ملكة على عرش الشيطان بقلم اسراء على

الفصل العاشر

من يُريد القمر لا يتجنب الليل
من يرغب في الورد لا يخشى أشواكه
ومن يسعى إلى الحُب لا يهرب من ذاته…

إبتعدت عدة خطوات إلى الخلف حتى إعترض طريقها الفراش فـ سقطت عليه

شهقت بـ فزع وكادت أن تفلت من بين شفتيها صرخة إلا أن يده القوية كممت فمها..كانت إحدى رُكبتيه موضوعة فوق الفراش والأُخرى أعلى الأرضية الرُخامية..يد موضوعة بـ جانب رأسها والأُخرى فوق فمها

إبتسم إبتسامته التي تكرهها قبل أن يدنو حتى لفحت أنفاسه الهادرة بشرتها بل جعلت خُصلاتها تتطاير ثم أردف بـ تلاعب

-بلاش تتحديني..عشان أنا بيغويني التحدي…

مَلس على خُصلاتها ثم نظر إلى صدرها الذي يعلو ويهبط بسرعة قاسية..ليعود وينظر إلى عينيها المُتسعتين بـ رهبة..دنى بعدها ليهمس بـ القُرب من أُذنها بـ خُبثٍ

-وأنا الإغواء مينفعش يكون إلا والشيطان تالتنا…

إبتعد عنها بـ بُطء ثم وضع يديه بـ جيبي بنطاله ورحل بـ هدوء مُثير للأعصاب

ظلت على وضعها الحالي دون حراك لا تزال تحت تأثير الصدمة..الوقح يتعدى معها جميع الخطوط الحمراء..يقتحم أسوار ثقتها الواهية ليدمرها فوق رأسها..يقتلع أمانها ويزرع مكانه خوفًا لا مثيل له..وإقتحامه لغرفتها بـ بيتها وسط عائلتها و قُصي كان الدليل الأكثر قسوة و خُبثًا أنه يستطيع أن يصل إليها أينما كانت وكيفما أراد


بعدما إبتعد الحشد عنه نظر إلى مكان أرسلان فـ لم يجده..بهت لون بشرته ثم شق الجموع ليذهب إلى غُرفتها ولكنه توقف بـ أنفاسٍ هادرة وهو يلمح أخيه يمر أمامه يبتسم بـ شيطانية ولا مُبالاة ثم رحل

تبعه قُصي وهو يُزمجر بـ غضب حتى لحقه أسفل البناية..وجده يتكئ على سيارته مُبتسم الثغر ثم أردف بـ سُخرية

-سايب خطيبتك ليه يا عريس!…

تحولت عينا قُصي إلى لهيب أزرق شيطاني قبل أن يدنو إليه بشرعة البرق قابضًا على تلابيبه وهدر بـ غضب أسود

-أنت مفكر نفسك هتمشي من هنا حي وأنت دخلت أوضة مراتي
-رفع أرسلان حاجبيه بـ دهشة مُصطنعة وهتف:مراتك!..اللي أعرفه إنها كانت خطوبة بس..مراتي دي أنا اللي أقولها لأنها هتكون ملكي أنا
-هزه قُصي بـ عُنف صارخًا:دا أنا أقتلك قبل ما تفكر تُحط إيدك عليها..مش كفاية اللي عملته فيا قبل كدا!..مش كفاية سرقتها مني قبل كدا…

رفع أرسلان كتفيه بـ بساطة ثم أردف بـ نبرةٍ ذات مغزى

-هي اللي كانت شمال..لو كانت بتحبك مكنتش مالت ليا..مكنتش من كلمة بقت فـ سريري..يظهر إنك مكنتش مالي عينيها
-أنت **** بني آدم ممكن أشوفه..أنا قرفان إنك أخويا…

ثم لكمه بـ قوة جعلت أرسلان يعود إلى الخلف خطوتين..وقبل أن يوجه قُصي الثانية أمسك يده ونظر إلى عينه ثم هدر وقد بدأ الغضي يتملكه

-أنا مش *** زي ما بتقول..لو كنت كدا كُنت سبتك ميت فـ اليوم دا..أنت عمرك ما فكرت تُحط الغلط عليها مع إنها هي اللي غلطت..بس عشان أنا إبن جوز أُمك اللي هي أُمي كارهني…

لم يرد عليه قُصي ليُكمل أرسلان حديثه بـ نبرتهِ القوية

-أنا ملمستهاش..هي اللي كانت فـ سريري..لولا إتصالي مكنتش عرفت..وبصراحة أنا كنت ناوي ألمس واحدة عرضت نفسها بـ الرخيص بس أنا عمري ما أكون خاين..حتى ولو أنت
-أردف قُصي بـ جفاء و قسوة:أنت مش خاين..أنت قاتل..أنت اللي قتلتهم..دمهم ذنبك أنت…

توحشت عيناه بـ قوة بالغة حتى بدت كـ أنياب ثعلب على وشك الإفتراس..تصلبت عضلات جسده كلها وبات كـ قطعة حجرية صلبة..ولكنه فجأة لكم قُصي الذي تراجع إلى الخلف ليجأر أرسلان بـ صوتهِ المُرعب

-زي ما هو ذنبي فـ هو ذنبك..مفكر إنك لما تتجوز واحدة عشان تحميها مني يبقى كدا كفرت عن ذنبك!..هاااا؟!….

زعق بـ الأخيرة وهو يقترب من قُصي الذي رفع قبضته ولكم معدة أخيه..مال أرسلان إلى الأمام ولكنه إعتدل سريعًا ليتفادى قبضة الأول

مسح خيط الدماء المُنسل من زاوية فمه ثم قال بـ إتهام

-فاكر لما جيتلك وقولتلك اللي مؤمن قاله!..قولتلك فيه لعبة قذرة بتتلعب علينا كُلنا مش بس الشعب الغلبان دا..قولتلك هنتأذى وأنا وأنت أول ناس..فاكر ولا تحب أفكرك!!…

أردف بـ الأخيرة وهو يُشير إلى رأسه..ثم أكمل وهو يشد خُصلاته بـ غضب

-قولتلي مليش دعوة..ملناش دعوة..مش هنحط نفسنا فـخطر..اللي يحصل يحصل..عارف لو كنت إتصرفت…

ضرب على جانبي ساقيه وهدر بـ إحباط وإستسلام

-مكنش أمنا إدبحت..مكنتش أختنا اللي مكملتش عشر سنين حتة *** إغتصبها..مكنش قتلوا أبويا بـ رصاصة فـ دماغه..مكنش نهوا حياتي وحياة عيلة كاملة فـ لحظات…

نزع أرسلان سُترته ثم قميصه وإستدار ليظهر ذلك الحرق بـ ظهره فـ أغمض قُصي عيناه عن بشاعة المشهد..ليعود ويستدير إليه ثم أكمل

-مكنش الحرق دا بقى فـضهري لما رجعت وجبتك من وسط النار يا حضرة الظابط..مكنش حياتي إنتهت وهما بيتهموني إني قتلت عيلتي وحرقتها لأ وإغتصبت أُختي..مكنش فـ ساعة غضب أثبت إني فعلًا قتلتهم…

إقترب أرسلان منه ولكزه بـ قوة بـ صدره ثم هدر بـ شراسة

-حملتني ذنب موتهم..مع إن نص الذنب أنت شايله بس مش راضي تعترف..كلمة منك لناس نضيفة كان خلص الموضوع..لكن إزاي حضرة الظابط بيغلط..أنت كمان السبب فـ موتهم..كارهني عشان أمي رجعت لأبويا بعد موت أبوك..وكرهتني أكتر لما حطيت الذنب عليا..أنت كمان السبب…

لم يتحمل قُصي أكثر ليلكم أرسلان بقوة جبارة أطرحته أرضًا فـ سقط وجُرِحَ جانب حاجبه ثم صرخ بـ قهر

-كفاية..كفاية كلام عن ذنبك..أنت اللي وصلتنا لكدا..أنت اللي عملت فيها وطني مع إنك *** وفاسد وأنت عارف..جاي تقولي إني مشارك فـ الذنب!…

نهض أرسلان وبـ غضب لكم الآخر حتى جُرحت شِفاه السُفلى..وبقى واقفًا أمامه يتنفس بـ غضب..وحاجبه ينزف الدماء

و قُصي يعتدل بـ وقفته وينظر إلى عينيه بـ قسوة..الغضب يعتريه وهو يرى من يكرهه يواجهه بـ ذنبهِ الذي حاول قسرًا أن ينساه..كور قبضته حتى برزت عروقه

زفر أرسلان بقوة ثم جذب ثيابه وإرتدى قميصه قبل أن يقول بـ جمود صخري

-خسارة معاك الكلام..وخسارة فيك الدم اللي نزفته..وألف خسارة على تشوه مش هيروح بسببك..خُسارة فيك حتى الكُره يا..هه أخويا…

أردف الأخيرة بـ سُخرية قبل أن يستدير ويصعد سيارته صافقًا بابها بـ عُنف وبـ عُنف أكبر أدار المُحرك حتى أصدر صوت إحتكاك عنيف قبل أن تتحرك السيارة مُبتعدة بسرعة البرق


بعد وقتٍ طويل جلست سديم فوق فراشها تستعيد أنفاسها المسلوبة..ثوان و سمعت صوت طرقات يبتعها دخول سُمية التي تساءلت بـ توجس

-أنتِ كويسة يا ست سديم!..الشيطان غار فـ داهية…

أومأت سديم بـ ضعف لتربت سُمية فوق ظهرها بـ شفقة قبل أن تقول بـ تعاطف

-أنا عارفة إنه صعب بس الأستاذ مُحرم بيسأل عليكِ بره وبيقول أشوفك إتأخرتي ليه
-فركت سديم عُنقها بـ تعب وقالت:طيب روحي يا سُمية وأنا خمس دقايق وهلحقك…

أومأت بـ رأسها لتعود وتربت على ظهرها ثم رحلت وبقت سديم تُفكر..وعوده يفي بها ولا يردعه رادع..أصبحت تخشاه بـ قوة أكثر من ذي قبل

حكت عُنقها مرةً أُخرى ثم همست بـ رجاء

-يارب أخلص بقى على خير…

أخذ قُصي عدة لحظات حتى إستعاد رابطة جأشه لينظر إلى أعلى ناحية شُرفة غُرفتها..ليتذكر سديم فـ همس بـ قلق

-سديم!!…

تحرك سريعًا إلى غُرفتها بعدما إنتهى الصدام الكارثي بينه وبين أخيه أرسلان والذي نتج عنه شجارًا حاد أسفر عن إصابة كِلا الطرفين

طرق الباب بـ قوة ثم دلف دون إستئذان ليجدها جالسة فوق طرف الفراش تنظر إلى الأرض بـ شرود ولكنها إنتفضت عند دلوفه الغُرفة

وقبل أن يتحدث كانت تندفع إليه بـ خُطىٍ مُتعثرة حتى وصلت إليه واضعة يدها على طرف شفاه النازفة لتتساءل بـ هلع

-إيه اللي حصل!…

أمسك يدها مُبعدًا إياها عن شفتيه ثم تساءل بـ جمود

-عملك حاجة!
-حركت رأسها نافية ثم قالت:لأ..بس هو أخوك فعلًا!
-بـ قسوة نافذة تتلمسها منه لأول مرة:للأسف…

بـ الرغم تأكيد أرسلان للمعلومة إلا أن تأكيدها منه جعلتها تُصدق أن الأول لم يمزح

تنهدت ثم عادت تضع إبهامها لتُزيل الدماء لتهمس وهى تنظر إلى الجرح

-إتخانقتوا ليه؟
-هدر بـ جنون:لما يدخل أوضتك يا سديم ويكلمك وأنتِ بقيتي خطيبتي مُتخيلة إني أعمل إيه؟!…

إبتسمت بـ أكثر الأوقات غباءًا لتتساءل بـ عفوية وبراءة

-بتغير عليا!
-رفع حاجبه ثم صرخ بـ غضب:وحياة أُمك!…

ضمت شفتيها بـ عبوس زائف وصمتت أمام هجومه..وضع قُصي يده بـ خُصلاتهِ غاضبًا ، أسِفًا لتلك الليلة المُميزة والتي ستذهب أدراج الرياح

أمسك يدها الموضوعة فوق شِفاه ثم قربها ولثمها بـ رقة هامسًا

-أسف…

رغم خجلها وسعادتها لتلك الحركة الرائعة إلا أنها غمغمت بـ ضيق

-مكنش لازم تزعق
-عاد يُقبل كفها وهمس بـ عذوبة:حقك عليا..بس دا سؤال يتسأل فـ الوقت دا!
-ردت بـ إستسلام:تؤ…

إقترب خطوة ثم أردف بـ مُشاكسة وهو ينظر بـ عُمقٍ إلى عينيها الساحرتين

-ولما هو تؤ!..بتستفزيني ليه؟…

لوت شدقها بـ عبوس ولم ترد..ليرفع يدها ويُقبل باطن يدها اليُمنى تحديدًا فوق حلقتها الذهبية وقال بـ نبرةٍ رجولية خالصة

-مفيش راجل مبيغرش..خصوصًا لما تكون خطيبته حلوة وبـ عيون زرقا
-يعني أنت بـ تغير؟!…

إقترب أكثر حتى وصل إلى أُذنها وهمس بـ نبرةٍ صادقة

-فوق ما تتخيلي..من قبل حتى أما تكوني ليا..من ساعة أما شوفتك وأنا عارف إنك هتغلبطي حالي..هدخل دوامة ومش هخرج منها سليم…

تنحنحت سديم وهى تبتعد عنه ثم أردفت بـ تلعثم

-على فكرة..بابا..بعت سُمية..عشان متأخرش
-إبتسم قُصي من زاوية فمه وأردف:إهربي يا سديم..بس المرة الجاية مش هتهربي..وعلى فكرة…

غمزها بـ يُسراه قبل أن يرحل

-مش ناوي أسيبك..أنتِ خلاص وقعتي حق ملكيتي ليكِ..وأنا مش ناوي أتخلى عن ملكيتي…

إتسعت عيناها بـ قوة غيرُ واعية لما أردف به مُنذُ لحظات..خرج وتركها تبتسم بـ خجل هامسة

-هيعلقني بيه ويخليني أحبه…


قاد سيارته بـ غضب حتى وصل إلى جميلة..بعد عدة ساعات وصل وأخيرًا..ترجل من سيارته دون أن يأبه بـ غلقها

توجه إلى الداخل باحثًا عنها ولكنه لم يجدها..خرجت من بين شفتيه سبة نابية قبل أن يتجه إلى غُرفته

جلس فوق الفراش يتنفس بـ قوة وصوت أنفاسه يتردد صداه بـ جميع أنحاء الغُرفة

بعد عدة دقائق دلفت جميلة لتشهق بـ فزع وهى تراه جالسًا أمامها بـ هيئته الرثة وعيناه المُظلمة بـ درجة كبيرة

ولكنها توجهت إليه سريعًا تتفحص جراحه ثم همست بـ جزع وعي تضع يدها فوق شِفاه النازفة

-إيه اللي عمل فيك كدا!…

أبعد وجهه بـ قسوة عنها ثم نهض ليُمسك ذراعيها هادرًا بـ غضب أعمى

-بيحط الذنب كله عليا..بعد السنين دي لسه مفكر نفسه برئ من دمهم…

تفهمت جميلة عمن يتحدث رغم خوفها ورُعبها منه إلا أنها وضعت يديها على وجنتيه وتشدقت بـ حنو

-طب إهدى يا أرسلان..إهدى وكل حاجة هتتحل
-ولكنه زمجر:مفيش حاجة هتتحل..الدم والإنتقام بقوا حياتي..مش هسيب حد منهم عايش…

وإبتعد عنها يُحطم ما تطاله يداه..حتى نزفت بعدما هشم الُزجاج بـ قبضته..شهقت سُمية بـ خوف ولكنها توجهت إليه وسط حُطام الغُرفة حتى وصلت إليه جاذبًا إياه إليها

ضمته قسرًا إلى أحضانها غيرُ عابئة بـ مئزرها المفتوح أو عضلات صدره التي تطحن جسدها..فقط هو بـ أحضانها كـ قط مُطيع ليس ذلك الأسد الذي كان عليه مُنذ قليل

ملست فوق خُصلاته وهمست بـ صوتها الرقيق ذو البحة الأنثوية

-هششش..اللي أذى يتأذي..واللي قتل يتقتل..أنت صح..خُد حقك بـ إيدك طالما كدا كدا محملينك الذنب..هما يستاهلوا…

إستطاعت كلماتها أن تتخل روحه المُعذبة ليسكن وتهدأ أنفاسه..بل تعلق بها وعانقها بـ قوة حتى كادت أن تتهشم أضلعها

إبتعد عنه بعد عدة لحظات ثم جذبته إلى الفراش..وضعته عليه ثم دفعته حتى إستلقى

ذهبت وعادت بعد عدة لحظات وقامت بـ تطهير جراحه وتضميدها..بعدما إنتهت وجدته قد غطَ في سُباتٍ عميق

تنهدت بـ يأس لتتخلل أصابعها خُصلاته..رغم ذلك الجرح العميق الذي سببه آخر مرة ولكن قلبها اللعين لا يستطيع مُعاقبته..حالته تلك جعلتها تنسى كل شئ عداه هو..عندما شاهدت الأخبار ذلك اليوم الذي أعلن عن وفاة عزت الدمنهوري بل مقتله في ظروفٍ غامضة..علمت أنه قتله تعلم أيضًا كم هذا الشخص الأكثر بُغضًا إلى قلبه..تعلم فعلته النكراء ولم تشفق عليه أو ما ناله أبدًا..بل أرادت أن يُعذبه أكثر

نهضت لتضع الغطاء فوق جسده لبرودة الطقس..ثم إنحنت وبدأت بـ تنظيف الغُرفة ولكنها سمعت صوت همسه وتحركه العنيف

إستدارت لتجده يتصارع ويُتمتم بـ حديثٍ غيرِ مفهوم..لتترك ما بيدها و ربتت فوق خُصلاته هامسة

-أرسلان!..إصحى دا كابوس..أرسلان!!
-سمعت تمتمته:هقتلهم…

تنهدت وراحت تُهدهده كـ طفلٍ صغير وتمتمت بـ كلماتٍ هامسة بـ أُذنهِ حتى توقف عن حركته وتمتمته وعاد يغط بـ سُباتٍ عميق

إنحنت تُقبل جبهته ثم همست وهى تمسح وجنته المُتعرقة

-نام يا حبيبي..نام وإرتاح…


بعد يومان

ها هي تعود مع قُصي إلى تلك المدينة مرةً أُخرى..غادرها ذهنها لما حدث معها وحديثها مع أرسلان..تعلم أنه سيفعل أي شئ لتأتي إليه وهي أبدًا لن تنتحني

إستدارت عندما حادثها قُصي

-هتروحي على طول مش كدا!
-نفت قائلة:لأ..هروح المستشفى..ورايا شُغل كتير
-طيب هاجي أخدك لما تخلصي..تمام؟!…

أومأت مُبتسمة وهى تراه يقوم بـ واجباته كـ خطيبها المُهتم..إستدارت بـ نصفها العلوي وقالت بـ جدية

-على فكرة سليم زميلي كلمني وقالي إجراءات النقل هتتعدل وخلاص هرجع
-رفع قُصي حاجبه وتساءل بـ خطورة:حصل إيه!
-عقدت حاجبيها وقالت:سليم زميلي كلمني…

قاطعها هادرًا بـ غضب أفزعها

-كلمك إزاي يعني!..إزاي أصلًا تكلميه من غير أما تعرفيني!!
-همست بـ غرابة:وإيه يعني لما يكلمني؟!…

صف قُصي السيارة وإستدار إليها ثم هدر وقد أحس أنه يفقد هدوءه

-وإيه يعني؟!..بصي يا سديم من الأول كدا عشان نبقى فاهمين..مفيش كلام مع رجالة نهائي سامعاني؟…

رفعت حاجبها الأيسر ثم قالت وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها

-ودا حُكم قراقوش إن شاء الله!..شغلي بيحكمني إني أتكلم مع رجالة وستات
-كور يده وهمس:اللهم طولك يا روح…

تنفس بـ قوة حتى هدأ نفسه وسديم تُتابعه بـ جمود حتى أردف بـ لين

-سديم قولتلك أنا بغير..وأنا وِحش جدًا فـ غيرتي..أنتِ بقيتي خطيبتي وإن شاء الله قريب مراتي..ولو مغيرتش عليكِ مبقاش راجل..نص الرجولة غيرة على أهل بيته واللي بيحبهم
-إبتسمت بـ خجل وقالت:يعني دي غيرة؟!…

أومأ بـ إبتسامة لتعود وتُكشر عن أنيابها هادرة بـ غضب

-يعني مش زعلان إني همشي كمان شهر!…

إرتفع حاجبيه بـ دهشة ثم ضرب كفًا بـ آخر قبل أن يعود ويُدير المُحرك قائلًا بـ نفاذ صبر

-صحيح ستات نكدية…


كانت قد وصلت إلى المشفى..وعدت قُصي بـ غضب طفولي ثم صعدت إلى غُرفة مكتبها..فتحت الباب لتشهق بـ فزع وهى ترى رجلاٌ ما يجلس أمام مكتبها

كانت خُصلاته سوداء يتخللها خُصلات ذات لون نُحاسي..عينان بُنيتان لامعتان كـ عيني ذئب..وجه مُستدير وبشرة قمحية

يرتدي حُلة مُنمقة وعيناه تتفحصها بـ لا هوادة لتُحمحم بـ غضب قائلة

-أفندم؟!…

نهض عن جلسته ليُغلق زر حلته ثم تقدم منها وتشدق بـ إبتسامة

-آسف لو كنت أزعجتك يا دكتورة سديم..بس أنا مضطر
-إرتبكت وتراجعت ثم أردفت بـ تحفظ:خير..وحضرتك مين الأول!…

مدّ يده إليها ثم قال وهو ينظر إلى عينيها بـ قوة جعلتها تهتز

-نزار العبد..صاحب شركات العبد للإستيراد والتصدير..أكيد عرفتيني
-أجابت بـ سخرية:حضرتك غني عن التعريف..بس مفهمتش سبب الزيارة إيه؟!
-بنتي تعبانة جدًا..حرارتها مبتنزلش وبتكح..وكمان بتقول إنها بتحس إن راسها تقيلة وعاوزة تنام على طول
-تساءلت بـ إهتمام:بنت حضرتك عندها كام سنة!
-تسعة…

أومأت بـ تفهم ثم قالت وهي تتجه إلى مكتبها

-هبعت معاك مُمرضة وهي هتقوم بـ الازم
-بس أنا عاوزك أنتِ…

رفعت رأسها إليه سريعًا ليعود ويقول بـ إبتسامة صفراء

-قصدي يعني..إني عملت كدا وهي أصلًا مش قابلة أي مُمرضة
-تنهدت سديم وقالت:طيب تمام..أنا هاجي مع حضرتك ومعايا المُمرضة…

شددت على كلمة مُمرضة ليبتسم هو من زاوية فمه..على الرغم أنها لم ترتح لهذا الشخص المُريب ولكن وجود مُمرضة معها سيوفر بعض الآمان..كما أنها ستُخبر قُصي بـ وجهتها

إلتقطت حقيبتها ثم أردفت وهى تتقدم دون أن تعي لنظراته لها

-إتفضل…

كادت أن تخرج ولكنها تراجعت عندما وجدت يد تضرب إطار الباب بـ كفه يمنعها الرحيل ثم قال وهو ينظر إلى نزار

-مش هتروحي لمكان..معاه…

وضعت يدها فوق قلبها..وتراجعت..نظراته المُخيفة كانت تبث بها الرعب..نظراته بـ تلك اللحظة ذكرتها بـ تلك التي رأتها ذلك اليوم عندما إقتحم المبنى وحملها

إزدردت ريقها بـ خوف مُغمضة لعينيها..سمعت صوته القاسي يهدر وكأنه يُدين من خلفها بـ إتهام

-نزار العبد…

أما نزار فـ إبتسم إبتسامى غامضة قبل أن يتقدم حتى وقف أمام أرسلان وهتف بـ خُبث

-أرسلان الهامشي!..عاش من شافك يا باشا…

ربت فوق كتف أرسلان ثم أكمل بـ نبرةٍ ذات مغزى

-مشوفتكش من أيام لما كنت فـ السجن…

error: