العميل 101.. أحفاد الثعلب 2

الحلقة الخامسة

– يعني أنت عاوزه تفهميني أنك قدرتي تقنعي “علي” بأن زواجكم بالعقد ده مش مسموح بيه في دينّا .. وأن لازم تنزلوا مصر توثقوه شرعي وقدام الناس بالاشهار !

رددتها “رقية” بتعجب على مسامع ابنتها التي فاضت ببعض اسرارها مع زوجها متيقنه بأن ما تبقى منها ليس من حق الجميع، والتي أومأت برأسها في صمت، ثم راحت تواري ارتباكها بفرك راحتيها المرتجفة دون كل ..

لم تستعر والدتها اهتماما لفعلها، بل استرسلت تحدث نفسها عاليا باندهاش :
– دا ربنا كرمه أكبر مما نتخيل عشان يردك ليا زي ما رحتِ .. لا ومش بس كده وامنية جدك اتحققت كمان ورجع “علي” لبيته ولعيلته زي ما اتمنى طول حياته !

لم تمتلك إلا أن تُومئ إيجابيا بحياء على حديثها، بينما الأخرى هتفت ما أن تجاوزت هالة اندهاشها قائلة بحبور شديد ومعالم داعبتها الفرحة:
– ده باين عليه أنه بيحبك قوي يا “هنا” عشان يصبر عليكِ بالشكل ده كــزوج .. لا والأهم كمان أنه هيتقدم لكِ من أول وجديد كعروسة معززة مكرمة في بيت والدها ..

غمر ابنتها حمرة الخجل مع توالي صمتها، فنطاق الحديث بات محرجا لها أمام والدتها وحديثها الصريح، والتي اسطردت بقلق:
– طيب هو مش أتقدم ليه في اليومين دول؟!

بادلتها “هنا” القول بعد تبدل حالتها الخجلة بأخرى مستاءة:
– يا ماما هو لسه لحق يرتاح .. ولا لسه خد على الحياة هنا ورتب أموره .. دا غير أن جدو “شاكر” كمان مستناش عليه وخده من تاني يوم ادارة الشركات .. والسبب الاكبر أكيد لاحظ موضوع “أميرة” وعرف بوفاة زوجها الله يرحمه وحالة الحزن اللي أحنا فيها ..

هزات طفيفة شاردة فعلتها “رقية” برأسها، رافقتها بتنهيدة مريرة ودعت بها سعادتها ما أن تذكرت حال ابنتها الأخرى الموجع لأمومتها، مردفة بنبرة خافته حزينة:
– عندك حق ! .. دا أنا من شدة حزني لظروف جوازتك .. فرحت جدا لما قلت ليّ الخبر .. لدرجة نستني ظروف أختك واللي بتمر بيه ..

إلا أنها على حين غرة تبددت معالمها سريعا مستكمله بتفاءل تملكها بغتة:
– بس تعرفي يا”هنايا” “أميرة” طول عمرها قوية وجدعة وحساها هتيجي في يوم تفاجأنا كلنا .. وتقول خلاص أنا فوقت وعديت المرحلة دي وعاوزه أكمل حياتي عشان خاطر بنتي ونفسي ..

تطلعت لها “هنا” بنظرة فحواها الأمل تؤمن خلف حديثها :
– اللهم أمين يا رب العالمين .. ربنا كبير ورحمته أوسع وإن شاء الله هيحقق أمنيتنا كلنا ..

– ونعم بالله ..

قالتها “رقية” بطمأنينة، ثم رمقت ابنتها بمكر مستأنفة:
– بس تعرفي “علي” بعد عملته معاكِ معزته زادت في قلبي قوي وحسيت أنه بقى ابني اللي مخلفتهوش .. فأحذري تزعليه بعد كده .. صدقيني هقفلك !!

جحظت “هنا” عينيها بقوة، تجاهد لاستيعاب واقع حديثها على قلبها، الذي خفق بفرحة عارمة لأجل طفلها واحتياجه لعاطفة أمومية سُلبت منه في حياة أفعى لعينة تسمى والدته .. لم تعي بأن حياءها تبدد وافترشت ابتسامة عذبة بملامحها البريئة، ثم راحت تتحدث بدلال مع توسد خصرها براحتيها:
– يا سلام يا مامتي يعني أنا بقيت الوحشة دلوقت وسي علي البريء المظلوم !!

تعالت ضحكات والدتها متمتمة :
– أيوه .. ومش بس كده .. دا كمان هاخد حقه منك تالت ومتلت !

امتزجت ضحكاتهما معا حين دعت ابنتها الخجولة لتوسد صدرها، ثم راحت تستكمل حديثها وهي تمسد ظهرها برفق :
– ربنا يسعدك ويكمل فرحتك على خير يا حبيبة قلبي ..

ثم تابعت بحنو :
– “هنايا” ..

إجابتها من بين عانقها بخفوت :
– نعم ..

– موقفك اللي خدتيه أنا معاكِ فيه جدا لأن ده شرع ربنا ومحدش يقدر يتكلم فيه .. بس برضه على الأقل اسمك ارتبط باسمه ورقي وده يجبرك أنه ليه واجبات عليكِ لغاية لما ربنا يحين بشرعه ..

ابتعدت “هنا” من بين ذراعيها تطالعها بنظرات مبهمة وبنبرة مندهشة هتفت :
– أيه اللي قصرت فيه .. هدومة وبعملها أيه تاني !

تنهدت “رقية” ثم احتضن براحتيها جانبي وجهها قائلة وهي تتمعن بحدقتيها:
– زوجك من يوم ما جه واكلته مش عجباني ولا عرفه هو بياكل أيه عشان أعملهوله .. وأنتِ انشغلتي مع اختك ونستيه .. غير كمان أن بعيد عن اجواءنا هنا وبحس بعنيه أنه محتاجك جمبه وأنك أمانه في المكان .. فعلى الأقل متبعديش وهو في وسطنا لما ياخد ويدي علينا .. متنسيش أنه اتربى في امريكا يعني كل حياتنا بالكامل غريبة عنه وأكيد تايه حبيب قلبي في احوالنا .. فارحميه يا بنتي وانسي كسوفك من وجودنا حواليكم وحاولي تتأقلمي على الوضع .. ومتنسيش أنه ساب حياته كلها هناك وجه هنا عشانك أنتِ وبس !!!

———————–

– دا أنت على كده مفروض تقابل رئيس الجمهورية مش أي مسئول وخلاص ..

– عفوًا !!

رددها “علي” بملامح مشدوهة ما أن استقام العجوز من مقعده هاتفا بها بالعربية، ليعاجل الأخير ترجمتها أثناء جلوسه مرة أخرى بلغته عقب تخطي صدمته، فأجابه شبيه صديقه معارضا:
– كلا .. يكفي رئيس الوزراء كشخص أمين للاطلاع على الأمر ومن ثم يتولى هو باخبار رئيس البلاد .. فأنا لا أحب تلك الرسميات ولست معتادا عليها مطلقا ..

بادله العجوز معالمه المشدوهة مردفا:
– بني الأمر ليس بالهين مطلقا ! .. خاصة بعد ما سردته علي من قتل والدك إلى سعيهم لقتلك قبل مجيئك إلى هنا .. أي أنت وهؤلاء النسوة مهددون بالتصفية بين وهلة وضحاها!!

ما أن أنصت لحديثٍ يعلمه جيدا، استند على ظهر مقعده بزفرة ضجر، ثم راح يهتف بضيق:
– أعلم ! ولست خائفا على نفسي أكثر من خوفِ على من أصبحن في كنفي وتحت مسؤليتي ..

ثم استطرد بومضة أمل نضحت من عينيه:
– ولكني كفيلا بحمايتهن حتى أخر رمق بحياتي .. ثم ما يجعلني أمضي قدما وأنا مطمئن هو تأكد نجل “براد فيليب” من موتي هناك، وعدم علمه هو ورجاله بدخولي للبلاد هنا .. وهذه نقطة قوية تحسب لي حتى انتهي من تصميم المعادلة وتنفيذها على أرض الواقع وحينها سيفشل سعيهم وييأسون ..

ضغط “شاكر” على جملته بتأني واهتمام مضاعف :
– كيف ومدة تنفيذها ستخطي العام !

بنظرة مفرغة رد “علي” قائلا:
– كلا لن تتجاوز الشهر أو الشهران بإذن الله بعد احضار طاقم من أكبر العلماء الفيزيائيين من أوروبا للعمل عليها بأسرع وقت !

تملكت الحيرة مقلتي “شاكر” فاتبعها باستفساره:
– “علي” طالما أنت من ستتحمل التكلفة وجميع المراحل في ذلك المشروع، ما فائدة الحكومة إذا !

مط شفتيه بلا مبالاة، ثم قال موضحا:
– لا أحتاجها في شئ .. ليس أكثر من تنفيذ وصية والدي لنيل جزء من المنفعة لاجل البلاد بعد أن تؤمن لي المكان الجيد لإنشاءه .. وهذا سبب اللقاء بيننا!!

بملامح مشدوهة هتف “شاكر” متعمدا :
– اتقصد بأنها ستعلم بكل شيء يخص التنفيذ ثم تتبادل معك منفعة الاستكشاف دون مقابل أيضا .. فقط توافر المكان وإشرافها!

لوح براحته ثم أضاف متهكما :
– استطيع توفره لك أن أردت !

فطن “علي” ما يرمي إليه، فبادله بحزم:
– أعلم بأنك تستطيع! .. وأعلم أنك تعلم بأنني أستطيع! .. وأعلم إيضا أن عائد البلاد عند الاستنفاع بذلك الجهاز سيكون أضعاف مضاعفة من دخلها القومي بالكامل! .. مثيل ما سيحدث معي من دخل .. ولكن إعلم أنت أنه لا يشغلني أمر الأموال أكثر من تنفيذ ما كان يحتاجه والدي رحمة الله عليه ..!

وكأنه بحديثه هذا أنعش عشقه لموطنه الحبيب، اغمض عقبها عينيه وتراخت صفحته بطيف ابتسامة، ثم راح يتأمله قائلا بانبهار :
– رحمة الله عليه ! .. اعذرني “بني” عقلي المسن مازال يستوعب بأنك هنا على أرضنا .. ومن نسل أبنائها وأجدادها خاصة من نسل “علي البنا” .. تجلس مكانه وتتحدث ببراعة وذكاء مثله تماما .. كأنك بت كهجرسٌ ترعرع منذ مولده تحت كنف ثعلب القطيع ..

————————–

– حاسبي يا مجنونة !!

صاح بها “عمر” فزعا ما أن شاهد ناقلة تصدير تعترض طريقهما بهيئتها العملاقة، والأكثر صدمة رصده لحالة الارتباك المفاجئة بيديها المتحكمتان بالمقود، نظراتٍ مشتته راح ينثرها بين هالة ارتجافها وبين الناقلة بقدومها المؤكد، فطن أذنه طرقات الموت من فعل تلك الحمقاء، وبات يصدق بأن خطورة الأمر فاق ما لمسه في جميع عملياته السابقة رغم مخاطرهما الدامية، وهلة مميته كادت تحيطه يأسا، وتعصفه دون رحمة بوادي الاستسلام، إلا أن دماءه أبت نافرة، وعقله صدح ثائرا، وكأنهما بصرختهما تلك يريدان انعاش قلبه لرفض الرضوخ ومحي غبار الجبن الغير معتاد عليه لثوانٍ ..
تحفزهم المعتاد جعله ينتفض من حالته المغيبة بمط حزام الأمان لمرونة تحركه عند توجيه ساقه اليمنى وعبورها بجوار ساقها في الحال، واضعًا قدمه فوق حذاءها بقوة كادت تهشم اطرافها حتى تملك مسيطرا من موقعه على مكابح السيارة، تزامنا مع ذراعيه التي دفعت المقود للدوران السريع فتابعها الإطارات الأربع بانصياعٍ تام، نتج عنه صوت احتكاك صارخ بالطريق الاسفلتي الناعم اسفلها ودورانها عدد لا يستهان به من المرات حول نفسها، سرعة بديهية لم يكن ليلقب بالفهد أن لم تنبع من داخله ..

وكاد ينجيان لكن القدر لم يهملهما، حين ارتطمت مؤخرة السيارة بالطرف الجانبي لمقدمة الناقلة المتزامنة اثناءها بالعبور جوارهم ..

هزة عنيفة بدأت بهيكل سيارتهما التي انحرفت عن الطريق بعدة أمتار، انتهت بانتفاض جسدهما من مكانهما بقوة تضافرت مع صرختها الصادحة وروحها المترتعبة، لحظات كالكابوس المخيف احاطتهما دون أن تمهلهما للتمعن أو الادراك بما يحدث، انتهت بجسدين مكبلان تحت ركام سيارة انقلبت بهما رأسا على عقب !

ثوانٍ مضت طرقها الصمت بمطرقته، حتى ادرك “عمر” واقعه الذي وضعته به عقبته الشرسة التى كادت تدفعهما بطيشها إلى الهلاك، وكأنه تذكرها الأن فتأججت دماءه ضيق وبادر هاتفا بحنق بلغ العنان:
– عاجبك اللي حطينا فيه ده كنت هتقتلينا وأضيعينا في ثواني .. الله يخرب جنانك ده يا شيخة ..

مع سيادة الصمت بادره هاجس اصابتها، فهرعت عيناه تتلفت باحثة عنها دون تروي، جزع حين أدرك التصاق جسدها بجسده في بوادر احتضان غير مؤكد فرضها واقعهما، قشعريرة سرت بدماءه جعلت جسده ينتفض بشده فاقت انتفاضة الارتطام، جف حلقه، وخفق قلبه، كأنه ما وعى لقربها إلا الأن فقط، أزدرد ريقه ثم اسرع يزيحها بيديه عن حصنه الحصين، إلا أن ضيق المكان وانقلابهم دون اعتدال وقف بالمرصاد لنيته، فجاهد لتنظيف شوائب تفكيره للخروج من تلك الكارثة التي يشعر بها تفوق كارثة الحروب العالمية والأهلية كافة !
وكيف لا وصدره المقسم باحترافية وما يخفق بين طياته أقسم ما أن تولى مهامه لحماية موطنه على هجر جنس النسوة كافة، فمن يحمل فوق ساعديه كفنه طول الوقت لا يحق له ذلك الأقتراب، هكذا عاهد نفسه طوال سنوات عمره الخمسة والثلاثون ..

فبادر مسرعا للاطمئنان على استمرار مهمته بحديث متهكم يتوارى خلفه الارتباك:
– أيه يا مجنونة هانم سكته ليه .. ولا الجنان جه عند هنا وخلص !

إلا أنه لم ينجح بقلع صوتها من حنجرتها، فعلى ما يبدوا أنها في حالة إغماء من هول المفاجأة، فدارت عينيه حولهما مع توالي افكاره البديهية للخروج من ذلك المأزق الفج، والتي بدأت بمحاولة فتح الباب المجاور لهما إلا أنه تفاجأ بصمود قفله، فراح يجود عليه من خلال قدمه بركل متلاحق دون تراخي، عدة ثوانٍ من الجهد شهد عقبها انفصاله عن السيارة، واطاحته في الهواء ساقطا بالقرب، فعاجل بنزع حزام الأمان وتمليص جسده ببطء من بين جسدها والمقعد من خلفه حتى استطاع عقب محاولة شاقة نيل حريته والخروج خارجها رث الهيئة ينقشه خدوش مبعثره بالجسد، باذلا عناء جهده لتملصها ايضا، وما أن فعلها وأقترب يحملها من خصرها بقصد ابعدها خشية انفجار مفاجئ من تنك البنزين، حتى بغت بافاقتها وشهقة نفورها، تلحقها بنبرة هادرة رغم وهن الجسد والروح:
– ابعد عني متلمسنيش .. !

استقام بجزعه العلوي بابتسامة تهكمية حامدا ربه في ذاته على عدم إفاقتها منذ عدة دقائق معدودة و رؤية ما رأه قبلها، فحتمًا كانت طرحته قتيلا دون تروي !

سرب ابتسامته ثم بادلها القول باقتضاب مخيف من بين حدة عينيه:
– ولكِ عين كمان تتكلمي بعد اللي عملتيه .. ولا لكِ روح تعافر .. صحيح اللي اختشوا ماتوا !

رغم جرح جبهتها وعددة جروح متفرقة بجسدها نتجت عنه تمزق ضئيل بملابسها، إلا أنها استقامت نافرة تنفض الغبار تزامنه مع قولها الغاضب:
– والله مش مغصوب عليك تمشي معايا .. وأن كان على الجنان فأنت لسه مشفتش حاجة لإن ده لسه بدايته ..

ثم رمقته بنظرة ماكرة هاتفة بلؤم عقب عقد ساعديها فوق صدرها :
– ولا استسلمت من أولها يا “ياسين” باشا ..

ثم بضحكة ساخرة اكملت:
– متستغربش .. ما هو أنا لازم أعرف عن عدوي كل حاجة .. ولسوء حظك اللي عرفته ما يشرف واحد راسم نفسه ع الفاضي زيك ..

من قال أن تلك المهمة لا تفوق ما سبقتها من مهمات !!

هو بات على يقين الأن أن مواجهة لسان أحدى النساء كفيلا بنفاذ صبر أيوب بداخله، ونزع لمحة الخير من طيات قلبه، واعتلاء صدره بحمم بركانية !

وهو سخي !

سخي برد جودها أضعافٍ مضعفه، بأن يرويها الحمم، ويغلفها بغضبه الناضح من عينيه !

انقض يقبض على راسغها بلفعة رعد مفاجئة، مجبرها قصرا على اتباع خطاه، والانصات لكلماته المتتالية من بين جزّ أنيابه:
– لا ما هو أنتِ مش واخده بالك أن لسه هعرفك على نفسي أكتر وأكتر .. طول ما خلقتي متسلطه في خلقتك إن شاء الله !!

فحقا تلك المرأة المشاكسة أخرجت ما يكنه بداخله لمحاربة أعتى الرجال، فبات مشفقا عليها من نيران غضبه المستعر بداخله، ولكن دميته هي من عبثت بالنيران أولا، وعليها إذا تحمل لسعاتها !!

اتبعته مجبره يعاندها وهن الجسد وزعزعة الروح، ترصد اخراجه لهاتفه من جيب بنطاله والاتصال بحرس القصر لتوفير لهما سيارة أخرى لاستقلاها من أجل العودة .. بعد المشي سيرا تلك الأمتار التي انحرفت بها سيارتهما المنكوبة والتي لم تخلي من كلماتها وسبها اللاذع، خرج بها على الطريق العام وزائريه الغير مبالين بما حدث لهما، وكأنهم بقلوبا جرداء لا رحمة بها ولا طيف أحياء !!

بعد عدة دقائق قليلة اصطف الحارس بسيارته أمامهما مباشرا ما أن لمح من على بعد سيارة ابنة رب عمله المنقلبة وسيرهما بالقرب منها، فبادره “عمر” متعصبا بالايطالية:
– أترك هذه لي، ثم توجه للأخرى من أجل احضارها واصلاحها ..

اطاعه الحارس بإيماءة صامته متوجها تجاة سيارتها مع إجراءه لعدة مكالمات تساعد على انهاء مهمته، بينما “عمر” دفع برهينته داخل السيارة التي بحاوزته ثم أحكم غلق بابها المجاور جيدا رغم محاولات نفورها وتصديها لفعله، ثم راح يسرع بالالتفات حولها متوجها لمقعد القيادة، الذي شغر مكانه بعجالة وراح يقودها متوجها باتجاة القصر ..

مرت الدقائق ما بين مراقبة الطريق ومراقبتها بانعقاد ساعديها وتطلعها في النافذة بجوارها مع اطلاق زفراتها النارية كل حين غير مبالي بفعلها إلى أن عبرا معا بوابة القصر فبادرت بقلع عباءة الصمت والنظر إليه بقوة إصرار لم يعهدها بفتاة قبلها :
– بلاش غرورك يتملكك النهاردة .. لأن البنت اللي شايفها قدامك دلوقت لسه عندها القوة والاصرار اللي في يوم من الأيام هيثبتولك أنك فاشل زيك زي اللي قبلك .. لا ومش بس كده هثبتلك كمان أنك تفوق عنهم دناءة ووضاعة ومجرد تابع ممكن تبيع نفسك لاسيادك ..

ترجلت من السيارة ما أن انهت كلماتها دافعه بابها بعنف كاد يقلعه، بينما هو تتبع مغادرتها بنظرات شاخصة وابتسامة تهكمية مغمغما:
– وأنا مستني بفارغ الصبر اشوف أخر جنانك أيه يا هرقليز أفندي ..

ثم أتبع ساخرا عند مغادرته للسيارة:
– دا شكل اللعب مع الستات ليه طعم تاني خااالص .. وأنا اللي كنت حارم نفسي منه !

————————–

 

error: