رواية عشت معاه حكايات

الفصل السادس عشر

خرجت هدي من المطبخ لتجد والدتها تجلس تتحدث مع نفسها ‘‘ اقتربت منها وجلست في المقعد المجاور

هدي : مالك يا امي فيه ايه

حياة بعد ان اراحت رأسها للخلف : سلامتك يا بنتي انا كويسة مفيش حاجة بس افتكرت زمان لما بس سمير ابن خليل فكر انه يلعب مع خالد اخوكي لما كان عندهم خمس سنين ولسوء الحظ كان خليل رايح مشوار وشافهم والدنيا قامت في الشارع كله ‘‘ زعيق و قلة ادب وصوت عالي وكل الي عليه انتوا عايزين تحرموني من ابني انتوا عايزين تموتوا ابني ‘‘ ونزلت امه والست قدرية والله يا هدي يا بنتي انا مش عارفة الست دي مستحملة عشرة خليل ده ازاي ‘‘ ده لو كان جوزي كنت خنقته من زمان ‘‘

ضحكت هدي : ماما ريا و سكينة ولا ايه ‘‘ المهم كملي يا امي
حياة : والله يا بنتي زي ما بقولك ‘‘ ده ياما بهدلها و علي صوته عليها ‘‘ مع انه من غير فلوسها يا عالم كان هيبقي ايه دلوقت ‘‘ المهم موضوع سمير ده بقي كان حجته لكل حاجة ‘‘ مع ان سمير ميغوركيش انه هادي كده دلوقت ده كان شقي اوي وهو صغير ‘‘ وبيحب يعمل مقالب في الي رايح والي جاي وكان بيحب يستخبي منهم في صندره البيت و يخليهم يلفوا عليه وطبعا كان بيتنا اول بيت بيتفتش تقوليش سمير ده دهب يا بنتي واحنا هنسرقه ‘‘

كادت ان تكمل حديثها لولا انها سمعت انين خافت مختلط بضحكات متقطعة ‘‘ وضعت هدي غطاء رأسها ‘‘ و امعنت النظر جيدا لتجده سمير يقف بعيدا عنهم مختبئ خلف الستار ‘‘

همست لأمها : ماما سمير واقف هناك شكله سمعنا ‘‘ قالتها هدي

حياة : تعال يا سمير ‘‘ تعال ياابني البيت بيتك

اقترب سمير بخجل هو لم يكن يقصد ان يستمع لحديثهم : اسف ياامي والله مكنتش اقصد اني اسمع كلامك مع الانسة هدي بس وصفك لطفولتي فكرني بوصف امي بالظبط وجدتي ام خليل الله يرحمها كانت دايما تقولي اني كنت قرد مسلسل ‘‘ و ضحك لتضحك هدي معه

كانت حياة ستكمل لولا ان دق جرس الباب

ذهبت هدي لتري من بالباب و جدته محصل الغاز و لأن والداها لم يكن بالمنزل وخالد ان قامت حرب عالمية ثالثة لن يستيقظ لم تجد مفر من ان تلجأ لسمير كي يتواجد معه و قد كان ذلك

في ورشة رؤوف يصل مصطفي وهو في اسوأ حالاته لقد اوشك اليوم علي الانتهاء ولم يكن يعرف ماذا عليه ان يفعل ‘‘ اخذ يبحث عن والده وعن رؤوف لم يجدهما سأل احد العمال وعلم منه انهم في موعد مع طبيب العلاج الطبيعي ‘‘ ركض مسرعا واستقل سيارة أجرة وهو يدعو ان يلحق بهم وبعد وقت ليس بطويل ترجل مصطفي مسرعا وصعد سلم الطبيب فهو في اول طابق من البناية ليجداهم يهبطان سويا ويضحكان

رؤوف بعد أن فزع حينما رأي مصطفي : ايه جابك ورانا ياابني حد حصله حاجة

ليتبعه رفيق بسؤال أخر : انت كنت فين يا مصطفي ‘‘ امك هتجنن عشانك

جلس مصطفي امامهم علي السلم ليلتقط انفاسه ‘‘ و نهض مجددا لينظر اليهم

مصطفي : انا خلاص نفذت كل الي انتوا قولتولي عليه بس اكتر من كده مش هستحمل بصراحة

تبادلا رؤوف ورفيق النظر فيما بينهم و نظرا اليه

شعر مصطفي بخجل شديد كأنه يصرح بشكل شبه علني بحبه لهدي امام والده ووالدها ولكنه عاد يصلح من حديثه : امي صعبانة عليا جدا جدا خلاص انا هرجع البيت و اعتذر لها ويارب تسامحني ..

قال جملته الأخيرة وهو ينظر للأرض ‘‘ ترجل رؤوف مستندا علي رفيق حيث انه قرر الإستغناء عن العكاز بشكل نهائي و اخبر الطبيب بهذا و لكن نصحه الطبيب في حالة شعوره بالإعياء عليه ان يستخدمه الي ان يتم شفاءه بشكل تام

رؤوف : طيب يلا بينا ‘‘ انا هخلصلك من قلقك خالص ‘‘ وكويس انك جيت احسن ما نستني وكل حاجة تبوظ

مصطفي و رفيق في ان واحد : علي فين ياحج

رؤوف مبتسما : علي عندي في البيت هنبدأ الأجازة الصيفية سوا مع بعض بمناسبات حلوة ان شاء الله ‘‘ يلا يلا يا رفيق يااخي وهنتغدي سوا اعملوا حسابكم

مصطفي يحدث نفسه : والله ماانا فاهم حاجة ده انا لو هدي شافتني مش بعيد تجبسني وبصراحة ليها حق كان بس خلاني اسمع كلامهم ‘‘ يارب يسرها من عندك

في فيلا خليل

وصلت سامية و زوجها رشاد استقبلتهم قدرية بترحاب شديد و بكت كثيرا في حضن سامية وشاطرتها سامية حزنها وبكت هي الأخري ‘‘ كأن كلا منهما تعلم ان الاخري ضاقت عليه الارض بما رحبت ‘‘ ظل رشاد في مكانه لم يتحرك يحمل في يده ظرف اعطاه له المحامي ‘‘ وبعد ان طال بكاء السيدتان ‘‘ اصدر صوتا ليعلن عن وجوده ‘‘

قدرية : يا خبر يا استاذ رشاد انت لسه واقف معلش انا اسفة بس سامية كانت وحشاني اوي ‘‘ انت عارف معزتها عندي ‘‘ اتفضلوا اتفضلوا

رشاد مبتسما : ولا يهمك يا مدام قدرية انا عارف كويس انك بتحبي سامية كأنها اختك ‘‘ مع ان معرفتكم لبعض لما اتقابلنا صدفة في المول لما هدير تاهت ولقيناها مع مؤيد وفراس في مدينة الالعاب وبعد 3 شهور من صداقتكم ‘‘ عرفتي انها اخت جوزك

سامية : صح يا رشاد عندك حق حكايتنا دي غريبة جدا ‘‘ متتصوريش يا قدرية انا مبسوطة قد ايه اني شفتك وبزورك في بيتك لأول مرة بعد ما رجعنا من دبي ‘‘ رباب بتسلم عليكي و اكدت عليا لما تنزل في الاجازة لازم كلنا نجتمع مع بعض ‘‘ سكتت شوية

استوعبت قدرية صمت سامية لتكمل لها جملتها

قدرية : متقلقيش الشنطة الي هناك دي اخر حاجة يملكها اخوكي في الفيلا ‘‘ في اي وقت تقدروا تنوروا وتشرفوني وانا اصلا ناوية ابيعها وارجع انا وولادي نعيش في بيت ابويا ‘‘ كفاية بقي لحد كده مظاهر و كفاية طمع في الدنيا ‘‘ المهم عندي دلوقتي ان ربنا يبارك لي في اولادي

تبادلت سامية و زوجها النظرات لم يفهما شئ مما قالته قدرية و لكنها قبل ان تغادر لتحضر عصير طازج لهما ليتحدثوا علي راحتهم ‘‘ اخبرتهم انها ستطلعهم علي كل شئ حينما تعود ..

في منزل رؤوف

صعد رؤوف و رفيق الدرج و هما يتجاذبان اطراف الحديث ‘‘ ومصطفي خلفهم يتمتم و يتحدث مع نفسه ومع كل خطوة يصعدها يشعر ان نبض قلبه يرتفع فجأة و ينخفض في لمح البصر

طرقات علي الباب ‘‘ هدي في طريقها للباب ولكن استوقفها سمير

سمير : عن اذنك ياانسه هدي افتح انا يمكن يكون حد تاني غريب

نظرة هدي اليه بعدم فهم هل تغير سمير حقا ام ان ما يحدث امامها الان هو مسرحية مدروسة جيدا و لكنها افسحت له المجال ووقفت خلفه بمسافة قريبة

سمير فرحا : عم رؤوف بجد مبسوط عشانك ‘‘ و ارتمي في حضنه

تعجب رؤوف من ردة فعله وكذلك هدي ‘‘ ولكن ضمه اليه وربت علي كتفه قائلا

رؤوف : الحمد لله ياابني انا بقيت في حال افضل مكنتش اعرف انك هتفرح لي اوي كده ‘‘ تعالوا تعالوا ندخل تعال يا رفيق ادخل يااخي ايه هو انا هقعد ادخلكم واحد واحد

هدي لم تعد تعي شيئا مما يحدث حولها تقف مشدوهه ‘‘ كانت ستغلق الباب لولا ان جائها صوت ابيها

رؤوف : استني يا هدي لسه في ضيف عزيز جاي ورانا

ضيف عزيز جاي وراهم ‘‘ بيتنا بقي بيت الأمة ولا ايه ‘‘ قالتها هدي في نفسها ‘‘ ظلت جوار الباب كي تستقبل هذا الضيف العزيز و كانت صدمتها حينما وجدته مصطفي ‘‘ كانت ستلوذ بالفرار من امامه ‘‘ لولا انه قبض علي يدها الموضوعة علي الباب وظل محكم قبضته ‘‘ وحوار صامت تخلله الدموع دائر بين عيناهم ..

هل سيمر ما فعلوه بسلام .
وهل ما فعلته قدرية سيردع خليل .

error: