العميل 101.. أحفاد الثعلب 2

الحلقة الثامنة ..

بلغ الحنق مبلغه بداخله من طريقة نطقها السمجة لاسمه ولفظها اللعين قبلهُ .. ومع هذا رقص المعشوق داخله بانتشاء حين لفحت عينيه نارية غيرتها .. محققا بذلك فوزا ساحقا أثلج صفيحه الساخن من عجافها ..

مضى يختلس النظرات لجلستها المتباعدة عنهما دون شح، حفظ هيئتها البريئة وردود افعالها العفوية بكل عاطفة، فتارة تدمي راحتيها بفرقهما المتواصل ببعضهما، وتارة أخرى تفرغ شحنات توترها بهز ساقها بتلاحق، أما حديث حدقتيها وما تجود به من تعبيراتٍ عليهما فهو شيئا أخر يعجز اللسان عن وصفه ..

أغمض عينيه بقوة مطلقا تنهيدة صامتة يعاتب بها ذاته على تخطيطه الشيطاني، فهو ليس سعيدا على الاطلاق برؤية صغيرته أمامه هكذا، بقدر ما كان يحتاج فقط إن يُطمئن قلبه الواهن بعشقها بأنها له برغبتها .. رغم يقينه بأنها له دون إرادتها ..

سار موج العشق يلاطمه دون هوادة بقرب شذاها، أقتلعه من تقلباته غنج من بجواره وهي تهم بجمع الأوراق المبعثرة امامهما :
– حسنا تم الأن الأنتهاء من مراجعة كافة الأوراق والمواصفات، وساسعى فور وصولي بتقديمها للسيد “فتحي” كي يرسلها في الحال عبر البريد الالكتروني لهم ..

ثم استرسلت وهي تمد راحتها إليه بإيحاء مغري اثناء استعدادها للمغادرة:
– فرصة سعيدة أتيحت لي على طبق من ذهب للعمل بجوارك وجها لوجه سيد “علي” ..

استقام من جلسته شارعا باحتضان راحتها وهو يجيبها في هدوء :
– وسعيدة لي كذلك ..

إلا أنه بغت بانتفاضة “هنا” العاجلة بينهما وراحتها التي تلقت عناق يدها قائلة بود مصطنع:
– وأنا هنا أيضا لتوصيل السلام بينكما .. !

اشاح وجهه في الحال بعيدا عنهما يواري ابتسامته الذي اخفق بمدارتها .. رافعا يده المبسطة في الهواء لتمسد على مؤخرة رأسه بإحراج .. بينما الأخرى تملكها الغيظ راحت تدسه خلف بسمتها الصفراء لتلك المنقبة وتحكماتها الرجعية بعد أن اقتلعت منها فرصة انفرداها بذلك الوسيم الذي سار حديث تجمعات امثالها، منذ أن وطأت قدميه بلاط الحياة العملية بامبرطورية الثعلب، ولكن لا بأس القادم أكثر مما مضى وهى خير صائد للفرص !

تتبعت “هنا” مغادرتها بحرص حتى تخمد نهش الغيرة بداخلها وتطفئ لهيبها الطاغي على انفاسها، ما أن أختفت من أمامهما كليا بصحبة أحدى الخدمات، حتى حركت خطاها اليائسة للخروج برأس منتكس أكل معالمه الحزن مما لمسته منه اليوم، فتفاجأت بحذاء رجالي يعيق طريقها، تجمدت قدميها وابتلعت ريقها ثم راحت ترفع وجهها ببطء تبصر ملامح صاحبه بابتسامته المستفزة .. والتي نجحت باستثارة حنقها حين دفعت براحتيها صدره في الحال من أمامها متمادية بخطاها صوب باب الخروج .. ولكنها بغتت منه بغلقه العاجل له واسناد ثقل جسده عليه واضعًا راحتيه في جيب بنطاله مستمرا ببث ابتسامته الخبيثة إليها .. مما دفعها لتصيح في تعصب :
– ابتعد أريد الخروج ..

رخى ثباته الجسدي أكثر وهو يرمقها بضيق خضرة حدقتيه بنظرة استماتة راسخة زاغت بعينيها هاربة بعيدا عنها، ليزيد إصراره على عدم التحزح والذي امتد لدقيقة كاملة مما ارضخ ثباتها الوهمي في خبر كان، ودفعها لتردد بنبرة مختنقه بالبكاء:
– أجل .. أجل لقد أخذت بثأرك من جفافي ونلت مني حقا تلك الدقائق الماضية .. لذلك أنا أسفه عما صدر مني تجاهك في اليومين الماضيين .. بل بعد ما لمسته الأن صرت أسفه كثيرا ..

رددتها بتلاحق وهي تزينها بالعبرات المتدافعة دون تروي من بصيص غطاءها، ثم استطردته وهي تتطلع إليه برجاء :
– ولكن أرجوك .. أرجوك لا تفعلها بي مجددا .. فأنا كدت أحترق بشدة من ذلك الشعور اللعين والمستجد بداخلي .. ولن أخجل من تصريحي ذاك .. فأنا بشرًا ولست حجرا حتى أدعي الثبات للنهاية !

أغمض عينيه بقسوة كادت تدميهما عن قصد عقب إختراق دمعاتها وتوسلاتها لروحه، زفر مطولا ثم سحب راحتيه من مخبأهن وراح مسحورا يجذبها عنوة من خصرها إلي جسده حتى تلاشت حواجز الهواء بينهما، أُجبرت على أثارها بوضع راحتيها فوق صدره، تتبعها هو بارتخاء جبينه على جبينها مستنشقا عبق قربها بشهيقا عميق استطاع أن يستمد منه نفسه الغائبة عنه وسلامه الروحي كي يقوى على طلب الغفران منها .. حرر يديه من أسر خصرها وارتفع بهما يلامس ساعديها ببطء دافعهما للصعودا دون تباطؤ حتى قبض على غطاء نقابها الحائل بينهما، ثم راح يتقهقر به للخلف حتى استكان مستسلما لرغبته، عائد براحتيه تحتضن بتملك جانبي وجهها، حينها فتح حدقتيه بهالتها النادمة لتقابل حدقتيها الباكية هامسا وهو يمحي بابهاميه خطى عبراتها فوق وجنتيها :
– حقيرا أنا .. وأنا من يخجل بتصريحي ذاك أمامك .. ولكنها الحقيقة !

هزت رأسها بين راحتيه نافيه، تبادله الهمس وهي تطالع بحمرة عينيها بؤرة غاباته بإصرار:
– كلا لست حقيرا، أنا من ابتعدت وتركتك وحدك تعاني بين الجمع وغربة البلاد .. حتى ظننت بأن عذري سيشفع لي عندك .. ولكن أتضح الأن بأنه ليس كافي أمام شناعة جرمي ..

اشتد براحتيه على جانبي وجهها مقربا إياه من وجهه حتى عانقت معالمه كل معالمها هامسا باشتياقا خافت :
– أتعلمين أحب اهتمامك ذاك بمن حولك ولا أريدك تركه .. ولكن لابد أن أكون أولها وأهمها يا فتاة .. حتى لا يصاب طفلك بجنون جفاك مرة أخرى ..

تشتت نظراتها المزينة ببريق العبرات بين غاباته بعدم تصديق قائلة في لهفة:
– حقا “علي” قصدت ما عنيته !

أومأ رأسه بالإيجاب متنهدا بحرارة اشعلت حمرت وجنتيها:
– نعم قصدته .. بل قصدته جدا !

  • وتلك !

قالتها وهي ترمي بنظراتها على مكان ضيفته الفارغ، ليبادلها الحديث فاطنا مقصدها:
– أتدرين هي وأمثالها لا يعنيان لي شيئًا .. بل سمك رداءك ذاك وشغف إيمانك وأنتي تغرسين الدين بداخلي وتشبعيني بنهج خاتم المرسلين حصناي بتعويذة خارقة أوصدت قلبي للأبد .. حتى بت الأن كالراهب الذي زهد النساء .. وصارت معالمهن بلا استثناء لا وجود لها بجوارك ..

اطاحها دوار همسه العاشق فترجته باشد همسا:

  • “علي” !

إجابها متذمرا :
– لست بـ”علي” يا قاسية .. ولا يسبق قبلها “سيد” اللعينة تلك !

كوّرت قبضتها ثم هوت بها فوق كتفه قائلة بضيق ما أن تذكرت فعله الغليظ:
– تعتب عليّ وأنت من استفزتني بكلمتك الغليظة “انستي” ..غير تجاهلك عن عمد تقديمي إليها كزوجة ..

تأوه مصطنعا ثم راح يضحك على رد فعلها الطفولي هاتفا عند مداعبة أنفها بأنفه :
– لقد تأذى كتفي ذاك منك كثيرا ..

ثم أردف بجدية حانية:
– بكل معنى الأسف .. أعتذر على ما سببته لكِ محبوبتي ..

ابتهج قلبها لوصفه، إلا أنها اجابته بمشاكسة :
– لا يكفي أسفك ذاك ..

ابتعد بمعالمه للخلف قليلا يتمعنها بنظرة خاصة متمتما في دهشة:
– وكيف أكفر إذن عن ذنبي برأيك !

همست بدلال ماكر :
– بأن يساعدك رجل وليس امرأة بعد الأن ..

دنى منها مرة أخرى ضاحكا وهو يهمس قرب أذنها:
– سأقص عليكي مواصفات مساعدي المسئول فقط عن مكتبي حتى تطمئني أيتها الشريرة .. فهو عجوز يغزو الشيب رأسه بتملك .. لديه شارب عريض بسخاء .. وانف ضخمة مدببه .. يجمعهم في وجهه الممتلئ .. يمد يده المرتجفة لي بما احتاجه .. ويكاد يقتلني عندما ينسى أين وضع ما احتاجه ..
ثم تنهد في ضجر مستأنفا :
– أنا في عذاب حقا يا فتاة وكأن العالم اتحد معك ضدي ..

ضحكت برقة على تعبيرات وصفه قائلة من بينها:
– أنه حتما عم “فتحي” سكرتير جدي رحمة الله عليه .. إذا أن كان الأمر كذلك فهو جيدا جدا بالنسبة لي ..

ظل يتمعن بصمت راغب جانب وجهها وهي تحرك شفتيها النضرة من بين ضحكتها الجذابة وحديثها العذب، فأرخت جفنيها بحياء ما أن تتبعت نظراته ووصلها غرضه .. لتتفاجأ به يوشوش إليها بهمس مخيف عقب تجرعه لريقه:
– أوشكت أن أومن بأن جميع ما يحدث لي معك هو تكفيرا عن ذنوبي الماضية .. فرفقا بي أرجوكِ .. لأن ذنوبي كثيرة وصبري ليس بالقوة التي تظنيها .. فأنا أكاد أمسك نفسي لتحقيق وعدي لكِ ..

ثم أتبع متحفزا عكس همسه المسبق :
– ولكن أتعلمين لقد علمت الأن بأن صبري نفذ دون محال، لذلك سأسعى لتحقيق وعدي اليوم بشتى السبل ..

حدجته بقوة قائلة :
– اليوم ..!

أومأ برأسه مؤكدا بحزم :
– نعم اليوم .. فما مضى كثيرا .. واليوم اتممت لقاءي الهام بشأن المعادلة .. وشقيقتك كما علمت اليوم مصادفة من السيد “شاكر” بأن مصابها منذ شهور عدة، إذا لا مانع أمامي الأن حتى أبتلع تلك الخطوة بيننا !


وقفت المشيبه تلتقط أنفاسها اللاهثة جراء ركضها بالطعام خلف الصغيرة الشقية، قائلة بنهجان متقطع :
– كده يا “أديل” تتعبيني وتقطعي نفسي معنتش هعملك الكيك اللي بتحبيه !

ظهرت الصغيرة من خلف أحد المقاعد قائلة بمعالم عابسه :
– مس هقول نعم .. عسان أنا اسمي “مريم” وبس ..

ثم راحت تعد على أناملها وهي تضغط على حروفها بقوة حتى تعلم العجوز كيفية نطقه :
– (مـر .. يـ..ـم) ها أقول تاني ولا خلاس..

تنهدت يائسة على رد فعلها جاهلة كيف تقنعها بغضب والدتها المتصاعد من ذاك الاسم، لذلك اكتفت بقولها الحازم :
– مش هقولك اللي أنتي عوزاه غير لما تيجي هنا وتأكلي الأول ..

  • أنتي بتعملي أية معها !!

التفتت بملامحها الشاحبة لمنبع الصوت بعد أن علمت مسبقا صاحبته، ثم راحت تغمغم بتلعثم:
– “راشيل” هانم !

ابتلعت المسافة بينهما بوجه متجهم ثم حدجتها بنظرة إرتياب صائحة :
– بقولك بتعملي أية معها .. مش أنا مين يا عجوز يا خرفانه أنتي !

على أثر صراخها ارتعد جسد الصغيرة وخرجت من مكانها تخطو تجاه العجوز تحتضن ساقها بخوف، بينما “أنيسة” نكست رأسها تبتلع اهانتها بصمت ثم أعقبته قائلة بخفوت :
– كنت بغدي “أديل” هانم !

افترست بعينيها معالمها قائلة بغيظ:
– وأنا مش منبها مليون مرة ملكوش دعوة بيها أنتي واللي فوق دي !

تابعت العجوز ارتخاء راسها بحزن بينما الأخرى استرسلت حديثها قائلة بصرامة :
– ده أخر تحذير لكم .. ابعدوا عن بنتي وملكوش دعوة بيها خالص .. ومتفتكروش أن اللي بتعملوه معها معرفوش من اسمها للغتكم اللي علمتوها ليها .. بس صدقوني منعي عنكم “مرتضى” لو مكنش كده كنت دمرتكم ..

ثم انحنت تجذب بقسوة يد الصغيرة التي توارت بريبة خلف العجوز، قائلة بحزم لها وهي تصيح باسم مربيتها:
– وأنتي تعالي هنا لسه حسابك عسير معايا .. “ماكلين” .. “ماكلين” ..!

تمنعت ابنتها بين يديها وهي تصرخ بقوة :
– أنا عاوزه تاتا “نيسة” مس عاوزه اروح لـ”ملين” ..

وأدت صراخها بتقيد يدها وابعاث نظرة مخيفة ارعبتها وافقدتها النطق .. لتأتي تلك المربية الأوروبية من خلفها قائلة وهي تلتقط انفاسها :
– نعم سيدتي ..

التفتت إليها تردد بحزم وتأنيب :
– لقد آمرتك بالا تبتعد الفتاة عن عينيك .. وما النتيجة الأن!

اجابتها بارتباك :
– لقد فعلت كل ما آمرتي به سيدتي بالفعل .. ولكنها لاتستجيب لي بتاتا وترفض الجلوس برفقتي وأن اصريت على موقفي تمنتنع عن الطعام ..

اشاحت بيدها في وجهها بامتعاض ثم قالت بلا مبالاة:
– لا يعنيني كل افعالها الطفولية تلك .. فلقد آمرتك ويجب عليكي اطاعتي وإلا ابحث عن من يكون قادرا علي تلك المهمة بدلا عنك !

جحظت المربية عينيها ثم هتفت بعجاله:
– أعتذر منك سيدتي وسأحرص منذ الأن وصاعد على تنفيذ أوامرك كاملة !

زفرت “راشيل” بضيق أعقبتها قائلة:
– حسنا ..خذيها الأن من هنا !

اصغت لامرها ثم راحت تجذب “أديل” الباكية في صمت بعد أن رمقت العجوز بطلب العون والتي بادلتها نظرة عينيها المستائة الشائبة بقلة الحيل لتحرك خطاه تطيع تلك المربية بخنوع يأس .. لتغدق عليها الشقراء عقبها بنظرة حانقه ثم راحت تلاحقهم في ثبات، لتغمغم العجوز في ضيق :
– شيطانة مش هامك مصلحة بنتك قد ماهمك تكسرينا ببعدها عننا ..


  • بني أنت بخير .. والنساء أيضا !

اندفع “شاكر” متساءلا بحيرة عبر الهاتف بعد أن شاهد اسم “علي” يزين شاشته .. فأجابه الأخير باطمئنان :
– نعم أيها العجوز جميعنا بخير !

  • إذا لما هذا الأتصال الأن ؟!
    طرح العجوز سؤاله عليه باستفسار، مما دفع “علي” لاجابته قائلا بعجالة :
  • أريدك في أمر هام ..

قطب العجوز حاجبيه مرددا بتلقائية :
– أمر هام .. ماهو ؟!

تجرع ريقه ببطء ثم تحشرج قائلا بهدوء :
– لن يجدي حديث الهاتف سأنتظرك بصحبة السيدة “رقية” لقول ما لدي .. فارجوا إلا تتأخر !

بحيرة أجابه قائلا :
– حسنا بني لن أتأخر وسأتي لزيارتكما كما أردت .. انتظرني مساءا !


اسقطت أعقاب سيجارها أرضا ثم شرعت تدهسه بحذاءها بضيق ما أن شاهدت تجاهل ذلك الوسيم ببنية جسده المغرية لها للمرة الثانية، إطاحها الغيظ في جميع جوانبها بلا شفقه، ونخرها الانتقام من ذلك المتعجرف المصري، التفتت تغادر الشرفة بخطوات مسرعة صوب غرفتها فابصرت زوجها طريح الفراش يغط في ثبات عميق بساعة ذروته اليومية، فابتسمت بخبث لتهيئ الظروف امامها لتنفيذ مخطط انتقامها من ذلك الفظ، توجهت مباشرا تجاه غرفة ملابسها وراحت تعبث في أرفف ملابسها على مبتغاها، عقب وهلة زينت شفتيها شبح ابتسامة ماكرة وهي تقبض على ثوب سباحي أسود اللون مكون من قطعتين ذو تصميم مبتكر يواكب احداثيات العصر .. شرعت في عجل بتجرد ملابسها كليا من فوق بنيتها المتناسقة ثم ارتدته بهندمة وراحت تطالع جسدها الشبة عاري في المرآة بتفاخر .. وما أن اطمئنت على هيئتها كما ترغب حتى راحت تتناول مئزرها القطني ناصع البياض فوقه لأجل حمايتها من صقيع الطقس المعتاد داخل البلاد ثم أحكمت غلق دفتيه بعقد رباطه بربطة واهنة .. مع تسابق قدميها الحافية امامها تجاه وجهتها المحددة جيدا ..

قبل ذلك بعشر دقائق تحديدا داخل اجواء عمله للإطمئنان على تأمين المخارج حول القصر ابصر الشقراء بشرفتها تماما كما حدث في الصباح، تجاهلها عن عمد خاصة بأن نظراتها المسترسلة إليه الأن أوضحت بقوة ما يختلج بصدرها من انحطاط أوربي بحت ..

تابع ما يفعله وتفقد الحراس ودار بينهم حديث مقتضب بضوابط ما يحتاجه منهم، ثم أنهى عائدا تجاه ملحقه السكني والذي يتوسط المسافة بينهما حوض السباحة الملحق بالقصر، فتوقفت خطواته حين بغت بتلك المرأة تظهر من العدم امامه بهيئة ثارت بداخله القلق، تفحشت حين رمت بنفس نظراتها عليه عن قصد وهي تسحب أحد طرفي عقدة مئزرها ببطء .. ارخى جفنيه عقب فراق دفتيه عن بعضهما وكشف جزء من مستورها، ثم طأطأ رأسه شارعا باستكمال خطاه، ولكن ما أن مر بجوارها حتى اسقطت مئزرها دفعة واحده عن كتفيها ليسقط أرضا عند قدميها تجود عليه بضحكة صاخبة وهي تهم بالقفز بقوة داخل المياة قاصده بحرافية بعثرة المياة الناتجة من أثر الأرتطام على حواف الحوض، وبالفعل نجح مخططها حين غمر المياة الهائجة جسده بالكامل .. ليستمع عقبها لصوت ضحكتها الرنانة وهي تستمر بالتجدف بساعديها داخل المياة وكأنها تغريه ليتبعها مغيبا من سحر أنوثتها الطاغية ..

مسح وجهه من قطرات المياه المتفرقة عليه بعد أن اكتسح الوجوم معالمه، وبحركة خفة سريعة راح يطيح بطرف قدمه مئزرها داخل الحوض وتحرك بعجالة تجاه مسكنه بعد أن تزين ثغرة ببسمة تشفي متفحشة ..

عقب فترة ضئيلة أخرجت رأسها من الماء تستنشق الهواء وتطالع إلى إي مدى وصلت إليه طريدتها، فتفاجأت بفراغ المحيط من حولها، احتقن وجهها بالدماء وتملكها الضيق، ثم همت بالصعود تبحث عن مئزرها كي تعكف جسدها المرتجف داخله من برودة الأجواء، لكنها لم تجده في مكانه استدرت حول نفسها فشاهدته مصادفة يفترش قاع الحوض .. صاحت بضجر وهي تهم بالصعود محتضنه جسدها بما جاد به ساعديها من طول بسباب متواصل يعبر عن ضيقها من ذلك المصري اللئيم كما وصفته حينها ..

جاهلة مراقبة عينان تلاطمها التجاعيد لتصرفهما من على بعد يغزو شفتي صاحبتها شبح ابتسامة ساخرة يعقبها قولها القلوق :
– ربنا يسترها معاك وينجيك من شرها دايما .. أصل العقربة لما بتحط حد في دماغها قول عليه يلا السلامة !!

error: