ملكة على عرش الشيطان بقلم اسراء على

الفصل الثانى والثلاثون

وهل كُتبت الحياة لأمثالي يومًا؟!…

-قولتلك بسببك بنتي هضيع…

هدر بها مُحرم وهو يضرب على ذراع مقعدهِ المُتحرك وبجواره سُمية الباكية تربت على يده بـ مُؤازة ليُكمل وهو يرى أرسلان يجلس فوق الأريكة واضعًا رأسه بـين كفيه

-قولتلها مش هيجي من وراك خير واللي بيقتل عدوه بيقتل حبيبه..وأديك قتلتها…

حينها لم يتحمل أرسلان لينهض بـ غضب راكلًا الطاولة الصغيرة بـ ساقهِ ليسقط ما عليها ثم هدر بـ صوتٍ دوى كـ الرعد

-كفاية..مش عاوز أسمع حرف زيادة
-وصرخ مُحرم بـ المُقابل:مش عاوز تسمع ليه!..مش حياتك دي هي اللي نهت حياة بنتي
-صر أرسلان على أسنانهِ ثم همس بـ فحيح:كلمة كمان وهنسى أنت مين…

أخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم أجرى إتصالًا ما ليأتيه الرد بعد بضع ثوان فـ هدر بـ صوتٍ آمر ونبرةٍ قاتلة

-متسبوش حتة فـ الإسماعيلية مدورش فيها..إقلبوها بيت بيت وشارع شارع..وفـ ظرف ساعتين أسمع إنكم لاقيتوها…

أغلق هاتفه ثم سحب سُترته وقبل أن يرحل دنى من مُحرم وهمس بـ جفاء صلب

-سديم هترجع حتى لو موتي هو تمن حياتها…

ثم خرج وصفع الباب خلفه بـ قوة..لتجثو سُمية أمام ساقيهِ هامسة بـ نشيج

-هترجع والله هترجع..بس أنت ثق فيه يا سي مُحرم
-رد مُحرم بـ صوتٍ ميت:أثق فـ قاتل يا سُمية!..أثق فـ واحد حاطط حياة بنتي على كف عفريت!
-تنهد سُمية ثم قالت وهي تُزيل عبراتها:والله قلبي بيقولي هترجع..حتى ممكن نكلم البوليس آآ…

قاطعها مُحرم وكأن الفكرة أضاءت بـ عقلهِ ليقول بـ لهفة

-قُصي!..مفيش غيره…

نظر إلى سُمية التي تنظر إليه بـ غرابة ثم قال وهو يُشير إلى هاتفهِ

-الموبايل..هاتيه يا سُمية أكلم قُصي..هو اللي هيرجع بنتي…

أومأت سريعًا ثم نهضت لتجلب هاتفه الخلوي وأعطته إياه..تناوله منها وأجرى إتصال بـ قُصي

-قُصي يا بني إلحق سديم!!!…

*************************************

كانت تتحرك بلا هوادة وهي مُقيدة بـ ذلك المقعد الحديدي القديم..وتصرخ بـ لا إنقطاع

-حد يساعدني!!..أرسلاااااان..باباااا…

إلتفت إليها الحارس المُكلف بـ حراستها يُزمجر بـ غضب لإنزعاجه من صوتها الذي يخترق أُذنيه

-ما تبس يا بت أنتِ..أنتِ فـ حتة مقطوعة ومحدش هيسمعك فـ متصدعيناش
-حركت رأسها بـ جميع الإتجاهات وقالت بـ عصبية:حيوان وقذر..مين اللي خطفني وخطفني ليه؟!…

إستدار عنها الحارس وقرر تجاهلها إلا أنها لم تصمت..بل بدأت بـ البُكاء و قد فقدت رباطة جأشها..لم تتخيل أنها وعلى بُعد خطوات منه يتم إختطافها

مُنذ ما يقرب ثلاث ساعات وهي مُقيدة بـ ذلك المقعد معصوبة العينين..بكت بـ حُرقة وهي تُهمهم بـ حُزن وخوف

-أرسلاااان..حد يساعدني..مش هقدر…

صرخت بـ ألم عندما قبض الحارس على فكها وهدر بـ شراسة وهو يزداد بـ ضغطه لعظام وجهها

-قسمًا بالله لو ما سكتي لكون مفجر دماغك..بلاش صداع…

ضمت شفتيها تكتم صوت بُكاءها وداخلها تهمس بـ تضرع

-أرسلان!!!…

دفع بـ وجهها بـ قوة بعيدًا لتكتم تأوة كاد أن ينفلت من بين شفتيها..إبتعد هو عنها وعاد يقف مكانه

وبـ الأسفل

أحدهم يترجل من السيارة ثم يخطو إلى داخل ذلك المبنى النائي والقديم..خطوات ذات لحن رتيب وصوت صفير مُزعج ولكنه يبدو أنه يعجب مُلحنه

وقف أمام الحارس الذي أغلق زر سُترته ثم وقف بـ إحترام..ليتساءل الأول بـ صوتٍ غريب

-جوه!
-ومتكتفة زي ما أمرت يا باشا…

إبتسم وهو يربت على كتفهِ ثم دلف..كانت سديم لا تزال تبكي بـ قوة ولكنها صمتت وهى تستمع إلى صوت خطوات أسرت القُشعريرة بـ جسدها كله

توقفت الخطوات أمامها مُباشرةً و أنفاس كريهة تلفح وجهها فـ تُصيبها بـ النفور..أُزيلت العُصبة عن عينيها

رفت بـ عينيها عدة مرات حتى إستطاعت فتحها ثم رفعت رأسها إلى ذلك الوجه الذي يعلوها..وما أن أبصرت الوجه حتى إتسعت عيناها بـ قوة وإرتجفت شفتيها وهي تهمس بـ عدم تصديق

-نزار!!!…

************************************

كان يقود السيارة بسرعة تُسابق الرياح حتى صدح صوت هاتفه فـ إلتقطه دون أن يرى اسم المُتصل ليأتيه صوت قُصي الجهوري

-حصل إيه لسديم !!…

أغمض أرسلان عيناه بـ نفاذ صبر ليردف بـ جمود عكس ملامحه المُظلمة بـ شراسة

-هي مش نقصاك يا حضرة الظابط…

ضرب قُصي المقوّد بـ غضب وهو يقود سيارته فما أن هاتفه مُحرم حتى إنطلق من فورهِ إلى الإسماعيلية ثم صرخ بـ صوتٍ إهتزت له نوافذ السيارة

-هي دي الأمانة!..إيه اللي حصل ومين اللي خطفها!
-معرفش
-عاد قُصي يصرخ بـ غضب:يعني إيه متعرفش!..وإزاي تتخطف من بيت أبوها!…

لم يرد أرسلان بل بقى صامتًا ولكن ملامحه وعيناه تدل أن القيامة ستقوم..سواد عينيه وإشتعالها كانا كـ جمرتين من الجحيم..حينما قرر أنه سيعود إليها وليكن ما يكن عاد ماضيه يمنعه و بـ قوة وكأن اللعنة تأبى تركه

عاد صوت قُصي يصدح ولكن هذه المرة خرج بـ تنهيدة طويلة

-أنا فـطريقي لـ الإسماعيلية..متعملش أي حاجة من غيري يا أرسلان فاهم!..حياة سديم على المحك دلوقتي
-أجابه أرسلان بـ صوتٍ خرج كـ الهسيس:ملوش لزوم يا حضرة الظابط..مراتي هعرف أرجعها…

ولم ينتظر رده بل أغلق الهاتف وقذفه بـ إهمال جواره..قبض بـ يديه على المقوّد بـ قوة جبارة حتى إبيضت مفاصله..يبدو أنه لن يتخلى عن لقب الشيطان الآن

كان يبحث بـ المناطق النائية حتى أتاه إتصال من رقمٍ مجهول..فـ أوقف السيارة وإلتقط هاتفه..كانت عيناه تُحدق بـ ذلك الرقم بـ ذات نظراته المُرعبة ثم قرر الإجابة

-ياااه وحشك صوتي مش كدا يا شيطان؟!…

إلتوى فك أرسلان بـ شراسة وقبض على هاتفهِ بـ قوة كادت أن تؤدي إلى تهشمه وإستمع إلى باقي حديث نزار

-أكيد كان عندك إحساس إني مامتش..محسوبك قُطة بـ سبع أرواح
-همس أرسلان بـ توعد ونبرة قاتلة:المرادي هتأكد إني وديتك جهنم بـ إيدي…

وصله صوت ضحكات نزار القوية فـ إنتظره حتى إنتهى وصوت أنفاسه تخرج كـ هدير الرياح ليقول الأول بـ إبتسامة خبيثة

-بتتكلم وكأن روحها مش فـ إيدي
-زأر أرسلان بـ وحشية:جرب بس تُحط إيدك الـ**** دي عليها وشوف أنا هعمل فيك إيه…

صدحت صوت ضحكاته المقيتة مرةً أُخرى ثم أردف بعدها بـ مكر

-عشان قلبي طيب هخليك تكلمها…

ساد الصمت لثوان قبل أن يسمع صوتها الضعيف يهتف بـ تقطع

-أر..أرسلان…

إسودت عيناه أكثر حتى إبتلعت الظلام الذي حولها..صوتها جعل قلبه يرتعش بين ضلوعه إلا أن حينما خرج صوته كان قوي يُزلزل الوسط المُحيط

-متخافيش..أنا هجيلك..سمعاني!
-أومأت قائلة:سامعة
-عاوز أسمع أنتِ مرات مين؟!
-إبتسمت سديم وقالت:أرسلان الهاشمي
-ليرد بـصوتٍ بث الطُمأنينة بـ قلبها:ومرات أرسلان الهاشمي مينفعش تخاف…

عاود صوت نزار يصدح ولكن هذه المرة بـ جدية وصوتٍ مُتجهم

-هبعتلك عنوان تيجي عليه لوحدك.. وأي حركة كدا ولا كدا صدقني هبعتلك راسها فـ شوال…

ثم أغلق الهاتف ليسبه أرسلان بـ أقذع الشتائم..ليُدير المُحرك بعدما وصلته رسالة نصية مُرفق بها العنوان وصورة المبنى..ليعود و يُرسل هذه الرسالة إلى قُصي وبعدها إنطلقت السيارة تشق الطريق

************************************

إنحنت بـ رأسها بـ ألم عقب حديثها معه..نزار لم تكن لتتوقع أنه لا يزال على قيد الحياة..ولكن هيئته كانت مُخيفة..النيران طالته وشوهت جانت وجهه الأيسر حتى طالت أُذنه وما بعدها بـ قليل..ولكن ذلك التشوه لم يُخفي إبتسامته أو ملامحه الكريهه

عادت ترفع رأسها وهي تراه يجلب مقعدًا ويجلس أمامها مُباشرةً..كان المقعد بـ الوضع المُعاكس يتكئ إلى ظهره بـ مرفقيهِ ثم إبتسم بـ خُبث قائلًا

-أكيد بتسألي أنا لسه عايش إزاي!…

نظرت إليه بـ إشمئزاز ثم أدارت وجهها ليضع يده أسفل ذقنها يُعيد رأسها إليه فـ تراجعت عن يدهِ سريعًا..أكمل نزار وهو يُحدق بها بـ مكر

-هحكيلك..أصل قدامنا وقت فراغ كبير…

“عودة إلى وقتٍ سابق”

بعدما خرجا كِلاهما من الغُرفة عَلِمَ أنه لا مفر والنهاية قادمة..إلا أنه تحامل على نفسهِ ونهض ثم توجه إلى المرحاض وأغلق الباب

تمدد داخل حوض الإستحمام وحاول قدر الإمكان أن يتفادى الإنفجار..دقيقتان وإنفجرت القُنبلة ولكنه تأثر بـ شظاياها

بعد ساعة إستعاد وعيه ونهض وسط الرُكام والجزء الأصعب أن يتخلى عن أحد أصابعهِ ليُثبت وفاته

“عودة إلى الوقت الحالي”

رفع كف يده الأيسر ليظهر بنصره المبتور لتتسع عيني سديم بـ صدمة فـ قهقه هو قائلًا

-عشان أعيش كان لازم أضحي
-أنت مُستحيل تكون بني آدم..أنت شيطان…

ضحك نزار ثم نهض وقد لاحظت عرجه إثر الرصاصة التي تلقاها بـ ساقهِ ليستدير خلفها ودنى من أُذنها وهمس بـ فحيح

-لأ بني آدم بس ربنا نزع من قلبي الرحمة…

وإنخلع قلبها هي لتلك الجُملة القاسية والتي أردف بها بـ هذا الفحيح المُرعب..حاولت الإبتعاد عنه قدر الإمكان ولكن يديه حاوطت ذراعيها لتصرخ بـ هلع إلا أنه صرخ بها أن تصمت وأكمل حديثه بـ هدوء

-المشكلة إنه كان عنده حق..والحق مبيأكلش عيش فـ البلد دي ولا غيرها..الفساد يا دكتورة موجود فـ كل حتة وكل بلد بس الشاطر اللي يكون فاسد نضيف…

أبعد خُصلاتها عن عُنقها ومال أكثر لتبكي هي بـ خوف فـ أكمل بـ فحيح

-مكنش لازم يتدخل نهائي لا هو ولا صاحبه الغلبان اللي دبحه بـ إيده..ولا أبوه وأمه اللي إتقتلوا قدام عينه..أو حتى أُخته اللي يا عيني إغتصبوها قُدامه…

جعدت وجهها بـ نفور وقد بدت على وشك التقيؤ إلا أنها تماسكت قدر الإمكان ثم هتفت بـ خفوت

-أنت عاوز إيه؟!…

إرتعدت أوصالها لحديثه ولولهة توقف قلبها عن الخفقان حينما همس بـ شيطانية

-نعيشه الكابوس مرتين…

ولا تدري أي كابوس يقصد أمقتل عائلته أم إعتداءهم الجسدي لشقيقته! وكلامها أكثر قساوة

بكت سديم بـ صوتٍ عال ليضحك نزار قائلًا بـ خُبث

-وفري العياط لبعدين..المسرحية لسه فـ أولها…

إزداد بُكاءها وهي تنحني بـ جسدها إلى الأمام مُغمضة لعينيها تتضرع إلى الله ألا يأتي أرسلان..سيقتله ويقتلها أمام ناظريه وهي لا تُريده أن يعيش ذلك المشهد القاسي مرةً أُخرى

كاد نزار أن يتحدث ولكن أتى الحارس وهمس بـ بضع كلمات ليومئ ويُشير إليه بـ الرحيل..دنى منها وقال بـ إبتسامة

-هسيبك شوية عندي ضيوف…

***********************************

كانت تعقد ذراعيها أمام صدرها ترتجف لذلك البرد الذي أضعف أوصالها ولكن يجب عليها الحضور..رفعت أنظارها لتلمحه يقترب منها فـ إعتدلت بـ وقفتها وتساءلت بـ جمود

-قتلتها ولا لسه!…

وقف نزار أمامها مُباشرةً بـ ملامحهِ المشوه ثم أردف بـ ملل و إزدراء

-ملكيش دعوة..تميتي مُهمتك يبقى تسكتي خالص
-صرخت جميلة بـ شراسة:لولايا مكنتش عرفت توصلها..ولا حتى قدرت تهرب من الإنفجار اللي كان هياخد روحك…

لا تزال نظراته تحمل الإزدراء..ذلك اليوم الذي زاره قُصي بـ تلك المعلومات التي وضعها بين يديه..وهي التي أعطته إياها وهي أيضًا من أخبرته بـ قدوم قُصي وأن عليه التخلص منه

ولكن ما لم تحسبه هو أن أرسلان كان يُنهي إنتقامه لذلك حاولت تحذيره ولكن الآوان قد فات

حك نزار فكه وقال بـ هدوء وسُخرية

-عرفتي تختاري الجانب الصح
-إبتسمت هي الأُخرى بـ سُخرية وقالت:أنا مأخدتش جانب..أنا بس بتخلص من العقبات اللي قدامي..أرسلان ليا وبس
-عشان كدا كُنت عاوزة تخلصي منها مش كدا!
-زعقت بـ حدة:مُكنتش عاوزة أقتلها..لكن لما حسيت إنهت تهديد..يبقى مع السلامة..أنا قتلت ومستعدة أقتل تاني عشان أرسلان ميبقاش لغيري…

وضعت يديها حول بطنها المُنتفخ ثم أردفت بـ قوة ونعومة أفعى

-حتى إبنه هو الرابط الوحيد اللي بينا حاليًا..ومش هخسره لأ وهحافظ عليه بـ إيديا وسناني…

مسح على وجنتها لتُبعد جميلة يده عنها ليبتسم نزار إبتسامة ذات مغزى وقال

-الرابط دا هيتقطع لما يكتشف إنك كُنتِ السبب فـ موت عيلته
-هدرت بـ شراسة ودفاع:مُكنتش أعرف إن دي عيلته..أنا ساعتها كُنت عشيقتك وأنا اللي وصلتك ليهم يا نزار..أنا السبب فـ إنك عايش وإني داريت على أعمالكم الـ****…

ضحك نزار بـ صوتهِ كُله ثم أردف بـ سُخرية وهو يضع يديه بـ جيبي بنطاله

-أنتِ زيك زينا خاينة يا جميلة..أنا مش مُستفيد حاجة بـ موتك..أنا بس حبيت أنبهك إن بمجرد إن أرسلام يكتشف كل حاجة..مش هتكفيه روحك…

صرت جميلة على شفتيها ثم قالت وهي تقبض على كفها بـ قوة

-عشان كدا لازم تخلص على قُصي..لو الحكومة عرفت إنك حي..هتقضي باقي عُمرك فـ السجن
-خافي على نفسك مش عليا…

تأففت جميلة بـ ضيق لتقول وهي تستدير لتصعد السيارة

-ع العموم أنا جيت عشان أشوف أخر الأخبار..متبوظش الدنيا المرة دي…

صعدت السيارة ثم أدارت المُحرك ورحلت..تجهمت ملامح وجه نزار الساخرة ثم قال بـ نبرةٍ سوداوية

-صبرك عليا..دورك جاي يا رقاصة…

************************************

كانت سديم قد بدأت تشعر بـ الدوار وبشرتها شحبت كثيرًا..إلا أنها لم تستسلم فـ ظلت تُعافر حتى إستطاعت أن تحل وثاق أحد يديها لتحل وثاق الأُخرى ثم قدمها

ترنحت وهي تنهض إلا أنها تحاملت على نفسها حتى لا تسقط ثم تحركت بـ خُطىٍ حثيثة حتى وصلت إلى باب الغُرفة التي وُضعت بها..كان لا يزال الحارس واقفًا دون حراك

تراجعت حتى لا يلمحها ثم بحثت بـ الأرجاء حتى وجدت قطعة خشبية ثقيلة نوعًا ما لتتجه سريعًا إليها وإلتقطتها وعادت تخرج

رفعت القطعة الخشبية ثم ضربت بها رأس الحارس من الخلف ليسقط متأوهًا..ألقتها ثم ركضت بـ كل ما تملكه من قوى

صعد نزار ومعه رجلٌا آخر إثر صوت الصرخة..ليجد الحارس فاقدًا الوعي..صرخ بـ غضب ثم ركله بـ معدته..إستدار إلى الحارس خلفه وزعق بـ غضب

-دور عليها وهاتها…

أومأ الحارس ثم ركض بـ إثرها يتبعه إثنين آخرين

كانت تركض بـ لا هوادة تهبط الدرج وتركض بـ الممرات

-أوقفي عندك…

صرخت سديم وهي تسمع صوتًا خلفها لتُزيد من سُرعتها ولكن مع إنهاكها وتعبها لم تستطع الهرب فـ إنقض أحدهم عليها ثم سقطا بضع درجات

صرخت سديم متأوه ولكن الحارس لم يدع لها المجال..إذ قبض على مرفقها وجذبها خلفه..لم يتهم بـ سقوطها أو بُكاءها بل أكمل سحبه لها حتى ألقى بها أمام قدمي نزار

إستندت بـ جبهتها أرضًا تبكي بـ ألم وتعب..ليجذبها نزار من خُصلاتها فـ صرخت بـ صوتٍ أعلى..قرب وجهها منه ثم هدر بـ فحيح وحدة

-عاوزة تهربي!..ها!..رُدي؟!…

صرخ بـ الأخيرة وهي يهز رأسها فـ وضعت يدها فوق خاصته التي تقبض على خاصتها وهي تصرخ بـ ألم وشراسة

-سبني..سيب شعري يا حيوان…

جذبها إلى الغُرفة وقبل أن يدلف أمر الثلاث بـ نبرةٍ جهورية

-فوقوا البغل دا وعالجوه..وخدوا بالكوا فـ أي وقت وهيكون وصل…

ثم دلف بها وهو لا يزال قابضًا على خُصلاتها ثم هدر بـ قسوة

-بتحاولي تهربي دلوقتي ليه!..مش قولتلك لسه المسرحية فـ أولها…

بصقت سديم بـ وجهه لتشتعل عيناه بـ غضب فـ صفعها بـ قوة أسقطتها أرضًا..إنحنى إليها وجذبها من خُصلاتها مرةً أُخرى وصرخ

-متحاوليش تستفزيني عشان نستمتع كلنا بـ العرض…

كانت شفتي سديم تنزف إثر صفعته و جبهتها التي أُصبيت نتيجة إصطدامها بـ الأرض الصلبة ولكنها أردفت بـ ضعف

-هيقتلك..والله هيقتلك
-متبقيش واثقة أوي كدا…

ضم يديها بـ يد ثم جذبها لتنهض كاد أن يعود ليضعها فوق المقعد ويُقيدها ولكنه سمع صوت إحتكاك إطار سيارة أسفل البناية

***********************************

أوقف سيارته ثم أخرج هاتفه وهاتف قُصي

-قُصي إسمعني عشان مفيش وقت
-قول…

أخرج أرسلان مُسدسه ثم وضعه خلف جزعه وقال بـ صوتٍ جاد

-متدخلش إلا لما أتأخر عن نص ساعة
-هدر قُصي:لأ مش هينفع
-صرخ أرسلان بـ حدة:إسمع اللي بقولك عليه..لو مطلعتش تدخل أنت رجالتي على وصول..مش عاوز أخسرها يا قُصي…

ثم أغلق الهاتف ولم ينتظر رده ليترجل من السيارة

وبـ الأعلى

إستغلت سديم فُرصة تشتت ذهن نزار وهو ينظر من النافذة..لتضرب ذقنه بـ قمة رأسها و بـ قدمها ركلت رُكبته ليسقط متأوهًا

إبتعدت عنه سريعًا وركضت إلى الخارج ولحسن حظها كان الثلاث يتحريان ذلك الصوت

ركضت سديم بـ أقصى ما تمتلكه من قوة وهي تبكي..كادت أنفاسها أن تُزهق إلا أنها لم تتوقف

نظرت خلفها تتأكد ما إذا كان يبتعها أحدهم ولكنها لم تجد..إستدارت بـ رأسها وبـ تلك اللحظة إصطدمت بـ شخص لتهرب من بين شفتيها صرخة وأخذت تضرب ذلك الشخص دون أن تعي لهويته

ضمها أرسلان إلى صدره وقال بـ لهفة

-سديم!!!…

توقفت سديم عن ضربه ورفعت رأسها إليه لتجده أرسلان..عادت ترتمي بـ أحضانه وهي تبكي بـ نشيج حتى إهتز جسدها المُرتعش

-أرسلان..أنا كنت هموت…

أبعدها عن صدرهِ ثم حاوط وجهها ليقول وهو يُزيل عبراتها الملوثة بـ الأتربة والدماء

-هُششش..أنا هنا جنبك متخافيش..محدش هيقدر يأذيكِ…

صوب أحدهم المُسدس إلى رأسه ثم قال بـ سُخرية

-مُتأكد!…

شهقت سديم بـ فزع إلا أن أرسلان لم يهتز له جفن وظل مُحتفظًا بها بين يديه..إلا أن صوت خلفه عاد يصدح

-إرمي المُسدس اللي فـ إيدك…

ألقى أرسلان مُسدسه دون أن يلتفت..صرخت سديم وهي تستشعر يدًا تجذبها عنه..حاول أرسلان جذبها وهو يزأر كـ وحش ولكنه لم يستطع

-لو إتحركت من مكانك هفجر دماغها هي مش أنت…

الجحيم ينبعث من عينيهِ وملامحه مُظلمة بـ شكل مُرعب..وهو يُحدق بـ سديم التي تتلوى بين يدي ذلك الرجل وتبكي بـ صوتٍ أفقدع عقله

لمح تقدم نزار و إبتسامته الخبيثة التي تُزين وجهه ثم هتف بـ فحيح وهو يقف بـ جوار سديم

-فليبدأ الكابوس…

error: