رواية عشت معاه حكايات

الفصل الثالث عشر

انهي رؤوف حديثه مع رفيق واخبره بالاتفاق الذي دار بينه وبين مصطفي ‘‘ ليجد رفيق مشدوها

رؤوف : مالك يا رفيق فيه ايه ‘‘ وشك اصفر كده ليه

رفيق : بصراحة يا حج مصطفي ابني اه وكل حاجة ويهمني سعادته ‘‘ بس مش لدرجة اننا نيجي اوي كده علي هدي ‘‘ دي صدمة هيبقي تأثيرها سلبي عليها ويمكن تبوظ الموضوع كله او تفقد ثقتها فينا حتي ‘‘ صعبة يا حج اننا نمثل عليها في حاجة زي دي

ربت رؤوف علي كتف صديقه : يا راجل يا عجوز انت فاكر اني مفكرتش في كل ده لا طبعا فكرت فيه كويس اوي ومتقلقش وبعدين احنا مش هنمثل حاجة بعيدة عن الواقع ‘‘ متقلقش يارفيق ‘‘ المهم خلينا في الشغل دلوقت اخبار العمال ايه ..

في فيلا خليل

يدخل وعلامات السعادة علي وجهه ‘‘ ليصطدم بقدرية التي مازالت مكانها ولم تتحرك ‘‘ وقفت وسارت اليه

قدرية : شكلك مبسوط يا خليل ‘‘ عرفت هدير فين ‘‘ شفت سمير اطمنت عليه ‘‘ ما ترد عليا ياخليل

يدخن سيجاره وينفث في وجهها الدخان و يجلس علي الكرسي واضعا قدم فوق الاخري وينظر لها قائلا

خليل : تعرفي يا قدرية علي قد ماانتي غبية و مزعجة وعيالك سبحان الله ميفرقوش عنك كتير ‘‘ بس المرة دي انا مبسوط منكم اوي اوي

قدرية : ازاي مش فاهمة حاجة ‘‘ ما تفهمني وتطمني علي ولادي يا خليل

خليل وهو في طريقه للدور العلوي : يعني عيالك قدمولي حبل المشنقة الي هموت بيه رؤوف بالبطئ ومش بس كده لا ده هيجي راكع وزاحف كمان

قدرية تركض تلحق زوجها المتحدث بالألغاز و تجذبه من ذراعه بقوة : بص لي هنا و كلمني ‘‘ احترمني بقي شوية يااخي

نظر لها بهدوء : حاضر هحترمك يا قدرية

وبظهر يده صفع خدها بقوة والقي بها علي الفراش ‘‘ ونفث دخان سيجاره مرة أخري و بكل برود وبينما كان يجمع ملابسه ويضعها في الحقيبة ‘‘ وقبل ان يخرج التفت لها قائلا

خليل : قدرية يا حبيبتي ‘‘ انتي طالق ‘‘ طالق ‘‘ طالق ‘‘ عشان تتعلمي بعد كده تحترميني ومتنسيش نفسك

تركها بين صدمتها و دموعها تذرف بلا انقطاع ‘‘ تركها جريحة مطعونة في كبريائها ‘‘ ذهب وتركها لذكرياتها معه منذ ان كسدت تجارة والده واغلق الورشة والمصنع و اخذ يتسكع هنا وهناك ‘‘ الي ان ساقته الاقدار لمصنع والدها لإنتاج الأحذية و الجلود ‘‘ ما ان رأه والدها الحج صبحي لم يرتاح قلبه له خاصة بعد ما سمعه من الناس عن ما فعله مع والده وبعد وفاته ‘‘ ولكن خليل يستطيع ان يتلون كيفما يريد فقط من اجل الحصول علي هدفه وغايته وقد كان

عمل خليل عام كامل لدي الحج صبحي وكان يعمل جاهدا لنيل رضاه ‘‘ كان يصنع اي شئ وكل شئ ‘‘ من كان يصدق خليل المدلل يعمل بدبغ الجلود وصنع الأحذية و لكن كما يقولون الغاية تبرر الوسيلة

اشتد المرض علي الحج صبحي في نهاية العام بمرض عضال بالصدر ‘‘ وكان قد نبهه الأطباء بالاهتمام بصحته ولكن لم يتمكن من هذا خاصة وانه اخ وحيد حتي بعد زواجه انجب فتاه وحيدة قدرية ‘‘ لم تكن ذات جمال صارخ ولكنها كانت بمئة رجل كما يقولون ‘‘ ولانها لم تري الكثير من تقلبات وزيف البشر والحياة صدقت ان خليل رجل صالح ‘‘ فهي كانت تتابع العمل مع والدها حتي قبل قدوم خليل ‘‘ كانت المسؤولة عن الحسابات وجميع من يعمل بالمدبغة والمصنع يعتبرون كلمتها سيف لا رجوع فيها ‘‘ ولكنه الحب اذا لمس قلب انثي واستطاع ان يصيبه ‘‘ تصبح رخوة وهشة بعض الشئ ‘‘ ولم يكل خليل او يمل ليظهر امامها انه الرجل المناسب التي من الممكن ان تمضي حياتها معه ‘‘ خاصة حينما مرض والدها وقف جوارهم وكان ينام 3 ساعات فقط يوميا كي ينجز طلبيات الشغل ‘‘ وجاء اليوم الذي تحولت فيه حياة الجميع

يوم اخبر الطبيب قدرية والحج صبحي ان امامه فقط اسبوع ‘‘ وبين بكاء قدرية و جزع امها ‘‘ كان والدها صامت لا يخرج حرفا واحدا فقط يطالع ابنته وحيدته بأسي وحزن ولسان حالة بقول (( يا تري هتعملي ايه وهيحصلك ايه من بعدي يا بنتي ))

وهنا ظهر الفارس المغموار خليل الذي تحول لعاشق معذب بين ليلة وضحاها و اخذ يصر ويلح في طلبه بالزواج من قدرية ‘‘وامام اصراره واحساس الاب لدي الحج صبحي كان الزفاف قبل المهلة المحددة من الطبيب بيومان ‘‘ ويوم الزفاف و لان الحج صبحي مازال في حالة قلق علي ابنته ‘‘ وقلبه لم يصفي لخليل حتي بعد كل ما يفعله معه ‘‘ طلب منه ان يسكن هو وقدرية معهم وقبل خلوة العروسان طلب من والدة قدرية ان ترسل له خليل

ابتلع خليل ريقه بصعوبه واخذت الافكار تعصف بذهنه يمينا يسارا ‘‘ ولكنه قرر الدخول كي يري لما يريده

طرقات علي الباب ‘‘ اتي الصوت من الداخل يسمح له بالدخول ‘‘ دخل وحاول جاهدا ان يتسم بالثبات امام الحج صبحي فهو يري فيه ابيه رحمه الله ‘ له نفس النظرة التي يعلمها تمام العلم ( انا فاهمك وعارفك كويس )

اعتدل الحج صبحي : تعال يا خليل ياابني ‘‘ و اخرج ورقة بيضاء وقلم من اسفل وسادته ‘‘واكمل حديثه قائلا : امضي هنا ياابني

نظر له خليل بتعجب و كانت بداخله رجفة خوف : امضي علي ايه يا حج

نظر لها صبحي بتمعن مما جعل توتره يتصاعد : انا خلاص كلها ساعات و هقابل وجه كريم وعارف كمان كل حاجة عن ماضيك قبل ما تيجي تشتغل عندي ‘‘ شوف ياابني انا اب لبنت وحيدة الي هي بقت مراتك دلوقت ‘‘ ولان انت بقيت في مكانة قدرية وجوزها مينفعش انك تبقي بلا مال وشغل ‘‘ وعشان ياابني متحسش في يوم انك اقل منها ‘‘ او طمعك يخليك تستغل حبها ليك ‘‘ وتفضل تحافظ علي مالها الي هو في المستقبل هيبقي مال ولادك ‘‘ انا كتبت لك ربع البيت و ربع المدبغة

تهلل وجه خليل ونظر للورقة واسرع بالتوقيع وقبل يد الحج صبحي : بجد يا حج مش عارف اقولك ايه

الحج صبحي : متقولش ياابني انت بقيت واحد مننا انا عملت ده عشان اضمن سعادة بنتي معاك من غدر الايام ومن وسوسة الشيطان ‘‘ ومتنساش ياابني الست اول ما بتتجوز جوزها ده بيبقي كل دنيتها وزي مااحنا اكرمناك طول السنة الي قعدتها معانا ‘‘ اكرم بنتي العمر كله

قبل خليل يده مرة اخري : طيب يا حج عن اذنك افرح قدرية بالخبر الحلو ده واسيبك ترتاح

الحج صبحي : انا مرتاح ياابني متقلقش ‘‘ ابعتلي قدرية انا هبلغها

خفتت فرحته وطأطأ براسه للاسف : حاضر يا حج الي تشوفه ‘‘ خرج وهو يطبق علي الورقة بين اصابعه كأنه يخشي عليها ان تطير ‘‘ دخل غرفتهم المجهزة خصيصا لهم في بيت الحج صبحي ‘‘ ليجد قدرية تقطع الغرفة ذهابا و عودة في قلق ما ان راته حملت فستانها بيدها وركضت نحوه

قدرية : ايه يا خليل ‘‘ الحج كويس طمني الله يخليك

خليل مبتسما وهو يخلع عنه بدلته : كويس اوي يا روحي ‘‘ هو مستنيكي دلوقت روحي شوفي هو عاوزك ليه ‘‘ وتعالي يلا مستنيكي علي نار

تحول وجهها للوردي لم احست به من خجل من حديث خليل و ركضت مسرعة ‘‘ طرقات علي الباب ليأتيها صوت والدها يسمح لها بالدخول

في منزل رؤوف و بعد مرور اليوم بخيره وشره ‘‘ اقبل الصباح جميلا هادئا ‘‘

استيقظ جميع افراد المنزل ‘‘ حياة تجهز ملابس زوجها قبل ان تخضر الفطور ‘‘ البنات يجهزن انفسهن ‘‘ اما خالد لم يعد بعد لقد كان مع سمير

بعد ربع ساعة تجمع الجميع حول المائدة لتناول الإفطار و كانت هدي علي غير العادة صامتة يبدو علي وجهها الإرهاق

سألها والدها : هدي مالك يا بنتي فيكي ايه انتي كويسة في واحدة تبقي رايحة تجيب شهادة تخرجها وتبقي مبوزة كده

رسمت هدي ابتسامة باهتة تخفي خلفها الكثير : ها لا يا بابا مفيش هو مجرد ارهاق بس متقلقش عليا

لتقتحم هند النقاش كالعادة : تلاقيها زعلانه انها ارتاحت من المذاكرة ‘‘ اصل هدي اختي مجتهدة وبتحب المذاكرة اوي

ضحكوا جميعا لتخبرها حياة والدتها

حياة : انتي ايه يا بنتي لسانك ده اطول منك ‘‘ معلش يا هدير يا بنتي‘‘ هنصدعك من هنا ورايح بكلامنا و بدوشة الست هند

ابتسمت هدير: بالعكس يا طنط انا فرحانة جدا والله لاني مفتقدة ده

طرقات علي الباب منعت حياة من الرد ‘‘لتركض هند علي الباب وهي تقول

هند : اكيد ده خالد و لكنها وجدته رفيق ‘‘ رحب به الجميع و دخل في انتظار رؤوف كي يذهبا سويا للعمل

في منزل رفيق

لم ينم مصطفي جيدا ‘‘ فاليوم ميعاد ما اتفق عليه مع رؤوف ‘‘ كان بداخله مشاعر مضطربة يخشي ان ترفضه هدي اكثر بعد ما سيقوم به معها ‘‘ او يجدها لم تتأثر به كثيرا ‘‘ وفي الحالتان تدمير له ‘‘ صداع يكاد يفتك به ولكنه نهض مسرعا توضأ وصلي ‘‘وارتدي ملابسه وخرج مسرعا في طريقه لباب المنزل ‘‘ استوقفته امه

والدة مصطفي : صباح الخير ياابني ‘‘ ايه صاحي بدري ليه ‘‘ مش قولت معندكش شغل بدري النهاردة

اعتصر الالم قلب مصطفي مما سيصيب امه بعد ثوان ولكن لم يعد بيده حيلة

مصطفي بعد ان فتح الباب : صباح النور ياامي ‘‘ انا اصلا منمتش ‘‘ عن اذنك عشان رايح مكتب السفر اخلص ورقي ‘‘ سلام عليكم

صدمتها جملته الأخيرة وظلت تبكي بلا انقطاع لا تعلم سبب تغيره المفاجئ ‘‘ ذهبت بإتجاهه الهاتف و طلبت رقم و ظلت تدعو ان يرد سريعا

اتاها الرد من حياة : الو سلام عليكم

اتاها صوت بكاء من الطرف الاخر : الو يا حياة الحقيني يااختي مصطفي صحي من النوم وطلع يجري علي مكتب الجوازات معرفش ايه الي قلب حاله كده

فهمت حياة ان المتحدث هو سوسن زوجة رفيق الذي كان سيغادر مع زوجها لولا انها استوقفتهم مسرعة

استني يا حج رفيق ‘‘ سوسن اتصلت ومقطعة نفسها من العياط بتقول مصطفي صحي من النوم وطلع يجري علي مكتب الجوازات

اندهش رؤوف ورفيق

رؤوف بصوت عال نسبيا : يلا يلا بسرعة يا رفيق يمكن نلحقه قبل ما ياخد التأشيرة علي الفيزا ونفهم ايه الي حصل

خرجت هدي من غرفتها بعد ما سمعته من جلبة في صالة المنزل وحاولت ان تفهم ما يحدث وحينما اتتها الإجابة ان مصطفي الان في طريقه لمكتب السفريات

قالت في همس مصطفي ومكتب وسفريات ‘‘ ولم تشعر بأي شئ سوا ان الارض تبتلعها و اغشي عليها …

تري ماذا سيحدث بعدما نفذ مصطفي الخطوة الأولي من خطة رؤوف ؟!

وكيف ستتصرف قدرية بعد ما فعله خليل معها ؟!

يتبببببع ..

error: