رواية عشت معاه حكايات

الفصل السادس والعشرون

صدم الجميع من ردت فعل خالد ‘‘ كان الصمت حليف رؤوف ‘‘ والبكاء لم يدع حياة بسلام ‘‘ اما حلا تكاد تجن تفقد عقلها ‘‘ يكاد قلبها ان ينشق وينخلع من موضعه ‘‘ كيف اتته القوة كي يخبرها ان البعد افضل حل لهما ‘‘ كيف يدير لها ظهره بسهولة ‘‘

*********
* الشدة خير برهان لإظهار حقيقة البشر *

في منزل رؤوف كانت هند و هدي ومعهما سوسن و قدرية ينظرون رجعتهم علي احر من الجمر ..

كانت هند تطالع الساعة كل عشر دقائق ‘‘ وهدي تلازم مصحفها تدعو الله ان ينجي اخوها ووالدها ‘‘ مر الوقت عليهم طويلا كئيبا

دقات خافتة علي الباب

ركضت هند وهي سعيدة ها قد اتي خالد وابوها ‘‘فتحت الباب لتجد غيمة حزينة تحيط بالجميع

دخل سمير محتضنا حياة ‘‘ الام المكلومة في ولدها وحيدها ‘‘ لتستقبلها قدرية ببكاء كأنها تشاطرها حزنها وتعييه تماما ..

بعد وقت ظهر رؤوف و مصطفي ورفيق تباعا ‘‘ احتضنت هند والدها وقبلته ‘‘ كان قلبها يتراقص فرحا .. وكذلك هدي

دخل الجميع و ظلت هند تنتظر ظهور خالد .. الي ان اتاها صوت والدها

رؤوف : اقفلي يا هند الباب وتعالي يا بنتي

هند بخوف : ليه يا بابا فين خالد

اغلقت هدير اذنيها بيديها خوفا ان ….

ولكن غلقها لأذنها لم يمنعها من سماع ما كانت تخشاه

رؤوف : خالد اخد سنة و نص يابنتي‘‘

انهارت هدير مكانها بالبكاء محتضنة نفسها ‘‘ نظرات عتاب ولوم وحيرة بين سمير وقدرية التي ابتعدت عن حياة خوفا من ان تزيد حزنها حزنا ولم لا وهي زوجة هذا المتجبر الظالم الذي ساق ولدها لأتعس أيام حياته ..

قدرية مرتجفة : انا انا مش عارفة اقولك ايه والله ‘‘ ياريتني قتلته من زمان ولا حتي اطلقت منه واخدت ولادي ومشيت بعيد عن شره ‘‘ انا عارفة ان اي كلام هقوله ملوش لازمة ‘‘ بس ورحمة ابويا ما هسكت غير ما خليل يظهر و يتحمل نتيجة تصرفاته ومش بس كده يتجازي اسوأ جزاء علي كل الي عمله

رؤوف بهدوء و روية : يا ست قدرية انا عارف ان ملكيش ذنب ولا انتي ولا ولادك ‘‘ انا واثق في رحمة ربنا انه هيخرج ابني علي خير بإذن الله

كان الجميع يسعي ليدعم هذه الاسرة التي سلب منها وحيدها وسندها و احن شخص بها ‘‘

***********
في بيت الحج عبد السلام

كانت حلا في حالة من الصمت لم تعد عيناها تزرفان الدمع ‘‘ فقط صامتة تغلق عينيها علي لحظات جميلة جمعتها بخالد ‘‘ لا تدري لم يوجد امل بداخلها يأبي ان يخفت او يموت بأن خالد حبيبها وزوجها وقدرها ونصبيها ….

طرقات علي باب غرفتها ‘‘ لم تنتبه حلا ‘‘ لقد كانت محلقة مع لحظاتها الجميلة مع خالد ‘‘ افاقت من شرودها علي يد تمسح علي رأسها ‘‘ فزعت قليلا ‘‘ لقد كان ابوها جالسا جوارها مبتسما

الحج عبدالسلام مبتسما : ها نويتي ايه

حلا مستفهمة : في ايه يا بابا

الحج عبدالسلام : في مشروعك مع هدي يابنتي ‘‘ مش خلاص اتخرجتوا والمكان الي هتعملوا فيه دار الحضانة والتحفيظ اهو موجود ‘‘ ولا انتي غيرتي رأيك بعد الي حصل لخالد

حلا : لالالا يا بابا اوعي تقول كده ‘‘ انت ربتني كويس صحيح اني بنتك الوحيدة وكنت صارم معايا كتير ‘‘ بس في الاخر انا بنتك وطالعة جدعة زيك ‘‘ لا يمكن اتخلي عنه ‘‘ اقصد عنهم يعني ‘‘ وابتسمت في خجل ‘‘

الحج عبدالسلام : ربنا يريح قلبك يابنتي ‘‘ كنت خايف موقف خالد في المحكمة يأثر عليكي ‘‘ او يخليكي تكرهيه ‘‘ تعرفي انه لو كان عمل غير كده كنت انا الي هعيد نظر في موضوعكم ‘‘ بس هو ماشاءالله راجل من ظهر راجل بصحيح وعشان كده ربنا مهما طال الغمة هيجي يوم ويعيش سعيد طول عمره

توسدت حلا صدر ابيها واحتضنته تتلمس منه الدفئ : بس يابابا انا صعبان عليا انه يبعدني عنه في اكتر وقت هو محتاجني فيه‘‘ لأول مرة احس انه بيتخلي عني ‘‘ ومش بس عني لا ده أتخلي عن الامل اصلا انه يخرج ..

ربت عبدالسلام علي ظهر ابنته : يا بنتي ربنا يكفيكي شر القهر والإنكسار ‘‘ هو عمل عين العقل ‘‘ لانه ميعرفش ايه الي جاي بكرة وعشان كده قسي عليكي‘ زي ما قسي علي امه وابوه وانسحب من غير حتي ما يبص عليهم ‘‘ هو من وجهة نظره انه كده صح‘‘ هو عايز يفضل قوي و عايز يقوي بيكم ‘‘ انما لو كان قالك خليكي جنبي وقعد يواسي في امه كنتوا هتضعفوه وتحسسوه انه السبب في دموعكم وكسركم ‘‘ وانتي تحديدا موقفه معاكي يثبت انه مش بس بيحبك لا يثبت ان راجل و جدع مطلبش منك ولا امرك بحاجة لو استعطفك انك تستنيه علي محنته ما تخلص ‘‘ بالعكس هو قالك الحقيقة وحاطك قدام الي ممكن في المستقبل تواجهيه في مجتمعك وحياتك وانتي اختاري ‘‘ محبش انه يأثر عليكي ولا يسييبك انتي تأثري عليه ‘‘ خالد يابنتي متربي في بيت اصول ‘‘ دلوقتي بقي دي حياتك انا مش هقدر اقولك ابعدي عنه لانه مش بس ابن صاحبي الوحيد لا ده ابني الي مخلفتوش ولو كل الناس شافته غلط انا الي مربيه وعارف اصله وفصله وهفضل اشوفه خالد الي انا اعرفه ‘‘ انتي بقي هتعرفي وتقدري تواجهي العالم واصحابك والناس بحبك ليه وتمسكك بيه ‘‘ واولهم امك الي عملاها مندبة بره ‘‘ اهي امك دي علي قد ماهي طيبة وبنت اصول ‘‘ بس لسه في حتة الامهات بتاعت بنتي تتجوز دكتور وتتجوز مش عارف ايه ‘‘ وايه يخليها تتجوز واحد عنده مشاكل ممكن تتعب بنتي في حياتها معاها ‘‘ مابالك بقي الناس هتقول ايه ‘‘ اذا كان امك الي هي شايفة خالد قدامها يوم بيوم قالت كده ‘‘ هسيبك دلوقت تفكري براحتك خالص ‘‘ ويارب تكوني فهمتي خالد قالك كده ليه .. ربنا يريح قلبك يا بنتي ..

تركها لحيرتها ‘‘ تركها بعد ان عرض لها امورا كانت تجهلها ‘‘ تركها بعد ان سرد لها وجهه نظر خالد التي قصدها بحديثه معها …..

*************
ثلاث شهور مرت عليهم ‘‘ مازال خالد يرفض ان يلتقي بأي منهم حتي سمير و مصطفي ‘‘

كان سمير يسابق الأيام كي يصل الي الحقيقة ‘‘ ليصل لمكان والده‘‘ لم تنفع تهديداته لبرعي و لاحتي ايذاءه جسديا ‘‘ من الواضح ان خليل اقنعه انه بالخارج ‘‘ وخير دليل تذكرة السفر الذي حجهزها لأوروبا ‘‘ كان سمير يكاد ان يفقد عقله ‘‘ هو يعلم جيدا ان والده لا يعمل ولا يوجد له عملاء بالخارج‘‘ فعن اي خارج يتحدث اذن ‘‘ عقله كان سيجن و لكنه لم يفقد الأمل يوما في ان يقتفي اثر ابيه ..

حتي قدرية واخواته البنات ‘‘ كان لهن دور كبير ‘‘ ولم يسلمن من تهديدات خليل

************
رنين في هاتف في منتصف الليل ‘‘ استيقظ برعي متثاقلا ‘‘ يفرك عيناه‘‘ ولكن حينما رأي الرقم المتصل نهض بسرعة البرق

برعي : الو ايوه يا باشا لمؤاخذة كنت نايم‘ خير اامرني

المتصل بإنزعاج : هو انت فالح في حاجة غير انك تنام ‘‘ اسمعني كويس ‘‘ انا زهقت خلاص ومليت من الجنان الي ام عيالي بتعمله و برده مش هظهر ‘‘ خليهم يتأدبوا شوية ‘‘ بكرة الهانم هتهد الفيلا ولا هتبيعها باين ‘‘ المهم تكون هناك من النجمة وتمنعها انها تلمس طوبة واحدة منها سامعني ‘‘ ماهو مش عشان قال ايه بيكفروا عن ذنبهم هاهاها ‘‘ يخربوا بيتي ‘‘ اما عن فلوسي الي بعزقتها يمين وشمال علي اخواتي انا هعرف اربيها كويس عليهم ‘‘ سمعتني يا بجم .

برعي : ايوه ايوه ياخليل باشا اطمن انا …

لم يكمل جملته وسمع غلق الخط في وجه

استيقظت زوجته : خليل تاني يا برعي حرام عليك ده انت كنت هتموت اخر مرة ‘‘ هو انت يعني هتبقي احسن من مراته وعياله الي هجروه من عمايله السودة ‘‘ عيالك محتاجينك يا برعي

كان برعي يستمع لزوجته ‘‘ وبداخله الف شعور وشعور

برعي متأفف : خلاص خلاص ده ولية زنانة نامي بقي ‘‘ هشوف هشوف هعمل ايه ‘‘ دول ناس واصلة والي داخل بينهم خارج

ربتت زوجته علي كتفه : استعين بالله يا برعي ‘‘ هو انت هتبقي احن علي الباشا بتاعك ده من عياله الي من صلبه ولا مراته الي عاشرته كل ده ‘‘ يا خويا فكر في نفسك وعيالك الصغيرين دول ‘‘ وفكر كام مرة خلاك تعمل مصايب كانت هتخلص عليك ‘‘ فكر براحتك بس حط عيالك قدامك ..

تصبح علي خير ‘‘ اعطته ظهرها و تدثرت بالغطاء ‘‘ تركته بعد ان ذهب النوم وهجره ‘‘ ليحل محله التفكير في ما قالته زوجته وفيما سيقدم علي فعله ……

يتبع ….

error: