رواية عشت معاه حكايات
الفصل الثالث
كانت حلا تستمع لحديث زوجها وتسترجع معه الذكريات كأنها حدثت الامس .. كانت تضمه الى صدرها كما تضم الام رضيعها وتشعر بأنفاسه الحارة كلما يتذكر ما فعله خليل اللئيم معه ومع عائلته ولكنها فجأة اخرجت خالد من لحظته المفضلة حينما يحتضنها ويتحدث كأنها تذكرت شيء ما ..
حلا: قولي يا خالد صحيح طول السنين الى فاتت دي و انا مش عارفة ليه خليل عمل كده مع والدك ولا معانا كلنا ويه كان بيستخدم ابنه سمير كدراعه اليمين لنشر شره على الناس ده حتى لما سمير قرر انه يتحداه انت عارف هو عمل معاه ايه لولا ستر ربنا كانت حياته هو وهند انتهت دلوقت لقدر الله ..
وقامت متثاقلة تحيط بطنها المتكور قليلا وجلست على مقعد مريح بنى اللون له فرو غزير صنعه خالد خصيصا لها لكى تمد قدمها عليه ويكون رقيق على جسدها فمنذ ان سمع بخبر حملها وهو يدللها للغاية ويصنع لها ما تريد .. جلس هو الاخر على مقعد مماثل لمقعد حلا ولكن بفرو اسود لامع وامسك يدها وقبلها وبدا يجيب على سؤالها ..
خالد : تقريبا كده مفيش شغل النهاردة صح ولا ايه ..
حلا بحب ورقة : اه بالظبط كده حبيبى هيقعد معايا ونقعد نرغى طول اليوم ..
خالد : ماشى يا حبيبتى كنت سالتى ليه خليل عمل مع بابا كده .. زمان الحاج شرف كان صاحب جدى عبد السلام جدا كانوا عايشين مع بعض كانهم عيلة واحده مفيش بينهم اى فرق وكان فى بينهم شغل كتير ومصالح حتى احيانا الى كان بيدخل مناقصه فيهم ومش معاه فلوس كفاية كان التانى بيكمله .. وخليل ووالدى كانوا اعز اصحاب لحد ماوصلوا لمرحلة الثانوى العام اختار والدى انه يدخل ثانوى فنى زى ماانتى عارفة عشان يقدر يساعد جدى ويقف معاه واختار خليل انه يدخل عام طول عمره كان بيعشق حاجة اسمها مظاهر .
حلا : تمام كل ده كويس جدا فين المشكلة بقى
نظر لها خالد : لو صبر القاتل على المقتول شوفى ياستى والدى ربنا كرمه وقدر بشطارته انه يوسع شغل جدى ويجيب صفقات جديدة للشغل ويسافر حتى خطب والدتى فى نهاية سنه تالته يعنى وهو عندى 19 -18 سنة تقريبا وكل ده وخليل كل دوره انه يعدى على ورشة والده ياخد فلوس ويمشي لحد ما جه يوم كان والدى لابس فى زى الصنايعية وواقف يقفل معاهم طلبية شغل مشتركة بين جدى ووالد خليل دخل خليل بكل عجرفة وهو بينفض بنطوله الى اتوسخ من تراب الخشب الى حواليا وبص لوالدى فى استهزاء وقاله والله يا رؤوف وبقيت اسطى شاطر اهو قد ايه التفت والدى ليه وسلم عليه وحضنه وكانت دى بقى القشة الى قسمت ظهر البعير زى مابيقولوا كده
حلا : ازاى بقى ده تصرف طبيعى بين الاصحاب
خالد : لو مبطلتيش تقاطعينى هتعرفى .. هو زعل عشان هدومه اتبهدلت وهو من وجهه نظره ابن صاحب الشغل لان الصفقة دى كانت موبيليا لمحل كبير جدا فى دمياط كان طالب مننا صاحب المحل تقريبا عشر اوض نوم وخمسه سفرة وحاجات تانيه كتير .. المهم اصحاب خليل لما شافوه متبهدل تراب ضحكوا عليه راح هو باعد والدى بعيد عنه وده خلى والدى يتخرج بالصدفة بمنشار من عامل كان بيقطع الخشب ولما خليل حدف والدى لورا ايده جت فى نفس اللحظة مع ايد العامل وهو بيقطع اول ما الاصوات عليت فى الورشة دخل جدى والحاج شرف لقى دراع والدى بينزف
وخليل واقف بكل برود بينضف هدمه وبمنتهى السخرية قال : عشان بعد كده تبقى تراعى الفرق بينى وبينك يااسطى .. وفى لحظة خروج خليل لقى الحاج شرف بيضربه بالقلم على وشه .
حلا : انت بتتكلم بجد يا خالد ضرب ابنه على وشه
خالد : يا حلا الحاج شرف ده كان راجل بجد مبيضيعش حقوق حد وبيحترم الناس جدا وكل الناس كانت بتقدره .. ما عادا ابنه للاسف امه كانت مدلعاه جدا لانه كان ابنها الوحيد على اربع بنات .. تعرفى لما الحج شرف ضربه بالقلم على صوته عليه قدام الناس وده خلى الحج شرف يتبرى منه وطول مده حياته الى عاشها بعد كده ولا مرة دخل فيها خليل البيت
حلا : اه انا كده فهمت اعوذ بالله بس انت عرفت كل ده مش ممكن يكون عمه رؤوف بيبالغ شوية مثلا لان فى بينهم حاجة اكبر من كده
خالد ضاحكا : بصي يا حلا الموضوع ده معروف تقريبا فى السوق كله تعرفى حتى لما الورشة بتاعتنا اتحرقت ناس كتير جت لوالدى عشان يبلغ فى خليل ولكن والدى مرضاش اكراما بس للحج شرف ولوصيته لوالدى قبل ما يموت كمان الدنيا دى على ما اد ما هى كبيرة وتساع ناس كتير على قد ما هى غريبة لانك ممكن تخسري شخص عزيز جدا عليكى نتيجة موقف صغير جدا وممكن حياتك تستمر مع شخص تانى حتى لو وجعك وجع كبير جدا .. ده يا حبيبتى بيرجع لطبيعة معادن الناس والخير والشر الى جواهم
حلا : مممممم حبيبي فيلسوف .. طيب ليه خليل على صوته على والده وايه هي الوصية دى الى قالها لعمو رؤوف
خالد : هنرجع لنقطة فيلسوف دى وهحاسبك عليها بطريقتى بعدين فهمانى طبعا
تخضبت وجنتاها واطبقت فمها ولم تحرك ساكنا فهى تعرف تماما عقاب زوجها كيف يكون وكيف انه يتلهف لان يعاقبها بطريقته الخاصة كثيرا من القبلات الحانية المتملكة لشفتيها والغوص معها فى احضان اللذة الجميلة لساعات دون ان يمل او يتعب فهو يعشق كل ما فيها ويقدس كل انش من جسدها بشكل خاص جدا .. وهى تستمتع بذلك كثيرا لانها تمتلك قلبه وجوارحه تستطيع ان تثيره بكلمة وتهدئ ثوره اشتياقه بحضنها الدافئ وتخفف عنه متاعب الدنيا بان تضمه اليها وتدع يدها تغرق فى شعره الاسود الكثيف الذى طالما عشقته كلما يمر عليه الهواء ويحركه ….
اخرجها خالد من نشوتها الخاصة ها ايه رايك نكمل احسن من غير اى اسئلة ولا ايه
نظرت له ولم تحرك ساكنا .. ضحك خالد قائلا ايوه كده حبيبتى مؤدبة … شوفى بقى لما الحج شرف ضرب خليل بالقلم الحوار الى حصل بينهم كان كالاتى ده طبعا والدى قالوه وعم رفيق وواحد من الى كانوا شغالين مع خليل كمان لما طردهم من عنده وجه يشتغل عندنا يعنى الكلام صحيح مش مجرد شئ والدى قاله عشان يخبى حاجة اكبر
شعرت حلا بالاحراج فهى لم تقصد ما فهمه خالد ولم ترد ان تضايقه فنظرت له قائلة انا مكنش قصدى حاجة صدقنى يا خالد انا حابة افهم بس كل حاجة لانكم تقريبا من وقت ماسمير بقى من العيلة او عرفناه على حقيقته يعنى وانتوا بتراعوا انكم تتكلموا فى الموضوع ده
خالد : انا فاهم يا حبيبتى قصدك اكيد وطبعا معاكى حق بس مش هقرد انى اكافئ سمير بعد الى عمله معانا انى افتح الموضوع ده واتكلم فيه مش اخلاقى انى اجرح حد هو اصلا مجروح فهمتى ..
حلا : طبعا يا حبيبى يلا كمل
خليل مخاطبا والده : بتمد ايدك على ابنك الوحيد عشان خاطر صنايعى شغال عندنا بنسبه قصاد عرقه .. عم الصمت
فى الورشة ووقف جميع العمال فى زهول كيف يتجرا هذا الابن المتعجرف على ان ينهر ابيه بهذا الشكل فهو لم يكلف نفسه يوما ليتابع العمل فى الورشة او مصنع والده ومع ذلك كاد ان يتسبب لرؤوف باعاقة ونهر والده علنا امام الجميع
الحج شرف : اخرس يا فاشل انت نسيت نفسك انا ابوك الى بصرف عليك الى عملت منك بنى ادم الصنايعى الى مش عجبك ده ضافره برقبتك عارف ليه لانه راجل وفاتح بيت وبيصرف على نفسه وفى سنه واحده بس دخل مكسب عشرين الف جنيه عارف يعنى ايه مبلغ زى ده دلوقت انت بقى يا دلوعة امك عملت ايه طالع نازل فلوس فلوس وعجرفه على الفاضى ولام ملى شوية صيع حواليك وقال ايه عاوز تخش الجامعه يا اخى روح اتعلم الادب الاول
سري الدم فى عروق خليل ولم يشعر بنفسه الا وهو منقض على رؤوف ويسدد له اللكمات لكمة تلو الاخرى مما ادى الى كسر فى انف رؤوف وصاح شرف على ولده امشى اخرج بره لا انت ابنى ولا اعرفك ومن هنا ليوم مماتى مش هطول منى مليم
خليل: كده يا حج كل ده عشان رؤوف وحياة غلاوتك عندك ما هرحمه ومهما اتغنى ومهما وصل هو وابوه هفضل وراه لحد ماارجعه شحات زى ما كان طول عمره شحات خليك فاكر كلامى كويس يا رؤوف
رؤوف بعد ان استعاد قوته ونهض وكان من الممكن ان يرد لخليل ضرباته ولكن خاطبه قائلا : وانت يا خليل خليك فاكر انك مهما عملت هفضل انا الاحسن والاكرم والانجح منك وبكره الايام تسبتلك ده ومن بعدى هيجى وولادى وولاد ولادى انت بقي ابقى شوف مين هتقبل بيك بكل الكره والغل والشر الى جواك ده كفاية انك خسرت رضا ابوك عليك .. والدم الى انا نذفته ده هتدوقه يا خليل مهما طال الزمن هتدوقه ربنا اسمه العدل وانا بمجهودى هوصل وبفلوس ابويا البسيطة هعمل اكتر من الى هيبقى عندك وهتاخده بعد طويل ..
نظر له خليل ولم يجبه .. جلس الحج شرف ممسكا قلبه التف حوله جميع عماله وبدا الحج عبدالسلام والد رؤوف يهدئه
عبد السلام : معلش يا حج طيش شبابا هدى نفسك بكرة يعقل اشرب اللمون ده وهدى اعصابك
الحج شرف : طيش ايه بس ده انا الى بديله المصروف وشوف انت حواليك اقل حد من عمالنا دول فاتح بيت وبيصرف على عيلة بحالة وصلت بيه البجاحة يعلى صوته عليا ياريته كان مات قبل مااشوف اليوم ده
عبد السلام : معلش يا حج انت زى اخويا متزعلش منى الست ام خليل مدلعاه اوى ومزوداها معاه حبيتين انت عارف احنا طول اليوم فى اشغالنا والست الى عليها دور التربية برده بس ان شاء الله ربنا يهديه
فى هذه الاثناء كان خليل متوجهه الى منزله صعد السلم باقصى سرعه واخذ يطرق الباب كالمجنون الى ان فتحت اخته الصغرى له باب فدفعها مما ادى الى انها سقطت ارضا واخذت تبكي ..
اما خليل لم يعيرها اهتماما بدا يصيح باعلى صوته : يا ماما يا ست ماما خرجت امه مسرعه من المطبخ توجهت الى ابنها فى الصالة لتجد ابنتها الصغرى ملقاة ارضا ممسمة بقدمها التى التوت وتبكي وولدها كالثور الهائج .. نادت على ابنتها الكبرى كانت على سطح المنزل تقوم بجمع الغسيل هبطت مسرعة تتسائلا : فى ايه يا جماعة مالك ياخليل وانتى كمان مالك فى ايه نظر لها خليل بغضب : بقولك ايه انتى كمان انا مش ناقصه غورى من وشي وامسك يد امه ودخلا بها الى الغرفه
الام : مالك ياابنى الله يهديك رد عليا
خليل صائحا: عجبك كده جوزك باين عليه كبر وخرف خلاص انا يضربنى ويتبرى منى عشان خاطر الصنايعى الفاشل ده هو وابوه حياله عندهم حتة ورشة على ايه يعني كل ده. ده الناس كلها بتحبه وبتعمل لكلمته قيمة حتى الراجل ابو حياة اجمل بنت فى الحتة خطباله قال ايه عشان راجل وهيصونها هو عارف يصون نفسه الشحات
الام محتضنه ابنها تحاول تهدئته : معلش يا خليل هو ابوك دايما كده كاسفنا قدام الناس كلها ومقلل بينا مش عامل لينا قيمة خالص ياابنى معلش يا ضنايا ولا يهمك تعال واخذته الى دولاب خشبى فتحته واخرجت منه صندوق صغير يبدو كصندوق مدخرات شخصية فتحت الصندوق وجمعت كل ما به من مال واعطته لابنها : ولا يهمك يا حبيبى الحمد لله ان جدك كان راجل غنى وسابلى ورث من غيره كان ابوك ذلنى انا وانت .
تسترق السمع اخته الكبرى وتفتح الباب وتدخل عليهم : ايه يا ماما الى انتى بتقوليه لخليل ده انت كده بتساعديه يبقى فاسد هب خليلا من مكانه وامسك اخته من ذراعها : انتى اتجننتى يابت نسيتى انى الراجل ولا ايه معتش غيرك يا عانس الى هتتكلم .
اخترقت الكلمة قلب اخته قبل اذنها فهى لاذنب لها ان كانت تمتلك من الجمال القليل والعلم ما يكفى ان تكتب اسمها فخرجت تجرى ممسكة عبراتها تمنعها من الانسياب ودلفت لغرفتها
الام : سيبك منها ياابنى دى بت هبلة متعرفش مصلحتها كل ما يجيها عريس تتبغدد لحد ما قعدت فى ارابيزى المهم يا حبيبى خد الفلوس اهى ومفتاح البيت القديم وهوضبلك شنطتك وكتبك وذاكر وتاكل كويس وكل ما فلوسك تخلص تعال زى دلوقت وابوك فى شغله تحت لازم تنجح عشان نكيد الكل يا حبيبى
خليل يحتضن امه ويقبل يده : من غيرك مكنتش عارف هعمل ايه يا ست الكل ربنا يخليكى ليكى
تركته يعد النقود وذهبت لتحضر له شنطته واخذها وذهب
حلا : ها وبعيدن ايه الى حصل وعم رؤوف حصله ايه
خالد : حرام عليكى يا حبيبتى عصافير بطنى بتصوصو جعااااااان يا حلا مش هتغدى جوزك المسكين ولا خلاص اخدتى غرضك منى ومعتش مهم عندك واشار الى بطنها
حلا : ازاى بس ده انت الكل فى الكل يا حبيبى ربنا يخليك ليا يارب حاضر هعمل احلى غدا لحبيبى وتوعدنى نكمل كلامنا بعدين
خالد : حاضر يا حبيبتي هنكمل بعد الغدا وعلى ماتحضرى الغدا اكون انا عملت شوية تليفونات شغل
حلا: ماشي يا حبيبي