ملكة على عرش الشيطان بقلم اسراء على

الفصل الحادى عشر

وخلاصة التجارب كلها في الحُب
أنك لا تُحب حين تختار ولا تختار حين تُحب…

وأننا مع القضاء والقدر
حين نُولد
وحين نُحب
وحين نموت…

تنفسه بات أكثر حدة من نصل السيف المشحوذ..عضلات جسده المُتشنجة بـ نفور جعلت عروق نحره الزرقاء تبدو أكثر وضوحًا وكأنها تضخ نيران لا دماء

أغمضت عيناها وحاولت أن تتراجع ولكن شهقتها خرجت عندما وجدت يد أرسلان تقبض على معصمها جاذبًا إياها إليه

عيناها برقت بـ لهيب أزرق غاضب لتردف من بين أسنانها وهى تتلوى منه

-إبعد إيدك عني
-بـ نبرتهِ المُخيفة هدر:إخرسي…

تشنجت بـ غضب وأشاحت بـ وجهها بعيدًا عنه..بينما أرسلان إقترب خطوة وهمس من بين أسنانه

-متعجلش بـ حسابك..لأنه تقيل أوي…

إبتسم نزار بـ سُخرية ثم قال وهو يحك ذقنه

-عزت الله يرحمه قبل ما يموت قال “الشيطان ملوش نقطة ضعف”…

نظر إلى سديم نظرةً ذات مغزى ثم قال بـ خُبث

-بس أنا شايف العكس…

عيناه كانتا جحيمًا خالصًا تبث الرهبة بـ القلوب..وقد إعترف نزار أنه الشيطان بـ عينه..لا يُصدق أن ذلك الشاب العابث تحول إلى شيطانٍ مارد..تكفي نظراته التي رأى بها كيف تُسطر نهايته

إنتبه إلى صوت أرسلان الذي صدح بـ هسيس أجوف و قاتم

-بلاش أشوفك فـ وشي قبل ميعادك..إختفي أو حاورني من ورا الستارة لأن نهايتك هتكون أبشع من نهاية اللي سبقوك واللي حصلوهم…

جذب سديم خلفه وهو يبتعد إلا أنه عاد وهمس بـ نبرة شيطانية

-عزت عنده حق..الشيطان ملوش نقطة ضعف..بس مبحبش حد يقرب من لعبي…

أمام نبرته صمت نزار ولكن نظراته كانت مُعلقة بـ سديم..إن كانت لُعبته فـ هو سيكسرها

راقب إبتعادهم بـ إبتسامة خبيثة لا يعلم خباياها إلا الله..وضع يده بـ جيبي بنطاله ثم شق طريقه إلى الخارج


لم تُصدق أنها تسير خلفه مُسيرة لا مُخيرة..نظرت إلى يده المُطبقة على معصمها بـ قوة أحست بـ ألمها الآن لتصرخ بـ غضب مُتألم

-إيدي..سيب إيدي بقى…

ولكنه لم يرد عليها بل سحبها إلى موقف السيارات الخاص بـ المشفى حتى وصلا إلى سيارته ليدفعها إليها بـ قوة فاقت قوة قبضته ثم حاصرها وهو يضرب سقف السيارة بـ غضب هادرًا

-أنتِ غبية..مش معقول دكتورة فـ مكانتك تتصرف بـ غباوة…

إحتقنت عيناها بـ غضب مُتناسية الألم لتصرخ بـ حدة قوية

-وأنت مالك بتتدخل فـ حاجة ملكش فيها ليه؟!..جاي ورايا ليه؟
-وضع يده على شفتيه وهمس بـ هسيس:إخرسي…

همت أن تفتح فمها ولكن يده أطبقت على شفتيها لتتسع عينيها بـ فزع إلا أنه أكمل بـ قسوة

-الـ*** دا لو شوفتيه تاني إياكِ تتكلمي معاه
-أبعدت يده وهدرت:إبعد إيدك دي..وإسمعني كويس..أنا ناضجة بما فيه الكفاية إني أتصرل مع الناس إزاي..وأروح فين ومع مين ودا شُغلي وهو كان عاوز دكتورة عشان بنته…

أجفلها بـ ضحكة مُتهكمة ، قاسية وجافة قبل أن يقترب ويهمس بـ شراسة

-طب إيه رأيك إنه مش متجوز أصلًا!..وإنه كان واخدك لـ…

ترك عبارته مُعلقة ولكن ترك لعينيه حُرية النظر إلى جسدها بـ وقاحة..صرخت تُبعده عنها وقد فهمت ما يرمي إليه إلا أنه لم يتحرك قيد إنملة

لتعود وتصرخ سديم وقد ظهر الخوف والهلع بـ غريزة أُنثى

-خلاص فهمت..بلاش تُبصلي كدا…

علقت عيناه بـ خاصتها في نظرة لن تنساها أبدًا ولكنه إبتعد بـ هدوء جاذبًا إياها من ذراعها ثم توجه إلى الخارج يهتف بـ جمود

-السواق اللي بره هيوصلك لمكان حبيب القلب…

كانا قد وصلا إلى السيارة ليفتح بابها ويُلقيها داخلها..أغلق الباب مرةً أُخرى أما سديم فـ لا تزال مشدوهة مما حدث

تحدث أرسلان مع السائق بـ كلماتٍ مُقتضبة قبل أن ينظر إليها بـ عينيه السوداوين وقد بدا بهما الظلام الدامس..ذلك الظلام الذي يبتلع روحك وجسدك

تحركت السيارة وبقى هو يُطالعها بـ جمود حتى إختفت


صف السيارة أمام بنايةً ما بـ القُرب من المدينة التي يقطن بها..ليترجل بعدها ثم صعد الدرج حتى وصل إلى الطابق الثالث

فتح الباب بـ المِفتاح الخاص به ودلف..ليجد جميلة تُغلق مئزرها وتركض إليه..عانقته ولكنه لم يتحرك قيد إنملة وبقى جامدًا

إبتعدت بعد عدة لحظات وتساءلت بـ قلق حقيقي

-خير يا أرسلان؟..أول مرة تجيلي البيت…

لم يرد عليها بل قذف المفاتيح وجلس فوق الأريكة..مُمددًا لساقيه و ذراعه موضوعة على عينيه والأُخرى بجواره

تنهدت جميلة بـ تعب ثم جلست بـجواره وبقت تتلاعب بـ خصلاته..همست بـرقة

-تحب أحضرلك أكل ولا حاجة!…

بقى على صمته و جموده لا يرد..لوت شدقها بـ قلة حيلة وفضلت الصمت فـ حالته لا تُبشر بـ الخير

تذكرت أول لقاء لهم بـ الملهى الليلي..قبل ستة أعوام..حينها كان قد إنفصل عن خطيبته و أتى إلى ذلك المكان

تذكرت كيف فُتنت بـ ذلك الرجل الغامض والقوي..يبدو عليه العبث و البأس..كيف أحبته ولم تستطع البوح..أغمضت عيناها تُنهي تلك الذكريات

سنوات قاتلة عايشتها معه..بعد هروبه من السجن إليها..كانت مرساه الوحيد ذلك الوقت بعدما أُتهم بـقتل عائلته وتم زجه بـ السجن حاولت زيارته ولكنه إمتنع..حينها عملت أنه يُدبر مكيدة

نظرت إليه فـوجدته ينظر إليها..حاولت الإبتسام ولكنها لم تعرف لتجده يقول بـ جمود

-نزار العبد
-شُفته…

لم يكن سؤال بـ قدر تقديرًا لحالته التي تراها الآن..ربتت على كتفه وقالت بـ هدوء

-سيبك منه دلوقتي..وقولي هتعمل إيه؟!…

لم يرد عليها إطلاقًا ولكنه نهض ثم قال بـ طريقه إلى أحد الغُرف

-أنا داخل أنام..ساعتين وصحيني…


نهض وعلى ثغره إبتسامة مُتعجبة وهو يراها تقتحم غُرفة مكتبه ولم يعلم كم بذلت مجهود لتُخفي عليه ما حدث مُنذ قليل

توجه إليها يُصافح يدها مُتساءلًا

-إيه المُفاجأة دي
-إبتسمت بـ شقاوة قائلة:يا ترى حلوة ولا وحشة؟!
-ضحك ثم قال وهو يغمزها:حلوة وبـ عيون زرقا
-يا راااجل؟…

ضحكت ثم توجهت إلى الأريكة وجلست ليجاورها قائلًا

-تعرفي إني كنت بفكر فيكِ؟
-ردت بـ مرح:إيه شُغل الأبيض وأسود دا!!
-ضحك قُصي بـ رزانة وقال:لا بجد والله..كنت بفكر فيكِ وبقول إمتى نكتب كتابنا…

حمحمت سديم ثم قالت وهى تتفحص الغُرفة

-حلو المكتب
-رد بـ شقاوة:زي صاحبه…

نظرت إليه رافعة أحد حاجبيها ثم قالت وهى تتجه إلى الشُرفة

-متاخدش مقلب كبير فـ نفسك..”دا أنت قمر يخربيتك”…

همستها بـ داخلها..جاورها قُصي مُستندًا إلى سور الشُرفة

-مش مقلب يا سديم أد ما هو ثقة
-تساءلت وهى تتلاعب بـ خُصلاتها:من حيث إيه؟!…

إقترب خطوة ثم تشدق وهو ينظر أمامه يتأمل مشهد غروب الشمس

-ثقة إني راجل وسيم وأي بنت حتى لو مش بتحبني هتوافق تتجوزني..زيك…

إبتسمت بـ إستنكار ولكنها تحدثت بـ عقلانية وتروٍ

-مفيش بنت بتتخطب لواحد عشان شكله..البنت بترتبط بـ راجل..راجل بـ معنى الكلمة..شهم وجدع..يقدر يحافظ عليها وعلى عهده ليها..يقدر يكون الزوج والسند والأخ والحبيب والأب..يقدر يحتويها ويصونها فـغيابها أكتر من وجودها..يعرف إنه لو حبها مش هيحب بعدها ولا حبه يخلص فـ يوم من الأيام…

أنهت حديثها ونظرت إليه بـ إبتسامة أقل ما يُقال أنها رائعة فـ أسرت عيناه..ثم أكملت بـ نبرتها الرقيقة

-وأنا بشوفك كدا يا قُصي..واثقة إنك راجل وهتصوني حتى لو إتجوزتني بـ غرض شهم..واثقة إنك هتكون سند..سند أقدر أعتمد عليه طول حياتي..رغم معرفتنا القُصيرة بس أنت شفاف أوي…

لمعت عيناه السوداوين بـ بريق لامع وخطير..إبتسامة رجولية ، جذابة و مُهلكة إرتسمت على شفتيه قبل أن يتكئ بـ ذراعه فوق السور وقبضته أسفل وجنته..ونظراته تُطالعها بـ شغف ثم هتف بـ نبرتهِ الرجولية العميقة

-عارفة نفسي فـ إية!
-تساءلت وهي تنظر إليه بـ دورها:إيه؟
-همس بـ نفس نبرتهِ العميقة:إني أحضنكِ
-عضت على شفتيها بـ خجل وتساءلت:وإيه اللي مانعك؟
-مستني تكوني حلالي…

قالها وهو يُعمق نظرته بـ قدر عُمق نبرته ليقترب منها خطوة قبل أن يعود ويتحدث ولكن هذه المرة بـ مكر

-أحسنلك متقعديش معايا لوحدك مرة تانية
-شهقت وتلعثمت قائلة:على فكرة أنت مش محترم
-قهقه مازحًا:أنتِ اللي دماغك شمال
-زمت شفتيها بـ غضب قائلة:أنت اللي كلامك مُغري
-رفع حاجبه وقال:ليه بقول كلام قالع!
-بعفوية أردفت:لأ أنت اللي قالع يا بو فوطة على الوسط…

هذه المرة إرتفع حاجبيه مع إتساع عينيه بـ دهشة مما قال..أما هي فـ توردت وجنتيها بـ حُمرة خجل هامسة لنفسها

-غبية..دكتورة وغبية…

وضع قُصي يديه بـ جيبي بنطاله وقال بـ عبث

-أبو فوطة على الوسط ها!!…

ضمت شفتيها مُغمضة لعينيها بـ خجل..ليضحك قُصي ثم أمسك يدها يجذبها خلفه ليقول بـ إبتسامة ساحرة

-طب تعالي أروحك يا سديم..عشان الفوطة متقعش…

أنا عارفة إن الفصل قصير بس زي ما أنتوا عارفين أنا بمتحن ومكنش ينفع أعتذر وإن شاء الله بكرة على معادنا

error: