنا
أعرف… أنتو ما تعرفوا…
تجرع وليد ريقه وهمس: خالد مات يالخنساء… خالد برحمة الله…
أرتجفت يد الخنساء… وجلست بشراسة وضربت صدره… مرة… مرتين… وثلاث… وهي تصارخ
عليه…
صرخاتها كانت مؤلمة لوليد: لا… لا… كذاب… كذاب… كذاب…
ومسكت بخالد الوهمي وشدت عليه بحضنها وهي تصرخ عليه أكثر…
ورفعت إبهامها تهدده: أنت خلاص… خلاص… مو زوجي… مو… بابا خالد… خلاص… خلاص…
أحبك لا… أحبك لا… خالد يحبك لا…
خلاص…
قام وليد بعد ما حس بغلطته…ومسكها وضمها له يهديها بسرعة…
وهو يقول: خلاص… خلاص الخنساء… مثل ما تبين… هذا… هذا هو خالد… بس… لا تبكين…
لا تبكين…
شاهقت وأنتحبت وهي تحس بالدفء بحضنه: أهيء… أهيء… خالد… ولدي… ولدي… أنا…
همس لها وليد وهو يرتجف: خلاص… الخنساء… خالد… ولدك… ولدك…
سحبت نفسها من حضنه وقالت وهي تشاهق: لا تقول… خالد مات… فاهم؟! وإلا… خلاص… أنت
مو زوجي… مو بابا خالد… فاهم؟!
دمعت عيون وليد وهمس: فاهم… فاهم…
ابتسمت الخنساء فجأة وهي تضم خالد الوهمي لها: خلاص… لا تبكي… أنا أحبك… خالد يحبك…
بعد…
وبعدها رفعت راسها تسأل ببراءة: أنت… قلت شو… أسمك؟!
همس: وليد…
ابتسمت بحلاوة وهي ترد شعرها لورا أدنها: وليد… وليد… حلووو… أسمك… بس… خالد…
أحلى… ولدي…
أرتجفت شفايف وليد ونزل راسه بحركة تعبانة بعد ما إنهد حيله… وسنده على رجولها
الممدودة… وترددت صدى ضحكتها… وهو يغمض عيونه بوجع…
وسمعها تقول بحلاوة: أنت… تعبان… تبي… نام… خالد… بعد… يبي… ينام…
وحس بيدها تمسح على شعره وتغني له… تغني له نفس الغناوي… إلي غنتها لخالد… غنتها بعد
ما بدلت إسم خالد بإسمه… كذا بكل بساطة… بكل بساطة…


(بيت سلمى..)
دخل طلال بكل هدوء لغرفة أخته لجين… كانت جالسة عالكنب وهي ضامة رجولها لحضنها…
وكانت شاردة ووجهها تعبان… قرب وجلس على الكنب مقابلها… بس
الظاهر هي ما شافته… كانت بشرودها إلي خلاها ما تسمع إي صوت قربها…
قال طلال بصوت عالي: لجين..؟!
أنتفظت لجين وأرتجفت وهي تسمع وتشوف أخوها قدامها…
خلت يدها على قلبها تقول: فزعتني… أنت من متى هنا؟!
تكلم طلال بصوت جامد بعد ما تجاهل سؤالها ودخل بالموضوع بكل قوة: لجين… من متى كانت لك
علاقات مع شباب؟!
أرتجفت لجين وأهتزت شفايفها بخوف وهمست: أنت… شو تقول… طلال؟!
رجع طلال يقول: جلند قال لي عن كل شيء… ما يحتاج تخبين حاجة…
وقفت لجين تقول برجفة: كذاب… هو كذاب…
ووقف طلال والظاهر كان معصب وكابتنه لأيام… وبدون ما يحس صفعها… وتألم ألف مرة من
منظرها وهي تشاهق…
مسكها من يدها بكل قوة وهمس يقول: ما كنت أتخيل بيوم تكونين بهالشكل… يمكن نشوى… لأني
أدري إن تربيتها غير… بس أنا وأنتي… أنا وأنتي تربية أبوي وعمتي حنان
الله يرحمها… تذكرين كلامها؟ تذكرين دعاويها؟ تذكرين وصاياها؟ تذكرين وإلا تبيني أذكرها
لك؟!
انتحبت لجين بعد ما حست إنها خلاص فاض فيها الكيل… مسكت بقميص اخوها من الصدر وسندت
راسها تبكي…
قالت بألم: والله… والله هي… هي أجبرتني… أجبرتني أتعرف عليه… كنت أنت دوم مشغول
بداستك وسفرك… دوم لما أجلس معك أبي أسولف لك… تذكر لي
السفر وطموحك… وكان أبوي دوم بعيد… أما أمي… أمي أبد بيوم ما حست بحاجتي لها… نشوى
دوم تكفيها… و…و… كان هو… هو…
سكتت بعد ما قدرت تتكلم أكثر… تنهد طلال بكل ألم… وحاوطها يشد على حضنها…
همس: بس ما توقعتها منك… ما توقعتها أبد منك….
ما ردت عليه لجين… إلا إنها بكت وزادت ببكاها… وبعدها طلال بقسوة ضعيفة من حضنه…
أنتفظت من قسوته وبعدت لأن وجهه كان جامد…
قال لها بأمر: جلند خطبك من قبل… وأنا أقنعته يخطبك رسمي من أبوي… وإحنا كمبدأ موافقين
عليه… أتفقت مع جلند بعد قومة خالي خالد تملكوا…
فتحت لجين عيونها على وسعها مصدومة… هزت راسها بلا… لا… إلا جلند… إلا جلند… وخالي
خالد بعده مريض… الخنساء تعبانة…
تركها طلال وعلامات الرفض بانت بشكل واضح على وجهها… تركها وأعطاها ظهره وهو يمشي
للباب… وراحت له لجين طيران… مسكته وهي تتشبث فيه بكل
رجى…
بكت وهي تقول: لا… لا… ما أبيه… ما أبيه…
قال طلال بقسوة: إلا تبيه… وأصلا أنا مو جاي أشاورك… جاي أعطيك علم بهالخطوبة…
تراجعت لجين وهي تهمس بلا… ليش طلال يسوي فيني كذا… ليش؟! وطلع طلال من عندها…
طلع ولجين تبكي وتبكي… هو… هو السبب… جلند…
يحسبني ضعيفة… يحسبني ما بيدي شيء أقدر أسويه؟! إلا… إلا…
وقفت وراحت للحمام (تكرمون)… ناظرت المراية…
وهمست بشجاعة ضايعة وغبية: صدقني يا جلند… ما أكون أنا لجين إذا ما طفرت (جننت) فيك…


يدري قسى عليها بس قسوته كان لها سبب… ما يبيها تكون مثل اخته نشوى إلي… إلي… وخانته
الكلمات… وحس بالقهر من نشوى… حس إنه إذا بس جات قدامه
إلحين بيشبعها ضرب… وهي طبعاً ما قصرت… طلعت من غرفتها تتكلم بالموبايل… كانت تمشي
بدلع وهي رايحه للصالة…
وأنتهز طلال هالفرصة… مسكها وشهقت هي لما شافته… كانت دوم تتخبى ورا أمها… تتخبى عن
طلال طول الأيام إلي فاتت…
صرخت وهي تنزل الموبايل: شو تبي مني؟!
صرخ عليها: وسسس… لا تعلي صوتك علي… منو تكلمين؟!
وسحب الموبايل من يدها وهي تصارخ عليه: ما يحق لك تـ…
سكتها وهو يرفع الموبايل لأذنه…
سمع صوت بنت تنادي بإسم أخته: نشوى… نشوووووى… وينك؟! شو صاير عندك؟! شو
هالربشة؟!
بان التقزز على طلال ورمى الموبايل عالأرض بكل قوة… وتكسر تكسير… صرخت نشوى وهي
تبي تركض لموبايلها…
همس طلال بكل قهر وهو يمسكها: أتركيه… أعيدها لك للمرة الأخيرة… ليش كنتي ببيت خالي
سيف لما صار إلي صار للخنساء وولدها؟!
رمت يده وهي تحاول تفلت منه: أنا… انا… ما سويت شيء… هي… هي…
وما قدر طلال يستحمل أكثر… صفعها بكل حرة… وهو اليوم ليش طايح على خواته
ويصفعهم؟!… صرخت نشوى وهي تتلوى بين يديه… وزاد يضربها بدون ما يحس
مرة ومرتين… يطلع كل إلي كابتنه عليها… حتى إن الدم نزل من أنفها… وهالمرة ما سلم
منها… وجوا أمها وأبوها على صراخها…
قال محمد بعصبية: شو صاير هنا؟! أنت شو فيك؟! شو مسوي بأختك؟!
طلعت لجين من الغرفة وهي تمشي بخوف لأخوها… كانت هي الوحيدة إلي سمعت كل الكلام من ورا
الباب…
صرخت سلمى: أنت شو فيك؟! ما عندك إلا طايح على بنتي؟!
همست نشوى ببكى وهي تتخبى بحضن أمها وكل مالها تتوجع بصوت عالي: صفعني… علشان لأني
كنت أكلم صديقتي… رمى الموبايل وكسره… صفعني وضربني…
عصب محمد على تصرف ولده: أنت شو فيك؟! ها؟! ليش كذا سويت بأختك؟! ليش ضربتها؟!
تردد طلال… ما قدر يتكلم… ما قدر… يدري بأبوه راح يجلد نشوى جلد إذا بس عرف
بسوالفها…
صر على أسنانه وصرخ: مقهوور… مقهووور ولقيتها قدامي…
صرخ عليه محمد: مقهووور؟! وتطلع حرتك على اختك؟! وأنا من متى علمتك تمد يدك على
خواتك؟! ها؟!
ضغط طلال على شعره وصرخ: من يوم…
وسكت وهو يناظر نشوى بنظرات حاقدة… ما يقدر… ما يقدر يقول…
ورد محمد يقول بعصبية: أنت شو فيك؟! تكلم… شو مسوية هي علشان تضربها بهالشكل؟!
تردد طلال وللمرة الأخيره صرخ: بدون سبب… كذا بدون سبب…
وزاد صراخ محمد وهو حيران: بدون سبب؟! أسمع… إياني وإياك تمد يدك عليها… إياني وإياك
وإلا لا أنت ولدي ولا أعرفك…
وتراجع طلال وعيونه فيها نار تشتعل… وركض للسلالم متجاهل تهديدات أبوه وصراخ أمه وهي
تحضن نشوى لها… وركضت وراه لجين… ما يهون عليها أخوها يكون
بهالشكل… مسكته وهي تبكي وهم عند الباب…
همست: طلال… طلال… وين رايح… وين؟!
رمى طلال يدها وطلع من البيت متجاهلها… ركضت لجين لأبوها…
مسكت يده تقول: بابا… بابا… ليش كذا؟؟ ليش كذا سويت؟!
ما عرف محمد يتكلم لأنه وقف حاير بين بنته إلي تتوجع… بين زوجته إلي تهدهد بنتها… وبين
ولده إلي ما عرف يفسر سبب تصرفه…
قالت سلمى بحقد: خليه يتعلم… يضرب بنتي وإحنا ما نقوله حاجة…
بنتك..؟!!… وهو شو يكون؟! ولد البطة السودا؟!… مو هو ولدك بعد؟؟
بكت لجين وهي تضرب بباب غرفتها بكل حرة… تعرف أخوها ما قدر يقول لأبوها عن نشوى…
بس ليش سوى كل هالربشة وبالنهاية طاحت فيه…


(المستشفى..غرفة الخنساء)
رفع وليد راسه وناظر الخنساء… ناظرته وضحكت بحلاوة…
ابتسمت: ليش… أنت ما نمت…مو… تعبان؟!
قال وليد وهو يهز راسه: لا ما أبي أنام…
وناظر ساعته وكانت 7 المغرب…
همس: أنا بروح…
ناظرته وهي عابسة: ليش… تروح؟!
ابتسم وليد وهو يقول: بروح لكن بكرة إن شاء الله بجي… عندي موعد هالليلة مع…
سكت فجأة وهو يناظرها تناظره بعيون وسيعة ضايعة…
سألته مره ثانية: ليش… تروح…؟! أجلس هنا…
وقامت من سريرها… وهذا طبعاً بعد ما غطت خالد الوهمي…
جلست مقابله تقول بإهتمام غريب على وليد: أنت… مو…قلت أنت… بابا خالد؟!
حط وليد عيونه بعيونها وهمس: أيوه…
ابتسمت الخنساء وهي تقول: بابا يجلس مع خالد… أنت مفروض… تنام… عند خالد… صح؟!
مد وليد يده لجبينه يضغط عليه حيران… شو يرد عليها…؟!
ورجعت الخنساء تسأل بإلحاح: خالد… يصيح… يبي… بابا… مثل ما يبي… ماما… صح؟!
آآآآآآآآه يالخنساء شو تبيني أقول؟!… شو تبيني أرد عليك؟!… تنهد وليد وهز راسه بأيوه…
ورجعت الخنساء تقول وهي تبتسم: شوف… هناك سرير… أنا نام… هناك… أنت نام… مع
خالد… بس… إذا خالد… بكى… أنا أنام عند خالد… انت
نام هناك…
ابتسم وليد بكل ألم وجرح… وهمس: لا يالخنساء… أنا لازم أروح… بجي بكره لهنا مرة
ثانية… وعمي سيف وهدى بيزوروك بكرة…
عبست الخنساء وهي توقف وتشوفه يبعد شوي شوي… ليش يروح؟! هو مو يقول إنه بابا خالد؟!
مو يقول هو زوجي؟!…
ناظرها وليد متردد وهي واقفة تناظره بعبوس…
قال بصوت خفيف: شو فيك؟!
ضربت الخنساء فجأة الأرض برجولها وهي تصرخ: أنت… خلاص مو بابا خالد… خلاص… مو
زوجي… أنا…
وتجاوزته تبي تطلع من الغرفة.. مسكها وليد محتار…
قال: وين رايحه؟!
قالت بعصبية: أنت ما تبي… بابا خالد… خلاص… أروح أدور… بابا حق خالد…
فتح وليد عيونه على وسعها… على ما هو الموقف مضحك إلا إنه طعنه… طعنه بالصميم… تجرع
ريقه وحضنها…
همس يقول: لا… ما يصير… أنا زوجك وبس…
ناظرته الخنساء بعصبية: وبابا خالد؟!
تنهد وليد وهو يقول: وبابا خالد…
مستكه الخنساء تجره للسرير: خلاص… عيييل… أنت نام هنا…
تنهد وليد بكل عمق وألم… وجلس عالسرير… يسمع سوالفها إلي إذا سمعها الواحد أكيد يضحك…
ويسمعها تغني لخالد الوهمي… تشمه مرة… تبوسه مرة… تهمس
له مرة… تضحك له مرة… وتهدهده مرة… ووليد والله إنه لينطعن بكل قسوة لكل حركة تصدر
منها…
.
.
.

شال كابه بين يديه… وعصره بقوة وهو يناظرها نايمه… وتنهد… لف وخرج من الغرفة…
يمشي بخطوات بطيئة للدكتورة إلي رددت له إن الخنساء محتاجة لعناية خاصة
بمستشفى الأمراض النفسية… ورد فعل وليد كان الرفض… بيطلعها من هنا… ياخذها يعالجها
بنفسه…
وطلع من المستشفى لمركز الشرطة… جلس ينتظر بالإنتظار لحظات… حتى سمع وراه صوت…
لف وناظر صديقه “بدر”… مسكه بدر من كتفه… وشد عليه يسلم
عليه بحرارة… بدر يعرف إن وليد فقد ولده… وأبوه بالمستشفى وزوجته مريضه… كان بدر من
النوع الحنون… الطيب… من النوع الشجاع إلي الواحد يعتمد عليه…
قال بدر: الحمدلله على سلامة الوالد…
همس وليد وهو يجلس مقابل بدر على مكتبه: الله يسلمك… كيف عرفت؟!
ابتسم بدر ورد: رحنا له بعد قومته مباشرة… تدري علشان القضية…
وبعدها قال متردد وهو يشوف وليد يمسح على وجهه: الله يرحم الطفل خالد يا وليد… شد
حيلك… و… أبوك محتاج لك بهالفترة أكثر…
قاطعه وليد وهو يقول: الحمدلله على كل حال…
رد بدر يقول: شو مجيبك لهنا وليد؟! مو قلنا أنا بهتم بالشخص إلي سبب لأهلك كل…
رد وليد يقاطعه: أبي أرسم معاك خطتي…
همس بدر: وليد…
وقف وليد فجأة وقال: حلفت إني أنا إلي بنتقم من قاتل ولدي… وجايب لك معلومات تغير كل
إلي بنيت عليه أساسه…
بدر: شو قصدك؟!
همس وليد: قبل كذا أوعدني آخد حق ولدي وزوجتي من…
قاطعه بدر بعصبية: أنت تعرف… تعرف يا وليد القوانين…
صرخ عليه وليد بكل ألم: وشو تنفع القوانين؟! شو تنفع يا بدر بعد ما مات ولدي؟! بعد ما صارت
زوجتي مجنونة؟! شو ينفع؟! شو؟!
سكت بدر فجأة… ما توقع… ما توقع تكون حالة زوجة وليد بهالشكل… وما توقع يكون حال
وليد بهالشكل… وتنهد وجلس على مكتبه…
قال يفتح ملف ويجلس على مكتبه: أجلس… نتفاهم…
وجلس وليد وهو متضايق من كل شيء… وهو فيه حرة على هذا العمر… بس هو بنفسه بياخد حق
ولده وزوجته… ومن هاللحظة بالذات…


(غرفة لجين..)
تمشي لجين بالغرفة بكل خوف… شو أسوي؟! هذا ما يرد علي… ما يرد… مسكت الموبايل للمرة
العشر تحاول تتصل بطلال… بس هو مغلق موبايله… رمته
عالسرير… وجلست بضيق… وتذكرت… ورجعت تمسك الموبايل للمرة الثانية… أتصل أو لا…
أتصل أو… يوووووه خله يولي بتصل أنا علشان أخوي… رفعت
السماعة… رن ثلاث رنات… أربع… خمس… ثمان وما رد عليها… عصبت ورمت الموبايل على
السرير بكل قهر… وقفت تدور بالغرفة وتناظر مرة من البلكونه
للبوابة… تحاول تشوف سيارة أخوها… وبهاللحظة سمعت صوت موبايلها يرن… رفعته بعد تردد
قصير…
.
.
(شقة جلند.. غرفته)
أستغرب لأنها متصله عليه… كان ياخد له شاور سريع قبل لا يطلع… وتفاجأ لما أتصلت عليه…
بس أنتظر لحظة ورجع يتصل عليها…
جلند: ألو…
قاطعته لجين بعصبية وهي تهاجمه: أسمع… أنا مو متصلة عليك… علشان زينك وزين صوتك…
رفع حاجب مستغرب… شو فيها هذي…؟!
ردت لجين تقول بعصبية أكثر: طلال طلع من البيت معصب… أبوي هدده لأنه مد يديه على
نشوى… و…
قاطعها جلند: لحظة… لحظة… شوي… شوي يا بنت الناس… ما فهمت شيء؟!
صرخت لجين بعصبية: وأنت من متى أصلاً تفهم شيء؟!
قال جلند بكل هداوة: لجين…
صرخت لجين: أنت ما تفهم؟! أقول لك طلال طلع من البيت معصب… معصب…
قال جلند منفعل: لجين…
زادت هي صراخها بدون ما تحس: أنت ما تفهم؟! ما تفهم؟! أقول لك طلال طلع معصب… وما يرد
على موبايلة… مغلقه…
رد جلند بعصبية: خفضي صوتك… أنا…
قاطعته لجين بكل قهر وقالت بتوتر وهي تصارخ: وأنا شو جالسة أخربط فيه معك؟! أدري ما
همك إلا نفسك… وشو يهمك بغيرك؟! ما عندك غير تلعب على الناس…
وأصلاً أنت من متى انت كنت مثل الناس؟! شو دراك بمصايب غيرك؟! شو دراك وأنت أصلاً عايش
بدون أهل… لا أب… لا أم… لا…
وسكتت بعد ما أستوعبت إنها تجاوزت حدودها… تجاوزتها بأميال وأميال… ومرت لحظات
السكون… سكون ما شابه إلا نفس لجين السريع… وأنفاس جلند
الملتهبة…
فاجأها بعدها صوت جلند وهو يقول بكل هدوء: مشكوورة يا لجين… وصل لي رايك فيني بكل
حرف…
وسكر الموبايل… فاضت عبراتها ورمت نفسها عالسرير… شو سويت أنا؟! أبي أطلع من مشكلة…
طحت بمشكلة ثانية…
.
.
رمى الموبايل بكل قهر على السرير… وضغط على جبينه يحاول ينسى صدى كلماتها… ينساها…
يحاول ينسى صوتها الحاقد الناقم… صوتها الباكي… ينسى حبه
له… ينسى هالغباء… عض على شفايفه… ليش يربط نفسه فيها وهي ما تبيه؟! ليش يجري وراها
ويذل نفسه علشان حب… حب أنبنى على أساس خطأ؟!…
تنهد بكل ألم… ورجع ياخد موبايله… وطلع من غرفته… يدري… وأكثر واحد يدري مكان
طلال إلي يهرب له…


(بيت وليد..بعد أسبوع)
فتح وليد الباب وجر كرسي أبوه لداخل البيت…
ابتسمت هدى وهي تقول: الحمدلله على سلامتك يا خالد… نورت بيتك…
ابتسم خالد بضعف: النور نورك يا هدى… وين خالتي مريم؟!
ابتسمت هدى وهي تقول: تبخر غرفتك… عييت معها تترك الشغل… تقول البيت أنهمل لشهر
والشغالات مو فيه… لازم يترتب من أول وجديد…
ابتسم سيف وهو يدخل ومعاه مازن ومزون… ركضوا التؤام يبوسون خالد على راسه ويسألوه
أسئلة تشبع فضولهم…
قالت مزون: عمي… أنت جيت خلاص… بس الخنساء متى تجي؟! تعبنا وإحنا ننتظرها… ماما
تقول يمكن بكرة… يمكن الأسبوع الجاي…
وكمل مازن يقول بكل فضول: الخنساء ليش هي بالمستشفى لحد إلحين؟! هي مريضة أكثر منك؟!
مسكهم سيف وهو يقول معصب: بس يا أولاد… يلااااا أطلعوا إلعبوا بالحوش…
ركضوا التوائم بعد ما تلقوا نظرات من أبوهم وأمهم شوي وتقتلهم…
وجاتهم مريم تجر نفسها… تمسح دمعتها من طرف شيلتها… باست راس خالد وهي تتحمد له
بالسلامة… وبهاللحظة دخل طلال ومعاه لجين… ركضت لجين لخالها
تحضنه وتبوس راسه…
وهي تكمل البكى من الجدة مريم: خالي… حمدلله على سلامتك… ما تشوف شر يا رب… البيت
نور فيك…
ضحك خالد بضعف وبدون نفس: الله يسلمك يا بنتي…
باس طلال راس خالد وهو يحس بالغربة والتوتر مثله مثل اخته لما يكونوا بالذات قريبين من
وليد وخالهم خالد… ناظرهم خالد بألم وحزن… وتنهد وهو ينادي وليد ياخذه
لغرفته… يبي يرتاح… يداوي جروح قلبه قبل جروح أضلعه…
مشى وليد بالكرسي للغرفة إلي جهزوها لأبوه بالطابق الأرضي… ساعده وليد يتمدد براحة…
وتكلم بعدها خالد بصوت خفيف: وليد؟!
ناظر وليد ابوه… قال خالد: متى بطلع الخنساء من هالمستشفى؟! نفسي أشوفها… وأتطمن
عليها…
رد وليد: إن شاء الله بكرة…
قال خالد: ودها لشيخ يقرا عليها يا ولدي…
شد وليد على شفايفه… وبعدها قال مبتسم بضعف: إن شاء الله يا أبوي… أرتاح إلحين…
وطلع من عنده… طلع وجلس بكل جمود بالكرسي وهو يسمع طرف السالفة إلي كانوا يتكلموا
فيها… ناظر طلال ولجين بنظرات متهمة… لجين حست بعيون وليد مثل الأفعى
السامة ووقفت متوترة وطلعت من عندهم… أما طلال فتم هادئ ومنطوي على نفسه وهو داري
بنظرات وليد… وبهاللحظة دخل جلند وتغيرت السوالف لمنحنى ثاني…
نقدر نقول عنه فيها شيء من الحياة…


(المستشفى… غرفة الخنساء)
تتبعت عيون وليد الخنساء وهي تمسك بخالد الوهمي وتدور حوالين الغرفة… وتضحك مثل
الأطفال…
صرخت بفرحة: …. خالد… بابا… قال… نطلع… نروح… بيتنا…
ووقفت فجأة ومسكت بكم قميص وليد وهي تسأل بلهفة: فيه… فبيتكم… بيتنا… مرجـ..جـيحة؟!
مثل هنا… خالد… يحب… مرجـ..جيحة…
هز وليد راسه بدون شعور… بعد ما إقتنع بحالة الخنساء… صار وليد يجاريها بأي شي
تقوله…هي صح عالدوام… سوا كانت صح أو خطأ… يحاول يخليها توثق فيه
علشان ما تعصب أو تبكي… أو تصارخ بهستيرية… إلا تضحك معاه… يتمنى لما ترجع للبيت
تتذكره… تتذكره وتتذكر كل لمحة… كل ذاكره لها بالبيت… معه ومع
أبوه وجدته…
فتحت الخنساء عيونها على وسعها وهمست بنشوة الفرحان: هههههههه… الله… حلووو… شـ…
شكرررررراً… شـ.. شكراً…
ووقفت على أصابع رجولها تطبع بوسه طفوليه على خده… ورجعت تدور حوالين المكان وهي
تحاكي خالد الوهمي… تنهد وليد بعد ما تصلب لحظات… وأخذ يدها
وشال شنطتها بيد وطلع معاها للممر… كانت تسولف له وتضحك عن كل شيء يخطر ببالها…
وكم مرة مر من عندهم ناس يناظرونهم بإستغراب… وهم يعلقون ويرمون كم كلمة على منظر
الخنساء وهي تأرجح خالد بين يديها وتغني له… بس وليد كان من الجمود…
والخنساء من الامبالاة… إنهم ما إهتموا بهالتعليقات…
.
.
وصلوا للبيت وكانت الخنساء وقتها شبه نايمة… كانت تعبانة وتتثاوب على كل لحظة…
ناظرت وليد بنعاس وهو يمشيها لداخل البيت: أنا… أبي… نام… خالد بعد… خلاص… تعبت…
قال لها وليد: الوقت عالساعة 5 العصر…
تثاوبت الخنساء وهي تقول: أبي… نام…
مسكها وليد من يدها وقال بلطف: حبيبتي الخنساء… أبوي وعمك سيف وهدى وجدتي… يبون
يشوفوك… صحصي شوي… وباخذك لغرفتك تشوفينها وتنامين…
ناظرته الخنساء شوي وسألت: هم… يشوفوا خالد… بعد؟!
تنهد وليد وقال ببتسامة ضعيف: أيوه… يلاااا…
ودخلت معاه وهي تتشبث بخالد الوهمي… وبما إن سيف وهدى كم مرة يزورونها بالمستشفى فهم
يعرفون حالها… وطبعاً كم مرة الخنساء ما تتقبلهم لأنها تحس بنظرات الشفقة
والجهل بعيونهم… وبعض الأحيان تتجاهلهم… وفبعض الأحيان تبتسم لهم وتسولف لهم…
أما الجدة مريم فزارتها مرة وحدة بس وما قدرت وقتها توقف بكى… ومن يومها وهي ما تقدر
تزورها… إلا إنها تدعي لها وتوصل سلامها وشوقها عن طريق وليد…
وخالد أبد ما شاف حالها… وبكذا كان أكثر واحد متأثر…
همس خالد بضعف وهو فكرسيه: الخنساء… تعالي… قربي يا بنتي…
ناظرته الخنساء بجمود وهو بكرسيه… فكرت كيف مسكين ملفوف بالشاش الأبيض… قربت منه
وهي عابسه لأنها تحس بدون شعور بألمه…
مسك خالد يدها باسها بتأثر… وباس راسها وبكى فجأة وهو يهمس: لا حول ولا قوة إلا بالله…
لا حول ولا قوة إلا بالله… حسبي الله ونعم الوكيل على من كان السبب…
حسبي الله ونعم الوكيل…
وبلحظة بس…
والخنساء تتشبث بخالد الوهمي حست بهالكلمات تخترق أذنها… تخترق أذنها بعنف… كأنها من قبل
سمعت بهالكلمة… كأنها من قبل شافت منظر مثل هذا…
حضن… عيون دامعه… بكى… دعاوي… وهالكلمات بالذات… بس وين؟! وين سمعتها؟! وحست
وقتها بألم عنيف براسها… وبدون شعور سحبت نفسها بكل
قوة من حضن خالد… وتفاجأ خالد من هالحركة العنيفة… ناظرها بحزن ودموعه تجري بخده…
حست وقتها الخنساءبصداع عنيف… لكن باللحظة نفسها كانت حزينة
على حال هالرجال بكرسيه…
تكلمت الخنساء تقطع الصمت: أنت… ليش… طحت؟! وصح… أنت… من؟!
تنهد وليد ومسك بيدها وقال بهمس: الخنساء حبيبتي هذا عمك خالد… أبوي أنا…
تنبهت الخنساء لحظة تقاوم الصداع: يووووه… يعني مثل… أنت… بابا خالد؟!
هز وليد راسه بابتسامة ضايع منها الفرح…وقال: وأسم أبوي خالد…
شهقت الخنساء بضحكة مستغربة وهي تقرب من خالد ومدت يدها بخالد الوهمي…
وهمست بضحكة: هذا بعد… خالد… ولدي… أنا…
وعلى إن الموقف مبكي… فاضت عبرات هدى والجدة وما قدروا يستحملوا… نفس الحال كان مع
سيف وخالد إلي أندموا من الداخل… ووقفت الخنساء لحظتها مو عارفة
شو صاير… ليش كل هالبكى والصمت القاتل… هذا غير الصداع إلي بدا يأذيها… مشت بسرعة
لوليد… وهزت كم قميصه مثل العادة…
همست وهي تحس بدوخة: خلاااص… أنا تعبت… أبي… نام…
مسكها وليد بقوة وهو يحس فيها بطيح… ومسكها يحاول يبعدها عن جو الأحزان هذا… أخذها
لفوق… وكانت ماهي معه وهم يطلعون بالمصعد… وهم يدخلون بعدها
للغرفة… مددها وليد بالسرير وهو تحس بدوخة أكبر… وبهدوء شال خالد الوهمي من بين
يدها… كانت هذي المرة الأولى إلي يقدر فيها يبعد هالمخدة من بين يديها…
حست لحظتها… وشهقت بفزعة… قامت تحاول تقاوم الصداع والنعاس…
وصرخت فجأة: ولدي… خالد…
همس وليد وهو يضمها له: أهدي… هذا خالد… جنبك…
ناظرت حنبها… وكان بالفعل خالد الوهمي جنبها… ابتسمت بحلاوة… والغريب إنها حست بوليد
محل ثقة… حست بخلفية تفكيرها إنه مو غريب عليها… وثقت
فيه… وكان محل ثقة…
همست بكل حلاوة وهي تحس بالنعاس: أنا… أنت… كنت…
وما حست إلا بالنوم سلطان عليها… تركها وليد وغطاها بالفرش… سكر الستاير والباب… وراح
لمكتبه… فتح ملف… فتحه على الصفحة الأولى… وأنكب عليه
يدرس الخطة فيها….


(بيت وليد..الصباح)
نزلت الخنساء من السلالم وهي شايلة خالد الوهمي بين يديها… كانت محتارة… يووووووه كبير
هالبيت… وناظرت خالد الوهمي وأبتسمت له…
كلمته تقول: خالد… بابا… شوووف… هذا… بيت… بابا… حلووو صح؟!
وضحكت وهي تناظر كل أثرية بالبيت: الله حلووو… جمييييل…
ومشت للصالة وبعدها للحوش… وشهقت بفرحة وهي تشوف مرجيحة… جلست عليها وبدت تغني
وتتأرجح… وبعدها حست بنشوة من الضحك… وعلت
ضحكاتها…
وهي تقول: خااااالد… … حلوووو… صح؟!
وبعد شوي وقفت لما لاحظت طفلين واقفين عند المرجيحة… كانوا مازن ومزون… وكل واحد
فيهم يناظر الثاني مستغرب وفيه فضول كبير… ابتسمت الخنساء وهي تحضن
خالد الوهمي لها بكل قوة…
قالت: أنتو… من؟!
وبعدها وقفت وهي كأنها تحاول تتذكرهم… وفجأة ضربت راسها بيدها بالخفيف وقالت:
أيووووه أنا أتذكر… أنت مازن… إنتي مزون… عمي… سيف… قال…
كذا أمس… صح؟!
قالت مزون بسرعة: أيوووه… صح… أنتي أصلاً تعرفينا من قبل… ليش نسيتي؟!
ضربها مازن على يدها وقال بصوت خفيف: أنتي هيييي… نسيتي الخنساء مريضة؟! ما تتذكر…؟!
ناظرته مزون وهمست وهي تتذكر: إيووووه صح… ياربي…
وناظرت الخنساء كأنها تتأسف… أما الخنساء فكانت ضايعة بين كلامهم… وناظرتهم لحظات…
فجأة سألتها مزون: شو هذا؟!
وهي تأشر على خالد الوهمي… ناظرت الخنساء خالد الوهمي بيدها…
وقالت وهي تضحك: ههههه هذا منو؟!… مو شو؟!… أنتي ما تعرفي؟!… هذا… ولدي… خالد…
ولدي… أنا…
فتحوا التوائم عيونهم مستغربين… خالد مات كيف تقول لهم هذا خالد… قربوا يشوفون خالد
بين يديها…
عبس مازن وهو ما يشوف إلا مخدة: الخنساء… هذي إسمها مخدة… مخدة… مو خالد؟!
ناظرته الخنساء معصبة… أمس سمعت نفس الكلام لما كانت بالممر بالمستشفى وهي تمشي وخالد
بين يديها…
قالت بعصبية: لا… لا… أنت ما تعرف؟! محد يعرف… هذا خالد… خالد ولدي…
قالت مزون وهي تفتح الغطاء عن المخدة: يووووه الخنساء… أنتي ما تعرفي تفرقي… شوفي
هذي مخده… مخده ننام فيها… بس خالد… ولد… بيبي… بس هو
مات… الله يرحمه…
عصبت الخنساء أكثر… ووقفت تسحب خالد الوهمي لحضنها… وضربت الأرض برجولها… صرخت
بسلسلة طويلة من لا… ولا…
قال مازن: مزون… سكتي أحسن لك… قلت لك الخنساء مريضة ما تتذكر… تبي بابا وماما
ينازعونا لأن الخنساء عصبت؟!
هزت مزون راسها لا… لكنها ما قدرت تسكت…
وكملت للخنساء تقول لها: تعرفي الخنساء… هذي مخده… يعني ما تنام… ما تبكي… ما تقفل
عيونها وتفتحها… شوفي أنا عندي مثل خالد فبيتنا…
قالت لها الخنساء وهي تناظرها بعصبية: ما في… حد… عنده… مثل خالد… بس أنا… أنا…
خالد ولدي…
قالت مزون بلهفة أكبر: لاااااا… أنا عندي مثل خالد… وبجيبه بكرة وتشوفيه… وأنتي قولي
لي… يشبه وإلا لا؟!
ناظرت الخنساء للمخدة لحظات كأنها تفكر بكلام مزون… بعدها ما أهتمت وصارت تدندن لخالد
وتبتسم له…


(بيت سيف..بعد يومين)
مسكت مزون الخنساء من يدها وجرتها معها: تعاااااالي براويك…
قال وليد متجهم: على وين ماخذتها مزون؟!
قالت مزون بشكل غامض: فووووق… نروح غرفتي… يلااا الخنساء… بسرعة…
وطلعوا مع بعض لفوق… سكرت مزون الباب وراحت تركض لصندوق كبير كان فيه ألعاب كثيرة…
طبعاً نصها متكسر ونصها الثاني سليم معافى وبطريقه للتكسير… وبعد
خمس دقايق من الغرق وسط الألعاب سحبت مزون لعبة من تحت الأنقاض… وأخذتها للخساء…
مددتها لها وهي تبتسم إبتسامة كبيرة…
قالت مزون بنصر: هااااااا الخنساء… هذي ما تشبه خالد؟!
ناظرت الخنساء للدمية إلي قدامها… وللمخدة إلي بين يديها… فترة تمت تقارن ما بينهم…
وفالنهاية هزت راسها لا…
قالت مزون بعبوس: تشبهه… والله تشبه…أما هذي المخدة ما تشبهه… شوفي هذي فيها عيون…
أنف… أذن… شو بعد؟! فم… ملابس حلوة… بس هذي
مخدة ما فيها كذا…
أهتزت شفايف الخنساء وقالت وهي توقف: لا… لا…
وشدت خالد الوهمي لها وهمست تقول: هذا ولدي… ولدي خالد…
قالت مزون بقلة حيلة: والله كيفك… بس هذا إلي بيدك ما خالد… خالد مات… مسكين… الله
يرحمه…
فاضت عبرات الخنساء لهالنبرة القوية من طفلة… وسحبت نفسها من الغرفة تجري لتحت… تدور
بخوف عليه… وينه؟! وين راح؟! وين راح وخلاني وحدي؟! ركضت
للصالة وتدور يمين يسار… ولما ما شافته… بدت عبراتها تفيض… ونزلت دمعة حارة تاخذ
مجرى على خدها… وقفت بالصالة والهدوء مخيم عالمكان… خافت من
هالهدوء الموحش… رفعت راسها بألم… وناظرت باب الصالة مفتوح… خرجت منه وهي
تركض… تدور عليه… وينه؟! وين راح؟! ليش خلاني وراح؟!…
وينه؟! وين راح؟!… وقتها سمعت أصوات… تجيها من الحوش الخلفي… أرتجفت ركضت بكل سرعة
تلفت يمين ويسار… وما حست إنها وصلت للمسبح… وإن
وزنها أختل… وإلا وخالد الوهمي “المخدة” تطيح ويبتلعه الماي وترجع تطفو… صار تنفس
الخنساء ثقيل… والصدر يعلو ويهبط بثقل أكبر… وعيونها تتبع المخدة الطافية
وإلي بدت مساماتها تمتلي بالماي… حتى ثقلت وأبتلعها الماي…
صرخت بوجع: لااااااااااااااااااااااا…. خاااااااااااااااااالد… ولدددددددددددددددي…لااااااااااااا…
ورمت نفسها بدون تردد للمسبح تحاول تلاحق المخدة…. ما كانت تعرف تسبح… فتمت تتنفس
بصعوبة وهي تضرب الماي بقبضاتها الضعيفة…
صرخت الخنساء بألم: ولييييييييييييييييييييد… أنا… ولييييييييييييد… تعااااااااااااال… تتـ…
تعااااال…
ودخل الماي لفمها وهي تتكلم فزاد ثقل لسانها وهي تحس إن نهايتها بهالمسبح:
و..لـ…يــ…ـد… تـ.. تعـ…ااا…ل…
..
“ما كنت مصدقة أبد إني في يوم راح أفقد سندي فهالدنيا بهذه الطريقة..”
” كانت الحياة صعبة… أيام مرت بدون كهرباء… بدون ماي…”
” من الصدمة جلست على الأرض مغمضة عيوني… أحاول قدر ما أقدر أتلقى ردة الفعل هذي
بجرعات… الزمن ما يقدر يخفي هذه الحقيقة المرة… أمي رفضتني…
رفضتك يالخنساء… رفضتك بكل قسوة…”
“شكل حتى اسمي أمتحى من قاموس أبوي… خبره إنه لما تركني ما كنت إلا ضحية بينه هو وأمي…
خبره إن الجنون بعيد عني ألف ميل… وخبره إن الخرسا ما عادت تريد
سنده…”
” مشيت وأنا أحضن شنطتي لي… أحاول ألملم بقايا نفس تحطمت بإعصارين… إعصار جونو إلي
أخذ حياة سندي… وإعصار الرفض إلي ترك شابة متشردة…”
” ما قدرت أواصل ركم الحزن فقلبي… ما قدرت أواصل تصنعي القوة.. .بلحظة ضعف أنفجرت
أبكي… وحضني خالي…”
” تسحبت للباب وفتحته فتحة صغيرة … وشفت خالي راشد يترنح والخمر سكر عقله…”
” انتفضت وزاغت عيوني من الرعب.. لا.. لا.. لا.. خالي… خالي يسوي فيني كذا؟!.. أنا شرفه…
عرضه … يبيعني ببساطة…”
” البوس وصل…وصل… وكانت هذه إشارة لنهاية عذريتي…”
” حاولت أشرد… أختبي… أتبخر… أذوب… وخاصة إن عيني اصطدمت بعيون سودا عميقة.. .
قاسية… ولامعة…”
” حسيت بفتحة المقص تتوسع وتتوسع … تأكدت إني على مشارف الموت قريبة والمقص يقترب من
رقبتي أكثر … أكثر وأكثر وأكثر…”
..
الخنساااااااااء… الخنساااااااء… قومي… قومي حبيبتي…
حست بضربات يد حنونة على وجهها… صوت أحن منه ما قد سمعت… فتحت عيونها بكل بطء…
وطاحت عينها عليه… ولفت بعيونها على أهلها إلي حواليها وإلي
ما همها أحد منهم… فجأة… شهقت وصرخت… وقفزت لحضنه… تلف يدها حوالين رقبته وتدفن
نفسها بحضنه… وصارت تبكي بدموع فياضة…
همست بألم: أهئ… أهئ… أنت… رحت… رحت… أنا وحدي… أهئ… أهئ… وحدي…
وليد ما كان فاهم أي شيء… حس إنه بيختنق والخنساء تلف يدها على رقبته بهالشكل… حاول
يسحبها بلطف…
وهمس: الخنساء… حبيبتي… بختنق…
لكنها زادت ضغط عليه بدون شعور… حاول يبعدها شوي ويخفف من ضغطها عليه…
قال بقلق: شو فيك الخنساء؟! ليش رميتي نفسك بالماي؟!
أرتعشت… ما تدري هل هو خوف أو من البرد…؟!… لكن الظاهر من الإثنين…
همست تقول: هو… خالد…
فتحت عيونها على وسعها… وتذكرت…
صرخت: خالد… ولدي… خااااااااالد…. خالد…
ولفت يمنة ويسرة تدور عليه… مسكها وليد يحاول يهديها…
وسمعوا صوت مازن يقول: هذا… هذا هو…
كان بين يديه والماي ثقلها… وبللها بالكامل… حتى صارت المخدة بين يديه كأنها قتيلة…
تنفست الخنساء بصعوبة وهي تناظر خالد الوهمي… وفجأة صرخت…
لاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا… خااااااااااااااااااااااااالد… ولدددددددددددددي…
أنتفض وليد من صوتها العالي… ومسكها يلمها لحضنه… وبدت تصارخ بهستيرية… وضربت صدره
بقسوة…. وهي تنادي على خالد… وعلى هالموقف حست
بصداع أخترق دفاعاتها كلها… وطاحت بين يدين وليد وهي تهذي…
.
.
مشوا على أطراف أصابعهم ودخلوا الغرفة بعد ما تأكدوا إنها وحدها…
مازن بصوتخفيف: مزووووون… خلينا نطلع أحسن قبل وليد لا يجي وينازعنا…
مزون: وسسسس أصبر شوي…
ودخلت على أطراف أصابعها… ووصلت للسرير إلي كانت فيه الخنساء ممددة ودموعها بعد ما جفت
من خدودها… حطت مزون الدمية على جنب الخنساء…
وهمست: هذا خالد ثاني…
وركضت لخواها وطلعوا قبل لا أحد يحس فيهم…
تقلبت الخنساء وهي تحس بوجع أليم براسها… لفت على جنبها وحست بشي صلب شوي… فتحت نص
عين… ومن الضباب إلي يغشاهم ما قدرت تشوف إلا بعد
دقايق… مدت يدها تتلمس بدون شعور… فحطت على الدمية ورفعتها لمستوى عينها… ناظرتها
لأكثر من دقايق… هل هو رفض أو رغبة أو مشاعر ما بين وبين؟!…
تنهدت الخنساء وفجأة حضنت الدمية لصدرها… مسحت على شعرها… باستها… رجعت تمسح عليها
وتهدهدها…
همست وهي تحضنها اكثر: آآآآآآآآآه خااااااالد… رجعت؟!… أهئ… أهئ لا… تخليني… وتروح…
مرة ثانية…
.
.
.
.
.
.

دخل وليد الغرفة وهو يناظر الخنساء إلي كانت تبوس الدمية… أستغرب وقرب اكثر… جلس
عحافة السرير… مسح على شعرها وهو حيران يناظر الدمية بين يديها…
سأل وليد بلهفة: شو هذا الخنساء؟! من وين جبتي هالدمية؟!
رفعت الخنساء عيون دامية وهمست: هذا… خالد… رجع…
عض وليد شفايفه بكل قوة حتى إنه حس بالدم… ما قدر يكبت أكثر ألمه ونزل يبوس يدها…
وهمس: كفاية… كفاية يالخنساء تعيشي نفسك بوهم… وهم خالد… خالد ولدنا مات… مات
يالخنساء… مات…
ما حس إلا بسكون… سكون الخنساء… ونفسها البطيء… رفع راسه لها… وناظرها… جامدة
تناظر الدمية بين يديها…
تكلم وليد يحاول: خالد مات يالخنساء… مات وهذا قضاء وقدر… هذا إلي تسويه إنتي خطأ…
خطأ يالخنساء… تعيشي نفسك بهالطريقة إلي تعذبني… وتعذبك وتعذب أهلنا…
ورجع يقول بلهفة يمسك يدها: فوقي يالخنساء… فوقي من هالوهم… وخلينا نبدا صفحة
جديدة… صفحة نمليها بحبنا… بأولادنا إلي راح نرزق فيهم بإذن الله…
وكان جواب الخنساء إنها سكتت لفترة طويلة… حتى بدا وليد يفقد الأمل… لكنها بالنهاية هزت
راسها بلا وشعرها ينتفض بجنون حوالين ملامحها الذبلانة…
وهمست بتقطع: لا… لا… ولدي… ولدي أنا… خالد… راح… راح… بس… رجع… رجع…
لماما… رجع…
غمض وليد عيونه بألم ووقف… وقف يبي يهرب من هالجو الكئيب… من هالجو إلي بدا
يمرضه… مشى للباب… وسمعها تهمس… لف عليها وهو عند الباب… كانت منزلة راسها تناظر
الدمية… وباين من خدودها إنها تبكي بغرازة…
همست بصوت منتحب… بصوت يا دووب سمعه وليد: أعرف أنا… من أول… من أول… خالد…
بس يحب ماما… أنت… لا… الخنساء تحبها لا…
غرز وليد يده فشعره… يكبت رغبته إنه يخفف عنها… إنه يوافقها إن الدمية هو خالد…
يخبرها إنه يحبها… ويموت فالتراب إلي تمشي عليه… لكن… لف وطلع من الغرفة تاركها…
تاركها تنتحب بهدوء غريب… تنتحب وهي تبوس الدمية وتحكي لها شوقها وإشتياقها…


(المسجد.. بعد 3 أسابيع بالتمام)
اليوم ملكة جلند على لجين… الخطوبة جرت بعد ما أستشار محمد بخالد… خالد وافق بصورة
سريعة… يحب جلند لأنه يكون أخو زوجته الحبيبة… ويحب لجين لأن مالها أي ذنب بلي صار
للخنساء… وبعدين كان يبي يغير من الحزن إلي كان يستحوذ عالكل… يبي يرجع شيء من البسمة
والفرحة عالأهل حتى ولو كانت لفترة قصيرة…
من عادات عايلة خالد وسيف ومحمد إن ملكة الرجال تتم فالمسجد بشكل تقليدي متبع…
جلند وقتها كشخ بثوبه الأبيض…والتمصيرة بلونها الأخضر الحلو المميز… أصر عليه سيف يلبس
الخنجر وفوقه المصر بتشكيلة ولون التمصيرة… مع عصا مطرزة بالفضة…
طلع جلند من شقته مع طلال للمسجد بعد صلاة العشاء.. يمكن متأخر حس بالذنب ياكله… ما يدري
هو يسوي الشيء الصح أو لا… حاول يتكلم مع طلال… كان يبي يقوله خلاص لا ترغمها أنا
تراجعت عن قراري… بس كل ماله يتذكر كلام لجين له قبل ثلاث اسابيع… يبي يرجع لها الصاع
صاعين… وفالأخير القرار هذا ماله رجعه… كان المليك يخطب بخطبة قصيرة عن الزواج …
وبعدها ذكر مقدمة الزواج …وما صحى من أفكاره إلا لما قال له المليك…
هل تقبل بـ لجين بنت محمد بن ناصر الـ… زوجة لك؟
رد جلند ببساطة: نعم…
(من العادات يردد بـ نعم ثلاث مرات…بس فالوقت الحالي الظاهر الشباب تكفيهم مرة)…
المليك: قل … قد …قبلت…بـ لجين بنت محمد بن ناصر الـ… .. زوجة…لي… بحسب
الشروط… والمصداقين المذكورة…
وردد وراه جلند… بعدها قرب الأكل الشعبي…(من العادة يكون إما العرسية “رز مهروس
بالدجاج” أو الهريس “تطبخ بحب الهريس”أو الرز باللحم)… وبعدها توزع الحلوى العمانية…
وهذه أهمها…
ما أخذ جلند أي شيء من الأكل…اكتفى يناظره يفكر بـ لجين وقراره المتهور…
بعد ما طلعوا المعازيم… خرج جلند ومعه زفة صغيرة من شباب العائلة…إلي استلموا جلند بالتعليق

معازيم الحريم يكونوا فبيت العريس… وبما إن جلند عايش عزابي بشقة… فسيف ترك بيته تحت
تصرف جلند… وطبعاً زفة صغيرة من بنات العائلة المقربين …يزف العريس لبيت العروسة
وهناك… حفلة بسيطة يسونها البنات مع الرقص طبعاً…
(هذه ببساطة عادات الملكة عندنا في عمان…رغم إختلافها من مكان لآخر …إلا إني اخترت إلي
جرت عليه العادة عندنا فالعاصمة)….
.
.
مسحت دمعة كانت بتنزل على خدودها…
هدى: الله يخليك لجين… هدي ما ينفع كذا…
لجين: خلاص صرت زوجته…وما عاد ينفع شيء… ما عاد رفضي يجيب شيء…
هدى تحاول تهديها: والله…والله يا لجين… أخوي طيب وأنت تعرفيه زين… وتهديداته إلي
سمعتيه منه الأيام إلي راحت كانت بس…
قاطعتها لجين : لا كلام ولا شيء… أنا أدري عنه أخذني حتى يقهرني…لأني رفضته من قبل…
ولأني… يووووه هدى إنتي تعرفي… تعرفي…
هدى: لجين…خلاص… أنت أمسحي دموعك…وما صاير إلا الخير… كذا بدموعك المكياج يخرب…
وعند هالكلمة دخلت سعاد ومعها نشوى…
نشوى بضحكه مايعة: مبرووك… مبروووك يا لجين… يووووه كبرنا وصرنا عرايس…
لجين بإبتسامة ضعيفة واهية: الله يبارك فيك…
نشوى تضحك : هههه والله…وجا اليوم إلي تتزوج فيه نشوى… تحركتي بسرعة ولقطي لك
جلند… هههههههه…
هدى تجاريها بغيظ: أكيد بتاخذ أخوي… وأحلى لقطة بحياتها…
ناظرتها نشوى وسكتت وطلعت وهي تتبختر بفستانها… ناظرت لجين أمها لحظات… كانت تحن
لضمة منها من صباح هاليوم… بس كل إلي حصلته بوسة عالخد… وضحكة ممزوجة بخيبة أمل…
سعاد: وجا اليوم إلي كبرتي فيه يا لجين… ما كنت أبي هالزواجة… بس شو يقول الواحد؟! يلااااا
محمد وقراراته… كنا نبيك لغني تلعبي بفلوسه… مو طفل جامعي مثل أخوك….
ما كانت لجين متوقعه أمها تتكلم بهالشكل وقدام هدى كذا… صح تكره جلند وهي بنفسها تسب فيه
بس إن الكلام هذا يطلع من أمها ما عجبها… سحبت لجين نفسها…
همست بصوت عصبي: لو سمحتي ماما ما أبيك تتكلمي عن جلند بهالشكل… جلند صار زوجي وما
أرضى أحد يتكلم عنه بهالكلام…
ما أعطتها سعاد كلمه ولفت عنها… رفعت لجين عيونها لهدى وسكتت وهي تقرأ السخرية فعيونها…
هدى ما همها أي كلمة سعاد قالتها عن جلند… لأنها تعرف أخوها حق المعرفة…
قالت هدى بابتسامة حلوة: يلااا لجين قوي نفسك… بروح أشوف الخنساء… وهذولا صديقاتك
بيدخلون عندك…
.
.
راحت هدى للصالة… وحصلت الخنساء جالسة عند الجدة مريم… تحضن الدمية لها وهي تسولف
معها بصوت خفيف… ما تبي أحد يسمعها وهي تسولف… ما إرتاحت لنظراتهم وهمساتهم… بس
ما همها أحد وأخذت راحتها وهي تسولف لمزون إلي جلست حنب الخنساء… ومزون عينت نفسها
حارس ملاك… بثوبها الوردي البديع كانت نجمعه مشاكسة… عيونها تلمع لما تسمع أي أحد يتكلم
عن الخنساء… وتناظره بحدة وشراسة… وترمي لها كم كلمة على تعليقاتهم تعلمتها من الجدة…
أما الخنساء فلبست ثوب هدى هي بنفسها أشترته لها… كان قمة فالأبداع عليها… فستان أحمر دمي
…كان بتنورة برمودا من الحرير مشجر بخيط أسود… وبدي من الحرير يمسك من الصدر …
وقميص يوصل للخصر من الشبك واسع شوي وينزل ماسك بشريطين بكتوفها… شعرها مرفوع
بتسريحة ملكية ومشبوك تاج أحمر صغير عليه…ومكياجها بين جمال وجهها…الحقيقة كانت فتنه
للناظرين… رغم إنها كانت مصدر حديث الحريم… بجلستها وثوبها وبرائتها وعفويتها كانت
مصدر شفقة وحقد من البعض…
نشوى وسعاد طول ما الخنساء معهم وهم لا يناظروها… حتى إنهم رسموا حدود للمسافة بينهم…
وهذا طبعاً قرار سعاد…
قالت هدى لمزون بصوت خفيف: مزووون نزلي رجلك… عيب… الناس تناظرك… وخفي من
هالنظرات…
مزون بحقد تناظر وحدة كانت تأشر عالخنساء: لا… مو عيب…
ورفعت ذقنها ورمت كم كلمة بصوت عالي… سكتت الحرمة وإلي معها… هدى ما قدرت تكبت
ضحكتها لتصرف مزون الغريب هذا… ورجعت للجين وهي متأكدة إنها خلفت بنت مواقف من شيم
البنات…

(نرجع للجين..)
طبعاً لجين فستانها مصمم من أكبر المحلات رقي… لونه الوردي الزاهي…وشغلات الدانتيل
الحلوه… كان من نص الظهر وطويل بذيل ويمسك بلفه رقيقة على رقبتها… وشعرها ومكياجها
مطلعينها قمة في الروعة…
سمعت لجين صوت هدى وهي تقول لها إن جلند وصل وبيدخل بعد شوي… وطلعوها للصالة إلي
كانت على زواية فيها كوشة بسيطة وزاهية… لأن سعاد ما كلفت نفسها وهدى ومعها صديقات لجين
القريبات مرة هم إلي تكفلوا بها…
طلعوا البنات يلبسوا عباياتهم وشيلهم إلي لفوها على ملامحهم بسبب مكياجهم الثقيل… وقفت لجين
عالكوشة ترتجف وهي تسمع صوت من عند الباب… ودخل جلند ومعاه طلال ومحمد وسيف…
بنظرة لها تأكد إنها ملكت روحه …ومصيره بين يديها… تفاجأ من أفكاره إلي تصور له إنه
يحاول يفهمها… يحاول يبدا معها من جديد بشكل هالمرة صحيح… وصل عندها وهالقرار إتخذه
مع نفسه وراح ينفذه بس بالأول خله يكون معها لوحده… سلم عليها…وباس خدودها وراسها…
وقرأ سورة الفاتحة ويده على راسها… قال بهمس غريب عن نفسه هو…
جلند بتردد: مبرووك …لجين…
ما جاوبته… من يوم ما دخل وهي منزلة راسها… ما كان ودها توقف جنبه بس هذه الشكليات
لازم… بعد شوي لما تبقى معه لوحدها راح تأدبه… راح يشوف الوجه الثاني لـ لجين…
وتجاهلته وهي تسلم على خالها وأبوها وأخوها…
عرف جلند إنها متضايقة …فسكت وما تكلم معها… وبعد هالشكليات إلي وقفت على قلب لجين
طلعوا للمجلس إلي جهزوه لهم مع هدى وسعاد ونشوى وعمات لجين وبناتهم… أما طلال قبل كذا
طلع من عندهم ورجع للمجلس عند الرجال بعد ما كان يقرا الرفض بعيون أخته…
.
.
بعد ما باركوا لهم البنات والعمات وو… العائلة الكريمة… طلعوا الكل وما بقت إلا لجين مع جلند
لحالهم… كان جلند يفكر متى تبقى له وحده…ليصارحها… ولجين أنتظرت لحد ما خرج الكل
ودها بس تحرق له غروره…
جلند بابتسامة مترددة: لجين؟؟
ناظرته بعصبية وثارت بدون تفاهم: لا…لا تقول حاجة… صح تزوجتك بس أنا مو جارية
لك… لا تقول أني انجبرت حتى أتزوجك… لا… لا ..أنا فكرت فيها ووافقت… لأني عرفت
بطريقتي أن الرفض ما راح يجيب نتيجة معك… لكن بالعكس إنت ما تحتاج إلا لشخص يوقف
ضدك…
كان محضر كلام كثير يقوله لها لما كان جنها عالكوشة… بس هي سبقته بصراخها…
عض جلند شفايفه وقال: يعني وافقتي حتى تتحديني؟؟
كرهت إنه قرا أفكارها…وبقهر جاوبته…
لجين بقهر: وأتحدى غرورك…
قرب منها… وهي رجعت لورا… وقرب مرة ثانية وبعدت أكثر…
لجين: هيييي أنت… لا تظن إنك تزوجتني… يعني إنك بتلمس شعرة مني… لا وربي… تحلم إذا
كان هذا تفكيرك…
ابتسم وهو ناوي على شر… جلند ما يخلي الشيطنة وخاصة إن لجين تستفزه بعفويتها… ونسى كل
قراراته إنه يصارحها بحبه…
جلند: أممم … بصراحة أنت زوجتي…حلالي… يعني يحق لي…
لجين: تخسي إلا أنت….
جلند: ههههه …تدرين لي حقوق أكثر وأكبر من لمسه…
حمر وجهها… وصرخت بعصبية وهو يشوف شفايفها ترتجف: أنت… أنت…قليل الأدب…
قرب منها وهو يدور حوالينها…
جلند: مقبولة منك لأنها ملكتك… تعالي … ليش تبعدين؟ ما باكلك…
غضت على شفتها… ولفت يسار ويمين…تدور المفر… ابتسم أكثر على شكلها الخايف… قال
خليني أعاقبها على كلامها الجارح…
مسكها من يدها وهي تحاول تهرب… لف يدها ورا ظهرها وهي ترتجف من الخوف…
همس بصوت شرير: هذا إنتي صرتي محرم لي… يعني بنفذ كل حرف من تهديد قلته من قبل…
نزلت دمعه من لجين بعد ما قدرت تكبت دموعها…
بكت وهي تبكي: أدري تبي تطلع حرتك فيني… بس أعرف إني أكرهك… أكرهك…
أكرررررررهك… وما يشرفني أكون زوجة لك…
كبت جلند إلي فقلبه… وعجبه منظرها وهي تتلوى بين يديه تصارخ عليه… يدري مو هذا كلامها
إلي ينبع من قلبها… عض على شفايفه يكبت موجة ضحك… راح تكون حياته من يوم ورايح فيها
طعم… طعم غير ولجين جزء منها… ابتسم ببرود وبعدها ضحك شوي…
جلند: تعجبني…عصبيتك…شراستك…وخوفك مني…أنتي إلي أعلنتي التحدي… لكن تذكري أنا
مروضك وأنت فرسي… وما راح أخرج من حلبتي وإلا وأنا المنتصر…
تركها فجأة…وخرج من الباب…واقفه …مو مستوعبة أي شيء صار … ارتعشت… فجلست على
الكنبة… تحاول تستوعب شو إلي صار بالضبط…


error: