ملكة على عرش الشيطان بقلم اسراء على
الفصل الثالث عشر
لحظات الحب .. هي لحظات التي تخلد في أذهاننا وتحمل كل معاني السعادة , فلا تندم على لحظة حب عشتها حتى ولو صارت ذكرى تؤلمك فإذا كانت الزهرة قد جفت وضاع عبيرها ولم يبقى منها غير الاشواك , فلا تنسى أنها منحتك يومآ عطرآ جميلآ أسعدك
جالسًا بـ تلك الغُرفة المُحرمة..أدخنة رمادية ناتجة عن تدخين تملأها وبـ الكاد هو يُرى
فريسته التالية لم يكن أحد أولئك بل هي..اسمها دُونَ بـ خطٍ عريض لا يدري لِما تلك ولكنه يُريدها وبـ شدة
إلتفت على صوت هاتفه ليجذبه بـ إهمال ونظر..وإذ به يلمح رقمًا غيرُ مدون..ليُجيب بـ حذر
-ألو!!…
حينها أتاه صوتها الذي غلفه الرُعب
-إلحقني…
نهض أرسلان عن جسلته وتساءل بـ صوتهِ الجهوري
-في إيه؟!
-أجابته بـ صوتٍ مُرتعش:اللي أنت حذرتني منه بيحاول يكسر باب شقتي…
إلتوى فمه بـ قسوة وتشنجت عضلات فكه بـ غضب..قبل أن يردف بـ خفوت خطير
-أنتِ لسه فـالشقة!
-لأ أنا فـ شقة قُصي
-قال أرسلان بـ نبرةٍ سوداوية:خليكِ مكانك ومتعمليش أي صوت..أنا جايلك…
و دون حديث أغلق الهاتف بـ وجهها وهو يزأر بـ غضب..لا خوفًا عليها..بل غضبًا أن يُهزم مرةً أُخرى على يده..سحب مسدسه الفضي و وضعه بـ جزعه ثم توجه إلى الخارج
لم يأبه بـ غلق باقي أزرار قميصه..بل إتجه راكضًا إلى سيارته وكأنه يتسابق مع الرياح
أبعد قُصي حفنة من الأوراق عن مرمى بصره وظل يحرك عنقه فـ قد تيبس لطول الوقت الذي إنكبه فوق تلك القضية الشائكة
على الرغم من تلك التحريات شديدة الدقة والسرية إلا أن الحكومة المصرية لم تدع شُرطيًا ذو كفاءة إلا وإستدعته..قضية شائكة ومن نفذها مُحترف كل ما توصلوا إليه أن القاتل كان يعلم جميع مداخل ومخارج المنزل المُأمن..ولكن القاتل لم يدع أثرًا له..حتى مطرقته لم يكن بها سوى بصمات عزت والمسدس يخصه أيضًا..لا يوجد شعرة أوقطرة دماء تدُل على القاتل
نظر إلى ذلك الشُرطي الآخر ذو أعين حادة وأردف بـ تعب
-كفاية شُغل النهاردة يا أيمن باشا…
رفع أيمن بصره وقال بـ تعبٍ هو الآخر
-فعلًا كفاية..بس بـ رأيك هنقدر نوصل للقاتل!
-حك قُصي فكه وقال:اللي عمل دا مُحترف..مقدرش أستبعد إنه مش مصري بس برضو مقدرش أستبعد إنه مصري
-مصري بقى مش مصري..اللي عمل كدا وراه هدف..أو طار مثلًا…
عقد قُصي حاجبيه وقد بدأ يساوره الشك ثم تساءل بـ غموض
-يعني طار إيه مثلًا!
-تنهد أيمن وقال:واحد حبيبي شغال فـ المخابرات..قالي إنهم من سبع سنين جالهم معلومات عن عملية فساد هتم فـ مصر عن طريق المينا ..لحد دلوقتي منعرفش مين اللي ورا المعلومات دي بس بيقولو عزت و وزير الدفاع اللي إنتحر ليهم إيد فـ العملية دي…
بُهت لون بشرة قُصي وهو يستمع لِما قيل..مُنذ سبع سنوات قُتلت والدته وشقيقته الصُغرى بسبب تورط أرسلان بـ ما يُسمى قضية فساد..بدأت تتفكك العُقدة أمامه أن أخيه الغيرُ شقيق هو من يفتعل تلك الجرائم
رفع نظره على صوت أيمن الذي أكمل بـ تجهم
-بس لولا إن فيه حد سرب المعلومات دي كان إتقبض عليهم..الأحداث دي بعد الثورة اللي حصلت وأثناء اللي بيحصل فـ سوريا..الموضوع مكنش متوقف على وزرا مصريين بس لأ كمان من دول عربية كتير
-إيه اللي بتقوله دا يا أيمن؟!
-زي ما بقولك..الموضوع كان خطير جدًا ولولا المعلومات دي كان الوطن العربي كله وقع تحت رحمة الغرب
-غمغم قُصي بـ خفوت:مكنتش متوقع الأمور خطيرة كدا…
أغلق أيمن بعض الملفات و وضعها بـ حقيبة جلدية ثم قال بـ جدية بالغة
-الموضوع أخطر من كدا يا قُصي..الدربكة بتاع المعلومات هي السبب فـ وقف كل حاجة الحمد لله..أنا برجح برضو إن اللي وصل المعلومات هو اللي بيقتلهم أصلها مش صدفة أبدًا
-رفع قُصي رأسه إلى أعلى وقال:مش دا وقت طويل يكون حصل فيه تعديلات الوزارية!
-كان فيه ناس تانية مسئولة بس دول اللي ظهروا..حتى كمان مكنش دول الوزرا..يعني الدايرة كبيرة واللي قبل كدا هربوا برا مصر ومحدش عارف عنهم حاجة…
أغمض قُصي عيناه بـ غضب ثم تساءل بـ صوتٍ مكتوم
-وإزاي عينوا دول وزرا!
-إبتسم أيمن بـ سُخرية وأردف:المصالح..المصالح تخلي الفاسد أطهر مخلوقات ربنا…
ضحك قُصي أيضًا بـ سُخرية وهتف
-وناس بريئة كل ذنبها إنهم وسلية للعقاب هما اللي راحوا…
لم يبدُ على أيمن أنه قد فهم ما يرمي إليه قُصي ولكن الأخير نهض وقال بـ شبه إبتسامة
-الدنيا ماشية كدا الغلبان والنضيف هما اللي بيدفعوا التمن..يلا نمشي
-مط أيمن شفتيه بـ عدم فهم وقال:يلا…
تحرك قُصي و بـ رأسه العديد من الأفكار أولهم أن أخيه أرسلان مُتورط وإن لم يكن هو من قتلهم وهو على يقين فـ تكفيه النظرة التي رآها بـعينه وهو يرى منزله بـ عائلته يحترق..نظرات أقسمت بـ أغلظ الأيمان أنه سيتتقم..وإنتقامه لن يكون بـ الهين
وصل أرسلان إلى البناية التي تقطن بها ثم ترجل من السيارة دون أن يأبه بـ غلقها وصعد الدرج بـ سُرعة توازي سُرعة الرياح
فـ وجد باب شقتها مفتوح على مصرعيه..أخرج مسدسه من جزعه ثم بـ حذر دلف إلى الداخل..ظل ينظر بـ أرجاء الشقة ولكن لا أثر له
إستدار على حين غُرة إلى باب الشقة المواجه له..إذ إنطلقت صرخة مدوية منها فـ عَلِمَ أنها منها
دون تردد ركض إلى الشقة المواجه و بـ كتفه أخذ يدفع الباب حتى فُتح..جال بـ نظراته المُظلمة بـ أنحاء الشقة ولكنه لم يجد أحد
إنطلقت سبة نابية من بين شفتي نزار آتية من غُرفة بـ آخر الممر..لينطلق أرسلان إليها
وجد سديم تقف على الناحية الأُخرى من الفراش تُمسك بـ يدها قطعة زُجاجية تُقطر دمًا..لا يعلم مصدر الدماء..أمنها أم منه!
وهو يقف أمامه يضع يده فوق وجنته التي بها جُرح نافذ يُقطر دمًا..جأر أرسلان بـ نبرةٍ مُميتة جعلت سديم تشهق بـ جزع..وعلى إثرها إلتفت نزار فـ لم يسعفه الوقت ليجد الأول يلكمه فـ أطاحه أرضًا
نظر إليها نظرةً خاطفة ثم إنحنى إلى نزار وقد قرر قاتله أعزلًا حتى يستمتع بـ دماءهِ
جذبه أرسلان من تلابيبه ليضحك نزار قائلًا
-مكنتش أعرف إنك هتيجي بـ السرعة دي..عرفت بقى إنها نُقطة ضعفك…
تحولت عينا أرسلان إلى ظلامٍ دامس وبـ نبرةٍ هزت أرجاء الغُرفة فـ خرجت كـ الرعد
-قولتلك مبحبش حد يقرب من لعبي..وأنت قربت..ونهايتك قربت معاها…
عاد يلكمه بـ قوة أكبر ولكن نزار لم يكن بـ الهين..تفادى اللكمة ليضرب أرسلان بـ ركبته ليُصيب معدته
إنحنى أرسلام بـ ألم ولم يتوانى نزار عن ضربه بـ رُكبته ليُصيب حاجبه فـ عاد جرحه القديم ينزف.. نهض أرسلان ومسح خيط الدماء عن عينه ليزأر كـ ليثٍ غاضب ثم توجه إليه
باغته بـ لكمة أطاحت نزار ليصطدم بـ الحائط خلفه..ودون تأخير كان أرسلان يُمسكه من تلابيبه ويضربه بـ الحائط ليُحطم اللوحة الزُجاجية خلفه
إبتعد أرسلان ليسقط الآخر أرضًا..ظل ينظر إليه نظرات سوداوية قبل أن ينحني ويهمس بـهسيس مُخيف
-هستلذ بـ قتلك يا خاين..هخلي كلاب السكك تعيط على اللي هعمله فيك
-مسح نزار فمه وقال:متهددش كتير..نفذ…
إبتسم أرسلان إبتسامته الشيطانية وكاد أن يقبض على عُنق الآخر ولكنه باغته بـ ضربه بـ شظايا الزُجاج فـ أصاب جانب معدته
تراجع أرسلان بـ صدمة وألم واضعًا يده فوق جرحه..لتصرخ سديم بـ جزع
نهض نزار وهدر قبل أن يخرج
-حسابنا لسه مخلصش…
نظر إلى سديم بـ نظرات جعلتها ترتعد ثم همس بـ فحيح
-وأنتِ..إفتكري إن حسابنة بدأ من جرح النهاردة…
تنفست الصعداء بعد رحيل نزار لتُلقي القطعة الزُجاجية ولم تنتبه أنها قبضت عليها بـ قوة ف جرحت كف يدها
وضعت قطعة قُماشية فوقها ثم إتجهت إلى الجالس أرضًا..يستند بـ ظهرهِ إلى الحائط رافعًا رأسه إلى أعلى..كانت البُقعة الحمراء تتسع وهو مُغمض العينين
هوى قلبها أن يكون أصابه أذى..فـ إبتلعت ريقها بـ توتر وإتجهت إليه..جثت على رُكبتيها ثم وضعت سبابتها أمام أنفه تستشعر ذلك الهواء الدافئ الخارج مع زفيره
زفرت هي بـ راحة وهي تجده يتنفس..ولكنها سُرعان ما شهقت وهي تراه يقبض على يدها ويبتسم إبتسامته المعهودة..رأته يفتح عيناه ويهمس بـ خُبث على الرغم تلك القسوة النابعة من عينيه
-لسه ممتش
-تلعثمت قائلة:أنت كويس؟!…
رفع حاجبه بـ تعجب حقيقي قبل أن يتساءل بـ عبث
-ومن إمتى الحنية دي؟!
-تأففت قائلة:أنا غلطانة إني بطمن عليك
-ترك يدها وأردف:فيكِ الخير…
هبطت أنظاره إلى يدها المُحاطة بـ قطعة قُماشية من اللون الأبيض وقد ظهرت بُقعةً حمراء..لتقسو نظرته هامسًا بـ جمود
-إيه اللي حصل؟!..ومش عاوز دماغك الناشفة دي ترد رد ميعجبنيش مش هتتوقعي رد فعلي…
ضيقت عيناها بـ غضب ولكنها قصت عليه ما حدث بـ صوتٍ مكتوم
-بعد أما قفلت معاك..صوت الخبط والكسر سكت وفضل فترة كدا..قولت أكيد زهق ومشي..ولما فتحت الباب…
صمتت تستجمع أنفاسها المسلوبة ولكنها أكملت بـ خفوت وكأنها تعيش ما حدث مُنذ قليل مرةً أُخرى
-لاقيته فـ وشي..زقني ودخل وقفل الباب وراه..ولما حاول يمسكني زقيته بس هو مسك رجلي فـ وقعت وزُهرية وقعت فـ أخدت حته أزاز..ولما جرى ورايا للأوضة وحاول يضربني عورته بـ الأزاز اللي معايا…
رأت عيناه تُظلم بـ قسوة لا مثيل لها..إلتوت عضلات فكه بـ شراسة جعلتها تبتعد عنه ليس خوفًا ولكن خوفًا أن يُصيبها بطشه..فما رأته منه لم يكن بـ الهين
إبتسم أرسلان بـ سُخرية ماحيًا كل ملامحه القاسية وأردف
-مطلعتيش سهلة…
لم ترد سديم ولكنها نهضت وقبل أن تتحرك وجدته يقبض على يدها وينهض..ثم قال وعيناه تتلون بـ خُبث وعبث
-بس أنا مأخدتش أتعابي…
فغرت سديم فاها ولكنها أغلقته مرةً أُخرى فـ قد أصابها الإحباط..ولكن لمَ فـ أرسلان لم يكن ليُساعدها دون مُقابل..تحولت معالمها المشدوهه إلى أُخرى صخرية وهتفت
-عاوز إيه!
-وبـ نبرة أرسلت الرجفة بـ جسدها أردف:عاوزك…
شهقت سديم بـ جزع ودون حديث حاولت الخروج فـ قد فهمت ما يرمي إليه..إلا أنه كان أسرع منها قابضًا على خصرها ثم دفعها إلى الحائط
إتسعت عيناها بـ فزع وتعالت أنفاسها..نظر أرسلان إلى صدرها الذي يعلو ويهبط بـ قوة فـ تلمع عيناه بـ بريق ذئب..كادت أن تضربه بـ جرحه إلا أنه أمسك يدها وكبلها فوق رأسها
تواقحت نظراته وهو يقترب منها ثم همس بـ عينين قد طفر بهما الفوز
-ما هو مينفعش مستغلش الموقف..وأنتِ داخلة مزاجي..وبعدين متخافيش مش هأذيكِ…
ترك يدها وبدأت عيناه تلمع بـ بريق عاصف..بريق شهقت عندما فهمته وهى
لن تنسى تلك النظرة مهما حيت..كانت نظرة ليث قد ظفر بـ فريسته..يُحاصرها روحًا و جسديًا الآن..لعنت غباءها الذي أوصلها إلى تلك النُقطة
فرقت شفتيها تُخرج زفيرًا مُلتهب وصل إلى وجهه القريب منها فـ إبتسم..أغمضت عيناها وبدت على وشك البُكاء
-ها قولتي إيه؟!…
نبرته الخبيثة والهامسة أرسلت رجفة عنيفة بـ جسدها فـ كادت أن تسقط ولكنه أمسكها من مرفقيها..وعلى الرغم من ضعفها إلا أنها صرخت بـ شراسة قطة ذات مخالب
-كنت عارفة إنك واطي ومش هتساعد ببلاش
-ضحك بـ قوة ثم أردف:مفيش حاجة ببلاش الأيام دي
-حقير…
إلتوى شدقه بـ إبتسامة قاسية ، مجوفة وحدق بها وهي بـ دورها تُحدق بـ لهيب عينيها الأرزق به..بـ ملامحه الشرسة والمُخيفة تفرض سيطرتها على الجميع بـ هيمنة..حتى ذلك الجرح بـ جانب معدته والذي يُقطر دمًا دون أن يأبه..جرح تسببت هي به..لتغيم عينيها بـ سحابةٍ سوداء
زفرت بـ غضب ثم وضعت يدها على صدره تُبعده ولكنه نظر إلى يدها بـ إستخفاف ثم إليها وإبتسم بـ عبثة وقبل أن يردف كانت سبقته صارخة
-إبعد عني شوية..إبعد بقى…
طال إنتظارها ودفعها له..ولكنه بقى جامدًا لا يتحرك..صرت على أسنانها وقررت إبعاد يدها بـ تهدل..ليقول هو بـ نبرة مُرتخية
-هديتي؟!…
لهيب عيناها يزداد إشتعالًا فـ يزداد هو عبثية قبل أن يدنو ويردف بـ خُبث زيّنَ مخارج حروفه
-يا توافقي يا تتحملي عواقب رفضك…
وأمام عبارته الخبيثة وعرضه القذر لم تجد سوى أن ترفع كفها عاليًا ليهوى فوق وجنته بـ صفعة دوى صداها بـ أنحاء الشقة..لتردف بعدها بـ صوتٍ جهوري
-شكلك لسه متعرفش مين سديم مُحرم..لو كنت أنت الشيطان فـ أنا النار اللي هتحرقك…
جحيم..كل ما طالها جحيم من عينيه وملامحه التي إسودت بـ درجة أذابت عظامها الرخوة..لم يتحرك إنش بل تصلبت عضلات جسده والغضب يزداد وبدى واضحًا من عروق نحره البارزة..دنى منها وهمس بـ صوتٍ أجوف ونبرةٍ شيطانية مُخيفة خرجت كـ رياح عاصفة من بين شفتيه
-من النهاردة شُغلتي أدفعك تمن القلم دا..هحول حياتك لجحيم..جحيم تتمني إني أرحمك…
أحست بـ ساقيها تحولتها إلى أُخرتين رخويتين..نظر إليها نظرة أخيرة جعلت قلبها يهوى
صرخت بـ خوف وهي تراه يُمزق جُزءًا من ثيابها ويضعها على جرحه النافذ..ثم تركها وإبتعد عنها بـ بُطء وقبل أن يخرج كان قد أطاح بـ طاولة ليسقط ما عليها مُتهشمًا لتضع يدها على أُذنيها خوفًا
مُنذ ذلك اليوم وهي حبيسة شقتها..قامت بـ تنظيف شقة قُصي وأعادتها كما كانت دون أن تُخبره بما حدث
نظرت إلى هاتفها الذي صدح بـ الأرجاء فـ تركت فنجان قهوتها ثم جذبت الهاتف وجدته قُصي فـ أجابت بـ لهفة قائلة
-قولي إنك راجع بعد غياب تسع أيام!
-ضحك قُصي وقال:أنا فعلًا جاي إجازة…
زفرت سديم بـ إرتياح فـ قُصي سيعود..يوفر بعض الأمان المسلوب..إشتاقته حقًا وإشتاقت إبتسامته..إستفاقت على صوته المُشاكس
-وحشتك أوي كدا؟!
-إبتسمت بـ خجل وقالت:هو أنت وحشتني..بس مش أوي
-أتاه صوته عاصف رغم خفوته:كفاية إني وحشتك…
عضت على شِفاها بـ خجل وصمتت..سمعت زفرة حارة من بين شفتيه وهو يقول بـ قنوط
-على فكرة أنتِ مبتلعبيش بـ عدل
-ضحكت وتساءلت:إزاي!
-أتاها صوته العميق:يعني بتصعبي عليا الأمور
-إستحمل عشان توصل
-تنهد وقال:منا غصب عني لازم أستحمل…
ساد صمت قصير قبل أن تقطعه سديم بـ سؤالها المُتأخر
-هو أنت إزاي محبتش قبل كدا!
-ضحك قُصي وقال:ومين قالك إني محبتش
-لوت شدقها بـ عبوس وقالت:أنت مقولتش
-و رد هو بـ بساطة:وأنتِ مسألتيش
-تساءلت بـ قنوط:هو أنا لازم أسألك!
-طبعًا..لازم أحس إنك مُهتمة بـ تفاصيل حياتي..زي ما أنا مُهتم…
تساءلت بـ داخلها أهو مُهتمًا حقًا!..تنهدت بـ قنوط وقالت
-وأديني بسألك..حبيت قبل كدا؟!…
ساد الصمت عدة لحظات قبل أن تسمع صوتهِ يقول بـ هدوء
-كُنت خطبت بنت بحبها من أيام الجامعة بس محصلش نصيب..سابتني لأنها حبت واحد تاني
-شهقت سديم وقالت:الواطية…
إرتفع حاجبي قُصي قبل أن يضحك بـ خفوت..أما سدمي قد وضعت يدها على فمها وهمست بـ حرج
-أسفة مكنش قصدي
-ضحك قُصي وقال:ومن أمتى بتقولي كلام قصداه!
-زفرت بـ حنق قائلة:بلاش رخامة..أنا بسألك وأنت بتجاوب..ثم أنت مش مهتم تعرف حاجة عني
-عقد حاجبيه وتساءل:مش مهتم إزاي؟!…
عضت على لسانها بـ غضبٍ مكتوم ثم أردفت بـ نبرةٍ عنيفة
-ما أنت كمان مسألتش
-إبتسم قُصي وقال:مش لازم أسألك..لأني عارف كل حاجة عنك..والدك حكالي
-صرخت بـضيق:أنت غشاش
-بس بحبك…
إنقطعت أنفاسها بـ تلك اللحظة وهي تسمع إعترافه المجنون..لم يكد يمر شهرين وهو يعترف بحبه لها..وهي لا تنكر أنها بدأت تميل إليه..تشتاقه وتشتاق أحاديثه..تلتمس الأمان بـ وجوده وتفقده بـ غيابهِ..قُصي كان مِثالًا للرجل الكامل الذي حلمت به
كانت شتفيها مُتفرقة تتلمس الهواء لتعود رئتيها للعمل من جديد ولكن بشرتها بهتت وهي تستمع إلى صوتهِ العذب يُكمل إعترافه
-محستش إني بحبك إلا لما بعدت عنك..ساعات بنحب حد بس مبنعرفش إلا لما نبعد عنهم..وأنا معرفتش دا إلا لما غبت التسع أيام دول…
لم ينتظر أن ترد لأنه كان يعلم أنها لن تفعل فـ أكمل
-أنا عارف إنها صدمة..بس أنا نفسي مش فاهم…
ساد الصمت لحظات..ولكن عند سديم كان بـ غاية الغوغاء..ضربات قلبها كانت تضرب بـ عُنف صدرها فـ أصدرت أصوات صمت أُذنيها
وبعدما وجدت صوتها لم تجد ما تهمس به سوى
-أنا لازم أقفل و أروح المستشفى
-زفر قُصي وقال بـ مرح:لو وصلت وملاقتش حضرتك فـ المستشفى..هاجي الشقة وساعتها مش هضمن نفسي…
أغلقت الهاتف بـ وجهه وقذفت الهاتف بـ رُعب فوق الطاولة..وضعت يديها بـ خُصلاتها مُخفضة لرأسها بـ صدمة
عادت ترفع رأسها وهمست بـ شرود
-بيحبني!!…
وقبل أن تفوق من صدمتها وجدت هاتفها يصدح من جديد..لتُجيب بسرعة
-ألو!
-أتاها صوت المُمرضة:دكتورة سديم..محتاجين حضرتك فـ عملية مستعجلة..الـدكاترة كلهم محدش منهم موجود
-زفرت سديم بـ حدة وقالت:مش فاهمة إيه الإهمال دا!..أخد إجازة كام يوم يحصل كل دا؟!…
نهضت ثم إتجهت إلى غُرفتها مُتناسية خوفها من الخروج ثم هدرت بـجدية
-جهزي أوضة العمليات..بـ الظبط رُبع ساعة وأكون عندك…
أغلقت الهاتف ثم جذبت أول ما وقعت يديها عليه..إرتدت كنزة ثقيلة صفراء يعلوها سترة ذات خامة الچينز..وبنطال أزرق ذات خامة السُترة..جمعت خُصلاتها بـ جديلة وضعتها على كتفها الأيسر
جذبت حقيبتها و وضعت بها هاتفها ورحلت
بعد ساعتين لتلك الجراحة الصعبة..خرجت سديم من الغرفة لتهرع إليها زوجة المريض تتساءل بـ لهفة ونشيج
-إزيه جوزي يا دكتورة!
-طمأنتها سديم بـ إبتسامة:الحمد لله الجرح كان عميق بس مأصبش أنسجة حيوية
-يعني هيكون كويس؟!
-أحسن مني ومنك كمان..يلا هستأذن أنا…
وقبل أن ترحل تساءلت الزوجة مرةً أُخرى
-أقدر أشوفه؟
-تنهدت سديم وقالت:لما يفوق من البنج..بس حاليًا مش هينفع..لما ينقوله الأوضة و يفوق هخلي المُمرضة تدخلك…
أومأت الزوجة بـ سعادة وظلت تحمد الله وتدعوه..تحركت سديم وظلت تُحرك رأسها بـ حيرة لما يحدث بـ تلك المدينة
فتحت هاتفها عندما وجدت رسالة نصية أرسلها زميلها سليم يُخبرها أنها ستستطيع العودة إلى القاهرة بـ أقل من شهر
تهللت أساريرها لتضع الهاتف بـ جيب مئزرها الطبي ثم إتجهت إلى المقهي الصغير المُحلق بـ المشفى لُتحضر كوب قهوتها الذي لم تتناوله صباحًا
عادت إلى غُرفة مكتبها وقد غمرها الشوق لرؤية قُصي
إنتفضت شاهقة وهي تدلف إلى غُرفة مكتبها بعد غيابٍ طويل لتجده يجلس فوق مقعدها وساقيه موضوعتان فوق المكتب يبتسم بـ خُبث..إنتفاضها جعل كوب قهوتها الساخن ينسكب فوق ثيابها لتصرخ ألمًا لما أصابها من حرق
أما هو بقى يُحدق بها ثم أردف بـ سُخرية
-إيه رأيك فـ الزيارة دي!!!…
لم ترد عليه بل حبست أنفاسها ويدها فوق صدرها تُهدأ ضرباته..تراجعت إلى الخلف عندما أنزل ساقيه وتقدم منها..حاولت الخروج ولكن يده منعت هروبها وأغلق الباب خلفها
تراجعت حتى إلتصقت به ليدنو هو منها ثم همس وإصبعه يُديره حول خُصلاتها بـ مكر
-بما إنك حبستي نفسك فـ شقتك ومعرفتش أزورك طول المدة دي..قررت أعملك زيارة عمل…
أدارت وجهها بعيدًا عن مرمى تنفسه ثم همست بـ حدة وهى تصر على أسنانها
-إتفضل إطلع برة..متفكرش إني خايفة منك..لأ خالص..أنا مش عاوزة مشاكل فـ بلد مش هكمل فيها شهر…
إرتفع حاجبيه بـ سُخرية قبل أن يدنو أكثر ثم أكمل و إصبعه ما زال يتلاعب بـ خُصلاتها
-لأ وأنتِ الصادقة مش هتكملي فيها ليلة…
نظرت إليه مصعوقة..ليضحك أرسلان قائلًا بـ خُبث
-لأ مش هنهي حياتك..لأ دا أنا هستلذ بيها وأنا بنهيها…
أخذ نفسًا عميق وهو يحك أنفه بـ وجنتها ثم همس بـ خُبث
-وأنتِ معايا…
تنفست بـ سرعة وخوف..أبعدت وجهها عن مرمى أنفه مُغمضة لعينيها بـ نفور قاتل..صرت على أسنانها وقبل أن تردف…سمعا صوتًا من خلفهما يهدر بـ صدمة و غضب ناري بل أسود
-سديم!!!….