ملكة على عرش الشيطان بقلم اسراء على
الفصل التاسع عشر
ولكني سأحطمكَ…
بـ غروري…
بـ مكري…
بـ دهائي…
أُقسم…
وأنا سأدهس
غرورك بـ كبريائي…
مكرك بـ خُبثي…
دهائك بـ أفعالي…
-قصدك إيه!…
جلس أرسلان فوق الفراش وقال بـ تململ
-سؤالي واضح..تعرفي ديفيد ويليامز إزاي؟…
عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم قالت بـ برود
-وعاوز تعرف ليه!
-نظر إليه بـ نارية ثم قال:مترديش على سؤالي بـسؤال تاني
-زفرت بـ حنق وأردفت:كان فيه مؤتمر بتعمله الكلية عندنا كل سنة وكنت بشوفه..إتعرفت عليه وكان كلامنا كله فـ مجال الأورام
-رفع حاجبه وتساءل:بس؟!
-هو المفروض يكون فيه حاجة تانية؟!…
إلتقط لُفافة تبغ ثم أشعلها ليقول بعدها بـ هدوء
-أنا بسألكِ
-تأففت بـ ملل وقالت:مستفز..بس لأ دا كل الموضوع…
أومأ بـ فتور ليُخرج من فَمهِ سحابة رمادية دون أن ينظر إليها..إلتفتت تنوي الرحيل إلا أن صوته على الرغم من هدوءهِ إلا أنه أثلج قلبها وإتهز له بدنها
-متحاوليش تتواصلي معاه تاني…
إبتلعت ريقها بـ صعوبة لتتساءل دون أن تلتفت إليه
-مش فاهمة بتتكلم عن إيه!…
لم تسمع صوته بل صوت أقدامه التي تقترب منها حتى لفحت أنفاسه الساخنة كتفيها لتقبض على جانبي بنطالها تستمد منه القوة..إرتعشت وهي تسمع صوته الذي إخترق أُذنها كـ فحيح أفعى
-أنتِ فاهمة قصدي كويس..بلاش تلعبي بـ ديلك معايا عشان مقعطهوش…
حينها إلتفتت إليه بـ عُنف ثم رفعت سبابتها إليه مُشيرة بـ تحذير واهي
-إحترم نفسك معايا..أنا مش خاينة…
أمسك سبابتها يُديره فـ تأوهت لشدة قبضته..نظرت إلى عينيه القاتمة وهو يردف بـ نبرةٍ مُميتة
-لأ خاينة…
-إتسعت عيناها وصرخت:أنا مش خاينة..أنا مبخونش
-إبتسم إبتسامته القاسية وأردف:بلاش تستفزيني
-صرت على أسنانها غضبًا وقالت:ولو إستفزيتك هتعمل إيه يعني!…
حين إتسعت إبتسامته هوى قلبها وشحب وجهها سريعًا..تكره إبتسامته تلك..تكرهها بـ شدة بل وتخشاها
وجدته يقبض على ذراعها وهمس بـ فحيح
-يبقى تعالي شوفي نتيجة أفعالك
-سبني..أنت واخدني على فين!…
لم يرد عليها بل جذبها خلفه بـجمود دون أن يأبه لتلويها خلفه في محاولة من أجل الفكاك منه ولكن يده كانت كـ القيد الحديدي
وصل بها إلى خارج المنزل ليتجه إلى سيارته ثم ألقاها بها..أغلق الباب وقبل أن يبتعد أردف بـ تحذير
-فكري بس تفتحي الباب وتنزلي…
ضربت الباب بـ حقد صارخة بـ كل ما يعتمل داخلها من كُره تجاهه..صعد أرسلان إلى مقعد السائق وأدار المُحرك ينطلق بـ صمتٍ خانق بل مُخيف كـ هيئته التي لا تُبشر بـ الخير أبدًا
لم يكن عليها العبث معه..تعلم أي شخصٍ هو..هيئته المُخيفة والقاسية جعلها تتيقن أنها تتمادى بـ أفعالها..إن أرادت الإنتقام فـ عليها الحذر..عليها التريث والتفكير بـ ذكاء فـ محاولة إثارة غضبه كلها تنلقب ضدها
إبتلعت ريقها بـ صعوبة بالغة وقد ظهر بـ تلوي حلقها..عقلها يُنبئها بـ أحداث قاسية ومُخيفة أقلها رُعبًا هو قتلها دون ألم أو رُبما دفعها بـ السيارة من أعلى المُنحدر
نظرت إلى جانب وجهه والتي لم تتغير أبدًا..حينها تيقنت أنه سيُلقنها درسًا لن تنساه
وقفت بين فتياتها تختار إحداهن لإدارة المكان بعد غيابها الذي سيطول ورُبما إلى الأبد..حينها وقع إختيارها على إحدى الفتيات والتي تثق بها كثيرًا فـ قالت بـ حزم
-نورا!..أنتِ اللي هديري المكان دا..مش عاوزة غلطة كأنِ موجودة
-تهللت أسارير الفتاة وقالت:عنيا يا أبلتي..ترجعلنا بـ السلامة…
أومأت بـ رضا ثم بدأت بـ تولي الأمور وتنظيم الأحداث بـ غيابها..لولا إحتياج أرسلان إلى تلك الحانة لِمَ سمح لها بـ إكمال إفتتاحه
توجهت إلى السيارة التي أرسلها أرسلان من أجلها..تلقها إلى حيثُ تُريد بل و وضع حارس شخصي كـ ظلها تمامًا
وضعت يدها على بنطها المُسطح تبتسم بـ عاطفة أمومية لم تكن لتحلم بـ أن تعيشها ومع من!..من حلمت به كثيرًا..مَن عشقته و وهبت حياتها له..تذكرت أحداث الصباح وهى تُشعل فتيل قُنبلة توقعت أن تنفجربها ولكن على العكس
“عودة إلى وقتٍ سابق”
نهضت وهي ترى أرسلان يقف مكانه دون أن يتحرك..وقبل أن تخطو خطوة تجاهه كان قد إلتفت إليها فـ توقفت..توترت وسكنت مكانها تنتظرصفعته أو أمره بـ إجهاض الجنين ولكنها لن تفعل..لن تُضيع فُرصة تقربها منه
رأت عيناه تسود بـ ظلامٍ مُرعب وهي تُحدق بـ بطنها فـ تلقائيًا وضعت يديها حولها وهمست
-لأ…
حينها إزداد ظلام عينيه ليرفع نظراته إليها ثم قال بـ جمود غامض
-الحمل بقاله أد إيه!
-أبتلعت ريقها بـ توتر وقالت:من..من شهر بـ الظبط…
أومأ دون أن يرد بل حك فكه وظلت نظراته مُعلقة بـ بطنها..تُرى أيشك بها أنها تخونه!..ولكنها تعلم أنه يعلم أنها لا تخونه بل لا تجرؤ..لذلك تجرأت وتساءلت بـ خفوت
-هتخليني أنزله!…
ضيق عيناه بـ قسوة مُخيفة كـ ملامحه الغامضة..لتتراجع بـ خوف إلا أن صوته خرج كـ الهسيس ، خالي من أي مشاعر إنسانية
-دا إبني
-بتشك فيا!..بتشك إني خونتك ودا مش إبنك؟…
جمدها صوته الذي خرج كـ الرعد وهو يقترب خطوة
-عندك الجرأة إنك تعملي كدا!
-سارعت نافية:أقسم بالله مقدرش أخونك..أنت عارف إني بعشقك
-كويس…
وظل بعدها صامتًا إلا أنها لم تتحمل الصمت أكثر لتتساءل بـ تلعثم
-هـ..هنعمل إيه!…
لم يرد عليها بل إستدار راحلًا وقبل أن يخرج أردف بـ صوتٍ قاسي ، قاتم كـ ملامحه
-جهزي نفسك فـ ظرف نص ساعة هجيب المأذون ونتجوز..مقبلش إبني يبقى إبن حرام…
ليخرج بعدها ولم يلحظ تلك الإبتسامة الحالمة التي إرتسمت على وجهها أو تلك السعادة التي غمرت ثناياها..فـ هي لن تُصبح والدة طفله بل و زوجته أيضًا
وبـ الفعل خلال ثلاثين دقيقة كان قد جلب المأذون الشرعي أصبحت زوجته
عقب الإنتهاء من المراسم ورحل المأذون الشرعي..حاولت عناقه إلا أنه أبعد يدها وقال بـ جفاء أثلج قلبها
-أنا إتجوزتك عشان خاطر اللي فـ بطنك..زيادة عن كدا متحلميش…
إرتجفت وخفتت إبتسامتها لتتراجع تضم يدها إلى صدرها ليُكمل حديثه الجاف
-نزول كباريه!..مفيش..شوفي حد يخلص الشغل فيه لحد أما أخلص شغلي مع الأوباش دول وبعد كدا هفجره مش هقفله بس…
ثم تركها ورحل..على الرغم من حديثه الذي قتل روحها إلا أنها سُرعان ما إستعادت نفسها وهمست بـ إصرار
-أنا قطعت نص الطريق وإتجوزتك..والنص التاني قلبك وأنا هوصله…
“عودة إلى الوقت الحالي”
ضمت جسدها إليها وهي تنظر إلى النافذة..ستستغل حملها لأجله..قد تكون أنانية ولكن الوصول إلى قلب أرسلان هو هدفها و طموحها..همست بـ إبتسامة خفيفة
-جايز أكون أنانية يا حبيبي..بس لازم أوصل لقلب بابا عشان نكون عيلة كاملة…
أوقف السيارة أمام منزل أيمن ليترجل ثم صعد البناية حتى وصل إلى الطابق الخاص به..دق الجرس عدة مرات ليسمع صوته من الداخل يقول
-حاضر…
فتح الباب ليبتسم بـ تفاجئ قائلًا بـ دهشة
-قُصي!..تعالى يا راجل..نورت
-تسلم يا أيمن…
دلف قُصي إلى شقته الشبه متواضعة ليجلس بـ الصالون ليأتيه صوت أيمن
-تتغدا ولا تشرب شاي!
-هات شاي
-ضحك أيمن وقال:يبقى تتغدا..أنا لسه مخلص تحضير الأكل…
إبتسم قُصي لينهض قائلًا بـ مرح
-حيث كدا أقوم أساعدك
-ربت أيمن على كتفه وقال:مش هقولك لأ…
تناوبا الدخول والخروج من المطبخ يحضرا أطباق الطعام حتى إكتملت مائدة الغداء..ليجلسا بعدها وبدآ بـ تناول الطعام
حمحم قُصي ثم قال وهو ينفض يده
-بصراحة كُنت جاي فـ موضوع
-إبتسم أيمن وقال:كُنت عارف..قول يا قُصي…
إعتدل قُصي بـجلسته ثم قال بـ جدية و دون تردد
-فاكر قضية الفساد اللي بعتلي ملفاتها!
-أومأ أيمن بـإهتمام قائلًا:أيوة..في حاجة ولا إيه؟…
حك قُصي فكه ثم قال بـ نبرةٍ جامدة
-عاوز أعرف ناس تانية متورطة فـ الموضوع دا
-رفع أيمن كتفيه وقال:على حد علمي أنا بعتلك كل اللي متورطين من الناس الكبيرة
-حرك رأسه نافيًا وأردف:مش عاوز دول..أنا عاوز موظفين فـ الجمارك أو وزارة الصح..أي حد لفقوله القضية كلها…
رفع أيمن حاجبيه وتراجع إلى الخلف..إرتشف من كأس عصيره ثم قال بـ هدوء وجدية
-فهمتك..بس يا قُصي الموضوع هياخد وقت
-تساءل قُصي سريعًا:فـ حدود أد إيه؟!
-مط شفتيه وقال:وقت طويل..أنا مجبتش الورق دا إلا بـ طلوع الروح..لكن هحاول أتصرفلك…
أومأ قُصي بـ إرتياح ثم تمتم بـ إمتنان
-شكرًا يا أيمن..أنا عارف إني بطلب كتير بس ساعدني الموضوع يخص عليتي
-رد عليه أيمن:عارف يا قُصي..أنت حكتلي كل حاجة عشان كدا أنا مش هتردد فـ مُساعدتك…
إبتسم قُصي..ستعود سديم إليه ويأخذ بـ ثأر عائلته ويُغلق تلك الصفحة تمامًا ورُبما ينتهي عداءه مع أخيه
إلتفتا على صوت الجرس ليتساءل قُصي
-أنت مستني حد!..أمشي يعني؟
-نهض أيمن وقال:أنت عبيط يا أبني!..خليك كمل أكلك…
توجه ناحية الباب ليسمع بعد لحظات صوت صرخات طفل مُهللة ليلتفت قُصي بـ فضول لكي يتعرف على هوية القادم..على حد علمه أيمن قد إنفصل عن زوجته مُنذ سنتين..مط شفتيه وعاد بـ رأسه
إقتربت صوت الأقدام ليستمع إلى صوت أيمن يقول بـ سعادة
-تعالي أعرفك على صاحبي…
سمع قُصي صوت أنثوي ليس بـ غريب على أُذنيه ولكنه لم يهتم..دلف أيمن ومعه الصغير ليقول بـ حبور
-قُصي..دا وليد إبن أختي…
إرتفع حاجبي قُصي وهو يرى الصغير بين ذراعي أيمن والذي أكمل
-ودي أختي رحمة…
وصلا إلى طريقٍ مجهول..نظرت من نافذتها لتجد صحراء..والناحية الأُخرى صحراء..بدأ الخوف يزحف إلى قلبها لتستدير إليه تسأله بـ تخوف
-إحنا هنا بنعمل إيه!…
ساد الصمت عدة لحظات قبل أن يهدر بـ غضب
-إنزلي
-تساءلت بـبلاهه:أفندم
-إستدار إليها وصرخ بـشراسة:قولت إنزلي…
فتحت بابها سريعًا وترجلت عن السيارة ثم أغلقته..ظلت تقف بـ جوار السيارة عسى أن ينظر إليها ولكن دون فائدة
نظرت حولها بـ الطريق الفارغ ثم عادت تُحدق به وصرخت بـ جنون
-ممكن أفهم فيه إيه؟!…
أغلق أرسلان النافذة تبعها أبواب السيارة بـ القفل الإلكتروني..إتسعت عيني سديم وحاولت فتح الباب ثم الطرق ولكنه كان قد إنطلق بـ سيارته..صرخت مُتراجعة
-يا حيواااان…
كانت السيارة قد إبتعدت مُخلفة خلفها غُبار يرتفع فـ يشق الهواء..وقفت بـ مُنتصف الطريق البارد تضع يدها فوق رأسها ثم ظلت تُحدق بجميع الأرجاء ولكن دون جدوى..لا أحد يمر
زفرت بـ غضب وظلت تُغدقه بـ السباب اللاذع..أستدارت تنوي العودة سيرًا على الأقدام..ولكن صوت سيارة مُسرعة آتية من خلفعا جعلها تستدير مُسرعة ، مُتسعة العينين
كانت السيارة تتراجع بسرعة بـ الخلف..تجمدت مكانها وتيقنت أنه سيتم إصطدامها بقوة مُسببة إطاحتها ثم موتها
أغمضت سديم عيناها تنتظر المحتوم..وعلى بُعد إنش واحدًا فقط توقفت السيارة مُصدرة صوت إحتكاك قوي..حينها فتحت عيناها بـ رُعب ثم سقطت أرضًا فـ ساقيها قد عجزا عن حملها..دقات قلبها خفتت و وجهها قد شحب فـ شابه الموتى..بينما جسدها كله يرتجف بـ عُنف
ترجل أرسلان من سيارته ثم تقدم منها بـ برود ثلجي و هدوء حتى وصل إلى ثم جثى على رُكبتيه
أبعد خُصلة عن وجنتها ثم همس بـ فحيح مُقتربًا من أُذنها
-أنا وصلتك لحافة الموت..المرة الجاية هموتك بجد…
و بـ قسوة وضع يده أسفل ذقنها وأدار وجهها الشاحب إليه وقبض عليه بـ قوة كادت أن تُهشمه ثم أردف بـ شراسة ونبرةٍ قاتلة
-أنا لسعتي والقبر…
نظرت إليه بـعينين جاحظتين ليُكمل حديثه بـ نعومة خبيثة
-أنا حذرتك للغلطتين..المرة الجاية إقرأي على روحك الفاتحة…
دفع بـرأسها بـ قسوة..لم تكن تعلم أنه تهاون معها..أن ذلك العقاب لم يكن عقابًا بل مُجرد تحذير واهي لما فعلته
نظر إليها بـ نظرات سوداء ، مُرعبة بـ نواياها..ولكنه بـ هدوء وضع يد أسفل ظهرها والأُخرى أسفل رُكبيتها الرخويتين ثم حملها بين ذراعيه القويتين
كانت لا تزال بـ صدمتها لا تُصدق أنها على قيد الحياة..بل تتنفس الآن ومحمولة بين ذراعيه بـ كل حميمية وكأنهما عاشقين
توجه بها إلى المقعد الخلفي ليُمددها عليه ثم أغلق الباب وإتجه إلى مقعده..نظر إليها من المرآة الأمامية ليجدها مُنكمشة على نفسها..عينيها جاحظتين وجسدها يرتجف..أبعد عيناه عنها ليُدير المُحرك وينطلق بـ السيارة
بعد أن وصلا إلى المنزل هبط من السيارة ليتجه إلى الباب الخلفي وفتحه..حينها قد إستعادت وعيها وإستفاقت من صدمتها..عندما مدّ يده إليها كي يجذها ضربت يده بـ قوة ثم صرخت بـ جنون
-أنت مختل..كنت هتموتني ودلوقتي هطلعني البيت!
-رفع كتفيه وقال بـ بساطة:قولتلك دا تحذير..وإديكِ صاخ سليم..لأ وصوتك رجع
-إشمئزت قائلة:يستحيل تكون بني آدم..أنت شيطان زي ما حكولي
-كوييس إنهم حكولك..إتصرفي بعقل يا شاطرة عشان متشوفيش شيطاني اللي على حق…
رمقته بـ سهامٍ قاتلة قبل أن تتجه إلى الباب الآخر مُترجلة..على الرغم من ضعف ساقيها ولكنها أبت أن يُساعدها
توجهت بـ خُطىٍ أشبه بـ الركض حتى صعدت غُرفتها..ترك أرسلان السيارة ودلف إلى المنزل وحينها نادته الخادمة بـ خفوت قائلة بـإحترام
-أرسلان بيه!..في واحد اسمه ديفيد مستني حضرتك فـ الصالون
-أومأ قائلًا:طب روحي أنتِ ومتخليش حد يطلع بره المطبخ…
أومأت لتبتعد بعدها..توجه هو بـ خطاهِ الثقلية حتى وصل إلى ديفيد رحب به ثم جلسا
وضع أرسلان ساقًا فوق أُخرى ثم قال بـ جفاء
-حسنًا ما سر هذه الزيارة!
-إبتسم ديفيد وقال بـ مكر:أعتقد أنك تعلم..العمل
-أها…
رفع أرسلان حاجبه وقال بـ فتور
-وأرسلوك أنت خصيصًا!
-أنت تعلم هذه المرة..غاية بـ الجدية
-حك أرسلان فكه وقال بـ جمود:إذن!..ما هي المهمة؟!…
نظر ديفيد حوله بـ حذر ثم قال وهو يدنو من أرسلان بـ جدية بالغة
-الشحنة كبيرة..أسلحة كميائية ننوي إدخالها بـ هدف القضاء على الإرهاب
-رد عليه أرسلان بـ سُخرية:وأليس ذلك ما يحدث مُنذ سنوات!…
ضاقت نظرات أرسلان وهو يرى إبتسامة كريهة ترتسم على شفتيه وهو يردف بـ شيطانية
-هذه المرة ستكون أكثر سمية..سُنعيد خطة الإبادة ولكن هذه المرة بـ أكثر الطُرق حكمة..حتى لا نقع بـ الفخ ذاته…
تشنج فكه بـ غضب ولكنه أخفاه بـ مهارة قبل أن يردف بـ الجمود ذاته
-ولكن ما مصلحة بلدك بما تقوم به!
-إستراح ديفيد بـ جلسته وقال بـ إبتسامة
-من قال أنني هُنا لمصالح بلدي!
-ضحك أرسلان وقال:روسيا تدفع الكثير أليس كذلك…
ضحك ديفيد حتى أغمض عينيه فلم يلحظ تجهم أرسلان وملامحه السوداء..ليقول الأول بعد أن هدأت ضحكاته
-بـ عالمنا ذاك..المال هو القوة..وكل ما يحدث بـ الوطن العربي والغرب أيضًا ما هو إلا خطة تحيكها الدول الأكثر قوة
-بـ نبرة خرجت كـ نصل السيف:أعلم القذارة جيدًا..وأعلم ما أوقعت نفسي به مُنذ سنوات
-أردف ديفيد بـ نبرةٍ ذات مغزى:من الأفضل أنك تعلمت من ذلك الدرس القاسي..وأأمل ألا تخذلنا هذه المرة…
كانت ملامح أرسلان صخرية يصعب على الآخر قراءتها إلا أن نبرته خرجت واثقة و هادئة لدرجة مُربكة
-لا تقلق لقد تعلمت درسي جيدًا وأنوي الأستفادة…
بعدما رحل ديفد صعد أرسلان إلى غُرفة سديم ينوي الحديث ولكنه لم يجدها..ضرب المقبض بـ حدة ثم إبتعد.بحث عنها حتى سمع صوت الماء المُنهمر من المرحاض
أرادت أن تأخذ حمامًا ساخن يُنعش خلايا جسدها الميتة عقب تلك الصدمة التي تلقتها..لم تُصدق أنها عادت حية تُرزق..كاد أن يقتلها فقط لأنها تفوهت بما لا يجب..ماذا إذا تمادت بـ افعالها!
ولكن ما تفوهت به لم يكن ليتحمله رجل حقًا..أما هو لم تعلم كيف إستطاع السيطرة على أعصابه لتلك الدرجة..ولكن حينما أتى موعد عقابها أدركت أنه لا يتهاون أبدًا فـ صمته و هدوءه ما هو إلا هدوء ما قبل العاصفة
دلف إلى المرحاض وإستند إلى حوض إغتسال الوجة وبقى يُحدق بـ طيفها الظاهر من خلف الزُجاج المشوش بـ بُخار الماء المُتصاعد
إلتوى فمه بـ شبه إبتسامة قاسية وهو يُتابع تحركات يدها على خُصلاتها وجسدها ليعقد ذراعيه أمام صدره وبدأت عنياه في تفحصها بـ جُرأة واضحة
بعدما إنتهت هي من الإستحمام أغلقت مصدر المياه ثم أخذت المنشفة و جففت جسدها..فتحت الباب الزُجاجي ورفعت أنظارها لتشهق بـ فزع وهي تضع المنشفة القصيرة على جسدها من الأمام
إتسعت إبتسامته بـ شيطانية تُشبه ملامحه ثم إقترب وهتف بـ وقاحة
-بتعملي إيه!..أنا معاين البُضاعة قبل كدا…
تحولت عيناه إلى جمرتين مُشتعلتين من الغضب وهي تهدر بـ حدة
-أنت دخلت هنا ليه وعاوز إيه؟
-حك فكه الحاد بـ قوة ثم تشدق عابثًا:فكرك لما أدخل على واحدة وهي بتستحمى هيكون عاوز إيه!!
-رفعت رأسها بـ شموخ دون التأثر لحديثه وقالت:نجوم السما أقربلك مني..إذا كنت سمحتلك تقرب مني قبل كدا فـ دي كانت غلطة مش محسوبة…
إرتعد جسدها بـ رُعب وهى ترى عيناه تفقد بريقها العابث لتتحول إلى عيني شيطان..عضلات فكه المُنقبضة وتشنج عروق نحره البارزة تعكس مدى غضبه..تعرف جيدًا كيف تُهين رجولته..كيف تدهس كبرياؤه كـ رجل أسفل قدميها..كلماتها سهام ونظراتها طلقات نافذة..ولكن نبرته التي خرجت من بين شفتيه كانت مُهينة ، مُزدرية
-متخافيش أنا مبستعملش الحاجة غير مرة واحدة بس…
عبارة قاسية لم تجرح أنوثتها بل سحقتها سحقًا جعل الغضب بـ عينيها يزداد ويتضخم حتى لونهما تغير من اللون الصافي إلى اللون الداكن من شدة غضبها..وإن كانت كلماتها سهام فـ قد أصابته بـ حرفية شديدة
-ومراتك اللي ماتت كانت برضو إستخدام مرة واحدة!!…
لم ترى تلك القساوة المُنبعثة منه قبلًا..كل يوم تكتشف أن قساوته التي تراها لا تُحتمل هينة لما تراه تلك اللحظة..ثوان وكان يندفع إليها ورفع قبضته..ظنت أنه سيضربها فـ قد تجاوزت حدها وهي تعلم فـ أغمضت عيناها تنتظر تهشم عظام فكها
ولكن إنتفضت وهي تستمع إلى صوت تهشم ولم يكن عظامها بل الزُجاج خلفها..قوة قبضته الحديدية و الخاتمين الفضيين اللذين يرتديهما قد ساعداه على ذلك
تراجعت إلى الخلف وهو يقترب منها بـ عينين ينبعث منهما الجحيم لتخطو فوق الزُجاج المُحطم فـ جُرح باطني قدميها ولكنها كتمت تأوها خوفًا منه..أما هو فـ قد همس بـ نبرةٍ مُميتة أسارت رجفة شنيعة بـ جسدها وكأن روحها تُغادر جسدها
-لو باقية على اللي فاضل من عُمرك..متلعبيش بـ أعصابي تاني لأن شيطاني ساعتها هيكون أسوء مليون مرة من اللي حكولك عنه…
إبتلعت ريقها بـ صعوبة وهي تراه يبتعد بـ خطواتٍ هشمت الزجاج أسفله إلى قطع تتناثر يمينًا و يسارًا
إستعادت أنفاسها بعد مُدة لتحاول بـ شتى الطُرق تفادي قطع الزُجاج وأيضًا ألا تخطو فوق قدميها المُصابتين..حاوطت جسدها جيدًا بـ المنشفة ثم خرجت وإتجهت إلى غُرفتها
جلست فوق الفراش تنظر إلى قدميها اللتين تُقطران دمًا..أخرجت الشظايا وهي تتأوه ألمًا..مدت يدها جوارها لتخُرج صندوقًا صغير يحوي مُعدات طبية
عقمت جراحها ثم ضمدتهما بـ شاشٍ أبيض ثم نهضت تسير فوق أطراف أصابعها حتى وصلت إلى خزانتها..أخرجت ثياب ترتديها ثم صففت خُصلاتها
تمددت فوق الفراش ولكن صوت طرقات جعلها تزفر بـ ضيق وتقول بـ فتور
-أدخل…
دلفت الخادمة وقالت بـ إحترام
-أرسلان باشا بيقولك إنزلي عشان تتغدي…
رفعت حاجبيها بـ إستنكار وغضب لتقول بـ حنق
-قوليله مش هنزل..هو مش شايف رجلي
-أمرك…
إنحنت الخادمة ثم رحلت..هبطت إلى أسفل وإتجهت إلى حيث يجلس أرسلان الذي هدر بـ صوتٍ مُرعب
-هي فين!
-همست الخادمة بـ توتر:مش هتقدر..أصل..أصل رجلها متعورة…
ضرب أرسلان الطاولة بـ عُنف وهدر بـ شراسة
-وأنا قولت تنزل يعني تنزل..إطلعي هاتيها
-حـ..حاضر…
أردفت بها الخادمة بـ إذعان ثم هرولت إلى أعلى..طرقت الباب ودلفت لتقول بـ خوفٍ مُسرعة
-أرسلان باشا عاوزك تنزلي…
هتفتها الخادمة ثم هرولت دون أن تنتظر رد سديم..والتي عضت على شِفاها السُفلى بـ غيظ..تعلم أنه يقصد إيلامها..زفرت بـ حدة رافضة الظهور بـ ذلك الضعف
نهضت تتأوه ثم سارت بـ بُطء حتى خرجت..نظرت إلى درجات السلم بـ عبوس ثم حاولت الهبوط بـ صعوبة حتى تمكنت بـ شق الأنفس
-هفضل مستني سيادتك كتير!
-ردت هي بـ برود:محدش قالك إستنى…
رمقها بـ نظرته السوداء لتبتلع باقي حديثها وتقدمت حتى جلست بـ آخر الطاولة ولكن صوته أمرها
-تعالي هنا…
أشار بـ رأسه إلى جوراه..أغمضت عيناها تكبح غضبها لتنهض بـ بُطء وقد رأت من الحكمة عدم إستفزازه
جلست وشرعت بـ تناول الطعام ولكنها شهقت عندما سكب محتويات طبقه فوق رأسها ثم قذفه أرضًا بـ قوة أرعبتها..دنى منها وهمس بـ شراسة
-متخلصيش رصيدك معايا فاهمة!…
تراجع بـ مقعده حتى سقط وصعد إلى غُرفته..فـ هو لم يدعها إلى الطعام إلا ليُهينها
جلست فوق مقعد أمام طاولة الزينة..مُذ أن علمت بـ قدوم أرسلان حتى بدأت تتزين..إرتدت ثوب أحمر اللون ذو ظهر مفتوح وحمالتيه تتعلق حول عُنقها وفتحة أمامية تمتد على طول صدرها..قصير يصل إلى ما قبل الرُكبة بـ قليل
وشفتيها طلتهما بـ الأحمر الداكن أما عيناها فـ حددتهما بـ الكحل الأسود الثقيل
سمعت صوت الجرس لتنهض مُسرعة فـ على الأغلب قد وصل الطعام الذي أوصت به أحد المطاعم المشهورة
إرتدت مئزرًا طويل حاوطت به جسدها فـ لم يظهر سوى عُنقها..توجهت إلى الباب بعدما جذبت حافظة نقودها
فتحته ثم أخرجت بضع ورقات نقدية لتتساءل دون أن تنظر
-عاوز كام!…
إرتفعت أنظارها مصعوقة وهى تستمع إلى تلك النبرة الخبيثة وهي تقول بـ نعومة
-حبيت أهنيكِ بـ نفسي يا مدام جميلة…
سقطت الحافظة من بين يديها ثم تراجعت بـ خوفٍ هامسة بـ نبرةٍ مُرتعبة
-نزار العبد!!!..